
في أحد النوادي الشهيرة
وقف يرتشف كوب من العصير مع صديقه العزيز هاني كان رفيقه أيام الشقاوة والضياع والأن هو
رفيقه أيضا ولكن سبحان من يغير ولا يتغير بعد إصابة والد هانى إصابة شديدة ألزمته التقاعد وجد هانى نفسه مسؤول عن أمه وزوجات أبيه الاثنتين وجيش من الأخوة والأخوات فقرر هو الآخر إعادة تنظيم حياته ليرافق أحمد في جلسات العلاج وبعدها إهتم بأخواته وعمل في معرض السيارات التي يملكه أبيه ليصبح هو الآخر رجل مسؤول يجتمع مع أحمد كل أسبوع في النادي لممارسة لعبتهم المفضلة ( البلياردو)ويتشاركان الذكريات والضحك وايضا الهموم.
والأغرب أن هذان الأعزبان قد تركا كل لهو الماضي بما فيه الفتيات فطاولتهم التي كانت دائما عامرة بالفتيات أصبحت خالية وتمر عليهم الحسناوات وكل وتحاول جذب إنتباههم لكنهن يفشلن دائما فاحمد وهانى قد اكتفيا.أو ربما أرادا تغيير كل شيء من الماضي.
هانى وهو يضرب الكرة بالعصا: مالك يا أحمد مش مركز ليه هيا طنط أمنية مضيقاك في الشغل ؟
أحمد: لا دا العادى من أمنية هانم حتى خلاص إتعودت على سخافة هايدي كمان.
هانى: مش مصدق كنت هتموت على هايدي مش عارف إيه إللي إتغير.
أحمد: كل شيء إتغير وأوله نظرتى للكل فشفت هايدي على حقيقتها إنسانه سخيفة بدرجة تخنق ومتسلطة.
هانى: طيب إيه الجديد في الشغل ؟
يضرب أحمد الكرة لتسقط في الجحر ثم بعدها يعتدل ويقول: ولا حاجه بس بصراحه في حاجه شغلتني يا هانى عمرك شفت واحدة تبتسملك أحلى إبتسامة تشوفها وعيونها مليانه بالدموع وبعدها تكتشف إنك مش سبب دموعها ولا إنت سر إبتسامتها.
هانى: ده لغز وإلا إيه على العموم هقولك دى عرفت الطريقة إللي تشغلك بيها.
أحمد باستنكار: لا لا مش دى هيا أصلا مش عارفه إنى صاحب الشركه دى بتظن إنى موظف عادي.
هانى: وإنت صدقت إنها ماتعرفش أحمد صاحب الشركه إللي بتشتغل فيها
أحمد: تصدق دى بتحسبنى موظف في شؤون العاملين تصدق دى.
هانى: في رأيى خد بالك منها ولا هيا عجباك.
فيضحك أحمد ويقول: لا دى مش زي البنات التانيه لا في لبسها ولا في شكلها دى على رأى عبدالله حالة إنسانية وبس.
**********************************
بعد أسبوع تم توزيع نشره بين المكاتب والعاملين وكل من يقرأها يستعجب منها حتى وصلت ليد ياسمين لتستعجب هى الأخرى فمكتوب في النشرة ( تعلن إدارة الشركة عن رحلة عائلية مجانيه للموظفين في الشركه لزياره معالم القاهره الأثرية وتتضمن زياره الاهرامات والمتحف المصري وتختتم الرحلة برحلة نيليه على إحدى السفن السياحية.
كل العاملين يؤكدون أنها المرة الأولى التي تقوم بها الشركة هذه الرحلات فرحلاتها السابقة كانت من نوع خاص بكبار الموظفين ورؤساء مجلس الإدارة وتكون رحلات خارج البلاد وباشتراكات ضخمة.أما رحلات عائلية ومجانيه فهذا أمر جديد.
*****************************
كان شعور ياسمين بسعاده غريبه لا تعرف سببها لكن إحساسها بأن هذه الرحلة من أجلها جعلها تكاد تطير من الفرحة لكنها أجبرت نفسها أن تفيق ولا تتوهم فما حدث مجرد صدفة فالمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين ولن تبنى أحلام على أوهام.
*****************###**######*
بعد يومين جالس على البيانو الأثرى الفخم يعزف ألحان لا معنى لها لكنها مجرد رغبة في الهدوء والراحة وأمنية داخليه في أن يظل هذا الصفاء النفسي لساعات.وأمنية أخرى تدفعه أن يذهب إلى الاهرامات ليرى ما تفعله ياسمين وما ردت فعلها بعدما حقق لها أمنيتها البسيطة.ليقطع عليه صفائه صوتها المستفز.
هايدي: واضح إن دروس البيانو إللي أخدتها زمان كانت بلا فائدة فعزفك سخيف وبلا معنى
أحمد: مش مجبورة تسمعى لعزفى.
هايدي: والله قرارك الغريب بالرحلة السخيفة هو السبب فمضطرة أقعد في البيت وأسمع عزفك النشاز.
أحمد: والله أنا حر في قرارتى
هايدي: لو تخصك وحدك إنت حر لكن دى تخص طنط معاك وإلا إنت نسيت إنها شريكه معاك في الشركه.
أحمد: طنط دى تبقى أمى وعلى العموم الرحلة السخيفة دى تبقى على حسابي الخاص مش هتأثر على حساب طنط.عن إذنك.
ليأخذ مفاتيح إحدى سياراته القديمة ويخرج.
أما هايدي فتشعر بحزن فكلما بدأت حوار مع أحمد ينتهي بصراع بينهما.نعم تحب أحمد الجديد تعشق جديته في العمل لكن بها رغبة شديدة وحنين لأحمد القديم وشقاوته وحبه الملتهب الذي كان يغمرها به كل الوقت.
