
وضعتها چنى في السرير بينما امتعضت قسمات وجه أسر الذي لزم الصمت كي لا تتحدث چنى
اما جواد فاحضر كوب ماء بسرعة و وضع بضعة قطرات على وجهها لتسعيد وعيها ببطئ
لن ينكر ان قلبه كاد يقف عن النبض من خوفه عليها لكنه يتصنع عدم الاهتمام
ساعدت چنى حياة على الجلوس و قالت بقلق
"انتي كويسة ايه اللي حصل"
حياة "معرفش حسيت الدنيا بتلف بيا مرة واحدة"
تحدثت بشرود ثم أكملت بفزع "حياة فين حياة"
لم يتحمل أسر رؤيتها هكذا فوصف لها مكان غرفة التي يمكث بها مارتن و اكمل
"هتلاقي مارتن شايلها"
هزت راسها و اتجهت إلى الغرفة بسرعة و مجرد أن راتها نائمة في هدوء تنهدت براحة و تحدثت
" ممكن البنت يا عاصم "
هي تعرف ان مارتن لن يفهمها فوجهت حديثها إلى عاصم فقال هو لمارتن بدوره "مارتن أعطها ابنتها"
ناولها مارتن الفتاة فحملتها بسكينة و غادرت الغرفة بهدوء متجهة إلى المنزل بعد أن يئست من معاملة أسر لها
بعد فترة ليست بكبيرة اخذت الغرفة تمتلئ بالافراد شيئا فشيئا عائلة حياة و أسر و هشام و غيرهم كثيرا فتحدث أسر باختناق " انا مش هستحمل الدوشة دي كلها و متقلقوش دي مش اول مرة يحصلي كده يعني كلها كام يوم و همشي من المستشفى ساعتها هبقى اقعد في البيت الكبير بتاعنا و نتجمع فيه"
قال كلماته هذه ثم اكمل بنبرة حزينة
"لو ينفع كله يمشي و يفضل معايا عاصم و هشام و ملك و مارتن و بابا بس عشان عايزهم "
بعد فترة من الطمأنينة عليه غادروا جميعا بالفعل و تبقى من قال لهم أسر ان يبقوا..... اقترب ماهر منه قائلا
" أسر انت كويس مالك زعلان ليه "
أسر "انا لأول مرة مش عارف هعمل ايه متخيل انا و ألد اعدائي و اللي كانت السبب في كل حاجة في مستشفى واحدة ده غير حياة.. رد فعلها صدمني متوقعتش منها كده".
ماهر "المشكلة ان انا مش فاهم حاجة بس حياة عمرها ما تعمل كده انا واثق ان في حاجة كبيرة حصلت اديها فرصة يا أسر مش بعد ده كله تسيبوا بعض "
أسر" موضوع اني اسيبها ده صعب لكن حاسس ان في حاجة في قلبي من ناحيتها صفوها اتعكر "
كلمات عميقة خرجت من القلب جريح قبل العقل رمقه ماهر نظرة خاطفة ثم قال" متقولش كده بس و كل حاجة هتتصلح المهم بقى اخبارك ايه "
أسر" انا كويس الحمد لله "
ماهر" طيب دراعك انا سمعت كلام يعني "
أسر" صدق انا فعلا دراعي مش عارف احركه هنشوف ايه اللي هيحصل في الفترة اللي جاية عايزك بس تخلي بالك من حياة و من الشركة"
ماهر "ماشي لو عوزت حاجة خلي حد من اللي قاعدين معاك دول يكلموني "
رسم أسر بسمة خفيفة على وجهه بينما غادر ماهر المكان
و تبقى فرقة الضباط في الغرفة اتجه أسر إلى ملك بنظره و قال" ملك ملامحك شكلها تعبانة انتي كويسة."
