رواية عزبة الدموع الفصل السابع والعشرون27 بقلم داليا السيد

رواية عزبة الدموع الفصل السابع والعشرون بقلم داليا السيد
صلح... حريق
عاد إلى المزرعة عندما طلبه هيثم وبقت العمة معها وقد استعادت نفسها بعد كلماته التي سمعتها، نظر إليها الطبيب وقال "لم أتوقع هذا التحسن السريع، أنتِ أصبحتِ بخير وتغلبتِ على الانهيار في وقت قصير وبطريقة لم أتوقعها ولكني سعيد بها"
لم تنظر إليه بينما قالت العمة "إذن هل يمكننا الخروج؟"
هز راسه ايجابا وقال" نعم ولكن غدا ليس اليوم حتى نتأكد من حالتها"
استاذن الطبيب فنظرت إليها العمة وقالت "الآن يمكننا أن نعود"
أبعدت عيونها وقالت "حضرتك يمكنك العودة لكن أنا باقية ببيتي هنا"
قالت العمة بهدوء "رنين أنا لم أتحدث كثيرا في الموضوع وتركتك كي تهدئي لأني أشعر بكِ وأفهم أحزانك ولكن الآن لابد من أن نتحدث فقد أصبحتِ بخير"
قالت بهدوء "لم يعد هناك كلام يا عمتي لقد انتهى كل شيء، علاقتنا ليست ناجحة ووصلت للنهاية غصبا عنا"
قالت العمة "ليست ناجحة لأن هناك من يحاربها ويحاول إفسادها، أنتِ تحاربين امرأة تريد تدميرك وتدمير حياتك فهل ستتراجعين وتمنحيها ما تريد؟ رنين أنتِ تعلمين من داخلك أن آدم بريء وأن أميرة هي التي دبرت له تلك المكيدة صحيح هو وقع بالمصيدة بسهولة ولكن هذا لا يعني أنه خائن"
قالت بضعف "عمتي مهما كانت الحقيقة فأنا تعبت ولا أرغب في العودة، لقد انتهت حياتي مع آدم ولم يعد لنا مكان بحياة كلا منا"
قالت العمة بحزم "وآسر" 
أغمضت عيونها وقالت بصدق "لا يمثل لي إلا صديق، أخ فقط يا عمتي وليس معنى كلامي لآدم أنني كنت أعنيه، لكن غضبي من آدم وكلامه هو الذي دفعني لقول ما قلت، آدم لم يمنحني الفرصة للتفكير وهو الذي يدفعني لطلب حريتي الآن" 
قالت العمة بتفهم "أعلم ولكن هو معذور فهو يرى رجل بحياة زوجته أمضت معه عمرها كله فمن حقه أن يغير" 
أشاحت بوجهها وقالت "عمتي أرجوكِ كفى، أنا لا أريد مبررات فهي لن تغير موقفي، أنا أريد أن أعود لبيتي هنا أنا حقا متعبة"
هزت المرأة ر أسها وقالت باستسلام "حسنا سنفعل، سنذهب لشقتك يومين حتى ترتاحي وتستعيدي نفسك ثم بعدها نتحدث"
لم ترد هي فعلا بحاجة لأن تبتعد عنه لتفكر قبل أن تقرر مصيرها معه، صحيح أنها سمعت كلماته ولكن أمامه ما زالت مجروحة وهو أمامها ما زال متهم ..
أنهى أعماله بالمزرعة وعاد إليهم وما أن دخل غرفتها حتى رآها تجلس في فراشها مع العمة، دق قلبها عند رؤيته وقد تغير شكله كثيرا؛ عيناه تحولت إلى اللون الأحمر من عدم النوم وأحاطتها الهالات السوداء، ذقنه التي أطلقها لأول مرة زادته عمرا فوق عمره ولكن مع بعض الوسامة ..
