روايةنبضات لاتعرف المستحيل الفصل الثامن8بقلم اميرة احمد
انقضت 4 أيام على الحادث ولارا لازالت في المستشفى، تعاني من غيبوبة ... وقف يوسف امام باب غرفتها يشاهدها من خلف الزجاج، عيناه ضعيفتين... شعره أشعث، لحيته غير مرتبه، و كذلك ملابسه.
وقف زياد يرقبه بضعف و بجواره نور.... نظز زياد إلي سارة الجالسة على أحد المقاعد القريبة تمسك مصحفا صغيرا تقرأ منه القرآن... جلس زياد إلي جوارها و قال بصوت حاول ان يبدو هادئا: اعتقد يا سارة جه الوقت اللي نخلي خلافات الماضي علي جنب... انتي شايفة الأولاد متعلقين ببعض ازاي.... ان شاء الله لارا تقوم بالسلامة ومفيش حاجة تفرقهم..... مش هنخلي غلطة عملناها زمان تضيع حبهم.
صمتت سارة بألم ولم تستطع ان تمنع دموعها المنهمرة وقالت بصوت مبحوح: بنتي بتروح مني يا زياد.
اقتربت منهما نور، ورغم الخلافات والماضي الأليم إلا ان بداخلها قلب أم لم تستطع ان تقسو و هي تري أم اخري قلبها ينفطر علي ابنتها... اقتربت من سارة و وضعت كفها علي كتفها تضغط عليه لتطمئنها و هي تهمس: ان شاء الله يا سارة هتقوم بالسلامة و هنفرح بالاولاد.
مالت سارة برأسها علي كتف نور و هي تبكي بإنهزام: انت فاهمة يا نور معني ان اشوف بنتي قدامي في الحالة دي.... حاسة ان قلبي هيقف من خوفي عليها... مش هاستحمل يجرالها حاجة.
كانت عيني يوسف معلقة علي لارا من خلف الزجاج حين هتف: لارا بتتحرك... حركت ايديها.
دخل الطبيب غرفة لارا، و من ثم تبعه يوسف و الجميع، جلس يوسف إلى جوار لارا و امسك بيديها، فتحت عيناها ببطء و نظرت إلي وجهه نظرة لم يفهمها، نقلت عيناها بين الواقفين جميعا، كانت تنظر بشرود حين قطع يوسف الصمت و هو يضغط علي يديها: حمدالله علي سلامتك يا حبيبتي.
سحبت يدها من يديه بذعر وصاحت: انت مين؟؟ نظرت الي والدتها الواقفة خلف يوسف وصاحت: مين ده يا ماما؟ مين الناس دي؟؟ انا فين؟؟ بابا فين؟؟
اتسعت حدقتي يوسف ونظر اليها بألم... شعر بأن قلبه قد توقف للحظة، لا يصدق ما سمعه للتو، لارا لا تتذكره! كيف؟ همس لها يوسف بضعف: انا يوسف يا لارا... يوسف حبيبك.
اعتلي الذعر ملامح لارا وصرخت مبتعده عنه: انا معرفكش... الحقيني يا ماما.
ابتعد يوسف في ألم، تراجع إلي الخلف خطوات حتى اصطدم في والده الذي كان يقف على مقربة منه، ضمه زياد إلي صدره و همس: كل حاجة هتبقي كويسة ان شاء الله يا ابني.... خليها علي الله.
خرج يوسف من الغرفة وتبعه والده ووالدته: صاح يوسف في ألم: مش فاكراني انا بس يا بابا... افتكرت مامتها عادي... معقول بالسهولة دي نسيتني؟
بكت نور رثاء لحال ابنها، بينما حاول زياد ان يحافظ على هدوءه و هو يربت علي كتف يوسف: استني بس يا يوسف نشوف الدكتور هيقول ايه.
