رواية لمست روح الفصل الاول1 بقلم نورهان عبد العزيز


 رواية لمست روح الفصل الاول1 بقلم نورهان عبد العزيز 

فريدا كاهلو

في الساعة 7 صباحًا في صباح يوم غائم يعم فيه المطر، تفتح هيام شباك حجرتها وتستقبل الهواء بصدرٍ رحب وتغمض عينيها وتفتح ذراعيها وتتنفس بعمق ثم تُزيل توكة شعرها لتجعل الهواء يتخللهُ، وتحدث نفسها وتقول:


أتمنى أن تصلك رسالتي، إلى من يسكن أحلامي عزيزي الغائب الحاضر. أتمنى أن أراك يومًا ما، أحاول جاهدًة أن أرسل لك أشواقي لعلك تشعر بهمساتي. اليوم رأيتك في منامي حائرًا، دائمًا ما تكون صامتًا لا أعلم هل أنت لا تُحب الكلام كثيرًا وهذه حقًا شخصيتك أم أنك تصمت لأنه حلم!

متى أراك؟

هل أنت هُنا؟

هل تشعر بي؟

أتمنى أن تحلم بي كما أحلم بك، أتمنى أن تزول تلك الستارة البيضاء التي تقف دائمًا بيننا في جميع أحلامي.

أنتظر قدومك ، أتمنى أن تشعر بي.


ثم تضع هيام يدها اليمنى على شفاها وتقبلها وتمُد يدها نحو شباكها وتقول:

عسى أن تُرسل، صَباح الخير .


ـ هيام هتبردي يا بنتي، اقفلي الشباك.

تفتح هيام عينيها فتجد أمها تقفل الشباك، ثم تنظر لها وتتجه نحوها وتحتضنها.

الأم / يلا عشان تفطري، الفطار جهز.

هيام / تسلم إيدك يا أجمل أم.

الأم / هتروحي النهارده الكورس بعد الشغل؟

هيام / آه يا ماما، اطمني هكلمك أول ما أنزل من الشركة.

الأم / ياريت، عشان عقبال ما تيجي يكون الغداء على النار.

هيام / ربنا ما يحرمني منك يا ماما.

الأم / ولا منك يا رب.


الساعة ٩ صباحًا

جرس المُنبه يرن.

ـ أنا عارف إن أنا اللي لازم كل يوم أصحيك ، تقريباً دي بقت شغلانتي الجديدة يلا يا فارس بيه ، الشمس أشرقت ، وجوز خالتي هيرفدنا

ـ مين المزعج اللي فتح الستارة؟

ـ أنا، مين غيري يعني تتوقع؟

فارس / اقفل الستارة يا علي، عايز أنام.

علي / تنام اي تاني ده انت راحت عليك نومة يا استاذ 

يرفع فارس الغطاء ويقوم آخذًا المخدة ويلقي بها على رأس علي.

ـ الله، الله، إيه ده في إيه يا عم؟! ده بدل ما تقولي كتر خيرك يا ابن خالتي تقوم تحدفني بالمخدة؟

فارس / ده أقل حاجة أعملها دلوقتي، انت يا بني مصمم كل يوم تصحيني في نفس الحلم؟

ـ الله، وأنا بشم على ضهر إيدي يعني؟! ما أنا بقالي يومين سايبك تنام براحتك واتعمدت على خالتي تصحيك. ومروحتش البنك بقالك يومين، امبارح بقا ابوك يا سيدي نبه عليا إني أجي وأصحّيك بدل ما يرفدنا.

فارس / الساعة بقت كام معاك؟

ـ ٩:٣٠ 

هما الاتنين بصوت واحد / يا خبر.. البنك!


يلبس فارس البنطلون وينزل بباقي البدلة، وينتظره ابن خالته بالسيارة ويكمل لبسه في السيارة.


ـ يلا وصلنا.

فارس / اطلع إنت يا علي عقبال ما أربط الجزمة.

علي / طيب يا سيدي.


يدخل علي البنك فيجد أمامه المدير.

المدير / جاي متأخر زي كل يوم، إنت مفيش فايدة فيك ولا في ابن خالتك. فين البيه التاني؟

ـ ما هو يا جوز خالتي…

المدير / أنا هنا المدير مش جوز خالتك!

يدخل فارس.

المدير / أهلا أهلا، شرفت يا سيادة البيه ، إنتوا الاتنين جزا .

علي / عجبك كده؟! اديني مش هعرف أخطب ليلى، كل شوية خصم.

فارس / ليلى إيه دلوقتي كمان؟ إنت مستعجل على إيه؟

علي / بحبها، إنت اللي زيك ميعرفش يعني إيه حب.

فارس / طيب يا قيس، أنا همشي وانت روح لليلى اقعد لها على الشجرة تبقى تحدفلك موز وسوداني.

علي / إنت بتضحك وكمان بتتريق عليا! وبعدين قيس مكنش بيطلع على الشجرة، ده روميو يا أستاذ.

فارس / مش فارقة كتير، كلهم مجانين زيك كده بالظبط.