التقت العيون لأول مرة بعد ما حدث وتوقفت الأنفاس عن الخروج لكن ربما لو عادت للصدور لشفت جراح القلب المهموم ..
أبعدت وجهها قبله بينما أدرك هو أنها ما زالت غاضبة، نظر لعمته وقال "الطبيب قال أنه يمكننا الخروج غدا"
قالت العمة "نعم ولكن سنذهب لشقة رنين، سنبقى بها يومين حتى تستعيد نفسها قبل أن نعود العزبة"
قالت هي دون أن تنظر إليه "لن أعود العزبة"
قال هو باندفاع "ولماذا ستبقين هنا؟ من أجل من؟"
كادت ترد بغضب ولكن العمة قالت على الفور "من أجل نفسها وصحتها يا آدم وأنا سأبقى معها ما زالت بحاجة للراحة"
 حدق في عمته قليلا قبل أن يحاول أن يتمالك نفسه ويوقف غضبه وتهوره ويقول "ولم لا ترتاح ببيتها بالعزبة؟"
قالت هي بآصرار "العزبة ليست بيتي، بيتي هنا، أنا لن أعود ليس بعد ما كان"
اتجه إليها وقال بعناد "أخبرتك -ني لم أخونك، متى ستصدقيني؟ أنا لم أعرف الخيانة بحياتي كلها فكيف أعرفها مع زوجتي؟ كنتِ تعلمين خطط أميرة وأنتِ التي كنتُ تحذريني منها والآن تتراجعين ولا تريدين تصديقي؟"
التفتت اليه وقالت بكل الغضب الساكن داخلها "لأن ما رأيته ليس بهين ووجودك معها لم يكن غصبا عنك، ثم منذ متى كنت تستمع لكلماتي وتحذيراتي؟ إلم تكن تستهين بها، أليست هي ابنة عمتك التي لا يمكنك تصديق أي شيء عليها؟ الآن أصبحت أنا على حق؟ لا يا باش مهندس أنا لست تحت أمرك وقتما تشاء ترضى والوقت الآخر تغضب، لم أعد أريد أن أبقى لقد انتهينا"
قال بغضب مشتعل بمقلتيه من فكرة رحيلها من حياته "أنتِ تجبريني على الغضب، لابد أن تعلمي أن النهاية ليست بيدك لأن الأمر لا يخصك وحدك إنها حياتنا نحن الاثنان إذن هو قرارنا وأنا لن اتركك، ستبقين هنا مع عمتي يومين ثم ستعودين لبيتك ولن تتركيه مرة أخرى هل تفهمين؟ رغم كل شيء ما زلتِ زوجتي ومسؤولة مني ولستِ حرة لتتصرفي دون الرجوع إلي تذكري هذا جيدا"
ثم تحرك إلى الخارج فنظرت للعمة التي قالت "هل يمكن لرجل يخون زوجته ويحب أخرى أن يتمسك بزوجته هكذا رغم كل ما حدث؟ أنتِ أكيد مجنونة"
أبعدت وجهها وقالت بحزن "هذا لأن كرامته تأبى عليه أن أتركه -نا وإنما يريد أن يكون هو الذي يتركني"
نفخت العمة وقالت بضيق "كفي عن هذا الغباء أنتِ أيضا، هل عاودك العناد مرة أخرى؟ آدم لن يتركك أنا أمه وأعرفه جيدا، لن يتركك"
نظرت للعمة بحزن وتمنت لو كانت على حق ولكن من يعلم
قام بتوصيلهم إلى شقتها دون أي كلام، دخلت غرفتها دون أن تنظر له -و تتحدث معه بأي كلمة، تابعها بنظراته بينما قالت عمته 
"ستعود"
