
كم مرة كنتِ له؟
عادت الحياة لطبيعتها ولكن أكثر حماسا من الجميع هو بالأرض التي بدأت تنبت بثمارها لتمنحهم شعور بالسعادة لأنهم حولوا الرمال إلى طينة خصبة
وهي بالمزرعة التي انتهت مبانيها وبدت الحيوانات في الوصول وامتلأت العنابر بها وزاد انشغالها لاقتراب موعد الافتتاح ولكنه في ذلك اليوم جذبها من بين الموجودين فجأة وقال "أنا ذاهب اسكندرية أتأتين معي؟"
نظرت إليه بدهشة ونظرت لنفسها وقالت "هكذا!؟ أنا لست مستعدة، ثم لماذا نذهب؟ لا وقت لدينا"
رفع الكاب عن عيونها وقال "لدي شيء أريدك أن تشاهديه، عدة ساعات لن تعطلك"
قالت بجدية "آدم لا وقت لدينا، الافتتاح اقترب و..."
قاطعها وهو يجذبها من معصمها "لا وقت للجدال عم صابر موجود هيا تعالي"
لم تستطع أن تقاومه وقالت وهي تجلس بجانبه بالسيارة وتنظر إليه "أتعلم أنك مجنون؟"
قال دون أن ينظر إليها "تعلمين أنكِ كاذبة لأنني لست كذلك، ليتني كنت مجنون لما تحملت ما تحملت"
قالت بحنان "وماذا تحملت؟"
نظر إليها بعيون ممتل:ة بذكريات مؤلمة لم تمحي من عقله وقال "الكثير رنين، الكثير؛ فقدان الوالدين أصعب ما في الحياة، قسوة الأخ وطمعه في أموالي ومحاولته لقتلي ثم خطفك و..وأخيرا أميرة وما عانيته بسببها، وحدتي طوال سنوات شبابي دون أحد يضيء طريقي، صحيح أن عمتي لم تتركني ولكن كثيرا ما كنت أحتاج لأمي وحضنها أو نصيحة أبي وأمانه، لا تسأليني ذلك السؤال مرة أخرى فأنا لا أعرف متى سأتوقف عن إجابته"
أمسكت يده وقالت بحنان "وهل ما زلت وحيدا؟"
قبل يدها ونظر بعيونها التي تمطره بالحنان وقال "الآن لا، لم أعد وحيد"
ابتسمت وتركت يدها ترتاح بين يده، وأخيرا وجدته يتجه إلى أحد المولات المعروفة فقالت بدهشة "ماذا نفعل هنا ؟"
ركن السيارة ثم نزل وجذبها وقال "تعالي"
نزلت معه وهو يجذبها من يدها واتجه إلى محل كبير لفساتين الزفاف وبالطبع فهمت فتوقفت تجذبه إلى الخلف وهي تنظر للمحل وقلبها يرجف من الخوف، هل حقا سيكون لها فستان زفاف أبيض مثل باقي البنات؟ إنه حلم كل فتاة ولكنها أبدا لم تفكر بالأمر، حياتها كانت مشغولة بما لا يجعلها تفكر به، حتى ارتباطها بآدم لم يكن ارتباط عادي يجعلها تنتظر ليلة الزفاف بكل ما بها
شعرت به يرتد إليها ويقول "رنين ماذا حدث؟ لماذا توقفتِ؟"
أبعدت عيونها عن الفساتين المعلقة أمامها ونظرت إليه وقالت "أنا، أنت، أقصد لماذا؟"
اندهش منها ونظر إليها وقال "لماذا ماذا؟"
قالت بارتباك "لا، أقصد أنني نسيت أمر الفستان"
ابتسم وقال بحنان تفتقده وقت الغضب "أعلم ألم أخبرك أنني تزوجت المهندس هيثم أو عم صابر؟"
أخفت مشاعر الخوف داخلها، تلك اللحظة لابد أن تكون سعيدة لها وله فلا يمكن للخوف أن يطرق بالهم الآن، لم لا تعيش السعادة أخيرا؟
ابتسمت وقالت "نعم معك حق، هيا يبدو أن لديه أشياء رائعة"
جذبها ودخلا المحل ويبدو أنه كان يعرف الموجودين فقد رحبوا به في مودة وبالفعل كان يعرف صاحب المكان، أمضوا وقتا كبيرا في اختيار الفستان إلى أن رأت أحدهم يحضر واحدا من الخارج ويتجه به إلى أحد الأركان فاتجهت إليه وقالت
"هل يمكن أن أراه؟"
نظر الرجل إليها بدهشة وقال "إنه لم يعرض بعد و.."
