رواية عطر الانتقام والحب بقلم سيليا البحيري
داخل الطائرة (مقاعد الدرجة الأولى – الخطوط الجوية البريطانية – الليل):
تجلس مريم بجانب النافذة، تمسك يد إدوارد بهدوء، بينما صوفيا أمامهما على المقعد الآخر متحمسة، لا تكف عن الحركة والكلام.
صوفيا (بحماس طفولي):
I can’t believe we’re finally going to Egypt! I’m going to see Aunt Dilan, Uncle Murad, Uncle Zein, Uncle Ihab… and of course my sweet cousin Ahed! 😍
(لا أصدق أننا ذاهبون أخيراً إلى مصر! سأرى خالتي ديلان، وخالي مراد، وخالي زين، وخالي إيهاب… وطبعاً ابنة خالي عهد الجميلة!)
مريم (تبتسم برقة):
Calm down, sweetheart. You’ll see them very soon. They’re probably just as excited as you are.
(اهدئي يا حبيبتي، سترينهم قريباً جداً. أعتقد أنهم متحمسون مثلك تماماً.)
إدوارد (مازحاً وهو يعدل نظارته):
I’m just worried that once they see you, Sophia, they’ll forget all about me.
(أنا فقط قلق أنه بمجرد أن يروك يا صوفيا، سينسونني تماماً.)
صوفيا (تضحك):
Oh dad, don’t worry. You’re unforgettable!
(أوه أبي، لا تقلق، أنت لا تُنسى أبداً!)
مريم تضحك وتضع رأسها على كتف إدوارد.
مريم (بعاطفة):
Edward, I’m so happy to be going back after all these years… this time, not as the stubborn girl who left, but as a wife and a mother.
(إدوارد، أنا سعيدة جداً بالعودة بعد كل هذه السنوات… هذه المرة، ليس كفتاة عنيدة غادرت، بل كزوجة وأم.)
إدوارد (يمسك يدها):
And as the bridge between two families. Remember, love, your brothers love you deeply. Don’t let anyone make you forget that.
(وكجسر بين عائلتين. تذكري يا حبيبتي، إخوتك يحبونك بعمق. لا تدعي أحداً يجعلك تنسين ذلك.)
مريم تهز رأسها بتأثر واضح.
صوفيا (تقطع اللحظة بجديّة مزيفة):
And I’m going to make sure cousin Ahed tells me everything about her love story with Iyad. No secrets between cousins! 😏
(وسوف أتأكد أن ابنة عمي عهد تخبرني كل شيء عن قصة حبها مع إياد. لا أسرار بين أبناء العمومة!)
مريم (بحرج):
Sophia! 😳
إدوارد (يضحك بصوت منخفض):
Like mother, like daughter… curious and stubborn.
(مثل الأم مثل الابنة… فضولية وعنيدة.)
صوفيا تضحك بصوت عالٍ، بينما المضيفة البريطانية تمر وتطلب منهم ربط الأحزمة استعداداً للهبوط في القاهرة.
**********************
في مطار القاهرة الدولي (بوابة الوصول – مساء):
القاعة مزدحمة، المسافرين يخرجون واحداً تلو الآخر. صوفيا تخرج أولاً من البوابة وهي تجر حقيبتها الصغيرة بعجلة، عيناها تلمعان من الحماس.
صوفيا (تصرخ بفرح):
Uncle Murad!! Uncle Zein!! Aunt Dilan!! 😍
(عمي مراد!! عمي زين!! عمتي ديلان!!)
تركض صوفيا بسرعة كالأطفال ، وترتمي بين ذراعي مراد. مراد يحتضنها بقوة، يغلق عينيه لحظة وهو يتنفس عبقها، كأنه يحتضن ابنته الثانية.
مراد (بصوت دافئ وهو يربت على شعرها):
كبرتِ يا صوفيا… كبرتِ كثيراً، يا ابنة أختي. لكنك ما زلتِ تلك الطفلة التي كنت أحملها بين ذراعي.
صوفيا (بابتسامة واسعة وعينيها تلمعان):
I missed you so much, uncle! More than words can say!
(اشتقت لك كثيراً يا خالي! أكثر مما أستطيع قوله بالكلمات!)
زين يقترب ويفتح ذراعيه، وصوفيا تحتضنه هو أيضاً.
زين (يضحك):
لقد أخذت نصيب مراد من الأحضان، أليس لي نصيب؟
صوفيا (تحتضنه بحب):
Of course you do, uncle Zein! I missed you too!
(طبعاً لك نصيب يا عمي زين! اشتقت لك أنت أيضاً!)
ثم تنتقل لعمتها ديلان، التي تفتح ذراعيها باشتياق لكنها تحاول أن تخفي دموعها ببرودها المعروف.
ديلان (بصوت مبحوح رغم قسوتها المعتادة):
أهلاً بفتاتنا البريطانية… يا ليتك تعلمين كم اشتقتكِ.
صوفيا (تضحك وهي تعانقها):
And I missed you too, aunt Dilan… even your scary face. 😏😂
(واشتقت لك أيضاً يا عمتي ديلان… حتى وجهك المخيف.)
الجميع يضحك، حتى حور التي كانت واقفة بجانب مراد، تقترب وتقبل جبين صوفيا.
حور (برقة):
أهلاً بكِ يا ابنة مريم… بيتك في قلبنا قبل أن يكون في مصر.
في هذه اللحظة، تصل مريم بخطوات مترددة، وعيناها تدمعان وهي ترى إخوتها بعد سنوات. مراد يلمحها أولاً، وعيناه تلمعان بدموع الرجولة، ثم يتقدم نحوها.
مراد (بصوت مختنق بالعاطفة):
مريم… أختي الصغيرة.
مريم لا تتمالك نفسها، تترك حقيبتها وتركض لتعانق مراد بقوة.
مريم (وهي تبكي):
أخي… سامحني على البعد… سامحني.
مراد (يربت على كتفها):
لا داعي للكلام… وجودك بيننا يكفينا.
زين ينضم للعناق العائلي، ثم ديلان تمسح دمعتها بسرعة حتى لا تُفضح، لكنها تحتضن مريم بدورها.
ديلان (بصوت منخفض):
عودتك أعادت إلينا شيئاً من روح أمنا.
