رواية بين سطور العشق الفصل الرابع عشر14 بقلم سيليا البحيري

رواية بين سطور العشق بقلم سيليا البحيري
رواية بين سطور العشق الفصل الرابع عشر14 بقلم سيليا البحيري
في فيلا النجار
الليل سايب سدوله، والجو تقيل مالي البيت. غزل وضحى طالعين بسرعة ع السلم، خطواتهم متوترة، وعيونهم مليانة غيظ وحيرة. يوصلوا قدام أوضة حلا المقفولة، الباب الأسود واقف زي حيطة فاصل بينهم وبينها

ضحى (بتخبط على الباب بقلق):
حلااا… يا أختي… ردّي عليا! أنا ضحى… افتحي الباب بالله عليكي.

غزل (تحط ودنها عالباب):
مفيش صوت… حتى نفس مش سامعاه! يا رب ما يكون جرالها حاجة…

ضحى (بصوت بيرتعش من الخوف والغضب):
حرام والله… يومين محبوسة، لا أكل ولا شرب! إيه اللي هيحصل فيها كده؟!

غزل (تمسك إيدها بعصبية):
لازم نكسر الباب… لازم!

ضحى (تهز راسها بحزن):
جرّبت قبل كده… القفل تقيل. مهاب مأمّنها زي ما يكون حابس مجرمة.

غزل بتغلي من جوّه، تبدأ تزق الباب بكتفها بقوة

غزل (بعناد وهي بتخبط بجسمها على الباب):
مش معقول! هنفضل واقفين نتفرج وهي بتموت جوّه؟!

ضحى (تشّدها بخوف):
غزل! بالطريقة دي مش هنكسره… ولو مهاب سمعنا… إحنا ولا هي هنشوف خير!

غزل (بصوت واطي لكنه مليان قهر):
والله ما بقت تفرق معايا… لا مهاب ولا غيره. أنا سمعت عن ناس بيموتوا من العطش في يومين… إزاي هتستحمل هي؟!

ضحى (عينيها تدمع):
ربنا يسترها… يمكن قاعدة بتعيط لوحدها… يمكن وقعت من طولها… يمكن… (تغطي بوقها عشان ما تعيطش بصوت).

(لحظة صمت تقيل… مفيش غير دقات قلبهم ورجفتهم.)

غزل (تقعد على الأرض قدام الباب، ترفع صوتها عشان يوصل لحلا):
حلا… لو سامعة… إحنا هنا. مش هنسيبك لوحدك. حتى لو الدنيا كلها ضدك… إحنا معاكي.

ضحى (تلحقها وتقعد جنبها، وتحط إيدها على الباب):
أيوة والله معاكي… ما تخافيش يا أختي… ما تخافيش.

(لحظات طويلة تعدي… مفيش رد. القلق بيكبر. ضحى تبص لغزل والدموع مغرقاها.)

ضحى (بصوت مكسور):
غزل… لو جرالها حاجة… إحنا عمرنا ما هنسامح نفسنا.

غزل (بعصبية ووجع في نفس الوقت):
ولو حصل لها حاجة… مهاب هيعرف إني ما هسامحه طول عمري.

الاثنين مسنودين على الباب الكئيب، دموعهم سايبة في صمت، والبيت بيغرق في رهبة خانقة
*******************

قدام أوضة حلا
غزل وضحى قاعدين على الأرض قدام الباب، عينيهم مليانة دموع، والجو مشحون. فجأة يتسمع صوت خطوات تقيلة جاية من الممر، سابقة معاها رهبة وسكوت خانق. ظل طويل يقرب، وصوت مهاب العميق يقطع الصمت زي السكينة

مهاب (ببرود مرعب):
إيه اللي بتعملوه هنا؟

الاختين يتنفضوا، يبصوا لبعض برعب. غزل تبلع ريقها، وضحى تقوم بسرعة تحاول تبرر

ضحى (بصوت متقطع):
إحنا… إحنا كنا بس… عايزين نتطمن عليها…

مهاب يقرب أكتر، نظرته تقيلة وجليدية، حاطط إيديه ورا ضهره، عينيه بتضغط على أعصابهم

مهاب (ببطء متعمد):
تتطمنوا عليها؟… أنا مايلكم إن محدش يقرب من أوضتها. كلامي واضح… ولا تحبوا تجرّبوا غضبي إنتوا كمان؟

ضحى تنكس راسها بخوف، إنما غزل تبصله بعناد رغم رجفة إيديها

غزل (بتحدي وصوتها مبحوح من الغضب):
إنت بقت إيه؟ جلاد؟ حابس أختك زي المجرمين! مش من حقك تعمل فيها كده.