أمنية هانم: فين أحمد يا هايدي:
هايدي: خرج يا طنط حتى ما إتغداش معانا.
أمنية هانم: مش تزعلي يا هايدى أنت عارفه أحمد بيحبك قد إيه بس محتاج معاملة مختلفة.
هايدى: أعمل إيه أكتر من كدا سبت أهلى وعشت معاكم واشتغل معاه في نفس الشركه يعني معاه ٢٤ ساعة في اليوم أعمل إيه تانى.
فين أحمد إللي كان بيتمنى منى نظرة واحدة
أمنية هانم: كل شيء إتغير يا هايدي وأحمد مش أحمد بتاع زمان.
***************************
في منطقة الأهرامات وقف بسيارته بعيدا يراقب الموظفين عند الأهرمات وعيونه تبحث عنها يريد أن يراها تضحك وتلعب يريد أن يراها منطلقة مثل باقي الموظفين حتى يشعر بأن قراره كان صحيحا.لكنه رأها جالسه على أحد الاحجار الضخمة وظهرها للأهرامات وتائهه في دنيا غير الدنيا فشعر بضيق أكثر وأكثر ورحل مسرعا من المكان ولو انتظر عشر دقائق لرأى سلمى تسحبها لتجلس مع الفتيات اللائي يضحكن ويغنين ولرأى ياسمين تصفق معهم وتضحك.
عائد من عمله فلمحها تسير وحدها وهي شارده لا يعلم لماذا يهتم بها ربما لأنها من ناحية عبدالله صديقه ويشعر بالشفقه عليها.فأوقف السيارة بجوارها وناداها: ياسمين
فإلتفتت إليه لتفتح عيونها عن أخرها وهي تنظر لسيارته بإنبهار: دى عربيتك ؟
فابتسم بهدوء وقال: إيه رأيك حلوه ؟
فتقول بإندفاع:دى أحلى عربية شفتها في حياتي
فيضحك ويقول ' : مش للدرجة دى المهم إنتى ماشيه على فين ؟
ياسمين: على ببيتى بس بتمشي لحد محطة المترو
أحمد: ياسمين المترو على بعد ثلاثة كيلو هتمشى ثلاثة كيلو يا ياسمين مستحيل!
ياسمين: عادى أنا إتعودت.
أحمد: بدهشة: يعني إنت بتمشي كل يوم تلاته كيلو ليه التعب ده غير إنك طول اليوم بين المكاتب دا عذاب.
فتقول ببساطة: أكل العيش وأنا قلت إنعودت خلاص.
أحمد: ممكن أسألك سؤال.
ياسمين: اكيد
أحمد: إنت مرتبك كام في الشهر ؟
ياسمين ببساطة: ٣٠٠ جنيه
أحمد: مستحيل دا الفراش راتبه أكبر منك مين الغبى إللى حدد لك الراتب ده ؟
ياسمين بغضب: لو سمحت ما تشتموش حضرتك مش فاهم حاجه.
أحمد بغضب ؛: مش فاهم إيه إنك بتشتغلى في الشركه من أكثر من ست شهور ببلاش تقريبا قولى مين الغبى إللى حدد لك الراتب ده ؟
ياسمين: أحمد بيه صاحب الشركه.
فينظر لها أحمد بزهول وقد عجز عن الكلام فتكمل ياسمين: بس مش تظلموا أحمد بيه قال إنى لو أثبت كفائتى في الشغل هيتم تثبيتى وزيادة الراتب.
أحمد بسخرية من نفسه:وإنتى لسه ما أثبتى الكفاءة واضح إنه نسيكى خالص.
فتندفع ياسمين بغضب: حضرتك مش فاهم حاجه ومش عارف أحمد بيه زي ما أنا عارفاه فلو سمحت كفايه كده.
ليفتح عينيه عن أخرها في زهول شديد ويسألها في فضول: إنتى تعرفى إيه عن أحمد بيه أنا مش عارفه ؟.
فتجيب بثقة: أحمد بيه أكتر شخص طيب وشهم قابلتوا في حياتي وإن شاء الله ربنا هيفتح له أبواب الرزق والخير.
لم يقاوم أحمد إبتسامته ليبتسم ويقول: إنت بتدعى له.
ياسمين: يستحق أحمد بيه إنى أدعي له كل صلاة مش تستغرب أنا ظروفي كانت صعبة جدا وحسيت بإحراج الاستاذ عبدالله وهو بيسأل عن أحمد بيه أول مرة وده أكد ليا إن ما فيش شغل ليا من الأساس وإن الاستاذ عبدالله هيخرج ويقول أنا أسف يا ياسمين المرة الجاية هتشتغلى لكن ده ما حصلش بعد خمس دقائق بالضبط اشتغلت في الشركه عارف يعني إيه واحدة زيى تشتغل بعد خمس دقائق.
أشار لها أحمد بعيونه فقد عجز عن الرد.
فتكمل:كل سنه بيتخرج الملايين وفيه غيرى ألاف مش لاقين شغل ولوحصل وإتقدموا بيتذلوا في تجهيز أوراق وتدريب ومقابلات وبعدها تتقتل كل أحلامهم ويخرجوا زى ما دخلوا ما يخدوش إلا الذل والإحباط ربنا ما يوريك كسرة النفس أد إيه بتوجع واسألنى لأنى أكتر واحدة إتكسرت نفسها.وأنا عارفة ومتأكدة إن أحمد بيه لا يمكن ينساني.
ليقول أحمد في نفسه: آه لو تعرفي إن أحمد ما كانش فاكرك من أساسه.
لينتبه أن ياسمين قد رحلت فيلحق بها بسرعه: إنت زعلتى.
ياسمين: لا أبداً ما فيش سبب الزعل.
