
رواية غرام في العالم السفلي الفصل الحادي عشر11بقلم داليا السيد
نسمة.. سلسلة
الحفل كان ممتع حقا ولكن مزاجه لم يكن كافيار الليلة بل رغب بالعسلية التي فرت منه ورفضته
مالت عليه الشقراء التي هاتفها لتصحبه للحفل ولم يعلم كيف ما زال يتحمل دلالها الممل..
"ألن تتناول أي شيء من مشروبك؟"
لم يلمس الكوب خاصته.. لو بيوم آخر لتناول خمس على الأقل
اللعنة، ناني تحفر بذهنه وموت نسمة يمزق قلبه وما زال يفكر بالعسلية..
لمسة يد الشقراء أثارت الغثيان لديه فأبعد يده عنها جاذبا السيجارة وأضاءها بالشعلة والشقراء عادت تحاول من جديد "تبدو ضجر، هل حجزت غرفة هنا؟"
تجولت نظراته على الموجودين والضوضاء باتت مزعجة.. لم يكن عليه الحضور الليلة
"لا، لنذهب"
نهض والمرأة تحدق به بذهول، لم يمضي على وجودهم ساعة ويرغب بالذهاب؟ هل يمزح؟
نفخ الدخان وعيونه تستقر عليها بعبس فلم تهتم بنظراته الجامدة كملامحه "أرغب بالبقاء"
هز أكتافه بلا مبالاة، وتحرك خارجا من القاعة الصاخبة، الحفل بوابة لصفقات وملذات وشياطين هو لها لكن ليس الليلة..
خطا لسيارته الحديثة وقطع سكون الليل بصوت موتورها الصاخب، لم يرغب بأي مكان وتذكرها وهي تتأمل السيارة بنظرات غريبة.. هل رفضته؟
الجنون هو كل ما سكنه الآن.. رغبة بتحطيم وجهها الجميل أو الصاق فمه بفمها لينال تلك القبلة التي لم تمتعه بسبب دماءه وغباءها..
عاد الغضب ملفوفا بصوت ناني "نسمة أختك ماتت.."
ضغط على الفرامل فتوقفت السيارة بقوة جعلت جسده يندفع للأمام ثم يرتد للخلف دون مبالاة منه..
أغمض عينيه وبراءة الصغيرة ترافقه
"ألا تجيد فعل شيء أبدا؟"
التفت لها وهي تقف بالباب ويداها الصغيرتان تستقران على خصرها وعيونها الرمادية غاضبة
زمت شفتيها وهو يعتدل محاولا لملمة حقيبتها التي لم تعدها للذهاب للمدرسة "وماذا تفعلين أنت؟ كان عليك تجهيزها من المساء"
ما زالت بموضعها وكأنها الآمرة الناهية، اسبوع لهم وحدهم، اجازة للوالدين وعمل خاص له.. جليسة أطفال
"لو لم تتأخر بالحضور ما كنت تأخرت بعمل واجباتي وكنت وجدت وقت للحقيبة، هو أنت من لا تجيد عملك"
انتهى وتحرك لها وابتسامة عابثة على شفتيه تواجه الصغيرة الغاضبة والتي لا يمكنه إلا أن ينحني سمعا وطاعة لها
يحبها.. أخته.. حبيبته.. صديقته الوحيدة
"ألا تتوقفين عن التذمر؟"
ارتدت الحقيبة بمساعدته وهي تزمجر "عندما تحسن التصرف، هل أعددت الساندويتشات؟"
نزل على ركبته أمامها، مرر نظراته عليها بمودة "دادة حسنية فعلت وأنا وضعتها بالحقيبة"
التفتت دون اهتمام به "جيد هيا لنذهب، لن أذهب بالباص بل معك"
تلاعبت الكلمات على شفتيه مازحا "لدي عمل"
التفتت وتلونت عيونها وتحولت نبرتها لمزيج من الغضب والحزن ولا يعرف كيف تفعلها؟
"حقا!؟ حسنا وأنا لن أتحدث معك بعد الآن"
وغيرت مسارها ولكنه نهض وأوقفها "غاضبة؟"
"نعم، ظننتك تحبني"
عاد ليركع أمامها والحنان لون وجهه وسكن صوته "أنا لا أحب سواك، كنت أمازحك"
لمح دمعة بعيونها فلمس وجنتها وقال "الجميع يحبك"
هزت رأسها نافية كلماته وهو يدرك أن ناني لا تلقي لها بالا وبالطبع والده ليس لديه وقت لها لذا هو يمنحها كل اهتمامه
"أنت تعلم أن ذلك ليس صحيح، لا أحد منهم يهتم بي، أنت فقط من تفعل فهل مللت مني؟"
أحاطها بيداه ودموعها بكلماتها تحز بقلبه وتوهن عزيمته "لا يمكنني أن أمل منك أبدا أيتها العنيدة ولا تفكري يوما أنني سأفعل، أنت رفيقتي الأولى والأخيرة"
تفاجأ بجسدها يلتصق به، ذراعيها الصغيرة تلتف حول عنقه، كانت عسلية لكن عسلية صغيرة.. صغيرة جدا وقطعة مقربة من قلبه بل قطعة من قلبه
"أنا أحبك جدا أخي"
سقطت دمعة حزينة من عينه على الحب البريء الذي لم يستمتع به، حرمه والده وكيد زوجته منه..
