رواية قيود تنتظر الغفران الفصل الاول1بقلم ايه طه
الدار كلها مقلوبة.
المأذون قاعد على الحصيرة، ماسك القلم والورق.
رجالة العيلة متصدرين الصف الأول: عم يوسف الكبير "عبد الجليل"، والشيخ "مبروك"، وحسين قاعد في الركن، عينه تلمع زي عيون الثعابين.
يوسف واقف، طويل وعريض، لابس جلابية كحلي، بس وشه مصفر كأنه راجع من جنازة مش فرح.
هاجر في النص التاني من المجلس، قاعدة بين ستات العيلة، طرحتها على وشها، إيدها بتترعش.
المأذون بصوت مسموع:
يا أستاذ يوسف أحمد عبد الرحيم، بتقبل جوازك من الست هاجر عبد الجليل، على كتاب الله وسنة رسوله، بالمهر المسمى بينكم؟
يوسف بلع ريقه، صوته مكتوم.
– …
الكل بص له.
عمه عبد الجليل ضرب عصيته في الأرض بقوة:
واه واه ما تنطق يا يوسف! ما تفضحناش قدام الخلق اكديه..... قول ياولد
يوسف رفع راسه، عينيه مغمورة دموع مكبوتة، وقال بصوت مبحوح:
… ايوا بقبل...
صوت صفير من حسين، حاول يغطيه بكحة.
المأذون حرك راسه ناحية هاجر.
وإنتي يا هاجر عبد الجليل… بتقبلي جوازك من يوسف أحمد عبد الرحيم، على كتاب الله وسنة رسوله؟
هاجر حست الدنيا بتلف.
دموعها نزلت، قلبها بيصرخ "لا"، لكن حواليها الستات بيزغدوا فيها:
قولي قبلت يا بت… قولي قبلت… متركبيناش العار.... والله ابوكي يطوخك عيارين يطلع روحك..... انطقي يابت وخلي الليله تعدي على خير..
صوت أمها جه من ورا:
هاجر! ما تعمليش فضيحة انطقي يابتي.... احنا بنعرف الصوح فين اكتر منك.... اسمعي الكلمه وانطقي..
هاجر كتمت شهقتها، وقالت بصوت متقطع:
– ق… قبلت.
الدنيا اتقلبت.
زغاريد ملت السما، الستات يهللوا، الرجالة يضحكوا ويشدوا في إيد يوسف.
يوسف واقف زي الصنم، ما فيهوش روح.
هاجر نزلت وشها أكتر وأكتر، طرحتها غطت نص وشها.
حسين ابتسم وهو بيبص ليوسف:
ألف مبروك يا ابن عمي… إن شاء الله خير.
وتبقى زواجه العمر كله.... مش زي اللى فاتت اكديه....
يوسف بص له نظرة نارية:
إن شاء الله خير…وملكش صالح ياحسين بزواجتي اللى فاتت ولا تجيب سيرتها علشان مزعلكش برده فعلي عليك سامع ولا لاه....
المأذون كتب الورق، وقفل الدفتر.
مبارك لكم عليكم… على بركة الله.بالرفاء والبنين باذن الله..
يوسف ما ردش.
مشي ناحية الباب بخطوات تقيلة.
هاجر قامت ببطء، رجليها تتلخبط من الخوف، مشت ورا يوسف.
بره الطريق للدار كان مزين فوانيس وورود، بس يوسف ما شافش حاجة، ولا هاجر شافت.
كانوا ماشيين جنب بعض، ساكتين، بينهم جدار صامت.
يوسف دخل الدار، بص للحوش الفاضي وقال بحدة:
اتفضلي روحي أوضتك وفضي حاجتك وانا هكون بالاوضه التانيه داي.....
هاجر وقفت، قلبها بينط من مكانه.
احم.... أوضتي؟!
يوسف: أيوا… الأوضة اللي كانت بتنام فيها سلمى… بقت أوضتك دلوك...
كلمة "سلمى" كسرت قلبه قبل قلبها.
هاجر بصت للأرض، دموعها نزلت.
دخلت الأوضة وسابت نفسها على السرير، غطت وشها بالطرحة، وبكت بصوت مخنوق.
يوسف دخل أوضته التانية، رمى نفسه جنب السرير، حط راسه في كفه، وقال بصوت واطي بيتقطع:
يا سلمى… سامحيني.ما كنتش رايد… والله ما كنت رايد...... هما اللى غصبوا عليا وضغطوا....