أحمد: عشان أتأكد إنك مش زعلانه اسمحيلي أوصلك بالعربيه .
ياسمين بخجل: ما فيش داعي يا أستاذ أحمد المترو قريب مش تعطل نفسك
لكنه أصر فإضطرت ياسمين أن توافق لتركب سيارة أحمد الفارهه لكنها أصرت أن يقف أمام محطة المترو لتخرج وتلوح له ثم ترحل دون أن تنظر ورائها ولو نظرت لرأت أحمد يلوم نفسه بسببها ( إنت مش عاجبك لبسها ولا شكلها وبغباءك محدد لها مرتب مايكفيش العيش الحاف الحمد لله إنها ما ماتت كان ذنبها هيبقى في رقبتك..
بعد أسبوعين حرص أحمد ألا يرى ياسمين فيهم حتى أتى اليوم الموعود الذي يحبه ويكرهه كل الموظفين وهو أول يوم في الشهر.فقد توجهت ياسمين إلى الخزينه حتى تتقاضى راتبها فيطلب منها المحاسب الذهاب لشؤون العاملين وهناك مضت على بعض الأوراق وعادت إلى الخزينة ليقدم لها المحاسب مبلغ٨٥٠جنيه( الاحداث في عام ٢٠٠٧كانت الرواتب قليلة لكن الحياة كانت رخيصه جدا فقد كان كيلو اللحم بأقل من خمسين جنيه وجرام الذهب بحوالي سبعين جنيه) وعندما سألته أجابها بأنها مضت عقد التعيين والتثبيت في الشركه وهذا راتبها وأن أمر التثبيت في الشركه صدر من شهر وسيتم إضافة الفترة السابقة إلى ملفها حتى تستفيد من الحوافز السنوية وبالرغم من أنها لم تفهم نصف ما قاله إلا أنها كانت شديدة السعاده لتجد أحمد في وجهها لتعرض أمامه راتبها في سعادة وتقول: شفت يا أستاذ أحمد مش قلت لك أنا واثقة في أحمد بيه النهارده تم تثبيتى بصورة رسمية ومرتبى زاد كمان شايف.
فيهنؤها أحمد: ألف مبروك واضح ان وشى حلو عليكي.
فتجيب ببراءة: حلو أوي أوي.
فيضحك أحمد ويقول: طيب فين الحلاوه بتاعتى بمناسبة زيادة الراتب.
فتقول ببساطة: إللى هتأمر بيه هجيبوا لك تحب تشرب إيه.
فيرد ممازحا أشرب إيه يا بخيله إحنا قربنا من البريك وهموت من الجوع.
فتقول: خلاص هعزمك والغداء النهاردة على حسابي.
أحمد: خلاص موافق الغداء النهاردة على حسابك هستناكى على أول الشارع وقت البريك سلام.
وقت البريك في فترة الغداء
وقفت ياسمين أول الشارع أمام المطعم البسيط القريب من الشركة لتتفاجئ بأحمد في سيارته يطلب منها الركوب فهو لا يأكل في هذه الأماكن لتركب معه فيأخذها إلى مطعم شديد الرقى والذي لا يتناسب مع بساطة مظهرها.كان يسير بغرور وثقة بينما كانت تتلفت مبهوره بكل ما تراه فلم تحلم أبدا أن تدخل مكان بهذا الرقي والجمال .حتى أجلسهم الويتر على طاولة راقيه فجلس أحمد يراقبها بتسليه على سذاجتها الشديدة فقد قرر أحمد أن يعرفها حقيقته وأنه صاحب الشركه بعد الغداء ليجعل لها ذكرى حلوه فى هذا اليوم.
أتى الويتر يحمل المنيو الخاص بالطعام لينفجر أحمد بالضحك عليها وهي تقرأ أصناف الطعام بطريقة ساذجة ومضحكه وواضح أنها فاشلة في اللغة الإنجليزية لكنه صمت حينما رأى وجهها الذي تحول للأحمر القانى بسبب شدة إحراجها فأشفق عليها وقال: تحبي أختار لك على ذوقي فتجيب برأسها فقد أنقذها من هذه الورطة فتسمع له بإنبهار يقول: مقبلات ( راڤيولى بالذبدة البنية مع البندق) (طبق إيطالى) طبق رئيسي (ستيك مشوي بصلصه البستو مع (الروزيتو طبق إيطالى)والحلو مولتن كيك الشكولا مع أيس كريم الفانيليا.
فتحت فمها على الأخر هل ما يقوله طعام يؤكل في مصر أين الطواجن وأين المحاشى وهل سمع عن إختراع أسمه ( الملوخية).
ليقطع أفكارها الويتر وهو يضع الطبق الأول.
ياأهل مصر لقد هبط الراڤيولى من كوكب المريخ هذا ما قالته وهي ترى طبق بداخله قطعتين دائرتين لونهم ابيض ولأنها ياسمين فقد ربطت بين الرافيولى والرقاق المصري فكلاهما معجنات ولونهما أبيض لكنها لم تستوعب حشو الراڤيولى بالجبن فلخصت كل هذا الإبداع بسنداوتش جبنه.
فلتستعد الجيوش للطبق الرئيسى إستيك مشوي مع الروزيتو.لتنظر إلى الطعام بضيق فمن المجنون الذي يأكل أرز معجن فقد عملت في المسمط لسنوات لم ترى فيهم أرز معجن أبدا والأعجب اللحم المغطى بطبقة خضراء من الثوم والريحان أما أحمد فقد استغرب أنها لم تأكل من المقبلات ولا الطبق الرئيسي فسألها: الأكل مش عاجبك .
فتقول بدهشة: مين في الدنيا دي بياكل لحمه خضرا ورز معجن.
