
رواية غرام والنجار
الفصل الحادي عشر11
بقلم ام فاطمه
ما أصعب الغربة عندما تصاحب أيضا غربة النفس ولا يدري الإنسان من يكون ومن أهله ويصبح في يوم وليلة إنسانا غريب حتى على نفسه.يستفيق عمر و بالكاد يبدأ بكلمات مبهمة من ثقل ألم الجرح فتبتسم ميسون فرحا أنه عاد للحياة مجددا فقد كانت تخشى عليه من شدة النزيف ولا تدري ما سر هذا القلق لرجل غريب تراه لأول مرة .
إقتربت ميسون من عمر لتسمعه جيدا ولكن عندما اقتربت منه وتأملت وجهه الوسيم ونظرت لتقاسيم جسده الطويل قوي البنية مفتول العضلات قالت ميسون في نفسها: " ما أطيبه من رجل وليش عم يدق قلبي جامد لما اقتربت منه وأنا ميسون أقابل مئات الرجال ولا يحركون مني جفن، فلِمَا هو من نظرة واحدة له ارتبك وقلبي يرق له".
عمر بألم: " آه ،حاسس رأسي هتنفجر إيه ال حصل وأنا فين وأنا مين ويدقق في ملامح ميسون أنتي مين!؟".
ميسون: " حمد لله على السلامة يا عمر".
عمر باستنكار:" عمر مين!؟ ".
وهنا أدركت ميسون أنه فقد الذاكرة و لا يدري من هو، فخطر في بالها مادام لا يعرف من هو لن تذكره لينسى ما حدث في المخزن ،فأخفت أوراقه التي تدل على شخصيته واختلقت له شخصية من عندها واسمته اسم آخر مدام لا يعرف إسمه فأسمته زايد وقررت أن تقول له أنه يعمل لديهم في الفيلا سفرجي يقدم لهم الطعام فهي لا تريده أن يخرج خارج الفيلا حتى لا يتعرف عليه أحد.
ميسون:" حمد لله على السلامة زايد؛ وعي بالك بعد كده وأنت تشيل الأكل ولم تنتبه تحت قدميك شنطة عامر أخوي فتكعبلت واتصدمت راسك بالحيط فنزفت وطيبتلك أنا الجرح".
عمر: " أنا ما فاكر شيء".
ميسون: " معلشى..يمكن أثر الخبط وشوي شوي تتذكر، المهم الآن سأخرج اجعلهم يعملون لك شيء تأكله تعوض الدم ال خسرته لتستعيد صحتك زايد"
عمر يستغرب اسمه زايد ولكن يستسلم لأنه لا يعلم أي شيء عن حياته السابقة ثم يستسلم للنوم مرة أخرى من كثرة التعب .
تخرج ميسون لتخبر والداها وأخوها أن حالتة استقرت وفقد الذاكرة وأوهمته أنه يعمل عندهم.
عامر: "زين زين حتى لا يكشف أمرنا، وسهل نعمله أوراق باسم جديد ليقتنع بشخصيته الجديدة".
ميسون بضحك:" وكيف حال عبد الله بعد الحصل".
عامر بسخرية: "هيجن قريب ونخلص من أذاه إن شاء الله".
وعند شركة عبد الله الهاشمي تأتي الشرطة
لمعاينة أماكن السرقة وتحديد ما تم سرقته واستجاوب العاملين، وجاء أحمد صديق عمر يبكي ويبلغ الشرطة عن اختفائه من مكان الحادث ووجود آثار دماء على الأرض والشك أنه قتل وأخذه الجناة ليتخلصوا من جثته، ولم تتوصل التحريات لأي شىء فلا يوجد دليل والكاميرات كانت معطلة وذلك أثار غضب عبد الله الذي كان يود أن يعرف من الفاعل حتى ينتقم منه لأن فعلته أدت إلىن خسائر فادحة لشركته وهزت مكانه بالسوق ولكنه توعد الجميع أنه سيعود بقوة مرة أخرى وسينتقم أشد إنتقام عندما يعلم الذي تجرأ على سرقته.
تأخر اتصال عمر بأهله وغرام فكانوا شديدي القلق عليه.
