
رواية ذكريات مجهولة بقلم قوت القلوب
رواية ذكريات مجهولة الفصل الثالث عشر13والرابع عشر14 بقلم قوت القلوب
« لست أنا ..؟؟! »
عبد الله .....
تابع أضواء المحلات والسيارات المارة على جانب الطريق أثناء سير السيارة ، يتنفس طعم الحرية ليصل بعد وقت طويل إلى بيت هذا الظالم ....
توقفت السيارة ليمد يده ببعض المال للسائق مترجلاً منها ناظرًا نحو البيت بقوة غاضبه ، فـ للإنتقام غشاوة تعمى القلوب ...
غمغم (عبد الله) فى نفسه ...
عبد الله : والله وجه وقت الحساب .... !!
حمل حقيبته واضعًا إياها فوق كتفه وهو ينظر إلى سلاحه الأبيض "السكين" الذى إشتراه للتو فإنتقامه من ذاك الظالم أعمى عينيه وسيطر على كل جوارحه ولم يعد يفكر بشئ آخر ، فقد توقفت حياته عند دخوله السجن بسبب بطش وإفتراء هذا الطاغى المتجبر ...
إتخذ بضعة خطوات دالفًا نحو البيت الكبير ليلاحظ كتلة ما ملقاة بإهمال أمام البيت ....
تقدم نحوها ليجدها سيدة ما ترتدي جلباب منزلي يغطي شعرها الطويل كل ملامح وجهها ....
إقترب منها محاولاً مساعدتها ليجدها نفسها زوجة هذا المتغطرس و التى كان يراها من وقت لآخر عند إيصال زوجها إلى البيت من قبل ....
عبد الله: يا مدام ..... يا مدام ....!!!
لم تتحرك (حوريه) من موضعها مطلقًا ليحاول إفاقتها لكنها كانت غائبة تمامًا عن الوعي ...
كما يبدو على وجهها آثار دماء وبعض التورم ولا يبدو أنها بخير على الإطلاق ...
لطالما شعر (عبد الله) أن زوجته تلك ينبع من عيناها نظرة إنكسار حزينة وأحس بالرفق تجاهها ....
نظر نحوها ثم رفع رأسه بإتجاه البيت متململاً بتردد أيسعفها أم يكمل طريق حريته وإنتقامه ....
ليغلب على قلبه اللين وأصله الطيب لينهض حاملاً حوريه محاولاً إسعافها بسرعة ...
أشار إلى إحدى سيارات الأجرة المارة على الطريق ليتوقف جانبًا ليقترب (عبد الله) من السيارة واضعًا (حوريه) على الأريكة الخلفية للسيارة وأغلق الباب بإحكام ليجلس بالمقعد المجاور للسائق طالبًا منه أن يوصلهم لأقرب مستشفى ....
تحركت السيارة وعيناه مازالت مثبتة على البيت لضياع فرصته للإنتقام لكنه سيعود ....
بالتأكيد سيعود ليصفي حسابه المعلق مع (عماد) فيما بعد ....
رواية بقلم قوت القلوب رشا روميه
_________________________________________
المستشفى....
توقفت السيارة أمام مبنى المستشفى الضخم ليترجل (عبد الله) طالبًا من المعسفين إحضار مقعد متحرك ذوي العجلات لوضع (حوريه) عليه ...
ليتسابق المسعفون فى سرعة لتلبيه طلب (عبد الله) ...
تم دفع المقعد من قبل أحد المسعفين إلى داخل غرفة الطوارئ ليلحق بهم (عبد الله) ليظن الجميع أنها زوجته ...
لم يستطع (عبد الله) تركها بمفردها بهذه الحالة مضطرًا ليبقى مؤجلاً لقاءه مع (عماد) لوقت آخر ....
طلب منه موظف الإستعلامات بيانات (حوريه) ليحاول (عبد الله) تذكر إسمها الغائب عن ذهنه تمامًا ليبلغهم بما حدث ويعطيهم بياناته مؤقتًا حتى يستطيع إحضار هويتها .....
جلس بضيق يطقطق بأصابعه على فرصته المهدورة فقد كان قاب قوسين من تحقيق غايته وشفاء روحه لكن ظهرت له (حوريه) من العدم ...
عبد الله متمتمًا : هى شكلها غلبانة وطيبة غير جوزها خالص .... ملهاش ذنب إنى أسيبها تعبانة كدة .... بس أكيد راجع له .... مش أنا إللى أسيب حقي منك يا (عماد) ... مسيري راجع لك ...
تقدم منه أحد الأطباء محدثًا إياه بتجهم ...
الدكتور: كنت محتاج توقيعك هنا ....
عبد الله: توقيعي أنا ...!!! على إيه ..؟!!
الدكتور: المدام حصل لها إنفجار فى الزائدة الدودية ولازم نعمل لها عملية إستئصال حالاً وإلا حالتها تبقى فى خطر ... ودة إخطار بالموافقة على إجراء العملية ... إنتوا إتأخرتوا أوى ...
(عبد الله) حرك رأسه بالموافقة على الفور فهذا الأمر لا يمكن تأخيره حتى لو لم يكن مسؤلاً عنها إلا أنها يجب أن تخضع لهذه الجراحة العاجلة على الفور ....
ليوقع الإقرار بذلك حرصًا على حياتها مضطرًا للبقاء معها بالمستشفى فهو يدرك أنها وحيدة مثله بالغربة بعيدًا عن أهلها فهو لن يبلغ ذلك الوحش بما أصاب زوجته فيبدو على ملامحها وآثار الدماء أن طغيانه قد أصابها هى أيضًا ....
عبد الله: راجع لك يا (عماد) ... بس بعد ما أطمن على المسكينة دى ... ودى أكيد حاجة متعرفهاش إسمها شهامة ....
إنتظر (عبد الله) حتى تخرج (حوريه) من غرفة العمليات ويطمئن عليها أولاً فلو أن زوجها يهتم كان ساعدها بالأساس وإصطحبها إلى المستشفى قبل أن تصل حالتها لهذه الدرجة الخطيرة ...
___________________________________________
بيت معروف ...
تجمع أهل الأسرتين ببيت (معروف) بالموعد المحدد لهم ....
نظر (معروف) بإتجاه (طارق) ووالدته مرحبًا بهم بحفاوة ...
معروف: شرفتونا يا جماعة والله ...
طارق: ربنا يبارك فيك يا عمي ... أظن إحنا إتفقنا على كل حاجة إن شاء الله عشان الخطوبة ...
جيهان: مظبوط يا (طارق) .. لكن باقي نشوف حتعزموا مين فى الخطوبة ... مش أى حد يدخل بيت (معروف حسان) ...!!
(طارق) بثقة متحليًا ببعض الضيق من تعالى (والدة هايدى) بهذه الصورة ..