إدوارد يقترب بخطوات هادئة، يمد يده أولاً لمراد باحترام شديد.
إدوارد (بالإنجليزية مع ابتسامة):
It’s good to see you again, Murad. I’m glad we are finally here.
(سعيد برؤيتك من جديد يا مراد. أنا سعيد لأننا هنا أخيراً.)
مراد (يمد يده بحرارة ويصافحه بقوة):
Welcome home, Edward. أنت واحد منا منذ زمن بعيد.
ثم يصافح زين، الذي يبتسم له بحرارة، بينما ديلان تكتفي بنظرة احترام خفية، فهي رغم قسوتها تعلم أن هذا الرجل صمد مع أختهم لسنوات طويلة.
صوفيا تراقب المشهد بعينين لامعتين وتضحك بفرح.
صوفيا (بمرح):
Now this feels like family! 🥰
(الآن هذا يبدو وكأنه عائلة!)
**********************
في السيارة العائلية (طريق المطار → فيلا العائلة):
مراد يقود السيارة بجانب زين،و إدوارد بينما في المقاعد الخلفية تجلس مريم بجانب ديلان، وصوفيا تجلس في المنتصف، ووالدتها على اليمين. صوفيا لا تكفّ عن الكلام منذ تحركت السيارة.
صوفيا (بنشاط لا ينتهي):
You know, I had my last piano class two days ago, and my teacher said I’m improving so much! Maybe one day I’ll play in front of you all! 🎹✨
(تعرفون؟ كان عندي آخر درس بيانو قبل يومين فقط، ومعلمي قال إني تحسنت كثيراً! يمكن في يوم ألعب أمامكم كلكم!)
مراد (يبتسم عبر المرآة):
وسأكون أول الحاضرين يا صغيرتي… أريد سماع عزفك منذ زمن.
صوفيا (بحماس):
And football! Oh my God, did you see England’s last match?! They were amazing! Harry Kane scored a beauty! ⚽😍
(وكرة القدم! يا إلهي، هل شاهدتم آخر مباراة لإنجلترا؟ كانوا رائعين! هاري كين سجل هدفاً جميلاً!)
زين (يرفع حاجبه ساخرًا):
هل هذه ابنة أختي العائدة من رحلة طويلة؟ أم مشجعة إنجليزية جاءت من المدرجات مباشرة؟
الجميع يضحك، وصوفيا تضرب كتف زين بخفة وتضحك معه.
صوفيا (متحمسة):
Uncle Zein, you just don’t get it! Football is life! 😏😂
(عمي زين، أنت فقط لا تفهم! كرة القدم هي الحياة!)
مريم (تضحك بخفة):
صوفيا… اتركيهم بسلام، لقد أرهقتهم من أول نصف ساعة.
صوفيا (بمرح):
Wait, I’m not done yet! Politics! Can you believe what’s happening in the UK government now? It’s crazy! 🤯
(انتظروا، لم أنتهِ بعد! السياسة! هل تصدقون ما يحدث في حكومة بريطانيا الآن؟ إنه جنون!)
ديلان (تتنهد وتغمض عينيها):
يا إلهي… لم أعد أحتمل. أرجوكم، اجعلوها تصمت ولو خمس دقائق!
مراد (يضحك):
ديلان… دعيها، لقد اشتقنا إلى ضجيجها.
حور (بحنان وهي تنظر لصوفيا):
والله كأننا استعدنا ابنتنا الثانية.
الجميع يضحك مجدداً، وصوفيا لا تهتم، تواصل ثرثرتها بمرح، وهي تشير بيديها بحماس كعادتها، فيما السيارة تقترب شيئاً فشيئاً من الفيلا حيث ينتظرهم بقية العائلة
******************
في فيلا البدراوي، صالة الاستقبال الفخمة
السيارات تصل، والخدم يفتحون الأبواب. صوفيا تنزل أولاً بحماس، تركض كعادتها بخطوات سريعة نحو الباب الكبير. لحظة دخولها للقاعة، ترى أحبابها بعد سنوات.
عهد (تصيح بفرح وتركض):
صوووفياااا!! 😍
صوفيا (تصرخ وتفتح ذراعيها):
عهددددد!!! Oh my God!! 🤩
الفتاتان تلتقيان في منتصف الصالة وتحتضنان بعضهما بشدة، تدوران وهما تضحكان، كأنهما لم تكبرا أبداً. الجميع يبتسم لرؤيتهما معًا.
سليم (واقف وذراعيه معقودتان بابتسامة ماكرة):
يا سلام… لم تصدقوا حتى أن تتركا بعضكما دقيقة واحدة.
صوفيا (تترك عهد وتندفع نحوه بحماس):
Sliiim! You look even taller than last time! 😱😂
(سليم! تبدو أطول حتى من المرة الماضية!)
سليم (يضحك ويحتضنها):
أنتِ التي صرتِ أقصر… أو يمكن لأنك لا تتوقفين عن الرغي فأنت مشغولة عن ملاحظة طولي.
الجميع يضحك، وصوفيا تدير عينيها بخفة دم.
إياد (يقترب بخطوات هادئة وابتسامة):
أهلاً صوفيا… نورتِ مصر.
صوفيا (تنظر له بمرح):
إياد! Handsome as always! 😌
(إياد! وسيم كما العادة!)
إياد يبتسم بخجل بسيط، وعهد تعطيها ضربة خفيفة على كتفها مازحة، والجميع يضحك.
إيهاب (خالها الثالث، بصوت حنون):
تعالي هنا يا ابنة أختي… كبرتِ كثيراً يا صوفيا.
صوفيا (تركض لتعانقه):
Uncle Ihab! I missed you so much!
(خالي إيهاب! اشتقت إليك كثيراً!)
إيهاب يبتسم بحنان ويحتضنها بقوة، لكن عينيه تلمحان ثريا الواقفة جانبًا.
ثريا (بصوت مصطنع وهي تقترب):
أهلاً بالجميلة صوفيا… كنتُ أنتظر هذه اللحظة منذ زمن.