لم يودعها حتى، دبروا المكيدة حتى لا ترى فضيحة كاذبة افتعلتها تلك الخائنة
رنين هاتفه جعله يرتد من الذكريات المؤلمة، رقم غريب.. لم يجيب
عاد الهاتف مرة أخرى "نعم"
صوت لا يعرفه ونبرة عملية "سيد رشدي علي زيتون؟"
ظل عابسا بمقعده وهو ينفخ دخان السيجارة بلا اهتمام مستمتعا بمشاهدته يتناثر حوله "نعم"
"مشفى.. مع حضرتك، والدك منحنا رقمك وطلب منا مهاتفتك لأن حالته خطر ويرغب برؤيتك"
صمت حل عليه، والده يرغب به؟ منذ متى؟ عشر سنوات لم يفكر يوما بأن يهاتفه حتى أو يتراجع عن أفكاره عنه واليوم يوسط جهتان!؟
"سيد رشدي هل ما زلت معي؟"
"نعم"
"حسنا ستجرى له حراجة غدا مساء فلو أمكنك رؤيته بالصباح فذلك سيكون جيدا لحالته النفسية"
سقطت يده بالهاتف ولم يجد أي رد لأن عقله بلا سابق إنذار توقف عن العمل وسيبحث لنفسه عن مكان للصيانة.. لقد عبثوا به مرة فهل يستسلم مرة أخرى؟
*****
لم تكن مي نادمة على ما قالته لهارون بقدر ما كانت تتألم لأنه أصبح يكرها فهل يمكنها إصلاح ما أفسدته
بمكتبها بالمشفى حيث لديها دوام ليلي تكومت على المقعد والدموع أرهقت عيونها
الهاتف أزعجها لكنها جذبته من جيب الرداء الأبيض ورأت ذلك الرقم.. ارتجاف يدها دل على لا شيء أو ربما غضب
"ماذا تريد مني بعد كل ما حدث؟ أنت السبب، لم تخبرني أن هارون سيكون بالأمر"
الصوت المريب لصاحبه المريب أيضا أجابها "لم تهتمي بالسؤال، كل ما رغبت به أن تتخلصي منها والمال طبعا"
هي أرادت ذلك وما زالت ولن تتوقف لكن ليس هارون "لأنك لم تتحدث عن هارون"
"وهارون بخير، مجرد إصابات ستشفى ويعود بخير، هل ترك المشفى؟"
هتفت غاضبة "أنا لن أخبرك أي شيء عنه بعد الآن"
ضحكة مفزعة أتتها جعلتها تتراجع وتنكمش بمكانها "رائع هذا سيجعلني أفعل شيء مميز، أخبره أن أنت من أخبرني بموعد المهندسة وأنها وحدها مع أنس"
سرى الرعب لكل جسدها، لو عرف هارون سيقتلها، لن يرمش له جفن وهو ينحر عنقها، لقد فعل مع فريد ولن يتردد بأمرها من أجل امرأته اللعينة
"من الجيد أن يعود عقلك للعمل والآن أجيبي"
*****
ما أن انتهت المرأة من وضع غطاء على جسدها حتى تبقى صوت الباب وهو ينغلق خلفها وعم الصمت فجأة
تنفست بصعوبة من الخوف الذي داهمها بعد أن عرفت مصيرها، بضاعة جيدة بيد تجار لا تعرف سوى سرقة الأعضاء والإتجار بها
لماذا هي؟ هل ثأر قديم مع والدها أم مع هارون أم مجرد صدفة؟
هل انتهت هنا ولن ينقذها أحد؟
هل يمكن أن ترى هارون ولو مرة واحدة قبل أن تموت؟ مرة واحدة تطمئن أنه بخير وما زال يعبق برائحة الحياة
مرة واحدة يخرج منها سرها الصغير وتنطق بكلمة واحدة كانت مخبأة بين ضلوعها..
أحبك..
تمنت لو كانت حتى تمتعت بزواجها منه وعاشت معه السعادة التي حلمت بها..
أغمضت عيونها على الصورة التي كانت تحملها بخيالها، هي بين أحضان منقذها، يلفها بذراعيه ويغلق عليها بلا تفكير بالخروج
طال الوقت.. ورافقها السكون
الغرفة بدأت تصبح باردة بشكل غريب، كل شيء فيها ساكن، إلا قلبها، كان يدق كأن جدرانه تنهار من الداخل من خوفها، اشتياقها لحبيبها.. لانتظارها الموت المحدق
مربوطة من المعصمين والكاحلين، ممددة على الفراش كجسد بلا سيادة، كل ما فيها يصرخ إلا فمها، مغلق بالصمت القهري وهي تسمع صوت قلبها يدوي في أذنيها وحده، كأنه طبل الحرب قبل الهجوم ملفوف بغيامة أفكاره عن حبيبه الغائب
فجأة.. انفتح الباب..