مهاب يبتسم بسخرية باردة، ياخد خطوة لقدام، عينه في عينها عن قرب

مهاب (باحتقار):
وإنتي مين عشان تفتحي بقك عندي؟
مين إداكي الحق تدخلي في شغل عيلتي؟
إنتي مجرد… مرات أخويا. غريبة… مالكيش كلمة هنا.

غزل تتراجع خطوة لورا من قوة كلامه، عينيها تلمع بالدموع بس ترفع راسها بإصرار

غزل (بغصة وجرأة):
غريبة؟! يمكن غريبة عنك… بس مش عن حلا. هي مش بنتك… هي أختي زي ما هي أخت زياد و ريان! ومش هنسكت على الظلم اللي إنت بتعمله.

(مهاب يضحك ضحكة قصيرة كلها تهديد.)

مهاب:
إنتي بتحلمي…
إنتي واللي معاكي، اسمعوني كويس… لو قربتوا من باب أوضتها تاني… ساعتها هتقعوا في حفرة مش هتعرفوا تطلعوا منها.

ضحى اللي كانت ساكتة، ما استحملتش، تصرخ بصوت بيرتعش:

ضحى:
حرام عليك يا مهاب! دي أختك… مش عدوك!

مهاب يبصلها بنظرة قاتلة، فتسكت فورًا. يقرب أكتر، يعدي من بينهم ببطء، يحط إيده على باب أوضة حلا كإنه بيعلن ملكيته، وبعدين يبصلهم ببرود

مهاب (بصوت واطي لكنه مرعب):
أنا المسؤول عنها… وأنا اللي أقرر مصيرها. إنتوا… مكانكوا مش هنا.

(ضحى تسحب إيد غزل المرتعشة وتهمس لها:)

ضحى:
يلا… نمشي.

غزل واقفة مصدومة، حاسة بالمهانة، تهمس وهي بتبص لمهاب بكره:

غزل (بغصة):
إنت… ما بتفرقش عن أبونا… نفس القسوة… نفس القلب الحجر.

عيون مهاب تلمع غضب لحظة، بس يبتسم بسخرية ويشيح وشه كأنه مش فارق معاه. غزل تغلي من جوه وتمشي مع ضحى. وهما نازلين السلم، غزل تهمس وهي بتمسح دموعها:

غزل (بحقد وحزن):
والله ما هسيبها مع الوحش ده لوحدها… حتى لو خرجنا من البيت، هنلاقي طريقة نخلّصها.

(ضحى تهز راسها موافقة، دموعها نازلة بحرقة.)

ضحى:
أيوة… مستحيل نسيبها لوحدها… مستحيل
******************

فيلا الراوي – الصبح

أدهم قاعد في أوضة المعيشة، عينه حمرا من السهر، ماسك الموبايل في إيده، بيقلب في سجل المكالمات. يضغط الرقم تاني، نفس الصوت يتكرر

صوت الموبايل:
الرقم اللي بتحاول تتصل بيه… مقفول.

أدهم يخبط بكفه على الترابيزة بعصبية، يتمتم بقلق

أدهم (متمتم):
مستحيل… حلا عمرها ما قفلت تليفونها يومين! في حاجة غلط… في حاجة مش طبيعية.

ياخد نفس عميق، يقرر يتصل بمهاب، يحط السماعة على ودنه. الرنّة ما تلحقش تطوّل غير ومهاب يرد، صوته بارد وقاطع

مهاب (بازدراء):
عايز إيه؟

أدهم (بتوتر صادق):
مهاب… أنا بقالي يومين بحاول أوصل لحلا، تليفونها مقفول… قلقت عليها. هي كويسة؟

(مهاب يضحك ضحكة قصيرة ساخرة كلها سم واحتقار.)

مهاب (بتهكم):
كويسة؟!
إنت آخر واحد في الدنيا ليك عين تسأل عليها.

