رواية مذكرات عاشق الفصل التاسع9بقلم صفاء حسني
وهي بتقرا، ملامح وجهها كانت فيها شوق وحنين، لكن عينيها وقفت فجأة عند كلمة واحدة مكتوبة بخط راجف،
"اعتذر".
رفعت راسها وبصت في الفراغ، ثم كملت بصوت خافت فيه وجع:
"بعتذر يا حنين وانا بكتب ليك كانت عندي معلومة خاطئة إن جدي تزوج زوجة تاني، لكن اللي فهمته بعد كده إنه اتجوزها بعد موت والدة عمي صالح... هبدأ معاك الموقف اللي عرف فيه جدي بجدتي فاطمة."
وأنا دلوقتي بتأمل صورتك اقدمى
وبسمع اغنيه هانى شاكر البوم صور
أنا عمري في لحظة يمر
و الذكريات ألبوم صور
في الصورة دي ضحك القمر
لما تقابلنا في السفر
يا حبيبي شفتك حزين
و في كل عين ليه دمعتين
ع الصورة دي مرت سنين
و يا ريتني أغير في الصور
أنا عمري في لحظة يمر
و الذكريات ألبوم صور
في الصورة دي ضحك القمر
لما تقابلنا في السفر
يا حبيبي شفتك حزين
و في كل عين ليه دمعتين
ع الصورة دي مرت سنين
و يا ريتني أغير في الصور
ليه بالصور أنا برسمك
و يكلموني و أكلمك
أنا نفسي مرة أفهمك
الحب مش ألبوم صور
روحي معاك بتونسك
واحشني نفسي ألمسك
و أحضن إيديك و أنا بحرسك
و نعيش سوى من غير صور
ليه بالصور أنا برسمك
و يكلموني و أكلمك
أنا نفسي مرة أفهمك
الحب مش ألبوم صور
روحي معاك بتونسك
واحشني نفسي ألمسك
و أحضن إيديك و أنا بحرسك
و نعيش سوى من غير صور
كان نفسي أحلم معاك
لما أعيش وياك هناك
و انده عليك و أحضن هواك
من غير ما دور ع الصور
ياما قلت أنا مش سعيد
و ما فيش أمل و لا يوم جديد
و أنا حاعمل إيه و إنت بعيد
و العمر بيضيع في الصور
كان نفسي أحلم معاك
لما أعيش وياك هناك
و انده عليك و أحضن هواك
من غير ما دور ع الصور
ياما قلت أنا مش سعيد
و ما فيش أمل و لا يوم جديد
و أنا حاعمل إيه و إنت بعيد
و العمر بيضيع في الصور
ليه بالصور أنا برسمك
و يكلموني و أكلمك
أنا نفسي مرة أفهمك
الحب مش ألبوم صور
روحي معاك بتونسك
واحشني نفسي ألمسك
و أحضن إيديك و أنا بحرسك
و نعيش سوى من غير صور
ليه بالصور أنا برسمك
و يكلموني و أكلمك
أنا نفسي مرة أفهمك
الحب مش ألبوم صور
روحي معاك بتونسك
واحشني نفسي ألمسك
و أحضن إيديك و أنا بحرسك
و نعيش سوى من غير صور
ارتسمت ابتسامة هادئة على وش حازم وهو بيشرح بصوته إللي هى بتحسي إنها سامعه دايمًا فيه حنية وهو بيحكى وقامت شغلت نفس الاغنيه وهى بتقرا
"جدي كان بيحكي لي إنه ما شافش الحب والتقدير والاحترام والحنان إلا معاها. المهم، جدتي فاطمة بدأت تقارن بين العينة."
رفعت حنين حاجبها باهتمام وهي بتتخيل المشهد، وصوتها الداخلي كان بيقول: "واضح إنها كانت ست مختلفة عن الكل..."
وبصوت تحليلي، كأنها واقفة جوه القصة، قرأت:
"ده نوع رديء أوي، ولو استخدمناه اسم المنتج هيقل، علشان المصنع معروف إنه بينتج منتجات بخامات عالية. أما ده فبيستخدم للأسواق الشعبية اللي بتتباع بأسعار رخيصة. أما ده فبينفع للماركات وبييدي اسم كويس ومكسب مش سريع بس مع الوقت هيعطيني عائد مادي كويس. بس مع الوقت هنخسر اسمنا واحترامنا للزبون."
اتخيل حازم جده وهو بيسمع الكلام ده، ملامحه مليانة إعجاب، فابتسم وهو بيكمل:
"كان الجد مبسوط وهو بيسمع كلامها."
(وسبحان الله، الجد اختار النوع اللي هي اختارته، مع إنه كان ممكن وقتها الصفقة تخسر ونسبة نجاحها 40٪، بس هو غامر. وبعد فترة صغيرة عرف إنها مثقفة وجميلة ومحترمة، خلاها مديرة إدارية في المصنع، وكان بيعتمد عليها في حاجات كتير.)
