رواية بين سطور العشق الفصل الثالث عشر13بقلم سيليا البحيري
فيلا أحمد – أوضة حلا –
الأوضة ضلمة إلا من لمبة صغيرة بتنور نور خافت. حلا قاعدة على سريرها، ماسكة كشكول وبتكتب ملاحظات، ابتسامة خجولة على وشها ولسه متأثرة بكلام أدهم. فجأة الباب يتفتح بعنف زي العاصفة. مهاب داخل وشه محمّر من الغضب، نفسه تقيل، عروقه باينة، عينيه مولعة زي البرق. حلا تقوم واقفة مفزوعة
حلا (مرتبكة بخوف):
مهاب!.. إيه ده؟! داخل كده ليه؟!
من غير ما ينطق، يقرب منها زي الإعصار، يرفع إيده ويخبطها بالقلم على وشها جامد. حلا تقع على الأرض جنب السرير. صوت ارتطامها يتسمع، عينيها تتسع من الصدمة والدموع
حلا (مذعورة، ماسكة خدها):
آآآه!.. بتضربني ليه؟!!
مهاب يطلع الموبايل بسرعة، يحدفه قدامها بعنف. الشاشة عليها صورة مزيفة ليها مع راجل. حلا تبص فيها مذهولة، دموعها تنزل غصب عنها
مهاب (صوته زي الرعد، غاضب ومكسور):
ده إيه؟!! ها يا حلا؟!! ردييي!!!
حلا (بتشهق وتهز راسها بعنف):
لأ… لأ.. والله مش أنا!.. مهاب صدقني! دي مش حقيقة!.. مستحيل أعمل كده!
مهاب (بيصرخ، يمسكها من كتافها ويهزها جامد):
كفــــاية كدب! أنا شايف بعيني وتقولي مش حقيقي؟!! كسرتي ضهري يا حلا.. خذلتيني!!
حلا (بتصرخ وهي بتعيط):
لأاا!.. والله بريئة!.. مهاب صدقني!!
(مهاب، غضبه مولّع، يرفع إيده ويبدأ يضربها تاني، وهي بتحاول تداري نفسها بإيديها وبتصرخ بخوف. فجأة يدخل زياد وريان على صوت الصريخ. يوقفوا مكانهم مصدومين من المنظر، ويجروا ناحيته.)
زياد (يمسك إيد مهاب):
مهــــاب!! وقف!! إنت بتعمل إيه يا مجنون؟!!
ريان (يدفعه لورا ويحاول يحرر حلا):
إنت اتجننت؟!! ليه بتضربها كده؟!
(حلا بتعيط بشدة وبتشهق، بتحتمي ورا زياد. مهاب واقف بيكح نفسه من كتر الغضب. يرفع الموبايل بعصبية قدام إخواته.)
مهاب (بيزعق وهو بيرفع الموبايل):
بصــــوا!! بصوا أختكم بتعمل إيه من ورانا!!!
(زياد يخطف الموبايل بعصبية، يبص على الصورة، عينيه توسع ويتجمد مكانه. يدي الموبايل لـريان. ريان يبص بدوره، الصدمة مالية وشه، يبص في الأرض عاجز.)
ريان (بهمس مصدوم):
مستحيــــل… حلا…
حلا (بتبكي بحرقة وتتوسل):
ريــــان.. زيــــاد.. صدقوني.. دي مش أنا.. والله مش أنا.. ماعرفش دي جات منين!!
(سكات تقيل يسيطر على الأوضة، الجو مشحون والهدوء يقطع زي السكينة. حلا مرمية على الأرض، بتعيط بحرقة. مهاب بيتنفس بصعوبة، يمسح وشه بإيده وكأنه بيحارب نفسه.)
مهاب (بحزم وصوته متكسر بالغضب):
زياد.. ريان.. اطلعوا برا.
