رواية ندبة روح
الفصل السابع والعشرون 27
بقلم نانسي عاشور
: المقبرة الكبرى – باب لا يُعاد منه
كانت الليلة بلا ريح، بلا قمر، كأن الأرض احتبست أنفاسها… تنتظر سقوطًا قادمًا.
وقفت "روح" أمام الكثيب الحجريّ، حيث لا معالم، لا أبواب، لا نقوش…
ولكن الحجر المهشّم الذي ابتلعته في الرؤيا بدأ يتوهّج داخل صدرها.
قال أنوبيس وهو يراقبها بحذر: "لا أحد دخل المقبرة الكبرى وعاد كما هو…
فما فيها لا يُكتَب، بل يُحفر في الروح ذاتها."
همس يعقوب من بعيد، صوته كالغيم قبل الرعد: "إن ترددتِ، فلن أسمح للظلام بأن يسبقكِ إليها…
لكنّها لكِ، يا عشقي، إن شئتِ أن تكوني الأخيرة."
نظرت "روح" إلى الأفق…
ثم تقدّمت، ووضعت راحة يدها فوق الرمل الرماديّ… فانفجرت الدوائر النورانية من باطن الأرض.
تشقّقت الرمال، وظهرت درجات طيفية تنزل إلى عمق لا يُقاس.
✧ داخل المقبرة الكبرى
الهواء كان ساكنًا…
ساكنًا حدّ أنفاسها أصبحت مسموعة، وكأن قلبها يخفق بين جدران الزمن.
كل جدار كان يحمل وجهًا… لا ملامح فيه، فقط نظرة مفتوحة نحوها.
وفي وسط القاعة، وقفت المومياء الطيفية.
لم تكن ميتة، بل نائمة.
حولها سبعة خناجر، وسبعة أحجبة.
أدركت "روح" فورًا… هذه ليست أيّ مومياء.
إنها هي.
جسدها القديم.
مينهار.
اقتربت، ولمّا لامست الهواء من حول الجسد، انفجرت أصوات صاخبة من الحيطان:
"كنتِ حاكمة النور، فاخترتِ النفي…
والآن تعودين لتفتحي الباب الأخير."
فجأة…
اهتزّت الأرض.
نار خفية اشتعلت في سقف المقبرة.
صوت أنوبيس دوّى من الخارج: "الخائن بدأ! الجيش القديم استيقظ!"
رأت "روح" في عيني الجسد الراقد، أنها يجب أن تختار الآن.
إما أن تُعيد النبض إلى جسد مينهار — وتخسر اسمها الحالي.
أو تُبقي المقبرة مغلقة — وتخسر مفاتيحها.
وفي اللحظة التي صمت فيها كل شيء…
ظهر أمامها خاتم مقبب، مصنوع من دم ونور.
كتب عليه:
"إن فتحتِ، فليس لكِ اسم.
وإن أغلقتِ، فليس لكِ وطن."
شهقت الأرض…
وسُمِع هدير جيش فرعوني طيفيّ قادم من جهة الجنوب،
بقيادة الخائن الذي كان يومًا كاهن المعابد، والآن يرتدي عباءة رمادية تشتعل من الداخل.
قال أنوبيس، وهو يضع سيفه في الرمال خارج المقبرة: "إن لم تُغلق الباب الآن، فكل شيء سيصبح وهمًا… حتى أنتِ."
أغمضت "روح" عينيها…
ثم قالت بصوتٍ لم تعرفه من قبل:
"أنا لا أبحث عن اسم… بل عن عهد.
ولستُ بنت الأمس… بل أمّ الغد."
وأدخلت الخاتم في تجويف صدر الجسد الطيفيّ…
فاهتزّ كل شيء.
المومياء انفجرت نورًا…
ثم اختفت.
وظهر في وسط القاعة مرآة جديدة، ليست للانعكاس… بل للعبور.
قال يعقوب، الذي دخل أخيرًا إليها، ووقف قربها:
"الآن فقط… تبدأين."
همست له دون أن تلتفت:
"ماذا تبقّى لي؟"
فقال، يقبّل كفّها:
"تبقّيتُ أنا… فإن ضيّعتِ كل شيء، تدلّلي، فإن عشقكِ خاطري."
نهاية الفصل
🔥 تمهيد للفصل الثامن والعشرين:
تبدأ "روح" بالعبور عبر مرآة العهد إلى وادي الأبدية.
الخائن يفتح بابًا ظل مغلقًا منذ زمن حور محب، ويُطلِق سلالة كائنات طيفية فرعونية تُدعى "النقش الأسود".
يعقوب يواجه أوامر عليا من عرش الجن: إما أن يترك "روح" أو يُجرد من سلطانه.