قاطعه صاحب المحل قائلا "تفضلي يا آنسة، إنه من باريس وصل أمس ولم يعرض بعد"
اقترب منها آدم وقال وهو يتأمل الفستان "هل يعجبك؟"
هزت رأسها وعيونها تأكل الفستان وقالت "نعم، هل أرتديه؟"
قال الرجل "بالطبع تفضلي"
عندما ارتدته شعرت أنه صنع من أجلها وأعجبتها صورتها بالمرآة فخرجت إليه لترى رأيه، ابتسم وقال "لقد أحسنتِ الاختيار، إنه رائع فعلا"
احمر وجهها وعادت لتخلعه وهي سعيدة بكل ما يحدث لها، اشتروا الفستان ثم خرجا فقالت "أنا لا أصدق أنه كما تخيلته"
شد على يدها وقال "ولكنه عليكِ أجمل مما تخيلته أنا"
ابتسمت بسعادة وامتلأ قلبها بالحب تجاهه وقالت "سنعود؟"
وصلا إلى السيارة فقال "يا الله! هل المفروض أن يفكر الرجل بأمور النساء ولا يفكر بها النساء أنفسهم؟"
نظرت إليه وقالت بحيرة "لا أفهم"
قال بهدوء "ألن تذهبي لبيوتي سنتر أم سترفعين شعرك ذيل حصان وترتدين عليه الفستان؟ ألم يعلمك أحدهم ما تحتاجه العروسة؟"
شعرت بالخجل ودمعت عيونها وقالت بصدق "لا لم يكن لي أصحاب بنات وتعلم أن مامي ماتت وأنا صغيرة، أنا عشت طوال عمري مع داد"
ابتسم وقال "آذن لتنسي ما فات أنا سأعلمك كل شيء، ربما الوحدة التي عشناها تجمعنا سويا لنكمل بعضنا البعض"
ابتسمت ومسحت دمعة هاربة من بين رموشها الطويلة وهزت رأسها ولم ترد وهي تشعر بسعادة تغطي كل أحزان الماضي القريب
اختار أحد الأماكن المعروفة للتجميل وحجزا ليوم الزفاف ثم اتصل بهيثم ليسئله عن القاعة فأشار أليه بقاعة معروفة على البحر فاتجه هو وهي إليها، كانت بأحد الأماكن المعروفة جدا ...
عندما وصلت لمكان القاعة قالت "أعرفها حضرت فيها زفاف مع داد كان يصور به إنها رائعة من الداخل"
تقدم معها للداخل وكانت حقا رائعة وجميلة واتفقا عليها والجميل ان الحجز كان سهل وكأن كل شيء يسير في طريق سعادتهم وجمعهم
وأخيرا عادا إلى المطعم المواجهة للفندق وجلسا ليتناولا الالغداءأشعل سيجارته وقال "كنت أخشى ألا ينتهؤ كل شيء اليوم فنحن الاثنان مشغولون"
ابتسمت وقالت "شكرا لك"
نظر إليها وقال "على ماذا؟"
قالت بصدق "على السعادة التي عشتها اليوم، لم أفكر أن يحدث كل ذلك لي ولم أفكر بيوم أنني ساكون مثل أي عروسة"
اقترب من طرف المائدة وقال "ولكنك عروسة وزفافك على الأبواب"
أخفضت عيونها وقالت "نعم معك حق"
أمسك يدها فنظرت اليه فقال "إلا إذا كنتِ نادمة على زواجنا"
قالت على الفور "لا، أقصد أنني فقط ظننت أنك ربما تتراجع أو تعيد التفكير فلو انتهت المزرعة لن تحتاجني"
قال بصدق "أولا أنا لم ولن أتراجع عن زواجنا لأني أريده، ثانيا المزرعة مزرعتك وإنتِ من سيديرها لن يفعل أحد أفضل منكِ إلا إذا لم ترغبي بذلك؟"
ابتسمت من كلامه وقالت "حقا؟ سأديرها أنا؟ ولكني لا أعرف .."
