رواية عطر الانتقام والحب الفصل السادس6 بقلم سيليا البحيري

رواية عطر الانتقام والحب بقلم سيليا البحيري
رواية عطر الانتقام والحب الفصل السادس6 بقلم سيليا البحيري
في  قاعة الموسيقى
كانت عهد منحنية على البيانو، أناملها تعزف لحنًا هادئًا، كأنها تحاول أن تطرد كل همومها عبر النغمات. القاعة فارغة تمامًا، ضوء الشمس يتسلل من النوافذ العالية، والهدوء يلف المكان.

فجأة… سُمِع صوت خطوات بطيئة وثقيلة يقترب. رفعت عهد رأسها باستغراب، لتجد قاسم واقفًا عند الباب، ينظر إليها بنظراته المقيتة.

عهد (بدهشة وارتباك): حضرتك… إيه اللي جابك هنا؟! القاعة مش للغرباء.

قاسم (يبتسم بسخرية وهو يتقدم بخطوات واثقة): غريبة… أنا مش غريب يا عهد، أنا معروف جدًا عند عيلتك. يمكن أكتر من اللي مفروض يبقوا جنبك.

عهد (بنفور وهي تنهض من مكانها): معرفتي بيك مش شرف… وجودك هنا مرفوض. لو سمحت اخرج فورًا.

قاسم (يميل رأسه قليلًا وهو يراقبها): لسه عندك نفس البراءة دي… سبحان الله، جمالك مش عادي يا عهد. إنتي عارفة إنك متخلقة عشان تكوني ملكي أنا؟

عهد (بغضب وعينيها تلمع بالاشمئزاز): ملكك إنت؟! استح على دمك يا قاسم. أنا مش سلعة، ولا هبقى يوم من الأيام تحت رحمة واحد زيك.

قاسم (يضيق عينيه ويقترب أكثر): هه… لسانك حاد. بس أنا بحب كده… بحب المقاومة، بتخلي الطعم أحلى. وصدقيني… محدش في العيلة دي هيقدر يحمّيك مني طول العمر.

عهد (ترجع للخلف بخطوات، يدها ترتجف لكن صوتها ثابت): إنت بتتوهم… إياد، بابا، عيلتي كلها… يقدروا يوقفوك عند حدك.

قاسم (يضحك ضحكة باردة وهو يرفع حاجبيه): إياد؟! إنتي لسه عايشة في وهم إن الولد ده يقدر يحمّيك؟ أنا هوريكي يا عهد إن كلهم أوهام… وفي الآخر، هتيجي برجلك.

عهد (بحدة واشمئزاز): عمري ما هقربلك، حتى لو كان آخر يوم في حياتي. إنت مجرد وصمة عار… ومكانك مش هنا، مكانك بعيد عن أي إنسان محترم.

قاسم (ينظر لها ببرود قاتل): هنتقابل قريب… أقرب مما تتخيلي.

يلقي عليها نظرة طويلة مليئة بالتهديد والاشمئزاز، ثم يلتفت خارجًا من القاعة، تاركًا قلبها يخفق بسرعة من الرعب والغضب معًا
*********************

عهد جلست من جديد على مقعد البيانو، قلبها لسه بيدق بسرعة من توتر المواجهة مع قاسم. تنفست بعمق، تحاول تهدي نفسها. فجأة رن هاتفها على الطاولة.

نظرت للشاشة… "صوفيا ❤️".
ابتسمت تلقائيًا، وارتسمت الراحة على ملامحها.

عهد (ترد بحماس): صوفيااا! حبيبة قلبي! وحشتينييي 😍

صوفيا (من لندن بصوتها المرح): عهووود! يا روحي إنتي اللي وحشتيني أكتر. مش قادرة أصدق إني بسمع صوتك دلوقتي.

عهد (تضحك بخفة): يا بنتي إنتي في لندن وانا هنا، والمسافات طويلة أوي. نفسي أشوفك وأحضنك دلوقتي.

صوفيا (تتنهد بخفة): وأنا نفسي أوي… بس وعد! الصيف ده هاجي مصر، وهقعد معاكِ ليل نهار. مش هسيبك دقيقة.