الليل ساكن في دار يوسف، والهوى ماشي ببرود بين جدران الطين.
يوسف وهو ممدد على حصيره في أوضته، عينه معلقة في السقف.
دماغه مشغولة، والليلة دي بالذات كل ذكرى بترجع تلسع قلبه.
صوت ضحكة سلمى بيرن جوا ودانه…
ضحكة كانت بتملأ الدار بالونس.
🎬 فلاش باك
الحوش مليان دوشة.
سلمى – مراته وبنت عمه – قاعدة بتعجن العيش في الطابونة، شعرها طالع من تحت الطرحة ووشها منور بابتسامة.
يوسف داخل شايل حمل علف على كتفه.
يوسف: واه يا ولية، هتخلصي عجين النهارده ولا لساتك بتعجني فيه عاد....
سلمى تضحك وهي تمسح عرقها:
واه ياراجل إنت جايب حملك والغيط اللى ورا الدار وعاوزني أخلص عجيني في ساعة؟ لاه إنت مش يوسف اللي أعرفه!
يوسف يقعد جنبها، ياخد عجينة في إيده.
واه وبعدهالك عاد.... طب خليني أساعدك اكديه بقيت يوسف اللى تعرفيه صوح....
سلمى: واه واه يوسف على سن ورمح هيحط إيده في العجين ؟! دي معجزة لو حوصولت.... ومحدش هيصدقني واصل....
يوسف: واه ليه يعني؟ أنا صوح راجل إيديا ناشفة من الأرض والزرع، مش هتعرف تعجن يعني؟
سلمى هي تبص له وتضحك:
لاه، دي إيدينك للحرث والجدعنة… سيب العجن عليا..... ايوا رايدين ناكل مش يجيلنا مغص ووجع بطن.....
يوسف ساب العجينة ورجع ضحك معاها.
صوت أولادهم جريوا في الحوش: ابووووووي… يا ابوي... ابوي جه ابوي جه...
اتنين صغيرين، عيونهم فيها نفس لمعة سلمى.
يوسف شال واحد على كتفه وقال:
يا مرحب يا مرحب بالباشا سليم… ديه بقى قلب أبوه.
والتاني شد هدومه وقال:
وأنا يا يابا؟
يوسف: وإنت يا وليد… نور الدار.
سلمى بصت عليهم والدمعة في عينها من فرحتها:
ربنا يخليهم ليك ويخليك ليهم قادر ياكريم...
بالليل، يوسف قاعد في الحوش، سلمى قاعدة جنبه.
سلمى قالت له:
بقولك يا يوسف… لو جرالي يوم حاجة…را...
يوسف بيقاطعها: استغفري ربك يا سلمى، ما تقوليش اكديه تاني.... وخلي الليله تعدي على رواق عاد....
سلمى: اهدى بس اكديه... بقولك فرض يعني… لو مشيت وسيبتك والعيال؟
يوسف بص لها بحزم:
وبعدهالك عاد ياوليه...مش قولتلك ما تقوليش اكديه تاني. إنتي عمرك ما هتمشي وتسيبيني خلاص بقى عاد ومتنكديش اكديه الله لا يسيئك يا سلمى الحديت الماسخ بيوجعلي قلبي...
سلمى: بس يا يوسف انا بقول الحق كلنا رايحين يا يوسف… وانا بس رايده اطمن عليك وعلى العيال.....
يوسف شد إيدها:
بصي يا سلمى علشان نقفل الحديت ديه ومنفتحش فيه تاني واصل..... إنتي عمري يا سلمى. لو بعدتي… أنا اللي أموت..... انتى فى كل حاجه يا سلمى مقدرش ابعد عنك واصل اقفلي على الحديت الماسخ ديه
سلمى ابتسمت وهي تبص للنجوم.
ربنا يطول في عمري علشانك.
الأيام تتقلب، والضحكة تسكت.
سلمى عيت فجأة، مرض غريب هدها.
يوسف يوديها للدكاترة، يلف بيها من بلد لبلد.
كل ما يرجع، عينه مليانة دموع، وهو ماسك إيدها اللي بتضعف يوم بعد يوم.
في ليلة برد، يوسف كان قاعد جنبها، وهي بتنهج:
سلمى: يوسف… ما تسيبش العيال يتيهوا…من بعدي.... الله يخليك يا يوسف فكر فيهم زين واعمل اللى فى مصلحتهم...
