
رواية دعيني ابرئ اسقامك الجزء الثاني2 من لطيفها عاشق الفصل الثاني2 بقلم سميه رشاد
متزوجة!! تلك التي عكف على مراقبتها حتى أوشك على البحث خلفها ليتقدم لخطبتها هي ملك لرجل آخر! أتراه هو السبب في بكائها هذا أم أنها تعاني من شيء آخر.
قاده فضوله لمراقبتها أثناء خروجها متصنعًا الانشغال بترتيب أغراضه ليجدها تتقبل كلام العامل بهدوء وكأنها معتادة على هذا، ثم تقدمت تجاه المرآه التي تزين المكتبة وتيقنت من عدم وجود أثر لبكائها، ومن ثم خرجت لتستقل إحدى السيارات القديمة بجوار زوجها الذي لم تتبين هيئته، زجر نفسه التي لم تفكر للحظة في كونها متزوجة، ألم يتعظ قلبه من خطئه الأول؟ لمَ لا ينجذب قلبه سوى للمتزوجات فيجبره على معاناة يتحمل ثقلها مع عجز كتفيه عن الحمل؟
استقل دراجته النارية والذكريات لا ترحم رأسه، ابتسم عقله بسخرية متذكرًا المرة الأولى التي أعجب فيها بفتاة، فقرر مصارحتها بحبه كي يتقدم لخطبتها إذا قبلته، ليتفاجأ بأسوأ خبر ممكن أن يعرفه المرء، لقد اكتشف بأقبح طريقة أن الفتاة ما هي إلا زوجة صديقه، وليته أي صديق بل هو عبدالرحمن، أحب أصدقائه لقلبه وما زال ولكن أمن الممكن أن يعفو الآخر في يوم من الأيام؟ أسيشفع له انتهاكه لحرمة بيته واستغلال حالة زوجته كاللصوص؟
نزل من دراجته متجهم الوجه كحاله كلما تذكر علاقته بعبدالرحمن وما ألمَّ بحالهما بعدما كانا لا يطيق أحدهما خصام الآخر ليوم واحد، طرق باب البيت الذي كان عليه تسليم الكتب له عازمًا على نسيان فتاة المكتبة واحترام حقوق الآخرين وربما عزم على اعتزال جميع النساء فيبدو أنه ليس له معهن طريق.
- مش عارف بتذنَّبي نفسك في المكتبة دي ليه ما تجعدي في البيت زي الناس أكرم لك.
هزَّت رأسها دون رد، تعلم أن كلماته ليست خوفًا على راحتها كما يبدو من ظاهرها، لقد تجرعت طباعه وحفظتها من التسعة أشهر التي عاشت معه فيها، تعلم كم هو شخص متملك غيور لدرجة الجهل وعدم التفهم، ولكن أليس هذا ما كانت تبتغيه، ألم يكن حلمها الزواج من رجل صعيدي الأصل، يكبرها بأكثر من عشر سنوات وغيور كي تعيش قصة حب كتلك التي تقرأها بالقصص والروايات؟ فلتعِش إذًا
- بكلمك ردي عليا
نظرت إليه تبحث في وجهه عن وسامة جذبتها إليه بالمرة الأولى التي رأته بها ولكن لم ترَ سوى ما عانته على يديه بالأشهر السابقة فأجابته
- دا المكان الوحيد اللي بخرج فيه وبرتاح له أرجوك سيبني على راحتي.
هز رأسه ممتعضًا والشك يملأ رأسه من إصرارها على ذهاب المكتبة عدة مرات أسبوعيًا فانقض على ذراعها يقبض عليه بهجمة واحدة قائلًا بملامح مخيفة:
- أقسم بالله لو لجيت ورا مرواحك المكتبة ديه إنّ لأدفنك حية
تألمت بصوت مرتفع ثم أجابته وهي تحاول إبعاد يده عن مرفقها:
- والله ما في حاجة.. أنا بضيع وقتي في القراءة بس بدل ما أنا محبوسة في البيت أربعة وعشرين ساعة.. بخرج أشوف الناس و أتعامل معاهم.
