رواية مذكرات عاشق الفصل الثاني2بقلم صفاء حسني
ممكن يكون الزمان مش قادر يقرب بيني وبينك، بس قلبي بقى متعلّق بيك، وبقيت أحب كل حاجة بتحبها. بقيت أعشق هاني شاكر، فاكر يوم كنت واقفة مع صحبتك وسمعتي أغنية "لو عارف" لهاني شاكر؟
وقتها وشّك ابتسم… ولما صحبتك هالة استغربت وسألتك:
مذاكرت عاشق الفصل الثاني
الكاتبة صفاء حسنى
– إنتِ بتضحكي ليه؟
ابتسمتِ يا حنين وقلتي:
– أنا بحب هاني شاكر قوي، ولما بسمعه بابتسم. كل أغنية ليه جميلة وبتعيشي معاها قصة حب. صوته رقيق وتحسي إنه حبيبك وبيهمس في ودنك.
هالة ضحكت وقالتلك:
– إيه يا بنتي! حيلك حيلك، أنا حاسة إنك بتتكلمي عن حبيب بجد!
ضحكت حنين بخجل، وبصّت في الأرض وهي بتقلب شعرها بإيديها وقالت بهدوء:
– يمكن أصلًا أنا فعلاً بحب... الحب نفسه، بحب الإحساس اللي في الأغاني دي، بحسها صادقة أوي.
هالة بصتلها بنظرة فيها شقاوة وقالت:
– لأ يا حبيبتي، الكلام ده مش كلام واحدة بتحب الحب… ده كلام واحدة بتحب حد!
رفعت حنين عينيها بسرعة، قلبها دق، بس حاولت تدارى وقالت وهي تضحك:
– لأ يا هالة انتي بتخرفي، مفيش الكلام ده خالص.
بس ضحكتها كانت باهتة شوية، وجواها كانت موجوعة…
كأن الأغنية فعلاً لمست حتة في قلبها،
اللي كل ما تسمع فيها صوت هاني شاكر، بتحس كأن شخص بيكلمها،
قفلت حنين الصفحة بهدوء، وسكتت شوية وهي بتبلع غصّة وجواها وجع مالوش صوت…
قامت من على الكرسي بخطوات تقيلة، ودخلت أوضتها،
نظرت على السرير للصورة اللي دايمًا بتنام في حضنها، صورة ابنها اللي هو كل حياتها،
خدته في حضنها كأنها بتحضنه بجد،
وغرق وشها في دموعها لحد ما النوم غلبها وهي لسه ماسكة الصورة.
مع أول صوت للأذان، فتحت حنين عينيها،
دموعها لسه مرسومة على خدودها،
مسحتها بسرعة، ودخلت الحمام خدت شاور دافي كأنه بيغسل وجعها،
لبست إسدالها وصَلَّت الفجر بخشوع،
وبين كل سجدة والتانية كانت بتدعي:
– يا رب ريّح قلبي… ريّحني من الذكريات.
خلصت صلاتها ودخلت المطبخ، عملت كباية كابتشينو،
الريحة غطت المكان ودفّت قلبها شوية،
رجعت أوضتها تجهّز لبس الشغل…
بصّت على الساعة، كانت ستة الصبح.
لبست تيشيرت أحمر في بيچ على جيبة جينز،
وحجاب بيچ ناعم، والبلطو على دراعها.
وهي بتجهّز شنطتها، لقت الدفتر اللي بيطاردها دايمًا،
كان مرمي على السرير كأنه بيناديها.
قعدت على الكرسي اللي عند الشباك في البلكونة الصغيرة بتاعة الريسبشن،
فتحت الدفتر بإيد مرتعشة،
بدأت تقرأ بصوت واطي، كأنها بتسمعه هو مش بتقرأ كلام:
"الوسيم حازم كتب:
أهلاً بيكي تاني في الغرفة دي،
استنيتك كتير بعد ما مشيتي،
بس لما رجعتي، قررت إن المرة دي مش هتروحي لوحدك…
هتكوني معايا يا أجمل زهرة في البستان،
يا نسمة هوا صافية، يا أحن قلب يا شوقي وحنيني،
زي ما كنتِ عارفة، كنت متأكد إنك هترجعي تفتحي الدفتر،
وبرضه عارف إن عيونك بتدور عليا…
بس لسه مش وقت اللقاء."