عهد (بابتسامة صافية): أوعدك هخطفك منيكي وهنلف الدنيا سوا… ونقعد نحكي ونضحك زي زمان.

صوفيا (متحمسة): فاكرة آخر مرة كنت في مصر؟ كنا قاعدين في الجنينة بالليل وإنتي فضحتيني قدام الكل لما قلتي إني غنيت نشاز!

عهد (تنفجر ضاحكة): يا شيخة ما هو كان نشاز بجد! صوتك وقتها كان عامل زي قطة بتتخانق 🤭😂

صوفيا (تضحك بحرارة): إنتي شريرة… بس بحبك يا عهد. والله بعتبرك مش بنت عمي بس… إنتي أختي اللي مخلفتهاش ماما.

عهد (تدمع عينيها بخفة): وأنا كمان يا صوفيا… إنتي أغلى عندي من الدنيا كلها.

صوفيا (تضحك بخفة وهي تغير الموضوع): طيب قوليلي… خطيبك بقى… إياد. إيه الأخبار؟ لسه بيعاملك زي الأميرة اللي كنتي بتحلمي تبقيها؟ 😏

عهد (تخجل وتبتسم بخجل شديد): صوووفي! بلاش كلامك ده… أنا… أنا مبسوطة معاه. وهو دايمًا بيخليني حاسة إني أهم حاجة في حياته.

صوفيا (بحنان): تستاهلي كل السعادة يا عهد. وربنا يحميكوا من أي شر.

عهد (تتنهد براحة): آمين يا رب. وجودك في حياتي فرحة كبيرة يا صوفيا.

صوفيا (برقة): وإنتي كمان يا قمر. يلا بقى، المرة الجاية الفيديو كول عشان أشوف وشك الحلو.

عهد (تضحك): حاضر، بس المرة الجاية لازم تكوني مشغلة البيانو عشان نعمل دويتو مع بعض.

صوفيا (بحماس): اشطا 😍🎶
*****************

عهد لسه قاعدة على البيانو، بتكلم صوفيا بابتسامة واسعة. الباب يفتح وتدخل علا وهي ماسكة زجاجة عصير

علا (بصوتها العالي الشرس وهي تضحك): يا ساتر! مين اللي مخليكي منوّرة كده يا عهووود؟ شكلك وقعتِ في الحب ولا إيه؟ 😏🔥

(عهد تتفاجأ، وتضحك وهي تحط إيدها على الموبايل بسرعة عشان تخبي الصوت.)

عهد: علاا! مش وقته، دي صوفيا! بنت عمتي من لندن.

علا (تضحك): يااااه! الأمورة صوفيا! خليني أكلمها بقى… ولا عايزة تحتكريها لنفسك؟

(تمد إيدها بسرعة وتخطف الموبايل من عهد، وترد بحماس.)

علا (بصوت مرح): هلووو… صوووفي الجميلة! إزيك يا قمر لندن؟

صوفيا (من السماعة، تضحك): علااا! يا مجنونة! عهد دايمًا تحكيلي عنك، بس بصراحة إنتي بصوتك كده شكلك مصيبة 😆

علا (تضحك وتغمز لعهد): مصيبة حلوة، مش كده؟ على فكرة أنا اللي بحمي عهد من أي حد يضايقها هنا.

صوفيا (بحماس): كنت عارفة! إنتي زي أختها التانية… وأنا مبسوطة إن عندها واحدة زيك جنبها.

علا (تضحك): إنتي ما تعرفيش قد إيه عهد دي بريئة زي الأطفال… لازم حد زينا كده يقف جنبها 😏🔥

عهد (تحاول تخطف الموبايل): يا بنت إنتي هتفضحيني ولا إيه!

صوفيا (تضحك بصوت عالي): سيبيها يا عهد… أنا مبسوطة إني سمعت صوتها. على فكرة… لما أجي مصر الصيف ده، لازم نخرج إحنا التلاتة سوا!

علا (بنشوة): يااااه! ده اليوم اللي هستناه من دلوقتي. هنولّع القاهرة ولندن سوا 😎

عهد (تضحك ومكسوفة): الله يرحمني منكو… إنتو الاتنين لو اتجمعتوا عليا مش هيبقى ليا مخرج.

