رواية ندبة روح الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم نانسي عاشور

         

رواية ندبة روح 

الفصل الثاني والعشرون 22

بقلم نانسي عاشور

الاسم: "أنوبيس بن أحمس"

الدور: الحارس المخلص للملكة مينهار، وأحد آخر علماء المملكة الطيفية.

الصفات: روح خالدة محايدة، لم يُخن ولم ينحَز، بل ظلّ حارسًا للمعرفة الصافية، يحفظ كل ما كُتب في "الكتب المتوارثة" التي لا تظهر إلا حين تهتز الموازين.

يظهر الآن ليساعد "روح" على مواجهة نيران المعابد، ومخططات خع سجم رع، ويكشف لها أسرارًا لم تعرفها عن نفسها حتى الآن.

لنبدأ هذا الفصل العميق، المليء بالكشف، والرؤى، والعهد الجديد...

الفصل الثاني والعشرون: العارف الصامت

كانت السماء ما تزال تشتعل من بعيد.

نار "عين الظل" لم تكن نارًا مادية، بل إشارة كونية لا تراها سوى الأرواح التي تعرف. و"روح" كانت الآن تعرف... وربما تعرف أكثر مما تستطيع تحمّله

"يعقوب" صامت منذ ساعات. كان يقف قرب نافذتها، يحدّق نحو الشرق، حيث يتصاعد وهج أحمر غامض. لم يقل شيئًا منذ أن أتمّ قراءته في "كتاب الخرائط المقلوبة"، لكن عينيه كانتا ترتجفان من فكرة واحدة:

أن خع سجم رع لا يتحرّك وحده.

فجأة، انخفضت الحرارة في الغرفة.

وغمر المكان صمت كأن الزمان قد تجمّد.

ثم انشقّ الهواء أمامها، لا بانفجار، بل بطيّة زمنية، كأن طبقة من الحقيقة أُزيلت، لتكشف ما تحتها.

وظهر من الضوء رجل مهيب، لا يمشي، بل يطفو بخفّة ورسوخ.

كان طويلًا، يرتدي عباءة رمادية لا تُشعّ ولا تنطفئ، شعره مربوط بخيط ذهبي، وفي صدره قلادة من حجر سماويّ منقوشة برمز العين والعقرب والمفتاح – رمز حاملي السر.

قال بصوت هادئ، كمن يتحدث إلى الحقيقة ذاتها:

"روح… كنتِ مينهار، وكنتُ ظلّكِ. لكنكِ لا تعرفينني بعد."

نظرت إليه بارتباك، بينما يعقوب انحنى له، بخفة احترامٍ نادر.

"من أنت؟"

ابتسم الرجل وقال:

"اسمي أنوبيس بن أحمس. لست إلهًا كما تُوهمكم الأساطير، بل خادمًا للكتب التي لم تُحرق، وحارسًا للعهود التي لم تُنقض."

اقترب منها، ومدّ لها كتابًا لا تُمسكه اليد، بل العقل.

حين لمسته، دخلت في وعيها رؤى من أعماق الأعماق:

معابد تنهار، حبر ينزف من الصخور، كلمات تُولد من العدم، أصواتٌ تبكي من الكتب...

قال أنوبيس:

"هذا الكتاب لا يظهر إلا حين تُفتح نار الظل الأولى. وقد ظهرت.

وظهوري أنا هو الدليل أن ميزان المعركة قد بدأ بالميلان."

سألته "روح"، بصوت مرتعش:

"هل تعرف كل شيء؟ عن مينهار… عن الخيانة… عن الخرائط؟"

ابتسم أنوبيس، تلك الابتسامة الحزينة التي لا تحمل كبرياء، بل حكمة من رأى كل شيء ولم يتدخّل.

"كنتُ كاتِبَ العهد الأول. ومُوثّق تاريخكِ حين كنتِ مينهار.

كتبت سطور الحب… والحرب… والخيانة.

وكتبت صفحة الطعنة الأخيرة.

لكني لم أكن أملك الإذن للتدخّل."

ثم نظر إلى يعقوب، وقال:

"والآن، نحن ثلاثتنا…

النور فيكِ،

والحُكم فيكِ،

والحراسة فينا."

اقترب من "روح"، وفتح الكتاب أمامها، وظهرت صفحة عنوانها:

"سبعة معابد… سبعة أنفاس… وامرأة واحدة تُغلق الفتنة."

قال:

"خع سجم رع لا يحاول فقط فتح المعابد… بل أن يُفقدكِ نفسك. كل معبد يُشعل ناره، يضعف ذاكرتك، ويفكّ ختمًا من أختام وعيك. إذا أشعل الثلاثة الأوائل، لن تعودي تعرفين إن كنتِ مينهار… أم وهمًا."

تنهد يعقوب وقال:

"لهذا عاد هو قبلنا بخطوة. لكننا الآن… لسنا وحدنا."

نظرت إليه "روح"، وقالت بهدوء، وقد بدأ وعيها يرتّب نفسه:

"أنوبيس… ماذا أفعل؟"

أجاب العالِم، وهو يسلّمها خريطة مصنوعة من رماد النجوم:

"تزورين المعابد… واحدًا واحدًا.

لكل معبد طيف يحرسه، ويختبر ذاكرتك.

إذا تذكّرتِ، يُغلق… وإذا شككتِ، يُفتح أكثر.

الطريق خطير، لكنكِ الآن لستِ وحدك."

ثم مدّ لها حجرًا مضيئًا، وقال:

"وهذا… مفتاح معبد الصمت، أول معبد. يقع في مكان لا يظهر إلا إذا بُحِث عنه بالقلب، لا بالبصر."

في تلك الليلة، لم تنم "روح".

جلست قرب الخريطة.

ونظرت إلى الحجر.

ثم همست لنفسها:

"مينهار… أنا أذكركِ. وسأتذكّركِ… حتى أُطفئ كل نار، وأغلق كل باب."

وفي الخلفية، انحنى يعقوب أمام أنوبيس، وقال له:

"لقد انتظرنا عودتك طويلًا."

ردّ أنوبيس، وعيناه في عتمة المدى:

"بل انتظرتُ لحظة القرار… وها قد جاءت."

          الفصل الثالث والعشرون من هنا 

لقراءه باقي الفصول من هنا

تعليقات



<>