زياد يتردد، يبص لحلا وهي بتعيط، وبعدين يبص لمهاب. ريان يشد إيده ويطلّعوه برة. الباب يتقفل وراهم، يسيبوا صوت بكا حلا المكبوت مالي المكان. مهاب يفضل واقف متجمد لحظة، يشيح بوشه بعيد عن أخته المكسورة قدامه، وبعدها يخرج من الأوضة بعاصفة غضب مولّعة جواه
حلا (بهمس):
ليه محدش صدقني… ليــــه…
*********************
التلات إخوات – مهاب، زياد، ريان – قاعدين في الصالون. الصمت مالي المكان، مفيش غير صوت أنفاسهم المتقطعة. مهاب ماسك الموبايل بعصبية، كل شوية يخبط إيده على الترابيزة. زياد متوتر وبيعض شفايفه. ريان مدي ضهره ومش قادر يستوعب اللي حصل. فجأة موبايل مهاب يرن بإشعار جديد. يبص على الشاشة… وشه يتحول لجمرة نار. يفتح الرسالة، يلاقي صورة تانية مفبركة… أبشع من الأولانية
مهاب (بيصرخ زي الرعد):
ياااااااااا نهار أزرق!!! أقسم بالله ما هسيبها عايشة بعد اللي شفته!!
يقوم مرة واحدة، يفتح درج جانبي في الصالون ويطلع مسدس، يلوح بيه بجنون. زياد و ريان يقفزوا من مكانهم مفزوعين
زياد (مرعوب):
إنت اتجننت؟! رايح فين بالطبنجة يا مهاب؟!!
ريان (بيصرخ وهو بيحاول يمنعه):
اقف! ما تتهورش! إنت مش بتفكر خالص!!
مهاب (مصر يطلع على السلم، صوته مخنوق بالغضب):
مفيش كلام خلاص! اللي عملته ما يتسامحش! أختي ولا مش أختي… دمها لازم ينزل!!
زياد يمسك دراعه يحاول يوقفه، لكن مهاب يزقه جامد فيقع على الكنبة. ريان يقف قدامه يمنعه يطلع السلم، مهاب يوجه المسدس ناحيته وإيده بترتعش
ريان (رافع إيديه بخوف وحزن):
مهاااب!! ده جنان! دي أختنا!!
مهاب (عينيه محمرة وصوته بيتكسر):
أختنا؟! أختنا اللي جابت العار علينا كلنا؟!! ما تقولش عليها أختنا تاني!!
زياد يقوم بسرعة ويقف جنب ريان، يحاولوا يوقفوه، لكن مهاب يزقهم بعنف ويجري يكمل طلعته على السلم. فجأة باب الصالون يتفتح، تدخل ضحى وغزل شايلين شنط السوق. يتجمدوا من المنظر: مهاب ماسك مسدس ووشه مولع غضب، وزياد و ريان بيجروا وراه
ضحى (مرعوبة، الشنط تقع من إيديها):
يا ساتر!! إيه اللي بيحصل ده؟!
غزل (بتقرب بخوف):
يا ربي… ليه مهاب ماسك سلاح؟!
زياد يصرخ وهو بيجري ورا مهاب اللي بدأ يطلع السلم بسرعة
زياد:
مهاب هيقتــل حلااا!!!
ضحى تتصدم، تحط إيدها على بوقها مش مصدقة، غزل الدموع تتحجر في عينيها. ريان يلف بسرعة عليهم وصوته بيرتعش
ريان:
الحقــــونااا! ما تسيبهوش يوصللها!!
الأربعة – زياد، ريان، ضحى، غزل – يجروا وراه، وهو طالع السلم زي العاصفة، خطواته تقيلة كأنها طبول حرب. الكل بيصرخ باسمه يحاولوا يوقفوه. الأصوات مالية المكان: صريخ، بكا، وقع أقدام متسارع
ضحى (وهي بتجري ورا جوزها زياد وبتعيط):
يا رب استرها معانا… أنا واثقة إن حلا بريئة!
غزل (بصوت بيرتعش، ماسكة إيد ريان):
لازم نلحقه قبل ما يعمل مصيبة ما تتصلحش طول العمر!
كلهم طالعين بسرعة، وصوت صرخاتهم “مهاااااب وقف!”، “إنت مش عاااقل!”، “اسمعنااا!”، يملأ الفيلا. مهاب متقدم بخطوات سريعة، ماسك المسدس بإصرار، وشه مولع بالجنون، دموع الغضب مالية عينيه.
المشهد يقفل عند وصول مهاب قدام أوضة حلا، يرفع إيده اللي ماسكة المسدس، واللي وراه زياد و ريان و ضحى و غزل يصرخوا بكل قوتهم:
زياد + ريان (سوا):
مهاااااااب!!! لااااااااااا!!
