رواية ندبة روح الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم نانسي عاشور

رواية ندبة روح الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم نانسي عاشور

معبد لا يُريك ما حدث، ولا ما سيحدث فقط... بل ما يمكن أن يحدث إن اخترت أو لم تختَر.

الرؤى فيه ليست صورًا… بل احتمالات تُبنى على نواياك الخفية.

الفصل الخامس والعشرون: معبد الرؤيا

كان الليل ساكنًا أكثر من المعتاد، كأن كل شيء في الوجود ينتظر قرارها.

وقفت "روح" أمام تلةٍ من الرمل الأبيض، لا أثر لباب أو هيكل… فقط هواءٌ يختنق، وصمتٌ كأن الأرض تحبس نفسها.

قال "أنوبيس" بصوته العميق:

"معبد الرؤيا لا يُفتح بالحركة… بل بالنية."

أغمضت "روح" عينيها، وهمست لنفسها:

"أنا مستعدة… لأرى كل ما لم أرَه."

وفجأة… انفجرت التلة إلى دوّامة ضوئية، وابتلعتها كما تبتلع السماء نيزكًا.

وجدت نفسها في فراغ بلوري.

كل شيء حولها كان من زجاج: الأرض، الجدران، حتى السماء.

وفوقها… آلاف المرايا تتحرّك ببطء، كل واحدة تعرض مشهدًا مختلفًا.

مشاهد من احتمالات زمنية لا حصر لها.

اقتربت من واحدة، فوجدت نفسها جالسة على عرش ذهبي، يعقوب واقف خلفها، والناس يهتفون باسمها.

ابتسمت.

لكنها نظرت إلى مرآةٍ أخرى…

فرأت نفسها محاطة بنار.

مدن تحترق، أطفال يصرخون، زلازل تشق الأرض، والبشر يتقاتلون على رغيف الروح.

وفي الخلفية… علم أسود يرفرف، وتحته طيف رجل كان يعبث بخرائط فرعونية قديمة — كان هو الخائن القديم.

قال أنوبيس، وقد ظهر خلفها:

"الرؤيا لا تُريكي قدرًا واحدًا… بل كل الأقدار.

وكل خطوة منكِ تختار منها مسارًا جديدًا."


همست "روح": "هل أنا سبب في كل ذلك؟"

فقال: "أنتِ ميزانٌ بين الخراب والنور… وما تفعلينه بيديك، يُرجّح الكفّة."

نظرت إلى مرآة ثالثة…

فرأت الإنسيّ النورانيّ الذي أحبها، وقد جلس قرب قبرها، باكيًا.

ورأت "يعقوب" يمشي في أرض رمادية، يُكلّم طيفها وكأنها لم تذهب.

في مرآة أخرى… رأت نفسها تقود جيشًا من الأرواح الفرعونية، تحمل سيفًا بلوريًّا عليه ختم "آتون"، وتواجه كيانًا يشبه الملوك المعاصرين، لكنه يلبس رداءً من دخان.

وفي عينه، رأَت رع حتب… الخائن القديم وقد عاد من الرماد.

ثم ظهرت مرآة لم تكن تتحرك… بل كانت ثابتة.

اقتربت منها.

فرأت نفسها في غرفة حجرية صغيرة… مع طفل صغير، له عيناها، وشعر يعقوب.

وضعت يدها على الزجاج، وهمست: "هل يمكن أن أكون… أمًا؟"

قال أنوبيس: "إن اخترتِ الحياة بعد كل ذلك… نعم."

لكن المعبد اهتزّ فجأة.

الضوء أصبح عنيفًا.

وظهر كيان جديد… عالمٌ طيفيّ برداء أبيض ووجه من نور.

قال بصوت يملأ الفراغ: "الرؤيا التي ترينها… يراها غيرك أيضًا."

"الخائن القديم لم يختفِ… بل يحاول استخدام خرائط الفراغات الطيفية ليوقظ نار المعابد التي طُفئت."

سألته "روح" بقلق: "ومن أنت؟"

ابتسم، وقال: "أنا المخلّص… العالمُ بكل الكتب القديمة، الشاهد على الحروف التي سُرقت.

أنا لست من زمنك… بل من زمنٍ لم يُخلق بعد."

ثم أشار إلى إحدى المرايا وقال: "إن لم تستعيدي المقبرة الكبرى… سيُفتَح باب الفوضى الرابعة."

خرجت "روح" من المعبد، والمفتاح الثالث في يدها، ونقشه:

"من يرى… لا يعود كما كان."

وفي زاوية بعيدة…

جلس "يعقوب" بمفرده على صخرة، يراقب المدى.

كان يشعر بشيء داخله يتآكل.

ليست الغيرة فقط، بل الخوف.

خوف أن تكون رحلتها نحو النور ستُبعدها عنه، كجني


تعليقات



<>