صوفيا (تبتسم ببرود، ترد مجاملة فقط احترامًا):
Thank you… (شكراً…)
مريم تلمح البرود في نبرة ابنتها وتفهم فورًا، بينما ثريا تخفي ضيقها بابتسامة مزيفة. الجو يمتلئ بالضحك واللمة، ما عدا تلك النظرات السامة التي تطلقها ثريا في الخفاء نحو عهد وصوفيا.
*******************
في قاعة الطعام الكبيرة في فيلا البدراوي
المائدة عامرة بأطباق فاخرة، الكريستال يلمع تحت الأضواء. الجميع يجلس في أماكنهم، الجو مليء بالضحك، والحديث يتنقل بين مواضيع مختلفة. إدوارد يرفع كأس الماء بابتسامة، ينظر إلى أصهاره.
إدوارد (بهدوء ولباقة):
أتعرفون؟ خلال الأشهر الماضية بدأت شراكة جديدة في بريطانيا… مع شاب اسمه آدم صبري.
مراد (يهز رأسه بإعجاب):
شاب؟ ويدير أعمال والده؟ هذا مثير للاهتمام.
زين (بصوت واثق):
إذن يبدو أنه ذكي بما يكفي لينال ثقتك يا إدوارد.
إدوارد (مبتسم):
ذكي جدًا، لكن… طبعُه خاص بعض الشيء.
صوفيا تتنحنح فجأة بقوة، الجميع يلتفت إليها، فتلوّح بيدها وهي تضحك بخفة.
صوفيا (بضحكة ساخرة):
"خاص بعض الشيء"؟ Daddy, that’s a polite way to say “he’s arrogant as hell”! 😂
(هذا أسلوب مهذب لتقول إنه متعجرف لأبعد حد!)
الجميع ينفجر ضاحكًا، حتى ديلان تكتم ضحكتها، وعهد تضحك وهي تضع يدها على فمها.
إياد (مازحًا):
شكله ترك فيكِ انطباعًا قويًا يا صوفيا.
صوفيا (ترفع حاجبيها):
انطباع سلبي جدًا! He acts like he owns the world.
(يتصرف وكأنه يملك العالم).
سليم (ساخرًا):
هاها… يعني باختصار، لو دخل هذا "آدم" عندنا هنا، لن يخرج حيًا من نقاشك معه.
الضحك يعم الطاولة، وصوفيا تدير عينيها بخفة دم.
مريم (تهز رأسها مبتسمة):
يا بنتي… اتركي الناس في حالهم.
حور (بنعومة):
لكن واضح أن هذا الشاب استفزها بشدة… وهذا ليس سهلًا على صوفيا.
عهد (بفضول):
أخبرينا، ماذا فعل بالضبط؟
صوفيا (بحماس، تلوّح بيديها):
Imagine this: I bump into him accidentally, and instead of apologizing, he just smirks… like it was MY fault.
(تخيلوا… اصطدمت به بالصدفة، وبدل أن يعتذر، ابتسم باستهزاء… وكأن الخطأ خطئي).
زين (يقهقه):
يبدو أنه يعرف تمامًا كيف يثير جنونك.
الجميع يضحك مرة أخرى، الجو مليء بالمرح والدفء. مراد ينظر لعائلته وعيناه تلمعان بالفخر، وإدوارد يبتسم بسعادة لرؤية مريم مندمجة مع إخوتها بعد سنوات من الجفاء.
*********************
الضحكات ما زالت تملأ المكان بعد نكتة صوفيا عن آدم، الجو مليء بالمرح، إلا أن ثريا تضع الكأس ببطء على الطاولة وتنظر للجميع بنصف ابتسامة باردة.
ثريا (بتصنّع):
ما شاء الله… صوفيا صارت شابة جميلة ومثقفة… وبما أنها عاشت وتعلمت في بريطانيا… بلد الحرية والانفتاح…
تتوقف قليلًا، ترمق مريم بنظرة جانبية لئيمة.
أكيد عندها خبرات… وصداقات… يمكن أكتر من مجرد صداقات.
يسود صمت ثقيل فجأة، الضحكات تختفي، الجميع ينظر إليها بدهشة واحتقار. مريم تحدق فيها بعيون مشتعلة، ومراد يزم شفتيه بغيظ، وزين يضغط قبضته على المائدة، بينما إدوارد يحدّق بعدم تصديق. عهد تنكس رأسها بصدمة… أما صوفيا، فتجلس مستقيمة، ترفع ذقنها بثبات، عينيها تلمعان ببرود يليق بكرامة عائلة كاملة.
صوفيا (بهدوء حاد):
Aunt Thoria… I don’t know what kind of women you’ve met in your life, but I am not one of them.
(عمتي ثريا… لا أعلم أي نوع من النساء التقيتِ في حياتك، لكني لست واحدة منهن.)
تسحب نفسًا قصيرًا، ثم تكمل بالعربية بلهجة هادئة لكن قاطعة:
أنا تربيت على يد والدتي مريم… وعلى يد أبي إدوارد. والدي علّمني معنى الاحترام، ووالدتي علّمتني معنى الكرامة. والفتاة اللي تفكّر فيها حضرتك… لن تكون صوفيا البدراوي.
عيونها تلمع بثقة، صوتها لا يرتجف. ثريا تحاول التماسك، لكن الصدمة واضحة على وجهها من قوة رد صوفيا.
إيهاب (ينفجر غاضبًا):
يكفي يا ثريا!!!
ينهض فجأة من مكانه، يضرب كفًا قويًا على الطاولة، يقترب منها، وعروقه نافرة.
إيهاب (بصوت كالرعد):
تجرؤين… تتجرأين على شرف ابنة أختي أمامنا جميعًا؟!
ثريا تفتح فمها لتتكلم، لكن إيهاب لا يعطيها فرصة. يرفع يده ويلطمها لطمة قوية تهز رأسها جانبًا. الجميع يندهش، حتى ثريا نفسها ترتجف، الدموع تكاد تلمع في عينيها من الصدمة أكثر من الألم.
إيهاب (بصوت حاد قاطع):
اخرجي من هنا… فورًا. قبل أن أفقد آخر ذرة صبر عندي.
ثريا تلتقط حقيبتها بيد مرتجفة، تنظر حولها محاولة الدفاع عن نفسها، لكن عيون الجميع مليئة بالاحتقار. صوفيا ما زالت جالسة بثبات، نظراتها تتبع ثريا دون خوف أو تردد.
