رواية ندبة روح
الفصل التاسع والعشرون 29
بقلم نانسي عاشور
، فصل المصير،
✦ الفصل التاسع والعشرون: الكاهن الأكبر – صراع الظل والنور
كان المعبد بلا سقف، كأنّ الزمن سُرق منه.
النجوم تُرى من تحت الأقدام، والشمس تسكن جدرانه الشفّافة.
وفي قلبه… سيف من نور مغروس في حجرٍ من دم، وميزانٌ لا يتحرّك، مهما صرخت الأرواح.
وقفت "روح" أمام الكاهن الأكبر، ويداها ترتجفان.
يعقوب كان خلفها، عيناه تشتعلان بصمت، لكن شيئًا فيه قد تغيّر…
لم يعد مجرد ظل طيفي عاشق، بل صار قوةً تحمي ما تبقّى من العهد الأول.
قال الكاهن، بصوتٍ كأنّه صدى كلّ العصور:
"الزمن دُوِّن. والنبوءة كُتبت منذ السقوط الأول.
لا أحد ينجو من اختياره… حتى أنتم."
✧ اتهام الخلود
مدّ الكاهن يده، وظهرت أمامهم خريطة طيفية… خيوط من ضوء تشكّل تاريخ الأرواح.
أشار إلى نقطة سوداء في منتصف الخريطة.
"هنا… بدأت الندبة.
هنا، حين اختارت الملكة مينهار أن تحبّ خارج الزمن.
هنا، حين أحبّت من لا يجوز، فخُلع عنها النور."
نظرت "روح" إلى الخريطة… فرأت نفسها.
كانت مينهار، وكانت هي… وكانت كل النساء اللاتي اخترن ما لا يجب.
قالت بصوتٍ عميق: "أحبّت… فهل الحب خيانة؟"
ضحك الكاهن بسخرية.
"بل الحب بوابة لكل خيانة، إن خرج عن القانون الأزلي."
✧ يعقوب يتقدّم
تقدّم يعقوب، خطوة بخطوة، حتى وقف بين روح والكاهن.
قال بنبرة لم يستخدمها من قبل:
"كفاك لعنةً، أيها الكاهن.
الزمن ليس لك… والنور لا يُحتكر.
ولو كانت روح قد أحبّتني خارج القانون…
فأنا من جُرحت لأجلها، واحترقت بنارها، وانتظرت على أطلالها ألف عام."
✧ لحظة الميزان
اقترب الكاهن من الميزان الطيفي، وقال:
"إذن، لنحسم.
ميزان الدم لا يكذب…
سنضع عليه قلبها، وقلبك.
ومن يُثقّل الآخر… هو من يملك الحق بالزمن."
الاختبار لا يقيس الحب… بل صدقه.
وضع الكاهن قلب "روح" أولًا.
كان نابضًا بندبة خفيفة… لا نزيف، بل جرح لم يُشفَ.
ثم وضع قلب يعقوب…
كان لا ينبض، بل يشتعل.
كل نبضة كانت تحكي ألف سنة من الانتظار،
كل خفقة كانت عتابًا على ما حُرِم منه.
بدأ الميزان يرتجف…
✧ المفاجأة
لكن فجأة، ارتفعت كفّ روح وأمسكت قلبها.
قالت:
"لن أتركك تُحدّد وزني.
أنا لست ميزانًا لأحد…
أنا من صنعت هذا الطريق، وسأمشيه بكلمتي، لا بميزانك."
ثم نظرت إلى يعقوب.
"وأنت… لست أثقل من قلبي، ولا أخفّ.
أنت فيه… تمامًا كما أنا."
انفجر الميزان… وتحطّم الحجر.
صرخ الكاهن:
"ماذا فعلتِ؟! لقد كسرتِ النبوءة!"
ردت وهي تنظر إلى يعقوب:
"بل صحّحتها… النبوءة كانت مكسورة منذ وُضعت."
✧ الكاهن يُمحى
اهتزّ المعبد.
بدأ الكاهن الأكبر يتلاشى…
كل عصر ظلمه… كل عهد كتبه… كل قانون حرّم به الحب، تفتت أمام اختيارها.
وفي لحظة، اختفى.
وبقي المعبد بلا زمن… بلا حارس.
✧ الباب الأخير
ظهر أمامهم باب دائري من ضوء ذهبي باهت.
نُقشت عليه الكلمات:
"الباب إلى الزمان… يُفتح فقط لمن سامح الزمان."
نظر يعقوب إلى "روح"، وسألها:
"هل تسامحينني… لأني تركتكِ يومًا تمضين وحدكِ؟"
نظرت إليه…
دمعة لم تسقط من قبل خرجت الآن، ونطقت:
"أسامحك… وأسير معك."
نهاية الفصل
🔮 تمهيد للفصل الثلاثين – والأخير:
"روح" ويعقوب يعبران الباب الأخير…
وهناك، تتجمّع كل الأرواح التي كانت تحب ولم تُكمل.
وفي ساحة النور الكامل، يُسمَح ليعقوب أخيرًا أن يتكلّم… وحده.
فصل أخير بصوت يعقوب فقط – اعتراف، تأمل، كشف عن معنى الندبة،