قاطعها بدعشة متصنعة "لا تعرفين!؟ أنتِ لا تعرفين شيء؟ كاذبة، من تمسك الفأس وتزرع مثل الرجال لا يمكنها أن تجهل بأي شيء أو يوقفها أي شيء"
ترك يدها ليضع الرجل الطعام ثم ذهب فقال "ينقصنا ملابسنا نحن الاثنان وأنا .."
قاطعته بإصرار "لا سأذهب وحدي، لن تأتي معي"
نظر إليها بخبث وقال "ولماذا؟ ألن تكون لي"
احمر وجهها وقالت بغضب متصنع دون أن تنظر إليه "لا، لن تأتي"
ضحك بسعادة من خجلها الذي أثار قلبه أكثر وقال "حاضر"
لم تقوى على النظر إليه ولكن صوت آسر جعلها ترفع نظرها إليه وهو يقولل "أنا لا أصدق أني أراكم"
نظرت لآدم الذي بادلها النظرة ثم قام لتحية آسر فهو يعلم أنه مدين له وقال "أهلا أستاذ آسر"
نظرت هي إليهم بقلق فنظر إسر إليها وقال محاولا إخفاء مشاعره "كيف حالك رنين؟"
قالت وهي تحاول أن تبدو طبيعية "بخير يا آسر، كيف حالك أنت؟"
قال وبعيونه نظرة خليط من السعادة والحزن "بخير ماذا تفعلون هنا؟"
قال آدم بحزم "نجهز للزواج فقد حددنا الموعد"
حدق آسر في آدم لحظة قبل أن يقول "نعم، ألف مبروك أتمنى لكم السعادة"
لم ترد وهي تعلم الحزن الذي ييخفيه آسر خلف ابتسامته
ضاقت عيون آدم وهو يلاحظ تبظل ملامح آسر وقال "بالطبع أنت أول المدعويين والأستاذ سالم"
هز آسر رأسه وقال"أكيد إن شاء الله، مضطر أن أذهب لدي موعد مع بعض رجال الأعمال، عن إذنكم وألف مبروك مرة أخرى"
ابتعد وحاولت هي ألا تبدي أي تعبيرات على وجهها أو حتى تتابع آسر بعيونها ولكنه قال "تبدين حزينة من أجله"
عادت له وهي تعلم أفكاره فقالت "آدم من فضلك، لم لا تريد أن تتفهم علاقتي بآسر، أخبرتك من قبل أنه صديق منذ الطفولة"
هز رأسه وهو يشعل سيجارة ولكنها خطفت السيجارة وأطفأتها وقالت "سنتناول الطعام أولا قبل أن يبرد هيا
حاول أن يعود إلى طبيعته فهو يعلم أن غيرته لم يعد لها مكان ليس بعد ما فعله آسر ولا بعد ما قالته هي
انتهى اليوم بسعادة وعاد الاثنان للعمة التي كانت تشرف على تجهيز الفيلا وأصبح الكل مشغول بذلك الزفاف قبل حتى الافتتاح
