
رواية عطر الانتقام والحب بقلم سيليا البحيري
رواية عطر الانتقام والحب الفصل الرابع عشر14بقلم سيليا البحيري
بعد كام يوم في صالون الفيلا الكبير، الجو دافيء، الكل قاعدين في دايرة عيلية، كوبايات الشاي والقهوة على الترابيزة. ضحكات خفيفة، والجو هادي بعد أيام الزفاف المزدحمة.
ليان (بحماس مصطنع وهي بتلوح بإيديها):
– آه يا جماعة! لازم أحكيلكم عن فرنسا! 😍 تخيلوا مرة ضيعت في باريس ودخلت بالغلط قاعة محاضرات بتاعت جراحة المخ والأعصاب! قعدت ساعة كاملة وأنا فاكرة إنها مادة الأدب 😂… وشوفوا شكلي لما الدكتور سألني رأيي في العملية اللي عرضها!
زين (منفجر ضاحكًا وهو بيصفق على فخده):
– يا ساتر! والله طلعت هبلة يا بنت إيهاب! بنتك كان المفروض تبقى دكتورة وهي مش فاهمة حاجة 🤣.
ليان (رافعه حاجبها مازحة):
– عادي جدًا يا عمي زين، أهو أذكى دكتور في القاعة حيّاني وقال: "ممكن تكوني أذكى طالبة شفتها، لإنك ما غمّضتش عينيك من الخوف طول العملية". وأنا كنت في صدمة مش فاهمة حاجة!
سليم (مبتسم ابتسامة خفيفة، بيحاول يخفي حزنه):
– على الأقل عندك قصص مثيرة. إحنا حياتنا هنا مملة… أقصى مغامرة عندنا لما ماما تغيّر وصفتها في المطبخ وتفشل 🤭.
ريم (تنظر له بحدة مازحة):
– اسكت يا ولد، قبل ما أحرمك من الأكل اللي بتحبه!
ليان (تضحك بصوت عالي):
– يا الله! وحشتني الروح دي، العيلة والضحك واللمة ❤️.
ديلان (بتبتسم لكن عينيها حزينة):
– إيه يا ليان… ضحكتك دي حلوة أوي، بس باين وراها وجع.
ليان (تسكت لحظة، وبعدين ترجع تبتسم بسرعة):
– وجع إيه يا عمّتي؟ كله راح، كله انتهى. أنا دلوقتي إنسانة جديدة، فرنسا علمتني إزاي أعيش من غير دموع.
إيهاب (بينظر لها بحنان وعينيه تلمع):
– بس يا ليان… أنا عارف. مهما تحاولي تضحكي، في حاجة جواكي لسه موجعاكي. أنا أبوكي، وبشوف الألم ده في عينيكي حتى لو خبّيتيه.
ليان (بتتنفس بعمق، وتضحك ضحكة صغيرة لكنها مكسورة):
– يمكن… يمكن بس خلاص. ماضي ودفنته.
مريم (تمد إيديها وتربت على إيد ليان):
– يا حبيبتي… عارفة، ربنا عوضك بعيلة بتحبك، وإنتي لسه صغيرة، حياتك قدامك.
ليان (بتبص لمريم بامتنان):
– شكرًا يا خالتي… فعلاً وجودكم حواليّ بيعوضني كتير.
إدوارد (بهدوء):
– ودايمًا فاكري، القوة مش إنك تنسي الماضي، القوة إنك تعيشي رغم اللي حصل.
حور (بعاطفة):
– وأنا مبسوطة إنك رجعتي لينا. عهد في سفرها كانت طول الوقت بتقول عليكي وعايزة تشوفك تاني.
ليان (تضحك بخفة):
– عهد دي! لو تعرفوا كام مرة اتصلت عليا وأنا في فرنسا تقولي: "ارجعي بسرعة، زهقت من الشباب هنا" 🤭.
مراد (مبتسم):
– عهد محظوظة بيكي… زي ما إياد محظوظ إنه عنده أخت زيك.
إيهاب (بيحط إيده على كتفها بحنان):
– وأنا محظوظ إنك بنتي. آسف على كل حاجة فاتت… آسف لأني ما قدرتش أحميكي من… (يصمت فجأة).
