رواية ندبة روح الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم نانسي عاشور

رواية ندبة روح الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم نانسي عاشور

في هذا الفصل:

تستعد "روح" لعبور الزمن نحو معبد مخفي خلف الطمي والندم.

تواجه كيانًا كان يومًا من دمها… أحد أفراد سلالتها، قد خانها في حياتها السابقة حين كانت الملكة مينهار.

يظهر يعقوب بغيرته وحنانه، وكأن الغفران يكشف أمامه أيضًا ألمه الخاص.

في الخلفية، يشعر "خع سجم رع" بانهيار زمني في خريطة الزمن، ويبدأ بتحريك خططه من جديد.

الفصل الرابع والعشرون: معبد الغفران

السماء بدت رمادية، كأن الزمن نفسه قرر أن يتوقّف عن التنفّس.

وقفت "روح" أمام بحيرة آسنة، لا ماء فيها، بل طين داكن، كثيف، كأن فيه أرواحًا مجروحة تغطّ في سباتٍ طويل.

قال "أنوبيس" وهو يشير إلى الضفة الأخرى:

"ذاك هو معبد الغفران، لكنه لا يُفتح إلا بعد أن تغرقي."

نظرت إليه، مذهولة.

فردّ ببرود حارسٍ يعرف الألم:

"الغفران لا يُمنح من فوق… بل يُنتزع من القاع."

نزلت "روح" ببطء، والطين يلتف حول قدميها، كأنه يتعرّف عليها.

كل خطوة تغرسها أعمق… حتى غاصت تمامًا، واختفى الضوء.

وجدت نفسها فجأة في قاعة مظلمة، محفوفة بأعمدة فرعونية مُتآكلة، تتدلّى منها حبالٌ مشدودة، كأن أرواحًا شُنقت فيها منذ قرون.

وفي المنتصف…

وقف رجلٌ في لباس ملكي، لكن تاجه مكسور، وملامحه تشبهها بشكل مفزع.

قال لها بصوتٍ جاف: "أهلاً بكِ يا حفيدتي… يا لعنة دمنا."

تراجعت خطوة، فتابع: "أنا "رع حتب"، خالك، الذي قتل أباك… لأن أباك اختاركِ للحكم بدلاً مني."

"أنا من باع السرّ للغرباء.

أنا من سمح بدخولهم معابدنا… وسرقة الأسماء."

"روح" شعرت بجسدها يرتجف.

كانت تعرف هذا الاسم من أحلامها القديمة.

كانت ترى صورته بين جدران المعابد، لكنه كان دائمًا بلا وجه.

قالت له: "لماذا؟"

فردّ:

"لأني لم أحتمل أن ترى أنثى على العرش."

ثم اقترب منها، ومدّ يده نحو صدره، وأخرج خنجراً ذهبيًا صدئًا.

"هذا هو الخنجر الذي طعنت به دمكِ…

خذييه، واغرزيه فيّ، إن كنتِ لا تغفرين."

صمتٌ طويل

ثم قالت "روح" بصوت مرتجف: "الغفران ليس ضعفًا…

لكني لن أقتلك من جديد، لأنك لست حيًّا حتى أموتك."

"سأدعك هنا… معلّقًا في جُرمك."

وفي تلك اللحظة…

اهتزّ المعبد، وتفككت السلاسل.

وتحوّل رع حتب إلى رماد أحمر، تلاشى في الهواء.

وفي قلب الأرض… ارتفع مفتاح ذهبي جديد، عليه نقش:

"الدم الذي لم يُنسَ، لا يُغفر، بل يُطهَّر."

أخذته "روح"، وصعدت من الطين، لكنها لم تخرج كما نزلت.

على الضفة، كان "يعقوب" ينتظرها، عيناه تراقبانها بصمت.

وحين وصلت، لم يتكلم، بل مسح عن خدّها قطرة من الطين، كأنها دمعة.

قالت له: "واجهتُ أحد دمائي… وكان القاتل."

اقترب منها، وهمس في أذنها: "أنا دمكِ الآن… فإن خانكِ دمك القديم، فثقي بدمي الجديد."

"أنا إن أحببتكِ، سال دمي قربانًا لكِ."

ثم نظر في عينيها، وقالها دون تردّد: "تدلّلي، فإن عشقكِ خاطري…"

وفي الأعالي، بعيدًا عن أنظارهم، في كهفٍ رمليٍّ مهجور…

فتح "خع سجم رع" خريطة طيفية، ورأى تموّجًا زمنيًا جديدًا يحدث في معبد الغفران.

ابتسم ابتسامة لم تحمل دفئًا، بل نارًا خامدة توشك على الاشتعال.

قال: "إذا أغلقتَ بابين… فاعلم أن ثلاثة سيُفتحون من حيث لا تدري.

الدم يعرف طريقه… والعروش لا تُنسى."

       الفصل الخامس والعشرون من هنا

لقراءه باقي الفصول من هنا


تعليقات



<>