وقفت أمام المزرعة وهي تتأملها فقد انطلقت وأصبحت كالحلم وربما أفضل وغدا ستنطلق إلى البداية، تذكرت كل أيامها هنا؛ أحزانها، أفراحها، حبها، أميرة، آسر، العمة و..آدم حبيبها الأول والأخير
"أظن أنكِ أسعد إنسانة بالدنيا"
نظرت إلى عم صابر وقالت "نعم جدا ولكن خوفي أكبر"
قال بدهشة "خوف!؟ من ماذا يا ابنتي؟ النجاح واضح بكل مكان هنا"
لم تكن تفهم مشاعرها ولكن الخوف كان يسكنها رغما عنها فقالت "ربما تجاملني يا عم صابر، ليست كل امرأة قادرة على النجاح"
ابتسم وقال "ولكنك لستِ كأي امرأة، أنتِ قوية، شجاعة، جميلة وطيبة"
سمعت صوته يقول "أنت تغازل زوجتي يا عم صابر"
ابتسم صابر وقال "بصراحة نعم فأنا من أشد المعجبين بها وبنجاحها وإصرارها وبصراحة لا أتخيل العزبة بدونها"
نظر إليها بحنان وقال "لن تكون العزبة بدونها بأي يوم فمصيرها ارتبط بها"
اندهش صابر وقال "لا أفهم"
قال ادم وهو ينظر لصابر "كيف ستتركها وهي ستكون زوجت؟ نحن حددنا موعد الزفاف بعد الافتتاح بشهر"
تراجع صابر وقال "حقا؟ أنا سعيد جدا بهذا الخبر، كيف لم تعلنوا عنه حتى الآن؟ لابد -ن تحتفل العزبة كلها بذلك الخبر وأنا أولهم"
ضحكت وقالت "سنحتفل أولا بالافتتاح ثم بعد ذلك الزفاف الذي سيحضره كل أهل العزبة"
قال صابر "معكِ حقحقألف مبروك لكل شيء يا ابنتي، عن إذنكم"
تحرك هو وهي وقال "هل أرى التوتر على ملامحك؟"
حاولت أن تبتسم لتخفي توترها وخوفها وقالت "هذه حقيقة لن أنكرها، أشعر أن هناك أشياء كثيرة ناقصة ولكن لا أعلم ما هي؟"
ركبا العربة وتحرك بها وقال "لا ينقص أي شيء، لقد أديتِ الأمر على أفضل وجه وإن شاء الله ستعمل المزرعة على أفضل وجه"
قالت برجاء "يا رب"
نظر إليها وقال "هل هناك من ترغبين في دعوته للافتتاح؟ أنا دعوت آسر ووالده"
نظرت إليه ببراءة وقالت "ليس لي أحد أنت تعلم ذلك"
أمسك يدها وقد أوجعته كلامتها فقال "لستِ بحاجة لأحد طالما أنا موجود"
ابتسمت وتركت يدها بيده في صمت ولم تعلق حتى على دعوة آسر ..