تبدل الهواء.. الرائحة عادت من جديد!؟ العطر الملعون.. عاد
نفس العطر، دخان داكن، خشب محترق، قهوة، ونغمة ناعمة غريبة تشبه الموت وهو يبتسم لضحيته
العطر كان يسبق خطواته دوما، لكنه هذه المرة دخل لها، تسلل تحت جلدها قبل أن ينفتح حتى الباب
طق.. طق..
صوت عصاه وهو يقترب بنقراته الباردة على الأرض الباردة.. تجمد نفسها، صوت العصا يقترب. ببطء مرعب، كأن الأرض تنذرها "اقتربت من النهاية"
اقتربت الخطوات وتوقفت حتى أدركت أنه يقف عند طرف الفراش، توقفت أنفاسها ولم يمكنها رؤية شيء من الرباط المحكم حول عينيها لكن قلبها فعل، وارتطم صدرها بقوة كأنه يريد الهرب وحده ثم..
العصا تلامس السرير. الصمت ثقيل
عادت العصا تنساب بخفة على قدمها، صاعدة.. لا تضغط، فقط تحوم حولها كشيء يعلم أنها لا تستطيع مقاومته أو رفضه، مرت على ساقها، بطنها، أعلى صدرها، وتوقفت عند رقبتها وكأنه يعيد نفسه ويتوقف بذات المكان
نفسها تقطع، وكأن رقبتها صارت بين الموت والحياة وكأنها تنذرها أن الأجل قد حان وأن لا مفر منه الآن، ثم..
انزاحت العصا.. وكالمرة السابقة وبلا كلمات ابتعد الشبح، لم تفتح كلمة. لم يقال شيء لكن جسدها علم.. أنه هو، كان هنا.. يتوعدها.. يخبرها.. أن لا نجاة منه اليوم
انغلق الباب كما انفتح وعاد الصمت القاتل يزحف أسفل جلدها وعاد قلبها يجذب كل ما بها من دماء ليعود للحياة، مؤقتا فمصيرها تحدد ولا مجال للتراجع
انفتح الباب مرة أخرى وعمت الضوضاء المكان ورجل يهتف "لا أعرف ماذا يريد؟"
هتف الآخر "فقط خذ ما طلبه ولنذهب وضع ما أمرك به"
سمعتهم يفعلون أشياء لا تعرف ما هي ثم سمعت صوت شيء تعرفه كان أحدهم يضبط ساعة ويقوم بتشغيلها، انهار قلبها بساقيها وهي تدرك ما سمعته..
تيك توك.. تيك توك
قنبلة..
سيفجرون المكان وهي!؟ ألن يأخذوا أعضاءها؟
وما الفارق سينفجر بها المكان.. بكل الأحوال الموت مصيرها
*****
وقف هارون نافد الصبر أمام عادل، هو لم يرغب بدخول مقايضة تستنفد وقته لكن كما قال أنس "لم لا نلعب بجميع الاتجاهات؟"
"أنا لا أثق به هارون"
هز أكتافه المتعبة بلا مبالاة وقال "هذا شأنك، هو مجرد عرض اقبله أو ارفضه"
خطوات عادل البطيئة أغضبت هارون ومع ذلك ظل بمكانه ثابتا كالجبال "لماذا تدخلت بالأمر؟"
التفت للبحر الممتد أمامه، سواد غطى سطحه وانعكست صورة السماء على صفحته بنجومها ونصف قمرها المضيء
"لا تدعي الغباء عادل فهذا أمر لا أحبه"
رمقه عادل بجانب وجهه وتولاهم الصمت لحظات، ما زال عقله بامرأته والخيوط تتجمع بيده، إما يكمل الليل ليصل لأول الخيط حيث تقبع زوجته ولا يعلم كيف ستكون، أو ينتهي الآن بتلك اللعبة السخيفة
"هاتفه هارون وأنا.."
لف وجهه له بنظرة حملت موج البحر وقت العاصفة، تلتف وترتفع لتتساقط مهلكة بطريقها أي شيء "لا تلقي الأوامر بوجهي، إما نعم وإما لا والآن فأنا لا أملك الليل لك"
عادل رجل له ثقله بالسوق لكن هارون هو الريس، الزعيم، حتى ولو أفلت يده من قذارة عالمهم فالكل ما زال يحسب له ألف حساب
"حسنا هارون، أنا أوافق"
أخرج هاتفه وعبث بالأرقام حتى أتى الصوت فقال "هاتف عادل وافعلوا ما شئتم معا والآن دورك"
****
اختفت الأصوات من حول ليال وقد حاولت مرة أخرى جذب يداها من القيود بلا فائدة
تملكها الفزع وهي تسمع تلك الخطوات مرة أخرى تتحرك ولكن بالخارج وفجأة سمعت صوت آخر يدوي
طلقات نارية تنطلق هنا وهناك أفزعتها وجعلتها ترتجف أكثر وهي لا تفهم شيء مما يحدث بالخارج حتى عم الصمت نهائيا وصوت الساعة ما زال يدق
العد التنازلي..