بقولك خد شوية اللب اللي في جيبي دول أهم يسلوك وإنت بتطلع الشجرة. (ويضحك فارس على ، علي كثيرًا).

علي / يا رب يا فارس أشوف فيك يوم وتيجي تحكيلي عن جوليت.

فارس / يا بني مش أنا اللي يقع في الحب، انسى. يلا إنت أخرتني، أنا همشي.

علي / بس استنى… أمال مين اللي كل يوم تتخانق معايا بسببها علشان مشوفتهاش في الحلم بقا ؟

فارس / خُزعبلات عادي يعني، ببقى نفسي أعرف آخر الحلم، مجرد فضول. الساعة بقت ١٠:٣٠، سلام بقا أنت اخرتني .

علي / هتروح فين؟

فارس / زي كل يوم، الكافيه المعتاد.

علي /  هخلص شغل وأعدي عليك .


يذهب فارس للكافيه.


الساعة ٤ م

هيام / الو، الو يا ماما، أنا خرجت من الشغل هخلص الكورس وأجي البيت على الساعة 7 كده ولا حاجة.

حاضر يا ماما، هخلي بالي من نفسي.


تذهب هيام لكورس الرسم الذي قدمت على اشتراكه، ولكن لُغي الموعد بسبب حالة وفاة لمعلمة الرسم التي تتدرب معها.

فتحدث نفسها:

طب والعمل يا هيام، هتروحي دلوقتي؟ ده لسه الساعة ٤:٣٠! أنا هروح أقعد في الكافيه وأكمل باقي رسمتي هناك وبعدين أروح في معادي.


تذهب هيام للكافيه وتجده مكونًا من دور أرضي وآخر علوي، فتطلع للطابق العلوي. تجد صورة لفريدا كاهلو مرسومة على الحائط بحجم كبير فتأخذ نفسًا عميقًا وتجلس تنظر في ملامحها الفاتنة ثم تخرج أوراقها وتبدأ في رسم ملامح ذلك الشخص الذي تحلم به وتتخيله في منامها.


يمر الوقت دون أن تشعر بشيء.

ـ تشربي إيه يا فندم؟

هيام / قهوة سكر زيادة من فضلك.

يضع الشاب القهوة وهيام تُهيم في رسمتها. أخيرًا تتقن رسم الأنف والفم، فكانت سعيدة جدًا. بدأت تسرح مع هذه الصورة ثم أمسكت الصورة ووضعتها أمام عينيها وبدأت تبتسم وتقول في نفسها:


هو معقول يكون موجود؟ يا ترى هو فين دلوقتي؟ يا ترى بيعمل إيه؟ طب سعيد ولا حزين؟ يا ترى قاعد لوحده ولا مع حد؟ أشعر بأن تلك الملامح الدافئة قريبة مني كثيرًا. كيف ستكون حالتي عندما أراه؟ يا الله، هل هو حقيقة أم هو خيال؟


تُغمض عينيها وتتنفس بعمق وتنظر على لوحة فريدا كاهلو من ناحية يسار يدها، فتخرج هاتفها لتحاول التقاط تلك الصورة المميزة ولكنها لا تستطيع، لأن هناك شابًا يجلس يعطي لها ظهره وآخر أمامه ولكن ملامحه غير واضحة، فلم تستطع التقاط الصورة بسبب تواجد الشابين.

ثم تحدث نفسها وتقول:

ـ يلا مش مشكلة، بكرا أجي وأصورها. بس إزاي أنا مخدتش بالي من الكافيه ده قبل كده؟ حقيقي جميل، حتى اسمه المميز "فريدا كاهلو". أعتقد أنهم سموه كده عشان مكان الكورس كلهم هنا فنانين وبيحبوا الرسم، فكرة عظيمة.


تبدأ بالتقاط بعض الصور التي رسمتها لحبيبها المجهول وتتأمل بها وتخرج ورقة أخرى وتكتب فيها:


اليوم أخيرًا أتقنتُ رسم ملامحك.

لقد تعلمتُ الرسم من أجلك.

نعم، فقط من أجلك.

أريد أن أخبرك بأنني أشعر بقربك الآن وكأنك بجانبي، ربما تمر حولي أو ربما أجدك قريبًا. شيئًا ما يُحدثني بأنني سأجدك وبأنك قريب. هل تشعر بي أم أنني أعيش في عالم مليء بالأوهام؟ اليوم فقط أدركت كم حبي لك… تعلم لماذا؟

لأنني لستُ متقنةً للرسم، ولكن رغم ذلك استطعت أن أرسم ملامحك المجهولة بالنسبة لي. من كثرة حبي لك رسمتكُ دون أن أراك، فقط روحي تُحدثني بأنك هكذا

تغلق هيام الورقة وتنظر على صورة حبيبها التي 
أخيرًا رسمتهُ ثم تنظر على لوحة فريدا ثم تضع الرسمة أمام عينيها وتنظر أمامها، فتجد تلك العينين تنظر الي عيناها وتسقط الرسمة
                 الفصل الثاني من هنا
لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات



<>