تبدلت ملامح حنين بالحزن وهي بتقرا الجزء اللي بعده:
"أما جدتي أم عمي صالح كانت بتاخد مخدرات وبتسهر وبتتنطط من ديسكو لديسكو لحد ما اتعودت على المخدرات، وكانت مهملة في عمي وجدي. لحد ما في يوم زودت الجرعة وهي راجعة عملت حادث وماتت. كان عمي صالح عنده 8 سنين."
تنهد حازم وكأنه عايش القصة بنفسه، وصوته اتغير لما قال:
"كان جدي بياخد عمي معاه بعد موت مراته إلى المصنع. فاطمة كانت بتحب الأطفال أوي، بس ربنا ما رزقهاش بالأطفال من جوازها الأولاني وانفصلت. كانت كل ما تشوف عيل تدلعه. شافت صالح كانت بتقعده معاها وتاكله وتذاكر له. كان جدي بيراقب كل ده وحس بحنانها على ابنه، لحد ما صالح عمي اتعلق بيها وجدي برضه اتعلق بيها وهي كمان حبتهم واتجوزها جدي بعد فترة، وكانت المفاجأة إنها خلفت أبويا وكانت بتعامله زي ما هي ما بتتغيرش مع إنها كانت فرحانة إن الأمل في الأمومة بقى حقيقة."
عين حنين دمعت وهي بتكمل:
"لحد ما في يوم عمي راح عند قرايب أمه وكان عنده 12 سنة، ودخلوا في دماغه إن جدي هو السبب في موت أمه علشان كان مهملها وسايبها وقاعد مع عشيقته، كانوا يقصدون جدتي فاطمة. وكان الهدف من ده لأن جدي خلال سنتين بقى رجل أعمال معروف لأن الاستقرار في الأسرة ومحبة جدتي فاطمة له وتعاونها معاه كانت بتعمل وتهتم بجدي وبابا وعمي."
ضغطت حنين بإيديها على الورق وهي بتكمل القراءة، وصوتها بقى فيه غُصة:
"أما أهل أمه كانوا طمعانين، كانوا عايزين يكون تحت وصيتهم، وجدي يصرف عليه في الظاهر وعليهم في الباطن، وفي يوم من الأيام يورث كل حاجة. وفعلا بقى عمي يكره بابا ويضربه، ويعامل جدتي على إنها مرات أبوه، حتى أصبح عمره 16 سنة وذهب إليهم، ومن هذا اليوم بقى بيكره بابا لأن بابا كان متفوق وملتزم، كان واخد الطيبة وحب الناس، وكان بيروح مع جدتي كتير إلى حي السيدة زينب وتعلق بيه. لكن السبب الأكبر في كره عمي لأبويا هي أمي."
سكتت حنين لحظة، نزلت دمعة على خدها وهي حاضنة الدفتر كأنه آخر ما تبقى لها من حكايات العمر، ونظرت إلى الفراغ
انت بتحكى عشان تبرار لي الا عمله عمك معايا ومعاك لكن أنا مش أتنازل اكشفه سامحنى يا حازم
وبعد شوية نامت وهي شايلة الدفتر على صدرها.
مع أول ضوء للشمس، صحيت الساعة ٦ على صوت هالة العالي وهي بتنده بغضب من أوضة تانية:
"إنتي فين يا حنين؟!"
رفعت حنين راسها بنعاس وارتباك، وبصت حواليها كأنها رجعت من عالم تاني...
قامت حنين ببطء، ملامحها فيها أثر السهر والتفكير اللي ما نامش،
حطت الدفتر في درج المكتب بتاع أبوها، وسكّرته كأنها بتحمي سر كبير،
وبعدين خرجت ودخلت الحمام، وشها كان هادي والمياه الباردة بتروي وشها المتعب، اتوضت وهي بتحاول تهدي قلبها اللي مش راضي يهدأ.
وبصوت عالي من ورا الباب، نادت:
> "أنا هنا يا هالة، بتوضى، دقايق والفطار هيكون جاهز."
صلت فرضها بخشوع وسكون، الدموع كانت محبوسة جوه عينيها بس ما نزلتش،
وبعد ما خلصت صلاة، خرجت على هالة اللي كانت قاعدة في الصالة مستنياها.
قالت هالة وهي بتبص لها بعتاب واضح في ملامحها:
> "انتي كنتي فين؟ مش هتبطلي اللي بتعمليه ده؟ تسبيني أنام وتروحي تقعدي مع نفسك."
ردت حنين وهي بتخفض راسها وبتحاول تهديها بصوت فيه اعتذار حقيقي:
> "يا حبيبتي، لا والله، ما جاليش نوم بس."