**********************
مهاب واقف قدام باب أوضة حلا، إيده ماسكة المسدس وأنفاسه متقطعة زي وحش هائج. زياد و ريان و ضحى و غزل بيجروا وراه، يمسكوا فيه بقوة قبل ما يقتحم الباب. خناقة جسدية عنيفة: المسدس على وشك يقع، الصريخ مالي المكان
ريان (بيشد دراع مهاب وبيصرخ):
إنت هتقتل أختك!! فوق لنفسك يا مهاب ولا لأ؟!!
زياد (بيرميه بقوة على الحيطة):
اهدَى يا مجنووون!! هو ده اللي عايزه؟ جريمة في دمك؟!
مهاب بيصرخ بجنون، بيحاول يفلت منهم، عروقه بارزة ووشه أحمر
مهاب:
والله ما عايز غير أشوف دمها مغرق الأرض!! لو ما كنتوش وقفتوني… كنت خلصت شرفنا من وساختها!
ضحى بتعيط وهي ماسكة دراع زياد تستنجد بيه، غزل بترتعش وهي بتحاول تهدي ريان
ضحى (بتبكي):
حلا مالهاش ذنب! يمكن الصور مفبركة! اسمعني يا مهاب!!
غزل (بصوت مخنوق):
حتى لو غلطت… مش كده الغلط يتصلح! يا رب تفهم بس!
زياد يخطف المسدس منه بعنف ويرميه بعيد. مهاب يزأر بغضب، يركل الباب برجله يتفتح بعنف. جوه الأوضة: حلا قاعدة مرعوبة على السرير، عينيها محمرة من العياط. متكوّرة في الركن زي عصفور مكسور. تبص على إخواتها مرعوبة
حلا (بصوت بيرتعش):
مهاب… بالله صدقني… أنا ما عملتش حاجة… والله الصور مش أنا!
مهاب مش سامع حاجة، بيرفع صباعه ناحيتها كأنه خنجر
مهاب (غاضب):
اخرسي!! من النهارده… ما تطلعيش من الأوضة دي! اعتبري نفسك محبوسة زي الكلبة!
الجميع يتجمدوا من الصدمة. زياد يحاول يتكلم، لكن مهاب يصرخ مقاطعهم
مهاب:
زياد! ريان! اسمعوني كويس… من النهارده ما فيش أكل يوصلها، ولا نقطة مي! فاهمين؟ سيبوها تنشف من الجوع والعطش لحد ما تعترف بوساختها!
ضحى تحط إيدها على بوقها مش مصدقة، غزل تهمس بفزع
غزل:
يا ربي… إنت بتقول إيه؟! دي أختك… مش عدوة!
زياد (بينفجر فيه):
إنت اتجننت خلاص؟!! عايز تموّتها بالبطئ؟!!
مهاب يقرب من حلا، يخطف منها الموبايل واللابتوب، يكسر اللابتوب قدامها ويرمي الموبايل في الأرض. حلا تصرخ بفزع
حلا (بتصرخ وبتعيط):
لاااا! مهاب لااا! صدقنييي!
مهاب يبص لها بعين مولعة نار، بعدين يلف ناحية إخواته وزوجاتهم
مهاب (ببرود قاتل):
ده قراري… ما حدش يقرب منها… ولا كلمة. واللي يعترض… يبقى خصمي.
يخبط الباب بعنف ويمشي زي العاصفة. يسِيب وراه صمت مرعب. حلا تنهار في عياط هستيري، وزياد و ريان و ضحى و غزل واقفين مشلولِين، عينيهم كلها دموع
ريان (بهمس مكسور):
يا رب… إيه اللي بيحصل لعيلتنا؟
المشهد يقفل على وش حلا المبلول بالدموع، عينيها بتلمع بخوف رهيب… سجينة مستنية المجهول
*********************
في – بيت سيرين – أوضة الصالون
سيرين مرمية على الكنبة، الموبايل في إيدها، ابتسامة ماكرة على وشها. عنيها بتلمع زي الديب اللي اصطاد فريسته. بتاكل حتة شوكولاتة بدلع وتضحك بخفوت. أبوها وأمها، نهلة و فوزي، قاعدين على الترابيزة بيشربوا شاي. أخوها ماهر قاعد بيراقبها بشك، دراعاته متشابكة
فوزي (بتنهيدة تقيلة):
يا نهلة… شُفتي البت دي؟! بتضحك من قلبها كإنها كسبت الدنيا كلها. والله من يوم ما وعَت… عمرها ما ضحكت كده غير وهي عاملة مصيبة!
