رواية مذكرات عاشق الفصل العاشر10بقلم صفاء حسني


رواية مذكرات عاشق الفصل العاشر10بقلم صفاء حسني 

في قسم الشرطة... الجو تقيل، ريحة السجاير مالية المكتب، وصوت الأوراق اللي بتتقلب بيكسر سكون المكان.
مذاكرت عاشق الفصل العاشر
الكاتبة صفاء حسنى 
الصول وقف عند الباب، بص لسامح اللي باين عليه الغضب مكتوب على وشه، وقال ما بينه وبين نفسه وهو طالع:
"أروح أجيب له القهوة وأرجع، يمكن يكون هدي شوية..."

فضلت حنين واقفة بره، عيونها بتلف في المكان وهي بتحاول تمسك أعصابها. كانت سامعة صوته بيعلى جوه وهو بيكلم حد في التليفون، وصوته بيطلع من جوه المكتب زي الرعد:

سامح (بعصبية):
"يعني إيه يا ابن الـ... دا يستفزك يا حسام ويبهدلك بالشكل دا؟ هو فاكر إن الحصانة البرلمانية دي هتحميه؟ إنت غلطان، مش اتصلت بيا ليه؟"

حسام (من السماعة):
"سيبني شوية يا سامح، هو قرب يقع متقلقش... الحصانة اللي متحامي بيها هتقع قريب، بس حنين تعبت أوي بعد وفاة الحاج والحاجة، ومش عايز أزود عليها."

سامح (بحنق):
"هما فاكرين نفسهم إيه؟ أخوك ظلم البنت دي، دا يوم جوازه كان مأساة... البنت بعد ما كانت زهرة متفتحة بقت دبلانة."

حسام (بهدوء):
"على العموم أنا راجع بكرة، وعلشان كده اتصلت بيك... تتصل بحنين وتكون معاها. واسألها إن كانت اتفقت مع حد هيجيب إياد."

سامح (بصوت واطي بس مليان قهر):
"هي متنفعش تروح تجيبه لوحدها؟"

حسام (بتنهيدة):
"للأسف، هو بيتهمها إنها هتقتله علشان كده أخد عليها تعهد إنها ما تدخلش البيت."

سامح صرخ فجأة، والقلم طار من إيده:
"يتحرق هو وبيته! ماشي يا صالح الكلب، ليك يوم!"

حسام (مهدّي):
"اهدأ يا سامح، احنا مش عايزين تهور... والله العظيم ما كنت عايز أسافر، بس هي اللي أصرت، قالتلي نغير جو أسبوع... بس كان غلطة."

سامح (بحزن ممزوج بالاحترام):
"هي دي حنين... تمسح دموع أي حد حتى وهي بتتألم. وكان عندها حق... إنت اتجوزت، وأخوك وزوجته اتوفوا، وبعدها قضية الحضانة... مراتك ليها حق عليك."

حسام (بنبرة خجل):
"عندك حق... هي طول عمرها بتخاف عليا. بحس إنها أختي مش بنت أخويا."

سامح (بابتسامة حزينة):
"فعلاً والله..."

حسام:
"سلام دلوقتي علشان ما أعطلكش، أنا عارف القسم كله فوق راسك."

سامح:
"هو فعلاً فوق راسي، بس لمّا ترجع بالسلامة، ليك عندي حساب مفتوح."

قفل سامح الموبايل، ورمى نفسه على الكرسي وهو بيزفر بقوة. رفع راسه للسقف، وصورة حنين وهي بتعيط زمان رجعت قدامه كأنها بتتحرك في ضباب الذاكرة.

فلاش باااااك:
(من ٨ سنين فاتوا)

المكان: ملعب تدريب صغير تابع للشرطة، صوت الصافرات والتدريبات، والغبار بيملأ الهوا.
حنين، وهي عندها ١٧ سنة، كانت بتجري ناحية سامح اللي وقتها كان عنده حوالي ٢٥ سنة.

حنين (بلهفة):
"عمو سامح، الحقني!"