أدهم (مستغرب):
قصدك إيه؟ بتتكلم كده ليه؟

مهاب (بغضب مكتوم):
ماتعملش بريء… كلكم واطيين زي بعض. إفتكرتني مش هعرف؟ الصور ما بتكدبش يا "ابن العم المثالي".

أدهم يتجمد مكانه، ملامحه تزداد استغراب، يقطب حواجبه

أدهم (بصدمة):
صور؟! إيه الصور اللي بتتكلم عنها؟ أنا مش فاهم حاجة!

مهاب (بصوت حاد):
ماتتذاكاش عليا… حلا مش للواطيين اللي زيك. من النهاردة تبعد عنها خالص. ولو شوفت رقمك على موبايلها تاني… والله ما هيكون ليك مكان وسطينا.

أدهم يقوم واقف بغضب، صوته بيعلى رغم محاولته يسيطر على نفسه

أدهم:
مهاب، استنى! إنت فاهم غلط… أنا مستحيل أعمل كده ولا أجرح حلا! قولّي على الأقل إيه اللي حصل—

فجأة يسمع صوت الإغلاق… "توت… توت…". مهاب قفل المكالمة ببرود قاتل

أدهم يبص للموبايل بعينين ماليانة غضب وصدمة، يرميه على الكنبة، ويمسح على شعره بتوتر شديد

أدهم (بصوت مبحوح):
لا… في حاجة ورا الموضوع… في حد بيلعب من ورا الكواليس.
مستحيل حلا تعمل حاجة تسيء ليها ولا لسمعتها كده… مستحيل!

يتنفس بسرعة، كأنه بيحارب فكرة مرعبة، وبعدين يهمس بحزم:

أدهم:
لازم أعرف الحقيقة… ولازم أوصل لحلا… قبل ما يفوت الأوان
**********************

في كافيه هادي

ندى قاعدة على الترابيزة، عينيها مثبتة في الموبايل. صوابعها بتخبط بخفة على الشاشة وهي بتعيد الاتصال بحلا

صوت الموبايل:
الرقم اللي بتحاول الاتصال بيه… مقفول.

ندى تزفر بقوة، عينيها تتملي قلق. جنبها قاعدة سيرين، ماسكة كباية الكابتشينو وبتراقب صاحبتها بملامح بريئة مصطنعة، وجواها مولّع خبث شيطاني

ندى (بقلق واضح):
مستحيل! بقالها يومين ما بتردش… حتى رسايلي ما بتوصلش. حلا عمرها ما تعمل كده… أكيد حصل لها حاجة.

(تمد إيدها تمسح جبينها بتوتر، وتهمس:)

ندى:
قلبي مش مرتاح… حسّيت في صوتها آخر مرة، كانت مخنوقة.

سيرين تحط الكباية بهدوء، ابتسامة صغيرة ترتسم على شفايفها، تخفيها بسرعة قبل ما ندى تاخد بالها

سيرين (بصوت هادي):
ندى… ماتكبريش الموضوع. يمكن بس مشغولة… أو زعلانة من حاجة ومش عايزة تحكي.

ندى (بانفعال):
لأ! أنا عارفة حلا. لو كانت زعلانة مني أو من أي حاجة… كانت قالتلي، كانت فضفضتلي.
(تخبط الترابيزة بعصبية)
لازم أعرف في إيه.

سيرين تميل برأسها بخبث، تبص لندى وكأنها مستمتعة بقلقها، وتتظاهر بالجدية

سيرين:
يمكن أهلها مانعينها… يمكن في حاجة في البيت. إنتي عارفة مهاب عصبي إزاي!

(ندى ترفع نظرها بسرعة، القلق يزيد في وشها.)

ندى:
قصدك إيه؟ سمعتي حاجة؟

سيرين تضحك بخفة وتلوّح بإيدها كأنها قالت حاجة تافهة

سيرين:
لأاا، ما سمعتش… بس تخيلي. مهاب لو شاف منها حاجة مش عاجباه ممكن يولّع الدنيا.

ندى ترتعش شوية، كلام سيرين لمس أوتار الخوف جواها. سيرين تبتسم داخلياً كأنها شايفة خطتها بتنجح

ندى (بحزم):
مستحيل… حلا عاقلة، وبتعرف مهاب كويس. مافيش سبب يخليها تختفي كده فجأة.

سيرين تنحني لقدام، تبص في عينيها مباشرة بابتسامة ناعمة خبيثة

سيرين:
ندى… ساعات أقرب الناس لينا بيعملوا حاجات ما تخطرش على البال.