القنبلة..
ومرة أخرى عاد صوت الطلقات النارية بشكل كثيف وهي أيضا لا تعرف ماذا يحدث حتى أتى صوته يناديها
"ليال!؟"
كان كالحلم.. لا هي بالواقع..
موسيقى القلوب تعزف على بيانو حياتها وروحها وقلبها..
منقذها، حبيبها، وصيها، أيا كان المسمى فهو هنا
هارون...
لفت رأسها بلا تصديق تجاه الصوت، تبحث عن أي شيء يجعلها تصدق أنه هنا وما زال على قيد الحياة
وأخيرا لمسة يده على وجهها منحتها سكينة وإدراك بأنه الواقع
"أنا هنا حبيبتي لا تخشي شيء"
نفس الجملة.. نفس الرجل.. نفس المنقذ
وانزاح رباط العين عنها وقاومت الضوء الذي هاجمها لترى عيونه تجولان في ملامحها المرتجفة، ثم انحنى عليها حتى تمنت لو كانت حرة فتلفه بذراعيها واكتفت بأن صارت أنفاسه تلامس وجهها وهو يبعد اللاصق عن فمها
رأت كم كانت ملامحه متعبه وكدمات تملأ وجهه فتألمت من الذكريات السيئة ورفضتها هل حقيقي هو هنا؟
"أنت ما زلت على قيد الحياة"
لامس وجهها بيداه ولاحظت دماء تلوثهم ولكنها لم تهتم، كانت فقط تشبع عيونها من نظراته، وجهه، ملامحه، كل شيء به حتى صوته الذي همس أمام فمها بأنفاس متقطعة "أنا على قيد الحياة من أجلك سامحيني إن تأخرت عليك وتركتك تعاني كل ذلك"
سقطت دموع لتلمس أصابعه وهي لا تصدق أنه هنا، معها، أنفاسه تمتزج بأنفاسها تعني أن روحهم واحدة
"كنت أعلم.. كنت واثقة أنك لن تتركني"
للحظة قصيرة توقف الزمن، القيود ما زالت على يدها، الدماء على وجهه، لكن بين نظراتهم وارتعاش أصابعهم كان هناك وعد واحد 'لن يتركوا بعضهم البعض أبدا'
صرخت وهي ترى أحدهم يندفع تجاهه، الرجل الذي كان يسخر منها ها قد أتى الريس
انتبه والتفت ورغم جراحه إلا أنه تلقى الرجل بقوة ولكمه بوجهه ليتراجع للخلف ثم أتبعه بلكمة بجانبه ثم أخرى بوجهه جعلته يرتد للخلف مصطدما بالحائط فسقط بلا حركة
الألم صرخ من ضلوعه المكسورة لكنه لم يهتم، هي أخيرا معه وهو لا يعبأ بعد الآن حتى بحياته
تحرك عائدا لها وهو يحاول فك القيود الحديدية عنها ولكنها كانت قوية عندما سمع صفوان وهو يهتف من خلفه "اتركها لي يا ريس"
أنس اندفع للداخل هو الآخر وأنفاسه متلاحقة وشعره مبعثر وهتف "المكان ملغم هارون لابد أن نذهب"
أجاب صفوان "لنأخذها بالفراش لا وقت، ابتعد يا ريس"
لكنه لم يفعل بل تحرك هو ودفع فراش زوجته بإصرار وصفوان يساعده بسرعة للخارج وهي تحاول رؤية ما حولها من المكان الذي صارعت به الموت وقد امتلأ بجثث رجال ملقاة على الأرض ورجال هارون من حولها يتبعون الزعيم الذي دفع زوجته بإصرار غير مباليا بالألم الذي كان يشعر به بكل مكان بجسده
هي بكل المعاني، امرأته، زوجته، صغيرته
هي الأبيض الذي التف به نافضا بها قتمة حياته، البلسم الذي منحه معنى مختلف
السعادة.. أنت بكل الكلمات، نبض قلبي وأنفاسي والآن أنا عدت للحياة
**
أنس كان بجواره بسلاحه وعيونه ترقب كل مكان وانضم سعد لهم، الحماية تحاوط الزعيم وزوجته وأخيرا شعرت بالأمان
"لم يعد هناك أحد"
كلمات أنس جعلتها ترتجف ولكن لم تهتم، لو لم يقتلهم رجال هارون لقتلوها هم وقتلوا المئات سواها
صوته لم يكن ضعيفا رغم إصاباته، بل كما عرفته، ديب
"المكان سينفجر، ليرحل الجميع"
ما أن دفع فراشها الباب المتهالك حتى كانوا بالخارج ورأت السماء الصافية فوقها، نجومها ترقص مرحبة بها ونصف القمر يضيء لهم ليلتهم
تنفست هواء نظيف بعيدا عن الملوث بالداخل، الحرية..