خرج الطبيب بعد دقائق من غرفة لارا وتبعته سارة، والتف حوله الجميع فقال الطبيب بصوت ثابت وكأنه انسان ألي: الحالة اللي هي فيها فقدان جزئي للذاكرة... مش حالة تقلق بتحصل أحيانا مع الحوادث اللي زي دي، خصوصا انها كانت في غيبوبة لفترة... هتسترجع ذاكرتها مع الوقت، المهم انها ترجع لروتين حياتها الطبيعي... تقابل الناس اللي في حياتها زي ما كانت حتي لو مش فاكراهم، ده هيساعدها انها تسترجع الذاكرة اسرع.... بكرة ان شاء الله هاكتبلها على خروج..
قال الطبيب كلماته وانصرف، لم يستطع يوسف ان يكبح دمعة فرت هاربة من عينيه، كيف في ثانية أصبح غريب بالنسبة لحبيبته... حب عمره، فقدها بهذه البساطة، لا تعرف من هو، لا تعرف بوجوده في حياتها، لا تشعر بما يعانيه من أجلها.... كانت وحدها من تستطيع ان تلمس قلبه، تشعر بهمومه دون ان يتحدث، والأن عليه ان يواجه فقدانها وحيدا، كيف يشكو اليها منها... كيف يسترجعها، كيف استطاعت ان تنسي حبهما، ذكرياتهما معها، كيف محته من ذاكرتها، وهل محته من قلبها أيضا؟!
--------------------------------------------
جلست حياة في غرفتها، تنظر من النافذة بشرود وهي تمسك كوبا من الشاي في يدها تستمد منه الدفيء حين رن جرس هاتفها، نظرت إلي الشاشة المضيئة باسم فارس... امسكت الهاتف و حاولت ان تسيطر علي تلك الرجفة التي أحاطت بقلبها، و بنبرة هادئة أجابت: ألو.
اتاها صوته القوي واثق من الطرف الأخر: ازيك يا حياة.
ابتسمت حياة لا اراديا حين سمعت صوته، حاولت ان تسيطر على نبرة صوتها و تخفي حماستها: الحمد لله بخير... انت عامل ايه يا فارس.
أجاب بنبرة حاول فيها إخفاء توتره: انا بخير... حبيت بس أطمن عليكي... رجلك بقت أحسن دلوقتي.
لم تستطع حياة ان تمنع ضحكة فلتت منها وقالت بمرح: فارس دي رابع مرة تتصل تطمن علي رجلي في الأسبوع ده بس...
توتر فارس لكنه همس بثقة: أعمل ايه.... بدور علي حجة علشان أتكلم معاكي بيها.
ابتسمت حياة بمرح: هو انت شايف إنك محتاج تلاقي حجة علشان تكلمني... كنت فاكرة اننا أصحاب و ممكن نتكلم عادي.
ساد الصمت بينهما لحظات، وبعدها جاءها صوته الدافئ: عارف..... بس حسيت أنى محتاج مبرر اكلمك بيه علشان متبقاش مكالمتي غريبة.
همست حياة: و ليه تبقي مكالمتك غريبة؟
أردف بصوت حنون دافئ: علشان بابقي عاوز أكلمك طول الوقت، و لما بنتكلم مش بابقي عاوز أقفل.
شعرت حياة بقشعريرة سرت في جسدها من كلماته، لكنها قالت بنبرة هادئة: طيب انا سامعاك قول اللي عاوز تقوله.
صمت لبرهة، ثم همس: طيب قوليلي يومك كان عامل ازاي؟
ضحكت حياة: يعني متأكد أنك عاوز تعرف يومي كان عامل ازاي.
قال بنبرة واثقة: عاوز أطمن عليكي.... ويمكن عايز بس أسمع صوتك.
ازدادت دقات قلب حياة، صمتت وهي تحاول ان تسيطر علي صدرها الذي أخذ يعلو و يهبط رقصا علي دقات قلبها، لكنه همس مرة أخري: حياة.
بعد محاولاتها للسيطرة، خرج صوتها هادئ وهي تهمس: نعم.
قال بنبرة متوترة: ممكن متقفليش.
قالت بصوت مرح: انا مكنتش هاقفل أصلا.
ضحك بخفة: خلاص خلينا نتكلم سوا.
