رواية ندبة روح
الفصل التاسع 9
بقلم نانسي عاشور
"ثلجُ السحر الأسود"
"النساء لا يحاربن بالسيوف… بل بالقلوب.
وأخطر قلبٍ في ممالك الجن هو قلب امرأة خُذلت، ثم ابتسمت."
داخل قصر العتمة — مملكة مهينار
لم تكن مهينار تغضب بالصراخ.
ولا تثور كالنار.
كانت، ببساطة، تجلس على عرشها المصنوع من جليدٍ روحيّ لا يذوب، وترسم خططها بهدوء قاتل.
مهينار — السلطانة الأولى، والزوجة الشرعية لسلطان الجن يعقوب —
لم تكن فقط جميلة كالأحلام، بل كانت حارسة الخاتم الأسود، خاتمٍ يُقال إنه وُلد من ظلال الملَك هاروت حين بكى على الأرض.
كانت تعلم.
منذ أن همس لها الهواء:
"يعقوب… لم يعُد يراكِ."
في الخفاء، صنعت مرآة من رماد الأشباح،
وسألتها ذات مساء:
"من تحبّ يا سلطان النار؟"
وردّ الصدى من أعماق المرآة:
"روح… من تسكن الندبة."
ارتجفت المرآة، وارتجف قلب مهينار.
أرادت أن تصرخ، أن تُشعل السماء، أن تُمزّق روح تلك الفتاة…
لكنها ابتسمت.
قالت لخادمتها، الجنّية العمياء:
"حضّري الغرفة الممنوعة.
الليلة… سأُطفئ قلبًا."
في وادي السراب
في أعماق الصحراء، حيث لا يعيش بشر ولا جنّ، بنت مهينار معبدًا من الحجارة الميتة.
أدخلت فيه ثلاث أفاعٍ سوداء، وأشعلت لهيبًا أزرق،
ثم كتبت:
"باسم السحر الأول،
باسم من لا يُسجد،
باسم الغيرة التي تتحول إلى لعنات…
أُنزِل على روح سكون الثلج الأسود."
كانت روح ما تزال تصارع ألم الخيانة،
تبكي على ضوءٍ لم تعد تراه في نفسها.
لكن فجأة، سكن الدمع.
بردت أنفاسها…
ثم شعرت بشيءٍ يتجمّد في صدرها.
قلبها… توقف عن الدقّ.
لا موت… لكن لا حياة.
في الحلم، رأت نفسها تسير بين رمادٍ أبيض،
وبجوارها فتاة صغيرة تشبهها… تحمل قلبًا من زجاج.
قالت الطفلة:
"أخذت مهينار النبض… لا الحب."
"ومن يُعيده؟" سألت روح.
"الذي يُغار عليك أكثر من انتقامها."
في مملكة يعقوب، كان السلطان يرى نجمًا ينطفئ في السماء.
قال:
"لقد بدأت."
أما مهينار، فابتسمت أمام مرآتها التي تلتهب، وقالت:
"يا روح…
لن يحبك وهو لا يسمع نبضك.
فكيف يُغار… إن لم يشعر بك؟"
لكنها لم تعلم…
أن السحر الأسود حين يُلامس ندبة مقدّسة،
لا يُطفئها… بل يُعيد إشعالها بلهبٍ أعمق.
ولم تعلم…
أن يعقوب، حين يغار، يهدم الممالك.