العودة للرجل الذي تحبه.. ورؤيته حي يرزق
النجاة من المصير المخيف الذي كانت معرضة له
دوي الانفجار صم آذانهم وأفزعها بقوة، لم ترى سوى شظايا تتناثر بالهواء وألسنة من النيران تأكل ما خلفها
أغمضت عيونه وقلبها يواسيها، كان هذا مصيرك لولا الديب
فتحت عيونه عندما تلاشت أصوات الزجاج المتكسر من الانفجارات أو تحطم الحجارة أو سقوط بقايا الأخشاب
أجسام كانت تندفع من قوة الانفجار لكن فراشها كان بين قبضة الزعيم فلم يهتز
صفوان أخرج حقيبته وأسرع لها، تعامل مع الأصفاد وهارون يقف بجوارها هو الديب وهي أنثاه وسيحميها بحياته والنيران تشتعل من خلفهم
"لابد أن نختفي قبل وصول الشرطة، عزيز سيصل بهم بأي وقت"
بسرعة فكها صفوان واعتصرت معصمها من الألم وهو يخلع قميصه بصعوبة من الألم بلا اهتمام منه وظهرت الضمادات التي تغطي جسده فتألمت من أجله
اعتدلت جالسة وهو يلفها بقميصه، ولم يفكر وهو يضمها له وهي تحيطه بذراعيها والأمان يعود لها بين أحضانه
هنا.. حيث تنتمي، لذراعيه، بجوار قلبه.. حيث ترقد هي داخله، ليس اليوم بل منذ سنوات..
****
اليأس طريق لا معالم له، ذئب يترصد لصاحبه حتى يسقطه بالفخ فينقض عليه ويلتهمه
وهي سقطت..
لا مكان يمكنها العودة له والفندق الذي قادها له سائق الأجرة لن يكون بيتها..
سعد لن يأخذها بالأحضان بل سيرشق سكينه بعنقها كما فعل هارون بفريد
لو لم تمت من خنجره ستموت من زواجها بسيد الرجل الذي لا يمكن ابتلاعه ولو بعشر لتر من المياه..
لم تنهض من الفراش بالصباح ولم تفكر حتى بالنزول لشراء طعام اكتفت ببعض الحلويات كانت معها بحقيبتها
كعك هندية.. هو المفضل لكل المقيمين بالبيت وهي نالت بعض منه
أغلقت هاتفها طوال الليل وحتى منتصف النهار عندما فركت يداها برغبة بفتحه.. ربما هاتفها، بحث عنها
الذهول أصابها عندما وجدت نفسها تبحث عن رقم جامد الملامح بين من حاول الاتصال بها.. لماذا لم تفكر بالعملاق؟
لا أحد سوى سعد، سعد وسعد
وهي لن تجيب أبدا
الجوع بدأ يتسرب لها ولكن الظلام حل وهي لا تشعر متى، الماء البارد بالحمام المتهالك جعلها تستعيد بعض نشاطها لكن ظل عقلها باجازة
ضوضاء بالخارج جعلتها تلف نفسها بالمنشفة الكبيرة وتخرج لجذب ملابسها عندما صرخت بفزع وباب الغرفة يفتح بعنوة ورجل لا تعرف ماذا يفعل هنا يندفع تجاها وغيره بالخارج ونساء تصرخ ملتفة بأغطية بيضاء
بلا أي فهم قبض الرجل على ذراعها وآخر يلحق به ويهتف "أين الرجل؟"
أجاب الذي كان يدفعها للخارج "ابحث عندك، هيا تحركي يا امرأة"
صرخت بلا فهم وقلبها يدق من الرعب الذي كاد يوقفه أصلا عن الدق "ماذا حدث؟ إلى أين تأخذني؟"
رأت وجوه كثيرة مشوشة، رجال نصف عارية تخرج بقبضة رجال كالذي يقبض عليها، نساء شبه عارية والكل يصرخ والضوضاء تصم الأذن وهي في حالة من الذهول والرجل لا يرد وهي ما زالت تسأل وهو يدفعها
"اكتفينا من التمثيل يا عاهرة، تحركي"
اتسعت عيونها بذهول وهي تستوعب الكلمة.. عاهرة!؟
دعارة!!
