رواية عشقت فتاة المصنع بقلم صفاء حسني
رواية عشقت فتاة المصنع الفصل الرابع عشر14 بقلم صفاء حسني
اتصدم لما شاف زياد، الفستان وشك
فطلب منها تسكت وانسحب من المكان خالص
خرجت زينب من البروفة وهي مش فاهمة حاجة. حاسة إنها تايهة ومش عارفة إيه اللي بيحصل حواليها.
زياد بدأ يتكلم في ودنها:
"الفستان فيه جهاز مراقبة".عشان كده أنا خرجت
زينب اتصدمت وشَهقت وهي بتبص على الفستان. الخوف بدأ يتسلل لقلبها، يا ترى الحكاية دي هتوصلها لفين؟
صوت زياد كان حاد، مليان أوامر وغضب مكتوم:
ــ "بقولك متتكلميش، وماتوضحيش حاجة لحد. اسمعي بس… هتروحي تقولي للواد ده إنك تعبانة ومحتاجة ترتاحي، وماتعرفيش حد هنا ممكن يوديكي فندق رخيص. وإحنا هنبقى متابعينك… تمام؟"
زينب حسّت إن النار مولعة جواها، كرامتها بتتأكل وهي بتسمع كلامه كأمر لازم يتنفذ. بس عارفة إن أي اعتراض ممكن يبوظ الخطة كلها. شدت نفسها بالعافية ورددت بخفوت:
ــ "تمام."
مشت زي ما قال لها، لكن جوّا عقلها عاصفة. كل خطوة بتاخدها كانت تقيلة كأنها ماشيه في رملة متحركة.
وقفها زياد بصوت حاسم من السماعة الصغيرة:
ــ "إستنى الأول هتروحي المحل… وتسألي البنت." ازى تم تبديل الفستان
دخلت المحل، وعينيها بتدور بقلق. شافت بنت واقفة عند الكاونتر بابتسامة هادية. اقتربت زينب وقالت مرتبكة:
ــ "حضرتك… أنا كنت مشتري فستان غير ده."
ابتسمت البنت ابتسامة طبيعية جدًا، كأنها متدربة على الرد:
ــ "جيه واحد وطلب نغيره… عشان تكون مفاجأة ليكي."
شهقت زينب بخفة، بس حاولت تلملم نفسها بسرعة، وقالت بابتسامة مجاملة:
ــ "أكيد… الشاب اللي معايا. شكراً."
خرجت من المحل وهي تايهة ومش فاهمة حاجة، خطواتها مترددة، وقلبها بيرتعش من الريبة.
جالها صوت زياد من السماعة، صوته فيه نبرة رضا ممزوجة بالتحكم:
ــ "كده تمام… هما فهموا إنك فاكرة عصام هو اللي بدل الفستان. وكمان اتأكدوا إنهم مش متابعينك دلوقتي."
بعدها بلحظات ظهر عصام، عينه وقعت عليها، وصوته مليان انبهار حقيقي:
ــ "إنتي نزلت ليه؟… وإيه الجمال ده؟ ذوقك حلو… بس أهوه جايبها غالي."
اتنهدت زينب بخنقة، وهي ترددت قبل ما تقول:
ــ "إنت… اللي بدلته أنا لما لقيته أتغير نزلت سالتهم وقالوا ان فى شاب طلب يتبدل
اتصدمت عصام : "بدلت الفستان إزاي؟ مش فاهم".
عصام حس بخوف. بدأ يحس إن فيه حاجة غلط، وإن فيه حد بيحاول يوقعه.
"يبقى كده جاسر كان بيراقبني وعمل الحركة دي عشان يوصل لي رسالة".
وفعلًا وصلت رسالة لعصام: "مش عيب يا أبن الباشا تاخدها مني؟ طب كنت قولت!"
عصام اتصدم وبغضب قفل التلفون وقالها :
"لازم نمشي من هنا".
زينب خافت: "قولي فيه إيه؟"
عصام مرديش يتكلم وخرج من المول وركب هو وهي العربية. وفي وسط الزحمة، ساب العربية وطلب منها تنزل.
وفعلًا نزلت، وهي طبعًا ما اتكلمتش عشان عارفة إن فيه جهاز متابعة. نزلوا واتسحبوا في وسط الزحمة وركبوا تاكسي فاضي كان زياد مجهزه ليهم.
التاكسي مشي وزينب كتبت لعصام على الموبايل: "ممكن يكون فيه جهاز في الفستان".
رد عليها بالكتابة: "احتمال كبير".
وكتب على موبايله وورى للسواق يقف قدام محل هدوم بنات على طول. السواق سمع الكلام.
زياد ابتسم، ان عصام ماشي معاهم في الخطة، ورغم إن لعن زينب انها اتكلمت وقالت كلام تاني، بس كده تمام.