صوفيا (بحنان): إنتي ما تعرفيش إني بستنى اللحظة دي من زمان. نفسي أحضنك يا عهد… ونقعد سوا بالساعات زي أخوات بجد.

علا (ترقق صوتها بمزاح): وأنا بقى مالي؟ هتسيبوني برا القعدة دي؟

صوفيا (تضحك): إنتي هتبقي في النص، يا علا… إنتي بقيتي جزء من القصة خلاص.

التلاتة يضحكون، والجو يبقى مليان دفء وحب حقيقي، كأن المسافات بين القاهرة ولندن اختفت فجأة
************************
في مكتب قاسم الفخم، ليلاً

قاسم جالس على كرسي جلدي ضخم، سيجار في يده، أمامه خريطة صغيرة للقاهرة وملاحظات مكتوبة. عيناه تلمعان بحقد أسود. الجو مظلم إلا من ضوء أباجورة خافتة

قاسم (بصوت بارد حاقد وهو ينفث دخان السيجار):
آآه يا مراد… كل مرة أمد إيدي على عهد، ألاقي الدنيا كلها متأهبة! كأنك حاططها في قصر من زجاج… بس كل قصر ليه باب خلفي.

(يقف فجأة بعصبية ويضرب بيده على المكتب بقوة.)

قاسم:
سنين وأنا بستنى اللحظة دي… سنين وأنا بشوفك فوق، والكل بيهتف باسمك… وناسي إن وراك قاسم اللي قادر يهدمك بلعبة صغيرة!

(يتحرك ذهابًا وإيابًا، وكأنه يفكر بصوت مسموع.)

قاسم:
عهد… جوهرة البيت ده. نقطة ضعفك الوحيدة. بنتك اللي فاكر إنك حافظها بعيد عني! ههه… صدقني يا مراد، الليلة دي مختلفة.

(يمسك صورة لعهد كان قد حصل عليها من قبل، ينظر إليها بشهوة وحقد.)

قاسم (بابتسامة قذرة):
بكره هتبقى عندي… هتكون رهينة في إيدي. ساعتها يا مراد، يا هتسجد تحت رجلي… يا هتخسر أعز ما تملك.

(يرفع صوته وهو يتوعد):

قاسم:
أنا مش بس هاخدها منك… أنا هكسر كبرياءك بيها. هوريك إزاي كل سلطان ليه نهاية، وإنت نهايتك على إيدي.

(يأخذ نفسًا عميقًا من السيجار ثم يرميه في الطفاية بعنف. يخرج هاتفه ويتصل برجل من رجاله.)

قاسم (ببرود آمر):
بكره الصبح… القاعة اللي بتدرس فيها الموسيقى. استنوا بره. ما فيش غلطة. المرة دي… عهد مش هتطلع من هناك سالمة.

(يُغلق الهاتف ويرجع يجلس على كرسيه، يبتسم ابتسامة شريرة وهو يهمس لنفسه.)

قاسم:
الساعة دقت يا مراد… وحان وقت السقوط.

(المشهد يظلم تدريجيًا على صوته وضحكته الباردة.)
*********************
فيلا البدراوي، صالة كبيرة مساءً

(إيهاب جالس على الكنبة، يقرأ بعض الأوراق بجدية. بجانبه إياد، متحمس وهو يتحدث عن ترتيبات زفافه بعهد. فجأة تدخل ثريا، مرتدية ثوبًا بسيطًا وملامحها مصطنعة، عيناها ممتلئة بالدموع المزوّرة.)

ثريا (بصوت واهن، تمثيلي):
مساء الخير… سامحوني إني دخلت من غير ما أستأذن… بس قلبي مش قادر.

(إياد ينهض بسرعة متأثّر، يتجه إليها.)

إياد (بقلق):
ماما؟ مالك؟ شكلك تعبانة… تعالي اقعدي.

(إياد يساعدها على الجلوس. ثريا تضع يدها على صدرها وتتنهد ببطء وكأنها مكسورة.)