نهلة (تحط الكوباية جنبها، تبص لسيرين بقلق):
صح… أنا أمها وبعرفها. الضحكة دي وراها بلاوي. يا ربي… عاملة إيه تاني المرة دي؟
ماهر يقوم يقرب بخطوات تقيلة، ينحني عليها شوية ويبص لها بتركيز
ماهر (بصوت ساخر):
يلا قوليلنا يا أختي… إيه المسخرة الجديدة؟ ولا هتفضلي تمثلي دور البريئة؟
سيرين تتفاجئ، تحط الموبايل بسرعة جنبها وتعدّل قعدتها، تحاول تبان هادية
سيرين (بنعومة متصنعة):
مسخرة إيه يا ماهر؟! إنت طول عمرك شايفني مجرمة! يا عيني… ضحكت شوية عملتوها قضية؟
نهلة (بحزم وقلق):
سيرين… إحنا مش غرب عنك. إيه اللي مفرّحك أوي؟ قولي الصراحة.
سيرين تبتسم بخبث خفيف، تلعب في شعرها تخفي توترها
سيرين (ببرود):
ولا حاجة يا ماما… شوية فيديوهات مضحكة على إنستجرام. إنتو مكبرين الموضوع!
ماهر يضحك بسخرية ويخبط إيده على الترابيزة
ماهر:
إنستجرام؟! بجد؟! إنتي بتضحكي كإنك كسبتي مليون جنيه… وتقوليلنا فيديو مضحك؟! أنا حافظك… إنتي ما بتهديش غير لما تشوفي حد بيتبهدل من وراكي.
نهلة تتنهد وتحط إيدها على راسها، فوزي يهز راسه بحسرة.
فوزي (بمرارة):
يا بنتي… لو بتستغلي عقلك في حاجة تنفع… كان زمانك رفعتي راسنا. بس إنتي… مصايبك ما بتخلصش.
سيرين تحط إيديها على صدرها بتصنّع براءة، تبتسم ابتسامة خفيفة بسخرية
سيرين:
يا سلام… يعني دلوقتي انا شيطانة! يعني ممنوع أضحك؟ طيب ماشي… من النهارده هعيش نكد عشان ترتاحوا!
تقوم متصنعة الزعل وتروح أوضتها بخطوات متمايلة، وماهر يضيق عينه ويبصلها
ماهر (بيهمس وهو بيراقبها):
والله الضحكة دي وراها مصيبة سودا… وهتنكشف… وهييجي اليوم اللي تدفعي فيه تمن كل اللي بتعمليه.
سيرين وهي داخلة أوضتها، تقفل الباب، وتظهر ابتسامتها الشيطانية تاني وهي ماسكة الموبايل وتهمس لنفسها:
سيرين (بهمس خبيث):
آه يا حلا… خلّي إخواتك يكرهوكي… وخلي حياتك تنقلب جحيم… وأنا بس أتفرج!
*********************
في – لندن – فيلا أحمد وفيروز
أوضة المعيشة الفخمة، الجو مشحون. فيروز واقفة عند الشباك، متوترة، دراعتها متشابكة، وشها شاحب من الغضب والحزن. أحمد قاعد على الكرسي الكبير، بيمرر إيده في شعره بتوتر. على الترابيزة الموبايل اللي جالهم عليه خبر زياد و ريان
فيروز (بصوت مرتعش وغاضب):
ما كانش ناقصني غير الخبر ده يا أحمد! زياد؟ ريان؟! يتجوزوا من ورايا… من غير ما حتى يبصولي في وشي؟!
أحمد (يحاول يهديها):
فيروز… اهدي شوية. همّا عيال… يمكن خافوا من رد فعلك… يمكن…
فيروز (بتقاطعه بانفجار):
خافوا؟! آه طبعًا… خافوا مني! أنا أمهم يا أحمد… أمهم! مش واحدة غريبة عنهم! طول عمري مربيّاهم على إني خط أحمر… إني بسندهم وبحميهم. والنهارده؟ يروحوا يتجوزوا من ورايا؟!
تلف وشها له، عنيها بتلمع بالدموع رغم كبرياءها
فيروز (بمرارة):
اتجوزوا بنات من عيلة غلابة… بنات ما نعرفش عنهم حاجة! إنت متخيل يا أحمد؟!
