
رواية غرام والنجار
الفصل الثامن8
بقلم ام فاطمه
الحب الحقيقى الذي من القلب ولا يخضع لظروف أصبح نادرا هذه الأيام ..لا تجده كثيرا إلا في الروايات أو بعض الناس الذين مازالوا على فطرتهم النقية أمثال أبطال روايتنا عمر وغرام.... دافعت غرام عن حبها لعمر وقالت فيه أحلى الصفات وأفصحت عن حبها له وأنها لن تكون لغيره أبدا مهما حدث ..أيعقل أن تتخلى عن سعادتها طوال حياتها لمجرد أنه يعمل عمل دون عملها ..فالمهم هو أن يكون عمل شريف يكفيها ولا يجعلها تمد يدها لغيرها والأهم أن يكفيها حبا وعشقا ..لأن الحرمان العاطفي أصبح أشد الآن من الحرمان المادي، فاللّقمة قد تشبع جوعك ..ولكن الحرمان العاطفي قد يجعلك تموت حزنا وألما .
دخل بهجت ليجد اكرام تصرخ في وجه غرام ودخلت أيضا على صوتهما هدير.
بهجت بقلق ...فيه إيه ..حصل إيه... صوتكم جايب لآخر الشارع.
هدير..فيه إيه يا غرام مالك.
اكرام بغضب ..تعال شوف بنتك الست هانم الدكتورة غرام بتقول موافقة على عمر النجار وإيه كمان بتحبه.
هنا سكت بهجت .. وكأنه أحس أنه مدام حبا إذا فالامر ليس مجرد كلام وأنه غصبا عنه سوف يوافق لأن الحب لا يقاوم وإن قاوم فربما يأتي بعواقب وخيمة، بهجت رجل عاقل يحب بناته بجنون ويضع سعادتهم فوق سعادته مهما كلفه الأمر.
هدير بغضب أشد من أمها ....أنتي اتجننتي يا غرام ولا إيه، ده لا يمكن أبدا، أنتي عايزة تعرينا وتبوظي صورتي قدام أهل خطيبي، إزاي أقلهم أن جوز أختي نجار يا هانم.
هنا غرام نظرت لهدير نظرة حزن وانفجرت قائلة
... خطيبك وأهله ...هما فين بقالك كام شهر مخطوبة بالإسم كده..عمره مجه عندنا ولا سمعته بيرن عليكي حتى رنة ..وبشوف ديما الدموع في عنيكي وانتي نايمة..عرفة ليه ..لأنه معندهوش مشاعر ولا إحساس وإنتي كمان معندكيش دم عشان فارضة نفسك عليه ..ومكملة ..كل ده عشان إيه مركزه ..وعيلته يغوروا في داهية ..أنتي هتتجوزي إنسان يراعيكي ويحبك ولا شهادة بتتعلق على الحيط.
هدير..بغيظ..اخرسي..أنتي إزاي تتكلمي عن خطيبي الدكتور كده...خليكي في المحروس بتاعك.
بهجت ..خلاص ...كل واحدة قالت كلمتها ..
دلوقتى ..اسمعوني.
هدير..يا بنتي.أنا فعلا حاسس إن الدكتور خطيبك ده متعالي علينا ومش مرتاحله خالص، فأنا قلبي عليكي سيبيه يا بنتي إلا يعيرك في يوم من الأيام.
هدير..بدموع...لا يا بابا أنا بحبه وعيزاه مقدرش.
بهجت بحزن ..خلاص يبقى ده اختيارك وإنتي مسؤولة عنه ومترجعيش تندمي في يوم من الأيام.
غرام...يا بنتى .بتحبيه وعيزاه فعلا ولا ممكن يا بنتي تكون سحابة كده وتعدي وربنا يرزقك ال يناسبك أحسن منه.
غرام..لا مفيش أحسن من عمر ..صدقني يا بابا .أرجوك وافق عشان خاطري.
طأطأ بهجت رأسه قائلا...خلاص ..أنا موافق.
غرام..بدموع الفرح ..تجري لوالدها تقبله يمينا وشمالا وتحضنه بقوة وهو يمسح على شعرها الذهبي الحرير.
اكرام...بغضب...إزاي توافق يا بهجت..ده مستحيل.
بهجت أنا قلت خلاص كلمتي ..بدال عيزاه هي حرة.
اكرام .باستسلام..بدال كده...طيب..بس قسما بالله العظيم ل يجبلها شقة وشبكة مش أقل من أختها مش كفاية خدناه على عيبه.
غرام..يا ماما حرام بجد ده على قده ..أنتي كده بتعجزيه هيجيب منين.
اكرام..ال معهوش ميلزموش
وده شرطى وإلا مش هحضرلك واعتبريني مش حية.
غرام..يا ماما.