منذ الصباح الباكر وهي بالمزرعة وهو معها وكلا منهما يتمم على الحفل إلى أن بدء الجميع في الحضور ورأت آسر وسالم وهما يتقدمان منها
ابتسمت وهي ترحب بسالم وقالت "أهلا عمو سالم لقد افتقدك جدا"
لم تكن ملامحة تعبر عن أي شيء وإنما قال ببرود لذا كنتِ تسألين عني وتأتين لرؤيتي"
قال آسر برغبة بآيقاف والده "أنت تعلم أنها لم تكن متفرغة، المزرعة شغلت كل وقتها"
قال سالم بضيق "المزرعة أم زوج المستقبل؟ ذلك الفلاح"
تضايقت رنين وقالت "آدم مهندس زراعى ناجح ورجل أعمال محنك حضرتك من قال عنه ذلك وأنا سعيدة أنني شاركته تلك المزرعة يكفي أنه منحها لي بل كل شيء بخصها ووثق بي وسيجعلني أديرها"
قال بنبرة آمرة "لابد أن يفعل فهو مستفيد من أموالك وقرر أن يتزوجك لتكون له كل الثروة، أنا لا أعلم كيف وافقتِ على الزواج منه؟ ألم يكن آسر أحق بكِ؟"
زاد غضبها ولاحظه آسر فقال "بابا لا داعي لهذا الكلام، كل شيء قسمة ونصيب، هيا تعالى لنشاهد المكان"
وجذب الرجل وتركها وهي تزفر بضيق من كلام سالم ولكن سرعان ما نسته مع استقبال الضيوف واندمجت مع رجال الأعمال ولحق بها آدم
تناول الجميع العشاء وبدء الجميع في الانصراف ووقفت هي وهو معها فاقترب سالم وقال "لابد أن أذهب لقد تأخرت"
قال آدم بهدوء "ما زال الوقت مبكر يا أستاذ سالم"
رد سالم ببرود "لقد انتهيت من الأمر وتأكدت أن تلميذة ابني تفوقت عليه بالطبع، لطالما كان يجلس معها ليذاكر لها دروسها أنت لا تعلم مقدار علاقتهم و.."
قاطعته هي "عمو سالم من فضلك لا داعي لهذا الكلام"
ولكن آدم لم يكن يريده أن يتوقف فقال "وترى كيف كانت علاقتهم سالم بيه؟"
نظر سالم لآدم بجرأة وقال "لقد طلب أن يتزوجها ولولا سفره لكانت الآن زوجته فهو أولى بها إنه من رباها"
حاول آدم ألا يغضب وهو يقول "لوكانت تريده لانتظرته العمر كله ولكن يبدو أن حضرتك نسيت أنها الآن لم تعد كما كانت وإنما أصبحت خطيبتي بل زوجتي وبعد شهر زفافنا فمن الأفضل أن تنسى حضرتك قصة الطفولة هذه فلم يعد لها مكان"
كاد سالم يكمل لولا أن وصل آسر وقال "بابا هل نذهب؟ أنا تأخرت، عندي أعمال غدا صباحا، رنين ألف مبروك المزرعة رائعة، باش مهندس آدم أهنئك على المزرعة وأستأذنكم في الذهاب"
بالطبع كانت نظرات التحدي بعيون آدم لسالم قوية ولكن آسر جذب والده ورحل ولم يبقى آدم حيث ابتعد دون أي كلام، كادت تذهب خلفه لولا أن أقبل عليها الضيوف فتوقفت معهم
اوصلها عم صابر للفيلا فهي لم تجد آدم، عندما دخلت رأت ضوء مكتبه مضاء فاتجهت إليه، دقت الباب فلم يرد فتحت ودخلت فرأته يجلس أمام مكتبته المليئة بالكتب ويدخن سيجارة والغرفة كلها مشبعة بالدخان ..