طارق : إتاكدي يا طنط إن إللي نعرفهم مش أى حد .. لأن إحنا مش قليلين طبعًا ...
جيهان: أكيد طبعًا انت فهمت إيه ... ؟! أنا قصدي بس نعرف المدعوين من ناحيتكم .. ولا إيه يا (معروف) ...؟!
نظرت (جيهان) نحو (معروف) لتحثه على التصرف وتصليح الأمر حتى لا تتسبب بأى مشكلة مع (طارق) الآن وتفسد هذه الزيجة ...
معروف بإرتباك: أه طبعا يا (طارق) يا إبنى ... إحنا فاهمين طبعًا إن ضيوفك أحسن ناس ... أمال إيه ...
طارق بإقتضاب: مفهوم مفهوم ... بإذن الله بعد بكرة فى المعاد حروح لـ(هايدى) بالعربية ...
معروف: على خيرة الله ... نقرأ الفاتحة بقى وإحنا متجمعين كلنا كدة ...
إرتفعت أيديهم جميعًا لقراءة الفاتحة بصمت لترتسم إبتسامة خفيفة على محيا (هايدى) ووالدتها و(أم طارق) وإبنتها (هدى) بينما أكمل (طارق) و(معروف) و(زوج هدى) قراءة الفاتحة بجديه تامة ليبارك الجميع للعروسين بعدها مباشرة ليعلن إرتباطهما رسميا الآن ...
رواية بقلم قوت القلوب رشا روميه
__________________________________________
بعد إنتهاء ليل طويل ليأتى الصباح برياحه الباردة وأجواءه الملبدة بالغيوم كنفوس أصحابها ...
توارت الشمس خلف السحب لتخفى أشعتها الحارة مثلما أخفوا حرقة مشاعرهم داخل قلوبهم لتغيم على ملامحهم الجمود والإنطفاء كالأجواء المحيطه بهم ....
فى الجامعة .....
هايدى: خطوبتي بكرة يا بنات متتأخروش بقى مستنياكم كلكم ....
رقيه: ألف مبروك يا (هايدى) .... قريتوا الفاتحة خلاص ...؟!!!
هايدى: أيوة .... بكرة الخطوبة عندنا فى البيت .... عاملة حفله كبيرة لازم كلكم تحضروا ...
نظرت (هاجر) نحو صديقتها أولاً قبل أن تتفوه بكلمة لتلاحظ محاولة (رحمه) فى السيطرة على جمود ملامحها وكأنها لم تتأثر لهذا الخبر لتعيد نظرتها نحو (هايدى) محاولة رسم إبتسامة مصطنعة على وجهها وهى تبارك لها ...
هاجر: مبروك يا (هايدى) .... حددتوا الخطوبة بسرعة أوى ...؟!
هايدى بغرور: وهو مين ده إللى يعرف (هايدى) ويقدر يبعد عنها .... ميقدرش يا بنتي .... مش أنا إللي يعرفني ويستحمل بُعده عني ...
هاجر: ربنا يسعدكم ....
لأكثر من مرة حاولت (رحمه) التفوه بأى كلمة لكن كل الكلمات تتحشرج بحلقها دون قدرتها على النطق بحرف واحد .....
لكم كانت تلك الكلمات صعبة عليها لكنها تمالكت نفسها لتسيطر على إنفعالاتها وحزنها متحلية بقوة زائفة وهى توجه كلماتها نحو (هايدى) المنتظره بترقب كلمات (رحمه) ...
رحمه: مبروك يا (هايدى) ..
هايدى: ياااه .... أخيرًا ... كنت فاكرة إنك مش حتقدرى تقوليهالي أبدًا ...!!!
رحمه : ليه يعني .....؟! انا مش قليلة الذوق ....
هايدى باستهزاء : حتحضري حفلة الخطوبة طبعًا .... أوف .... نسيت صحيح ... إنك بتشتغلي بالليل ...!!
رحمه: بالضبط كدة .... للأسف عندي شغل .. معنديش وقت للحفلات ... بعد إذنكم ....
لم تكن تلك المواجهة بسيطة على (رحمه) التى حاولت بكل قوتها ألا تظهر ضعفها وحزنها أمام أعين (هايدى) الشامته ، ويجب عليها الإبتعاد الآن قائله لنفسها "فى النهاية لست أنا من إختارها"....
فضلت (رحمه) الهرب من هذا التجمع بعذر الذهاب إلى المحاضرة فضلاً عن بقائها مع تلك المتنمرة الحاقدة .....
لا تعلم سبب لتحدى (هايدى) لها طوال الوقت فلولا أن هذا هو تعامل (هايدى) معها منذ أن عرفتها لظنت أنها تعلم بعشقها المتيم لـ(طارق) وتتشمت بها ... لكن هذه طبيعة تعامل (هايدى) معها بدون سبب منذ بداية معرفتهم ببعضهما البعض ...
لحقت (هاجر) بصديقتها لتتجها نحو المدرج لتشد على كف صديقتها مؤازرة إياها لتشعرها أنها إلى جوارها وتعلم تمامًا هذا الصراع بداخلها حتى تظهر بهذا التماسك وعدم الإهتمام ....
___________________________________________
علاء....
وصل (علاء) هو وفريقه إلى أرض الوطن بعدما أدوا عملهم على أكمل وجه بمرافقة الوزير برحلته إلى فرنسا ليعود بموكبه إلى مقر سكنه ليحدد (علاء) أفراد الحراسة بهذا الوقت تاركًا إياهم تحت ملاحظة الضابط (أحمد) ليسرع بمقابلة أخيه (سامر) على الفور فلم يستطع الصبر والإنتظار أكثر من ذلك ...
___________________________________________
سامر....
أغمض عيناه بقوة محاولاً بث روح النشاط بداخله وهو ينظر نحو السماء الملبدة بالغيوم فى هذا الصباح الشتوى البارد ....
شعر بإنقباض قلبه وضيق روحه منذ إستيقاظه هذا الصباح لا يدرك لهما سببًا واضحًا ، ليرجع ذلك لإيحاء الغيوم بحالة من القتامه والحزن لغياب ضوء الشمس المبهج ....
على الرغم من حبه لفصل الشتاء الممطر وأجواءه الباردة إلا أنه اليوم يخيم عليه الحزن وضيق النفس ....
توجه نحو مكتبه ليبدأ عمله محاولاً تناسي هذا الإحساس بالإنقباض وأن هناك شعور سئ يجتاحه وأن مكروه ما سيحدث ليستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وظنونه التى تبث فى روحه الحزن ....
طارق: صباح الخير يا (سامر) ....
سامر بإقتضاب: صباح الخير ...
طارق متسائلاً: مالك ... حاجة مضايقاك ..؟!!