رفعت حنين عينيها بسرعة،
بصّت ناحية البيت اللي قصادها،
حسّت قلبها بيخبط جامد…
عينها بتلف تدور كأنها فعلاً حاسة إن في حد بيراقبها.
فضلت ساكتة، وبعدين سرحت بعينيها في الفراغ،
رجعت تفكّر في أول مرة دخلت فيها أوضتها الصغيرة دي…
اللي كانت زمان بتاعتها،
ودلوقتي بقت أوضة ابنها،
بس كل مرة بتيجي فيها… بتحس كأن الماضي بيرجع يفتح بابه ليها من تاني.
كانت قاعدة على الكنبة في البلكونة، وإيديها ماسكة الدفتر اللي بقى سرها الأكبر.
كل صفحة منه كانت كأنها بتفتح باب من ذكرياتها،
باب كانت قافلاه جواها من سنين.
قلبت الصفحة وبدأت تقرأ:
"كنت أتمنى تختاري أوضة أقدر أشوفك منها كل يوم،
ولو حتى لحظات.
متسألينيش ليه، وقتها مكنتش عارف السبب،
بس كل همي إنك تكوني قريبة…
في الغرفة اللي قدامي، عشان أحس إنك معايا حتى لو من بعيد."
ابتسمت حنين بخفة وهي بتقرا السطور،
صوت ضحكها الخافت اتكتم بين دمعة ونَفَس عالق.
عنيها العسلية كانت بتهرب من الكلام كل شوية،
كأنها خايفة المواجهة،
بس كل جملة كانت بترجعها للّيوم اللي نقلوا فيه البيت الجديد.
حنين كانت وقتها لابسة بلوزة وردي وبنطلون جينز، شعرها البُني الطويل مربوط على خُصلتين نازلين على وشها،
ووشها الأبيض منوّر بابتسامة بسيطة،
بس في نفس الوقت باين عليه ملامح الوحدة بعد ما فقدت ابنها.
في نفس اللحظة، حازم — الشاب الوسيم اللي بشرته القمحية بتلمع مع ضوء الشمس —
كان واقف من بعيد بيراقبها من شباك غرفته.
عيونه العسلية فيها شغف، فيها لهفة طفل شاف لعبته المفضلة للمرة الأولى.
ابتسم وهو بيكتب في الدفتر:
"كنت منتظر ملهوف كإني بتابع ماتش كورة، مستني الهدف.
ولما شوفتك داخلة الأوضة اللي قدامي،
انتبهت لقصرية الزرع،
وشكرت اللي حطها هناك،
عشان بشوفك وإنتي بتسقي الورد اللي ذبل…
زي قلبي بالظبط قبل ما أشوفك."
"ربنا بعتكلي في أصعب وقت في حياتي،
كنت بخسر كل حاجة حلوة…
وأنتي جيتي كإنك رسالة طوق نجاة من السما."
رجعت حنين بذاكرتها للوراء...
صوتها وهي بتقول لوالدتها وقتها:
– ماما، أنا اخترت خلاص الأوضة دي.
ضحكت الأم وفاء، الست الجميلة اللي ملامحها هادية وعيونها طيبة، وقالت:
– يعني بعد كل القلق دا يا ست حنين، اخترتي أصغر أوضة في البيت؟
ضحكت حنين وقالت بثقة:
– حسيت فيها بالراحة، وفيها بلكونة شبه اللي كانت في بيتنا القديم، بس دي تبقى خاصة بيا.
العمال وقفوا بيحركوا العفش، والأم واقفة بتضحك:
– أنا عارفة انتي اخترتي دي ليه؟
عشان الأوضة التانية فيها حمام وعاوزة عمك يحس بالخصوصية.
ضحكت حنين بخفة وهي بتقول:
– عارفة يا ماما، بس دي قلبي ارتاح ليها خلاص.
من بعيد، كان حازم سامع كل الكلام ده،
وصوتها وهو بينعكس مع صدى الفيلا دخل قلبه قبل ودنه،
ومن يومها، الاسم “حنين” بقى يرن جواه كأنه أغنية.