ليان (بتبص له بسرعة وتعانقه بقوة لتقطع اعترافه):
– خلاص يا بابا! ما تجيبش سيرة الماضي تاني. أنا عندي أب، وأب بس… واللي اسمها "أم" خلاص ماتت جوة قلبي من زمان.
(يصمتوا شوية، الجو مليان بمزيج من الحزن والراحة. ليان ترجع تبتسم بخفة وتقول بنبرة مرحة مصطنعة):
ليان:
– طيب! دلوقتي بما إنكم حرمتوني من حضور الزفاف 😏، يبقى لازم أعمل انقلاب وأخلي حفلة العيلة الليلة كلها على شرفي!
زين (بيصفق بحماس متصنع):
– أهو ده الكلام! حفلة ليان الكبرى 🤩.
تضحك العيلة، لكن ورا الضحكات قلوبهم مثقلة بالشعور بالذنب والحزن على اللي عاشته ليان، وإيهاب يزيد عزمه إنه يعوضها عن كل لحظة قسوة مرت بيها
**********************
في جناح خاص في فندق فخم في الفلبين
الضوء خافت، شموع على الترابيزة، شرفة مفتوحة على البحر، وصوت الأمواج بيدخل بهدوء. عهد قاعدة على الكنبة لابسة فستان أبيض بسيط، وإياد قاعد جنبها ماسك إيدها.
إياد (وهو بيبص في عينها بعمق):
– مش مصدق… فعلاً مش قادر أستوعب إنك بقيتي مراتي دلوقتي. طول عمري بشوفك قدامي بنت عمي الصغيرة… وفجأة بقيتي نصي التاني.
عهد (تضحك خجل):
– وأنا كمان… لسه مش مصدقة. يعني لحد سنة اللي فاتت كنت باعتبرك أخويا الكبير اللي دايمًا بيزعجني بنصايحه! 😅
إياد (مبتسم):
– ودلوقتي؟
عهد (تخفض عينها وبعدين ترفعها بابتسامة صافية):
– بقيت الراجل اللي بحبه أكتر من أي حاجة في الدنيا ❤️.
إياد (يشد إيدها برقة):
– يا الله يا عهد… الكلام ده أغلى عندي من كل كنوز العالم. عارفه؟ أنا كنت فاكر نفسي قاسي، متربي إني ما أظهرش مشاعري. بس لما شفتك أول مرة بتعيطي عشان حاجة تافهة، حسّيت قلبي اتغير.
عهد (تضحك بخفة):
– تفتكر وقتها؟ كنت بعيط عشان كسرت الموبايل! 😆 ما كنتش متخيلة إن الموضوع يسيب أثر عندك.
إياد (يضحك وبعدين يقبّل إيدها):
– أي حاجة تخصك كان ليها أثر. حتى دموعك وقتها كانت بالنسبة لي أغلى من أي حاجة.
(يصمتوا شوية، بيتبادلوا نظرات عميقة، وعهد تحط راسها على كتفه بهدوء).
عهد (بصوت واطي):
– إياد… أنا بحلم بيوم يكون عندنا بيت صغير، نملأه ضحك وحب… وعيال يركضوا حوالينا.
إياد (مبتسم وهو بيمرر أصابعه في شعرها):
– وأنا أوعدك… البيت ده هيبقى مليان سعادة. هبني لك عالم خاص بيكي، عالم من غير حزن ولا دموع.
عهد (تبص له بعاطفة):
– تفتكر أكون مرات كويسة؟
إياد (بثقة):
– إنتي أحلى وأجمل وأحن مرات… إنتي نصفي اللي كان ناقصني. حتى لو الدنيا كلها وقفت ضدنا، أنا هفضل ماسك فيكي.
عهد (تضحك بخفة):
– عنيد زي العادة!
إياد (يميل ليها أكتر):
– عنيد… بس عشانك.
(يصمتوا، يقرب منها أكتر ويقبّل جبينها، وعهد تبتسم بسعادة وتحس بالأمان اللي عمرها ما حسته قبل كده).
عهد (وهي بتهمس):
– بحبك يا إياد… من قلبي.
إياد (بصوت دافي):
– وأنا بحبك يا عهد… وبوعدك إن الحب ده مش هيموت أبدًا.
(أصوات الموج والنسيم بتتخلل صمتهم، والعاشقان يغرقوا في لحظة حب صافية، بداية رحلة جديدة مع بعض).
