رواية جلسة مشاعر الفصل الثالث3بقلم شهد محمد


رواية جلسة مشاعر الفصل الثالث3بقلم شهد محمد

ـ بس لما سألتها تقولي اسمها، ضحكت وقالتلي قوليله مراته برا وعايزاه دقيقة.

سكت للحظة ..
وسكت قلبي معايا.

ـ دكتورة ليلة!

فوقت من شرودي على صوتها، قمت من مكاني وخرجت أشوفها بنفسي.

كانت ست حلوة، واثقة من نفسها، شيك في لبسها ومتكبرة!

وأنا واقفة في مكاني، كان هو خارج من مكتب أحمد زميلنا، واتفاجئ لما شافها.

ابتسم واتوتر، وعيونه كانت رايحة عليا وعليها.

وقبل ما ينطق بأي كلمة، كانت حضنته وباست خده وهي بتقول بدلع: وحشتني.

قد إيه هي ست جريئة!

دخلت فورًا على مكتبي
 ورجعت أحاول أشوف بقية شغلي، لكن عقلي كان متشتت مكنتش عارفة أركز أو أنتبه لأي حاجة!

خدت شنطتي، وقفلت اللابتوب، وسيبت العيادة ومشيت.

رجعت البيت وأنا مستغربة نفسي ومستغربة مشاعري!

أصل ليه؟
ليه للحظة حسيت إن ممكن قلبي يكون ليه نصيب في الحب؟

ليه حسيت إن ممكن تتكتب حكاية جديدة بـ بطل جديد يحب البطلة ويغير فكرتها عن الحب!

رميت شنطتي على الكنبة عملت الموبايل على الصامت وغيرت هدومي.

لبست جلابية بيت قصيرة لونها أبيض وعليها فراولة باللون الأحمر.

لميت شعري بطريقة عشوائية، مسحت الميكب، ودخلت المطبخ أعمل حاجة أتغدى بيها.

شغلت الراديو على إذاعة قديمة، ووقفت أقطع فلفل ألوان وبقدونس، وسلقت المكرونة، وضيفت الخضار اللي قطعته على الصلصة، وحمرت قطعتين بانيه.

وخدت كولا من التلاجة، وخرجت، شغلت فيلم قديم على اللابتوب أتفرج عليه وأنا باكل.

خلصت أكل وفضلت قاعدة قدام الفيلم وأنا مندمجة لحد ما قطع الاندماج ده صوت جرس الباب.

استغربت
 مين ممكن يجي في الوقت ده!

قمت من مكاني دخلت أوضتي، ولبست أول حاجة طويلة شفتها قدامي، وخرجت أفتح الباب.

كنت واقفة زي الهبلة بالإسدال، وشعري شبه ثمرة الأناناس وهو واقف قدامي مبتسم ابتسامة بلهاء!

ـ نور!

ـ آسف إني جيت من غير معاد بس كان في ملفات المفروض أمضي عليها وتروح للإدارة وإنتي خدتيها في وسط ملفاتك بالغلط.

ـ فعلًا!

ـ آه أميرة السكرتيرة دخلتهم ليكي من غير ما تاخد بالها غالبًا، والملفات دي مينفعش نستنى لبكرة وإلا مكنتش جيت.

ارتبكت، وبعدت عيني عنه وأنا بقول:

ـ متقولش كده .  مكانك أي وقت دقيقة واحدة هشوفلك الملفات حالًا.

قولتها ومشيت خطوتين ورجعت ليه تاني وقولت:

ـ آسفة مش هقدر أقولك اتفضل تشرب فنجان قهوة أنا في البيت لوحدي.

ـ لأ خالص أنا اللي بعتذر مرة تانية بس رنيت عليكي كتير ومش بتردي.

ـ أيوه فعلًا موبايلي سايلنت.

قولتها ودخلت أدور على الملفات في شنطتي لقيتهم وخدتهم ووأنا راجعة ليه بصيت على نفسي في المرايا.

ست متبهدلة شوية صغيرين لكن حلوة!

خرجت ليه ومديت إيدي بالملفات ابتسم وهو بيقول:

ـ شكرًا جدًا يا ليلة وآسف مرة تانية.

ـ نهائي يا أستاذ نور وصحيح مكنتش أعرف إن ذوقك حلو أوي كده.

ـ مش فاهم!

ـ قصدي على المدام حلوة أوي ما شاء الله ذوقك يخبل!

ابتسم كأنه فهم أنا بلمّح لإيه وعايزة أوصل لإيه، لمس دقنه بهدوء وقال:

ـ بس دي مش المدام.

عيني لمعت واتسرعت وقولت:

ـ طليقتك؟

رد بابتسامة أوسع:

ـ لأ بردوا.

قالها وكمل كلامه وهو بيقول:

ـ على فكرة شكلك حلو أوي من غير ميكب.

قالها وغمزلي ومشي وفضلت أنا واقفة في مكاني متنحة لأثره اللي اختفى ولريحة البرفيوم بتاعه اللي كانت لسه موجودة.

رجعت قفلت الباب 
ودخلت وأنا بسأل نفسي:
هو كده جاوبني مين دي؟ ولا رد على سؤالي بسؤال!