ثريا (بصوت متحشرج):
يا بني… يمكن أنا غلطت كتير. يمكن كلماتي جرحت عهد من غير قصد… بس والله عمري ما تمنيت لكم إلا الخير. إنت ابني الوحيد… وإنتو الاتنين فرحتي.

(إياد يبتسم بحزن، يمسك يدها بحنان.)

إياد:
ماما… أنا عارف قلبك طيب. يمكن بس أوقات الدنيا بتضغط علينا. أنا صدقتك… وأنا متأكد إنك بتحبي عهد زينا كلنا.

(إيهاب يضع الأوراق على الطاولة ببطء، يرفع رأسه نحو ثريا بنظرة باردة مليئة بالاحتقار. يتحدث بصوت جاف ساخر.)

إيهاب:
حبها؟! ههه… إنتِ يا ثريا عمرك عرفتي تحبي غير نفسك.

(ثريا تتظاهر بالصدمة وتضع يدها على فمها.)

ثريا:
إيهاب! إزاي تقول كده قدام ابنك؟ أنا أمّه… وأنا ندمانة!

إيهاب (يقترب منها بعينين قاسيتين):
ندمانة؟! عارف يا ثريا… أنا عشت معاك سنين. حفظت كل تمثيلية وكل دمعة كدب بتنزل من عينك. إنتي فاكرة إن دموعك هتضحك عليا زي ما ضحكت على إياد؟ لأ… أنا شايف حقيقتك من زمان.

(إياد ينظر بحيرة بين والديه، صوته يختنق.)

إياد:
بابا… ماما… كفاية! أنا مش قادر أتحملكم كده. ماما بالنهاية… هي أمي، مهما حصل.

(إيهاب ينظر لابنه بحزم، ثم يرد بصوت منخفض لكنه مليء بالمرارة.)

إيهاب:
عارف يا ابني… وعلشان كده بس أنا سايبها لسه عايشة في بيتنا. بس صدقني… اللحظة اللي تمد إيدها أو لسانها على عهد تاني… ساعتها حتى إنت مش هتعرف تمنعني.

(ثريا تخفض رأسها كأنها مكسورة، لكنها في داخلها تشتعل حقدًا، تخفي ابتسامة خبيثة لا يراها سوى نفسها.)

(المشهد ينتهي على وجه إياد وهو ممزق بين حزنه على والدته وحبه لعهد، بينما عيون إيهاب تلمع بكراهية صريحة تجاه ثريا.)
*********************

(إياد ينهض من مكانه متوترًا، يمرر يده في شعره بارتباك.)

إياد (بصوت مضطرب):
أنا… محتاج أخرج شوية. يمكن أمشي في الحديقة… يمكن ده يخليني أرتاح.

(يخرج من الغرفة بسرعة وهو متألم. يبقى إيهاب جالسًا في مكانه، يحدق في ثريا بنظرات باردة كأنها سكاكين. ثريا تمسح دموعها المزوّرة، ترفع رأسها بتصنّع البراءة.)

إيهاب (بهدوء مريب):
دلوقتي… بلاش لف ودوران. إحنا لوحدنا. قوليلي… إنتي بتخططي لإيه بالظبط يا ثريا؟

(ثريا تضع يدها على صدرها وتضحك بسخرية خافتة، ثم تعود سريعًا لتمثيلها، كأنها مصدومة.)

ثريا (بصوت مرتجف):
إيهاب! إنت إزاي تشك فيَّ كده؟ أنا مراتك… وأم ابنك الوحيد! إنت فاكر إني ممكن أأذي ابني أو حتى عهد؟!

(إيهاب يميل بجسده للأمام، صوته ينخفض أكثر لكن يزداد حدة.)

إيهاب:
أنا مش فاكر… أنا متأكد. إنتي بتتحركي في الخفاء. كلنا عارفين. بتلعبِ بعقل مريم، وبتزرعي سمومك في البيت. بس عايز أسمع منك إنتِ. قولي الحقيقة.

(ثريا تنهض واقفة فجأة، ناظرة إليه بعينين تلمعان بالدموع، لكن ابتسامتها صغيرة ماكرة.)