عدت على خير
زينب نزلت واختارت فستان لبسته وسابت التاني في المحل.
.
خرجت زينب وهي بتتنفس وقالت: "إيه اللي بيحصل ده؟"
.....
مومن كان ماشي بخطوات تقيلة، قلبه مليان حزن ووجع، وهو داخل أوضة إيمان. عينه أول ما وقعت عليها وهي نايمة على السرير، شاحبة شوية، حس بخوف يجري في عروقه.
قرب منها وقال بصوت واطي وقلق باين فيه:
ــ "أخبارك إيه… والتوأم عاملين إيه؟"
إيمان رفعت عينيها له، شافت الحزن متكسر في ملامحه، وكأن الهموم سايبة أثرها على وشه. ابتسمت ابتسامة ضعيفة، بس جواها كانت حاسة بوجعه. مدّت إيدها له وقالت بهدوء:
ــ "تعال يا مومن… إنت تعبت بالك يومين. تعال جنبي."
مومن ما قدرش يقاوم. فعلاً بدأ يخلع هدوم الخروج بهدوء، حاسس إنه محتاج لحظة دفء وسط العواصف اللي بتهد عليه من كل ناحية.
"طلع نام جنبها. ، اللي الشوق كان مالي قلبه ، طلبت منه: "ممكن تنام في حضني؟". كان الأول خايف يتعبها، جسمها كله تعبان من عملية قيصري لسه خارجة منها. سألها بقلق: "أخدتي الدوا؟".
ابتسمت إيمان ابتسامة رقيقة طمنت قلبه، وقالت: "أخدت الدوا، متخافش. أنا أصلاً طلبتك جنبي عشان أستغلك قبل ما تهرب وتروح أوضة تانية".
مؤمن ابتسم على كلامها وضحك وقال: "استغلال مرة واحدة؟ لا أنا أهرب بقى".
مسكت إيده بحنان، وقالت بتصميم: "مش ينفع تهرب، أنت دخلت القفص خلاص، تعالى".
قرب منها ونام على رجلها وهو بيتألم. بدأ يتكلم بصوت موجوع، كأن الكلام بيطلع بصعوبة: "أنا ليا أخت توأم يا إيمان، تصدقي؟ كنت على طول عايش من غير روح، كنت حاسس إن ناقصني حاجة، بس مكنتش فاهم إيه هي. النهاردة كل الذكريات بترجع تروادني، والإحساس اللي كان بيلحقني وكان جزء مني مش موجود... وكنت مستغرب الإحساس ده، لكن النهاردة عرفت سببه".
وحسيت إن الجزء اللي كان ناقص ده ممكن يكون ليه علاقة باللي حصل.
نظر لها، عيناه بتلمع وبيضاها مسرح لألم وحزم مع بعض: — يمكن اللي فقدته زمان كان وراه سبب أكبر… مش بس فقد، ده سر متورط في ناس مش طبيعيين. وأنا لما بصيت في العيون وسمعت الكلام — حسّيت إن لازم أعرف الحقيقة، علشان خاطر أولادي، علشان خاطر روحك، علشان خاطر أي طفل اتسرق من أهله.
ابتسمت إيمان بابتسامة ضعيفة من التعب، ماسكة إيده بقوة أكتر من أي كلمة: — إحنا سوا يا مومن. إنت مش لوحدك في ده. أنا طلعت من العملية وبطني لسه مفتوحة لكن قلبي معاك، ومع أولادنا. لو هتدور، هتدور وأنا جنبك.
مومن تنهد، وخد نفس عميق كأنه بيرتب سلاحه الداخلي: — . هبدأ خطوة بخطوة. هننظم الموضوع، هنأمن الأولاد، بعدين نرجع نفتح الملفات. مش هسيب حاجة معلّقة.
حط راسه بلطف على رجليها، وعيونه بتقفل شويه من التعب ومن الألم اللي اتحول لعزم: — نامي دلوقتي. خليكي مرتاحة. أنا هادور، وهخلي عينى على الدنيا دي كلها.
إيمان مدت إيدها حوالين رقبته، مسكت خده، همست وهي تقفل عينيها: — وأنت تفضل جنبي… متتحررش مني.
ضحك مومن بصوت خفيف، دموع صغيرة على خده من مزيج الحزن والأمل: — دايمًا جنبي. وعد.
النور الخافت في الغرفة وراهم، وصوت تنفسهم اتزنّ، كأن الساعة دي بسّمت لهم لحظة سلام وسط الفوضى. تدريجيًا نامت إيمان، ومومن فضل صاحي شوية، يتأمل ملامحها، ويهمس خطط صغيرة في قلبه قبل ما يغمض هو كمان.