سامح (واقف بيضحك):
"في إيه يا حنين؟ حصل إيه؟"

حنين (متضايقة):
"صاحبك دا جنني! مش آكل من الصبح، وطول الوقت تدريب في تدريب!"

سامح (ضاحك):
"حرام عليك، أنا قلت بيقبض عليكي!"

حنين (بتعب):
"أنا بجد خايفة عليكم... من التدريب الكتير دا. المكان بقى زي جيم، بس عنيف أوي!"

سامح (بيهديها):
"تعالي يا حنين، وأنا هفهمك... إحنا لازم نتدرب كويس علشان نحمي بلادنا من الأشرار... علشان البنات الجميلة اللي زيك يعيشوا في أمان."

مسح دموعها بحنية، وهي بتبصله ببراءة، ولسه في ضحكتها الطفولة والطيبة اللي كانت زمان.

رجع تاني للحاضر.
اتفتح الباب فجأة، ودخلت حنين بإيدها صينية فيها قهوة.
ابتسمت بخفة وقالت وهي بتحطها على المكتب:

حنين (بمزاح):
"سمعت إنك متعصب ورافض تقابل المحامي الزفت اللي بره... قلت أجيبلك القهوة يمكن تهدى شوية."

سامح قام من مكانه بسرعة، وكأنه شاف شمس وسط ظلمة، وقال بانفعال فيه فرحة:

سامح:
"حنين! يااه من كام سنة ما شوفتكش... بس بتحلوي كل يوم يا بت انتي!"

حنين (بضحكة خفيفة):
"بت؟ ماشي يا حضرة العقيد... شكراً، بس بجد محتاجة مساعدتك."

سامح (باهتمام):
"خير يا حنين؟ إيه اللي جابك بعد كل الوقت دا؟"

حنين (بمزاح يخفي وجع):
"هتقتلني ولا إيه؟ أنا جايه بخصوص قضية قديمة، من سنة ونص حصلت هنا."

بدأت تحكي له تفاصيل بسيطة، وإزاي الشكوك حوالين حادثة العربية مرتبطة بالقضية.
كان سامح مركز معاها، صوته بقى هادي وهو بيقول:

سامح:
"يعني عايزة إذن زيارة، مش محامية صح؟"

حنين:
"بالضبط."

سامح:
"تمام، ليَّا صديق في مصلحة السجون، هكلمه وأظبطلك ميعاد زيارة."

حنين (بامتنان):
"شكراً جدًا... ولو في معلومات عن الملف كمان يبقى جميل."

سامح (بابتسامة):
"أكيد، بس استني... النهارده إياد جاي، صح؟"

حنين (بتفاجؤ):
"عرفت إزاي؟"

سامح (بهدوء):
"من حسام طبعًا، قاللي أكون معاكي النهارده... هو راجع بكرة."

حنين (بصوت منخفض):
"إن شاء الله يرجع بالسلامة... وما يحصلش حاجة وحشة."

سامح (بحنان):
"رايحة فين دلوقتي؟ استني نخرج نتغدى سوا."

حنين:
"كنت ناوية أروح أزور متهم تاني وأعتذر له، هيستلمه إيهاب مكاني."

سامح (مستعطف):
"مش النهارده، أرجوكي يا حنين، لحسن أقبض عليكي!"

حنين (ضاحكة):
"لا، الطيب أحسن، حاضر يا عقيد سامح."

ضحك وقال:
سامح:
"نروح على فين يا قمر؟"

حنين (مازحة):
"أرجع أقولك يا عمو؟"

سامح (بتهكم لطيف):
"خلاص، آسف يا أستاذة!"

عمل لها تحية عسكرية، وضحكت هي بخفة:
حنين:
"هههههه... كده كتير! نروح على النيل، بعشقه."

سامح (بصدق):
"وأنا بموت فيكِ وفي ضحكتك... ومستني حسام يرجع ويبلّغك طلبي بالزواج."

حنين (متفاجئة):
"روحت فين يا حضرة العقيد؟"

سامح (مبتسم):
"هه، معاكي."