ثريا (بتمثيل شديد):
الحقيقة؟ الحقيقة إني ضحية! ضحية نظرتكم ليا من أول يوم دخلت البيت… عشان أصلي مختلفة، أصلي مش من مستواكم العالي! حتى إنت… ما عمرك حميتني من لسان أختك ديلان ولا من غرور مراد!

إيهاب (يتمالك أعصابه بصعوبة، ينهض ويقترب منها):
ما تغيّريش الموضوع! أنا بسألك: إيه اللي في دماغك؟ إيه اللي بتخططي تعمليه؟

(ثريا ترفع ذقنها، تعود لتمثيلها الضعيف، تخفض صوتها وتضع يدها على عينها كأنها تبكي.)

ثريا:
ما بخططش لشيء… أقسم بالله العظيم. كل اللي في قلبي إني أشوف ابني سعيد مع اللي بيحبها.

(إيهاب يضحك ضحكة ساخرة قصيرة، يهز رأسه.)

إيهاب (باحتقار):
إنتي ممثلة بارعة يا ثريا… بس تصدقي؟ أنا حافظ كل مشهد. وأقسم إن لو اتضح في يوم إنك ورا أي مصيبة، هتشوفي مني وش عمرك ما شفتيه.

(ثريا تبقى صامتة، وجهها جامد للحظة، ثم تعود وتخفض عينيها كأنها منكسرة. لكن في داخلها، الشر يغلي، وابتسامة خبيثة تكاد تظهر.)

(المشهد ينتهي على إيهاب وهو يخرج من الصالة بخطوات ثقيلة، تاركًا ثريا وحيدة، وعيونها تتلألأ بحقد صامت.)
***********************
في  شوارع لندن، المساء

(السيارة السوداء الفاخرة تتحرك بهدوء وسط أضواء لندن اللامعة. المطر توقف للتو والهواء بارد منعش. بداخل السيارة، تجلس مريم بجانب إدوارد في الأمام، بينما صوفيا في المقعد الخلفي تنظر من النافذة بشرود.)

إدوارد (مبتسم وهو يضبط ربطة عنقه):
أعتقد إن الليلة هتكون مميزة… هنقابل شريكي الجديد أخيرًا. كنت بشتغل معاه الفترة الأخيرة على اتفاق كبير، وقررنا نحتفل بتوقيعه رسميًا على العشاء.

مريم (تلتفت له مبتسمة):
آه، حكيتلي عنه أكتر من مرة… شكله شاب ذكي ومختلف. بس لسه ما قلتلناش اسمه.

إدوارد (يضحك بخفة):
أردت أحتفظ بالمفاجأة. لكن أقدر أقول إنه استثنائي فعلًا. صاعد بسرعة كبيرة في عالم الأعمال… عنده حضور وهيبة، كأنه مولود ليكون قائد.

صوفيا (ترفع حاجبها ساخرة، بصوت متكاسل):
يا سلام… كل رجال الأعمال عندك كده يا بابا. "عباقرة… استثنائيون… عندهم حضور." بس في الآخر، إما متعجرفين أو مملين.

(إدوارد يضحك، بينما مريم تلتفت لابنتها بنظرة تحذير خفيفة.)

مريم:
صوفيا! دايمًا متشائمة. يمكن المرة دي يكون مختلف.

إدوارد (ينظر في المرآة الخلفية بابتسامة أبوية):
صدقيني يا حبيبتي… أظن إنك هتتفاجئي بيه. عمره صغير جدًا بالنسبة لمكانته… 23 سنة فقط! لكنه أثبت نفسه بشكل مدهش.

(صوفيا تتوقف عن التحديق في النافذة، تلتفت فجأة باهتمام خفي، ثم تعود لبرودها.)

صوفيا (بهمس ساخر):
23 سنة؟! يعني أصغر مني بس بـ4 سنين… عظيم. أكيد متعجرف جدًا.

(إدوارد يهز رأسه وهو يضحك، بينما مريم تنظر لابنتها نظرة تعرفية، تشعر أن ابنتها ستتفاجأ في هذا العشاء.)

مريم (بابتسامة دافئة):
يا بنتي… يمكن يعجبك. مش لازم تكوني في حالة حرب مع كل الناس.