عند زينب
....
عصام اتنهد وقال: "الزفت جاسر كان بيراقب حد، وكان متوقع إني ممكن أوصل لك وبعت لي رسالة كلها كلام وسخ، وهو اللي اشترى الفستان الواطي، بيقول لما تخلص مهمتك معاها رجعها لي، وأنا يا عم وجبت معايا وجبت لها فستان سواريه، وكمان حجزت لكم في مكان يجنن، كنت عايز أكون أول واحد، بس أنا وأنت واحد".
زينب اتصدمت وشَهقت وزعقت: "والله كنت حاسة إنك شغال معاهم!"
عصام شرح لها: "أقسم بالله ما ليش دعوة، هو شغال في الفندق اللي كنتِ فيه، وما كنتش أعرف إنه بيشتغل شغل من ده".
وفعلًا زياد أمرها في ودنها: "سيبي الواد ده بسرعة واعملي اللي اتفقنا عليه، وكفاية كلام فاضي".
زينب بلعت ريقها وهي بتطلب: "ممكن تسيبني يا عصام؟ أنا متلخبطة ومش فاهمة حاجة وخايفة، والدنيا ليل وعايزة أرتاح وأنام، شوف لي أي فندق في أي حتة يكون رخيص ممكن؟"
عصام هز راسه وقال: "حاضر يا زينب".
وفعلًا ركبوا تاكسي ووداها فندق صغير في وسط البلد وقالها: "ارتاحي دلوقتي وبكرة هاجي لك".
وبعد ما حجز الفندق ومشي عصام وركب تاكسي، خرجت زي ما زياد قالها، وعمل شوية "دوشة" مع السكرتيرة عشان ما ياخدوش بالهم، وخرجت زينب ودخلت بنت مكانها طلعت نامت مكانها.
زينب اتنهدت بضيقة ودموع وقالت: "ممكن تعفوني من المهمة دي؟" الدموع بتنزل على وشها، حاسة إنها مش قادرة تستحمل أكتر من كده.
زينب استغلت الفرصة وزعقت فيه: "ابعد عني يا عصام، أرجوك، أنت واحد مسلطينه عليا عشان تدمر لي حياتي، حكيت لي فيلم من شوية عشان أنهـار وتقدر تستفرد بيا، وبعد كده جاي تعمل نفسك الضحية؟ أنا ما أعرفكش عشان أثق فيك، ولو بتتكلم عن زمان... زمان كنا عيال، دلوقتي كبرنا وكل واحد راح في طريق وعاش حياة مختلفة، ولو على المصنع أنا مستقيلة".
وسابته ومشيت. ما بقتش واثقة في حد، حاسة إن كله بيحاول يستغلها.
عصام جري وراها ووقفها: "أنتِ ليه مش مصدقاني؟ أنا اشتريت المصنع ده مخصوص عشان أنتِ شغالة فيه، كنت بدور عليكي زي المجنون".
زينب زعقت فيه وهي بتزقه بعيد عنها بعد ما مد إيده عليها وقالت: "إيدك ما تتمدش عليا تاني، فاهم؟ وبتدور عليا ليه؟ أنت اللي اخترت تتسجن مكاني وأنا ما طلبتش منك تساعدني، صح؟ جاي دلوقتي تاخد تمن سجنك مني وتعمل الفيلم ده؟"
عصام زعق فيها: "يا بنتي فوقي! أنا بعشقك، أنا بحبك من وإحنا صغيرين، وعشان كده اتسجنت بدالك، وجيت لك عشان أساعدك ندور على أهلك وأكون معاكي، أروح أرميكِ في الزبالة والقرف؟ أقسم بالله بحبك، بحلم باليوم اللي أشوفك فيه، كنت برسم لحظة اللقا، بس ما تخيلتش إنها هتبقى بالبشاعة دي وأبقى في نظرك متهم".
وفعلًا زياد أمرها في ودنها: "سيبي الواد ده بسرعة واعملي اللي اتفقنا عليه، وكفاية كلام فاضي".
زينب بلعت ريقها وهي بتطلب: "ممكن تسيبني يا عصام؟ أنا متلخبطة ومش فاهمة حاجة وخايفة، والدنيا ليل وعايزة أرتاح وأنام، شوف لي أي فندق في أي حتة يكون رخيص ممكن؟"
عصام هز راسه وقال: "حاضر يا زينب".
وفعلًا ركبوا تاكسي ووداها فندق صغير في وسط البلد وقالها: "ارتاحي دلوقتي وبكرة هاجي لك".