السيارة المغلقة امتلأت بالنساء المتهمات وهي انحشرت بينهم بمنشفة تلتف حول جسدها وشعرها البني المبلل يلتصق بكتفها العاري والمياه ما زالت تتقطر من شعرها ترسم خطوط حارقة على وجنتيها وهي بذهول
حلم.. كابوس.. وهم
أي شيء إلا أن يكون واقع أو حقيقة
****
تحرك داخل الممر الخالي من البشر بذلك الوقت من الفجر، لم يعد شقته الفاخرة فالعسلية أفقدته الرغبة بها ولم يعد لفيلته الفاخرة فالبرد بها يدفعه بعيدا عنها
الوحدة قاتلة.. مؤلمة..
لم يرغب بقضاء الليلة وحيدا فالليل ليس ظلمة، الليل ليس ظلاما إلا على من سكنت قلوبهم الوحدة، بعد خلوها من الحب والرفقة
والليلة كانت الأكثر ظلمة بعد رحيل فاكهة حياته.. نسمة
هو عرف رقم الغرفة وبخطوات ثابتة قطع الممر، لا يعرف لماذا لبى رغبته وأتى ولكن من داخله أراد إلقاء ما بقلبه بوجه ذلك الذي يحمل اسمه بشهادة ميلاده
أصابعه الطويلة ظلت قابضة على مقبض الباب، تنبض بنبض خفي، تحذير، التفت وعد، منطقة خطر ممنوع الاقتراب
لكنه لن يفر، المواجهة سبيل النجاح
أدار المقبض ودخل.. ظلام هو كل ما رآه وصوت منتظم لصافرة جهاز هي كل ما كان يسمعه، الستائر كانت تمنع أول شعاع للنهار من دخول الغرفة لكن ضوء باهت ضعيف تسرب وسقط على فراش بمنتصف الغرفة الكبيرة والفاخرة
مشفى زيتون التخصصي.. عشر نجوم
نهض ضوء النهار بقوة أكثر مانحا لابن زيتون رؤية أوضح لجسد مرتخي على الفراش، جهاز تنفس على وجهه عيون يعرفها مغمضة، صدر يرتفع وينخفض ببطء ولكن يدل على الحياة
صورة كئيبة لرجل كان رمز للقوة والحيوية والنشاط، زيتون لا يعرف الرحمة ولا الاستسلام، طريقه ملوث بكل ما هو غير شرعي ولا يهتم.
ما الشرعية؟ شيء لم ينال ثانية من تفكيره، المال ثم المال والسلطة هو كل ما يعرفه وقد دهس تحت أقدامه كل شيء حتى ابنه والصغيرة الراحلة
الجسد أصبح ضعيف، ملامحه انكسرت تحت وطأة المرض، فقط تلك الأنابيب هي كل ما يحيط به كأنها تبقيه على قيد الحياة غصبا
خطواته كانت ثقيلة، تضغط معها على جراح كل السنوات التي غافلته وسرقت من عمره.. كل خطوة بصحوة ألم لذكرى ظن أنها ماتت وانتهت
"أنت ابن عاق وأنا لن أسمح لك بالتجاوز معي هكذا"
ارتفعت أنفاسه الغاضبة تلعن الحرام الذي عاش به، كيف ظن أن والده المليونير كان شريف وهو كله مغموس بالحرام بلا قطرة حلال واحدة
"أنا لست بحاجة لتجاوزك، أنا لن أبقى هنا لحظة، لا أرغب بمالك هذا"
ارتفعت حرارة الأجواء وتوهج وجه زيتون الكبير وتحجرت نظراته السوداء على ابنه الكبير والذي يحاسبه الآن..
"لا ترغب بمالي الذي كان سبب كل ما نلته، أفضل المدارس والجامعات، السفر حول العالم كل عام، سهرات، سيارات أحدث موديل، ملابس، هواتف، وتتحدث عن الحرام؟"
ابتعد والألم كلب ينهش بجثة عفنة "لم أظن.."
قبضة جعلته يلتفت ويواجه غضب لا قبل له به وحريق ملتهب بنبرة تكوي "هل تظن أن المال يتكدس بالبنوك هكذا وحده؟ هل تعرف كم تنفق في اليوم؟ هل تدري مصروفات أختك بالمدرسة الدولية، مصروفات ناني، هذا البيت؟ أنت تعيش كأمير هل تعي ذلك؟"
نفض ذراعه رافضا حتى لمسة منه "أعي ولكن لم أكن أعي مصدرها والآن لا أرغب بأب يسرق وينهب ويتاجر بكل ما هو غير شرعي"
الصفعة كانت مدوية.. قوية بلا رحمة، لم يكن فيها الأب ولم يرى الابن فقط كرامته المهانة
"من!؟"
الصوت خرج واهن جدا كحال صاحبه، تقدمه بات نهائيا وهو يقف أمام الفراش، ظله يكسو جسد أبيه الممدد
لحظة صامتة مرت ثقيلة، قبل أن تتحرك أصابع الرجل ببطء وكأنها تستجيب لوجود مألوف
فتح الأب عينيه المتعبتين نصف فتحة فالتقت نظراتهما لأول مرة منذ عشر سنوات. عينان غائمتان بالمرض وربما ندم، في مواجهة عينين مثقلتين بالغضب والخذلان
أبعد جهاز النفس عن فمه وبدت التجاعيد واضحة وبصمة العمر صادقة على وجهه "ظننتك لن تأتي"
الجمود أصبح سمته الطبيعية منذ دخل عالم الوحدة والآن تبعثر كل الجمود وتلاشي وأصبح هلام يتمايل يمينا ويسارا..