اتجهت إليه وقالت "بحثت عنك كثيرا فلم أجدك؟"
جلست أمامه ولكنه لم ينظر إليها ولم تراه أصلا من الدخان الذي حجزه عنها ولم يرد، عادت وقالت "آدم أنا أتحدث إليك"
قام وتحرك بعيدا فاتجهت إليه وقالت "هل يمكن أن أعرف ماذا بك؟"
قال بضيق "لا شيء"
ملامحه كانت تعني الكثير فقالت "كيف وأنت تبدو مثل القنبلة الموقوتة التي ستنفجر بين لحظة أو أخرى"
نظر إليها ثم ابتعد فتبعته ووقفت أمامه وقالت "هل تعلم أن الأمر متعب حقا؟"
نظر إليها بتساؤل وقال "الذي هو ماذا؟"
ابتسمت وقالت "أن تتحرك وأنا أتبعك لن أفعله مرة أخرى فيبدو أنك تعلمته مني"
حدق فيها ثم كاد يبتعد ولكنها أوقفته وقالت "آدم، أنا أخبرتك من قبل أن علاقتي بسالم وآسر أمر واقع بحياتي لم يكن لي دخل به فقد نشأت بينهم لأنه كان صديق داد الوحيد وبالتالي كان آسر كأخ لي نشأنا سويا لكن هذا لا يعني صحة كلام عمو سالم لأنه لو كان صحيحا لتزوجت آسر منذ سنوات"
حدق بعيونها وقال "ولكن هو يريدك وسالم أيضا"
قالت بجدية "هذا ليس ذنبي"
كان يعلم أنها على حق فأبعد نظره ولكنها قالت "على فكرة لم يكن يحق لك أن تتركني وحدىدي"
تحركت ولكنه أمسك يدها وقال "ربما أردتِ أن تلحقي به فتركتك على راحتك"
نظرت إليه بدهشة وقالت "أنت رأيته وهو يرحل مع والده وأنا لم أكن لألحق به ولم أستطع أصلا أن أترك الضيوف بعد أن تركتني، أنا لم ألحق بأحد يا آدم، أنا تعبت من شكوكك هذه كما وأنني تعبت اليوم وأريد أن أرتاح، طابت ليلتك"
وتركته وذهبت وهي تعلم أنه لن يكف عن التفكير فيما حدث وبالفعل هو لم يتوقف عن التفكير في كلمات سالم محاولا إطفاء نار غيرته ولكنه لم يستطع
لم يتحدثا بالأمر مرة أخرى وانشغلا بالإعداد للزفاف بجانب أعمالهم إلى أن أتى يوم الزفاف، دق باباها ودخلت العمة وبيدها علبة هدايا وقالت "صباح الخير يا فتاة"
ابتسمت واتجهت إليها وطبعت قبلة على وجنتها وقالت "صباح الفل على عيونك يا عمتي"
أعطتها العلبة وقالت "خذي هذه هديتك مني"
شعرت بسعادة الأطفال وهي تأخذها وتهتف "حقا! وما هي؟"
لم تسمعها وهي تفتح العلبة، كانت طرحة من التل الأبيض مشغولة بخيوط فضية رائعة الجمال انبهرت بها وقالت "عمتي إنها رائعة حقا!"
قالت العمة بسعادة بعيونها "إنها مشغولة بخيوط من الفضة الحقيقية فلا تفرطي فيها"
قبلتها بحب صادق وقالت "وكيف أفعل وهي من حضرتك؟ عمتي هل يمكن أن أطلب منكِ طلب"
قالت العمة بترقب "وما هو؟"
قالت بعيون ممتنة للمرأة التس ساندتها منذ أول يوم وأحبتها ومنحتها ما تمنحه الأم لابنتها "أريدك أنتِ أن تضعيها لي، أنتِ أمي التي لم أراها وأنا ليس لي سواكِ وكم تمنيت كثيرا لو أن مامي هي التي تضعها لي"
تأملتها المرأة في صمت ثم هزت رأسها وقالت "كما تشائين يا ابنتي"
احتضنتها بسعادة وحب وقالت "شكرا يا، يا ماما"
أوصلها إلى البيوتي سنتر ونظر إليها وقال "اليوم حياتنا ستتغير ولن يمكننا العودة للخلف"
تأملت عيونه القاتمة وقالت "أنا لا أريد أن أعود للخلف وأنت؟"
ابتسم وقال "أريد أن أراكِ أجمل عروسة وأتشوق لأن أحملك بين ذذراعيإلى غرفتنا لتكوني لي وحدي، لا أريد لأي عيون أن تراكِ، اليوم انتظرته كثيرا والآن أصبح واقع"