نظر للعمة ولم يرد وتحرك إلى الخارج وما زال غاضبا، اتجه إلى البحر وأوقف سيارته ووقف أمام البحر وظل ينظر إليه، لماذا لا يخبرها أنه لن يتركها لأنه يحبها!؟ لماذا لا يملك الشجاعة على أن يواجهها بمشاعره؟ أيها البحر لا تقتلني بأمواجك وانقلني بين انحنئاتك، على شاطئك تاهت أغنياتك وارتمت أحلامي على رمالك
استدار وعاد إلى سيارته ولم يعد للتفكير أي مجال، فالفشل يلاحقه في كل مكان، ترى هل فقدها للأبد؟ هل يمكنهاأن يتركها؟ لقد بدأت حياته منذ أن عرفها فهل يتركها لتنتهي به الحياة 
***
صوت صابر جعله ينتبه "كفى يا آدم أنت هكذا تقتل نفسك"
كان يعمل بالأرض بجنون ربما ينسيدى همومه وأحزانه، لم ينظر إلى عم صابر وهو يحدثه وإنما قال 
"لم افعل"
أمسك صابر يدهالتي تهوي بالفأس وأخذه منه فقال بعصبية "عم صابر من فضلك، هات الفأس واتركني"
ولكن عم صابر قال "آدم عد لنفسك ولحياتك، لابد أن تفيق وتعود لعقلك وصوابك، لا تترك الأمور لتنهار"
ابتعد وأشعل سيجارة ولم يرد، فاتجه صابر إليه وقال "إذا كنت تحبها فلماذا لا تذهب إليها وتصارحها بمشاعرك؟ يا أدم أنا أخبرتك مرارا أن المرأة يهزمها الحب ورنين مهما وصل عنادها وكبريائها سينهار أمام كلمة واحدة منك"
نظر إليه بعيونه المتعبة وحزنه الساكن بها وقال "وربما أنا بالنسبة لها لا شيء، لا، لا يمكنني أن أجازف ربما أنت لا تعلم أن هناك رجل بحياتها فقد يكون هو"
قاطعه صابر بثقة "لا يمكن أن تكون بكلامك هذا تعني رنين؟ الفتاة أنقى من ذلك بكثير ومشاعرها واضحة، كل ما تحملته كان من أجلك وليس من أجل شيء آخر، وهذا الرجل الذي تتحدث عنه ليس موجود بحياتها ولو كان يهمها لما وافقت على ربط حياتها بك وتركتك كل حياتها الأخرى خلفها، إنها زوجتك يا رجل فكيف تفكر برجل آخر؟ إنها ليست كذلك"
حدق في صابر لحظات ولم يرد، ربت صابر على كتفه وقال "اذهب إليها يا آدم، هي لن تعود دون -ن تذهب إليها، أنت لك أربع أيام منذ أن عدت وتركتها وأنت لا تنام ولا تعود للبيت ولا تأكل، هذه ليست حياة، اذهب إليها وأعدها يا بني واطرح كبرياءك جانبا فلن ترتاح إلا بعودتها فاذهب إليها وأنا متأكد أنها ستعود معك فقط إذا سمعت كلمة جيدة منك"
*******
مرت الأيام بها مملة وقد ترك معهم منى لترى طلباتهم واحتياجاتهم وتركتها العمة دون أي ضغط وفي اليوم الرابع رن هاتفها بعد أن فتحته، كان اسم آسر يظهر على الشاشة ترددت قبل أن ترد 
"أهلا آسر"
جائها صوته بلهفة "وأخيرا رنين! أين كنتِ ولم هاتفك مغلق؟ أين كنتِ رنين؟ وماذا حدث؟"
تنهدت ثم قررت أن تحكي له إلى أن صمتت فقال بعد لحظة "رنين صحيح أنني لم أحب آدم وربما أكرهه لأنه سرقك مني وطبعا لن أنسى ما حدث بيننا بالفندق ولكن رغم كل ذلك أنا لا أظن أن آدم خائن فعندما رأيته أدركت أنه شخصية محترمة، كل ما في الأمر أنه كان يغير عليكِ خاصة عندما رآكِ بين أحضاني وهذا من حق أي زوج في مكانه"