سامر: لا أبدًا .... حاسس بخنقة كدة .... يمكن عشان الجو مقفول شوية ...
طارق: مين دة إللى بيتكلم ... محب الشتاء بيقول الجو مقفول ... ما أنت طول عمرك بتقول بتحب الغيوم والمطر ...!!!
سامر: مش عارف .... من ساعة ما قمت من النوم حاسس نفسى مخنوق وقلبي مقبوض كدة ...
طارق: بلاش تشاؤم على الصبح الله يكرمك .... دة أنا خطوبتي بكرة ....
سامر: أه صحيح .... مبروك مقدمًا يا باشا ...
طارق: أيوة كدة .... بلاش غم وحياة والديك ...
سامر بإبتسامة زائفة : حاضر ...
طرق باب المكتب ليدلف (علاء) بلهفه مقابلاً (سامر) و(طارق) قاطعًا حديثهم ....
علاء: إزيكوا .... ها إيه الأخبار .. ؟!!
طارق متعجبًا : إيه دة ... وكالة من غير بواب ... هو يعني عشان أخوك فى المكتب ....؟!
علاء: (طارق) ... أصبر كدة الله لا يسيئك ....
طارق : أمممم .... شكل الموضوع مهم ... طيب أروح أنا أقابل اللواء (عاطف) وإنتوا شوفوا حتقولوا إيه ... سلام ...
علاء: سلام ...
طارق: أه صحيح ... متنساش بكرة حفلة خطوبتي لازم تحضر ...
علاء: حاضر حاضر ... مبروك ... روح بقى ...
تمتم (طارق) بمزاح وهو يخرج من المكتب محاولاً تقليل التوتر الذى يشعر به الأخوان (سامر) و(علاء) هذا الصباح ...
طارق: دة إيه الراجل الغريب دة بيكرشني من مكتبي على الصبح ....
(علاء) وهو يستند بكفيه فوق مكتب (سامر) بتوتر لا يطيق الإنتظار لأكثر من ذلك ...
علاء: رد عليا بقى .... إيه وصلت للعنوان ...؟!!
أشفق (سامر) على أخيه فما سيبلغه به الآن لن يريحه على الإطلاق بل سيزيد من إحباطه وحزنه هو الآخر ... كم يود لو أنه يجد (أميمه) ويكون سببًا فى سعادة أخيه ويحقق له ما لم يقدر هو على تحقيقه لنفسه ولقاءه بمحبوبته وإجتماعهما سويًا ...
تهرب (سامر) من نظرات (علاء) المحدقة بوجهه كاشفًا لكل ما يخبئه عنه وكأن عيناه الثاقبتان إستطاعا إدراك ما بداخله ونفاذه بشفافية إلى مكنونات نفسه ....
علاء: ملقتهاش ... صح ... ؟؟!
إرتمى (علاء) على المقعد المقابل لمكتب (سامر) ليهم (سامر) بالتوضيح لأخيه المثقل بصراع نفسه لضياعها من بين يديه ...
سامر: مطلعش رقمها يا (علاء) .... مش رقم (أميمه) أصلاً ...مش هي ....
علاء بيأس: مش رقمها .... إزاى .... دى هي الوحيدة إللى بتفتكر اليوم دة .... أكيد هي ...
سامر: لأ يا (علاء) ... دة رقم (هند) بنت خالتك ....
وقف (علاء) بضيق فقد بائت كل أحلامه بلقائها بالضياع .. أوهام رسمها بخياله فقط وهى مازالت مستحيلة الوصول ...
علاء بإحباط: (هند) ...!!! عايزة إيه مني الست زفته دى .... تعبت .... كنت فاكر إنى خلاص ... وصلت لها ... أتاريني لسه بعيد .... بعيد أوى ...
(سامر) محاولاً تخفيف وطأة الضغط على أخيه ...
سامر: إن شاء الله حتلاقيها وتتجمعوا تاني ... خلى أملك فى الله كبير ...
علاء بألم: ياااارب ...
___________________________________________
فى المستشفى بالإمارات..
إنتهت العملية الجراحية لـ(حوريه) ليطمئن الطبيب (عبد الله) عن حالتها ....
الدكتور: الحمد لله ربنا ستر وقدرنا نلحقها على آخر وقت قبل ما تنفجر فعلاً ...
عبد الله: الحمد لله ... وحالتها إيه يا دكتور ...؟!!
الدكتور: هى لسه تحت تأثير المخدر حتدخل غرفة الإفاقة وبعدها تتنقل غرفة عادية ... إطمن خالص الحالة مستقرة ..
عبد الله: شكرًا يا دكتور ...
إتقدت بذهن (عبد الله) فكرة طائشة بعودته إلى بيت (عماد) لينهى ما قد أتى إليه من الأساس مستغلاً فترة إفاقة (حوريه) ...
أسرع راكضًا من المستشفى مستقلاً إحدى سيارات الأجرة طالبًا منه الإسراع للحاق بالوصول إلى شخص ما ...
تحفز (عبد الله) لملاقاة (عماد) أخيرًا ترجل من السيارة متقدمًا نحو البيت الذى مازال على وضعه منذ تركه حاملاً (حوريه) إلى المشفى ....
تعجب (عبد الله) فالبوابة مفتوحة على عكس عادتهم التى يعرفها جيدًا عن (عماد) فهو لا يترك الباب مفتوحًا قط ....
زاد تعجبه وصول إحدى السيارات التابعه لشركته متوقفاً أمام المنزل ليترجل السائق ناظراً نحو (عبد الله) المتقدم نحو المنزل بخطوات حذره ...
للحظة تذكر (عبد الله) نفسه ببداية عمله مع (عماد) فهذا الشخص مغترب هو الآخر وربما يعاد معه ما فعله (عماد) به ، ولم لا فهو إنسان معدوم الضمير نرجسي لا يهمه سوى نفسه فقط ....
السائق: إنت مين ..؟!!
عبد الله: أنا كنت جاي أقابل (عماد) بيه ضروري ....
السائق: أيوة أيوة ....أنا (شريف) سواق (عماد) بيه قالي أجي له الصبح بدري على الشركة عشان أوصله المطار بس لما رحت هناك قالولي أجي هنا لأنه إتأخر ولسه مطلعش من البيت .... عمومًا حتلاقيه طالع دلوقتي من البيت ... أقف إستناه معايا ...
عبد الله بتساؤل : بس الباب مفتوح ... يكون خرج أو حاجة ....؟؟!
السائق: مش عارف والله بس البيه منبه عليا مدخُلش أبدًا ....
عبد الله: طيب نستنى شوية يمكن ينزل ....
قلق (عبد الله) من هذا الوضع أيمكن أن يكون قد لحق به وبزوجته إلى المستشفى تاركًا الباب مفتوح ... ولم لا فهي زوجته فى النهاية ... ربما قلق عليها أو تتبعها ....