يوسف: يا سلمى، بلاش الحديت ديه عاد. إنتي هتخفي باذن الله وهتقومي بالف خير وسلامه وهتاخدي بالك من العيال بنفسك....
سلمى: اوعدني… لو أنا مشيت… إنك هتفضل فاكرني، ومش هتجيب واحدة تاخد مكاني فى قلبك.... تاخد مكانى فى الدار مع العيال ايوا بس فى قلبك لاه.... واحكي كتير مع العيال عني متخليهمش ينسوني يا يوسف بالله عليك....
يوسف بحزن: ايه اللى انتى بتقوليه ديه؟! والله ما في واحدة غيرك هتاخد مكانك فى قلبي.... انا قلبي ملكك انتى وبس يا سلمى بالله عليكي انتى اجمدي اكديه واقوي وقوملنا بالسلامه...
سلمى: يا يوسف… أمانة عندك… ريح قلبي عاد.... متخلنيش اروح وانا قلبي مش مطمن عليك وعلى العيال... مش عايز تريحنى فى نومتي ليه عاد....
يوسف فضل سايب دموعه تنزل على إيدها، وهو يردد:
أمانة يا سلمى… أمانة.
الصبح طلع، والدار كلها عزاء.
صوت القرآن يتردد من الميكروفون، النسوان تلطم وتعيط.
يوسف قاعد على الأرض، راسه مدفونة بين ركبته.
سليم ووليد قاعدين ساكتين، مش فاهمين حاجة غير إن أمهم مش هترجع.
واحد من الرجالة ربت على كتف يوسف:
وحد الله اكديه.... اصبر يا يوسف… دي إرادة ربنا وانت مؤمن وموحد بالله ومفيش اعتراض على حكمه وقضاءه اجمد اكديه وقوى قلبك علشان خاطر العيال داى..... وهى ربنا رحمها من العذاب اللى كانت فيه...
يوسف ما ردش، بس قلبه بيتقطع.
بعد ايام العزا.. الأهل اتجمعوا.
عمه عبد الجليل قال بصوت عالي:
بصو يا جماعة، الراجل ديه عنده ولاد صغار، والدار محتاجة ست. الحل الوحيد… يتجوز.
واحدة من الستات قالت:
معك حق...بس يتجوز مين؟ الغرباوية ولا واحدة من البلد؟ ومين بس هتقبل تتجوزو وهو ارمل ومعاه ولدين؟!
العم عبد الجليل:
هاجر… أخت سلمى أيوا، أختها أولى. العيال متعودين عليها.وهي هتكون احن عليهم من اى واحده تانيه....
واحده من الستات:
ايوا وسمعة البنيه كمان بقت على كل لسان فى الكفر… الناس هتقول إيه وهي داخلة طالعة دار يوسف؟ محدش هيرحمها ويقول انها بتراعي ولاد اختها الله يرحمها....
يوسف سمع الكلام ده، عينه ولعت:
لاه… لا وألف لاه. ومين قالكم انى رايد اتجوز اصلا...
عبد الجليل: ليه يا يوسف؟ مش أحسن العيال يفضلوا في حضن واحدة يعرفوها؟ وتراعيهم زين.... انتى ناسي انهم احفادي زي ما هم ولادك....
يوسف:لاه العيال احسن تفضل في حضني أنا. أنا أبوهم وأمهم. ولو على سمعه هاجر حقكم عليا كلكم وعلى راسي وهى متجيش داري واصل وانا هشيل العيال فى عيوني واراعيهم هى كتر خيرها لحد اكديه...
عبد الجليل: بس الدار عايزة ست… والألسنة ما بترحمش. وانت مهما كان راجل.. بتعرف ايه انت عن شغل البيت ولا تربيه العيال ومين هيراعي ارضك وشغلك عاد وانت فى البيت بتراعي عيالك....
يوسف بص لهم بغضب:
أنا وعدت سلمى… وعدت مراتي إني ما أجيبش مكانها حد والحديدت ديه منتهى بالنسبه ليا ومرايدش اسمعه تاني واصل.... انا مستحيل اتجوز بعد سلمى...
عبد الجليل: ديه كلام عيال يا يوسف! الحياة ما بتمشيش اكديه.ولا بتوقف على حد واصل.... ولو انت قلبك محروق علشان مرتك ف انا قلبي بيتخلع من مكانه علشان بتى.... بس العيال اهم واصلح وانا عيال سلمى مرايدش ينقصهم حاجه واصل ولا يتيهوا ويتعذبوا من بعدها.....