رجعت حنين للواقع على صوت المنبّه،
شربت آخر رشفة من الكابتشينو، قامت بسرعة علشان تلحق شغلها.
بس وهي على السلم افتكرت الدفتر!
رجعت تاخده، ووقتها شافت من الشباك حد بيبص من بعيد…
وقف بيراقبها من فوق، بيطمن إنها خرجت فعلاً.
ضحكت بخفة وقالت في سرّها:
– يعني طلع ظني في محله يا مجهول؟
خدت الدفتر، حطّته في شنطتها،
وسابت الباب يقفل بصوت عالي.
حازم كان واقف وقتها،
ضاحك لنفسه وهو بيقول:
– نسيت إن حبيبتي محامية وشاطرة كمان!
كانت ضحكته فيها غرام ولهفة ووجع في نفس الوقت،
كأنه بيتفرج على مشهد بيحب أبطاله وهو مش قادر يدخل الصورة.
حنين نزلت بسرعة،
ركبت التاكسي اللي بيستنّاها كل يوم في نفس المعاد،
وبصّت من الشباك كأنها بتودّع سِرّ بينهما.
الطريق طويل لحد المكتب في التحرير،
بس في عيونها إصرار،
وفي قلبها نار مش مفهومة بين خوف وحنين.
وصلت المكتب،
اللي كانت دايمًا بتحس فيه إنها بتسترد قوتها من جديد.
استقبلتها هناء المشرفة، ست في أواخر التلاتينات، شكلها دايمًا عملي وابتسامتها حنونة.
قالت لها:
– اتأخرتي ليه يا أستاذة حنين؟
بصّت حنين في الساعة:
– دي ١٥ دقيقة بس، خير؟
– أصل في ست كبيرة مستنياكي، جاية من طرف الأستاذ عباس.
– آه، هالة قالتلي عليها امبارح. دخليها، وأنا هدخل عند الأستاذ حسين مختار. قدّمي ليها عصير لو سمحتي.
– أكيد يا أستاذة، هبلّغ عم حامد.
دخلت حنين لمكتب الأستاذ حسين مختار،
الراجل الستيني اللي بيشع هيبة ووقار، بشعره الأبيض ونظراته الطيبة.
قال بابتسامة:
– إزيك يا بنتي؟ عاملة إيه دلوقتي؟ أحسن شوية؟
ابتسمت حنين ابتسامة باهتة:
– الحمد لله على كل حال.
قال بحنية:
– عارف إن نفسيتك تعبانة بعد خسارة قضية الحضانة، بس صدقيني، أنا عملت استئناف. في الآخر، هو مجرد جد، وانتي أمّه.
نزلت عينيها وقالت بهدوء فيه وجع:
– ربنا كبير، بس هو بيضغط عليا عشان أسيب القضية التانية… بس لأ، المرة دي مش هسكت، وهفضحه قريب.
– يا بنتي، انتي كده بتفتحي النار على نفسك.
– هما اللي بدأوا، وهما السبب في اللي حصل لبابا وماما…
سكت الأستاذ حسين لحظة، وقال بخشوع:
– الله يرحمهم يا بنتي، ويغفر لهم.
دمعة نزلت من عين حنين وهي تقول:
– آمين يا رب.
– طيب، سلّمي القضايا اللي معاكي للأستاذ إيهاب، وركزي في القضية دي.
قالت وهي بتشد نفس طويل:
– حاضر، بس القضية دي مش زي أي قضية… دي ممكن تغيّر حاجات كتير.
في جو دافيء من ضوء الشمس اللي بيعدّي من زجاج الشباك، كانت "حنين" قاعدة على مكتبها، هادية بس ملامحها فيها تعب الأيام الطويلة.
حنين بابتسامة خفيفة وهي بتقف:
= شكرًا جدًا يا أستاذ حسين، هستأذن دلوقتي.
رفع حسين راسه من الورق، ابتسم بلُطف وهو بيقول:
= اتفضّلي يا أستاذة حنين، يومك سعيد إن شاء الله.