__________________________________________
حوريه.....
فتحت عيناها بوهن وهي تستكشف المكان من حولها ...
إرتجفت خوفًا أين هى الآن ؟!! .... وماذا حدث لها ، الآم تجتاح رأسها من ضربات (عماد) القاسية لتتذكر بذعر ...
حوريه : (عماد)...!!! أنا كنت بهرب من (عماد) ... إيه إللى جابني هنا ....؟!!
إقتربت منها إحدى الممرضات تتحدث بلكنه شامية ...
لتنتفض (حوريه) من قربها منها محاولة الإبتعاد عنها بخوف تملكها ....
الممرضه: الحمد لله على سلامتك ... كيفك الحين ... بدك شي ... ؟!!
حركت (حوريه) رأسها نفيًا بخوف لتهمس متسائلة بقلق ...
حوريه: أنا فين ...؟!
الممرضه: إنتِ بالمستشفى .... والله كنتي بتموتين الزايدة كانت بتنفجر لولا ستر الله ....
حوريه: الزايدة..... و ... ااا ..... أنا جيت هنا إزاى .... مين إللى جابني .....؟!!
الممرضه: زوجك .... جابك لهون ولما تطمن عليكِ فل ....
تيبست كل أطرافها من شدة الخوف عندما علمت أن من أحضرها إلى المستشفى هو زوجها .....
غمغمت حوريه لنفسها : جوزي .... معقول ... يعني (عماد) وصل لي وجابني هنا .... يعني ممكن يرجع ويخلص عليا زى ما قال ... أنا لازم أهرب منه ... لازم ...
حاولت حوريه أن تنهض لكن موضع الجراحة آلمها للغاية أثناء نهوضها لتدفعها الممرضه برفق إلى الخلف لإعادتها إلى موضعها على السرير بتحذير ...
الممرضه: شوي شوي .... لوين بدك تروحين .... بعدك مجروحة ما بيصير .....
حوريه بألم: فعلاً مجروحة .... مجروحة أوى.....!!!
الممرضه: بزيد لك المسكن بلكي تنامين شوى بتتحسنين لين ما بيرجع زوجك ...
(حوريه) وقد بدأ يؤثر بها المسكن لتدور رأسها مرة أخرى مستسلمه لنعاسه القوى راضخة لما سيحدث لها من (عماد) فقد فقدت كل قوتها وبقيت تحت سيطرته الآن .....
____________________________________________
علاء...
إبتعد (علاء) كثيراً ليختلي بنفسه بعيدًا عن الجميع ليقف بسيارته بمنطقة خاوية صارخًا بكل قوته فشوق خمس سنوات تحضر بقلبه منذ وصوله تلك الرسالة المزيفة التى ظن أنها منها ....
تعلق بأمل واهي برؤيتها وضمها إليه فكم إشتاق لها ولوجودها بحياته ورائحتها العطرة ...
سقطت كل آماله أرضًا ، تحطمت كل قواه بلحظة فقد إنتظرها ولم يصل إليها .....
لم يجد سوى الهاتف يفرغ به غضبه ليتصل بـ(هند) على الفور ....
لم تصدق (هند) عيناها حين رأت (علاء) يتصل بها على رقمها الأصلي لتنهض من نومتها بسعادة ممسكة بالهاتف الذى وضعته على أذنها قبل أن ترقص ملامحها فرحًا بسماعها لصوته الشجي .....
هند: (علاااء).... إزيك ...؟!
علاء بغضب: إنتِ عايزة مني إيه ؟؟!.... إبعدي عني بقى .... بتتصلي بيا ليه ... بتبعتيلي رسايل ليييييه .....
أدركت (هند) أنه قد عرف أنها هي من أرسلت تلك الرسالة له ....
هند: ليه ...!! مش عارف ليه .... عشان بحبك يا (علاء) .... عشان أنا إللى فاكرة كل تفاصيلك يا (علاء) ....
علاء: وأنا مش عايز الحب دة .... أنا مش بحبك يا (هند) ولا عمري ححبك ولا ححب غيرك .... أنا قلبي مفيهوش غير (أميمه).... (أميمه) وبس ...
هند بغضب: (أميمه)... وهى فين (أميمه) .... (أميمه) راحت خلاص ... (أميمه) سابتك وهربت .... زمانها مرمية فى حضن غيرك وأنت لسه عايش فى الوهم .... فوق بقى يا (علاء) وشوف مين إللى بيحبك وشاريك بجد .... إنت فاكر إنك لو لقيتها حتلاقيها قاعدة مستنياك عايشه فى ذكريات الماضي .... إنت بس إللي حابس نفسك فيها .... فوق يا (علاء) بقى فوق ...
رواية بقلم قوت القلوب رشا روميه
ضغطت بكل قوتها على جرحه المفتوح ، أفكار سوداء كان دومًا يبعدها عن تفكيره بقوة فهو لن يتخيل (أميمه) مع غيره أبدًا .... (أميمه) أحبته هو مالك قلبها لن تتنازل بسهولة عن حبها هو يدرك ذلك جيدًا ... لكن ماذا لو نسيته بالفعل؟؟ ....
أفكار سوداء كان يبعدها عن تفكيره بقوة فهو لن يتخيلها مع غيره أبدًا ....
إنها أحبته هو ... مالك قلبها لن تتنازل بسهولة عن حبها هو يدرك ذلك جيدًا ... لكن ماذا لو نسيته بالفعل؟؟ ....
ماذا لو أصبحت لغيره الآن ....
( لاااااااااا ....)
لا يقدر تخيل ذلك ، فهذا القوى الذى لا يخشى شيئًا تسقطه هذه الفكرة فى غياهب المجهول ....
تطيح به تمامًا ...
تهشم كل قلاعه وتغرقه دون منقذ ....
أغلق مكالمته مع (هند) بدون أى رد على هجومها المستفز ليلقى بالهاتف أرضًا محطمًا إياه ليستند بإنهيار فوق مقدمة سيارته متمتمًا بعشق ...
علاء: لا يا (أميمه)... أوعي تعملي فيا كدة ... أنا غلطت وإتسرعت بس محبتش غيرك .... ولا ححب غيرك ... كفاية بُعد بقى ... قتلتيني بغيابك ....
__________________________________________
حوريه....
إستلقت بألم فوق سرير المستشفى تغفو لدقائق ثم تعى لدقائق أخري فمازال أثر ذلك المخدر يؤثر بها ....
إنتبهت بفزع على صوت الباب يفتح عنوة بقسوة شعرت بها قبل أن ترى هذا المُقدم نحوها ....
اتسعت عيناها الفزعتان برؤيته وهو يقترب نحوها بتلك العينان السوداوتين المقتضبتان نحوها بشرر ....