ثريا تغادر القاعة مطأطأة الرأس، والأبواب تُغلق خلفها بصوت ثقيل. يسود الصمت للحظات… قبل أن يقطع مراد الموقف وهو يضع يده على كتف صوفيا بحنان.
مراد (بابتسامة فخورة):
أحسنتِ يا صوفيا… هكذا تكون بنات البدراوي.
إدوارد ينظر لابنته بابتسامة مفعمة بالفخر، ومريم تكاد تبكي من الاعتزاز بابنتها. زين يرفع كأسه نصف ممتن ويقول بخفة لتهدئة الجو:
زين (مازحًا):
ومن كان يظن… أن هذه الطفلة الصغيرة ستقف يومًا بوجه ثريا… وتنتصر.
الجميع يضحك بخفة، يعود الدفء تدريجيًا، لكن آثار المواجهة تبقى محفورة في العيون.
**********************
في أوضة ثريا (نص الليل)
النور خافت، الستاير مقفولة، والأوضة فيها ركن صغير مليان مجدّات وذكريات كانت ثريا بتحاول تلوّن بيها وشها الكئيب.
بس المرة دي مافيش تلوين… في تخطيط.
عينيها بتلمع شر، شفايفها بترتعش من الغيظ والوجع. فجأة تجي في دماغها فكرة سودا، وتضحك ضحكة مافيهاش أي دفء.
ثريا (بتنهش الهوا بصوت واطي):
لأ… مش هافضل الضحية اللي تتنسى.
محدش هيكسرني. محدش!
تمسك موبايلها، تدور على اسم "قاسم"، تدوس اتصال.
تستنّى، وصوابعها بتلعب في الخاتم اللي في إيدها كأنها بتشحن نفسها بشجاعة كدابة.
صوت قاسم في السماعة، ببرود متعمّد:
هاه؟ مين اللي فايق في نص الليل كده؟
ثريا (بنبرة متحكّمة، عاملة صوتها هادي):
يا قاسم… عندي عرض ليك. عرض يخلّصنا من وجع الدماغ ده.
لو لعبت معايا، هتلاقي اللي نفسك فيه.
قاسم (يضحك ضحكة قصيرة):
أنصحك ما تبدعيش كلام من غير خطة تقيلة قدامك… مش وقت الهزار.
ثريا (بصوت هادي محاولة تسيطر على نفسها):
مش هزار.
مريم فضحتني قدام العيلة. كدبت وكَسّرتني على وشي.
أنا هخليهم يدفعوا التمن.
مش بس مراد… لأ. كلهم هيتعذبوا.
قاسم (بنبرة فيها حنق حذر):
طب… ناوية تعملي إيه؟
ثريا (بمكر تقيل):
هخطف بنت مريم مع عهد… عشان الرسالة توصل.
ومش بس خطف كده وخلاص.
حد يدفع، حد يساوم.
وصوفيا؟ تتباع برا.
حد بفلوس تقيلة ياخدها ونخلص من "العار" اللي أمها عملته.
صمت على الخط. بعد لحظات صوت قاسم ييجي ببرودة تخوّف:
قاسم:
بيع البني آدمين مش لعب عيال.
وثمنه تقيل… والمشوار ده له تبعات كبيرة.
وإنتِ عارفة إني ما بهزرش في المواضيع دي.
متأكدة إنك عايزة تمشي في السكة دي؟
ثريا (بإصرار وغضب):
أنا اتبهدلت قدام الكل. أنا اتكسّرت.
يا قاسم، أنا مش باستشيرك… أنا باطلب شريك.
هتشتغل معايا ولا لأ؟
قاسم (بهدوء يخوّف):
هشارك.
بس بشروطي.
مفيش حاجة تبقى باسمك لوحدك. كل حاجة ليها تمن.
ولما الشغل يمشي، لازم تبقي فاهمة حاجة:
أنا ليا حساباتي.
اللي في دماغي غير اللي في دماغك.
ومش هاسيب حد يقف قصاد اللي أنا عايزه.
ثريا (بابتسامة متكلّفة):
وإيه اللي في دماغك يا قاسم؟
قاسم (ببرود وهو بيرمي الكلام زي طوبة):
أنا؟
هاخد اللي أنا أستحقه.
ولو اضطرّيت أطفيكي بعد ما أخلص مصلحتي، ما ينفعش أسيب حد يعرف كل حاجة عني.
ثريا (ترتعش بس تحاول تخبي):
أنا عايزة شغل يتعمل دلوقتي.
النهاردة بالليل.
المكان جاهز، والخطة واضحة.
مفيش لف ودوران… أنا عايزة نتيجة دلوقتي.
قاسم (ساخر):
كل واحد بيحب يسمع الكلام اللي يريّحه.
بس خليكِ على قد كلمتك.
وما تحاوليش تلعبي معايا بالمشاعر.
وحاجة أخيرة: لو فكرتي ترميني بعد الشغل… هتندمي قوي.
ثريا (تشد نفس عميق):
أنا ما بخونش.
وإوعى حد يجرب يجربني.
قاسم (بمزاح مُر):
ماشي يا ستّي.
هنشوف مين فينا الأقوى.
المكالمة تتقفل بهدوء مش مريح.
ثريا تطفي النور، بس نظرتها مش بتهدى، كأنها لسه مكتشفة إنها فتحت باب لشيطان مش هتعرف تقفله.
في الضلمة، تمسك صورة قديمة لأمها شهيرة، عينيها تمتلئ شر وتعض شفايفها لحد ما تجرحها.
ثريا (بصوت خافت):
لو أنا وقعت… هاسيب ورايا حريقة.
وهما هيتعلموا يتعذبوا.
وفي الضفة التانية، قاسم يقفل الموبايل ويحطه بهدوء.
يقف قدام المراية في أوضته، عينيه فيها لمعة غريبة — حماس وحذر في نفس الوقت.
يحرك دماغه بسرعة وهو بيحسبها: استغلال ثريا، الاستفادة من وجعها، وبعد كده يلعب لوحده.
قاسم (يكلم نفسه):
الخطة بدأت.
واللي بعدها؟
نقطة ضعف واحدة ممكن تبقى فرصة.