وبعد ما حجز الفندق ومشي عصام وركب تاكسي،
زياد بعد ناس تحجز وتسال كتير عشان من الزحمة ميشوفش مين الا طالع ومين الا نازل صاحب الفندق
دخلت زينب الأوضة الصغيرة في الفندق، قعدت على السرير المبطّن بملاءة بيضا باهتة. الكشاف الخافت المعلق في السقف كان بيطالع ملامح وشها المتعب، وظلّ النور بيرسم خطوط حزينة حوالين عينيها. إيدها كانت ماسكة الموبايل من غير ما تاخد بالها، والأنفاس طالعة من صدرها متقطعة، كأن فيه خنقة ماسكة قلبها.
فتح زياد الباب بهدوء، ودخل بخطوات واثقة لكنه شايل جواه عاصفة. قعد جنبها، وبصّ لها نظرة كلها جدية.
قالت بصوت مبحوح وهي بتحاول تستجمع نفسها:
ــ ممكن أفهم إيه اللي حصل؟
شدّ زياد نفسه، وبصّ قدام كأنه بيرتب الأفكار قبل ما ينطق:
ــ دلوقتي… أنا ملحقتش أجيبلك الفستان.
اتسعت عينيها بدهشة، قلبها وقع:
ــ طيب… إيه اللي كان معايا واتبدل؟
مد زياد إيده وطلع فيديو على موبايله. ظهر فيه زينب وهي ماشية، ووراها بنت غريبة، وشها مش واضح.
قال بهدوء مرّ:
ــ جاسر… هو اللي أخد المحافظة. كان عايز يقطع أي طريقة تعرفي بيها تتصرفي أو تروحي مكان.
اتجمدت زينب في مكانها، عينها معلقة على الشاشة، إحساس بالغدر والقلق بيخبط جواها.
أكمل زياد وهو صوته غليظ، فيه غيظ مكتوم:
ــ وقت ما بطاقتك وقعت، كنت عارف… إن مدام عصام هي اللي أنقذتك. يبقى أكيد هيبقوا متابعين عصام ويشكوا إنه ساعدك تهربي. وده… كان المنقذ لينا. وفعلاً تابعوا عصام.
حاول يقرب منها عشان يطمنها، لكن إيده ارتجفت وهو بيتكلم:
ــ وقت ما كنتي هتقعي… عصام وصل. واللي كانوا متابعينكم واحد واحد وراكم. لحد ما اكتشفتي إن البطاقة مش موجودة. ساعتها جاسر بعت بنت… بالفستان وبالمحفظة.
مدت زينب إيدها بخوف وفتحت المحافظة، وفعلاً لقت جواها فلوس كتيرة ورسالة مطوية. فتحتها، ولقت بخط إيده:
"ده فلوسك يا جميل… بتاعت شغلك. كنت عايز أسلمها ليك بنفسي ومعاهم لحظات رومانسية… لكن عصام قطعهم. وده فستان تعويض عن هدومك اللي اتقطعت."
صوتها اتكسر وهي بتهمس:
ــ يا نهار أبيض…
كمل زياد بسرعة وهو بيبص جوا عينيها:
ــ أنا كنت عارف إن في ميكروفون في الفستان. فكرت أبدله… بس لو عملت كده، كانوا هيكشفونا. كان لازم عصام هو اللي يساعدك. وده اللي حصل.
قعدت زينب للحظة صامتة، عقلها بيصارع بين التصديق والصدمة. بصّت له باستغراب:
ــ بس… إنت كنت مصدوم وقت ما شفت الفستان، وقلت إنه اتبدل!
ابتسم زياد ابتسامة خفيفة، بس عينه فضحت إنه لسه متوتر:
كان لازم أعمل كده… عشان تقولي اللي قولتيه لعصام.
رفعت حاجبها بدهشة:
طب في نقطة مهمة… أنا اتقبلت الهدوم عشان إنت طلبت مني. مش كده؟ جاسر مش هيشك؟
ضحك زياد ضحكة قصيرة بس متوترة:
ما أنا كنت عايز أوصل إن كانوا حاضنك تحت المراقبة، أو عصام. عملت حسابي. وقفت بنت في أول محل في المول. طبيعي أي حد يدخل، يدخل عليها. ولما واحد من رجالته دخل وقال للبنت إنك نسيتي البطاقة… وكمان الفستان… البنت مشت مع خطتي. وجات وادتهملك.
سكت زياد لحظة، عينه لامست عينها، وقال بصوت أهدى:
كل خطوة محسوبة… بس إنتي لازم تصدقيني دلوقتي.
– كلمتك قبل كده: سيبي الود ده وسوي اللي اتفقتِ عليه. لكن واضح إن الموضوع أثر فيكي أكتر ما توقعت.
بلعت ريقها وبصوت متقطع:
– ممكن… ممكن تعيفني من المهمة دي؟ أنا تعبانه، يا باشا مش قادرة أتابع. خايفة أوقع حد أو أوقع نفسي