همست بخوف: (عماد)...!!
عماد: أيوة (عماد)... كنتِ فاكرة إنك حتهربي مني .... قلت لك أنا آخد روحك الأول ....
حوريه ببكاء : (عماد) الله يخليك ... سيبني ... سيبني يا (عماد)...
عماد بحده: حسيبك ... بس مش دلوقتِ ... لما آخد روحك الأول زى ما طلعتي روحي ....
أطبق (عماد) يداه القويتين فوق عنق (حوريه) محاولاً خنقها وزهق روحها على يديه ...
ألم رهيب تشعر به وقد ضاق تنفسها وهي تحاول التحرر من يديه المطبقتان على مجرى تنفسها لكن قوته أكبر بكثير منها ...
حاولت الصراخ بكل ما أوتيت من قوة لكنها لم تستطع فقد شعرت بإنهيار قواها بتلك اللحظة وهى ترى عيناه التى إتسعتا بملامح الفرحة والإبتسامة وهى تنازع الموت بين يديه ...
أغمضت عيناها بإستسلام فقد حانت نهايتها لتفتح عيناها فجأة ثم .......
الفصل الرابع عشر14
فتاة العسل... »
حوريه...
أطبق (عماد) يداه القويتين فوق عنق (حوريه) محاولاً خنقها وزهق روحها على يديه ...
ألم رهيب تشعر به وقد ضاق تنفسها وهي تحاول التحرر من يديه المطبقتان على مجرى تنفسها لكن قوته أكبر بكثير منها...
حاولت الصراخ بكل ما أوتيت من قوة لكنها لم تستطع فقد شعرت بإنهيار قواها بتلك اللحظة وهى ترى عيناه التى إتسعتا بملامح الفرحة والإبتسامة وهى تنازع الموت بين يديه ...
أغمضت عيناها بإستسلام فقد حانت نهايتها لتفتح عيناها فجأة ثم نظرت حولها ولم تجده ...
رفعت جسدها وهى تتلفت باحثة عن (عماد) وهى تتحس أثر يده القوية فوق عنقها وسط تسارع أنفاسها لتدرك أن ما مرت به ما هو إلا حلم مخيف ....
حوريه: أستغفر الله العظيم ... كابوس .... كابوس .... الحمد لله ...
ثم رددت بخوف: بس هو لو جه فعلاً حيموتي ... أنا عارفة ... ومش قادرة أمشي .... حلها من عندك يا رب ... يااااااااا رب .
__________________________________________
عبد الله...
إضطرب من هذا الإنتظار الطويل ليحفز (عبد الله) هذا الشاب للدخول إلى البيت للتأكد من أن (عماد) مازال بالداخل ، فربما لحقهم إلى المستشفى فيتوجب عليه الذهاب إليه للقاءه المنتظر ....
عبد الله:(شريف)... بقولك إيه .... ما تدخل تطمن كدة ... أنا أصلي مستعجل وعايز أمشي ....
السائق : أحسن يقول كلمتين ملهمش لازمه وهو لسانه طويل ....
عبد الله بأسى : عارف ... عارف ... بس أهو تتأكد بدل واقفتك دى ....
السائق بقلة حيلة : الأمر لله ....
تقدم السائق نحو البيت ليدلف إلى الداخل ، يغيب عن نظر (عبد الله) لثوانٍ قليلة ليخرج إليه بوجه شاحب مذعورا ، يركض بإتجاه (عبد الله) الذى تحفز بقلق لرؤيته يخرج بهذا الشكل المفزع ....
عبد الله: فيه إيه ...؟!!
السائق: إلحق ... يا نهار أسود ... يا نهار أسود ....
عبد الله: وحد الله .... إيه إللى حصل بس .... زعق لك ولا إيه ...؟!!
السائق: (عماد) بيه .... ااااا....اااااا..
أخذ يشير بارتجاف نحو البيت مما يدل على حدث عظيم بالداخل ، أثار ذلك قلق (عبد الله) ليحثه على الحديث عما رآه وسبب له تلك الفزعة ...
عبد الله: إيه إللي حصل له ...؟؟!
السائق: تعالى ... تعالى ...
لم يجد (عبد الله) بُد من أن يدلف إلى الداخل مع السائق لتفقد (عماد) وما حدث له بالداخل .....
تقدم السائق الطريق ليحجب الرؤية عن عينا (عبد الله) حين إستدار إليه فزعًا يفغر فاه بقوة ....
السائق: شوف ....!!!
تحرك السائق إلى اليمين قليلاً ليظهر (عماد) ملقى على الأرض غارقًا فى بركة من الدماء ، عيناه مفتوحتان مثبتتان يبدو أنه قد فارق الحياة ...
صُدم (عبد الله) لرؤيته فما زال للموت رهبة حتى مع العدو ....
عبد الله: لا حول ولا قوة إلا بالله .... إنا لله وإنا إليه راجعون ....
تقدم خطوتين حتى أصبح إلى جوار (عماد) ليغلق عيناه الجاحظتان وهو يهمس ....
عبد الله: فين قوتك دلوقتِ إللي كنت بتتباهى بيها .... سبحان الله .... حقيقي ربنا هو المنتقم ..... إنت دلوقتِ فى دار الحق ... والله وكيلي وحسبي على إللي عملته فيا وظُلمك ليا ....
إستقام (عبد الله) وهو ينظر بعدم تصديق نحو السائق قائلاً ...
عبد الله: إتصل بالشرطة تيجي ضروري ...
السائق: أه .... أه طبعًا .... لازم أتصل بالشرطة ....
أبلغ السائق عما حدث لـ(عماد) لتطلب منه الشرطة البقاء لحين حضورهم والذى لم يلبث دقائق قليلة لتعم سيارات الشرطة والإسعاف بباحة المنزل لمعاينة الواقعة والتحقيق فى هذا الحادث ....
وبعد المعاينة وتصوير الحادث بكل تفاصيله تم نقل جثمان (عماد) والتحفظ على كل من السائق و(عبد الله) لإتمام التحقيقات ، أصيب (عبد الله) بحالة من القلق ، فهو حتى بمماته سيلحق به الأذى ...
رواية بقلم قوت القلوب رشا روميه
__________________________________________
تركيا....
أمسكت برشاش الماء لتسقي نبتة الياسمين خاصتها فهى عاشقة للياسمين برقته وعذوبته لتقطع (سيلا) خلوتها بصوتها المميز ...
سيلا: تعرفي إنك شبهها أوى ...!!
اميمه: شبه إيه ...؟!
سيلا: الياسمينة دى ... بحسها شبهك .... رقيقة وهادية زيك ... كمان نفس البرفيوم بتاعك ...
اميمه: كان نفسي بابا يسميني ياسمين من كتر ما بحبه ....