وإنتِ يا ثريا… يا هتديني اللي عايزه، يا هتبقي آخر طلقة عندي.
المشهد يقفل على ثريا وهي نايمة على السرير، عينيها مفتوحة بصّة للسقف، وابتسامة ملتوية على وشها.
مفيش توبة، مفيش رجوع.
بس حسابات سودا وشر جاي.
********************
في جنينة فيلا البدراوي
ظل الشجر عامل بقع هادية على النجيلة، والنسيم بيهز ورق الورد بخفة.
إياد وعهد قاعدين على المصطبة الحجر عند النافورة الصغيرة، كل واحد في إيده فنجان شاي ساقع نصه.
الدنيا حواليهم ساكتة، بس عينيهم باين فيها إن لسه في كلام ما خلصش.
عهد (بتلم الشال على كتفها وبصوتها فيه قلق):
إنت سمعت الكلام اللي حصل على العشا؟
أمك… قالت كده على صوفيا؟!
إياد (ياخد نفس طويل، يبص بعيد شوية كأنه بيحاول يسيطر على نفسه):
آه… سمعت.
اختارت أحلى وقت تقول فيه الكلام ده، صح؟
أنا مش فاهم إزاي بتعمل كده.
أنا محرج أوي يا عهد… مش بس قدامك، قدام العيلة كلها.
عهد (تميل عليه وتمسك إيده):
ما تتكسفش يا إياد.
اللي حصل ده مش ضعف منك.
ده تصرّف من أمك، وإحنا لازم نفضل مع بعض.
إنت مش لوحدك.
إياد (يسكت شوية وبعدين يضحك ضحكة مرّة):
كنت فاكر إننا عارفين بعض من جوة، نحمي بعض ونقف في ضهر بعض.
بس بقى عندي إحساس إن في حاجات أنا مش شايفها.
وأوقات بحس إني ضعيف عشان ما قدرتش أوقف الكلام ده.
عهد (تمسك إيده بقوة):
إنت أقوى من كده بكتير.
قلبك نضيف، وده كفاية.
واللي يهين الناس بكلامه، عمره ما يبقى كبير في عيني.
أنا معاك، وإيدك في إيدي.
إياد (يبص لها بعينه اللامعة):
إنتِ دايمًا بتعرفي تهدي قلبي.
عندك سحر في الكلام.
أنا… بحبك يا عهد.
حب مش زي أي حاجة حسيتها قبل كده.
مش بس حب خطيبين… ده حب مالي عليّ دنيتي كلها.
عهد (وشها يحمر وتضحك بخجل):
يا ابني… ده كلام تقيل!
بس أنا كمان بحبك.
بحبك بطريقة ساعات بتخوفني.
مرات بحس إنك أخويا، ومرات بحس إنك أكتر من كده بكتير.
مش عارفة أوصف الإحساس… بس هو معايا طول الوقت.
إياد (يبتسم ويمسح دمعة صغيرة على خدها بإيده):
ما تخافيش يا حبيبتي.
أنا موجود.
وأي حد يحاول يوجعك… هخليه يندم.
ما تشغليش بالك بكلام فارغ.
إحنا مع بعض.
عهد (تمس رقبته بحنان وتهمس):
بوعدك يا إياد… هنفضل مع بعض.
هنبني حياتنا ونثبت للكل إن الحب هو الردّ الصح.
إياد (يقبّل جبينها قبلة طويلة):
أديكي أماني كلها.
وعد مني… اللي فات هيموت، واللي جاي أحلى بكتير.
الهواء يعدّي فوقهم، والورد حواليهم كأنه بيشهد على الكلام.
عهد تحط راسها على صدره لحظة، تسمع دقات قلبه تهديها، وكل الدنيا براهم بتختفي.
بعد شوية، إياد يبتسم بمكر حنين:
وبالمناسبة… لما نوصل البيت، في مفاجأة صغيرة مستنياكي.
مش هقولك دلوقتي عشان ما تبقيش فضولية زيادة.
عهد (تبص له بعين بريئة):
مفاجأة؟!
يا نهار أبيض… قلبي مش هيستحمل.
إياد (يقوم، يمسك إيدها ويقومها معاه، ويدوّرها كأنهم بيرقصوا):
ما تقلقيش… هتعيشي أحلى مفاجآت معايا.
وبعدين؟
بعد كده نضحك في وش أي حد حاول يجرحنا.
ضحكهم يختلط بصوت ميّة النافورة، والمشهد يقفل عليهم واقفين في ضوء الشمس الدهب الخفيف، إيد في إيد، عينيهم قدام على مستقبل واحد، مهما حصل حواليهم.
**********************
في غرفة عهد في فيلا البدراوي (الصباح الباكر)
أشعة الشمس الذهبية تتسلل من خلال ستائر الغرفة، تملأ المكان بدفء ناعم. عهد وصوفيا نايمتين جنب بعض على السرير الكبير، والضحك الخفيف من الليل الماضي لسه عالق في الجو.
صوفيا تفتح عينيها أول وحدة، تشهق بمرح:
— "Wake up sleepyhead! Rise and shine!"
(استيقظي يا نعسانة! قومي وأشرقي!)
عهد تئن وتشد الغطاء فوق راسها:
— آه، يا صوفي، لسا الساعة بدري! 😴
صوفيا تضحك، وتشد الغطاء منها فجأة:
— بدري إيه! إحنا عندنا خطة اليوم. أنا مش جاية مصر أقعد في السرير. قومي يلا!
عهد، بخجل وابتسامة:
— خطة؟! أنتِ جادة يا مجنونة؟ من امتى وإنتي وعلا بتخططوا من ورايا؟
صوفيا، ترفع حاجبها بمكر:
— من امبارح بالليل لما كنتي مشغولة تتأملي الخاتم بتاعك! 😉
عهد بسرعة تحمر خدودها، تخبّي إيدها تحت الوسادة:
— صوفيااااا! 🙈
ضحكة صوفيا تعلو الغرفة، ثم تقفز من السرير وتفتح الخزانة:
— يلا بسرعة، اليوم كله لينا. هنتقابل مع علا ونخرج نلف. قوليلي بقى… عايزة مكان هادي ولا مغامرة؟
عهد، وهي تجلس وتفرك عينيها:
— مغامرة؟ أنا مش عارفة إذا كنتي جاي مصر عشان تشوفي عيلتك ولا عشان تجنني الدنيا كلها!