ابتسمت وهي تقول بنبرة مرحة: عاوز تتكلم في ايه يا فارس؟
ضحك: أي حاجة وكل حاجة.
ظلا يتحدثا على الهاتف حتى منتصف الليل... وتكررت احاديثهما بشكل شبه يومي... يتحدثان سويا عن كل شيء و أي شيء.
-----------------------------------------------------
مضي أكثر من أسبوع على خروج لارا من المستشفى... مكالماتها معه جافة، قلبه يعتصر كلما سمع صوتها الهادئ وهي لا تتذكره، أخبرها بما كان بينهما، علمت بالمشكلة التي كانت بين أهلها وأهله.... وافقت والدتها على الخطبة أخيرا... لكن لم يكن يوسف سعيد بهذا الخبر... كان يتمني ان تتذكره لارا أولا قبل ان يقدم على هذه الخطوة.
جلست لارا في الكافيه المجاور لمنزلها... كانت قد اعتادت علي مقابلة يوسف فيه منذ ان عرفته، و الان يوسف يجبرها علي ان تلقاه فيه.... تشعر لارا بالألفة للمكان ولا تعرف السبب... تشعر بالأنس لوجود يوسف معها... تشعر بسكينة قلبها بجواره رغم انها لا تتذكره.
اقترب يوسف منها و هي تجلس بشرود تام... سحب مقعد و جلس إلي جوارها، انتبهت أخيرا لوجوده... قال بصوت يمتزج فيه الحب بالألم: وحشتيني.
لم تجبه كما اعتادت ... تغيرت كثيرا منذ الحادثة، لم تعد معه تلك الطفلة التي تتعلق به كوالدها... اكتفت بابتسامة هادئة ردا عليه.... نظر إليها مطولا قبل ان يمد يده في جيب سترته ويخرج منها شيء، مد يده إليها ففتحت يدها فوضع فيها سلسال من الفضة ينتهي بقلب صغير، همس لها بألم: فاكرة دي؟
قلبتها في يدها مطولا ولم تعقب، فأردف يوسف: اول هدية جبتهالك.... كان اول عيد ميلاد ليكي و احنا مع بعض... كنتي فرحانة بيها أوي، وقولتي مش هتقلعيها من رقبتك ابدا... تنهد يوسف تنهيدة حارة ثم أردف: ادوهالي في المستشفى يوم الحادثة ومن ساعتها و هي في جيبي... فاكراها؟
قلبت لارا السلسال في يدها قبل ان تلفه حول عنقها وهمست: انا حاسة السلسلة شكلها مش غريب عليا... حاسة ان اللي انت بتقوله انا مريت بيه بس مشوش في تفكيري.
ابتسم يوسف رغم المرارة التي تحيط بقلبه: كان بينا حاجات كتير اوي... انا مستعد احكيهالك كلها بس تفتكريني.
أبعدت لارا عينيها عن عينيه وهمست بحزن: انا حاسة اني مقصرة في حقك و مش عارفة ليه، حاسة اني جارحاك اني مش فاكرة ،بس غصب عني فعلا مش فاكرة.... حاسة بحاجة ناحيتك بس مش عارفة افسرها... بحس بألفة وانت جنبي... بس مش فاكراك.
أمسك يوسف بيدها بين كفيه وهمس بحنان: مش مهم يا حبيبتي... متضغطيش على نفسك هتفتكري مع الوقت..
ابتسم لارا، اغمضت عينيها كمن تحاول ان تتذكر وهمست بصوت خافت: يوسف.
ابتسم يوسف واقترب منها وهمس بأمل: افتكرتي حاجة؟
هزت رأسها: مش عارفة بس... يوسف لما بتمسك ايدي مبحسش إنك ماسك ايدي.. بحس أنك ماسك قلبي... فاهم حاجة.
اتسعت ابتسامة يوسف: بدأتي تفتكري اهو... انتي عارفة إنك كنتي دايما بتقوليلي كده.... وقولتيها دلوقتي بعفوية لإنك افتكرتيها.
ابتسمت لارا بارتباك، هتف يوسف: يلا علشان اوصلك.