خرجوا سوا من القسم، راكبين عربية سامح في طريقهم على كافيه على النيل...
بينما في نفس اللحظة، كان القدر بيجهّز لقاء تاني، مختلف تمامًا...
لقاء هيقلب حياتهم كلهم.

كان حازم قاعد قدام الكاميرات، المذيعة اللبنانية “رهف” قدامه، والهواء بيطاير خصلات شعرها وهي بتضحك بخفة:
(رهف وهي بتعدل شعرها)
"ممكن بعد إذنك استراحة ربع ساعة ونكمل اللقاء؟"

(حازم بابتسامة مجاملة بس عيونه تايهة بعيد)
"مفيش مشكلة."

بمجرد ما زاحت الكرسي، عينه وقعت فجأة على عيون حنين اللي داخلة الكافيتريا مع سامح،
كانت واقفة ببساطة، شعرها ملموم ووشها فيه هدوء غريب،
نظرتهم اتلاقت في لحظة... الدنيا كلها سكتت.

(حازم بصوت خافت كأنه بيكلمها في سره)
"اوعي توافقي... أرجوكي، اقري الرسالة الأول."

(حنين بتقطب حواجبها باستغراب وهي ترد في سرّها)
"أوافق على إيه؟ مش فاهمة."

(حازم بيكتم أنفاسه، صوته مليان رجاء مكتوم)
"يارب... مش يفتح موضوع الجواز معاكي، أنا بعشقك بجنون،
ولو وافقتي... أهرب من كل الدنيا المرة دي."

دمعة خفيفة خانته ونزلت،
وهي شافته، قلبها اتقبض.

(حنين وهي تبصله بحيرة ووجع داخلي)
"يا ترى ليه بيعيط؟! حزين كده ليه؟
ولا علشان شافني مع سامح؟"

سامح كان بيتكلم، لكن هي ما كانتش سامعة غير صوت قلبها.

(حازم بعينه اللي مليانة وجع)
"انتي مش فاهمة حاجة... ده هيخدِك مني وللأبد."

(سامح بضحكة خفيفة وهو يلاحظ سرحانها)
"سرحانة في إيه يا حنين؟"
وبعدين لفّ عينه ناحية الاتجاه اللي كانت بصاله،
وفجأة اتفاجئ:
"إيه ده! مش ده ابن عم أسر؟ الله يرحمه... الكابتن حازم؟ كويس اتعافى أهو."

(حنين وهي بتحاول تسيطر على ارتباكها)
"آه، واضح كده."

(سامح بيرفع حاجبه بدهشة وهو بيتكلم بنغمة ساخرة)
"عجيبة والله... هو لحق آه  باقي كويس وبيمشي  لكن مش على طول يمشي مع واحدة كده؟!
بس الصراحه البت ... صاروخ."

(حنين بتقطب ووشها يشد)
"عفوًا؟ بتقول حاجة؟"

(سامح وهو يهرب بالنظر)
"هه... لا، ولا حاجة. تشربي إيه؟"

(حنين وهي تحاول تسيب جو التوتر)
"لا كفاية كده، أنا هروح ألحق أجهز الأكل لإياد."

(سامح بنبرة رجولية وهو يحاول يفرض وجوده)
"نشتري أكل جاهز من أجمل مطعم في البلد."

(حنين بتزفر ووشها بيشد أكتر)
"إزاي يعني؟ هو أنا مكسّاحة؟ ولا موت؟"

سامح اتغيرت ملامحه فجأة، العِرق في رقبته شد، وصوته خشن:
"انتي بتكلّمنِي كده إزاي؟!"

(حنين بدهشة وهي ترفع حاجبها)
"في إيه يا عمو سامح؟ أنا بتكلم عادي."

(سامح صوته بيعلى مرة واحدة والعصبية بتخرج من ملامحه)
"ألف مرة قلتلك أنا مش عمّو، فاهمة ولا لأ!"
ومسك إيدها بعنف.