ليخفى وجهه بكفية وقد إنهار من شدة الضحك حتى أن كل الموجودين إنتبهو لضحكاته الشديدة ليعرض عليها طعام أخر لكنها ترفض بشدة.
ليأتى بعدها الحلو مولتن شوكولا وأيس كريم ڤانيليا ما إن لمست الكيك حتى ذابت مع الشكولا الذائبة فمن منا لا يعشق الشكولاتة فقد أعجبها بشدة وأسعده أنها تأكل بإستمتاع.
بعد لحظات بدأ عقلها في تجميع حساب الوجبة فبعد ساندويتش الجبنة واللحمه الخضراء والأرز المعجن فأكيد الوجبه كلها لن تزيد عن خمسين جنيه وعلى الاكثر سبعين جنيه فقد أصرت أن تدفع هى لأنها من عزمته عندما أحضر الويتر الفاتورة تفاجات بمبلغ ٥٠٠ جنيه أما أحمد فقد إنتظر دقيقه ليستمتع برد فعلها فقد توقع فضيحه فى المحل لكنه تفاجأ بها تخرج راتبها من حقيبتها وتقدم للويتر المبلغ لينتفض بسرعه حتى يدفع الحساب قد ضاعت نظرة التسليه من عينيه لكنها تصر فهى صاحبة الاحتفال وهي من ستدفع ليرى في عينيها نظرة ألمته بقوة نظرة من سرقت منه فرحته فقد زاد راتبها من ساعة ليجعلها تدفع كل الزيادة في وجبة لم تتناولها.لذا فقد أخرج حافظة نقوده وسحب منها ألف جنيه وقدمه لها لتنظر للمال وتقول:عيب يا أستاذ أحمد أنا إللي عزمتك وعيب ترد ليا تمن العزومه خلى فلوسك في جيبك لتقوم وتسبقه للخارج لتسقط من عينيها دمعه وحيده وتمسحها بسرعه.
عشرون جنيه فقط عشرون جنيه مبلغ تافه لا يساوي شيئا قد يدفعه للسايس في الجراچ مقابل ركن سيارته أو ربما كبقشيش لاحد عمال المطاعم بعد تناول وجبة راقيه لكن من يصدق أن هذا المبلغ البسيط يساوي عنده متعة وراحة وسعاده يشعر بها أحمد كل يوم فبعد موقف الغدا السخيف جدا فكر أحمد كثيرا في طريقه يعوض بها ياسمين عن المبلغ الذي دفعته مقابل الغداء وفلو صرف لها مكافئة في العمل لأصبح مكشوفا جدا لذلك قرر أن يعوضها بأن يدعوها لتناول الغداء معه لأسبوع كامل وهذا الاسبوع كافى جدا وبعدها ينهي هذه اللعبة السخيفة ويعرفها أنه صاحب العمل وأنها موظفه في شركته .
وبالفعل فى اليوم التالى لحقها وقت البريك ليدعوها لتناول الغداء معه لكنها إعتذرت وقالت: أسفه أوى يا أستاذ أحمد بس بصراحه أنا ما حبتش المطعم إمبارح والأكل كمان غريب انتوا بتاكلوا الحجات دى إزاي.
فيتفاجأ برفضها: طيب لو مش عاجبك نروح مكان تاني.
ياسمين: روح إنت بالهنا والشفا وماتعطلش نفسك عشانى أنا عارفة إنك بتعمل كده عشان عزومة إمبارح بس أنا مش زعلانه والله.
لتتركه وترحل في حين عقله لم يستوعب أنها رفضت دعوته لها ولأول مرة في حياته يدعو فتاة وترفض دعوته ليكتشف أنه يراقبها وهي تدخل أحد المحلات الشعبية وتخرج حامله كيس فيه الطعام لتتجه لأحد الحدائق العامة المطلة على النيل لتجلس على منضدة تحت شجرة كبيرة وتفتح الكيس وتخرج شطيرة الفول ليتحرك بصورة أليه ويجلس بجوارها لتبتسم وتمد له بشطيرة فيبتسم ويأخذها منها.
لكن الاسبوع أصبح أسبوعين فشهر فشهرين وحتى الأن لم يكتفي أحمد لم يصدق أنه سيجد كل هذه المتعة مع هذه الساذجة البسيطة حتى أنه أصبح عاشق لساعة البريك ينتظرها بفارغ الصبر ليتجها معا إلى أحد المطاعم الشعبية ليشتروا عدد كبير من شطائر الفول والفلافل اللذيذه ويتجها معا لأحد الحدائق العامة المطلة على النيل من يصدق أن أحمد بيه حفيد إبراهيم باشا توفيق يصبح عاشق للفول والفلافل يجلس بجوار فتاة بسيطة الملابس هادئة الملامح في حديقة عامة متخليا عن چاكت البدلة وربطة العنق وحتى عن سيارته الفارهة ربما لم يعلم أن ياسمين قد إستخدمت سحرها معة ومستغله موهبتها الخارقة في الإنصات إليه فيحكى ويحكى دون أن تمل من سماعه يحكى عن شقاوته في طفولته وعن مرحه في شبابه ومغامراته التي لا تنتهي وهي تسمع له بعيون مفتوحة براقة مبهورة بكل ما تسمعه تبتسم مع إبتسامة تضحك لمواقفه المجنونه وتكاد تجن من طيشه وتهوره.