صوفيا، تلتفت لها وهي تختار فستان صيفي خفيف:
— هو فيه فرق؟ 😏 أنا أشوفكم وأعيش حياتي في نفس الوقت. وبعدين، علا وعدتني إنها هتودينا مكان محدش بينساه.
عهد تضحك وتلوّح بيدها:
— أوكي… بس بشرط. ما فيش جنان كتير. أنا مش زيك.
صوفيا تقف أمام المرآة وتعدل شعرها بمرح:
— طيب، promise… يعني تقريبًا. 😇
ثم تركض وتجلس جنب عهد:
— يلا، يلا، قوليلي! إنتي وإياد… كيف الأحوال؟ أنا شايفة بريق في عينيك مش كان موجود من قبل.
عهد تحمر وتعض شفتها السفلية:
— صوفيا، بلا فضايح من الصبح. أنا… أنا لسه بتأقلم.
صوفيا، تبتسم بحنان وتلمس خدها:
— I’m so happy for you, cuz. (أنا سعيدة جدًا علشانك يا بنت خالتي).
في اللحظة دي، علا تطرق الباب من بره بصوتها المميز:
— يا أميرات! صحيتوا ولا لسا نايمات؟ ولا أفتح الباب واصحيكم بالعافية؟
عهد وصوفيا يصرخان في وقت واحد ويضحكان:
— لاااا! إحنا صحينا خلاص! 😂
المشهد ينتهي بضحكات البنات الثلاثة تملأ البيت، وكل وحدة فيهم مليانة طاقة ليوم جديد مليان مغامرات.
**********************
في حديقة مقهى ساحلي هادئ على أطراف الاسكندرية (بعد ساعة)
الشمس دافية والنسيم عليه ريحة الورد والبحر البعيد. المقهى فيه طاولات خشب متفرقة وسط فسحة صغيرة مليانة نباتات، والموسيقى خافتة بتدي إحساس مريح. سليم يوصل بالعربية قدام البواب، ينزل ويساعد البنتين ينزلوا بحقائب صغيرة وضحكاتهم ماليه الجو.
سليم (بابتسامة ماكرة وهو يفتح باب العربية):
يلا يا جميلات، نزلوا بقى قبل ما أقول إننا نلغي الخطة ونروح نشوف فيلم رعب.
عهد (تضحك وهي بتنزل):
يا عم سليم! إحنا هنموت من الضحك قبل الفيلم ده.
صوفيا (تنطط وهي تطلع):
I’m ready for anything! Let’s gooo!
يمشوا كلهم في الممر الترابي للمقهى، وفجأة علا بتظهر من جهة الجنينة، لابسة توقعها الرياضي الخفيف مع جاكيت قصيرة، شعرها مربوط بعصابة ووشها منور بابتسامة.
علا (تركض وتفتح يدها لصوفيا):
ياااه! صوفيا! أخيرًا وصلتِ!
صوفيا تجري وتقفز في حضن علا، العناق طويل والضحكات عالية؛ عهد تبص عليهم بابتسامة دافية، وسليم واقف متفرج بعينين فيها مزيج من الحنان والمزاح.
علا (تفك العناق وتبص لصوفيا بعينين لامعتين):
وحشتيني قوي يا حبيبتي… شكل لندن ما عملتش معاكي صح من غيرنا.
صوفيا (متأثرة ومتحمسة):
I missed you so much, ʿala! You’re the best.
بعدها، علا بتلف تبص لعهد وتضمها في حضن صغير:
علا (همسة لعهد):
وأنتي يا عهد، حبكِ دايمًا في القلب. لازم نعمل يوم كله حكايات النهارده.
عهد (بخجل وسعادة):
أنا موجودة… وانتي خطّيطة اللي تنفّس عني من ضغوط الجامعة.
يجلسوا كلهم على طاولة في الشمس الخفيفة. النادل ييجي يسأل عن المشروبات، والصحبة تبدأ تحكي. سليم يقعد جنب علا مقابل صوفيا، ونظراته ليها فيها مزاح وحنان.
سليم (مازحًا وهو بيطلب قهوة):
عايز أأمنلي مكان في فريق التحكيم لو حضرتك هتعملي مسابقة ضحك اليوم.
علا (ترد بتحدي خفيف):
يا سيد المخابرات، أنت بتحب تمزح بس أنا عندي مهرجان ضحك عالمي النهارده. استعد.
سليم (بشكل نصحي حنين):
خلي بالك من الكلام ده، يمكن تفضحي نفسكِ وتضحكي لحد ما تنسي حد.
الجميع يضحك، وبعدها الحديث يتحول لمغامرات صوفيا في لندن: دروس الموسيقى، والأماكن اللي زارتها، والناس اللي قابلتها. علا بتعلق بتعليقات حادة طريفة، وعهد بتشارك قصصها عن مشاريع الجامعة. سليم بينزل ينقل النكات ويهزر معهم.
صوفيا (بحكاية متحمسة):
…and then my piano teacher said I should play in front of real audience next month! I’m terrified and excited.
علا (بتشجيع حار):
يا سلام! لازم نكون أول ناس نشوفك! وأنا هجيب الكاميرا وهصورك وإحنا كلنا هنصقف كأننا في أوبرا.
سليم (بنبرة مداعبة لعلا وهو يبص لها):
وأنا هعمل صوت التصفيق الاحترافي، يعني تصفيقة فيها إحساس وصوت قوي.
علا (ترد عليه بعينين تلتمع بالمزاح):
وسليم… لو صوّتك فضيع، هبعت لك فيديوك في حالة طريفة لكل اللي بيتابعوني.
سليم يمد إيده بسرعة ياخد كوب المية من النادل، يرفع الكوب كإشارة سلام ويبتسم لها بابتسامة فيها دفء واضح.
سليم (بصوت أخف):
يا سلام… خليكي بتضحكي كده دايمًا. بحس إن الدنيا أبسط معاكي.
علا تبص له، وفي لحظة الصمت القصيرة دي الحميمية بين الاتنين واضحة — فيها احترام ومغازلة رقيقة، لكن محدش فيهم بيعترف بصراحة بعد. عهد وصوفيا يلاحظوا الكيمياء ويضحكوا بخفة.