نظرت لها هالة بشك، حاجبها مرفوع وكأنها بتحاول تقرا اللي في دماغها:
> "والله؟ أنا حفظتك، ووليد باعتني علشان ما تحسيش بالوحدة، ما يعرفش إنك بتعشقي الوحدة."
اتنهدت حنين وهي بتحاول تبرر بهدوء، وصوتها فيه دفء:
> "ما اسمهاش وحدة، اسمها بحب الهدوء."
ضحكت هالة بتهكم وهي بتقلب عينيها:
> "والله؟ يعني أنا دوشة ومصدعاكي؟ طيب أنا ماشية."
مدت حنين إيدها بسرعة، عينيها فيها استعطاف وهي بتقول بنبرة ندم:
> "استني يا مجنونة، أنا ما قصدتش."
ضحكت هالة بخفة وهي بتمسك إيدها:
> "عارفة يا حبيبتي، بس أنا لازم أروح لأمي قبل ما أروح المستشفى."
قالت حنين بإصرار واضح، وهي بتحاول تكسب ودها:
> "طيب نفطر وأجي معاكي."
هزت هالة راسها وهي بتبتسم بموافقة بسيطة:
> "تمام."
(بدأت حنين تحضر الفطار، كل حركة منها فيها حنية واهتمام، بتحاول تطرد التعب اللي جواها، وبعد ما خلصوا فطار...)
قالت حنين وهي بتلم الأطباق بخفة:
> "استني يا حبيبتي، أنا جاية معاكي."
ضحكت هالة بخفة وهي بتعدل شنطتها على كتفها:
> "يا بنتي، كان وليد عدى عليا وأخدني، ليه تتعبي نفسك؟ ولا علشان تصالحيني؟ لا يا ماما، الصلح ده ما ينفعش."
قربت حنين منها بخطوة، عينيها فيها دفء وحنية، وصوتها طالع بإصرار ناعم:
> "طيب حقك عليا، أنا أساسًا هروح على القسم اللي في السيدة زينب يعني ما فيش تعب، أنا جاية معاكي لمصلحة."
ضحكت هالة بفضول وهي بترفع حاجبها وبصوتها الخفيف اللي فيه شقاوة:
> "آه، قولي كده، جاية لمين يا ترى؟"
قالت حنين بصراحة وهي بتزفر بهدوء كأنها قررت تواجه:
> "قسم السيدة علشان آخد معلومات عن قضية وأعرف إن كانت ملفقة فعلًا ولا لأ."
انتظرت هالة لحظة، وبصوتها اللي فيه نغمة تذكير قالت وهي بتتأملها:
> "قضية سالم ابن أم سالم بياعة الخضار، صح؟ بس إنتي قلتِ هترفضيها."
وضحت حنين وهي بتتكلم بهدوء وعقل، كأنها بتحاول تقنع نفسها قبلها:
> "كنت عايزة أخلص القضايا القديمة وأركز على استعادة ابني من صالح ومراته، بس القضية اللي في المصنع، عايزة أمسك أي حاجة أضغط بيها عليهم."
نظرت لها هالة بغضب خفيف، نبرة صوتها فيها لوم أكتر من عصبية:
> "من أمتى بتستغلي حاجة الناس لمصلحتك؟"
تنهدت حنين وهي بتحط إيديها على الترابيزة قدامها وتتكلم بتبرير صادق:
> "لو هو بريء هساعده أكيد، أما لو فيه أي شبهة هأكون مسكت أي غلطة على صالح."
رفعت هالة نظرها ليها، وقالت بصوت حزين فيه تساؤل حقيقي:
> "فين حنين أم قلب طيب؟"
سكتت حنين شوية، وبعدين بصت لها بنظرة كلها وجع وكسرة قلب، صوتها طالع مبحوح وهي بتقول:
> "ماتت من اليوم اللي ضغط فيه على أبويا علشان يتجوز بنت صالح، وبعد كده حاول يخلص مني، بس القدر كان أقوى منه. وجعه على ابنه لكن وجعني على أبويا وأمي معاه، وبرضه ما سكتش، فحاول يوجع قلبي وأخد إياد ابني في لحظة انهياري ومرضي."
قربت هالة منها وربتت على كتفها بحنان وصوتها فيه مواساة صادقة:
> "خلاص يا حنين، انسي الماضي، ابنك جاي النهارده، لازم تكوني مبسوطة."
---
ردت حنين بوجع وهي عينيها مليانة شجن، وصوتها فيه وجع أم موجوعة من البُعد:
> "آه، إن شاء الله هناء هتجيبه على الساعة 7، ولازم أخلص كل حاجة النهارده."