قامت لارا معه، جلست بجواره في السيارة ولا اراديا مدت يدها تدير مشغل الأغاني... ابتسم يوسف لفعلتها العفوية ولم يعقب... دقائق مرت عليهم في صمت، لكن حين اشتغلت اغنيتهم المفضلة في الراديو، نظرت لارا إلي يوسف بعينين لامعتين: انا حاسة إني عارفة الاغنية دي...
ابتسم يوسف بألم: انتي بتحبي الأغنية دي.
حركت لارا رأسها: مش بس بحبها... انا حاسة أنى سمعتها كتير... الاغنية دي ليها علاقة بيك؟ بينا!
أردف يوسف بنفس الابتسامة: الاغنية دي اغنيتنا المفضلة، دايما كنا بنسمعها سوا... كل مرة كنت باشوفك فيها كان لازم تشغليها، كنا بنغني معاها في العربية زي المجانين.
هزت لارا رأسها وهمست: حسيت ان الاغنية دي ليها ذكري عندي انا مش فاكراها، بس حساها في قلبي.
لم يستطع يوسف ان يمنع نفسه أكثر من ذلك، هتف بضيق: لارا... احنا حاربنا كتير علشان حبنا، و انا مستعد احارب علشانك لاخر عمري.... أهلنا أخيرا وافقوا علي الخطوبة... انتي رأيك ايه؟ اهتز صوته بتوتر وهتف: انا عارف أنك مش بتحبيني دلوقتي.... بس انا متأكد إني اقدر اخليكي تحبيني تاني و تالت زي ما انا بحبك... اللي بينا أكبر من انك تنسيه بالسهولة دي...
ترقرقت دمعة بين مقلتي لارا: يوسف... انا حاسة ناحيتك بمشاعر انا مش فاكراها... انا متلخبطة... ازاي أكون بحب شخص وانا مش فاكرة أي حاجة بينا.... بس انا موافقة اننا نحاول... موافقة اننا نتخطب.
امسك يوسف يديها وطبع قبلة حانيه علي باطن كفها و همس: و انا اوعدك يا حبيبتي هاعمل كل اللي اقدر عليه علشان تفتكري.
--------------------------------------
التقي يوسف ومالك على إحدى المقاهي كما اعتادوا دائما... من بعد الحادث وعلاقتهم متوترة، موت شادي نزل كالصاعقة عليهما، و كذلك مرض لارا شغل يوسف كثيرا عن مالك.
أخذ يوسف رشفة من كوب الشاي وصاح في مالك بفتور: مش عايز تقولي فيك ايه؟
هز مالك رأسه بالنفي و هو يعبث بهاتفه المحمول: مفيش.
نفذ صبر يوسف و صاح: انتي مخبي ايه؟ قولي ... طيب بلاش انا .. البنت الغلبانة اللي بتحبك و انا متأكد انك بتحبها بتخبي ليه يا مالك؟
قام مالك من مكانه بهدوء ، صاح به يوسف مجددا: انت رايح فين... مش قاعدين بنتكلم.
همس له مالك بصوت ضعيف: هاروح الحمام و أرجعلك.
امسك يوسف بمعصم مالك: لا هتقعد لحد اما نخلص كلامنا.... مش هاسيبك تهرب يا مالك.. انا ضاع مني صاحب و معنديش استعداد يضيع مني واحد تاني...
حاول مالك ان يفك قيد يد يوسف لكنه فشل، تكلم بهدوء: سيبني يا يوسف ارجوك.. 5 دقايق و هارجعلك.
أحكم يوسف قبضته علي يد مالك: مش هاسيبك غير اما افهم.... جميلة وبتنكر حبها، ورفضت تتبرع بالدم ل لارا.... فهمني في ايه.... انا خايف عليك يا مالك.
لم يستطع مالك ان يصمد أكثر من ذلك ولفظ ما في جوفه على الأرض، ذهل يوسف حين رأي مالك تقيأ دما.