صوفيا (تتنهد وتتكئ على المقعد):
أنا مش في حرب يا ماما… بس… عندي رادار بيكشف المغرورين بسرعة.

(السيارة تتوقف أمام مطعم فاخر جدًا يطل على نهر التايمز. الأضواء الذهبية تنعكس على زجاجه الكبير. يترجل الثلاثة بخطوات أنيقة، مريم تمسك ذراع زوجها، وصوفيا خلفهما ترفع معطفها على كتفيها.)

إدوارد (بحماس):
هنا العشاء… المطعم اللي بيختاره دايمًا شركائي لما يكون في صفقات كبيرة.

مريم (بفضول):
طيب… وإمتى نتعرف على شريكك الجديد؟

(إدوارد يبتسم بسرية صغيرة، وهو يقودهم للداخل.)

إدوارد:
بعد دقائق… هو قال إنه بالفعل موجود وينتظرنا.

******************
داخل المطعم الفاخر

(النادل يقود مريم وإدوارد وصوفيا إلى طاولة أنيقة قرب الزجاج المطل على النهر. على الطاولة يجلس "آدم" ببدلة سوداء أنيقة، ساعته الباهظة تلمع، يرفع عينيه بهدوء عندما يقتربون. ابتسامة باردة جدًا ترتسم على وجهه، وعندما تقع عيناه على صوفيا… يرفع حاجبه بخفة، كأن القدر يلعب لعبته.)

إدوارد (متحمس):
ها هو… آدم! شريكي الجديد، الرجل الذي كنت أحدثكما عنه.

(آدم يقف بهدوء تام، يصافح مريم بابتسامة مهذبة، ثم يمد يده لإدوارد بحرارة محسوبة. عندما يصل دوره مع صوفيا… ينظر لها مباشرة بعينيه العسليتين الباردتين.)

آدم (ببرود، بابتسامة صغيرة مستفزة):
أوه… العالم صغير فعلًا. لم أتوقع أن نلتقي بهذه السرعة يا آنسة.

صوفيا (تقطب حاجبيها، تصافحه على مضض):
للأسف… العالم أصغر مما كنت أتمنى.

(إدوارد يضحك وهو لا يفهم التوتر، بينما مريم تنظر بينهما باستغراب طفيف ثم تجلس. يجلس الجميع على الطاولة، النادل يقدم لهم قوائم الطعام.)

إدوارد (بمرح):
أنا سعيد جدًا إنكوا تعرفتوا بسرعة. صوفيا دي حياتي، وابنتي الوحيدة… ذكية جدًا بالمناسبة.

آدم (يلتفت نحو صوفيا بابتسامة ساخرة):
آه، الذكاء… صفة نادرة فعلًا. لكن، أحيانًا البعض يظن أنه ذكي لمجرد أنه… يتحدث كثيرًا.

صوفيا (ترفع حاجبها بنفاذ صبر):
صحيح… وأحيانًا البعض يظن أنه عبقري لمجرد أنه يرتدي بدلة غالية ويجلس مثل التمثال.

(مريم تكتم ضحكة صغيرة وهي تنظر لقائمة الطعام، بينما إدوارد يرفع كأس الماء ويقول بانبهار:)

إدوارد:
ما شاء الله… يبدو أنكم انسجمتم من أول لحظة!

صوفيا (بهمس متحسر):
انسجام؟ أشبه بانفجار قنبلة.

آدم (يرد ببرود وهو يختار طبقه):
أوه، لا تقلقي… الانفجارات أحيانًا ضرورية، لتكشف من يملك صلابة البقاء ومن… مجرد ورق.

صوفيا (بابتسامة متوترة مليئة بالحنق):
صحيح… والورق أحيانًا يُستخدم لمسح الطاولات بعد عشاء ممل.

(آدم يرفع نظره إليها ببطء شديد، يبتسم ابتسامة جانبية مستفزة. مريم تنظر لابنتها باستغراب، لكنها تظن أنها تمزح فقط. الجو على الطاولة يبدو طبيعيًا جدًا بالنسبة لإدوارد، لكنه في الحقيقة معركة غير معلنة بين الاثنين.)