نظر إليها بقوة أخافتها قبل أن ينفض ذراعها بشدة ويتابع قيادة السيارة متمتمًا بكلمات تدل على امتعاضه وعدم رضاه عن أفعالها ودلالها الزائد من وجهة نظره.
*************
-خلاص اهدي بقا حددت مع أمه زيارة بعد بكرة
فاهت والدة ريهام بجملتها بعدما رأت دموع ابنتها لا تجف ثم أردفت باندهاش:
- مش عارفة متمسكة بيه مرَّة واحدة كدا ليه؟ اوعي تكوني كنت معاه إما اختفيتي؟!
لاحت السخرية على وجهها، ها هي والدتها أكثر من تعرفها وتحفظ أخلاقها تتهمها بهذا الاتهام، أيقنت بهذه اللحظة صحة ما فعلت بإخفاء الأمر عنها، فلو أخبرتها لم تكن لتتفهمها أبدًا، بل كانت ستعاني أكثر مما تفعل الآن! وحدها دنيا من ستتفهم، ولكن أيضًا لا تضمن تكتمها على الأمر، فربما تدفعها صداقتها بقص ما حدث على زوجها لتأتي لريهام بحقها، ووقتها سيفتضح أمرها بين أفراد العائلة، ولن يُدان سواها.
مرَّ اليوم الفاصل بسرعة البرق وها هو الباب يطرق، يبدو أن العريس المحترم قد وصل مع والدته، لم يفعل كما باقي الشباب ويتأخر عن موعده عدة دقائق، بل وصل قبل موعده بما يقرب من النصف ساعة.
صوته الذي استمعت إليه وخالها يرحب به جعل معدتها تتقلص وجعًا ونفورًا، نهضت تسرع إلى المرحاض القريب من غرفتها وأفرغت حصوات الماء التي ارتشفتها منذ الصباح، حمدت ربها أن دنيا لم تحضر بعد، تعلم أنها الآن تخوض حربًا مع زوجها ليوافق على مجيئها، فقد قدم عبدالرحمن ابن خالها وزوج صديقتها دنيا بالأمس، وأخبرها صراحة أنه لا يحبذ زواجها من ذاك السفيه كما وصفه، بل وأبدى لها اندهاشه من موافقتها ووالدتها عليه، وكم تعسر عليها مخالفة معلمها الذي تحترمه وتؤيده في جميع الأمور، ولكنها بشق الأنفس وبلسان ثقيل أخبرته بأن الآخر تغيرت أخلاقه وسيفعل ما بإمكانه ليكون زوجًا مناسبًا لها كما أخبرتهم أم فارس في زيارتها.
لم يقتنع عبدالرحمن بحديثها ولو واحد بالمئة، بل نهرهم لموافقتهم على هذه المهزلة، إلا أنه لم يستطع فعل شيء حيال إيقاف الأمر، فعلى كل حال ليس له سلطان عليها، فهو مجرد ابن خالها وستضيع كلمته هباءً أمام موافقة أعمامها.
اقشعر بدنها بنفور ووالدتها تدعوها لمشاركة العريس وأمه الجلوس، فلا يصح ألا تدخل عليهما وقد جاءوا من أجلها، نهضت بتكاسل تجرّ خطواتها وعيناها تتمسكان بأرضية البيت، تخشى أن ترتفعان فتصطدمان به؛ فتفعل شيء يفسد عليهما الأمر.
تمنت ألا ينطق بشيء، فلن تتحمل نفور أكثر من هذا يجبرها على الجري أمامهم لتفرغ ما بمعدتها مرة أخرى.
تحققت أمنيتها ويبدو أنه خجل من مشاركتهم الحديث، بل ترك والدته تقود الحوار برفقة والدتها بينما لا يجيب على خالها الذي يرحب به كل عدة دقائق سوى بإمائه بسيطة.
أفرغوا ما في جوفهم من حديث ولم يعد هناك سوى أن يجلسان بمفردهما كما نطق خالها:
-طيب اتفضلوا نقعد في الصالة احنا ونسيب عرسانا لوحدهم شوية عشان شكلهم مكسوفين يتكلموا أدامنا.