(ندى تبلع ريقها بقلق، تخبط الترابيزة تاني وهي بتتمتم:)

ندى:
لأ… حلا مش كده… مستحيل!

سيرين (بهمس داخلي مش مسموع لندى):
آه يا ندى… قلقك كبر… ولسه اللي جاي أحلى.

ندى تمسك الموبايل تاني، ناوية تحاول للمرة الألف، بينما سيرين ترتشف قهوتها مبتسمة كأنها بتشرب "نصرها السام"
************************

في صالة الفيلا – تاني يوم 

البيت ساكت بشكل يخنق، الجو مشحون. ضحى وغزل واقفين في نص الصالة، شنط السفر جنبهم. لابسين عبايات بسيطة، ووشوشهم مليانة غضب. زياد واقف قصاد ضحى بيحاول يهديها، وريّان قصاد غزل، مدي إيده ناحيتها بتوسّل. بس نظراتهم الباردة بتقتل أي محاولة

زياد (بصوت واطي فيه رجاء):
ضحى… يا حبيبتي، ليه كده؟ ليه عايزة تسيبي البيت؟

(ضحى تلتفت له بحدة، عينيها مليانة خيبة أمل.)

ضحى:
ليه؟! إنت بتسألني ليه؟! عشان عشت مع راجل واقف يتفرج على أخته وهي بتتهان وتتحبس زي المجرمة… وإنت ساكت!

زياد يتراجع خطوة ورا، كلامها زي الصفعة على وشه. غزل واقفة قصاد ريان، عينيها كلها اشمئزاز، صوتها مليان احتقار

غزل (بصوت عالي):
وإنت يا ريان؟! إنت آخر واحد كنت أتوقع يخون حلا! إنت أكتر واحد كانت بتحبك وتشوفك سندها… إزاي قدرت تسيبها في إيدين الوحش مهاب؟!

(ريان يتنفس بتوتر، يحاول يمد إيده ناحيتها:)

ريان:
غزل… افهميني… مهاب ما بيتعاندش! لو كنت فتحت بوقي… كان قلب الدنيا علينا كلنا.

غزل (بتصرخ، وتبعد إيده):
سكوتك جريمة أكبر من جنونه! إنت المفروض كنت توقف في وشه… تحميها! بس لأ… اخترت السلامة، اخترت تخاف من أخوك… وضَيعت أختك!

ريان يتنرفز، عروقه تبان، لكن صوته يتكسر بين الغضب والألم

ريان:
أنا بحبك… مش عايز أخسرك كمان…

(غزل تضحك بسخرية والدموع في عينيها، نظرتها تحرقه:)

غزل:
حبك من غير رجولة ما يسواش رغيف عيش يا ريان. أنا ما ينفعش أعيش مع راجل يسيبني لو الدنيا ولعت. ما ينفعش أعيش مع جبان.

ريان يتجمد مكانه، قلبه بيتكسر. يبص لها بتوسل، بس يقابل عينيها المليانة قرف وكره

(ضحى تبص لزياد، صوتها أهدى من غزل لكن مليان وجع.)

ضحى:
كنت فاكرة إني اتجوزت راجل ما يشبهش أبويا… بس طلع الخوف واكل قلبك. زياد… حتى لو إنت جوزي، ما أقدرش أعيش في بيت يتظلم فيه إنسانة وأنا ساكتة.

(زياد يمد إيده، صوته بيتوسل:)

زياد:
ضحى… ما تسيبينيش…

(ضحى تهز راسها بدموع محبوسة:)

ضحى:
أمشي لوحدي أهون من إني أعيش مع راجل ساكت على الظلم.

ضحى وغزل يتبادلوا نظرة حاسمة، يشيلوا الشنط. يقفوا عند الباب. غزل تبص لريان نظرة أخيرة كلها كره وخذلان

غزل (بحزم):
هنسيب البيت… بس والله ما هنسيب حلا. هنلاقي طريقة نحررها… حتى لو ضدكم كلكم.