قولتها لنفسي وأنا واقفة قدام المرايا، قلعت الإسدال، وبصيت على ملامحي من غير ميكب.

ابتسمت ولميت الكركبة اللي كانت في الصالة وغسلت الأطباق.

وخرجت حطيت مرطب لإيدي وقفلت النور ونمت.

وفي اليوم التاني صحيت من النوم على صوت المنبه مدّيت إيدي وقفّلته وأنا مغمضة تاني.

بس بعد شوية فتحت عيني وافتكرت إن النهارده عندي جلسة جديدة.

قمت بهدوء، دخلت الحمام غسلت وشي عملت شعري كحكة عالية وخرجت على المطبخ.

فطرت فطار سريع زي كل يوم

وفتحت اللابتوب، وبصيت على النوتس بتاعة الجلسة بس لقيت نفسي سرحانة في اللي حصل امبارح!

هي مين كانت الست دي؟
وليه حضنته بالجرأة دي؟
وليه هو مردش ولا حتى حاول يبرر؟!

رجعت أفوق تاني من شرودي وقررت أجهز للجلسة زي ما متعودة.

لبست كاجوال بسيط بلوزة روز هادية وبنطلون جينز ونزلت وروحت الكافيه اللي بنعمل فيه الجلسات.

المكان كان فيه هدوء خفيف قبل الزحمة.

طلبت فنجان قهوة تركي نزلي ومعاه قطعة ملبن ، قعدت على الكرسي بتاعي وبدأ الناس يدخلوا.

واحدة من البنات كانت قاعدة بتقلب في تليفونها وواحد من الولاد بيرتب الكراسي كالعادة.

ونور جه بعد شوية، سلّم بهدوء، وقعد جمبي، وسألني بهمس:

ـ مستعدة للنهارده؟

هزيت راسي بابتسامة خفيفة وبدأت أتكلم:

ـ موضوعنا النهارده مختلف شوية ليه ملامح الشخص بتتغير بعد الفراق؟
هو فعلًا بيتغير؟ 
ولا إحنا اللي بنشوفه بعين غير؟

البنت اللي دايمًا صوتها هادي قالت:

ـ أنا بالنسبالي بشوفه مش هو!
بحس إني كنت بحب شخص وسِبت شخص تاني خالص.

ضحك ولد كان بيشرب عصير وقال:

ـ عشان كنتم بتشوفوا اللي عايزين تشوفوه بس الحقيقة كانت باينة وإنتوا اللي عاملين نفسكم مش شايفين.

ضحكنا، وبدأ الحوار يسخن ..

ـ الحب بيغير شكل الناس؟
ولا خيبات الأمل؟
ولا إحنا اللي بنبني صورتهم بعقلنا وأول ما بيقعوا من مكانهم بنشوفهم على حقيقتهم؟

كل واحد بدأ يحكي عن 
صاحب أو حبيب
عن لحظة، عن انهيار
عن صور ممسوحة، 
وأماكن ماعادتش بتوجع.

ونور قال جملة خلت المكان كله يسكت:

ـ الملامح ما بتتغيرش إحنا بس اللي بنشيل النضارة الوردية وبنبتدي نشوف الناس بلونهم الحقيقي.

قالها بصوته الهادي والجملة نزلت على الكل تقيلة، وسكّتت الضحك اللي كان طالع من شوية.

أنا كمان سكت
يمكن ده اللي حصل معايا فعلًا!

أنا شفت… وحبيت… ووقعت…
وبعدها شفت الحقيقة من غير أي فلتر!

وقبل ما أرد عليه أو أتكلم
جيه صوت عالي من ورا الكراسي:

ـ نور !

لفينا كلنا مرة واحدة.

كانت هي ..
نفس الست اللي جت امبارح العيادة وقالت للسكرتيرة إنها مراته.

كانت لابسة فستان أسود طويل ماسكة شنطة غالية، وواقفة بثقة زي ما تكون دخلت مكانها!

نور وقف فورًا، وشه اتغير، وصوته واطي جدًا وهو بيقول:

ـ ملك؟! إنتي بتعملي إيه هنا؟

قالت وهي بتقرب ناحيته بابتسامة مش بريئة خالص:

ـ مش قولتلك لو مردتش عليا هجيلك لحد عندك؟
قولت أزورك، بس واضح إني جيت في وقت مش مناسب!

كل اللي في الجلسة بقوا عاملين نفسهم مش سامعين
لكن نظراتهم كانت متسمّرة عندنا.

وأنا كنت واقفة
مش عارفة أتكلم ولا أتحرك.

هي بصّتليّ ومسحتني من فوق لتحت، وقالت بنبرة كلها استعلاء:

ـ مساء الخير يا دكتورة أنا مراته أو يمكن لسه!

بصيت ليها من غير ما أرد
ونور ما نطقش ولا نفى ولا أكد!

وبعد ثواني من الصمت ..

ـ نعتذر، الجلسة هتنتهي هنا النهارده شكرًا لحضوركم، ونراكم الأسبوع الجاي.

نطقتها وقلبي مش ثابت.

والكل بدأ يقوم، ونور واقف ساكت وهي باصليّ كأنها كسبت معركة ما.

لكن في معركة تانية .. لسه ما بدأتش.

                         الفصل الرابع من هنا
تعليقات



<>