قالتها وهي بتزفر تنهيدة طويلة، وبصت قدامها في الفراغ كأنها شايفة صورت ابنها من بعيد،
كملت بصوت مبحوح:
"بقيت أنا اللي بشوف ابني برؤية، مش جده... مين أحق بابني؟ الأم ولا الجد ومراته؟ بس أقول إيه... ربنا منتقم."
اقتربت هالة منها بهدوء، ومدت إيدها وربتت على إيدها بحنية، عينيها كلها تعاطف وقالت بلطف:
> "ماشي يا ستي، قربنا نوصل. أنا هنزل هنا وإنتي كملي على القسم وبعده السجن، مش عارفة إزاي بتستحملي كل ده."
هزت حنين راسها بابتسامة باهتة وهي بتحاول تخفي تعبها، وقالت بنبرة فيها صلابة رغم الوجع:
> "اتعودت يا قمر، المهم، عاملة إيه مع وليد؟"
ضحكت هالة بخفة، عينيها فيها لمعة سخرية ودهشة في نفس الوقت، وقالت وهي بتبص لها:
> "لسه فاكرة يا أختي؟ نفسي أعرف إيه اللي كان شاغلك إمبارح، ما كنتيش معايا."
سرحت حنين وهي بتبص من الشباك، كأنها خرجت من اللحظة كلها، وعينيها غابت في ذكريات مؤلمة،
وبصوت شبه الهمس قالت كأنها بتكلم نفسها:
> "كنت مع مذكرات عاشق."
نظرت لها هالة باستغراب وهي بتضحك بخفة وقالت وهي بترفع حاجبها:
> "بتقولي إيه؟ فيلم ده ولا حكاية جديدة؟"
استفاقت حنين من شرودها بسرعة، وابتسمت بخجل وهي بتحاول تغير الموضوع:
> "ما تاخديش في بالك."
قالت هالة وهي بتهزر بنبرة خفيفة لكنها بتحاول تخفي قلقها عليها:
> "تمام، سلام يا صاحبة القلب الجامد."
ضحكت حنين وهي بتهز راسها وقالت بابتسامة فيها مزيج من المرارة والفخر:
> "أنا صاحبة القلب الجامد، ماشي يا ستي، سلام."
(نزلت هالة عند أول الشارع، وفضلت حنين سايقة بهدوء، وشها ثابت لكن جواها دوامة من المشاعر، بتحاول تجمع شجاعتها قبل ما توصل القسم.)
بعد شوية دقايق، وقفت العربية قدام القسم، نزلت وهي شايلة شنطتها، خطواتها فيها ثقة بس عينيها فيها حذر.
دخلت عند الضابط وقالت بنبرة رسمية فيها احترام:
> "ممكن أقابل العقيد سامح؟"
رفع العسكري نظره ليها وسأل وهو بيعدل الكاب على راسه:
> "نقول له مين؟"
ردت بابتسامة بسيطة ونغمة هادية:
> "المحامية حنين محمد الدسوقي."
قال العسكري بسرعة وهو بيكتب الاسم:
> "دقيقة."
(دخل العسكري أوضة المكتب، وهناك كان فيه شاب حوالي 35 سنة، طويل القامة، ملامحه قوية وعيونه حادة كالسيف، صوته عالي وهو بيزعق في العسكري.)
قال سامح وهو بيخبط بإيده على المكتب بعصبية:
> "مش قلت لك 100 مرة ما تدخلش قبل ما أطلب منك؟ مش شايفني مشغول؟!"
اتلخبط العسكري وابتدى يتأتأ بخوف، وهو بيقول بسرعة:
> "أصل فيه محامية بره عايزة تقابل حضرتك."
رد سامح بحدة وهو بيبعد الملفات بعصبية:
> "مش فاضي أقابل حد."
قال العسكري بخضوع وهو بيحاول يهرب من غضبه:
> "حاضر."
(سمعت حنين صوته من بره، صوتها اتغير وهي بتهمس لنفسها، عينيها فيها خليط من الحنين والضيق):
> "آه، نسيت، ده بقى أكتر إنسان عصبي في الكون رغم قلبه الطيب. مش وقته يا عم سامح، أنا محتاجاك."
رجع العسكري ليها وقال وهو بيحاول ما يبصش في عينيها:
> "رفض يقابل حد يا أستاذة."
ابتسمت حنين بسخرية خفيفة وهي بترد بنغمة فيها لا مبالاة مقصودة:
> "ما يهمكش."
(العسكري مشي وهو بيكلم نفسه بصوت واطي، وهو طالع من المكتب):
> "هروح أجيب له قهوة وأرجع يكون هدي شوية."
(وقفت حنين بره الباب، إيديها متشابكة، وصوت خطواتها على البلاط كان مسموع، كل ثانية بتعدي كأنها ساعة، مستنية اللحظة اللي الباب يتفتح فيها...)