ضحى تومّئ موافقة، تفتح الباب وتخرجوا بخطوات قوية رغم الوجع. الكاميرا تفضل على زياد و ريان، واقفين زي التماثيل في نص الصالة، كل واحد محطم… صوت الشنط وهي بتتسحب على الأرض يعلن بداية الانفصال النفسي قبل الجسدي

ريان يهمس لنفسه بصوت مكسور:

ريان:
غزل… سامحيني…

لكن صدى الباب وهو بيتقفل كان الرد الوحيد
*********************

في شركة مهاب – مكتبه الكبير الزجاجي

المكتب مرتب كالعادة، بس أوراق متناثرة على الترابيزة. مهاب قاعد على كرسيه، قدام الكمبيوتر بس عينه شارده خالص. صوابعه بتخبط على الترابيزة بعصبية، ووشه متوتر. بيحاول يركز في العقود، بس عقله بيرجع كل شوية لصور حلا وصريخها. فجأة يتنهد بقوة، يشيل نضارته ويرميها بعصبية على المكتب

مهاب (يتمتم لنفسه):
ليه مش عارف أطلعها من دماغي… ليه؟!

سمر تدخل بخطوات واثقة، لابسة فستان شيك ووشها عليه ابتسامة باردة. ماسكة كباية قهوة وتحطها قدامه

سمر (بصوت ناعم مصطنع):
حبيبي… شكلك مرهق. بقالي يومين شايفاك مش طبيعي. في حاجة مضايقاك في الشغل؟

(مهاب يبص لها بعصبية، يحاول يمسك نفسه.)

مهاب:
سمر… أنا مش ناقص أسئلة دلوقتي.

سمر تضحك ضحكة صغيرة، تقرّب وتقعد على طرف المكتب، ميلة بجسمها ناحيته

سمر:
أسئلة إيه؟ أنا خطيبتك يا مهاب… من حقي أعرف. ولا في سر مخبيه عني؟

مهاب يشيح بوشه، يحط إيده على جبينه. صوته متوتر وخافت

مهاب:
أنا… تايه. في مشاعر مش مفهومة… غضبان… وبنفس الوقت… في حاجة مخنقاني.

سمر تضيق عينيها، الغيرة مولعة جواها، تحط إيدها على دراعه

سمر (بهمس مرعب):
في واحدة ورا الاضطراب ده… مش كده؟

(مهاب يبص لها بحدة، يحاول يخفي ارتباكه.)

مهاب:
مالك… ما تدخليش في اللي مالكيش فيه.

سمر تضحك بخبث، تقوم تمشي وراه ببطء، وبعدين تنحني عند ودنه

سمر (بصوت بارد):
خليني أتوقع… حلا؟ صح؟
(تبتسم ابتسامة شيطانية وتكمل:)
كنت دايمًا شايفة إنها نقطة ضعفك الوحيدة…

مهاب يقوم بغضب، يصرخ بصوت عالي

مهاب:
اسكتي! ما تجيبيش سيرتها على لسانك أبداً!

سمر ترجف لحظة من صوته، بس تبتسم ابتسامة مريضة، كأنها لقت دليل على شكوكها. تقرّب أكتر، عينيها بتلمع بجنون

سمر:
كل الانفعال ده… عشانها؟
(تضحك بهمس:)
هتندم يا مهاب… سيبها للقدر، وصدقني… ما فيش واحدة هتعرف تاخدك مني.

مهاب يتنفس بعصبية، يبعد عنها، يفتح الشباك الكبير كأنه محتاج هوا. بس أفكاره متلخبطة أكتر من الأول. يهمس لنفسه بغضب وانكسار

مهاب:
أنا… إيه اللي بيحصلي ده؟!
********************
في  مقهى هادئ في القاهرة، مساء

أدهم جالس على الطاولة، ملامحه شاحبة، أصابعه تدق الطاولة بتوتر. أمامه كوب قهوة بارد لم يلمسه. يدخل مازن مع تميم، يسلّمان عليه ويجلسان. ما إن جلسا حتى رفع أدهم عينيه إليهما، نظراته مليئة بالقلق.

تميم (مازحًا يحاول كسر الجو):
إيه يا عم… شكلك مش نايم من أسبوع. في إيه؟

أدهم يزفر بحدة، يمرر يده في شعره:
أدهم:
من خمس أيام… اعترفت 
لحلا… إنها كل حياتي. بس من يومين اختفت فجأة. تليفونها مقفول، ولا رسالة ولا أي رد.