هاجر كانت قاعدة في الركن، ساكتة، دموعها بتنزل.
هاجر: بس وأنا كمان رافضة… حرام أتجوز جوز أختي. مستحيل يا ابوي.... اعملها كيف عاد... لو على العيال وسمعتى انا مبرحش داره واصل هو يفوت علينا وهو رايح شغله الصبح يسيب العيال ويرجع ياخدهم اخر النهار واكديه المشكله تتحل...
امها: يا بتي، الناس هتاكلك بكلامهم. واحنا ميرضاش ربنا اكديه.... لو متجوزتيش يوسف مين هيرضا يتجوزك بعد ما طلع عليكي سمعه والكفر كله معندهوش سيره غيرك....
هاجر: خلي الناس تقول اللي تقوله عاد.... انا مستحيل اتزوج جوز اختى..
حسين دخل في الكلام وهو متصنع الحكمة:
بصراحة يا جماعة… أنا شايف إن الحل ديه هو اللي ينقذ سمعة الكل. يوسف محتاج ست لداره وعيالو، وهاجر ما ينفعش تفضل في بيت أبوها من غير عريس.
يعني… اتنين مشاكلهم تتحل مرة واحدة.
يوسف بص له بعين كلها كره.
مهما حوصول انا مش هتجوزها. وديه اخر كلام عندي....
لكن الأصوات عليت، والضغط زاد.
في اللحظة دي يوسف صحى من ذكرياته.
رجع للواقع… للدار اللي سكنها الصمت بعد كتب الكتاب بالغصب.
حط راسه في الحيط وقال بصوت مكتوم:
يا سلمى… خانوني… غصبوني… بس قلبي لسه ليكي.
الصبح طلع، يوسف قاعد في الحوش، ماسك كباية شاي بس ما شربش منها رشفة. عيونه سايحة بعيد، ووشه متجعد من التفكير.
الدار فاضية… من غير صوت سلمى كانت كأنها خرابة.
الولدين، سليم ووليد، بيلعبوا في الركن، بس لعبهم من غير ضحك.
كل شوية يبصوا ناحية باب الأوضة، يمكن أمهم تطلع.
يوسف بيتنهد:يا عيال..... تعالوا يا عيال اقعدوا جنبي اهنيه...
وليد جري، قعد على حجره.
سليم قعد جنبه وقال بصوت مخنوق:
ابوي… إمتى أماه هترجع؟ طلعت بيها نايمه من كام يوم ورجعت من غيرها..... هى فى المستوصف يعني شويه وجايه.... اتوحشتاها قوي يا ابوي.....
يوسف حس كأن سكين دخل قلبه.
شدهم الاتنين في حضنه وقال:
اسمعوني زين يا عيال.... أمكم عند ربنا يا حبايبي… هناك في مكان أحسن مش هتتوجع تاني ولا هتروح مستشفى ولا حاجه تانيه واصل.....
وليد بدموع: طب هي مش بتحبنا؟ احنا زعلانه فى حاجه يا ابوي..... طب خليها ترجع واحنا هنسمع كلامها طوالي.... بس رجعها يا ابوي والله اتوحشتها قوي الدار مش حلو من غيرها...
يوسف يضمهم اكتر:لاه يا ولدي هي بتحبكم… بتحبكم أكتر من نفسها. بس داي حكمه ربنا وقضاء وقدره.... احنا لازم نؤمن بالله..... وندعيلها يا حبايبي...
وليد مسح دموعه في جلابية أبوه، ونام على كتفه.
يوسف حس بالوجع، وقال في سره:
ربنا يصبر قلوبكم… زي ما بيحاول يصبر قلبي. يارب هونها وعديها على خير.....
***********************
فلاش باك
بعد المغرب، يوسف راح بيت عمه عبد الجليل.
دخل لقاهم كلهم قاعدين في المجلس الكبير: عمه، أخوال سلمى، حسين، ورجال كبار من العيلة.
عمه قال:
تعال يا يوسف اقعد اهنيه، عايزين نكلمك في موضوع اكديه...
يوسف قعد،عبد الجليل بدأ:
بص يا ولدي، إنت دلوك وحيد… معاك ولاد صغيرين، والدار من غير ست ما تعمرش....