استحسن معظم الجالسون فكرته ونهضوا ينفذون اقتراحه، غافيلين عن تلك التي تخشى أن تخونها عيناها وتحيدان عن الأرض فتصطدمان بأبشع إنسان ممكن أن تراه في الوقت الحالي.
- ازيك يا ريهام.
فور وصول صوته إلى أذنيها شهقت تحاول السيطرة على معدتها ولكن ماذا تفعل؟! يتشبث النفور بكل ما يتعلق به؛ صوته، شكله، حتى رائحته الكريهة التي تنتشر بالغرفة؛ تجعلها تستحق جائزة كبرى لتحملها كل هذا دون أن تنهار.
شعر بالأسف من عدم إجابتها ليتابع بندم شديد:
- عارف إنك مش طايقاني، وإنك رضيتي بيا عشان اللي عملته بس وربنا غصب عني .. أنا بحبك يا ريهام ومقدرش تكوني لغيري وغيرتي اللي اتحكمت فيا سامحيني والله هتحبيني بس اديني فرصة بس وافهميني.
يا الله، لو كانت جبلًا لخرَّ ساقطًا، فلمَ لا يفعل قلبها ويتوقف عن النبض ويرحمها بدلًا من أن يتحمل بشق الأنفس هذه التفاهات التي يتحدث بها هذا المعتوه، كادت ضحكات مجنونة أن تنطلق منها على حديثه، يقسم بكل ثقة أنها ستحبه، من أين جاءته هذه الثقة المتبجة، كيف ستفعل ودمائها تغلي بعروقها من حديثه السحطي هذا، وكلامه الغير منمق بالنسبة لحديثها.
اعتقد أنها تنتظر أن يردد على مسامعها كلمات أكثر ليرضيها فتابع:
- حقك عليا يا ريهام، نفسي تفرحي بيا زي ما أنا فرحان بيكي وتنسي اللي حصل وأنا هعوضك.. أنتِ حلمي من وأنا عيل يا ريهام.. بنام وأصحى أفكر فيكي أنتِ.. هتصدقي إني رغم كل عيوبي مبكلمش بنات عشانك.. أنا وقفت شرب من زمان عشانك لو خايفة من كدا.. وعارفة أنا نويت أكمل كلية مفتوحة أو أدخل أي حاجة عشان ترضي عني بس..
من المفترض أن تشفِق عليه، تؤثر بها كلماته المتيمة بها، ولكن مشاعره تجاهها لا تزِد قلبها سوى نفورًا.
- ريهام أنتِ مش بتبصي عليا ولا بتردي ليه
أيضًا بات حديثه معلقًا في الهواء وحيدًا بلا رد يرافقه، لينهض واقفًا يحاول الاقتراب منها؛ لعل القرب يكون أفضل لتناول الحديث بينهما، إلا أنها نطقت بجمود مصحوب بالقسوة:
- خليك مكانك.. إياك تقرب.
ارتطم حماسه بأحجار قسوتها فارتد جالسًا بمقعده مرَّة أخرى، بينما هي تشجع نفسها على سيطرتها على خوفها منه، تعلم أنه أضعف من أن يؤذيها، حتى بذلك اليوم، لم يكن ليفعلها وهي بكامل وعيها لذا؛ لجأ إلى أرخص الطرق وخدرها.
يظن أنها تخشى النظر إليه وترهب الحديث معه، ولكن مشاعرها الآن أبعد ما يكون عن الخشية، ولَّى زمن خشيتها ومحت أحرف الخوف من قاموسها وغرستها بقلبه هو، هي فقط تنفر وبين النفور والخوف أحرف وفروق لا يستهان بها!
دلف الجميع إليهما مرة أخرى بعد دقائق قليلة أمضاها في الوعود ومحاولات إرضاءها بينما هي تلحفت بالصمت مرة أخرى فرددت والدته بعض الكلمات السخيفة التي تجامل بها والدة العروس الخجول.