(حنين تصرخ وهي تسحب إيدها)
"آااه! إيدي! إنت مالك يا حضرة العقيد سامح؟!"قلبت مرة واحدة 

سكت لحظة، وشه اتبدل، العصب اللي كان مشدود فَكّ،
(سامح وهو يبعد إيده بسرعة)
"آسف... آسف يا حنين، بس طريقتك في الكلام عصبتني."

(حنين وهي تبصله ببرود)
"واضح إن حضرتك متوتر،
بس أنا كلامي كان عادي جدًا...
نأجل الغدا ليوم تاني أحسن."

(سامح وهو يزفر ويهدي نفسه)
"طيب... حاضر."

من بعيد، حازم كان بيتابع المشهد كله بعينه،
حزين وسعيد في نفس الوقت،
حزين لأنه شايف الانسانة  اللي بيحبها شخـص بيتعامل معها بعصبية،
وسعيد... لأنها حطت حدود واضحة ما بينهم.

خرجت حنين من المكان،
وبعد شوية، كان حازم بيكمل اللقاء مع رهف.

(رهف وهي بترتب ورقها بابتسامة)
"وفي نهاية الحلقة، بنشكر الكابتن حازم الحائز على بطولات عالمية..."

(حازم وهو يرفع رأسه بهدوء)
"ممكن أجاوب دلوقتي؟"

(رهف بدهشة خفيفة)
"أكيد، اتفضل."

(حازم بنظرة مليانة وجع وحنين)
"منتظر حبيبتي تحس بيا، وأكون ظلها... وتكون ظلي."

(رهف بضحكة مفاجأة)
"يعني معنى كده في قرارات ارتباط؟"

(حازم بابتسامة حزينة)
"آه... لو هي بس قرت اللي في قلبي... ووافقت."

(رهف بضحكة مبتهجة)
"وااو! 😂😂 طلعت رومانسي كمان!
عايز توجهلها إيه كمان؟"

(حازم صوته بيرتعش وهو يهمس)
"بحبك... وهفضل أحبك طول العمر،
حتى لو ما حسيتيش بيا... هفضل العاشق المجهول."

تصفيق، أضواء، ابتسامات مصطنعة...
لكن جواه كان في حرب.

رجع حازم البيت،
وقلبه بيتقطع 
دخلت حنين الشقة بخطوات بطيئة،
رمت شنطتها على الكنبة، وسندت راسها على الحيطة.
نَفَسها كان تقيل، وعنيها شايلة وجع مش مفهوم...
كانت لسه شايفة مشهد حازم وهو بيعيط قدامها، ومش قادرة تمسحه من خيالها.

(حنين وهي تكلم نفسها بنبرة متوترة)
"ليه حسيت إن الدموع دي مني أنا السبب فيها؟
هو حازم بقى كده ليه؟
ولا أنا اللي بقيت بحس زيادة؟"

قامت تمشي ناحيه الدولاب، فتحت الدُرج اللي في آخره،
طلعت دفتر قديم ،
اللي كان مدّيهولها حازم زمان وقالها:
"ده أول يوميات كتبتها بعد ما قابلتك."

قلبها خبط أول ما شافته.
قعدت على السرير، وبدأت تقلب صفحاته بإيدين بيرتعشوا.

(حنين بصوت خافت وهي تقرا)
"النهارده شُفتها تاني... كانت بتضحك،
ضحكتها وجعتني قد ما ريحتني.
بحاول أبطل أحبها... بس كل مرّة بشوفها ببدأ من الأول."

دمعة نزلت من عنيها من غير ما تحس،
حطت إيدها على الصفحة كأنها بتلمس صوته بين السطور.

(حنين بنبرة متكسرة)
"ليه يا حازم كتبت كده؟
طب ليه ما قلتليش وقتها؟
كنت أعرف إزاي إنك بتحبني وأنا فاكرة كل ده هزار؟"

رجعت تكمل قراءة:
"أنا بتمنى اليوم اللي تبصلي فيه وتفهمي من غير كلام...
إن كل بطولة كسبتها كانت علشانك،
وكل خسارة وجعتني كانت من بعدك."

