رواية ندبة روح الفصل السادس 6 بقلم نانسي عاشور

          

رواية ندبة روح 

الفصل السادس 6

بقلم نانسي عاشور

: حين تصرخ الندبة

"كلّ زمان يظن نفسه الأهم، لكن وحدها الندبة تعرف متى يصرخ المستقبل… ومتى ينهار الماضي."

لم تكن الأرض كما كانت.

منذ أن تمزّقت المعاهدة بين ملوك الجن السبعة، انفتح شق غير مرئي بين العالمين… وبدأ الزحف.

في عمق جبلٍ لا يظهر على الخرائط، في الصحراء الشرقية، تجمّعت سبعة جيوش من قبائل الظل، كلٌ منها يقطر لعنةً عمرها آلاف السنين.

وفي الجانب الآخر…

كان العالم البشري يتألم دون أن يعرف لماذا.

حرائق لا تُطفأ.

زلازل بلا تفسير.

انفجارات في السماء تُعلّقها الحكومات على "الشهب" و"النيازك".

لكن الحقيقة كانت أعمق…

كانت الأرواح تتحارب.

في قلب القاهرة، كان آدم يحدّق في نفسه في مرآة مشققة.

العين التي كانت ترى العالم، أصبحت ترى نصفه… والنصف الآخر؟

لم يكن من هذا العالم.

في نومه، يرى صحراء حمراء، وسماءً فيها طيور لا تطير، بل تصرخ.

وفي كل مرة… يظهر له يعقوب، ينظر إليه بنظرةٍ ليس فيها كره، بل حزن.

"احفظها، يا آدم.

إذا انهارت، سينهار العالم."

لكنه لا يفهم.

من هي؟ لماذا هو؟ ولماذا يشعر أن الندبة على عنقه لم تعد مجرد علامة، بل خريطة لحرب خفية؟

في مملكة يعقوب، لم يكن السكون علامة هدوء…

بل استعداد.

كان يقف أمام لوحٍ حجري قديم، من زمن ما قبل الطوفان، منقوش عليه نبوءة بلغة منسية:

"حين تلمس النار ندبة من لم يسجد،

حين يلتقي الماء بالدم في من لا يذكر…

يخرج الكائن الذي لا اسم له،

ويبدأ زمن التحوّلات."

نظر إلى سيفه.

أخرجه من الأرض.

همس:

"بدأت الندبة تصرخ."

وفي العالم الآخر، في مكان بين الحلم والذكرى، كانت روح تمشي في أرضٍ غريبة.

ليست مملكة، وليست صحراء… بل خليط من كل الأماكن التي عاشت فيها أرواح قبلها.

ترى امرأة تبكي على طفلٍ في الأندلس،

ورجلًا يُشنق في القدس،

وجندياً يبكي وهو يرفع علمًا مهزومًا في فيتنام.

كل هذه الأحداث ليست عبثًا.

بل هي صدى صراخ الأرواح في زمنٍ لم يُفهم بعد.

وفجأة، رأت نفسها في منتصف معركة قديمة.

السماء سوداء،

والنار من فوقها ومن تحتها.

كانت في موقعة المجدل — حرب بين الأرواح العليا، حين حاول الجن السيطرة على بوابات النور في جسد الإنسان.

رأت يعقوب هناك، مختلفًا… غاضبًا، شرسًا، لكنه كان يحميها.

صرخت:

"أنا لست جاهزة!"

لكنه لم يجب.

ثم استيقظت.

وعلى يدها…

كُتبت بدمٍ لا تعرف مصدره:

"حين تصرخ الندبة، يبدأ العدّ العكسي."

وفي مجلس خفي تحت أنقاض هرم سقارة، اجتمعت سبعة أرواح بشرية قديمة، يعرفون بـ حرّاس العهد.

قال أكبرهم، شيخ بعين واحدة:

"إن لم تحسم حافظة النار اختيارها… ستنقلب العوالم."

"هل نقتلها؟"

"إن قُتلت، تتكرّر.

وإن هربت، يتمدد الشق.

الحل الوحيد… أن تحبّ من لا يُسمح له أن يحب."

سكت الجميع.

فهموا أن الحديث عن يعقوب…

وأن الحرب ليست حرب عروش، بل حرب حب.

وفي ظلال الأزمنة، كانت الكائنات الملعونة تُبعث من جديد.

في أعماق المحيط، استيقظ ملك الغرقى.

وفي جبال التبت، اهتزّ قبرٌ منسيّ.

وفي أفريقيا، سُمعت صيحة امرأة تُدعى ناجية النار… التي عادت من الموت.

كل شيء يُعيد نفسه.

كل دم قُتل ظلمًا… يعود الآن ليطالب.

أما يعقوب…

فوقف أمام جيشه.

وقال لهم:

"هذه الحرب ليست فقط من أجلها…

بل من أجلنا…

لأننا كُتِبنا في الهامش، وحان الوقت لنكون النص."

ورفع سيفه.

وفي السماء…

احترقت أول نجمة.

وفي مكانٍ ما، كانت روح تمشي بين عالمين…

تتبع صراخ الندبة.

ولم تكن تعرف…

أن الخطوة القادمة،

                الفصل السابع من هنا

لقراءه باقي الفصول من هنا

تعليقات



<>