أحمد (بياخد نفس تقيل):
أنا مش ضدهم يا فيروز، بس… اللي مضايقني إنهم ما خدوش رأينا. إحنا مش ناقصنا وجع دماغ. و… (يتوقف لحظة) عندي إحساس… في حاجة مش طبيعية.
فيروز تقرب منه بخطوات سريعة، تمسك إيده بقوة، لأول مرة تبين ضعفها
فيروز (بصوت مبحوح):
أحمد… قلبي مش مرتاح. عندي إحساس إن مصيبة جاية على بنتي حلا. بقاللي يومين ما بنامش… كإني سامعة صوتها بتناديني.
أحمد (بقلق):
حلا؟! ليه جبتِ سيرتها دلوقتي؟ ما قالتش حاجة لما كلمناها… بالعكس، كانت بتتكلم بحماس عن شغلها مع المخرج أدهم.
فيروز (ترفع إيدها بعصبية):
أدهم ولا غيره! مش فارق معايا! اللي فارق بنتي… حلا! حاسة إنها مش بخير… والله العظيم مش بخير.
لحظة صمت تقيل. أحمد يبصلها بدهشة، عارف إن كبرياءها عمره ما منعها تبقى أم حساسة. فجأة فيروز تقوم بحزم، كأنها خدت قرار
فيروز (بحزم لا يقبل النقاش):
أحمد، جهّز الشنط. أنا راجعة مصر… وبأقرب طيارة. لازم أشوف عيالي بعيني… ولازم أعرف إيه اللي بيحصل معاهم.
أحمد (يقوم ويحط إيده على كتفها):
وأنا معاكي… مش هنسيبهم يواجهوا حاجة لوحدهم.
فيروز تهز راسها بعناد، تهمس كأنها بتتوعد الدنيا كلها:
فيروز:
عيالي خط أحمر… واللي يجرحهم… لازم يدفع التمن.
واقفين جنب بعض، وش فيروز مشدود بالغضب والأمومة، وأحمد بيفكر بهدوء في الخطوة الجاية، بس قلبه مولّع من القلق
********************
الجو لسه متوتر بعد قرار الرجوع مصر. فجأة يتسمع صوت الجرس. الخادم يدخل يعلن وصول نادر وجيلان. فيروز تتجمد مكانها، الاشمئزاز مالي وشها. أحمد يقوم من مكانه متعجب.
أحمد (مستغرب): نادر؟! إيه اللي جابهم دلوقتي؟ في الوقت ده؟
فيروز (بغضب مكبوت): وآخرها جات… الحيّة!
تدخل جيلان لابسة شيك بشكل مبالغ فيه، وجوزها نادر وراها. جيلان بتبتسم ابتسامة مصطنعة، وفيروز واقفة زي التمثال، عنيها كلها شر. نادر يفتح دراعاته بتحية دافية
نادر: أحمد! حبيبي… أخويا الغالي! بقالي كتير ما شفتكوش…
يتقدم يعانق أحمد، وأحمد يرد السلام بس بنص قلب، شايف توتر فيروز الواضح. جيلان ترفع حواجبها بابتسامة مصطنعة
جيلان: فيروز! حبيبتي… وحشاني!
فيروز (ببرود وعلو): ما تنادينيش حبيبتي… أنا مش صحبتك.
صمت تقيل يخيم. نادر يبص بدهشة، أحمد يرفع حواجبه، وجيلان تتجمد لحظة لكنها تحاول تحتفظ بابتسامتها
جيلان (بتمثيل مصدوم): فيروز؟! ليه بتقولي كده؟ إحنا أصحاب عمر…
فيروز (بحدة، على وشك تصرخ): أصحاب؟! إنتي جرحتيني في أعز ما عندي… في بنتي! عارفة يعني إيه بنتي يا جيلان؟! عارفة يعني إيه تتهميها في شرفها؟!
أحمد يفتح عينيه متفاجئ، يقوم بسرعة من مكانه
أحمد (مذهول): إنتي بتقولي إيه يا فيروز؟! تتهم مين؟!
(نادر يبص لمراته مصدوم كأنه أول مرة يسمع.)
نادر: جيلان! إيه اللي فيروز بتقوله ده؟!