تمنى أنها تعرف حقيقته حتى يحكى لها عن ما في قلبه من ألام وهموم يحكى لها عن غبائه وعن وحدته ويحكى عن أمه وهايدى النسخه المصغرة عن أمه.وكيف تحول الحب في قلبه لكراهيه لأن قلبه لم يبقى على حاله لا يعلم لماذا يشعر بالراحة مع هذه الفتاة بالذات دون غيرها ربما لأنها أعادت له شئ من الطفوله عندما كان يهرب من المدرسة ليتجول في الشوارع بدون حراسة أو سيارة كشخص عادي.فهو يجلس كأحمد فقط بدون شركة أو أموال أو ألقاب لم يتمالك نفسه من الضحك عندما تذكر أول طبق من ( الكشري) المصري الشهير عندما أصر على تغيير الشطائر لتدعوه لتناول هذه الكارثة الحارقة اللذيذه فقد كادت أن تموت من الضحك عليه وهو ينفخ من الشطه لينهار من الضحك وهو يذكر دخولهم ( المسمط) لتناول فته وكوارع فبعد تناوله هذه الوجبة الرائعة كاد أن يموت عندما عرف أن الكوارع هى أقدام الحيوان وبعد لحظات من الضحك المتواصل على هذه الذكريات إنتبه للعيون التي تراقبه بدهشة فقد غرق في بحر الذكريات ونسى أنه في إجتماع مجلس الإدارة يناقش مع أمه وهايدى المشروعات الجديدة ليقول في نفسه:شكلى إتجننت من أكل الفول منك لله يا ياسمين.
ليقول بجدية: أسف يا جماعه نكمل إجتماعنا
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
ماما يا ماما إستنى يا ماما ما تروحيش بعيد.
يسمع الناس في الشارع هذه الصرخات ويرون فتاة تجرى بسرعه وتحاول اللحاق بأتوبيس مسرع تحاول اللحاق به لكنها تفشل فتقع على الأرض وتصرخ بصوت عالى وعيونها متعلقة بالأتوبيس البعيد: يا ماما إستنى....... يا ماما ما تبعديش ثم بصوت باكى مخنوق ضعيف يا أمى بموت..... والله بموت من غيرك ....... ثم بألم وصوت متعذب أبوس إيدك نفسى أشوفك ولو لمرة واحدة لتنهار بالبكاء بصوت عالي فيتجمع الناس من حولها من يشفق عليها ومن يريد مساعدتها وايضا وللأسف من ينتهز الفرصة في التلامس القذر فحاول البعض مساعدتها على الوقوف لكنها بلا أى قدرة على المقاومة فسندها البعض حتى ترتاح على أحد الكراسي بجانب الطريق .كانت تناظر الجميع بعيون باكية وجسد منهار فما أن رأت تلك المرأة التى ترتدى عبائة سوداء وتحمل طفله صغيره على كتفها حتى ظنتها أمها وجريت حتى تلحق بها لكن المرأة ركبت الاتوبيس ورحلت ليضيع الأمل من ياسمين وتنهار كالعادة ليخترق الجميع صوت رجل يقترب منها ويقول بحنو وعطف: انتروها شوي راح ترتاح وتصير منيحه.
وبدأ في تفرقة الناس من حولها ثم أقترب منها وقال: كيفك: هلا صرت منيحه ؟ فنظرت إلى عيونه الخضراء وهزت رأسها بالايجاب دون أن تتكلم.
فقال: أنتورينى هون شوى راح أتى بإنينه مى) سمعانى ما راح أتأخر دئيئة واحدة okay فتهز رأسها ليتجه لأحد المحلات بينها بدأت هى تستوعب وتستعيد وعيها وتسترجع ما حدث لتقوم بخطوات مهزوزة وهي تستند على واجهة المحلات لتشير لإحدى سيارات الأجرة لتركبها وتعود لمنزلها حزينه ومحطمه كعادتها كل مره تخرج فيها للبحث عن أمها وإخوتها
#########################
تجلس إلى جواره في ركن بعيد في الحديقه العامه تتناول الطعام في شرود على غير العادة عيونها حزينه أكثر من العادة بسيطة لكنها مميزة جدا في بساطتها تمنى للحظه أن يدخل عقلها ويعرف سر حزنها الشديد فبالرغم من مرور أكثر من شهرين يتشاركا فيه ساعة يوميا يتناولان الغداء معا وقد يزيد الوقت فيوصلها حتى محطة المترو إلا أنه لا يعرف عنها أى شيئ تتحدث دائما عن عبدالله باحترام وتقدير شديد وعن زوجة عبدالله وابنته وكأنها لا تري في الدنيا إلا عبدالله وبس وقليل ما تتحدث عن أهلها وإن ذكرتهم تذكر اشتياقها لهم وكل كلامها بصيغة الماضي البعيد هذه الفتاة سر.فحاول يستدرجها بالكلام لكنها كعادتها تهربت منه وقالت: تعرف إن فيه حرب كبيرة هتقوم في الشركه ؟
فسألها مستفسر: حرب......حرب إيه؟
فتقول: هايدي هانم هتقتل أحمد بيه.
فيرفع حاجبيه بدهغ: مش فاهم!
فتقول: ظهرت صورة له فى مجلة مع ممثلة مشهوره وهما في حفله وكل الموظفين بيقولوا الحرب هتكون شديدة والضحية أكيد الممثلة لأن هايدي هانم هتقتلها وترمى جثتها في النيل.
فنظر أحمد بوجوم شديد فما قالته ياسمين صحيح فهايدى تتعمد إثارة المشاكل مع كل إمرأة يتعرف عليها وتفرض عليه حصار خانق وربما كان هذا أحد الأسباب إخفاء حقيقته عن ياسمين حتى يهرب من حصار هايدي السخيف.
فقال بفضول: وإنتى عرفتى من مين ؟
فترد ببساطه: من سلمى دى مجنونه بحاجتين الكمبيوتر وأحمد بيه تقريبا كل أخباره بنعرفها منها
- وإنت شفتى صوره أحمد بيه في المجلة ؟
فأجابة ببساطه: طبعا لأ الله الغني أنا عمري ما دخلت مكاتب المديرين أو حتى طلعت الدور السابع وبصراحه أنا مرتاحة كدا.