يوسف رد بسرعة:
يا عمي أنا قلت كلمتي قبل اكديه. العيال في حضني، والدار عامرة بيهم.... ديه اخر كلام عندي....
عمه عبد الجليل: لاه يا يوسف… إنت راجل بتطلع للزرع، والعيال محتاجين رعاية. منين هتعمل ديه كله؟ فكر زين يا ولدي وبلاش تمشي ورا مشاعرك وحرقه قلبك.... كلنا اهنيه محروق قلبنا على سلمى بس لازم نفكر بالعيال وبمصلحتهم كمان.....
يوسف بعصبيه: و أنا قادر اراعهم واربيهم زين. أجيب لهم مرضعة أو شغالة تساعدني اى حاجه بس اتجوز لاه والف لاه... الدار ديه محدش هيدخله ويقعد فيه غير سلمى... هملوني لحالى عاد بداري وعيالي وبذكرياتى مع مرتي....
عبد الجليل: واه واه يا ولدي كفاياك عند عاد.....، الموضوع مش مسألة أكل وشرب بس… ديه سمعة. الناس كلها بتتكلم....
يوسف ضرب كفه على ركبته:
واه واه والناس مالها؟! يخافوا على سمعتهم ويسيبوا سمعة داري؟ انا واحد حتى حزن على مرتي مش سامحين ليا..... وبعدهالكم عاد هملوني لحالي.....
حسين اتدخل بصوت متصنع الهدوء:
واه واه اهدى اكديه يوسف… إنت خابر زين إني بحبك زي أخويا. واللي هقوله لمصلحتك صوح...
يوسف:خابر خابر قول يا حسين....
حسين: بصراحة اكديه… الكلام عن هاجر بدأ يزيد. كل يوم رايحة جاية على داركم تساعد في العيال، والجيران ما بيرحموش. بيقولوا: "هاجر داخلة خارجة، لا هي مرات ولا غريبة."
يوسف اتنفض:
واه واه هى وصلت لاهنيه.... يسكتوا! اللي يجيب سيرة هاجر بالسوء أقطع لسانه.... قبل كل حاجه هاجر بتكون بنت عمي وبتيجي تساعد عيالي علشان متعلقين فيها...... الناس داي بتفكر بايه ولا بايه.... استغفر الله العظيم..
حسين ابتسم ابتسامة خبيثة:
لاه يا ولد عمي اللسان ما يتقطعش، الكلام بيفضل زي النار… لو ما طفينهوش من أوله، يولع في الكل..... ولازم تنطفي النار داي.....
عبد الجليل قال كلمته الأخيرة:
يبقى خلاص. مفيش حل غير الجواز..... ومسمعش كلمه تانيه واصل.... سامعين؟!
يوسف قام واقف، صوته عالي:
واه يا عمي... قلت لاه.....بنيه انا عاد لتغصبوني على الجواز!
صوت حسين ارتفع:
واه يا يوسف، إنت بتعندنا؟ بنقولك سمعه البنيه راحت وهى بتساعد عيالك ودارك مين اللى هيقبل فيها بعد اكديه.... اقل خاجه تقدمها للبنيه انك تتحوزها وتخرس اللسان عنها.... ولا ديه جزاتها انها كانت بتساعدك عاد.....
يوسف: انتو ليه مش قادرين تفهموني عاد..... ديه مش عناد، دي حياتي. أنا وعدت سلمى.... وانا مستحيل اخلف بوعدي معاها...
عبد الجليل: وعد؟! ياولدي، دي دنيا. الوعد ما يطعمش عيال ولا يسكت لسان الناس.... اهدى اكديه يا يوسف وحس بالنار اللى فيني.... من جهه بتى اللى ماتت وقلبي اللى مولع نار عليها ومن الجهه التانيه بتى هاجر وسمعتها اللى اطلخت فى الطين....
يوسف بص لهم وقال:
وديه اخر كلام عندي.... أنا مش هتجوز.
وخرج من المجلس، سايبهم وراه.
****************
هاجر قاعدة في أوضتها، دموعها مبللة مخدتها.
أمها دخلت عليها:
وبعدهالك عاد يابتى..... قومي يا بت، كفاية دموع.... دبلتي وحالك بقى حاله مش اكديه يابت عاد.....
