رواية ندبة روح الفصل السابع 7 بقلم نانسي عاشور

        

رواية ندبة روح 

الفصل السابع 7 

بقلم نانسي عاشور

 تتويج الندبة

"كل سلطانة في عالم الجن لا تُتوّج على العرش… بل على النار. فإن احترقت ولم تُفنى، صارت ملكة على سبعة ممالك، وندبتها ختمٌ لا يُمحى."

لم تكن السماء كما كانت.

منذ أن ارتفعت صرخة الندبة، تغيّرت قوانين الزمن، واختلط الماضي بالحاضر، وغرق المستقبل في ظلالٍ لا يمكن فهمها إلا بالدم والعهد.

وفي قلب الجبال السوداء، بين كهوف لا تُرى إلا لمن خُتم بنار، كانت ساعة التتويج قد حانت.

يعقوب وقف على حجر العرش، سيفه مغروس في الأرض، والنار تحيط به كأنها تتهيّأ لأكل من لا يستحق.

أمامَه… تمشي روح بثوبٍ من رمادٍ أبيض، شعرها مسكوب على كتفيها، وعيناها تتّقدان بنار غريبة… ليست من الجن، ولا من البشر، بل من عهدٍ نادر يُدعى "حارسة النور المفقود".

وقف الجميع.

سبعة ملوك… سبعة أرواح…

وثلاثة وجوه أنثوية تقدّمن الصف:

مهينار، السلطانة الأولى، زوجة يعقوب، ومالكة خاتم السحر الأسود، وقلبها نارٌ لا تخبو.

ميزينار، عشيقة الريح، المتحكمة بالحدود والممرات، تعرف لغة الأرواح المهاجرة.

تلمينار، سيدة السراب، من تسكن بين الوهم والحقيقة، وتحب يعقوب بصمتٍ كاد يقتلها.

نظرت مهينار إلى روح…

لم تكن نظرة ترحيب، بل طعنة صامتة.

قالت بصوتٍ كأنما خرج من جهنم نفسها:

"أترضى أن تلبس ثوب السلطنة من لم تخض نار الولاء؟

من نامت آلاف الأعوام بين أذرع النسيان؟"

لكن يعقوب لم يلتفت إليها.

رفع صوته أمام الجميع:

"هي ندبة الزمان.

هي التي لم تختر، لكنها اختيرت.

لم تطلب، لكنها خُتِمت.

وأنا… سلطان الجن، أعلنها سلطانة الممالك السبع."

دوّت الصواعق.

انفتحت الأرض تحت روح، فابتلعها لهب أسود.

الاختبار قد بدأ.

كل سلطانة لا تدخل "نار الخلود" لا تستحق التتويج.

صراخ الأرواح، هسيس النيران، صوت الجن العتيق يتعالى من كل الأعماق.

لكن روح لم تصرخ.

وقفت في وسط اللهب… وعيناها تغمرهما الدموع.

لكن ليست دموع خوف، بل دموع كشف.

رأت رؤى لا تنتهي:

معابد فرعونية تُخفي مفاتيح الأرواح الأولى.

حروبًا في الشام، وفي بغداد، وفي أرض الهند، تبدأ وتنتهي بسبب عهودٍ نُسيت.

يعقوب يقف بينها وبين سيفٍ ملوّث بدم النورانيين.

ومهينار… تسجد تحت هرمٍ مقلوب، وتبكي خاتمًا يغلي في يدها.

ثم…

صمتت النار.

وخرجت روح… بجسدٍ لا يحترق.

على جبينها نقشٌ جديد:

🜂 — ختم السلطنة.

صرخت مهينار:

"إنها لعنة، لا تتويج!

لا يمكن أن تحكمنا من لم تخضع لأرواح الجحيم العليا!"

لكن ميزينار تقدّمت، وانحنت أمام روح، وقالت:

"أنا ميزينار، أخت الريح، أبايعك سلطانة، لا لأنك زوجة يعقوب، بل لأنك الوحيدة التي لم تطلب… فاستحقّت."

ولحقت بها تلمينار، بعيونٍ فيها مرارة، وقالت:

"إن سقطنا… فليس لأنك دخلت، بل لأن الزمان نفسه تغيّر، وأنتِ صرختِ في وجهه."

أما مهينار…

فأدارت ظهرها.

وصرخت بصوتٍ أرعب الأرض:

"سأفتح خاتم السحر الأسود.

سأطلق سراح من في القيود.

إن اخترتَها يا يعقوب… فلتحرقكم سوياً عهود الجحيم."

ثم اختفت.

اقترب يعقوب من روح، أمسك يدها، نظر في عينيها… وقال همسًا:

"أنتِ الآن سلطانة…

لكنكِ في قلبي، كنتِ المُلْك قبل أن تعرفي معنى التاج."

همست روح، بنبرة لم تعرف أنها تملكها:

"ومهينار؟"

أجاب، بعينٍ فيها شرر:

"كان زواجي منها عهد حرب، لا عهد حب.

أما أنتِ…

فأنتِ ندبتي."

وفي أقصى مملكة الظلال، حيث تخبئ مهينار أقدم كتب اللعنات،

فتحت كتابًا لا يُفتح إلا بالدم،

وقالت بصوت لا يشبه صوتها: 

"أنا السلطانة الأولى…

لن أُهزم أمام من تحبك."

ومدت يدها إلى الخاتم الأسود…

الذي بدأ يتموّج دخانًا أسود كثيفًا…وبدأ عالم جديد… بالانشقاق.

              الفصل الثامن من هنا 

لقراءه باقي الفصول من هنا

تعليقات



<>