جيلان تحاول تلملم نفسها، تضحك بخبث وتلوّح بإيدها كأنها تقلل من الموضوع
جيلان: يا جماعة… ما تكبروش الموضوع. أنا كنت عايزة بس أحمي ابني وائل… كنت خايفة يدخل في علاقة مش مناسبة ليه…
فيروز (مقاطعة، بعاصفة غضب): كدابة! إنتي ما كنتيش خايفة… إنتي كنتي طماعة! وفاكرة إنك لو شوّهتي سمعة بنتي… هتجبريني أوافق أجوزها لوائل! بس أنا فيروز… بنتي عمري ما هارميها لكلب زيه!
جيلان ترجع خطوة لورا، وشها يحمر من الإهانة. نادر يبصلها بعين مولعة غضب
نادر (بصوت واطي بس مرعب): جيلان… إنتي عملتي كده؟! إنتي وصلتي لدرجة إنك تشوهي سمعة بنت بريئة؟!
(جيلان تحاول تدافع، ترفع صوتها بعصبية مفضوحة.)
جيلان: بريئة؟! آه بريئة عندكم… بس أنا كنت شايفة إنها ما تنفعش! حلا … قاعدة تكتب روايات وتتعمل مع رجالة غرب… ده كله بيجيب فضايح!
فيروز (بصوت قاطع زي الصفعة): اسكتي! حلا أطهر من شرفك ألف مرة… ومش هاسمحلك تذكري اسمها بلسانك الوسخ.
أحمد يقرب خطوة من جيلان، وشه غاضب بطريقة محدش شافها قبل كده
أحمد (بحزم): جيلان… أنا ساكتلك من زمان عِشرة. بس النهارده انكشفتِ قدامي. مش عايز أشوفك إنتي ولا نادر في بيتي تاني.
(نادر، رغم طمعه المعروف، يهز راسه بصدمة وخيبة.)
نادر (بمرارة): عيب عليكي يا جيلان… طول عمري عارفك طماعة… بس ما كنتش متخيل توصلي للحقارة دي.
جيلان تبصله مصدومة من خيانته في لحظة المواجهة، تحاول تمسك نفسها بكبرياء
جيلان: نادر… ما تصدقهمش! دي فيروز بتلعب في دماغك…
فيروز (بابتسامة ساخرة): ألعب؟! أنا؟! لو ما كنتيش حقودة وغيورة وطماعة… ما كنتيش فكرتي تفتحي بقك على بنتي.
(جيلان تنفجر أخيرًا، تصرخ بانفعال مكتوم من زمان.)
جيلان: آه! غيرانة منها! غيرانة منكم كلكم! إنتو عايشين في القصور… وأنا طول عمري نفسي ابني يبقى في إيده ثروة زيكم… إيه يعني؟!
لحظة صمت تقيل… الكل مصدوم من اعترافها. أحمد يشيح وشه باشمئزاز، فيروز ترفع دقنها بتعالي، نادر يضرب كفه بكفه بغضب
نادر (صارخ): جيلان! كفاية! سكتي! فضحتينا!
فيروز تاخد نفس عميق، وبعدين تبص لجوزها ببرود ملكة متزعزعش
فيروز: أحمد… قول لنادر يطلع مراته من بيتي قبل ما أنسى نفسي وأوريها أنا مين.
أحمد (بصرامة): نادر… اتفضل. الباب قدامكم.
جيلان تبص لفيروز بكره، وبعدين تبص لنادر اللي بيجرها جَرّ برا. تخرج وهي بتهمس بوعيد، وفيروز واقفة زي الجبل، راسها مرفوع. أحمد يفضل واقف مذهول، يمسح وشه بتعب
أحمد (بصوت مبحوح): يا رب… الحقد ده هيودينا فين؟
(فيروز تهمس لنفسها، عنيها بتلمع وكأنها بتحلف):
فيروز: أنا راجعة مصر… وعيالي… مش هاسمح لحد يقربلهم تاني
*********************
في – مطعم شيك – القاهرة – بالليل
كريم قاعد على ترابيزة متزينة بشموع حمرا، لابس بدلة أنيقة، عينه منورة ومستني خطيبته. تدخل لوسيندا لابسة فستان أسود بسيط بس ساحر. عينيها باين عليهم التعب من كتر العياط في الأيام اللي فاتت، بس بتحاول تبان قوية. كريم يقوم بسرعة، كأنه ملك الدنيا أول ما شافها
كريم (بفرحة طفولية): وأهو أخيرًا… آنستي الجميلة قررت تشرفني الليلة.
لوسيندا (بابتسامة خفيفة متعبة): كريم… ما فيش داعي للكلام الكبير ده. أنا جيت عشان… يعني… نعمل الواجب.
