رواية ندبة روح
الفصل الحادي عشر 11
بقلم نانسي عاشور
الفصل الحادي عشر:
"ثأر النار"
لم يكن الليل في عالم الجن كما نعرفه في الأرض...
بل كان غلافًا من وعي مظلم، يتمدد على شكل أفكار، على هيئة خوف، يتكثّف إذا صمتت القلوب.
وفي ذلك الليل، كانت مهينار تئنّ في عزلتها، بعد أن أُحرقت يدها وسُحب منها خاتم السحر الأسود.
كل خادماتها هربن، وكل من كانت تتبجّح عليه من الأرواح… الآن يديرون ظهورهم لها.
كانت تنظر إلى راحة يدها المحروقة،
وتهمس:
"لن تُصبح السلطانة أبدًا... ليست هي... ليست تلك الإنسية التي أحبّك!"
ثم بصوتٍ خافت، يخترق الجدران السفليّة من الوجود، صرخت:
"سِتّ... يا ملك الخراب، أجبني..."
في مكان آخر، على حافة معبد الضوء المحروق،
كانت روح واقفة على ركبتيها، يتصاعد من جسدها دخان خفيف، بينما يعقوب يقف على مقربة منها، حارسًا.
لكن كان هناك شيء يتشكّل خلفها...
ظل لا ظل له، نور لا ضوء له.
في البداية، لم تلاحظ.
لكن يعقوب، وقد تعوّد أن يرى تموجات الكيانات، حدّق خلفها وظهر عليه القلق.
ثم همس، مذهولًا:
"هذا... ليس مني."
وظهر.
كيان طويل، بعينين زرقاوين كالسماوات التي لم تُفتح بعد.
جناحاه مطويّان خلف ظهره، مصنوعان من ريش نوراني ليس من عالم الجن ولا الإنس.
وجهه نصفه إنسيّ، ونصفه مَصنوع من ضوءٍ فرعوني، كأن معابد الكرنك نُحتت عليه.
قال الكيان بصوتٍ لا يُقال، بل يُشعر به:
"أنا حورس. ظلّها. ومرآتها التي لا تنكسر."
تراجعت روح، وهي تحاول أن تستوعب…
"أنا… ماذا؟ من أنت؟"
أجاب الكيان:
"كل روح وُلدت بندبة، تحمل ظلًا يحرسها…
أنا كنت دائمًا معكِ، في الهمس، في النوم، في الألم.
لكنكِ الآن فقط بلغتِ الوعي الكافي لرؤيتي."
اقترب منها، ووضع كفه على جبهتها.
لحظة لمسها…
انفجرت رؤيا ضخمة داخل وعيها:
معابد تحترق تحت أقدامها.
سيوفٌ مصنوعة من الآيات تتكسّر وتعود لتُصاغ.
وسِتّ… يظهر، وجهه من نارٍ سوداء، يتقدّم نحوها ويصرخ:
"أعيدوا لي الخاتم… أو أُشعل سبع طبقات من الأرض!"
عادت إلى وعيها وهي ترتجف.
أما يعقوب، فكان ينظر إلى حورس بشكّ عميق، وقال:
"إن كنت ظلّها… فلماذا لم تُنقذها من محمد؟ ولماذا لم تمنع السحر؟"
ابتسم حورس، وقال:
"الظلال لا تتدخل قبل أوانها، يا سلطان.
بعض الجراح لا تُشفى إلا إذا انفجرت."
في تلك اللحظة، اهتزّت أرض العوالم…
زلزال طيفي تموج من أعماق بوابة الطوفان الأولى — البوابة التي سُجن خلفها سِتّ منذ آلاف السنين.
وفي السماء، ظهر شرخ.
من داخله، خرج صوت كالرعد، لكنه يقول اسمًا واحدًا:
"رُوح."
قال حورس، وهو يمد جناحيه:
"لقد بدأ ثأر النار.
وستمتحنين بكل من أحببتِ، وكل من خانكِ."
ثم التفت إلى يعقوب، وأكمل:
"أما أنت… فسوف تُفتن، إما بها… أو عليها."
انتهى الفصل، والشرخ في السماء ما زال يتسع…