اتسعت حدقتي يوسف وهتف بذعر وقلق حقيقي: مالك.... أنت كويس؟
قال مالك بضعف وخذي و هو يحاول ان ينظف نفسه: انا اسف.... قولتلك سيبني 5 دقايق.
ناوله يوسف محرمة وهو يقول بقلق: فيك ايه يا صاحبي؟
جلس مالك بوهن: اعتقد عرفت دلوقتي مقولتلهاش أنى بحبها ليه... علشان مش عايز اشوف في عينيها النظرة اللي في عينيك دلوقتي..... اقولها بحبك وبعدين؟ بدل ما افرحها تحزن عليا!... بدل ما امسك ايديها واقولها بحبك، تمسك ايدي وانا باخد الكيماوي.... بدل ما أكون سندها وضهرها تسندي هي و انا خارج بعد الجلسة علشان مش قادر اقف علي رجلي!!.... هو ده يبقي حب يا يوسف... انا بعيد عنها لمصلحتها... بعيد لأني فعلا بحبها من كل قلبي... وأعتقد انت فهمت دلوقتي انا مكنش ينفع اتبرع بالدم ليه، والكدمة اللي على ايدي كانت من ايه.
صمت يوسف لحظات من الذهول يحاول ان يستوعب ما سمعه للتو من مالك صديق عمره، حاول ان يتمالك نفسه وهمس بضعف: طيب مقولتش ليه يا مالك... انا كنت فاكر اننا اخوات وأصحاب.
ابتسم مالك بمرارة: مكنتش هتفرق.
صاح يوسف: لأ هتفرق... تفرق أنك متشيلش ده كله لوحدك.
تنهد مالك بألم: انا لما عرفت كنت خايف... مكنتش فاهم أوي... انت عارف بابا وماما اتوفوا بنفس المرض في سنة ورا بعض... حتى أنس انا مقولتلوش غير من قريب، لما عرفت و اتطمنت ان نوع الكانسر اللي عندي ممكن يتعالج، هاحتاج عملية لاستئصال الورم كمان شهر و ان شاء الله بعدها الدكتور هيحدد.
قام يوسف من مكانه وربت علي ظهر مالك: ان شاء الله تقوم بالسلامة يا صاحبي.... بس برضه انت غلطان أنك تخبي عليا حاجة زي دي.
ابتسم مالك بمرارة: اديك عرفت اهو.... بس من فضلك يا يوسف انا مش عايز حد يعرف.
ابتسم يوسف وقال مازحا محاولا تخفيف وطأت الحوار: وخصوصا حبيبة القلب... شوف كنت عارف والله انك بتحبها يا واطي.
ابتسم مالك: اهو انت فضلت تضغط عليا لحد اما اعترفتلك أنى بحبها.
ضحك يوسف: المهم تعترفلها هي.
خفتت ابتسامة مالك: لو قومت من العملية ان شاء الله.
يوسف: متقولش كده يا مالك... ان شاء الله هتقوم بالسلامة و هتقولها و تتجوزوا.
حاول مالك تغيير دفة الحوار ليخفي الألم والقلق الذي بداخله: ولارا عاملة ايه دلوقتي؟
تجهم وجه يوسف وتنهد بحرقة: لسة مش فاكراني يا مالك... بتفتكر حاجات بسيطة لما بفكرها بيها... قلبي واجعني أوي..... بس الحمد لله وافقة اننا نعمل خطوبة.
هز مالك أسه وقال بصوت هادئ: خطوة كويسة انها وافقة علي الخطوبة... واحدة واحدة وان شاء الله تفتكر كل حاجة.
ضحك يوسف بمرارة: مش عارف ليه انا لازم احفر في الصخر علشان أكون معاها... أهلي شوية وأهلها شوية و دلوقتي هي.
ابتسم مالك: الحب مش سهل يا روميو.
ابتسم يوسف بدوره: عندك حق.
-------------------------------------------------------------------
جلست لارا بجوار يوسف في السيارة، متحمسة لاختيارها فستان لحفل الخطوبة، لا تعرف لما تشعر بسعادة حقيقية بداخل قلبها رغم انها لا تتذكر الكثير عن يوسف، توقف يوسف بجوار إحدى الكافيهات ، نظرت له لارا بتعجب فهمس: هننزل نشرب حاجة قبل ما نكمل طريقنا.