قالت بدهشة "أنت تدافع عنه!؟"
قال بهدوء "ليس معنى أني أحبك أن أدمر حياتك فمن يحب يتمنى السعادة لحبيبه حتى ولو لم يكن معه، رنين أنا عرفت من أول لحظة أنكِ تحبين ذلك الرجل وأنكِ لن تعيشي بعيدا عنه لحظة واحدة وأدركت أيضا أن تلك المرأة أميرة ليست بشخصية سوية لذا أنا أظن أن آدم بريء وهي فعلا مكيدة من أميرة”
أغمضت عيونها وقالت "آسر أنا لا أعلم أين الصواب؟ منذ أن رأيت تلك العزبة ولم أجني منها إلا الدموع والأحزان وها أنت بنفسك رأيتني بذلك اليوم"
قال "لا توجد حياة بدون مشاكل حبيبتي، أنتِ فقط لم تواجهي مشاكل من قبل لذا الأمر صعب عليكِ ولكن أنا أعلم أيضا أنكِ قوية وستواجهين كل مشاكلك وستصلين للحل قريبا"
تنهدت براحة من كلمات آسر ثم قالت "آسر أنا لا أعلم ماذا أفعل حقا"
صمت قليلا ثم قال "عودي لزوجك وحاربي تلك المرأة ولا تتركيها تهد حياتك وتسرق سعادتك واعلمي أن آدم يحبك حتى ولو لم يصرح بمشاعره واكملي مزرعتك وتأكدي بأني بجانبك ولن أتركك مهما حدث"
ابتسمت وقد أعادت كلماته الطمأنينة لقلبها وقالت "شكرا آسر أنا سعيدة لأنك تحدثت معي أنت فعلا خير صديق"
بدى الحزن بصوته وهو يردد "صديق! نعم صديق ولكن سيظل حبك بقلبي للأبد ران مهما حدث"
تنهدت ولم ترد وأغلق الاثنان الهاتف وكانت سعيدة ، كلمات آسر أعطتها قوة لمواجهة أزمتها وشجعتها على اتخاذ القرار 
في المساء دق الباب، كانت تجلس مع العمة لمشاهدة التلفاز فقامت لتفتح لأن منى استأذنت ونامت مبكرا وما أن فتحت حتى التقت بعيونه القاتمة
تراجعت إلى غرفتها في غضب متصنع، دخل وأغلق الباب ونظر آلى عمته التي قالت بهدوء "تأخرت"
قال بدهشة "تأخرت على ماذا عمتي؟"
قالت بنفس الهدوء "عليها، كان عليك ألا تتركها كل ذلك الوقت، هيا اذهب إليها ودعنا نعود لبيتنا كفانا غربة، هيا ولكن أحسن التصرف ولا تفسد الأمر مرة أخرى"
حدق بها لحظة قبل أن يهز رأسه المثقل بالأفكار واتجه إلى غرفتها، كان الباب مفتوح وكانت تقف بمنتصف الغرفة وتعقد ذراعيها أمامها وتنتظره وتعلم -نه -تى من أجلها لكن لا تعلم ماذا سيقول لها؟ 
شعرت به يدخل ويغلق الباب، لم تتحرك ولم تهتم، اتجه آليها ووقف أمامها وقال "ألم تكتفي بعد؟" 
لم تنظر إليه وإنما ابتعدت من أمامه وقالت "أكتفي من ماذا؟"
أغمض عيونه من الصداع ثم فتحها وقال "من البعد"
لم ترد فاتجه إليها ووقف أمامها مرة أخرى وقال "رنين أنا أعلم أن الأمر لم يكن بسيط ولكن كان عليكِ أن تعرفيني جيدا وتعرفي أن الخيانة ليست من طبعي ولا ممارسة الحرام أيضا"
نظرت إليه وليتها لم تفعل فقد أدركت كم اشتاقت إليه وكم تشعر بالضعف يتسرب إليها بقربه ولكنها لم تضعف فاستدارت بعيدا عن جاذبية عيونه وقالت "ولكن أميرة يمكنها أن تفعل"