قلبها اتعصر، دموعها نزلت أكتر.
مسحت خدها بإيدها بسرعة، وقامت تلف في الأوضة زي التايهة.

(حنين وهي بتحاول تهدي نفسها)
"هو بيقصد إيه لما قالّي ‘اقري الرسالة قبل ما توافقي’؟
رسالة إيه؟
هو ممكن يكون كتبلي حاجة فعلاً؟"

بصت ناحية شنطتها اللي رمتها من شوية،
قامت بسرعة، فتحتها، وبدأت تفتش فيها زي المجنونة.
وفجأة...
إيدها لمست ظرف أبيض صغير، مكتوب عليه بخط إيده:
"اقريها قبل أي قرار."

قلبها وقع.
الوقت وقف.
سمعت صوت دقات قلبها كأنه طبلة في ودانها.
قعدت على الأرض، والظرف بين صوابعها بيرتعش.

(حنين وهي تهمس بخوف)
"يا ترى كاتب إيه يا حازم؟
ولو اللي متخيلاه صح... حياتي كلها هتتقلب."

فتحت الظرف ببطء...
طلعت ورقة مطوية بعناية، بخط إيده.
ابتدت تقرا، وصوته كان بيجيلها في خيالها وهو بينطق كل كلمة.

(صوت حازم في ذهنها – بنبرة هادية فيها وجع)
"لو الرسالة دي وصلتلك، يبقى أنا خلاص فقدت السيطرة على اللي جوايا...
يا حنين، أنا بحبك من قبل ما تفهمي يعني إيه حب.
كنتِ دايمًا النور اللي بيطلعني من أي ظلمة،
بس أنا كنت جبان، خفت أقولك...
وخفت أخسرك زي ما خسرت كل حاجة تانية."

(حنين تبكي بهدوء وهي تلم الورقة على صدرها)
"يا وجعي منك يا حازم...
ليه كنت ساكت؟ ليه خليتني أعيش غبية كده؟"

(الليل ساكن، ضوء خافت جاي من الشباك، والهدوء مكسور بأنفاس حنين التقيلة وهي بتبص في الفراغ)

قامت حنين تبص من الشباك ناحية نفس المكان اللي شافته فيه النهارده،
بس المرة دي، نظرتها كانت مختلفة...
كان فيها اشتياق، خوف، وحيرة،
كل المشاعر اللي كانت مدفونة جوّاها اتجمعت جوّا نظرة واحدة.

جلست على طرف السرير، نظراتها تائهة وصوتها مبحوح من كتر التفكير،
دموعها محبوسة على طرف الجفن كأنها مستنية كلمة علشان تنزل.
قدامها هالة، بتحاول تبان متماسكة،
بس رعشة إيديها الصغيرة كانت فاضحة خوفها،
ووشها فيه لمحة غضب مش مفهوم مصدرها من وجع ولا من قلق.

(ترجع حنين بذاكرتها لمشاهد متقطعة من الماضي...)

حنين (بصوت واطي ونظرة مليانة شجن):
"كنت منتظره يجي ويتكلم... لكن مقالهاش،
كنت بحس من نظراته إنه بيقولها."

(الزمن يتبدل في خيالها... والمشهد القديم يبدأ قدامها كأنه بيحصل دلوقتي)

---

(وبعد لحظات قليلة، يدخل رجال بوشوش جامدة وياخدوا إياد)

حنين (بصوت مبحوح وهي بتجري ناحيتهم):
"سيبوه شوية... أرجوكم!"

أحد الرجال (ببرود):
"دي أوامر البيه."

حنين (بتنهار وتركع على الأرض، تبكي بحرقة):
"أرجوكوا... ده ابني... سيبوه، أرجوك!"

حسام (واقف بيتماسك بالعافية، صوته متعصب):
"كفاية يا حنين! الموضوع مش في إيدينا دلوقتي."

(الصورة تتكسر فجأة... كل حاجة بتختفي، وحنين تفوق على صرخة عالية وهي بتنده)

حنين (بتصرخ وهي فزعة):
"إياد!! بابا!! ماما!!"
فى نفس المكان 
تستقبل ريم (بصوت دافي) زوجها :
"حمد الله على السلامة."