فابتسم أحمد بسخرية: فهذا سبب عدم معرفتها له حتى الأن فى البدايه تمنى أن تعرف حقيقته لكنه الأن يخاف من هذه اللحظة يخاف أن يضيع السحر الذي يشعر به معه.يكره أن يرى الخوف منه في عينيها يريدها أن تتحدث معه بنفس بساطتها بلا تكلف أوعقد أو رسميات تناديه بإسمه بدون ألقاب تنتقده على أخطائه بلاخوف تبتسم في وجهه بلا رياء ولا نفاق يريد أن يكون أحمد فقط بدون رسميات.ليسألها سؤال يلح عليه: ياسمين إنت مرتبطة ؟
لتنظر له في ذهول لتكتشف أنها لم ترتبط أبدا حتى المرة الوحيدة التي ظنت أنها أحبت أحبت الأستاذ حسن كان بالنسبة لها الاستاذ حسن حتى في أحلامها الساذجة تناديه بالاستاذ حسن وأقصى أحلامها عن الرومانسيه أن تعد له كوب من الشاي ويبادلها الرومانسيه بسلامة عليها ويدها مملؤة برغوة الصابون.فضحكت على سذاجتها الطفولية وخاصة إنتهت أحلامها الساذجة وهي تقدم المشروبات إلى الضيوف في حفل خطوبتة.
يبدو أن أحمد يئس من إجابتها لكنها إنتبهت لكلامه فقالت بدهشة: هتسافر!!!!!!!
أحمد: أيوة بعد ثلاثة أيام.
لتسأله بسرعه: ليه.... ثم إنتبهت فقالت ....أقصد فين؟
أحمد: باريس في فرنسا.
فلمح نظرة حزن فى عينيها.فقال عشرة أيام بس.
إنت عارفه أحمد بيه هيسافر لعقد صفقة شغل هناك ولازم أكون معاه.
فقالت: ربنا يوفقة ويكتب له الخير ويحقق له كل أحلامه.
فيبتسم ويقول: أيوة يا بختك يا أحمد بيه بتاخد أحلى الدعوات من ياسمين.
فتقول: ربنا يوفقك إنت كمان ويفتح لك كل أبواب الخير وترجع لنا بالسلامة.
فيبتسم لها ويقول: دعواتك حلوة اوى ممكن تدعى ليا كتير.
فهزت رأسها موافقة.
فقال: تحبي أجيب لگى إيه من فرنسا
لتقول: أنا مش عاوزه حاجه
أحمد: ازاى باريس أرض الجمال والسحر والموضه اكيد عايزة مكياج أو عطور أو حتى فستان لينتبه أنها لا تضع أى مكياج ولا عطر ولا ترتدي ملابس فخمه فهى كتله من البساطة.فإبتسم لها وقال: هختار أنا هديتك بنفسى وعلى ذوقي.
بعد أسبوع
في وفى قسم الاطفال بعد أن انتهت من الكشف على المرضى ومرت على قسم الجراحات لإطمئنان على حاله طفله صغيره اجرت جراحة صغيره في القلب. دخلت الدكتور سارة (زوجة عبدالله)غرفة الأطباء أخيراً لترتاح قليلا فدخلت عليها العاملة لتخبرها أن هناك من يسأل عليها وعندما سمحت لها بالدخول وجدتها ياسمين تاففت
سارة بضيق فحتى الآن لم تتقبل وجود ياسمين في حياتها ولكنها حاولت التعايش مع وجودها المفروض في حياتها. أما ياسمين فقد جلست في خجل وتوتر فهذه أول مرة تجلس مع الدكتورة سارة لوحدهم أن
تتعامل معها بصورة مباشره ,قطعت سارة حبل افكارها بضيق وهي.
تقول:"خير يا ياسمين فى حاجه؟
ياسمين وقد إحمر وجهها:أسفه يا دكتوره إنى جيت لك الشغل .وأسفه إنى جيت من غير ميعاد.
سارة بتافف.:من غير مقدمات خير أنا مش فاضيه
ليكي.
ياسمين وقد إحمر وجهها بشدة: كنت محتاجه مساعدتك .
سارة بدهشة: مساعده منى انا وأنا هاسعدك فى إيه؟فتخرج ياسمين من حقيبتها مبلغ 900جنيه وتضعه أمام سارة.فتقول ساره: إيه الفلوس دي أعمل بيهم إيه؟
فتجيبها ياسمين: يا دكتورة أنا عايزة أشتري لبس.
سارة بغضب: إنتي عايزة تشتري لبس! وأنا مالى ليه جايه عندي في الشغل دى حاجة تخصك ما يهمنيش.
ياسمين بصوت ضعيف: أنا عايزاك تشتري ليا اللبس.
سارة بغضب أشد: إنتى إتجننتى عيزانى أنا أخرج أشتري لك لبس ما تشتري لنفسك
ياسمين بحزن: أنا عمري ما إشتريت لبس فى حياتى كلها ( فنظرت لها سارة بدهشة مع شفقة) لتكمل ياسمين: ماما كانت بتشتري ليا لبسى وأنا صغيره ولما كبرت شويا حصلت لبابا الحدثة وفقد بصرة وفقدنا مورد رزقنا فكانت جمعية خيرية بتقدم لنا اللبس والجيران كانوا بيعطونا إللي بيستغنوا عنه ليا ولأخواتى.بس أنا معايا فلوس بحوش فيهم من خمس شهور وبمشى كل يوم أشوف في المحلات حجات حلوة بس مش عارفه أشتري أو أختار.
سارة وقد هدأ غضبها وحل محله الحزن والشفقة: وليه جايه عندي ليه ما إخترتيش حد من زميلك في الشغل.