سيلا: عارفة إنتِ فيكِ حاجة كمان واضحة أوى ...!!!
(أميمه) وهى تضيق عيناها بتساؤل عن ذلك الشئ المميز بها ...
اميمه: إيه بقى ....؟!؟
سيلا: أقولك ... إنك مش بتحبي التغيير ... يعنى ثابتة على أكلات بتحبيها .. حاجات بتعمليها .. البرفيوم بتاعك مثلاً ...و...
أميمه وهى تستدير بالكامل وهى تضع كفيها بتعجب فوق خصرها ...
اميمه: وإيه ... كملي ...؟!!
سيلا: وبتحبي نفس إللى بتحبيه مهما إتظاهرتي إنك مش بتحبيه ...
إرتبكت (أميمه) من كلمات (سيلا) لتجفل عيناها بإضطراب وهى تستنكر كل ما قالته (سيلا) بتهرب رافضه ذلك قطعًا ....
اميمه: لا طبعًا ... إنتِ ولا تعرفي عني أى حاجة .... أنا بتغير و بنسى وبحب وأكره وبحب التغيير ....
سيلا: إنتِ واضحة وضوح الشمس ... بتضحكي عليا ولا على نفسك ....
اميمه: أنا اتغيرت ... وبتغير ... مش ثابتة على حاجة أبدااااااا .....
(سيلا) ضاغطة على (أميمه) لتعترف بحبها لهذا المجهول صاحب الذكريات وقصة الحب العاشقة بين الحبيبين والتى لا يمكن أن تنتهي هذه النهاية بفراق كل منهما .....
سيلا: بتتغيري وبتحبي التغيير ... هاه .... يعنى ممكن توافقي بـ(ضيا) ....؟!؟
أميمه بتجهم: ماله (ضيا) ...؟!!
سيلا: (ضيا) بيحبك يا (أميمه) إنتِ مش حاسة ولا إيه ...؟!؟
تهزمها (سيلا) للمرة الثانية بصدمتها بالواقع الذى ترفضه تمامًا ، تتهرب منه دومًا دون مصارحة نفسها بهذه الحقيقة الموجعة ....
هى تدرك أن تقرب (ضيا) إليها ليس بدافع الصداقة أو الإخوة لكنها تُكذب نفسها بأنه كذلك ....
اميمه: أنا داخله أشوف (مينو) .... لازم يتغدي دلوقتِ .....
تركتها (أميمه) وقد كشفت لها (سيلا) عن نقاط حاولت أن تتناساها وكأنها غير موجودة بالمرة ....
رواية بقلم قوت القلوب رشا روميه
___________________________________________
نهال ...
لليوم الثالث على التوالي يصل إلى (نهال) باقة الزهور البيضاء لتستشعر رسائل منبعثه إليها بوجود من يساندها ويرسل لها تحيته وأشواقه كل يوم ....
وضعت تلك الباقة الصغيرة إلى جوار الباقتين السابقتين لها والتى تعتني بهم كأطفالها الصغار ....
جلست فوق مقعدها لتشعر بأنها تعيش بحديقة غناء لتتصفح جهاز الحاسوب "اللاب توب" مستكملة إستذكارها إستعدادًا للإختبار المقبل لتغلق الجهاز من وقت لآخر ناظرة من النافذة على عالمها الذى تحبه لمراقبة المارة والسيارات العابرة على الطريق أمامها .....
___________________________________________
فى المساء.....
طوت (رحمه) آخر قطعة بيدها لوضعها على الرف بعناية وهى تنادي (هاجر) لتحثها على الإنتهاء إستعدادًا لنهاية يوم عملهما ليعودوا إلى المنزل ....
رحمه: أنا خلصت ... ها ... قربتي ...؟!
هاجر: خلاص أهو .... يلا بينا ....
رحمه: طيب أنا عايزة أعدي على السوبر ماركت إللي فى آخر الشارع أجيب لماما من عنده عسل نحل أحسن صدرها تعبها أوى من قاعدة الشباك إمبارح والهواء كان شديد ....
هاجر بأسف: يا حبيبتي يا خالتي ... تعبت أوى من بُعد (عبد الله) ....
غمزت (رحمه) تجاه (هاجر) وهى تردف قائله ...
رحمه: مش لوحدها ...
خجلت (هاجر) من تلميح (رحمه) بتأثرها بغياب (عبد الله) ...
هاجر: (رحمه)... متخلينيش أندم إنى قلت لك ...!!!
رحمه ضاحكة : خلاص خلاص ... إيه الكسوف دة كله ... يلا بينا طيب عشان منتأخرش ....
تحركتا نحو السوبر ماركت يتناولون أطراف الحديث لتظهر أمامهم (عمة هاجر) صدفة ...
هاجر بتفاجئ : عمتي !!! .... إزيك ... بتعملى إيه هنا ....؟!
عمة هاجر: كنت جايه لك شوية المحل ... إيه دة أنا إتأخرت ولا إيه .. ؟!.
هاجر: دة إحنا كنا حنجيب حاجة من السوبر ماركت ونروح على طول ....
عمة هاجر: طيب كنت عايزاكِ فى كلمتين يا (هاجر) ....
(هاجر) وهى تدرك سبب هذا اللقاء الذى ليس محض الصدفة فقد أتت اليوم للحديث عن خطوبتها لـ(خالد) التى تؤجلها كلما إستطاعت ...
أدركت (رحمه) ذلك لتفسح لهما المجال بالحديث قائله ...
رحمه: طيب خدوا راحتكم أنا حروح أنا أجيب العسل وأرجع لكم تاني ...
عمة هاجر: وماله حبيبتى براحتك ....
لتنتهز (عمة هاجر) الفرصة بالإلحاح على القيام بخطوبة ولو بسيطة فى القريب وسط رفض (هاجر) التام لكل هذا الضغط المستمر ....
دلفت (رحمه) إلى داخل السوبر ماركت الكبير تبحث عن نوع العسل المناسب لإمكانياتها المادية والمفيد لوالدتها بنفس الوقت لتتمعن فى إختيار الإناء الزجاجي المناسب لها ...
__________________________________________
طارق...
دق هاتفه أثناء عودته إلى البيت ليضع الهاتف على مكبر الصوت أثناء قيادته للسيارة فى طريق عودته ...
طارق: أيوة يا ماما ... أنا جاي فى السكه أهو ....
ام طارق: طيب هاتلي معاك شوية طلبات للبيت من السوبر ماركت وأنت جاي ...
طارق: حاضر ... إبعتيلي كل إللي إنتِ محتاجاه وأنا حجيبه معايا ....
ام طارق: ماشي حبيبي ....
أنهى (طارق) المكالمة لتصله رسالة من والدته بها طلبات المنزل التى طلبت منه إحضارها ليتوقف أمام السوبر ماركت القريب من بيتهم لقضاءها ....