بعد انصرافهم نهضت ريهام تجر أذيال ثوبها الكحلي الذي قد أعدته والدتها على خمارها الرملي الذي ترتديه، فتتبعتها أنظار والدتها وخالها وقد بدا عليهما أنهما أوشكا على الميل للعريس ووالدته معسولة اللسان.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
حمحم أوَّاب بخجل وهو يتقدَّم عروسه وشقيقها المراهق الذي رافقهما، لأوَّل مرَّة يخرجان بعد خطبتهما، لم يجلس برفقتها سوى أربع مرات، لم يعتَد عليها بعد، خاصة وأنه يلتزم معها بضوابط الخطبة، تسرعت شقيقته في دعوتهما إلى شقتها ليتناولان طعام الغداء، كاد أن يرفض مقترحًا أن يؤجلا الزيارة لوقت لاحق ربما بعد عقد القران، إلا أن شقيقته قد أخبرت العروس قبل أن تستمع لردّه وانتهى الأمر.
استقبلته شقيقته وزوجها بترحاب شديد، فاحتضنها معبرًا عن اشتياقه لها بصدق، بينما عيناه تنظران على زوجها الواقف خلفهما بتشفي.
رمقه الآخر بضيق مصطنع ناطقًا بصوت وصل إليه:
- غتت
رفع إليه أوَّاب حاجبيه ثم جذب شقيقته محتضنًا رأسها بذراعه الأيمن وسار بها إلى أن وصلا إلى غرفة الجلوس.
أجلس شقيقته على يمنه ثم نظر إلى خطيبته "فيروز" وأشار إليها أن تجلس على الجانب الأيسر بعدما وضع بينهما وسادة صغيرة دون أن ينتبه إليه أحد.
- قوم بقا يا أحمد هات لنا حاجة نشربها.. مش معقول أختي هتسيبنا وتقوم هي
جزَّ أحمد على أسنانه غيظًا منه قبل أن ينهض واقفًا مرددًا
- لا ازاي طبعًا هجيب لك تطفح..
اندهشت فيروز من الذوق المنعدم بينهما في الحديث، فرمقت أحمد بعدم تصديق لما قال لتنطق غالية "شقيقة أواب" برفق توضح لها الأمر:
-أحمد صديق أواب المقرب.
-كان
فاه أواب بضيق وهو ينظر إلى أثر الآخر بتقزز مصطنع لتبتسم غالية بهدوء قبل أن توضح أكثر:
- أواب مصرّ على قطع العلاقة بينهم بعد ما اتزوجني أحمد وبيحاول اختلاق عداوة بينهم
ابتسمت فيروز بمجاملة بينما أواب؛ تفقد أحوال شقيقته وأسرَّ في نفسه نظرات فيروز التي لم تغضها عنه وعن صديقه كما كان يرجو منها.
وضع أحمد العصائر أمامهم وجلس بجوار زوجته محتضنًا كفها بين يديه كما اعتاد في الأونة الأخيره، فحدجه أواب بغضب ثم جذب شقيقته إليها ممسكًا كفها بين قبضته هو، مما جعل أحمد ينهض واقفًا، قائلًا وهو يتجه إلى غرفة الطعام:
-طيب قوم يلا الغدا عشان تروح.. أنت لسة هتشرب عصير..قوم.
تمسك أواب بمكانه فزفر أحمد بضيق ودلف إلى إحدى الغرف متصنعًا عدم احتماله الجلوس برفقته، بينما تعمد الاختفاء قليلًا؛ ليعطي خطيبته الحرية في التعامل بعيدًا عن التكلف بوجوده، يعذر أواب في كل ما يفعل ومهما فعل لن يلومه، فتلك الليلة التي تزوج بها من غالية لا تنفك عن ذاكرته، خاصة حينما انفرد به أواب وظل يوصيه على شقيقته حتى بُحت حنجرته من كثرة البكاء فعاهده ألا يضني قلبها ابدًا، حتى وإن أراد أن يفعل فغالية ستمنعه بقلبها الذي يسكن روحه، إن لم يستوصَ خيرًا يالغالية فبمن يستوصى إذًا؟!