جذبها برقة من ذراعها وأعادها أمامه وقال "نعم أميرة، لذا هي من دبر ونفذ، أنا اعلم أني أخطأت لأني صدقتها لكن أقسم أنه لم يحدث بيننا أي شيء مما يمكن أن يكون قد لاح بخيالك، هي أسقطت العصير على الجاكيت وأخذته لتنظيفه ولكنها عادت وطوقتني بذراعيها لتسقطني فوقها على الفراش لأنها تقريبا كانت تعلم أنكِ ستبحثين عنا وستأتين بتلك اللحظ وتشاهدينا"
ظلت تنظر إلى ملامحه المجهدة حتى كادت تضيع بين ثنايا وجهه الذي اشتاقت إليه ولكنها ابتعدت وقالت "وقد أحسنت اختيار اللحظة بالفعل"
تنهد وقال "أعلم، رنين لابد أن ينتهي كل ذلك لأننا لن نمنحها لذة الانتصار، هي لن تفرقنا أليس كذلك؟" 
استدارت ونظرت إليه فاقترب وقال "لن أقول أنكِ لابد أن تعودي لأنكِ زوجتي وأنني أفرض عليكِ ذلك، لا، لن أفكر بذلك ولكني أقول أنني أريدك أن تعودي لمزرعتك التي هي حلمك وحلم كل من بالعزبة، وعمتي التي تعتبرك ابنتها وربطت حياتها بحياتك"
ظلت تنظر إليه والحزن بعيونها وقد تمنت لو سألته وأنت لماذا لا تخبرني أنك تريدني أن أعود من أجلك؟ لو قلتها لتركت العالم من أجلك وهرولت إليك ولكن لماذا لا تنطق؟  
ابتعدت ولكنه تبعها ووقف أمامها وقال بجدية "على فكرة أنا مجهد جدا ولم أنم منذ أيام نسيت عددها ولا أتحمل ما تفعلينه هذا، رنين أنا أريدك -ن تعودى ليس فقط من أجل كل ذلك وآنما لأني أريدك معي، أن تكوني زوجتي ونكمل سويا ما بدأناه، أريدك زوجتي حقا ليس تمثيلية من أجل أميرو تنتهى بمجرد رحيلها أو انتهاء المشروع وآنما لأننا نريد ذلك، أنا أريدك زوجة حقيقية لنهاية العمر فهل تقبلين؟"
يا الله! وأخيرا نطق ذلك الجبل! وأخيرا شعرت أنه يريدها، صحيح لم يخبرها أنه يحبها ولكنه يريد أن يربط مصيره بها فلا معنى آخر لذلك إلا الحب فقط يغلفه الكبرياء 
قالت بصعوبة "ولماذا تربط حياتك بامرأة وبحياتك سواها؟" 
أحاط ذراعيها بيديه وحدق بعيونها وقال "متى ستصدقين أنها ليست بحياتي ولا تعني لي أي شيء؟ هل تظنين أن بعد كل ما حدث يمكن أن أفكر بها لحظة؟ هناك أشياء كثيرة حدثت لا تعرفينها تجعلني أخرجها من حياتنا جميعا، أميرة تسير بطريق كله حرام في حرام ولولا أنها هربت قبل أن أصل إليها لكانت الآن بالسجن بتهمة لا تمثل إلا عار علي صاحبها"
أخفضت عيونها وقالت "كنت أعلم أنها ليست سوية"
هز رأسه وقال "نعم أعلم أني تأخرت في التصرف ولكني كنت أريدها أن تظل تحت نظري وتثق بي وتقع بالخطأ ولكن كان ما حدث"
تنهدت ولم ترد، ابتعد قليلا ثم تردد وقال "والآن لم تردي على طلبي أم أن هناك ما يمنع من موافقتك كوجود آسر مثلا؟"