ثم اكمل بصوت عالٍ" انت يا زفت يا هشام ما تجيبلها كرسي ولا اي حاجة تقعد عليها بدل ما انت واقف ترغي كده"
اخذ عاصم يضحك بينما انتبه هشام على تعب زوجته ساعدها على الجلوس ثم تفقد حرارتها فوجدها طبيعية ثم نظر إلى أسر بضيق قائلا" مستني ايه من واحدة حامل يعني "
ابتسم أسر بعد غضبه و قال" مبارك يا هشام ربنا يستر و ميطلعش دماغه تعبانة زيك "
هشام" الله هخلي مارتن يضربك"
أسر "على ذكر مارتن عايز اعرف ايه اللي حصل لچاكلين"
ابتسم هشام مترجما حديث أسر لمارتن الذي تحدث بحماسة
"رصاصة واحدة من قناصني اوقعت بها ارضا و لأنها كانت تقف في مكان مرتفع فاظن ان عظام وجهها هي الشيئ الوحيد الذي ظل باقيا دون تهشيم... لا تقلق يا عزيزي أسر فعمتك.. اقصد عدوتك.. تجلس في الغرفة المجاورة لك تخاف ان تنطق كي لا اقتلها"
ضحك هشام على مظهر مارتن الذي كان يسير يمينا و يسارا و ينطق الألمانية بسرعة فائقة ثم قال لأسر كلام مارتن فاتسعت عينيه بصدمة قائلا
" ايه الراجل ده انت متأكد انه كويس حاسس عنده شغف للقتل كده "
هشام" ليه ماضي مع چاكلين هو كمان "
و هنا لم يستطع عاصم الصمت و قال "من الواضح أن چاكي علمت على كل اللي نعرفهم الله أكبر"
أسر "مش مهم... المهم ان لسة الموضوع مخلصش فيه فريق كامل وراها ده غير چاك اللي مش هيسكت لازم نتصرف وإلا هيمحونا من على الأرض "
هشام "يا عم متخافش انت بس تنزل بدراعك العسل ده و هتعلم عليهم كلهم"
احمر وجه أسر غضبا بينما ضحك عاصم فمال عليه مارتن بخفة و عقب "يبدو أن وظيفتك اليوم هي الضحك فقط اليس كذلك اعمل عملا مفيدا و أخبرني ماذا يقولون "
عاصم" لأ شيئ هشام يسخر من أسر "
مارتن" ذكرني ان اقتله "
قاطع حديثهم أسر الذي قال" هشام .. عليك تحط خطة للموضوع و تتفقوا عليها و انا هعرف اتعامل بدراع واحد مش انا اللي اعطل "
ثم نظر إلى عاصم و اكمل" و طبعا عشان انت عاصم دكتور معروف هتتصرف و تطلعني من هنا و لما ييجي ميعاد الجلسات هروح "
بعد فترة جلسوا الشباب جميعا في سيارة ضخمة لونها ازرق قاتم منحوت عليها بلون نيلي برنزي بالألمانية
" Wenn du dich näherst, wird dich meine Scharfschützin treffen."
و تعني" إن اقتربت ستصيبك قناصتي "
و كُتب اسفلها بخط أصغر قليلا "𝓜𝖆𝖗𝖙𝖎𝖓"
و بالطبع كان السائق مارتن الذي يقود السيارة بسرعة كبيرة جدا و رغم ذلك لا توقفه الشرطة فمعروف ان صاحب هذه السيارة هو الضابط الألماني مارتن
اما بالداخل فيجلس أسر جوار مارتن واضعا هاتفه في يده اليمنى و يتابع اعماله و كل ما حدث أثناء فترة غيابه أسند رأسه على النافذة يشاهد الشمس غروبها في هدوء يتأمل وجه حياة الشاحب الحزين الذي نُقشت معالمه في دماغه اما مارتن فكان بستمع إلى أغنية ألمانية يفتحها من تطبيق الواتساب و هي مُرسلة من فتاة دونها باسم
"ملاذي الآمن"
كانت تردد له اغنية رومانسية ألمانية اما و تلي تلك الرسالة منها رسالة من مارتن يردد بها اغنية عربية استمع التسجيل الذي كان قد قال به الألمانية
