رواية جلسة مشاعر الفصل الرابع4بقلم شهد محمد


رواية جلسة مشاعر الفصل الرابع4بقلم شهد محمد

ـ نعتذر الجلسة هتنتهي هنا النهاردة شكرًا لحضوركم ونشوفكم الأسبوع الجاي.

قلت الجملة وقلبي مش ثابت.
الناس بدأت تقوم، ونور واقف ساكت وهي بصالي وكأنها كسبت معركة.

بصيت على نور بهدوء، وخدت شنطتي:

ـ استأذن أنا.

ـ خليكي يا ليلة.

قالها وهو بيبصلها وكمل:

ـ مش لازم نبقى لوحدنا الموضوع مفيهوش أي خصوصية.

ردت بسرعة ونبرة صوتها فيها غضب:

ـ لأ، أنا عايزة نكون لوحدنا بعد إذنك أمشي.

بصلها وتنهد وفجأة نور اتحول لشخص عصبي صوته ارتفع وضرب إيده على المكتب وهو بيزعق:

ـ ملك أنا لحد امبارح كنت عامل حساب لمشاعرك لكن لو الموضوع هيوصل لشغلي ومكاني وشكلي قدام الناس ساعتها هكون أناني ومش هعمل حساب لا لمشاعرك ولا ليكي إنتِ عايزة إيه؟ أنا قلتلك إنه مينفعش ومعوّدتكيش بحاجة ولا عشمتك في حاجة!

كنت واقفة في صمت عينيّ رايحة عليه وعليها مش فاهمة حاجة.

هي بدأت تعيط وقالت بصوت مبحوح:

ـ أنا بحبك يا نور مش هينفع أكون مع غيرك، أنا عايزاك أنت ليه مش مصدق إني بحبك؟ ليه مش مصدق إني أستاهلك؟

ـ مينفعش يا ملك مش كل حاجة بنحبها بتبقى لينا ودي آخر مرة هتكلم فيها بطريقة كويسة بعد كده أسلوبي مش هيعجبك بعد إذنك بطّلي تطارديني شوفي حياتك الدنيا واسعة، وهتلاقي غيري والحب هيكون متبادل لكن أنا مينفعش اعتبريني صديق ليكي ولو احتجتي أي حاجة أنا مش هتأخر.

ـ بس إنت بتحبني يا نور اهتمامك بيا وسؤالك عليا ده مش حب؟!

اتعصب أكتر وصوته كان عالي:

ـ إنتِ كنتِ حالة! فسرتي اهتمامي بيكي غلط ده كان اهتمام دكتور بالمريضة بتاعته مش اهتمام راجل بيحب واحدة.

كلامه كان قاسي لكنه كان واضح حتى عينيه كان فيها قسوة وهو بيتكلم.

أما هي فكانت واقفة ودموعها بتنزل في صمت.
وساعتها الصورة وضحت قدامي فهمت طبيعة علاقتهم وعرفت هي مين.

قلت بهدوء:
ـ ممكن تسيبنا لوحدنا يا نور؟

بصلي بنظرة كلها قلة حيلة كأنه بيقول "أعمل إيه؟"

رديت عليه بنظرة معناها "اطمن".

سابنا وخرج وقفل الباب وراه.

مديت إيدي ليها بمنديل مخدتهوش
فابتسمت، وفضلت مدى أيدي بيه:

ـ كنت زيك كده من أربع سنين.

بصتلي باستغراب فكمّلت:

ـ متستغربيش أنا يمكن كنت أكتر منك كمان.

ـ وهو مكنش عايزك؟

ـ لأ مكنش عايزني وعمل وقال كل حاجة تثبت ده.

خدت المنديل من إيدي ومسحت دموعها وهي مستنية تكملة حكايتي.

ـ بس حبي ليه كان مخليني مصممة عليه كنت شايفة إني مش هعرف أكون مع حد غيره وفضلت أقدم حب واهتمام وحنية واحتواء.

ـ وفي الآخر؟

ـ في الآخر خسرت قلبي ومشاعري ونفسي اكتشفت إن الحب مش بالعافية هو مش ذنبه إنه مش قادر يحبني ربنا ماخلقش في قلبه حب ليا.

تنهدت هي وقالت بصوت حزين:

ـ بس على الأقل مكنتيش بالنسباله حالة أو مريضة نفسية.

ـ والمرض النفسي مش عيب أنا شخصيًا كنت بتعالج بسبب الشخص ده وقررت أشتغل على نفسي في مجال الطب النفسي عشان أكون جنب أي بنت قوية خدت خطوة التعافي.

ـ وبقيتي كويسة من غيره؟

ـ إنتِ شايفة إيه؟

سكتت شوية بتحرك صوابع إيديها في توتر وبصت بعيد بعدين قالت:

ـ بس أنا ممكن أحاول أخليه يحبني.

ـ وده مش صح ساعتها هيحب اللي قدمته ملك مش ملك نفسها.