تابعت (هاجر) (طارق) بعينيها دالفًا إلى داخل السوبر ماركت الذى تتواجد به (رحمه) ....
حاولت كثيرًا التهرب من تشبث عمتها بها لأخبار (رحمه) والخروج بها من هذا المكان قبل لقاءها به لكن عمتها لم تيح لها تلك الفرصة أبدًا ، لتقف بتوتر وعيناها معلقتان على باب الخروج فى إنتظار خروج (رحمه) وسط كلمات عمتها التى لا تنتهي ....
بداخل السوبر ماركت....
حمل (طارق) سلة بلاستيكية ليضع بها الطلبات التى تحتاجها والدته عندما دق هاتفه مرة أخرى .....
وضع هاتفه على أذنه يسنده بكتفه وهو ينتقي أحد العلب من فوق الرفوف ....
طارق : أيوة يا ماما .... حالاً أهو .... إيه كمان ... لا .. قولي بالمرة ... أنا لو دخلت البيت مش طالع تاني ... آه .... أيوة ...
أخذت والدته تضيف بعض الأغراض التى تحتاجها لينصت (طارق) لها وهى تعدد الأغراض وتصفها له بإختيار أنواع معينة دون غيرها ....
رحمه...
إستطاعت أخيرًا الوصول لأحد العبوات المناسبة لتحملها بيدها فهى لم تستخدم تلك السلات البلاستيكية الموضوعة ببداية المتجر فهي لن تشتري سوى غرض واحد فقط ....
لكنها فوجئت بصدمة قوية حينما إستدارت فجأه بنفس الوقت الذى إستدار به (طارق) مصطدمًا بـ(رحمه) دون وعى منه أثناء حديثه بالهاتف مع والدته ....
سقط إناء العسل الزجاجي على الأرض ليحطم تمامًا مناثرًا العسل حوله محدثًا بقعة كبيرة تتحرك حول شظايا الزجاج ...
صدمة مزدوجة لـ(رحمه) ما بين قربها ولقائها به وبين صدمتها بتحطيم هذا الإناء الباهظ الثمن بالنسبه إليها وعليها دفعه على الرغم من أنها لن تستخدمه .....
تهربت من رؤيته بجلوسها تلتقط قطع الزجاج المنكسرة فوق الأرضيه لتختلس نظرها إليه وهي ترفع وجهها ببطء نحوه فتري مدى طوله وقوته ذلك الأسمر الجذاب لتلقى بنظرات يملؤها اللوم والعتاب دون التفوه بكلمه فقط لمعه عيناها الحزينة ....
طارق....
لم ينتبه لإصطدامه بها ليلتفت إليها تاركًا هاتفه وسلته على الأرض وهو يتأسف لما فعله ....
طارق: آسف فعلاً ماخدتش بالي والله ....
بصمت تام ودون رد سوى بتلك النظرة المعاتبة من تلك الفتاة ذات العيون الساحرة ....
إنتفض من داخله لهذه النظرة الحزينة التى تعلو عيناها وهى تنظر له أثناء لملمتها لقطع الزجاج المكسور ...
إضطربت نفسه فجأه أعاد ذلك لإرتباك الموقف ليس إلا ، لينحني بالقرب من (رحمه) ينهيها عن فعل ذلك ....
طارق: حتتعوري كدة .... سيبيه من إيدك الإزاز إتكسر ....
رحمه بهمس: هو فعلاً إنكسر ....
هام (طارق) بهمستها الحزينة وهو ينظر نحو عينيها بتمعن بلحظات من الثبات بينهم لتطبق عيناها بسرعة قبل أن تتساقط دمعتها الحزينة .... لكنها بقربه .... كانت تتمنى أن تكون بقربه ، وها هي الآن لا يفصل بينهما إلا سنتيمترات قليلة .....
قطع شرودهما الصامت صوت عامل السوبر ماركت ....
العامل: بعد إذنك يا آنسه .... إحنا حنضف دة ... سيبيه من إيدك ....
تركته (رحمه) بآليه ومازالت عيناها معلقتان بعينا طارق الذى شعر بأن هذه الفتاة بها شئ غريب للغاية ....
توجهت نحو موظف السوبر ماركت وهي تخرج المال من حقيبتها لتدفع ثمن إناء العسل الذى لن تأخذه وترحل حين أسرع (طارق) واضعًا يده فوق المال رافضًا أن تدفعه ...
طارق: أنا السبب ... أنا إللى حدفعه .... شيلي فلوسك ....
لم ترد (رحمه) سوى بنظرات معاتبة أخرى ، ليخرج (طارق) مبلغ من المال ليدفع ثمن مشترياته بالإضافة إلى ثمن العسل المسكوب ....
نكست (رحمه) رأسها بحزن لتخرج من السوبر ماركت بتجهم ممسكة بالنقود بقبضتها لتتجه نحو (هاجر) بآليه لتستأذن (هاجر) من عمتها لتسير إلى جوار (رحمه) بطريقهم إلى البيت ....
حمل (طارق) أغراضه واضعًا إياها بالسيارة ومازالت (رحمه) بعتابها الصامت تشغل عقله
ولا تستطيع صورتها المعاتبة أن تغيب عن عيناه ....
هاجر: إنتِ شوفتيه ....؟!!
رحمه: أيوة ....!!
هاجر: قالك حاجة .... قولتيله حاجة ...؟!!
رحمه بإقتضاب : لأ ... ولا حاجة .... إتكسر برطمان العسل وهو دفع تمنه عشان هو اللي خبطني ....
هاجر: بس كدة ...؟!!
رحمه: أيوة ... بس كدة ...!!
هاجر: ودة يعمل فيكِ كدة ....
رحمه: متشغليش بالك .... يلا نروح ...
___________________________________________
الإمارات...
مركز الشرطه...
توالت الأسئلة من الضابط لـ(عبد الله) ورفيقه عن وجودهم بهذا الوقت ببيت (عماد) لإستكمال التحقيقات ومعرفة إذا كان هناك أى شبهة جنائية فى وفاة (عماد العشماوي) بهذه الصورة ....
الضابط: وين زوجته الحين يا (عبد الله) ...؟!!
عبد الله: بعد ما لقيتها مغمى عليها وتعبانه بالصورة دى وصلتها المستشفى ولما رجعت لقيته زى ما حضرتك شفت حتى الأخ (شريف) كان معايا وشايف بنفسه ...
الضابط: وشنو السبب إللى رجعك ؟؟!
عبد الله: عشان .. اا .. أبلغه أن زوجته تعبانه وعملت عملية ....
الضابط: مفهوم مفهوم .... من أقوالكم وتقرير الطبيب الشرعي إللي معي أقرر بصورة مبدئية انه حادث ...