خرجت حنين بخطوات ثابتة، بس عينيها فيها لمعة شجن خفيف. طلبت فنجان قهوة من عم حامد، بصوت وديّ فيه تعب الأيام اللي فاتت. وبعد لحظات دخلت غرفتها، وهي بتحاول تستجمع هدوءها.
لكن اتفاجئت بظهور سيدة كبيرة في السن، حوالى ستين سنة، شعرها أبيض متغطي بإيشارب بسيط، ووشها مليان تجاعيد الحنية والوجع معًا.
ابتسمت السيدة وهي بتقول بصوت دافيء متأثر:
= إزيك يا حنين؟ بسم الله ما شاء الله، كبرتي يا بنتي.
اتسعت عيون حنين بدهشة، وبعدين وشّها رقّ من الذكريات، قالت وهي بتحاول تفتكر:
= إزيك يا أمي؟ اتفضّلي، أنا تحت أمرك… بس اشربي العصير الأول.
هزّت أم سالم راسها بابتسامة فيها حنين بعيد:
= انتي مش فاكراني يا بنتي؟
حنين ابتسمت بخجل خفيف:
= آسفة يا أمي، انتي عارفة إني نقلت من السيدة زينب من زمان.
ضحكت الست بخفة، ودمعة لمعت في زاوية عينها:
= عارفة يا بنتي، أنا اللي كنت ببيع الخضار والفاكهة في أول الشارع… افتكرتيني؟
ابتسمت حنين والذكريات رجّعت الدفء لقلبها:
= آه افتكرتك يا أمي… خير، اؤمريني.
تنهدت أم سالم تنهيدة وجع، وقالت بصوت حزين:
= الأمر لله وحده يا بنتي… الموضوع إن ابني كان بيشتغل في مصنع الحاج محمد السيد، أبو حماك صالح محمد السيد… بس وقتها كان ابنه علي السيد، الله يرحمه، هو اللي ماسك المصنع، وكان راجل محترم وفتح بيوت كتير.
حنين بهدوء واهتمام، نظرتها فيها حنية وتعاطف:
= الله يرحمه، سمعاكي كمّلي يا أمي.
واصلت أم سالم بصوت بيرتعش، والدموع بدأت تلمع في عينيها:
= ابني كان بيحرُس المصنع، وفي يوم شاف حاجات بتدخل وتخرج من غير ما تكون في سجلات… لما قال لمدير المصنع عملوا جرد وما لقوش حاجة ناقصة. بس ابني ما سكتش، وفضل يدور… لحد ما في يوم أنا تعبت ودخلت المستشفى، فبدّل مع صاحبه في الشغل، علشان يقعد معايا.
صوتها اتكسر وهي بتكمل:
= بس حصلت الكارثة… في اليوم دا، البواب اتقتل… واتهموا ابني إنه القاتل.
عيون حنين اتبلت دموع وهي بتقول بحزم فيه حنان:
= طيب يا أمي، اعملي توكيل وأنا هستلم القضية. إن شاء الله بكرة هطلب زيارة.
قامت أم سالم بسرعة تبوس إيدها، بس حنين مسكتها بحنية ورفعتُها:
= استغفري ربنا يا أمي… أنا بقدّم شغلي، ادعي لي بس ربنا يوفقني.
دمعت أم سالم وهي بتقول من قلبها:
= ربنا يوفقك يا بنتي وينصرك على كل ظالم.
حنين ابتسمت، دموعها على وشها بس فيها طاقة:
= أيوه كده يا أمي… استني دقيقة.
مسكت الموبايل واتصلت:
= هناء؟
نعم يا أستاذة حنين.
= وقّفي تاكسي وحسبيه يوصل أم سالم لحد البيت، أوك؟
أم سالم بتعترض بخجل:
= يا بنتي أنا هاخد الأتوبيس.
حنين بابتسامة دافئة:
= عشان خاطري يا أمي… انتي زمان كنتي بتديني الخضار والفاكهة وتستني لما بابا يقبض.
ضحكت أم سالم وسط دموعها:
= بس عمركم ما اتأخرتوا عليّا، كنتوا أحسن الناس والله… حاضر يا بنتي.
نزلت أم سالم مع هناء، وسابت في قلب حنين دفء مشاعر غريبة.