حلقه جاف، قلبه الذي نسى وجوده أصبح فجأة نابض بلا مقدمات بل ويتصارع بين أن يصرخ في وجه ذلك الرجل بكل ما عاناه أو أن ينهار طفلا صغيرا يركض نحو حضن أبيه المفقود؟
ماتت مشاعره، فقط نبض واحد كان ينبض لطفلته المدللة وقد مات هو الآخر برحيلها
"لم أعرف ما الذي أتى بي هنا؟ ربما لأني لم أصدق أنك كباقي البشر تمرض"
أغمض زيتون عيونه وهو يدرك أنها ليست قسوة ابنه بل هو نتاج أعماله وتصرفاته معه، لم يبكي عليه يوم طرده وتركه يصارع بالحياة وحده
"رحيلها كان ضربة قاضية أسقطتني بلا هوادة"
صرخ قلبه هو الآخر وتمنى لو أمكنه رؤيتها ولكنه عاقبها بذنب الأب القاسي ولم يفكر أن لا ذنب لها "دفعت ثمن أخطاءك"
هل حقا رأى دمعة بعيون الرجل الصخرة؟ هكذا كان لقبه، رجل بلا قلب أو إحساس، يدوس على كل من يسقط بطريقه ليصل لمبتغاه حتى ولو كانت ابنته.. أو ابنه..
فتح عيونه لتفر دمعة من عين قست كثيرا على كل من حولها والآن تنعي الراحلين بدمعة "هل فكرت يوما أن تعود؟"
لا، بل نعم، بل ظل تائه بين الأب الذي منحه كل شيء ثم وبلا مقدمات سحب منه كل شيء، الأب الذي صدق أن ابنه الكبير يسرق شرفه مع زوجته، تلك المرأة الماكرة..
"لمن؟ أعود لمن؟ لرجل صدق كذبة من امرأة هو يعرفها جيدا وعلى ابنه الذي يعرفه أيضا جيدا؟"
ابتلع الرجل ريقه والندم شبح رافقه كثيرا لكنه ظل يحتويه داخله وكرامته ترفض تركه حرا "أنت لم تحاربني، استسلمت وتركت كل شيء وظننت أنها كانت على حق"
الجدال لا فائدة منه الآن، نظرة الندم بعيونه تكاد تجعله يرفض تصديق أن هذا والده
"وما الجديد؟ أن نسمة ماتت؟"
"الجديد أني تعبت، لم أعد أتحمل فقدان أولادي واحد وراء الآخر، أنت من تبقى لي رشدي"
هل حقا هذا علي زيتون؟ الرجل الذي لا يعرف التنازل؟
الرماد احترق، تناثر بالهواء تاركا ظلال عتمة باردة بعيونه خالية من أي تعبير لأن داخله متاهة، هوة سحيقة وهو يسكن أعماقها ولا مناص من التسلق عبر جدرانها الباردة ليصل للفوهة حيث لا يعلم ماذا ينتظره؟
"وما المطلوب؟"
بأنفاس متعبة وعيون ما زالت تتلاعب بها الدموع، ملامح متعبة يائسة أجاب "عودتك، أنا بحاجة لك"
تنهد رغما عنه، عيونه لا تفارق الجسد الساكن أمامه، ليس قرار عادي بل مصير، هل يترك عالمه الذي صنعه بمجهوده؟
يترك هارون؟
العسلية؟
انفتح الباب ورأى الممرضة لتبدأ عملها وانتهت الكلمات وأنا ككاتبة توقفت عن الكتابة
ماذا يمكن أن يكون القرار؟
*****
لم يمت أحد ويعود للحياة ليحكي لنا ماذا حدث له
لكن هناك من أوشك على الموت وكاد يرحل تاركا العالم بالعذاب ورؤية الهلاك وأشرف على عيش سكرات الموت
هارون عاش الموت.. ليال رأت الموت
وكلاهم عاد للحياة وتشبث بالآخر تشبث الروح بالجسد
وجودها بين أحضانه بالسيارة جعلها تدرك أن هذا الرجل هو الروح التي تتشبث بها لتعود للحياة، هو الزعيم ليس فقط لمن حوله بل ولها هي
اليوم هو انتزعها من أنياب الضباع والفهود وكل الوحوش التي ترصدت لها كي تنزع منها الحياة وتسرق أعضاءها
لذا ما أن أصبحت بجواره بالسيارة حتى سكنت بين ذراعيه، هادئة، راضية مطمئنة
دفء أحضانه كان الجنة التي نالتها بعد الجحيم الذي عاشت به منذ انتزعوها من سيارته، هذا هو ما تمنته، أن تراه وتقر بجواره والأهم أنه ما زال على قيد الحياة