********************
في جناح فخم في منتجع بالفلبين
الضوء هادي، شرفة كبيرة مطلة على النخيل والبحر، ومزيكا هادية في الخلفية. صوفيا قاعدة على طرف السرير، بتتأمل نفسها في المراية وتضحك خفيف على نفسها، وآدم واقف جنب الشرفة ماسك كباية ميه، ساكت زي العادة.
صوفيا (تضحك بمرح):
– صدقني يا آدم… لسه مش مصدقة إنك بقيت جوزي! 😅 أنا وصوفيا المرحة والمتسرعة… وأنت آدم البارد اللي دايمًا كان بيعصبني!
آدم (يلتفت ليها بابتسامة هادية):
– وأنا كمان لسه مش قادر أستوعب إن البنت الصغيرة اللي كانت بتلاحقني بأسئلتها الغريبة من سنين… بقيت مراتي.
صوفيا (ترميه مخدة):
– أسئلتي مش غريبة! 😤 كنت بريئة… وكنت عايزة أعرف كل حاجة.
آدم (يمسك المخدة ويضحك لأول مرة بصدق):
– عارفة… وصدقيني، كنت مستني أسئلتك. حتى وإنتِ بتزهقيني، كنتي بتحركي جوه قلبي حاجة ما فهمتهاش غير لما كبرتي.
صوفيا (تتوقف فجأة، تبص له بدهشة):
– آدم… يعني إنت كنت بتحبني من زمان؟
آدم (يقرب منها شوية، يقعد جنبها):
– مش بس حبيتِك… أنا ما نسيتكش من أول يوم. من ساعة ما شوفتك في المستشفى بتعيطي عشان مامتك ماتت… كنتي الوحيدة اللي لمست قلبي من غير ما تعرفي.
صوفيا (تتأثر، تحط إيدها على إيده):
– كنت صغيرة وقتها… بس فاكرة دموعك. كنت الطفل اللي حاولت أواسيه، مع إني ما كنتش فاهمة معنى الموت ساعتها.
آدم (يمسك إيدها جامد):
– وكنتِ البنت اللي ما فارقت بالي ولا قلبي. عشت ١٥ سنة شايل صورتك الصغيرة في دماغي. والنهاردة… إنتي قدامي، مراتي.
صوفيا (تضحك خجل، بتحاول تخفف الجو):
– أوف! طلع آدم الرومانسي مختبئ ورا البرود! 😍
آدم (يبتسم ويقرب أكتر):
– الرومانسية ما بتظهر إلا لللي تستاهل… وإنتي الوحيدة اللي تستاهلي.
صوفيا (تحط راسها على صدره بخفة):
– آدم… أنا وعدتك قبل الجواز إني ما أغيرش شخصيتي المرحة. حتى لو بقيت مراتك، هافضل البنت اللي بتضحك وبتغني وبتزهقك.
آدم (يضحك بخفة نادرة، يمرر إيده على شعرها):
– وأنا وعدتك إني ما أغيرش هدوئي. هافضل الراجل اللي يوازن جنونك.
صوفيا (تغمض عينها بابتسامة دافية):
– يبقى إحنا مثاليين لبعض. طفلة وراجل هادي… مزيج غريب، بس حلو.
آدم (يهمس عند ودنها):
– حلو… عشان إحنا.
تغلق عينها بسعادة، وهو يحضنها بحنية، لحظة حب صافية بين الجنون والهدوء، بين الضحكة والبرود، بداية قصة جديدة بين قلبين مختلفين لكن مكملين لبعض
*****************
فيلا العيلة / أوضة ليان – الليل
الجو هادي، أغلب العيلة نايمين بعد سهرة طويلة مليانة ضحك. نور القمر خفيف بيتسلل من الشباك، وبينعكس على وش ليان اللي قاعدة على السرير لوحدها، بتشيل قرطها بهدوء. لحظة صمت تتحول فجأة لنفس طويل، والدموع تبدأ تتجمع في عنيها.
ليان (تهمس لنفسها بصوت مكسور):
– مجدي… 😔 خمس سنين يا مجدي… خمس سنين وأنا بحاول أنسى… بس الليالي كلها بتفكرني بيك. ضحكتك، ابتسامتك، حتى صوتك لما تقول لي "ليو".