ياسمين: أنا ما أعرفش حد غيرك أطمن له عمري ما خرجت مع زمايلى في الشغل ليكمل عقلها ( ما عدا أحمد) لكن إنت حاجه تانيه
سارة: مش فاهمه حاجه تانيه إزاي ؟
ياسمين: عمري ما شفت حد في طيبه قلبك إنت أول واحدة فتحت ليا باب بيتها بعد ما خرجت من السجن عطفتى عليا عمرى ما هنسى أنى نمت أول يوم ليا في بيتك.إنت والاستاذ عبدالله عوض ربنا ليا عن أهلى وبحمد ربنا كل يوم إنكم في حياتي تعرفي نفسى أكون زيك في جمالك وشياكتك شعرك جميل عينيكي جميله لبسك جميل كل حاجه فيكي حلوه أوى أنا عارفة إنى مش حلوه بس نفسي أكون حلوه زيك
نظرت لها سارة بدهشة هل ترانى هذه الفتاة بهذه الصورة المثالية أم تلعب لعبه ماكرة لكن أى مكر فعيونها صادقة جدا ونبرة صوتها كلها صدق من يصدق أن هذه الفتاة قضت ما يقرب من ست سنوات في السجن ولم تلوث وكأنها سجنت على جزيرة وحدها لتخرج كما دخلت بريئه حد السذاجة من يصدق أنها عاشت مع القتله وتجار المخدرات.
لترفع سارة سماعه الهاتف وتتصل بمدير المستشفى وتستأذن بأخذ باقي اليوم أجازه ثم تقول: قومي بسرعه نلحق المحلات قبل أن تقفل.
###############################
وبعد قضاء عدة ساعات بين المحلات إختارت لها سارة ملابس بألوان هادئة تناسب شخصيتها الرقيقة محتشمه عدة أطقم للعمل وفستان رقيق باللون الوردي له حزام جلدي باللون الابيض يظهر خصرها الدقيق وبنصف كم بدت فرحت به ياسمين بشدة بدت كطفلة صغيره ترتدي فستان العيد.
وإختارت لها فستان أخر لونه أسود ضيق وجريئ جعلها أنثى حقيقة.
ثم سحبتها إلى أحد مراكز التجميل فبعد جلسات مكثفة للشعر وجلسة تقشير وتنظيف البشره أصبح وجهها رائعا ومشعا ولأن ياسمين أصرت ألا تقص شعرها متعللة بنصيحة أمها أن جمال المرأة في شعرها الطويل فطلبت سارة من أخصائية التجميل أن تساوي أطرافه وتجعد خصلاته في قصة بسيطة لتصبح ياسمين قطعة من القمر وقد أظهر المكياج جمال عيونها الزرقاء وشعرها الذهبي اللامع.
لكنها شعرت ببعض الغيره فعبد الله مجنون بياسمين بشدة وهي بملابس رثه ووجه مطفئ فماذا سيفعل عندما يراها وهي على هذا القدر من الجمال.لكن الغريب أنها إستمتعت جدا مع ياسمين وهي تختار لها ملابسها مكياچها كأخت كبيرة تختار لأختها الصغيرة وبعد هذه الجولة إصطحبت ياسمين لاحد المطاعم ليتناولا الطعام فقد إكتشفت أنها كياسمين تفتقد الصديقات وتفتقد الخروج مع صحباتها بدون زوجها وابنتها في يوم إجازة من مسؤولياتها كزوجة وام فقد شعرت بتجدد نشاطها وهدوء أعصابها وعادت إلى المنزل قد إشترت لها ملابس جديده.أيضا.
عادت ياسمين إلى البيت وهي طايره من السعادة فتحت الاكياس الكثيرة وأخرجت الملابس الجديدة الرائعة تنظر لكل قطعه بشوق أن تجربها وترتديها نظرت إلى علبة المكياج واكسسوارات الشعر والفستان الاسود القصير والذي لن ترتديه أبداً خارج المنزل ولكن لا يهم يكفي أنها سترتديه ليقف عقلها فجاه وتختفي إبتسامتها وهي تتخيل أمها تتسول من الناس طعامها وإخوتها يعتصرون من شدة الجوع وهم نائمون على أحد الأرصفة.لتنظر لها أمها بلوم وتقول:( إحنا هنموت من الجوع والبرد وإنتى بتشتري هدوم ب٩٠٠ جنيه يا ياسمين) لترمى ياسمين الاكياس في الأرض وكأنها أفعى سامه وهى تصرخ: مش عايزاهم يا أمى مش عايزاهم بس تعالى يا ماما تعال لأختك يا محمد أنا بحبك أوي يا مها يا أيه تعالوا لأختكم أنا بموت من غيركم أما الصورة البائسة لعائلتها بدأت تصغر وتصغر حتى إختفت لترمى نفسها على الأرض وهي تبكي بشدة وتضرب الارض بيديها حتى إحمرة ثم بدأت في جذب شعرها حتى أفسده شعرها وتلطخ وجها باللون الاسود من عينيها.وهي تقول ببكاء:ليه إشتريت دا كله.علشان
أ
كون حلوه في عينيه ليه فكراه هيبصِلِك
فوقي يا ياسمين حسن وهو مش غنى كان بيعطف عليكي عايزه إلى أغنى بكثير من حسن يبُصلك فوقي يا ياسمين سوكة قالت زمان:ولو واحد بيمسح
جزم جالك وافقي عليه وبوسي إيده كل يوم إنه إتستر على واحدة زيك رد سجون
:ماقلتش واحد غنى بيشتغل في شركة كبيرة زى أحمد فوقي لنفسك عشان ماتضيعيش
وفي اليوم التالي عادت ياسمين إلى عملها بملابسها القديمة وشعرها المجموع كصفيرة وجهها الخالي من الزينة . ولكنها لم تقدر أن تمنع نفسها السؤال عن أحمد بيه هل عاد.فعودته تعني عودة أحمد لتكتشف أنها بالرغم من معرفتها بأحمد من مدة طويلة ومشاركته الغداء يومياً تقريبا لمدة شهرين إلا أنها لا تعرف إسمه بالكامل ولا وظيفته إلا أنه مستشار أحمد بيه صاحب الشركه لكنها لا تعرف في أي قسم ولا أين مكتبه ولم تسأله أبدا ليأتى وقت الغداء طويل وممل لنتأكد أنها تفتقد أحمد فعلاً وتشتاق إلى مشاركته وجبة الغداء.