ابتسمت وكادت تنزل لولا أن قال "رنين"
عادت له فقال "هل أنتِ سعيدة؟"
ابتسمت وقالت "نعم ولكن خائفة، السعادة لا تأتيني هكذا بلا دموع لذا أدعو الله أن يتمها على خير"
ونزلت وتركته وهو أيضا يتمنى ادأن يتم الأمر على خير
عندما رآها ظن أنها ليست هي، هل تزوج سندريلا جميلة الجميلات؟ الأميرة التي أسرت قلب الأمير؟ يا الله! ما تلك العيون التي أبدعت في خلقها يا ربي سبحانك! أم هذا القوام الذي التف في الفستان الالأبيضإنها الفاتنة التي ألقت سهمها نحوه فأصابت صميم مشاعره ونبض حياته
أمسك يدها وقبلها وهو ينظر لعيونها وقال "ربي من أين لي بالقوة لأقاوم تلك العيون وهذا الجمال الفتان؟"
أخفضت عيونها والخجل يتملكها فقال "لا، أعيديها ولا تغلقؤ أمامي أبواب النور والأمل فعيونك بستان الحياة"
كانت سعيدة بكلماته وأخيرا ينطق لسانه بكلمات لو لم تكن حب فهي غزل ممن يحب لمن أحب، طبع قبلة حانية على جبينها ثم وضع يدها بذراعه وتحرك بها إلى الخارج وسط زغاريد بعض من أهل العزبة وفرحة عم صابر وابتسامة العمة وبالخارج كان هيثم يخرج بشهد من الغرفة المجاورة وبدء الاحتفال
حياهم المدعويين بسعادة ولم يترك يدها إلا عندما التفت ذراعاه حول خصرها وهما يقفان على المسرح ليرقصا سويا على أغنية اختارتها هي ولم تعرف أنه هو الآخر اختارها
نظر بعيونها البنفسجية وقال "ألم أخبرك أنها جميلة؟"
لم تبعد عيونها عنه وقالت وهي لا تفهم عم يتحدث "ما هي؟"
كان يتيه بين عينيها الفاتنة وهو يكاد يطير بحبيبته فوق السحاب وقال "عيونك، شعرك فستانك كلك جميلة"
أخفضت عيونها من الخجل الذي تسرب لوجنتيها فتلونا بالاحمر ودق قلبها بسعادة وانسابت أغنية حماقي "فى جوة قلبي حاجة مستخبية .."
وشعرت بيده تضغط على خصرها نظرت لعيونه فاقترب منها والكلمات تزداد "كل اما باجي اقولها مش بقدر"
وكأن الكلمات تتحدث عن كلا منهما
"قدام عينيك بقف وبنسي ايه يتقال"
نظرته إليها مختلف ونظرتها أيضا مختلفة، اقترب منها أكثر
"ليه كل مرة يجرى فيها كدة ليا ..وديه هى كلمة وحدة مش اكتر ...والكلمة دية عندى فيها راحة البال .."
تاهت بعيونه وبالكلمات، بالفعل هي كلمة واحدة كلا منهما يتمنى أن يقولها ويشتاق لأن يسمعها ..
"حبيتك ..يوم ما اتلاقينا ...لما حكينا اول كلام ... حبيتك واحلف على ده ...تسمع زيادة انا مش بنام .."
شعرت بأنفاسه على وجنتها فأغمضت عيونها وهي تستمتع بقربه وتمنت لو قالها وسمعتها تعلقت يداها بعنقه أكثر وارتعش قلبها فرحا بقربه ...
وعادت الكلمات "حبيتك يوم ما اتلاقينا ...لما حكينا ..اول كلام ... حبيتك واحلف على ده تسمع زياده انا مش بنام ...ديه الناس فى عينى حاجة وانت حاجة تانية ...عندك مشاعرى حتى خدها واسئلها ...انا صعب اعيش حياتى وانت لحظة بعيد ...احساسي بيك فى وقت ضعفى قوانى ..كانت حياتى ناقصة جيت تكملها ...فرحة لقايا بتبقي زي العيد ..حبيتك يوم ما اتلاقينا لما حكينا اول كلام ...حبيتك واحلف على ده تسمع زياده انا مش بنام ..."