(تغطي وشها بإيديها وتعيط بصوت مكتوم. تقوم ببطء وتروح على درج الطرابيزة جنب السرير، تفتحه وتطلع صورة قديمة لمجدي، وشه شاب وبريء. تبص فيها طويل، عنيها مرتجفة من الدموع.)
ليان (بغضب ووجع):
– أمي… الله لا يسامحك. كان ذنبه إيه؟! إيه ذنبه إنه حبني بجد؟ قتلتِه بدم بارد… زي ما قتلتي روحي معاه.
(إيديها بترتجف، تضغط الصورة على قلبها وتقعد على الأرض، ضهرها ملتصق بالسرير.)
ليان (تشهق وهي تعيط):
– كلهم فاكريني قوية… ضاحكة… مرحة. حتى بابا بيحاول يعوضني… بس محدش يعرف إن كل ليلة… كل ليلة أنام وأنا بتمنى لو كنت مت معاه.
(تسند راسها على السرير، دموعها بتنزل بغزارة.)
ليان (بصوت متقطع):
– يا رب… خد حقي منها. زي ما خدت أعز حد عندي… خلي نهايتها أسوأ من كل اللي عملته في حياتها.
تسكت، تقفل عنيها بقوة وتشهق مرة أخيرة. تمد إيدها تحت المخدة، تحط الصورة جنبها وتغطي نفسها باللحاف. عنيها تفضل مفتوحة وقت طويل قبل ما تغمض من التعب بعد بكاء كتير
*****************
في حديقة الفيلا / الصبح بدري
أول أشعة الشمس بتتسلل من بين الشجر، العصافير بتزقزق بهدوء. ليان قاعدة على طرابيزة صغيرة في الجنينة، ماسكة فنجان القهوة بإيديها، شعرها سايب وساكته، بس عنيها سرحانة بعيد. التعب لسه باين حوالي عنيها.
يدخل إيهاب بهدوء، لابس روب بيت، شكله هو كمان ما نامش كتير. يقف لحظة يبص على بنته، يبتسم بحزن وبعدين يقرب ببطء ويقعد قدامها.
إيهاب (بصوت هادي، أبوي):
– صباح الخير يا ليان… ☀️ ما شاء الله مصحيه بدري النهارده.
ليان (ترشف قهوتها من غير ما تبص عليه):
– صباح الخير يا بابا… ما نمتش كويس.
إيهاب (يميل شوية ناحيتها، بنبرة حنونة):
– باين… عنيكي فضحوكي 😔. عمرك ما عرفتي تلبسي وش قدامي.
(ليان تنزل عنيها، تحاول تبتسم وما تعرفش. تنهيدة تقيلة تطلع منها.)
ليان:
– حاولت… حاولت أضحك مع الكل امبارح… بس الليل يا بابا قاسي. بيرجعلي كل الذكريات.
(صوتها يرتجف، إيهاب يمد إيده يلمس إيدها بخفة، يمسكها بحنية.)
إيهاب (بصدق شديد):
– ليان… بنتي الوحيدة… أنا آسف. آسف على كل اللي عشتيه مع أمك. عارف قد إيه جرحتك وظلمتك. وصدقيني… لو كنت قادر أحميكي زمان، ما كنتش هسيبها تأذيكي كده.
(ليان تدمع، ترفع نظرها له وتقول بصوت واطي:)
ليان:
– أنا بكرهها يا بابا… بكرهها من قلبي. حتى موتها… ما رجعليش راحتي.
إيهاب (يشد على إيدها، بعيون دامعة):
– وأنا كمان يا ليان… عمري ما حبيتها. كانت غلطة عمري. بس إنتي… إنتي النور الوحيد اللي طلع من حياتي دي. إنتي اللي مخلياني لسه واقف.
(ليان تحط راسها على كتف أبوها، وهو يضمها بحنية جامدة. تعيط في هدوء وهو بيربت على كتفها.)
إيهاب (يهمس لها):
– إوعي تسيبي الماضي يسرق منك المستقبل. مجدي الله يرحمه كان شاب طيب… وأنا متأكد إنه كان بيتمنى يشوفك سعيدة، مش غرقانة في الحزن.
ليان (بصوت خافت وسط دموعها):
– بتحاول تقنعني أعيش، وأنا لسه مش عارفة إذا هعرف أعيش من غير وجع.
إيهاب (يبص لها بحنية، يرفع دقنها بخفة):
– جربي يا ليان… وخلي قلبي معاكي. أنا مش هسيبك أبدًا.