إدوارد (بحماس وهو ينظر لزوجته):
شايفة يا مريم؟ آدم وصوفيا بيتبادلا أطراف الحديث كأنهم يعرفوا بعض من سنين!

صوفيا (بهمس ساخر وهي تحدق في آدم):
آه، "أطراف الحديث"… أو أطراف السكاكين.

آدم (يرد بهدوء بارد، وهو يرشف كأس الماء):
لا تقلقي يا آنسة… أنا دائمًا أستمتع بالمبارزات… حتى لو لم يكن الخصم على نفس المستوى.

صوفيا (تكتم غضبها وتبتسم ببرود):
بالفعل… لأن بعض المبارزات تكون غير متكافئة… طرف لديه السلاح، والآخر لديه… عقل.

(إدوارد ينظر بينهما غير فاهم أي شيء، ثم يهز رأسه بابتسامة راضية، بينما مريم تضغط على يد زوجها وتهمس له: "واضح إن في حاجة مش طبيعية هنا…".)

إدوارد (بلا مبالاة):
لا لا، هما بيتعرفوا بس. متأكدة بعد شوية هيبقوا أصحاب جدًا!

(آدم وصوفيا يتبادلان نظرة مطوّلة مليئة بالكره الخفي والشرر، وكأن بينهما معركة صامتة وسط أجواء المطعم الراقية.)
*****************

(الأطباق الفاخرة توضع على الطاولة، الجو مزيج بين رقي المطعم وشرر خفي يتطاير بين عيون آدم وصوفيا. إدوارد يقطع الصمت بابتسامة عملية، يميل للأمام.)

إدوارد (بحماس):
إذن يا آدم… أو خليني أقول: يا شريكي الجديد. أنا متأكد إن شراكتنا هتكون مثمرة جدًا.

آدم (يميل ببرود، يضع شوكته بهدوء):
الشراكة، سيد إدوارد، ليست مجرد كلمات على ورق… إنها اختبار حقيقي للثقة.

مريم (بهدوء مهذب):
وأظن أن إدوارد أثبت جدارة بالثقة على مدار سنين طويلة.

آدم (ينظر لها بابتسامة صغيرة):
بالفعل، سمعة السيد إدوارد تسبقه. ولهذا وافقت… والدي صبري – كما تعلمون – مسافر حاليًا يدير أعمالًا في آسيا. ترك لي مسؤولية الشركات هنا… وأنا لا أقبل الفشل.

إدوارد (بثقة):
وأنا كذلك. خططنا متكاملة، ومشروعاتنا ستتوسع بين لندن والقاهرة.

آدم (يحرك كأسه برفق، ينظر لإدوارد بثبات):
إذن اتفقنا… شراكة بين عائلة "صبري" وعائلة "إدوارد"… وستسمع السوق كله ضجيجها قريبًا.

(يمد يده، إدوارد يصافحه بحرارة. مريم تبتسم براحة، لكن صوفيا تجلس متصلبة على الكرسي، تحدق في يد أبيها وهي تصافح آدم بكره مكتوم.)

صوفيا (بهمس متحسر وهي تطرق عينيها):
شراكة مع أكثر شخص… غير محتمل.

آدم (يلتفت لها، بنبرة منخفضة لا يسمعها سوى هي):
استعدي إذن، آنسة صوفيا… لأن هذه "الشراكة" تعني أن طرقنا ستتقاطع كثيرًا… أكثر مما تظنين.

(صوفيا تجمد في مكانها، شفتيها ترتجفان من الغضب، بينما آدم يعود لابتسامته الباردة وينشغل بطعامه كأنه لم يقل شيئًا. إدوارد يرفع كأسه بفرحة حقيقية.)

إدوارد:
للشراكة!

مريم (ترفع كأسها):
للنجاح…

(صوفيا ترفع كأسها ببطء شديد، تنظر مباشرة في عيني آدم بحدة، تهمس بين أسنانها:)

صوفيا:
وللصبر…

(آدم يلتقط اللمحة فورًا، يبتسم ابتسامة جانبية مستفزة جدًا، وكأن اللعبة بدأت للتو
تعليقات



<>