حسام (بنظرة تعبانه بس فيها حنية):
"الله يسلمك يا حبيبتي."
يسمعوا صوتها 
(يجرو عليها بسرعة، ريم تمسكها وتجيب ميه، تسقيها وهي مرعوبة)

ريم (تهمس في ودن حسام بخوف):
"أنا خايفة تجيلها الأزمة تاني... شفت مرعوبة إزاي وبتعيط؟"

حسام (يحاول يطمنها وهو ماسك إيد حنين):
"متخافيش... هي بس كانت بتحلم.
أكيد حلمت بالحادثة... كانت قدام عنيها ومقدرتش تعمل حاجة.
اعذريها وخلي بالك منها."

ريم (بقلق):
"انت خارج تاني؟"

حسام (بيتنهد وهو بيلبس الجاكت):
"هرتاح ساعتين وهخرج، عندي مهمة ورايح القسم أسجل حضور... عاوزة حاجة؟"

ريم (بهدوء حزين):
"سلامتك... بس الناس اللي خدوا إياد زمانهم جاين."

حسام (بيحاول يطمنها بابتسامة خفيفة):
"أنا موجود، متقلقيش."

---

(حنين تستوعب إنه حلم...
تاخد نفس طويل، حضن ابنها إياد بقوة كأنها بتسترجع الحياة،
لعبت معاه، ضحكت من قلبها، وفطرته بإيدها،
وبعدين نزلت مع ريم تساعدها في الغداء... ساعتين وهي بتحاول تشبع من ابنها)

(يدق الباب، يدخل أمير – عمه – بابتسامة باهتة، يمد إيده ياخد إياد)

حنين (بحزن):
"ماما أنا عايز أقعد معاكي."

حنين (بصوت بيترعش وهي بتحاول تبان قوية):
"جدو بيحبك أوي يا حبيبي، وعد... أول ما أخلص شغلي هاخدك نلعب ونلف الدنيا سوا."

إياد (بنظرة بريئة):
"بجد يا ماما؟"

حنين (تبتسم ودمعة خفيفة تهرب منها):
"بجد يا حبيبي، اسمع كلام عمو أمير وعمو ياسر ومتزعلش حد، تمام؟"

إياد (بيهز راسه):
"حاضر."

حنين (تبص لأمير بشكر خافت):
"شكرًا إنك في صفي يا أمير."

أمير (ينظر لها بنظرة جامدة فيها حزم):
"أنا مش في صف حد... لحد ما أوصل للحقيقة.
وأيًّا كان مين السبب في موت أُسر .. هنتقم منه.
ولحد ما أعرف... ابن أخويا مش هيكون ضحية لحد فيكم."

حسام (يرد بهدوء):
"واحنا عايزين كده."

أمير (بنظرة حادة):
"اللي فيه الخير يقدمه ربنا... سلام."

حنين (بهمس):
"سلام."

(تجري تقف في الفرَندة، تودّع ابنها بعنيها وهي بتلوّح له،
قلبها بيتقطع،
وفي نفس اللحظة، حازم كان واقف بعيد،
بيبص عليها بحزن وألم مكبوت...)

---

(بعد ساعة من الصمت، الكل على السفرة، بيأكلوا في سكون ثقيل...)
حسام يستعد للخروج، يلبس ملابسه،
ريم تقرب منه بخطوات هادية،
تشيم ريحة العطر على جسمه، وتلمسه بخفة.

ريم (بصوت ناعم):
"خلي بالك من نفسك."

حسام (يبتسم بخفة، وبنظرة فيها شوق):
"إيه رأيك نكمّل وبعدين أروح؟"

(يحملها برفق، يرميها على السرير بحنان،
يبدأوا لحظات من الحب الحلال اللي بينهم...
لحظات فيها دفء، تفاهم، وتوافق،
كأنهم بيثبتوا إن الحب الحقيقي مش بس شغف...
لكن أمان وسكينة بتخلي الحياة تمشي على نور.)

تعليقات



<>