"تتذكرين حين اخبرتك اني ساتعلم العربية لم أفعل لكني حفظت اغنية عربية جميلة سأرددها لكِ ثم أخبرك معناها "
ثم سجل تسجيلا اخر لكن بالعربية قائلا
"يا أميرتي يا جميلتي يا سيدة كل النساء"
اخذ يردد الأغنية حتى نهايتها ثم أخبرها معناها بالالمانية فإذ برسالة منها تضحك هي فقط تضحك بها دمعت عيناه حزنا عليها لكن سرعان ما عاد إلى جموده و اكمل القيادة
اما المقعد الخلفي فيجلس عاصم و هشام يتحدثان معا عما سيقومون به فالجميع الآن خائف من رد فعل أسر لكنه في الحقيقة هادئ و يبدو أن إبليس قد نام
مر الوقت و كل يفكر في أمره بينما شرد مارتن إلى ماضيه منذ عشرة أعوام هو حبيبته
✧✧✧
يجلس مارتن الضابط البسيط في مكتبه يعمل على بعض الأوراق التي ستذهب إلى ضابط أعلى منه رتبة ليتولى المهمة اقترب منه احد زملائه في العمل قائلا
"ماذا احضر لك على الغداء اليوم فكما تعلم اليوم دوري في إحضار الوجبات"
كاد يتحدث لكن قاطعه صوت رسالة من هاتفه كان صوتا مميزا يبدو أنه مخصص لشيء معين نظر مارتن إلى الهاتف قائلا بصوت خفيض
"آه على هذا الصوت يجعل قلبي يتراقص من السعادة"
نظر إلى زميله بسرعة قائلا بلهفة" سَل بقية الزملاء اولا سأجيب على للرسالة ثم أخبرك "
هز رأسه و غادر المكان ففتح مارتن هاتفه بشوق و قرأ رسائلها بعشق كبير
قالت أنها تود أن يتحدثوا قليلا سويا و سألته عن موعد يكون متفرغا به فأجابها بسرعة و دون أي تردد حتى
"عزيزتي أنهيت عملي بالفعل و كنت سأحضر الغداء لي قابليني في المطعم المجاور لبيتك سأكون هناك خلال ربع ساعة "
رأت الرسائل و أجابته بالموافقة فحمل أغراضه بسرعة متجها إلى المطعم و حين كان في طريقه اقترب من زميله و أخبره انه سأرحل دون غداء اليوم
مرت الربع ساعة عليه و كأنها ربع قرن
و بعد قليل دخل المطعم و جلس على الطاولة أمامها متحدثا بشوق
" افتقدتك يا عزيزتي افتقاد الصحاري للمطر كيف حالك "
كانت غريبة لا تبتسم كعادتها وجهها شاحب فظن مارتن مريضة لوهلة لكن كيف؟ هي تخبره بصغيرتها قبل كبيرتها لو كانت مريضة لأخبرته
نظرت له قليلا و تمعنت النظر في وجهه نظرة طويـــلة ثم نظرت إلى ثياب عمله و قالت
" ما هذا لِمَ لَمْ تغير ثيابك أنا لست مهمة لهذه الدرجة"
رمقها مارتن بصدمة يتأمل ملامحها شعرها البني المموج عينها العسلية بشرتها القمحية التي زينتها نسة قليلة من النمش
ثم أعاد كلامها في ذهنه
احتلته الصدمة لكنه تغاضى عن الأمر و قال انه مجرد توتر لأن زواجهم بعد أسبوع فأجابها بحنان
"بلى أنتِ هي حياتي يا كل حياتي ما بك لماذا أنت حزينة اسعدي فأخيرا زواجنا بعد أسبوع"
و هنا أخذ أكبر صدمة في حياته نظرت إليه نفس النظرة لكنها كانت بحنين سرعان ما اختفى و حل الكره مكانه
"آسفة لن استطيع أن أكمل زواجنا لا أعرف ماذا يجب أن أقول في هذا الموقف لكن.. كل شيئ سيمضي بمرور الوقت و أنا لن أستطيع تقبلك زوجا لي "
ظل أتابع أصابعها اليسرى التي تداعب خاتم خطبتهم في يدها اليمنى و تحدث بصوت مختنق
"لكن كيف... أنا أحبك و أنت... مهلا ألا تحبينني.. قولي شيئا "