نظرت إليه وقد أتى وقتها هي فقالت بصدق "آسر بالنسبة لي لا يمثل أكثر من صديق أو أخ كبرت ونشأت معه وتعلمت منه لكن ليس أكثر من ذلك"
عاد واقترب منها وقال "والزواج منه ألم يكن حلمك؟"
لم تتحرك وهي تلتقي بعيونه بشوق وقالت بصدق نابع من قلبها "لم يكن حلمي بأي يوم ولم أفكر به أبدا"
شعر بالراحة تسري إلى قلبه فتجرأ ورفع يده إلى شعرها وجذب الدبوس وترك شعرها يتهدل كماء الأنهار العذبة بسلاسة على كتفيها وداعب خصلاته وقال "وماذا عن كلماتك عنه؟"
شعرت برجفة تسري بجسدها وعيونها ما زالت عالقة بعيونه التي تسرقها من الواقع وقالت بضعف "كمجرد كلمات قيلت وقت الغضب وأنت الذي أثرت غضبي وقتها مع كل ما كان"
ابتسم ولم يجادل ثم عاد وقال "إذن لنعود للأهم هل تجيبي طلبي؟ هل تقبلين الزواج بي؟ 
أخفضت عيونها وقد استولى القلب على العقل وفاض بمشاعرالحب عليه فأغرق أفكار الغضب ولم يعد لها مكان، رفع وجهها فنظرت إليه فقال "إذا كان ما حدث ما زال يضايقك فأنا آسف وأعدك ألا يتكرر مرة أخرى، والآن ألن تجيبي سؤالي؟ هل توافقين؟"
تاهت بظلال عيونه في متاهة صعبة لا مخرج لها منها وشعرت كأنه خدرها بنظراته أو كلماته أو ربما أنفاسه التي اقتربت من وجهها وهمس "إذن السكوت علامة الرضا وأنا أكتفي به"
وللحظة شعرت أنه سرقها من زمنها وعاد بها إلى قصص الحب والرومانسية ربما روميو وجيولييت، قيس وليلى، المهم أنها لم تعد بالواقع خاصة عندما جذبها من خصرها إليه وقرب شفتيه من وجنتها وهمس "اشتقت إليكِ رنين، اشتقت إليكّ بجنون، لا تتركيني مرة أخرى"
أغمضت عيونها وتركته يشفي جراحها بقبلة صلح أعادته إليها وأعادتها إليه ولم تشعر بأنها أحاطت عنقه بذراعيها فمنحته لذه أكثر وسعادة أكبر وكأنهما عصفوران يطيران بسماء صافية زرقاء تشع بشمسها فوق العشاق تحيا بأنفاس الحب وتلقي بظلها على كل الأحباء وانسابت حرارة جسده إلى جسدها لتمنحها دفء اشتاقت إليه ..والتفت ذراعيه حول جسدها لتشعرها بالأمان بعد الخوف وتمنحه إحساس بعودتها له و-نها ملك له ولن تكون لسواه، وضاعت الأنفاس والتحمت الدقات حتى ابتعدا فالتقت النظرات 
همس بحنان بجوار وجهها دون أن يفلتها من بين ذراعيه "هل نعود؟"
لم تقو على النظر إليه ووجهها يشتعل من حرارة جسدها فهزت رأسها بالموافقة فقال بنفس الحنان "إذن لتجهزي"
ولكنها نظرت إليه وهتفت باستنكار "الآن! ولم ليس بالصباح!؟ الوقت تأخر وأنت متعب" 
ابتسم وقال "الآن لم أعد متعب"
ضربته على صدره بلطف وقالت وهي تبعده "كف عن ذلك، تناول العشاء أولا ثم نتناقش في موضوع السفر وأعتقد اننا لن نفعل فعمتي أكيد نامت ومنى أيضا"