مازن يرفع حاجبيه بدهشة:
مازن:
يعني إيه اختفت؟ يمكن زعلت منك؟ البنات ساعات بيحبوا يلعبوا لعبة "الاختفاء".

أدهم يهز رأسه بعصبية:
أدهم:
لا… دي مش كده. أنا حاسس في مصيبة. حاولت أوصلها بكل طريقة… ما فيش.

تميم يتدخل بجدية، عينيه تضيقان:
تميم:
طيب… في حد حواليها ممكن يكون عارف حاجة؟ صاحباتها؟ أهلها؟

أدهم يتنهد، ينظر لهما ثم يقول بصوت خافت مليء بالغضب:
أدهم:
اتصلت بأخوها الكبير… مهاب.

مازن يبتسم بخفة، لا يعرف بعد أبعاد الموضوع:
مازن:
طيب كويس… الأخ بيكون أمان. قالك إيه؟

أدهم يضرب الطاولة بقبضته، نبرة صوته تهتز:
أدهم:
أمان إيه!؟ قالي كلام مقرف… حكى بطريقة كأني… أنا السبب في فضيحة! كان بيهينني… كأني عملت جريمة مع أخته. حتى ما خلانيش أفهم حاجة، وقفل الخط في وشي!

مازن يفتح فمه بدهشة، يحاول يستوعب:
مازن:
إيه؟ فضيحة؟! طب إزاي؟ أنت قلت إنك اعترفتلها بحبك بس…

تميم (مفكرًا، يضع يده على ذقنه):
ممكن في حد بينكم بيحاول يوقع… يا أخي الدنيا مليانة ناس بتغير.

أدهم يحرك رأسه بسرعة، نظرته حادة:
أدهم:
أيوه… بس ليه أختفت فجأة؟ ليه أهلها قافلين عليها بالشكل ده؟

مازن يتكئ للخلف على الكرسي، يحاول يخفف الجو، لكن الفضول بادٍ على وجهه:
مازن:
طيب… قولي اسمها إيه؟ يمكن أعرف حاجة أو أقدر أساعد.

أدهم يصمت لثوانٍ طويلة، متردد. ثم يهمس بصوت متكسر:
أدهم:
اسمها… حلا.

ما إن قال الاسم حتى تجمد مازن لجزء من الثانية، يكرر ببطء وهو يفكر:
مازن:
حلا…؟

تميم لم يلاحظ توتر مازن، يكمل الحديث:
تميم:
ممكن تكون في مشكلة عائلية. شوف، إنت لازم تهدى الأول، وبعدها نشوف طريقة نوصل بيها ليها.

مازن يبلع ريقه بصعوبة، يشيح بوجهه حتى ما ينكشف ارتباكه، يتمتم في داخله:
مازن (بصوت داخلي):
حلا؟! نفس الاسم اللي دايمًا بيذكره ريان صديقي… يا رب يكون مجرد تشابه.

أدهم يرفع عينيه مجددًا، صوته جازم رغم ارتباكه:
أدهم:
مهما كلفني الأمر… لازم أعرف هي فين، ولازم أوصلها.

تميم يضع يده على كتفه يشجعه، بينما مازن يظل صامتًا، قلق داخليًا من أن تنكشف الصلة بينهما وبين عائلة ريان قريبًا
******************
في  مطار القاهرة، قاعة الوصول

القاعة مزدحمة بالمسافرين. يظهر يوسف بخطوات واثقة، طويل القامة، عيناه تحملان حدة وذكاء. بجانبه والدته ثريا، امرأة أنيقة وطيبة القسمات، عيناها مليئتان بالشوق والدموع.

ثريا (تمسك بذراع يوسف وتبتسم بفرحة ممتزجة بالدموع):
  مش مصدقة إني رجعت مصر بعد كل السنين دي. نفسيتي مرتاحة من أول ما نزلت من الطيارة.

يوسف (يميل نحوها بابتسامة دافئة):
رجوعك كان لازم يحصل يا أمي… مهما عشنا برّه، بلدنا ليها طعم تاني. دلوقتي وقت نرجع لحبايبنا.

ثريا (بعاطفة غامرة):
أكتر حد مستنياها… حلا. البنت دي غالية عندي زي بنتي. كنت دايمًا أقول لفيروز إن حلا محتاجة حضن، محتاجة قلب يسمعها.