ـ يعني أبطل أحاول؟

ـ أي علاقة إنتِ بس اللي بتحاولي فيها لازم تمشي منها سواء حب أو شغل أو حتى صداقة.

ـ بس هو كان فرصتي الأخيرة في الحب وهو ما يعرفش كده.

ـ بس ده مش حب يا ملك ده تعلق ولو دورتي جواكي هتلاقي إنك محبتهوش من البداية.

ـ أعمل إيه؟

قلت وأنا ماسكة إيديها:

ـ لازم تفوقي تعيشي حياتك وأولوياتك والحب هيجي لوحده وقتها تختاري الحب اللي ينورك ويسعدك مش الحب اللي يستهلكك.

ـ الكلام سهل لكن الفعل صعب.

ـ لو عندك قرار وإرادة إنك تختاري نفسك وتحبيها هتعرفي تنفذي الكلام.

اتنهدت ومسحت آخر دمعة وحضنتني فجأة.

حضن ماكنتش متوقعاه لكن حسسني بدفا.

بعد شوية بعدت عني وقالت:

ـ مش عارفة أقولك إيه بس شكرًا وحقيقي أنا لازم أتغير.

ـ إنتِ جميلة شكل وروح وتستاهلي اللي يحاول عشانك مش العكس.

ـ هنتقابل تاني بس المرة الجاية هكون إنسانة متعافية.

ـ وأنا مستنيا أشوف الإنسانة دي.

ابتسمت وخدت شنطتها وسلمت عليا بنظرة شكر ومشيت.

قعدت على أول كرسي قدامي ولسه باخد نفسي دخل نور.

بصلي بنظرة مفهمتهاش:

ـ إيه اللي حصل؟

ـ البنت كانت محتاجة حد يوعيها حد يشاورلها على الطريق بكلمتين اقتنعت إنها لازم تفوق.

تنهد بضيق وقعد جنبي مسك رأسه، ولع سيجارة، ونفخ دخانها بعيد.

ـ مش شايف إنك كنت قاسي عليها شوية؟

طفى السيجارة وقال:

ـ ملك كانت حالة عندي .. مشافتش حب من أهلها ولا أصحابها ولا الراجل اللي حبته ماكانش بينا غير علاقة رسمية معملتش معاها حاجة تتفهم غلط لا كلام حلو، ولا وعود. فجأة اتعافت وفجأة قررت تحبني وتطاردني غيرت أرقامي وشغلي وبرضه بتطاردني. فهمتها بدل المرة ألف.

ـ هي شافت فيك الأمان والحنية اللي ناقصاها.

بصلي بصمت ونظرته طولت لحد ما أنا نفسي هربت بعيني.

ـ أنا متأخرة لازم أمشي.

وقفت كنت محتاجة أهرب من كل المواقف.

لكنه قال بهدوء وإصرار:

ـ هوصلك.

ـ مفيش داعي الطريق قريب.

ـ ليلة بقولك هوصلك.

سكت ومشينا سوا.

ركبنا العربية والطريق كان هادي لكن عقلي مليان أسئلة.

هو كان باين عليه الإرهاق كأنه جواه كلام كتير ومش عارف يقوله.

فجأة فتح التابلوه وطلع شوكولاتة صغيرة وادهالي:

ـ دي ليكي عشان كنتِ حنينة وعرفتي تحتوي ملك.

ابتسمت وخدتها من غير كلام.

الصمت فضل مسيطر لكني كنت سامعة أنفاسه اللي مش منتظمة ودقات قلبه السريعة.

وصلنا تحت بيتي وبصيتله قبل ما أنزل:

ـ إنت كويس؟

ـ مش عارف.

ـ نور . .

ـ متقلقيش شوية صداع مع قلة نوم ، هنام وأبقى كويس.

ـ متأكد؟

ـ متقلقيش يا ليلولة.

ابتسمت و شكرته على التوصيله ونزلت.

طلعت شقتي فتحت الباب والصمت مالي المكان
حطيت شنطتي على الترابيزة ورحت أعمل كباية شاي.

وأنا بقلب السكر افتكرت نظرته قبل ما ينزلني مش نظرة  صاحب لصاحبة كانت حاجة تانية حاجة مش هعرف أنام قبل ما أفهمها.

قعدت على الكنبة فتحت الشوكولاتة وبصيتلها شوية قبل ما أكلها كأني بأكل سر صغير بينا.

الموبايل رن اسمه ظهر.

ـ ألو؟
ـ ليلة . . نمتِ؟
ـ لأ، لسه في حاجة؟
ـ ولا حاجة كنت عايز أسمع صوتك.

سكتنا ثانيتين وقلبي دق أسرع قبل ما يكمل بصوت واطي:

ـ ليلة إحنا محتاجين نتكلم.

المكالمة خلصت بس إحساسي كان بيقولي إن اللي جاي مش شبه أي يوم فات.

                     الفصل الخامس من هنا
تعليقات



<>