بعد خمسة أيام طويله وممله كانت عائدة من مكتب التصوير ومعها بعض الأوراق لاحظت حركة سريعه من حولها وعمال النظافة يوزعون الزهور في كل ركن
ثم إنتبهت لخروج أحد المديرين وهو يعدل من ملابسه ويربط زر الجاكيت ثم يقف ويقول بترحاب شديد: حمد لله على السلامه نورت الشركه يا أحمد بيه نورتي الشركه يا هايدي هانم.
لتصتدم أذنيها بصوت مألوف يقول: شكرا يا أستاذ صلاح
ليمر جانبها حشد من خمسة رجال وامرأة لترفع عينيها بفضول وهي ترى صوره جانبيه للشخص المسمى بأحمد بيه يمر بسرعة يرتدى نظارة شمسية تخفى عينيه لكن الوجه تعرفه قضت شهرين متتابعين تأكل معه وتستمع له لا يمكن هذا جنون فتتبعتهم لعلها تكذب عينيها إلا أنها توقفت وهي ترى هذا الشخص يدخل المصعد وفتحت عينيها عن أخرها وهي تراه يلتفت بوجهه كاملا.هذا جنون أحمد بيه -_ أحمد .
عادت لمكتبها عقلها مشوش وفكرها ضايع حتى أنها نست أن تقدم الأوراق للحسابات جلست على كرسيها عقلها يدور والدنيا تدور من حولها لتلمح سلمى تعمل على الحاسوب فتسحب كرسيها وتجلس بجوارها فتقول سلمى وعينيها على الحاسوب: عايزه حاجه يا ياسمين.
فتفكر ياسمين قليلا ثم تقول: كنت عايزه اعرف حاجه بس مش عارفه تقدرى عليها إلا لأ.
فأجابت سلمى بتحدى: قولى وما تستهونيش بيا.
فتقول ياسمين: من ثلاث شهور قالوا تم تعيينى في الشركة بصفة دائمة لكن كنت عايزه اشوف الملف بتاعى وأتأكد.
فتقول سلمى: سهله جدا أنا بعون الله أقدر أفتح أي ملف لأى حد في الشركة من أحمد بيه لحد رمزى الفراش كانت تتحدث وأصابعها تلعب على الازرار بسرعه فائقه ثم أدارت الشاشة وتقول: شوفي ده ملفك يااااااه صورتك وحشه أوى إنتي أحلى على الطبيعة من الصورة.
فابتسمت ياسمين وهى تشاهد الملف لتقول بس مستحيل تفتحى أي ملف بالبساطة دى
قالت سلمى: مافيش مستحيل وأنا موجوده أتحداك تحبي أفتح ملف مين.
فقالت ياسمين: أحمد بيه صاحب الشركه.
بعد ثواني نظرت ياسمين إلى الملف وقد ضغطت سلمى على الصورة لتصبح أكبر وأوضح وهي تتغزل في وسامته وشياكته ورجولته الشديدة ثم في مدح سيارته الفارهة.
لتسألها ياسمين عن لونها فقالت سيارة فضية من ماركة ( .......)وبدأت في وصفها ووصف لون الكراسي والفخامة لتقول: العربية دى ركبت فيها أجمل جميلات البلد من ممثلات ومغنيات وسيدات المجتمع الراقي أما بالنسبة إللى زيي وزيك يا دوب يحلموا بس يتصوروا جنبها.
فتقول ياسمين في نفسها لو تعرفي إنى ركبت العربية دى أكتر من مرة.
لاحظ الاستاذ كامل شحوب وجه ياسمين فسألها: مالك يا ياسمين حاسه بحاجه ؟
فتزيد مدام سعاد: وشك أصفر زى الليمونه ولونك مخطوف إنت عيانه.
فتقول ياسمين: حاسه إنى تعبانه شويه.
فيقول الحاج كامل: لو تعبانه تقدرى تروحى.
وكأن ما قاله نجده من السماء فتقول: لو سمحت يا حاج ينفع أمشى لأنى حاسه إن التعب بيزيد.
فيأذن لها الحاج وما إن خرجت من الشركة حتى تنفست الصعداء فبدأت تسير بسرعة وكأنها لص يهرب من الشرطة إلى أن وصلت لمحطة المترو وركبت القطار وعقلها يرسم لها صور متسارعة.
أحمد هو نفسه أحمد بيه صاحب الشركه.طيب ليه ما قالش أكيد كان بيتسلى كل يوم يحكى لأصحابه عن الموظفة الهبله إللي ما تعرفش صاحب الشركه إللي بتشتغل فيها بيحكى عن مغامراته ويضحك ويضحكهم عليا كنت مجرد تسلية لعبه بيضحك ويضيع وقته معاها أعمل إيه يارب دخلت بيتها وهي لا تزال تهلوس بالكلام: أسيب الشغل ولو سبته أشتغل فين ومين هيرضى بيا ويشغلنى أعيش إزاي مش كفايه مساعدة الاستاذ عبدالله ليا كل شهر أشحت من الناس مصاريفى وإلا أطلب من الاستاذ عبدالله فلوس أصرف بيها على نفسى يارب تعبت أعمل إيه.