رواية ندبة روح
الفصل الخامس 5
بقلم نانسي عاشور
صِراع الملوك السبعة
"ليست كل الحروب تبدأ بالسيوف… بعضها يبدأ بندبة، ونظرة، وامرأة تمشي بين العالمين دون أن تنحاز لأيّ منهما."
كانت روح نائمة… أو هكذا ظنّت.
لكنها لم تكن في سريرها.
بل على أرض مغطّاة بالملح الأسود، وفي السماء سبع شموس تشتعل بنيرانٍ بألوان مختلفة.
استفاقت ببطء، ووجدت نفسها داخل دائرة من الأحرف القديمة، تتوهج من تحت جلدها.
وفجأة، اهتزّت الأرض.
وتشقّقت السماء.
ثم ظهروا…
الملوك السبعة.
سبعة كيانات من الجن، كلٌّ منهم يحمل طابعًا مختلفًا، وقوةً مختلفة، ونية لا تُشبه الأخرى.
⬩ الملك الأول: ذو التاج الناري
طوله يلامس السحاب، جسده نار لا تنطفئ، وعيناه جمرتان بلا جفن. صوته لهب، يقول:
"أنا أول من سجد، وآخر من يحترق.
هذه الفتاة تملك النار التي أُطفئت فينا.
وإن لم تنتمِ إلينا، سنستعيدها بالقوة."
⬩ الملك الثاني: ملك الرماد
شبح بلا ملامح، يتكوّن من غبار الأرواح، وكل خطوة له تمسح جزءًا من الزمن.
"أقسمتَ يا يعقوب أنك لن تُعيد الدم للعهد.
لكنها وقّعت الندبة من جديد…
إذًا فلتُفتح الحرب."
⬩ الملكة الثالثة: عشتار الدم
جميلة كالحلم، مروعة كالكابوس، ثوبها من خيوط القلب، وشفتيها تنقط دمًا لم يتوقف منذ آلاف السنين.
"إن أحببتها، فلتُقدّم قلبك قربانًا.
لا يُسمح لسلطانٍ أن يهوى حافظة النار دون طقس."
ومن خلفهم ظهروا تباعًا…
كل ملك، كل عرش، كل عهد.
سبعة ملوك… سبعة أسباب للحرب.
وفِي الوسط… وقف يعقوب.
سيفه في يمينه، ويده اليسرى تشير إلى روح الواقفة بين النار والهواء.
"لن ألمسها…
لكنها لن تعود إليكم.
لقد اختارت، وإن لم تقلها بلسانها، فالندبة قالتها."
صرخ ملك الظلال، السابع:
"لكنها بشرية!"
ردّ يعقوب بنظرة شديدة السواد:
"كُنتُ كذلك… قبل أن أحبها."
لم تستطع روح النطق.
كل صوتٍ داخلها صرخ، وكل ذكرى اهتزّت.
رأت ماضيها — لا، ماضي الأرواح التي سكنت جسدها من قبل.
امرأة على مذبح قديم، ملوك فرعونيون يسلّمونها شعلة حمراء، وأصوات تُنشد:
"النار للأمانة… والندبة للحارسة… والسجود للعاشق المحروم."
وفجأة… سُمع النداء.
صوت من السماء، غريب، عميق، ليس إنسيًّا ولا جنيًّا، يقول:
"من أرادها… فليُدخل اسمه في كتاب المعاهدة."
وتحوّل الهواء إلى صفحات، تتطاير فوق الملوك السبعة.
اقترب كل ملك، ليطبع اسمه، يُطالب بها، بعهد، أو بدم، أو بحرب.
ثم جاء الدور على يعقوب.
لكنّه… توقّف.
نظر إلى روح، ثم قال:
"لن أطالب بكِ كورقة، ولا كلعنة.
أنتِ خُلقتِ بين العالمين، فلا تَتبعي أحدًا… حتى أنا."
ارتجّت الجدران، وارتفعت النيران.
قال ملك العظام:
"إذن لا عهد… بل حرب."
وانقسمت الأرض تحت أقدامهم.
انشقت سبع بوابات، كل واحدة تؤدي إلى مملكة سفلية، حيث تنتظر الجيوش.
ونُفخت نفخة البداية.
في القاهرة، استيقظ آدم في اللحظة ذاتها وهو يصرخ.
كان الدم ينزف من عنقه دون جرح.
على الجدار المقابل، نُقش الرمز من جديد… لكن تحته كُتبت كلمة لم يرها من قبل:
"المعاهدة مكسورة."
في الأعلى، كانت روح تنظر ليعقوب.
فهمت كل شيء.
"أنت لم تُرد أن تأخذني… بل أن تحررني."
اقترب منها، همس بصوت كمن يطلب المغفرة:
"لو كان في الجحيم وردة… فهي أنتي."
ثم اختفى.
وانغلق باب المعاهدة.
وبدأت حربٌ لا تشبه ما سبقها…
ليست فقط على قلب فتاة…
بل على مصير العوامل