عبد الله: حادث !!! ... يعنى مش شبهة جنائية الحمد لله ...
الضابط: الظاهر ان (عماد) كان مستعجل شوى وما درى بالزيت يالى كان واقع على السلم الرخام فإتزحلق ورأسه تخبطت وإنجرحت من سقوطه كل ها السلالم ونزف حتى توفى رحمة الله عليه ... ما لحقه المسعفون ...
همس عبد الله بإرتياح: الحمد لله...
شعر (عبد الله) بالراحة وستر الله له فلولا وجود السائق بهذا الوقت لربما إتُهم بقتل (عماد) .. وأن ذهابه مع زوجته أبعد عنه شبهة القتل التى ربما كان قضى بقيه عمره بالسجن بسببها ....
أثار بقية حديث الضابط له الشك والريبة حيث أردف قائلاً ...
الضابط: كان لازم نتأكد من أقوالكم للي صار لأن المستفيد الوحيد لموت (عماد) هو زوجته السيدة (حوريه) ...
عبد الله بإندهاش: المستفيد الوحيد ... إزاى دة ...؟؟!
الضابط: الأستاذ (عماد) رحمة الله عليه كان مسجل كِل أملاكه بإسم زوجته حتى الحسابات البنكيه كِلها بإسمها وكان له التوكيل والوصاية بالإدارة ... ظني أنه منشان يتهرب من الضرائب ... وبكدة تكون زوجته هى المستفيدة لكل أمواله بعد وفاته ....
عبد الله بتجهم: أيوة .. أيوة ... هو خلاص كدة ولا حضرتك عايزنا فى حاجة تاني ....
الضابط: لا ... خلاص ... تفضلوا أنتم ...
إنتهى التحقيق مع (عبد الله) ليغادر مركز الشرطة وقد أصاب الشك قلبه أيمكن أن تكون هي من قتلته ، فمن الواضح أنها كانت تركض مسرعة كالمذعورة من شئ ما لكن فقدت وعيها بعد ذلك ...
أطمعت بماله فقتلته وهربت وهو من ساعدها على ذلك ...
رواية بقلم قوت القلوب رشا روميه
لينتبه (عبد الله) لنفسه مؤنبًا إياها على تلك الأفكار ....
عبد الله: وأنا يعني زعلان عليه وعايز أجيب له حقه ... مش هو دة الظالم إللي كنت رايح أنتقم منه ، لكن الإنتقام جه من المنتقم الجبار ، مش فارق هو مات لوحده ولا هى قتلته ، المهم إن ربنا نجاني من كل دة لما ساعدتها ... ألف حمد وشكر ليك يا رب .... ألف حمد وشكر ليك يا رب ...
إنصرف (عبد الله) متجهًا نحو المستشفى التى توجد بها (حوريه) ليتأكد أنه ليس
لديها علاقة بموت زوجها وربما ليشكرها فلولا أنه بقى معها بالمستشفى لكان من
الممكن إتهامه بقتل (عماد) ودفعه من فوق السلم .....
__________________________________________
بيت رحمه......
ليله ممطرة زادت رياحها الباردة من قسوتها بعد نهار ملبد بالغيوم ...
جلست تنظر من النافذة متنفسها الوحيد فى إنتظار عودة الغائب ....
عاد (إبراهيم) والد رحمه من صلاه العشاء ليجدها جالسة نفس جلستها التى أتعبتها وأمرضتها .. تحملت هذا البرد القارس لربما تكحل عيناها برؤيته عائدًا فلا يؤلم القلب سوى فراق الإبن ...
ابراهيم: الوقت إتأخر ... الدنيا برد عليكِ .... إدخلي إرتاحي بقى وإتدفي شوية ...
ام رحمه: يمكن ييجي يا (إبراهيم) .... يمكن ييجي ....!!؟
ابراهيم: وهو لو جه وإنتِ تعبانه كدة حيبقي مبسوط يعني .... ولا قعدتك فى الشباك هى إللى حترجعه ....
ام رحمه: من وجع قلبي على غيابه نفسي أشوفه هالل عليا ويطمن قلبي عليه .... يا ريته ما سافر ....
ابراهيم: كل واحد بياخد نصيبه ...
أنهى جملته بهدوء ليثني زوجته عن جلستها بهذا البرد القارس بإظهار قوة تحمل مواريًا كسرته التى يشعر بها بداخله لفراق ولده (عبد الله) ....
أغلقت (أم رحمه) النافذة وهى ترى (رحمه) عائدة بصحبة (هاجر) من عملها بالمعرض لتستند على كف زوجها الممدودة لها طالبًا منها الإبتعاد عن النافذة ....
تحركت بضع خطوات ومازالت عيناها متعلقتان بزجاج النافذة فربما ترى طيف ولدها مقتربًا من البيت ...
جلست على الأريكة وهى تدثر قدميها ببطانية تدفئ بها جسدها المرتجف من البرد فهى لم تشعر بالبرودة إلا عندما إنتبهت لها ...
دلفت (رحمه) ترتدى قناع الرضا والإبتسامة تشق وجهها الصغير فلن تزيد إرهاق قلوبهم بفراق (عبد الله) بكونها حزينه لأى سبب ، حتى إذا كان أمرًا هينًا فيكفيهما ما فيه ...
رحمه بمزاح : إزيكووووا ....
ابراهيم: اتأخرتي ليه يا بنتي الجو تلج بره ..؟!
رحمه: مش عقبال ما خلصنا شغل يا بابا ... مالك يا ماما ... سقعانة ولا إيه؟!؟
نظرت (رحمه) لوالدتها بعينان معاتبتان....
رحمه: انتِ برضه كنتى قاعدة فى الهوا ...؟!!
ابراهيم: لسه يا دوب مخليها تقفله وتيجى تقعد وسطينا ....
رحمه: أحسن حاجة عملتها يا بابا ... كدة برضه يا ماما ... حتتعبب كدة زيادة ....
ام رحمه: ما أنا بتدفى أهو ... تعالي أقعدى أدفيكي معايا ....
رحمه: لاااااا ... حدخل أنا أغير هدومي وأحضر العشا نأكل كلنا مع بعض ...
ام رحمه: ماشي يا بنتي ... إخواتك كلوا وناموا أصلهم كانوا صاحيين بدري أوى ..
رحمه بمزاح : أحلى حاجة ... ناكل إحنا الثلاثه بس ونظبط نفسنا ... ثواني وجايه لكم ....
ثم وضعت كفها على كتف والدتها قائله بأمل ....
رحمه: حيرجع يا ماما .... إن شاء الله (عبد الله) حيرجع ...
ام رحمه: يا رب يا بنتي ... غيابه وجعنى أوى ...
رحمه: ربنا حيطمنا قريب إن شاء الله... أروح أنا أحضر العشا الخصوصي وأرجع لكم ...