رواية ندبة روح الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم نانسي عاشور

         

رواية ندبة روح 

الفصل الثامن والعشرون 28 

بقلم نانسي عاشور

 وادي الأبدية – لا ظلّ لمن لا ماضٍ

كان الليل لا يشبه الليل.

كأن النجوم ابتلعتها مرآة "العهد" التي فُتحت في المقبرة الكبرى.

وقفت "روح" أمامها، مترددة، لكنها شعرت بنبض مختلف في صدرها…

نبض لا يشبه قلبها، بل يشبه "الندبة" ذاتها.

قال يعقوب بهدوء عميق: "أنتِ الآن تقفين عند حدود الوادي…

فما بعد هذا، لا وقت فيه، ولا اسم."

ردّت دون أن تنظر إليه: "وهل سأخرج منه؟"

قال:

"من يدخل وادي الأبدية… لا يعود، بل يُعاد تشكيله."

✧ عبور المرايا

مدّت "روح" يدها.

لم تكن تمسك المرآة… بل كانت المرآة تمسكها.

في اللحظة التي لامستها، تحوّل الضوء إلى دوامة.

انشطرت كل صورة رأتها في حياتها…

الطفلة، المُحاربة، العاشقة، الملكة…

كلها تمزّقت أمامها.

وسقطت.

✧ أول أرض في الوادي

استفاقت وسط صمتٍ مطلق.

لم يكن هناك شيء… لا أرض، لا هواء، لا جدران.

ثم بدأت تتكوّن الأرض من خطواتها.

كلما مشت، تشكّلت بلاطات حجرية قديمة تحت قدميها.

من بعيد…

سمعت نشيدًا فرعونيًا طيفيًا يُنشد بلغة لا تُقال، بل تُحَسّ.

وفي الأفق…

جبل أسود، يخرج من قلبه ضوء ذهبي، يشبه صوتًا حيًّا.

اقتربت.

✧ كتاب الأبدية

على باب الجبل، وقف كائن نوراني بلا وجه، يرتدي عباءة من رماد.

قال لها: "أنتِ سلالة مينهار… لكنكِ لا تملكين ختمها.

أخرج من صدره كتابًا محفورًا في الصخر، نُقشت عليه عبارة واحدة:

"لا أحد يُفتح له وادي الأبدية… إلا من أغلق بابه خلفه."

نظرت "روح" خلفها…

لكن المرآة كانت قد اختفت.

قال الكائن: "إن كنتِ تبحثين عن نجاتك… لن تجديها هنا.

وإن كنتِ تبحثين عن الحقيقة… ستفقدين القدرة على روايتها."

فتحت الكتاب، فاختنقت فجأة.

كل صفحة فيه كانت ذكرى من حياتها القديمة — ولكن بلغة لم تعرفها من قبل.

وفي منتصف الكتاب…

صفحة بيضاء.

قال الكائن: "هذا هو مصيرك… اكتبيه.

لكن إن كتبته، فلن يُمحى أبدًا."

✧ انسيّ آخر – ومفتاح مكسور

بينما كانت "روح" تتأمّل ما ستكتب، شعرت بظل خلفها.

التفتت.

رأت شابًا إنسيًا، لم تعرفه… لكنه كان يعرفها.

قال لها: "كنتُ أبحث عنكِ منذ زمن…

أنتِ لا تتذكّرينني، لكنني كنتُ في كل رؤيا كنتِ فيها."

لمعت عيناها بالدهشة.

قال وهو يمد يده: "اسمي... ياسين. أنا من نسل حاملي الضوء.

وإن شئتِ… سأحميكِ، حتى لو رفضتِني."

شعرت بقلبها يتقلّب، لكن عقلها كان واضحًا.

همست: "لم يعد في قلبي وطن… فكيف أحب؟"

اقترب خطوة، لكنها تراجعت.

قالت: "لا أثق إلا في من احترق من أجلي…

وأنت لم تُجرَح."

ثم أدارت ظهرها، وكتبت على الصفحة البيضاء في الكتاب:

"أنا، روح، لا أطلب شيئًا من الزمان…

فقط أن أعرف لماذا اختارني الباب."

✧ عودة يعقوب – الغيرة التي تصنع الزمن

فجأة…

ظهر يعقوب خلفها، والنار تشتعل في عينيه.


كان قد رأى كل شيء.

اقترب، وقال بصوت منخفض، حارق:

"تدلّلي كما شئتِ…

لكن اعلمي أن عشقي لكِ… هو خاطري، ودماري، وملكي."

ثم أمسك الكتاب…

ورسم فوقه دائرة بدمه الطيفي.

انفجر الضوء من الكتاب.

وظهر في قلب وادي الأبدية باب جديد… لا يشبه أي باب.

باب له ثلاث مفاتيح:

نبض.

دم.

واسم لم يُقل بعد.

قالت "روح": "هذا الباب… أين يذهب؟"

رد يعقوب وهو يقترب منها أكثر:

"إلى أول زمن… حين كنّا أرواحًا بلا حدود."

ثم نظر لها بشيء من الضعف، ولأول مرة، وسأل:

"هل ستدخلينه… وأنا معكِ؟"

نظرت في عينيه…

ولم تُجِب.

لكنها أمسكت يده.

وهذا كان كافيًا.

نهاية الفصل

🔮 تمهيد للفصل التاسع والعشرين:

"روح" ويعقوب يدخلان الباب الجديد إلى الزمن الأول.

يكتشفان وجود كيانات منسية تحاول استغلال العودة الأولى لتغيير مجرى الزمن.

يظهر الكاهن الأكبر، الذي كان أول من أنكر حبّ يعقوب لروح إنسية.

             الفصل التاسع والعشرون من هنا 

لقراءه باقي الفصول من هنا


تعليقات



<>