رجعت حنين على المكتب، سحبت الكرسي، رجّعت راسها للخلف واتنهدت، عينيها راحت للدفتر اللي دايمًا بيغزوها بشوقه.
فتحته، نفس الصفحة القديمة.
الكلمات كانت بتستنّى عينيها كأنها عيون حازم نفسه.
"كنت عارف إنك هترجعي تقري تاني…"
ابتسمت حنين بخفة، ووشها فيه خليط من دهشة وفرح:
= واضح حضرتك واثق في نفسك أوي.
نظرت للكلمات، كانت بتحس صوته في ودنها، وهو بيكمل في سطور ناعمة:
"أكيد ههههه، المهم نرجع لنفس اليوم..."
بدأ المشهد يرجع كأنه شريط فلاش باك بيتفتح قدامها.
صوت حازم بيحكي:
"ساعتها استغربت، قلت يااه… سنّها صغير، بس عندها حب كبير. ومن وقتها خرجتي من الأوضة واختفيتي طول اليوم. أظن كنتي بتساعدي والدتك، لكن آخر النهار شوفتك بتفتحي البلكونة وتسقي الزرع وإنتي بتغني…"
ابتسمت حنين والدموع لمعت في عينيها، كانت بتشوف نفسها في كل كلمة.
"وفتحتِ رواية وبدأتِ تقريها، وإنتي مستمتعة جدًا. كنتي بتسمعي أغنية لأم كلثوم – "إنت عمري". بابا وماما دخلوا البلكونة الكبيرة، فتحوا الكاسيت، وضحكوا لبعض. وانتي قاعده على الكرسي الهزاز، بتشربي كابتشينو وبتسافري بخيالك."
ضحكت حنين بخجل، وهي بتهمس لنفسها:
= ازاي عرف إني كنت بشرب كابتشينو؟
وكأن الورق بيرد عليها:
"ههه، عشان كان عندك شنب منه."
ضحكت وهي تمسح دمعة من عينيها.
الكلمات كملت:
"لما خلصتي القراءة، قمتي توضّيتي وصليتي العشاء، شفايفك كانت بتتحرك بهدوء وإنتي بتقري قرآن. كنتي قافلة البلكونة شوية، لكن أنا كنت شايفك من بعيد… في اللحظة دي حسّيت بالخجل من نفسي، إني نسيت صلاتي. حسّيت إن ربنا بعتك ليا علشان تفوقيني من الضباب اللي كنت فيه…"
السطور اتخنقت بيها مشاعر غريبة — مزيج من حنين، وسعادة، وشوق، ودموع.
"كان يوم خميس، سبت الميكروسكوب واتوضّيت. دورت على النت إزاي أصلي، وصليت. أول مرة أنام مرتاح من غير حفلات ولا ضجيج."
اتنهدت حنين وهي تقلب الصفحة، ولسه صوت حازم جوّاها بيكمل:
"أنا العاشق المجهول اللي حبّك ويتمنى يشوف ابتسامتك تاني.
اسمي حازم علي محمد السيد."
حنين همست وهي بترفع حاجبها بخفة:
= أكيد غنيّ عن المعرفة.
قلّبت الصفحة الثالثة.
"أكيد لا… علشان كده هتعرفي كل حاجة عني وعن جدي، وهبدأ من البداية."
بدأت تقرأ، وصوته في خيالها حكايته عن طفولته، عن الفيلا، عن الجد السيد باشا، وعن حلم الكورة اللي كبر معاه. كانت بتحس كل كلمة، كأنها بتعيشها جوّاه.
وفجأة، صوت رجولي قطع شرودها:
= أستاذة حنين!
انتفضت بخوف بسيط، ضمّت الدفتر بسرعة ودسته في الشنطة الجلدية.
= خير يا أستاذ إيهاب؟
بصّ لها بابتسامة فيها فضول:
= كنتِ سرحانة في إيه؟ حاسس إن في حاجة جديدة في حياتك.
حنين بابتسامة باهتة، فيها قلق خفيف:
= مش فاهمة… تقصد إيه؟
بس جوّاها، كانت بتسأل نفسها نفس السؤال…
هو فعلًا في حاجة جديدة في حياتي؟
ولا هو القدر اللي بدأ يكتب سطوره من جديد؟