اكرام..مفيش ماما ..اسكتي أنتي
بهجت....خلاص ..هنتكلم معاهم ونشوف .وإحنا مش مستعجلين على الجواز عشان كليتك ..يكون نفسه ويجبلك حاجة مناسبة ليكى برده.
تحولت فرحة غرام لحزن ..خوفا من عدم استطاعة عمر لما سيكلفوه به وبالتالي لن يتزوج بها.
يقابل بهجت الحج عادل..ويخبره بموافقته على الزواج، فتدب السعادة في قلبه وعينيه ويخبر عمر الذي طار فرحا لأنه أخيرا سيرتبط بمحبوبته غرام ولم يدري أنه في سبيل الوصول إليها سوف يشق طريقا ذو أشواك كثيرة وسيتألم بعدها سنوات .
ذهب عمر ووالداه إلى بيت غرام ليتفقا على أمور الإرتباط وقابلتهم اكرام ..بترحيب مصطنع..أهلا وسهلا شرفتوا.
بهجت.. اتفضلوا إزيك يا علا كبرتي وبقيتي عروسة
أهلا يا عمر...وأهلا بالست نجية شرفتونا .
الست نجية..أهلا بيك، أمّال فين عروستنا الحلوة
ترد اكرام بنظرة تعالي..آه الدكتورة غرام ..هي جية جية بس إنتوا عارفين البنات في المواقف دي.
هنا تبص نجيه لجوزها عادل نظرة يفهمها وهو يرد عليها بنظرة زي ما يكون بيقول معلش نستحمل عشان خاطر ابننا وسعادته.
في غرفتها...غرام...قلبها يدق بشدة ومشاعرها بين الفرح بمقابلة عمر وبين الخوف من طلبات والدتها
ثم تخرج بناءً على نداء والدها ..يكسوا وجهها الخجل والحمرة.
يراها عمر فيرقص قلبه فرحا ويتصبب عرقا فهو يريد أن يملأ عينيه منها ولكن الموقف صعب فيطأطأ رأسه خجلا هو الآخر من والداها.
تسلم غرام على الموجودين...وتأخذها نجية في حضنها قائلة أهلا بعروسة الغالي ، ثم تقعد بجانبها.
تحضر اكرام بعضا من العصير لتقدمه للضيوف ليبدأ الحج عادل في الكلام قائلا: إحنا يا بهجت بنتشرف بطلب إيد بنتنا غرام لابننا عمر.
بهجت...بتلعثم....عمر إبننا وهو كويس ومحترم
وإن شاء الله يسعد بنتنا غرام.
عمر: متقلقش يا عمي ..أنا هعيش عشان أسعدها وكل طلباتها هتبقى مجابة بإذن الله.
....بهجت...طيب يا بني ده عشمنا فيك برده،وإيه ظروفك ..يا عمر يعنى الشقة والشبكة وكده
بص عمر لوالده عادل الذي أردف قائلا: الشقة موجودة منته عارف يا بهجت أنه بيتنا وبانيين شقة لعمر فيه.
ترد أكرام بغيظ...بس بنتي دكتورة ومش من مقامها تتجوز في حارة ضيقة كده ولازم تساوي بأختها هي مش أقل منها ..وأختها هتسكن في منطقة تليق بيها وبمكانتها.
بصت نجية لعادل....وقالت ..متتكلم يا عادل.
عادل..بس يا جماعة عمر لسه في أول المشوار ومش مقدرته يجيب شقة في مكان غالي كده فيبدؤوا حياتهم معانا وبعدين مع الوقت ربنا يكرمه ويغير.
اكرام....إحنا مش مستعجلين على الجواز البنت لسه في الكلية..فبراحته يكون نفسه ويجبلها شقة في مكان كويس.
نجية..يعنى ده آخر كلامكم .
وهنا تدمع عيون غرام وتهم بالدخول لغرفتها ..فينادي عليها الحبيب استني يا غرام، عمر بأسى...خلاص يا عمي أنا موافق أجبلها شقة في المكان ال يعجبها.
الحج عادل..منين بس يا بني .
عمر......أنا من فترة عرض عليه واحد صاحبي سفر لدولة خليجية بس كنت متردد عشان مش قادر أسيبك أنت وماما وعلا ..وكمان غرام وينظر ليها نظرة العاشق المحب ....ولكن دلوقتى الظروف هتجبرني فسامحوني..كلكم هضطر أساااااااااااافر.
غرام........لا لا متسافرش وتبعد عني، قصدي عننا.
عمر...بنظرة حزن....معلش ...فترة وهتعدي ..والمهم في الآخر نكون من نصيب بعض.
هنا بهجت حس فعلا أن عمر إنسان مفيش زيه وبيحب فعلا بنته بجد، راح قايل...طيب يا جماعة بدال كده اتفقنا نقرء الفاتحة على بركة الله.
وهنا تلألأت دموع الفرح والحزن معا فى عيووون العاشقين، دموع الفرحة...لأنهما ارتبطا ارتباط الروح والدم