********************
في مكان مظلم – قبو تحت الأرض في القاهرة
صناديق خشب مرصوصة بعناية، ورق متناثر على الأرض، خرائط معلقة على الحيطان، شاشات مراقبة بتعرض صور العيلة في الفيلا، وصور قديمة لثريا وقاسم وأشخاص تانيين مجهولين.
يدخل راجل طويل، لابس بالطو أسود طويل، وشه مش باين كويس بسبب الظل. صوته عميق وبارد. يحط سيجارة بين شفايفه ويولعها بهدوء.
الرجل الغامض (مبتسم بسخرية):
– يعني… فشلتي يا ثريا. كنتي أداة كويسة… بس خلصتي زي حشرة.
يطلع ملف تقيل عليه صور عيلة "البدراوي": مراد، زين، إيهاب، ديلان، مريم، والأولاد: عهد، سليم، إياد، صوفيا، وحتى آدم.
الرجل الغامض (يضحك بخبث):
– العيلة دي… نفس الدم، نفس الغرور… نفس نقطة الضعف.
بس… اللعبة لسه ما بدأتش.
يحط صباعه على صورة "ليان"، ويبتسم ابتسامة غامضة.
الرجل الغامض:
– إنتي الورقة اللي محدش كان متوقعها… وهخليهم كلهم يدفعوا تمن اللي عملوه لمامتي.
يصمت لحظة، وبعدين يرفع وشه ناحية الشاشة اللي بتعرض صور فرح عهد وإياد وصوفيا وآدم، والمزيكا بتعلى تدريجياً.
الرجل الغامض (بهمس):
– مع السلامة يا آل البدراوي… قريب جدًا… هتندموا على كل لحظة فرح عشتموها.
الشاشات تنطفي فجأة، والمكان يفضل مظلم إلا عن جمرة سيجارته المولعة… المشهد يقفل على ضحكة هادية شريرة.
******************
الراجل الغامض واقف قدام الشاشات اللي طفاها لسه، ودخان سيجارته طالع في الهوا… فجأة باب حديد ورايه بيتفتح ببطء، صريره بيقطع السكون.
يدخل راجل تاني، قصير نسبياً، متأنق زيادة عن اللزوم، ماسك عصاية فاخرة في إيده، ووشه ما يفارقوش ابتسامة ساخرة.
الراجل التاني (بتهكم لاذع):
"أوه… نفس المسرحية تاني.
'هدمّ آل البدراوي… هانتقم… هخليهم يركعوا…' "
(بيصفق ببطء بسخرية)
كم مرة سمعت الكلام ده قبل كده؟
الراجل الغامض يلتفت له ببرود، وضيّق عينيه من غير ما يرد.
الراجل التاني (بضحكة مستفزة):
قاسم قالها… وفشل.
ثريا قضّت عمرها بتردد الكلام ده… وماتت في الشارع زي كلبة ضالة.
حتى شهيرة قبلهم… نفس الحقد الأعمى، ونفس النهاية.
بيقرب أكتر ويقف قدامه، ويرفع عصاية ويشوّر على الصور اللي على الترابيزة.
الراجل التاني:
فاكر نفسك مختلف؟ هاهاها… صدّقني، هتفشل.
العيلة دي… مهما تنهز… دايمًا تقوم تاني.
الراجل الغامض بيرسم بسمة باردة لأول مرة، ويكوي سيجارته في صورة "مراد".
الراجل الغامض (بصوت واطي وحاد):
أنا مش قاسم… ولا ثريا… ولا حتى شهيرة.
أنا الظل اللي العيلة دي نَسَتّه… وأنا هبقى نهايتهم.
يصمت شوية، وبعدين بينحني لقدام وبهمس في ودن الراجل التاني:
الراجل الغامض (بهمس):
وأنت… يا إما معايا… يا إما هتتدفن معاهم.
الراجل التاني يضحك بصوت عالي، وبعدين يدور على رجله، ويضرب بعصايته في الأرض تلات مرات قبل ما يمشي من القبو.
الراجل التاني (قبل ما يقفل الباب):
هاستنى سقوطك… هتبقى منظرة ممتعة.
الباب يتقفل بعنف، والراجل الغامض فضل واقف في الضلمة، عينيه بتلمع نار