كاد يهمس في أذنها حبيتك يوم ما اتلاقيتك ولكن لا يعلم لماذا توقف؟ خاف من أن يصده قلبها، ذابت بين يديه كانت كالتي تطير بين السحاب سعيدة تتمنى ألا تنتهي تلك اللحظات ولكنها انتهت وتوقفت الأغنية لم يفلتها ظل يحيطها بذراعة وقد احمر وجهها
نظر بعيونها وهمس "رنين أنا"
كاد يلفظ بحبه لها لولا أن انطلقت الموسيقى الصاخبة وأخذهم الموجودين للرقص وابتعدا وعيونهم معلقة ببعضها، كانت تسمع همسات قلبه ..كان يهتف بمدى حبه ..كانت تتمنى لو قالها ...كان يحلم لو حملها ...كانت تبغي لو طار بها ..كان يعشق أنفاسها..أنا لكِ يا فتاة ..رجل بلا أوطان .. ومعكِ بيت بلا حرمان ..خذني إليك يا حلم العمر والزمان فأنا امرأتك قد انتظرتك على مر الزمان
عادت إليه وهما يتجهان إلى العمة وقبلتها بسعادة فقالت العمة "كما توقعتك، أميرة يخطفها فارسها على ظهر الحصان، جميلة أنتِ يا فتاة"
ضحكت ثم أشارت لفتاة تقف بعيدا فأسرعت إليها، اقترب منها وقال "من هذه وما تلك العلبة؟"
قالت وهي تأخذ العلبة من الفتاة لتخرج منها الطرحة وقالت "هيا ماما ضعيها من أجلي"
دمعت عيون المرأة ثم ساعدتها الفتاة على تثبيت الطرحة على رأس رنين التي قبلت العمة بسعادة كما فعل هو وعادا إلى الجميع ثم بدلا الدبل بسعادة وجذبها إليه وقال
"الآن لن أتوقف عند القبلة ولن تبعديني"
أبعدت وجهها بخجل ولكنه عاد وقال "حتى هذا الخجل لن يرحمك مني"
ضربته على ذراعه ثم ابتعدت ولكنه جذبها إليه وقال "لن تبتعدي مرة أخرى لقد أدخلتك قفص حياتي وأغلقت عليكِ بقفل لن أجد مفتاحه"
نظرت بعيونه وقالت "وأنا لا أريد الخروج منه أبدا، اتمنى أن تدوم سعادتي للأبد"
ابتسم وأحاطها بذراعه في سعادة عاشها الاثنان وتبقى أن ترفرف كلمة الحب بينهما
قبل نهاية الحفل اختفى دون أن تشعر ولم يظهر إلا بنهاية الحفل ولكن اختلفت معالمه ولم يكن كما كان، اقتربت منه وقالت "آدم ماذا حدث؟ هل أنت بخير؟ لا تبدو كما كنت؟"
لم ينظر إليها وقال بجدية غريبة "أنا بخير، أشعر فقط ببعض الصداع"
وأخيرا انتهى الحفل وصعد الجميع إلى غرفهم حيث سيمضون الليلة ويعودون العزبة بالغد، تركها تدخل وأخبرها انه سيطمئن على العمة ..
وقفت بمنتصف الغرفة كانت سعيدة بالليلة كلها، كلماته، نظراته حتى لمساته كلها تنطق بالحب والآن ترى كيف ستكون ليلتهم؟ بالتأكيد سيصارحها بمشاعره أو سيكون لطيفا ولمساته السابقة لها ستكون أكثر رقة و..
شعرت به يدخل، دق قلبها وازدادت رجفة وخوف، تلك الليلة، ليلة كل عروسين لابد أن تكون أفضل أيام العمر ولكنها شعرت بألم بقلبها وحيرة تجتاحها ودهشة تهز كيانها عندما وقف خلفها وقال
"كم مرة كنتِ له؟"