غرام وهي تنظر لتليفونها:" يا ترى أنت فين يا عمر وعامل إيه وليه مش بتكلمني عشان أطمن عليك، إيه معقولة أكون موحشتكش، بس أنت وتحشني أوي ونفسي أسمع صوتك وأطمن عليك وتنهمر دموعها من عينيها لشدة القلق فتتصل بعلا أخته لربما تكون عندهم أي أخبار عنه.
غرام: " ألو علا حبيبتي أخبارك إيه وإزاي ماما وبابا".
علا: " الحمد لله بخير".
غرام: " وعمر أخباره إيه بقاله كام يوم مش بيتصل وقلقانة عليه أوي هو اتصل بيكم".
علا بحزن: "لا برده مش بيكلمنا وإحنا قلقانين عليه جدا وماما عمالة تعيط وخايفة يكون فيه حاجة".
غرام وضعت يدها على قلبها الذي يكاد يسقط منها جراء ما سمعته وردت قائلة:" لا لا متقوليش كده إن شاء الله عمر كويس وبخير وهيتصل أنا متأكدة من كده".
وأردفت غرام: " طيب بابا عادل ميعرفش رقم الشغل ولا حد من أصحابه".
علا: " لا بابا ميعرفش رقم الشغل وبيتصل على صاحبه أحمد بس مش بيرد وعمر تليفونه مقفول دايما عشان كده ماما قلقانة عليه أوي".
غرام بحزن: " مفيش حاجة إن شاء الله وأول ما صاحبه يرد طمنيني يا علا أرجوكي".
علا: " أكيد هقولك طبعا بس يرد ونطمن عليه".
وقفلت غرام مع علا، ورمت نفسها على السرير تبكي من شدة خوفها على عمر وماذا يكون حدث له.
عمر أفاق مرة أخرى فوجد ميسون بجانبه ومعها طعام مرق ولحم رائحته شهية جدا.
ميسون: "هلا تاكل زايد ربنا يعطيك العافية".
نظر عمر لميسون فوجدها شابة جميلة رقيقة الملامح، شعرها الأسود يتدلى من طرحتها السوداء من فرط نعومته ولكن ما لبث أن غض بصره عنها استحياءً وهي لاحظت ذلك، فأعجبت به لأخلاقه أكثر.
حاول عمر أو زايد أن يقوم ولكنه لم يستطع من الألم الذي برأسه، فساعدته ميسون على الجلوس بعض الشيء وأسندت رأسه بمخدة فتساءل عمر في نفسه لماذا تقوم سيدة المنزل بخدمة خادم عندها هل هي طيبة وحنونة لهذه الدرجة .
لم يرفض زايد الأكل لأنه فعلا كان جائعا جدا وبعد أن فرغ من طعامه حمد الله ثم شكرها على حسن صنيعها معه.
ميسون:" لا شكر...أنت عندنا من أفضل من عمل معنا ولك حق لدينا ونحن نقضيه ..عفاك الله زايد".
أخذ عمر يردد اسمه الجديد باستغراب زايد وحاول أن يتذكر أي شيء ولكنه لم يستطع تذكر من هو وهل حقا يعيش في هذا البيت.
مرت عدة ايام، اتصل بها والد عمر كثيرا بأحمد ولكن أحمد كان لا يرد خوفا عليهم فهو لا يستطيع أن يقول لهم ابنكم أصيب ولا ندري أين هو .
وبعد عدة أيام أخرى وجدت الشرطة جثة مجهولة المعالم في منطقة نائية على أطراف البلدة واستدعوا أحمد لعله يتعرف على الجثة وهل تكون هي جثة عمر.
جاء أحمد ورأى الجثة ولكنه لم يدري حقا هل هو عمر أم لا بملامح مشوهة ولكن يصادف أن عمر القتيل نفس عمر صديقه عمر ونفس لون بشرته وتقريبا نفس حجمه مما جعله يقول احتمال فعلا أن يكون هو، وخرج أحمد يبكي على صديقه، ويلوم نفسه أنه الذي أحضره إلى هنا ليلقى حتفه
ويأتيه اتصال آخر من والد عادل ولا مفر من الرد
ففتح وهو يبكي قائلا