أشعل سيجارته وتابعها وهي تذهب لإحضار الطعام وقد اطمأن قلبه لم فعل ولأنها ستكون له للأبد حقيقة وليس تمثيل 
جلس على طرف فراشها ثم تمدد عليه بانتظارها وهو سعيد وراضي بما كان 
كانت سعيدة بما حدث وأسرعت للخارج فلم ترى العمة، دقت بابها ودخلت ولكنها وجدتها نائمة عادت للمطبخ وأعدت له العشاء ثم رجعت وما أن دخلت حتى رأته نائما على فراشها، ابتسمت وتحركت تجاهه وجذبت الغطاء عليه ثم أطفأت النور وأغلقت الباب وتركته 
استيقظت مبكرة وكأنها لم تكن مريضة منذ أيام أو حزينة، نست كل ما كان وحكت للعمة ما حدث فابتسمت العمة وقالت "وأخيرا أحسن ابن أخي التصرف لأول مرة هيا دعينا نعود لبيتنا يا فتاه"
جهزت الإفطار ودخلت لإيقاظه فقد تأخر بالنوم، فتحت الستائر فداعب النور عيونه ففتحها ورآها تبتسم أمامه بعيونها البنفسجية وشعرها الغجري يزيدها إشراقا فاعتدل فى الفراش وقال 
"صباح الخير على أحلى عيون"
ابتسمت بخجل وقربت الطعام منه وقالت "أي صباح نحن بالعصر يا باش مهندس"
حدق بها وقال بذهول "العصر؟ هل نمت كل ذلك الوقت؟ لم أشعر بشيء"
قالت بنفس الابتسامة "نعم كنت في عالم آخر والآن هيا تناول الإفطار عمتي تتعجلك تريد الرحيل" 
كادت تنهض لولا أن أمسك يدها وقال "آلى أين؟ اجلسي لن تذهبي لأي مكان بعيدا عني، ليس بعد كل ذلك الفراق" 
جلست وقد فاجأتها كلماته ولكنها أسعدتها فاتسعت ابتسامتها وقالت "حاضر لن أفعل"
أنهى طعامه فقامت وتبعها وهو يقول "أريد أن أحصل على حمام وأذي شعر ذقني و.."
قاطعته "لا تفعل"
نظر إليها بدهشي ثم اقترب منها وقال "لا أفعل ماذا؟"
قالت بخجل "لا تزيلها إنها تليق بك، تزيدك وسامة"
ثم تركته وخرجت مسرعة بخجل واضح تابعها وابتسم بسعادة، إذن لن يزيلها طالما هي تعجبها وتليق به سيتركها من أجلها سيخترق الجحيم من أجلها
وأخيرا عاد الجميع إلى العزبة ومن الصباح التالي عادت إلى المزرعة بحماس جديد وسعادة واضحة وكأن ما فعلته أميرة كان لصالحها هي فقد أظهر آدم جزء من مشاعره أعادها للحياة
مرت الأيام هادئة وقد استمر رجاله في البحث عن أميرة ولكن كل المعلومات كانت ناقصة ولا تؤدي إليها بينما شعرت العمة بأن صحتها لم تعد بخير ولكنها لم تخبر أحد فقد كانت سعيدة بسعادة أولادها الذين لم تنجبهم 
كانت تتحدث مع عم صابر عندما لاحظت -دخنة سوداء تأتي من مساكن الدواجن، أسرعت هي وعم صابر والكثير من العمال وتفاجأت عنما رأت النيران تشتعل بأحد المباني ..
أسرع الجميع وهي من بينهم يحاولون إطفاء المبنى وطلبت من صابر أن يتصل بالمطافئ ففعل، رأت هي أحد العمال وقد حبسته النيران بالداخل ولم تجد أحد حولها ليساعده فلم تفكر وأسرعت إليه بالداخل دون أن تلاحظ اشتعال النيران حولها من كل مكان 

تعليقات



<>