توجه يوسف نحو طاولة بعينيها، وجلس في مكان محدد وكذلك أجلس لارا في مكان بعينيه..... ابتسم وهو يغمز للنادل فوضع امام لارا طبق به قطعة من الحلوى ومكتوب إلي جوارها بالشكولاتة " بحبك".
شعرت لارا بوخزه في قلبها، رفرفة عجيبة انتابت قلبها الصغير.... اغمضت عينيها تحاول ترتيب أنفاسها التي بدأت تتزايد وبدأت تري صور من الماضي... ذكريات مع يوسف... يوم اختبار في الجامعة.... يوم وفاة والدها... وذلك اليوم الذي أتي بها إلى نفس المكان التي تجلس به الان ليعترف لها بحبه.... فتحت لارا عينيها ونظرت إلي يوسف وهمست بارتباك: اول مرة قولتلي بحبك كان هنا صح؟
لمعت عين يوسف: افتكرتي؟
اومأت رأسها بالإيجاب: صور مشوشة... بس ده اللي حصل، صح؟
أمسك يوسف يدها وهمس: بحبك يا لارا.
ابتسمت لارا بارتباك وخجل وكأنها تسمعها من يوسف لأول مرة.
اتسعت ابتسامة يوسف واقترب منها أكثر بسعادة واضحة علي صوته: زي أول مرة قولتلك بحبك، نفس رد الفعل.
بابتسامة لطيفة همست لارا: مش يلا علشان نلحق نشتري الفستان... كده هنتأخر.
دخلت لارا الي إحدي المحال التجارية... توجه يوسف إلي أقرب مقعد وجلس و هو يهتف: اشمعني منستيش ترددك ده مع الحاجات اللي نسيتيها...
ضحكت لارا وهي تعقد يديها: انت كمان مش عاجبك.
هتف بمزاح: تعبت يا حبيبتي.... ده عاشر محل ندخله ومفيش حاجة تعجبك.
اشارت له بيدها: خلاص خلاص... المحل هنا شكله فيه حاجات حلوة.
غابت لارا لدقائق تتنقل بين الفستانين المرصوصة بعناية، جاءت تحمل اثنين في كلتا يديها إلي يوسف، حلو؟ .... قالتها لارا وهي تشير بالفستان إلي يوسف.
نظر لها يوسف بابتسامة: قيسيه يا حبيبتي ونشوف.
جلست إلي جواره و تنهدت: ما هي دي المشكلة... انا طول عمري بحب البينك و نفسي ألبس فستان بينك منفوش... بس مش عارفة ليه حاسة من جوايا ان مفروض اختار الموف... حاسة كأني متفقة مع نفسي ألبس موف في اليوم ده.... فاهم حاجة.
ضحك يوسف ومال علي أذنها: متفقة معايا يا حبيبتي تلبسي اللون ده.
نظرت له لارا بعدم فهم، فأردف: انتي عارفة اني بحب اللون الموف، و انتي بتحبي البينك... كنا نتخانق، فا اتفقنا هتلبسي موف في الخطوبة و هاسيبك تدهني الحيطة في اوضة النوم بتاعتنا بينك.
نظرت له لارا وعقدت حاجبيها: وانت كنت عاوز أوضة النوم ندهنا ايه؟ أبيض؟
ضحك يوسف وهو يميل برأسه عليها: بيئة أوي الأبيض فعلا.
ضحكت لارا حتى دمعت عيناها... بينما يوسف ظل شاردا يشاهد ضحكتها التي اشتاق لها طوال الأيام الطويلة الماضية.
سكتت ضحكتها عندما لاحظت نظرة يوسف لها، حاول ان يتدراك ارتباكهها فقال: ها هتختاري انهي واحد فيهم، لسة هنشتري البدلة.
رفعت كتفيها في حركة طفولية: احنا متفقين على الموف، علشان انا مش هاتنازل عن اوضة نوم بينك.