يوسف (يضحك بخفة وهو يدفع عربة الحقائب):
ما تنسيش إن فيروز وأحمد في لندن… يعني حلا وإخواتها لوحدهم هنا. يمكن علشان كده إنتِ قلبك معاها قوي.

ثريا تهز رأسها بأسى:
ثريا:
عارفة يا يوسف… يمكن علشان كده قلبي قلقان. فيروز قوية، بس أولادها محتاجين عين كبيرة ترعاهم… وأنا حاسة إن حلا بالذات في حاجة مضايقاها.

يوسف يلمح القلق في عينيها، فيبتسم ابتسامة مطمئنة لكن نبرته جادة:
يوسف:
لو في حاجة فعلاً… أنا هنا. مش هسيبهم. ومش هخلي حد يقرب من حلا إلا على جثتي.

ثريا تمسك يده بحنان شديد:
ثريا:
عارفة إنك قدها… يا برنس العيلة. ربنا يخليك ليا يا ابني.

يوسف يضحك ضحكة قصيرة، لكنه يتطلع إلى بوابة المطار وكأنه يستشعر غيمة سوداء تقترب:
يوسف (بصوت منخفض لنفسه):
يارب أكون جيت في الوقت المناسب… قلبي مش مرتاح
**********************
في  حديقة عامة 

غزل و ضحى جالستين على مقعد خشبي وسط أشجار كثيفة، كل منهما تحمل كوب قهوة ورغم الهدوء من حولهما، إلا أن التوتر واضح في ملامحهما. العيون حمراء من كثرة البكاء، لكن في داخلهما شعلة غضب.

ضحى (تضرب الكوب بيدها بعصبية):
مش قادرة أستوعب… إزاي يسيبوها كده! إخواتها، دمها… واقفين يتفرجوا وهو بيكسرها!

غزل (بصوت غاضب، عيناها تلمعان بالدموع):
إخواتها؟! لأ، دول مش إخوات… دول جبناء! زياد ساكت كأنه حجر… وريان، اللي طول عمره أقرب واحد ليها، أول واحد طعنها بصمته.

ضحى تهز رأسها بألم:
ضحى:
أنا كمان مش مسامحة زياد… والله يا غزل مش مسامحاه. طول عمري أقول إن الراجل رجولة قبل أي شيء… لكن هو؟ مجرد ظل.

غزل تنهض واقفة، تتحرك ذهابًا وإيابًا بانفعال.
غزل:
لازم نعمل حاجة! مش هنسيبها بين إيدين الوحش دا. لو قعدنا مكتوفين الأيدينا… هيموتها.

ضحى (تنظر إليها بتوتر):
بس إزاي؟ مهاب قافل عليها الباب بالمفتاح، والفيلا كلها تحت عينه. لو قربنا… هنكون إحنا الضحايا الجاية.

غزل تتوقف فجأة، عينيها تتسعان وكأن فكرة خطرت لها.
غزل:
استني… حلا ليها صديقة… اسمها ندى. أنا فاكرة إنها أقرب وحدة ليها، ودايمًا معاها. يمكن ندى تعرف حاجة… يمكن هي الوحيدة اللي تقدر تساعدنا نوصل لحلا.

ضحى (ترفع حاجبيها بدهشة):
ندى؟! إزاي نسيت! إيه الغباء دا؟ أكيد ندى قاعدة تدور عليها دلوقتي زي المجنونة… لازم نوصلها.

غزل تبتسم بخبث ممزوج بالإصرار:
غزل:
أيوة… وندى مش زي إخواتها الجبناء. ندى بتحبها حب صادق. ساعتها هنكون إحنا وهي جبهة واحدة ضد الوحش مهاب.

ضحى تتنفس بعمق، يظهر الأمل لأول مرة في عينيها منذ أيام:
ضحى:
طيب… ندور على رقمها. أكيد في تليفون حلا القديم أو عندها حساب إنستجرام أو حاجة.

غزل (بحزم، تضرب يدها بكفها الآخر):
لازم نوصل لها بأي ثمن. حلا مش هتفضل مسجونة… أنا مش هخلي بنت زيها تنكسر تحت إيدين مهاب زي ما كنت بشوف أبويا بيكسر أمي.

ضحى تضع يدها على يد غزل، وصوتها يرتجف لكن فيه قوة:
ضحى:
إحنا الاتنين سوا… هننقذها

تعليقات



<>