ــــــــــــــــــــــــــــ
- إيه الجرف اللي إنت عاملاه ديه.. الله يجرفك يا بعيده
شهقت عبير بفزع مصدومة مما فعل زوجها "سعد" لقد قذف الطعام الذي عكفت على صنعه بوجهها، ماذا فعلت ليثور إلى هذه الدرجة؟! انحنت تلملم الأطباق والطعام الذي لم تمسه يده، لقد رأت إحدى الطرق على وسائل التواصل الإجتماعي وقررت تنفيذها بطريقة مختلفة لعلها تنال إعجابه، شعرت بالسعادة حينما تذوقتها وأعجبها الطعم للغاية وتوقعت أن يثني عليها بعد وابل من الذم لطعامها الماسخ كما يصفه دائمًا.
ليتها ما ابتكرت وما فكرت بإسعاده، فها هي النتيجة، انصبت فوق رأسها هي وآلمت قلبها.
حملت الطعام ودلفت لتفذفه بسلة المهملات بعدنا تلوث دون أن تمسه يد أحدهما فاستمعت إلى صوته العالي يصبح بغضب وكأنها المذنبة:
- هاتي لي حتة چبنة جديمة آكلها بدل العكس اللي عملتيه دا يا واكلة ناسك.
تساقطت دمعاتها بقهر ثم أعدت له ما طلب وعقلها يردد بتوبيخ؛ إلى متى؟!
ــــــــــــــــــــــــ
وقف أواب على باب شقة شقيقته يشق عليه توديعها وتركها، لا يعلم أيبالغ حقًا في مشاعره تجاه شقيقته، أم أن جميع الأخوة يصعب عليهم مفارقة إخوتهم في الأشهر الأولى من زواجهم.
سار برفقة خطيبته وشقيقها لتنطق هي بادئه للحديث:
- جميلة أوي علاقتك بغالية.
ابتسم حتى غامت عيناه تاثرًا، ثم فاه يوضح سبب ذلك:
- غالية صديقتي أكتر من إنها أختي.. مكانتش بتنام غير ما أروح.. وكل أسراري معاها.. في ذكريات كتير أوي بينا صعب عليا إنها مش هتتكرر تاني.. زي مثلا احتوائها ليا رغم صغر سنها.. إما تعمل أكل بالليل مكانتش بتنساني حتى لو مش في البيت تسيب لي.. كل مصايبي كانت بتدافع عني فيها.. بينا حاجات كتير أوي مش هتتكرر تاني للأسف.
لم ينظر إليها طيلة حديثه، بل كان يتحدث وعيناه على شقيقها الذي أشارت إليه في الخفاء ليتقدمهما كي تنفرد به في مشيتهما، بينما هي كانت تتأمله أثناء حديثه، لقد ضاق قلبه بعدما أدرك بحدسه أنها لا تلتزم بغض البصر، بل تتأمل من تشاء كيفما تشاء، أرجع الأمر إلى كونها جاهلة بوجوب غض النظر بين من تربطهم الخطبة أيضًا إلا أن تأملها لأحمد أثناء حديثه اليوم أوجعه وجعله يحتار بأمرها، لقد رفض كل من عرضتهم عليه والدته نظرًا لعدم التزامهن، أما هذه فقد بالغت والدته في التزامها لدرجة جعلته يوافق عليها، ربما كان يريدها منتقبة ولكن لا بأس إن كانت تتلحف بالخمار فقط، فمعظم المختمرات على الراجح يطمحن في ارتداء النقاب يومًا وسيكون هو أكثر من مرحب بطموحها ذاك، سيتغاضى الآن عن غض البصر الذي تفتقد إلى معرفته حتى يعلمها هو، ربما هي حديثة عهد بالالتزام وتجهل العديد من التعاليم كحال الكثير، ربما أسقطت سقف أمنياته بجهلها هذا ولكن لا بأس، سيصلح هو ما أفسدته الحياة بأخلاقها