يقعدوا. الجرسون يحط المنيو. كريم مش بيشيل عينه عنها، كأنها هي الدنيا كلها. هي ساعات تتجاهله، لكن فجأة تلاقي عينها في عينه، تحس بارتباك جواها
كريم (مازح): واجب؟ لو الخطوبة واجب… كنا عملناها في المحكمة! إنما إحنا هنا… عشان نبتدي نعيش.
لوسيندا ترفع حواجبها من كلامه الجريء، وبعدين بسرعة تبص لتحت عشان ما يقرأش ضعفها
لوسيندا (ببرود): كريم… إنت عارف… أنا مش من النوع اللي بيعرف يحب بسهولة.
كريم (ميل لقدام بصدق): عارف. ومش مستعجل. كل اللي عايزه… تديني فرصة أكون جنبك. حتى لو كأني مجرد ظل.
تتجمد لحظة… كلمة "ظل" تخبط في قلبها، عشان عايشة في ظل حبها لابن عمها أدهم. بس لأول مرة تحس بحرارة ناحيته
لوسيندا (بابتسامة صغيرة غصب عنها): إنت غريب… إزاي تقدر تحب حد بيعاملك ببرود؟
كريم (يضحك برقة): يمكن عشان أنا شايف اللي ورا البرود. شايف لوسيندا الحقيقية… البنت الطيبة اللي خايفة تتوجع.
عينيها تتسع بدهشة. محدش قبل كده وصفها كده. الناس دايمًا فاكرينها مغرورة ومتعجرفة. وفجأة تحس إنه شايف اللي غيره مش شايفه. قلبها يدق غصب عنها
لوسيندا (تتظاهر بالسخرية): إيه ده؟ شاعر إنت ولا إيه؟
كريم (بمرح): شاعر… بس شاعر فيكي إنتِ وبس.
تضحك ضحكة صغيرة غير متوقعة. وش كريم ينور بالفرحة كأنه كسب معركة طويلة. الجرسون يرجع عشان ياخد الطلبات، بس كريم يرفع إيده بسرعة ويطلب أي حاجة من غير ما يشيل عينه عنها
كريم (بهمس وهو مبتسم): النهارده… حسستيني إني أسعد راجل في الدنيا.
تبص له لوسيندا لحظة، قلبها بين دهشتها من مشاعره وإعجابها اللي بيكبر، وبين حبها القديم لأدهم. تتنهد ببطء، وتهمس لنفسها بالكاد يتسمع:
لوسيندا: يمكن… أكون ابتديت… أشوفك غير.
كريم ما يسمعش الكلمة كويس، لكنه يبتسم بثقة، حاسس إن جدارها بدأ يتهد. يرفع كباية المية ويقول:
كريم: لوسيندا… الليلة دي بداية جديدة. صدقيني.
المشهد يقفل على ابتسامته السعيدة، وارتباكها اللي فيه لمسة أمل جديدة ما عاشتهاش قبل كده
*********************
في – أوضة أدهم – فيلا الراوي – نص الليل
الجو ساكن. أدهم قاعد على كرسي جنب مكتبه، الموبايل في إيده. عينيه حمرا من قلة النوم. يضغط زر الاتصال باسم "حلا" للمرة العاشرة في اليوم. الموبايل بيرن شوية، وبعدين الرسالة المعروفة: "الهاتف مغلق أو خارج نطاق التغطية". يرمي الموبايل على الترابيزة بانفعال مكتوم
أدهم (بيكلم نفسه بقلق): يومين يا حلا… يومين وأنا ما سمعتش صوتك. معقول تكوني… زعلتي مني؟ معقول كلماتي خوفتك بدل ما تطمنك؟
يقوم، يبدأ يتمشى في الأوضة بعصبية، يعدي إيده في شعره مرة ورا التانية
أدهم (بيكلم نفسه): يا ريتني ما استعجلت… ليه قلتلها؟ ليه اعترفت كده فجأة؟ يمكن ما كانتش مستعدة… يمكن شايفاني مجرد مخرج بيستغلها…
يمسك الموبايل تاني، يفتح صورها في الأستوديو. صورة ليها في المكتب، ضحكتها البريئة مالية الشاشة. يبتسم بمرارة
أدهم (بصوت واطي): لا… مستحيل تكرهيني. كنتي مبسوطة… عينيكي كانوا بيحكوا قبل لسانك. في حاجة تانية… لازم يكون في حاجة تانية!