هاجر بدموع: ياريتنى اموت واخلصكم مني وترتاحو...... إزاي يا أمه؟ إزاي أتجوز جوز أختي؟ ليه يارب ماخدتنيش انا وسبتها هي.... ريحتها هي وسبتني انا للعذاب ديه...
لواحظ ام هاجر:ايه اللى بتقوليه ديه يا بت، ديه نصيب. وبعدين هو مش غريب… ديه ابن عمك قبل ما يكون جوز اختك..... وبعدين فكري بعيال اختك يرضيكى يدخل عليهم واحده غريبه منعرفش تعاملهم كيف ولا ترابيهم كيف..... والعيال يبعدوا عنا دول هما اللى فاضلين من ريحه سلمى يابتي....
هاجر:اني مقدراش أبص في عينه. يبقى اتجوزو ازاى بس يا ناس يا عالم...... الله يخليكي يا امه قولى لابوي انى مريداش الجوازه داي..... ويوسف ابن حلال عمره ما هيحوش عنا العيال واصل....
لواحظ: والناس يا هاجر… الناس هتقول إيه لو فضلتي رايحة جاية على داره؟ من دلوك الناس بيحكوا وبيتكلموا..... طب هنخرسهم ازاى يابت اعقلي عاد..... انتى ملكيش غير سمعتك والكلام لو زاد عليكي وفضلتي منشفه راسك اكديه متتجوزيش يوسف ابوكي هيقتلك ويخلص من عارك ويرميكي لديابه الجبل ينهشوا فيكي وانتي عايشه.... الناس كلامهم مش زي الميه، ده زي السكاكين. هيقطع في لحمنا.
هاجر سكتت، دموعها بتنزل غصب عنها.
****************
بعد كام يوم، حسين قابل يوسف عند
الغيط.
حسين: إزيك يا ابن عمي؟ عامل ايه دلوك والعيال عاملين ايه؟!
يوسف ببرود: خير يا حسين عايز ايه؟ قول اللى عندك وخلصيني مش فايقلك عاد....
حسين:واه واه ياولد عمي الحق عليا... لا مفيش خير… أنا سمعت حديدت اكديه ما عجبنيش واصل..... قولت اجيلك واقولك ونحكي فيه....
يوسف بتركيز: حديت ايه دا عاد؟! عن إيه؟
حسين بلوع: حديت اكديه عنك وعن هاجر.... وعن اللى بيوحصول بينكم.....
يوسف: ايه الحديت الماسخ ديه.... تقصد إيه باللى بيوحصول بينا داي يا حسين؟
حسين: واه واه اهدى اكديه يابن العم وانا مالي عاد.... الناس هي اللى بتقول إنك رافض تتجوزها علشان… علشان العلاقة بينكم مش نقية..... وانك متاخدش واحده خطيه واكديه.....
يوسف اتجنن، مسكه من ياقة جلابيته:
يوسف والنار فى عينيه: إيه اللي بتقوله ديه يا خسيس؟! يا عديم الربايه؟! انت كيف تحكي اكديه على بت عمك يا واكل ناسك؟!
حسين:وبعدهالك عاد يا يوسف مش انا اللى بقول اكديه، أنا بنقلك اللي الناس بتقوله..... وانا ميرضنيش حاجه زي اكديه واصل على بنت عمي واللى بعتبرها زي اختي..... جيتك لنشوف حل مش تتعارك معايا اكديه...
يوسف بعصبيه: الناس دي لو فتحت خشمها تاني… أقسم بالله أقطعها حتت.....دي بقت طين خالص سكتنالهم زاودا فيها ولا ايه....
حسين :اهدى يا يوسف عاد، أنا أخوك. جاي أنصحك. إنت لو ما جوزتهاش، الكلام هيفضل. لو اتجوزتها… الكل يسكت.... مفيش حل تاني تخرسهم فيه...
يوسف سابه بقوة وقال:
ضحكتني ياولد المركوب وانا مليش نفس اضحك.....انت اخويا قال وكمان جاي تنصحني...... إنت سم زي الحية يا حسين.... وانا فاهمك وخابرك زين بس كنت بقول طالما سمك مابيطولنيش مليش صالح فيك...... بس خليك متاكد لو سمك ديه طالني ولا طال عيالى بقتلك وبقطعك حتت يا حسين....
ويوسف سابه ومشي، لكن كلام حسين دق في قلبه زي النار.
إزاي الناس ممكن تفكر كده؟! هو وهاجر زي الأخ وأكتر…