"مرحبا بعودتك صغيرتي"
أنفاسه الدافئة حطت على وجنتها ورفعت وجهها تلتمس نظراته الهادئة لها هي وحدها، خلت من مكر الذئب وشراسته، انطفأت نيران السخط والغضب وحل محلها راحة وسكينة
عادت أنثى الذئب.. عادت الحياة للزعيم وعاد القطيع للحياة
"وعودتك هارون، كنت كالمجنونة وأنا أراهم حولك وأنت وحدك"
أبعد خصلات شعرها المشعث والذي امتلأ برائحة المطهرات ولكن ما زالت الفانيليا تصل لأنفه
"لم يهزمني سوى سقوطك بأيديهم"
تنفست من الذكرى ولم تجد نفسها ترغب بذكرها ومع ذلك هي كالطيف يحوم حولهم بلا استسلام "هل عرفت من سبب كل ذلك؟"
أبعد وجهه عن عيونها المتعبة مثله وما زال جزء من عقله مع من يفعل ذلك به "لا، لكن سأعرفه ولن يكون من الجيد له وقتها أن يكون بوجهي"
أراحت رأسها على كتفه وهو ضغط عليها بذراعه وكأن كلا منهما لا يرغب بذكر ما كان، ليس الآن، فقط تلك اللحظة لهم
رفعت عيونها له وقالت "أنت متعب؟"
عاد لها وأسقط نظراته على رأسها المستقر على كتفه، عليه أن يسمعها، يرى من خلال ما حدث لها أي نور يضيء له عتمة طريقه للمجهول فحكت له كل ما أصابها من خوف والم والجثث و..
نست رائحة القهوة و..، صاحب العصا
هندية كالعادة هي أول من يستقبلهم فهي الأم "الحمد لله على سلامتكم، لم أعرف ماذا أفعل سوى الدعاء بنجاتكم"
تخدر جسده حتى أصبح لا مكان للألم أو ربما أقراص صفوان تؤدي الغرض أو عودتها نسفت الألم ودمرت كل ما مر به وتبقت عيونها التي تمنحه الراحة أنها بجواره
"هل تدخل لترتاح؟"
ابتسم لها ولكن وجود صفوان جعله يتراجع عن أن يكون معها "سألحق بك، زياد سيأتي لرؤيتك ورؤية جراحك"
ظلت تنظر بعينيه ولكنها تعلم أن هناك ما يوقفه عن الراحة، صفوان
تحركت تجاه غرفتها فلمس يدها فالتفتت ليهمس لها "غرفتي ليال"
ظلت النظرات متواجهة والجميع يخفض نظراته عنهم وكأنهم ليسوا هنا، وارتفعت الذكرى القريبة بينهم وزاغت نظراتها وشحب وجهها وتلون بألوان كثيرة أدركها وتفهمها وسيكون عليه منحها تفسير
لن تكون إلا زوجته وسيتخطى كل الصعاب من أجلها
وعليها أن تسامحه
لم ترد وهي تدرك وجود الرجال بل وهندية، لن يعرف أحد ما بين الديب وأنثاه
أغلقت باب غرفته التي لم تعد غريبة عنها، أمضت بها وقت كافي لتعتاد عليها ومع ذلك ما زالت تشعر بالغربة
تركت الباب وتحركت وبمنتصف الغرفة تذكرت أنها ما زالت بقميصه، أحبت نفسها ورائحة رجولته تحتضنها لتحميها من نسمة الهواء
فتحت خزانة الملابس ووجدت ملابسها رتبت به بجوار ملابسه فشكرت هندية على ذلك عبثت بهم وهي تجذب ملابس، بلوزتها وبنطلون جينز قاتم جذبتهم وما أن فعلت حتى سقط شيء على الأرض سقطت معه نظراتها
شيء فضي لمع على الأرض.. سلسة تشبه جنزير من الفضة و..
ارتفعت دقات قلب مرعوب خائف من تصديق ما يراه.. انحنت ببطء وتمنت لو كانت نظراتها تخدعها، تمنت لو لم تكن هي
السلسلة!!
بأصابع مرتجفة لمستها ورفعتها وتأرجح القلب الفضي أمامها وتأرجحت معها الحقيقة التي لم تكن تعرفها، لا...
صرخ قلبها والقلب يتأرجح أمام عيونها الباكية، وقلبها يرفض الحقيقة
لا.. لا يمكن.. الدموع تكونت بسرعة البرق بعيونها ورعد قلبها وزمجر عقلها وارتجفت وهو يؤكد ما لم ترغب بتصديقه
"نعم هو أنا