يقعد على الكرسي، يحط راسه بين إيديه، يتنفس ببطء، بيحاول يقنع نفسه ما ينهارش
أدهم (بيكلم نفسه بإصرار): بكرة… بكرة هروح لها. أيا كان السبب… لازم أعرف. حتى لو كرهتني… ما اقدرش أعيش في العتمة دي.
الموبايل يهتز فجأة بإشعار، بس مش منها. يفتحه بسرعة، يلاقيه إيميل تافه. يقفله بعصبية، يرفع راسه للسقف وكأنه بيكلم ربنا
أدهم (بهمس مكسور): يا رب… خليها بخير. بس بخير… حتى لو بعيد عني.
المشهد يقفل على أدهم وهو ضامم الموبايل لصدره، في لحظة ضعف نادرة، والليل ساكت أكتر حواليه
************************
في – صالون فيلا عائلة أحمد – مساء متوتر
الجو ثقيل، الصمت يسيطر على المكان. ضحى وغزل تجلسان مع أزواجهن زياد و ريان. ملامح القلق واضحة على وجه الاختين، بينما زياد و ريان متوتران، يحاولان تجنب النظر في عيون زوجتيهما
ضحى (بصوت خافت لكن مليء بالقهر): زياد… إنت هتفضل ساكت كده؟ أختك جوه بتتعذب من غير ذنب، وإنت مش قادر تقول كلمة لأخوك الكبير؟
زياد يطأطئ رأسه، يمسك يديه بقوة، صوته مبحوح
زياد: يا ضحى… إنتِ مش فاهمة… ده مهاب. لو فتحت بوقي ممكن يقطعني نصين.
ضحى تهز رأسها بيأس، دموعها على وشك النزول
ضحى: يعني ترضى أختك تموت جوه زي الحيوان وإنت واقف؟
ريان يحاول التدخل، يرفع صوته قليلًا دفاعًا عن نفسه
ريان: هو مش سهل يا غزل! مهاب نار، ومحدش بيوقف قصاده. لو حاولنا… ممكن تحصل كارثة أكبر.
غزل تنهض فجأة، وجهها متورد من الغضب، عيناها تقدحان شررًا. تقف أمام ريان وتواجهه بحدة غير معتادة منها
غزل: كارثة أكبر من إيه يا ريان؟! من إن أختك تُدفن حية في أوضة؟ من إنكوا واقفين تتفرجوا عليها بتنهان؟!
ريان يتراجع في مكانه مرتبكًا، بينما زياد يمد يده يحاول تهدئة الموقف
ريان (بصوت متردد): غزل… بترجّاك، ما تعمليش دوشة. أنا خايف عليكِ وعلى ضحى… مش عايز يحصل لكم حاجة.
غزل تصرخ بحدة، تلوح بيديها بعصبية
غزل: لأ يا ريان! ما تخافش عليّ… خاف على أختك اللي بتناديلكم وانتوا عاملين ودان من طين! انتوا أخواتها… لو انتوا ما حميتوهاش مين هيحميها؟ أنا ولا ضحى؟!
ضحى تضع يدها على وجهها وتبكي بصوت مكتوم، بينما غزل لا تهدأ، تتقدم خطوة للأمام وتكمل بمرارة وغضب شديد
غزل: أنا والله لو كان عندي أخ زيكم ما كنتش حسيت بالأمان لحظة واحدة! رجالة إيه دول اللي يخافوا من أخوهم ويسيبوا أختهم تضيع؟!
زياد ينهض بسرعة، صوته يرتجف بين الغضب والضعف
زياد: كفاية يا غزل! إنتِ فاكرة إني مش حاسس باللي بيحصل؟ إنتِ فاكرة إن قلبي مش بيتقطع؟ بس… أنا مش قادر… مش قادر أوقف مهاب.
غزل تحدق فيه بعيون دامعة مليئة بالخذلان، صوتها يخفت فجأة لكن قسوته تزداد
غزل: لأ… إنت مش عايز تقدر. إنت اخترت تخاف. اخترت تسيب أختك لوحدها.
صمت ثقيل يسيطر على المكان، ريان يخفض رأسه كأنه تلقى صفعة، وضحى تبكي بهدوء، بينما غزل تبتعد عنهم وتجلس في زاوية الغرفة، قلبها يغلي من الغضب والخذلان