عهد (بمزاح للثنائي):
خلّوا بالكم يا اتنين، مش كل يوم بنشوف روميو وجولييت بنكهة كافيه.
صوفيا (مترقبة):
أيوه! يا ريت يظهر بينكم مشهد درامي وموسيقى وتعليق سينمائي.
المقابلة تمشي بين ضحك وحوار خفيف. بعدين سليم ينقل الموضوع لموضوع أشد جدية شوي— يسأل عن خطط اليوم.
سليم (بهدوء وهو يبص للجميع):
طيب… إيه رأيكم نعمل جولة في السوق القديم بعد القهوة؟ فيه محلين نقدر نشتري منهم حاجات فنية للعيلة. ونعدي على المكتبة اللي جنبيها فيها قسم كتب إنجليزي — صوفيا هتحب.
علا (موافقة فورًا):
فكرة حلوة. وأنا كده هوريكم مكان مخبأ لقهوة مخصوصة كده لازم تجربوها.
صوفيا (متحمسة):
Yes! I’m in. Let’s find the best baklava in town afterwards.
سليم ينظر لعلا بعين فيها انتظار، وهي ترد بابتسامة توافق. الجو كله ودّي ومليان طاقة شابة؛ الناس حواليهم تمشي وبتضحك، والورود بتحركها نسمة هوا خفيفة.
سليم (للعهد بنبرة حانية):
وحضرتك يا ست البنات، لو محتاجة أي حاجة من السوق قولي، أنا هكون الونش الرسمي.
عهد (تمزح):
إنت وُنش؟ كويس… خلي بالك ماحدش يسرقنا من السوق.
********************
في غرفة معتمة في فيلا قديمة
الجو ثقيل، الإضاءة خافتة، والمكان مليان برائحة دخان السجائر وملابس متراكمة. قاسم جالس على كرسي خشب قديم، يعبث بخنجر صغير في يده وهو يبتسم ابتسامة باردة. ثريا واقفة أمامه، متوترة لكنها تحاول إظهار القوة.
ثريا (بصوت خافت لكنها متحمسة):
اليوم هو الوقت المناسب يا قاسم… عهد وصوفيا خرجوا مع سليم وعلا، ولسه مش راجعين. يعني فرصتنا نتحرك من غير ما يشكوا فينا.
قاسم (يرفع عينه عنها، ابتسامته مائلة):
هه… قلتلك من زمان، لازم نصيدهم برّه الفيلا. وسط الزحمة والناس، محدش هيفتكر مين شاف أو ما شاف.
(يتوقف قليلاً، يقلب الخنجر في يده)
لكن إنتي متأكدة إنهم مع بعض النهارده؟
ثريا (بثقة فيها بعض التحدي):
أكيد. عهد ما بتسيب صوفيا لحظة من ساعة ما وصلت من لندن. ودي فرصتي الذهبية… لما نختطفهم الاتنين مع بعض، مش بس مراد اللي هيتجنن، لكن مريم كمان.
قاسم (بضحكة ساخرة):
مريم… أختك اللي فاكراكي ما تسواش قرش؟ ههه… دي هتنهار لما بنتها تختفي.
ثريا (بغضب مكبوت):
بالظبط! أنا عايزاها تعيش نفس المرارة اللي عيشتني بيها لما فضحتني قدام الكل. هتصرخ، هتترجى، بس هكون أنا اللي ماسكة زمام الأمور.
قاسم (يميل عليها للأمام، صوته غليظ):
طيب، قوليلي يا هانم… وبعدين؟ خطفنا عهد… وصوفيا. إيه خطتك معاهم؟
ثريا (تضحك بخبث):
عهد هتكون ورقة ضغط… مراد هيعمل المستحيل علشان ينقذها، وأنا هتفرج عليه وهو بيتعذب. أما صوفيا… عندك تجار بشر في القاهرة بيدفعوا دهب على البنات الأجانب. دي بنت لندن، جمالها غربي… هتباع بثروة.
قاسم (عيونه تضيق، في باله خطة خاصة):
مثير للاهتمام… (يتظاهر بالتفكير) يعني إنتي عايزة فلوس وانتقام في نفس الوقت.
ثريا (بحماس):
تمامًا. وأنا عارفة إنك تقدر تدبّر كل حاجة.
قاسم (يضحك بخفوت وهو يطعن الخنجر في الطاولة):
طبعًا أقدر… أنا قاسم.
(يقف ببطء ويقترب منها)
لكن أوعي تفتكري إنك بتلعبي معايا. أنا بشتغل لمصلحتي.
ثريا (بتوتر تحاول تغطيه):
وإنت مصلحتك هتكبر لما تاخد عهد. هي مفتاحك للانتقام من مراد… مش كده؟
قاسم (يمسك ذراعها فجأة بقوة، يهمس):
بالظبط. عهد هتكون ليا… سواء إنتِ عايزة أو مش عايزة.
ثريا تشد ذراعها وتبعد، لكن تحاول تخفي خوفها بابتسامة صفراء.
ثريا (ببرود):
خدها… اعمل بيها اللي يعجبك. أنا يهمني صوفيا أكتر.
قاسم (يرجع يقعد، عينه تلتمع بخبث):
تمام. أنا هجهّز رجالي، عربية سوداء من غير لوحات، واستناهم في الطريق بعد السوق. هخلي الموضوع كأنه حادث عادي، خطف سريع واختفاء.
ثريا (تهز رأسها):
ممتاز. (تتنفس بعمق) أخيرًا، هحس إن عندي قوة، مش مجرد ست الكل بيحتقرها.
قاسم (يضحك بسخرية):
قوة؟! ههه… القوة مش بالكلام يا ثريا. القوة بالدم اللي بيتسفك.
(يصمت قليلاً، عيناه تلمعان)
بس متقلقيش… قريب جدًا، كلهم هيصرخوا بأسمك.
****************
النهار دافئ والشارع مليان ناس، المحلات معروضة بحاجاتها الملونة، وريحة القهوة الطازة والبهارات في الهوا. عهد وصوفيا وعلا ماشيين مع بعض بين المحلات، ضحكاتهم مالية الركن كله. كل حاجة طبيعية، حتى إن الناس حواليهم بتبص عليهم باعتبارهم مجموعة صاحبات مرحين.
علا (تمسح على صندوق مزهرية صغيرة):
بصوا إزاي القطعة دي هتبقى حلوة في أوضةك يا عهد!
عهد (بتضحك وهي تمسك القطعة):
أيوه فعلاً… ونحط جنبها صورتنا في القعدة الليلة.
صوفيا (بتدور بعينها على رفوف كتب إنجليزية في المحل اللي جمبه):
وبالمناسبة، لازم نشتري كام كتاب إنجليزي للمكتبة بتاعة البيت. أنا جايبا معايا كام عنوان جَميل من لندن.
ضحك ونكتة هنا وهناك، الناس حواليهم بترجع لمهامها، الباعة بينادوا بأصواتهم، ونسيم خفيف يلّمس وراهم. كل حاجة شبه هادية لدرجة إن السعادة بتبان ملموسة.
فجأة — بصيص غريب يخترق الجو: كام شاب واقفين عند طرف الطريق، يتفرجوا. مفيش حركة ملفتة في الأول، بس في حاجة في وقفتهم بتخلي ظهر أي واحد في الشارع يقشعر: عيون مركزة ومش بتطبطب.
علا (تلمحهم وتضحك بنبرة مازحة):
يا جدعان دول شكلهم وحوش مسرحية ولا إيه؟
صوفيا (بترد بمزاح):
يا ريت! بس خلينا متحركين شوية، أنا واثقة إن في محل كويس حوالينا لغير الحاجات اللي بتشوفوا.
لم تمضي ثواني حتى الجو اتقلب بسرعة مش طبيعية — أصوات خطوات سريعة، ضوضاء، ورا بعض البيبان اتفتحت. قبل ما حد يقدر يفهم إيه اللي بيحصل، مجموعة من الناس طلعوا من بين الأزقة بسرعة، تحركهم كان مُنظمًا لكن خاطف. لم يكن هناك المرور بطريق أو وصف مفصل — مجرد شعور بالضغط، والهواء اتشحن بالخوف.
عهد شعرت بالدهشة قبل الخوف: واحد من الرجال لمّ على كتفيها، أصابعها لفتت في قماش جاكيته، وصوت علا صرخت:
— لأ؟! سيبوني! سيبوهم!
صوفيا حاولت تدافع، حاولت تصرخ، لكن يد مسكت فمها بسرعة، صوتها انقطع، والشارع لم يتوقف عن الدوران حواليهم. الناس اتفاجئت — في واحد من البياعين حاول يتقدم، اتدفع بعنف ووقع على الأرض. واحد من المارة رفع هاتفه يصور، لكن اتشوش الصوت، وحركة سريعة أخدت البنات باتجاه سيارة كبيرة جنب السوق.
علا ماسكة إيد عهد بقوة، بصوت مخنوق:
— ولا يوم! هتسيبوني؟!
عهد حاولت ترفع رجليها وتقاوم، لكنها حسّت إيدين ماسكتين من كل الجهات، وزنها يتحرك، ورائحة سولار عربية قريبة تدخل أنفها. المشهد كان عبارة عن وابل من حركات سريعة ووجوه مطموسة، والشارع كله اتلخبط.
صوفيا، اللي كانت دايمًا قوية ونتفة، سحبت نفس عميق وحاولت تنطق:
— أنا مش حد تتاجر فيه! اتركوني!
لكن الصوت اتبلع بسرعة، وإيد جاية على فمها تمنعها. علا لسه بتحاول تبعدهم عن عهد، واحدة من الخاطفين مسكت شعرها من ورا ودفعتها بعنف. صرختها بلغت حد شديد وخبطت في جسم واحد من المارة لغاية ما اتدخل شاب من النور، حاول يعرقل واحدة من المجموعة لكنه اتدفع على الأرض وسمعته يتأوه.
في ثوانٍ معدودة، البنات اتجبن وسط ذهول الناس: بعضهم وقف متفرجًا مرعوبًا، واللي حاول يتدخل اتكسر عليه بخفة. رجل بائع شاي بعد ركن السوق صاح بصوت عالي:
— مين كده! مين بيمسك البنات دول؟!
الصراخ خلّى كام واحد يتحرك، واحد جرى يدق على باب محل قريب، صاح:
— الشرطة! الشرطة! خطف!
لكن قبل ما الجو يقدر يتجمع، السيارة الكبيرة فتحت بابها الخلفي، الرجال ركبوا البنات جوه بالقوة، وباب العربية اتقفل. العجلة بدأت تتحرك بسرعة والجميع ركز نظراته عليهم وهم يهربوا — ضجيج محركات، صراخ مختلط، وقلوب الناس تنبض بشدة.
عهد داخل العربية، حاولت تبص برة وتسلم عيونها على الوجوه اللي بتحرك بسرعة، شافت على بعد خطوات سليم الواقف عند باب محل بوهة — لكن كان بعيد جدًا لحد ما مداراه مايلين، زحمة الناس خافوا يتقربوا. عهد حاولت تنادي:
— سليم! سليم!
لكن الصوت ضاع وسط الطبل. صوفيا، رغم اللي اتعمل معاها، ضمت إيد عهد بقوة وبصوت مكتوم همست:
— ما تخافيش… مش هيسيبونا.
العربية اختفت في شارع جانبي بسرعة، وبدا الشارع واقف في صدمة. الناس متجمعة بتحاول تفهم اللي شافته، واحد من البياعين صرخ:
— حد يتصل بالفيلا! حد يتصل بالشرطة!
علا على الرصيف بتبص للسيارة وهي بتسرق بعيد، والعينين بتترمش من الدموع والصراخ، وأصوات الناس حواليها بتتحول لصدى بعيد. بتحاول تتلف على الأرض وتشد أي أثر للحذاء أو أي إشارة، لكن كل حاجة اتبددت بسرعة.
المشهد يقفل على لقطة: بائع شاي واقف مع تليفونه مرفوع، قاعد يتكلم بسرعة، صوتو مرتعش وهو يقول:
— ألو… ألو… إيه… إيه اللي حصل؟! اختطفوا البنات من السوق… من قدام المحل… العربية سوداء… بسرعة!
