رواية اقنعة بشرية الفصل الثاني2بقلم سبأ النيل


رواية اقنعة بشرية الفصل الثاني2بقلم سبأ النيل

بقيت بفتش على شاش أو قطن في الارض بين الفوضى والأوراق الخلفوها وراهم، وكأنو إعصار مرا من هنا، 5 دقايق وقلبو المكان فوق تحت. 

حركت الورق الكان في الارض وما صدقت لمن ظهرت لي لفة شاش بيضا، عاينت ليها بعدم تصديق وشلتها بي سرعة، انزويت على واحدة من أركان المكتب، كنت خايف يجو تاني، ما حاسي بي أمان، مكان يكونو هم حواليهو مستحيل يكون في أمان. 

تكلت ضهري على الحيطة وفكيت الشاش بيدين بترجف وربطتو بصعوبة حوالين عضدي الاكتشفت انو الرصاصة جرحتني لكن ما دخلت العضد، ما كنت حاسي بي الم رغم انو الجرح كان عميق، كمية الادرينالين الادفقت في جسمي خلتني مخدر وما حاسي بأي حاجة. 

مسكت يدي من فوق الشاش وتكلت راسي على الحيطة بحارب في انفاسي، كان في هدوء مخيف في المكان، احساس اني عارف المكان مليان ناس بسسس، جثث. 

واثناء هدوئي دة فجأة حسيت بي ضل بيتحرك جنب الباب، قلبي دقا بي سرعة وما اخدت وقت عشان اخاف لانو فجأة دخلو اتنين من عناصر المليش-يا وبانت الصدمة في وشوشهم كونو في انسان لسة حي. 

طوالي وجهو اسلحتهم علي وبقو بكورو ف انا رفعت يديني بإستسلام رغم الألم الشديد الحاسي بيهو في يدي، واحد منهم اتقدم بسرعة وقالي بنبرة غاضبة:" انت حي لشنو؟، ما متت زي باقي الناس ديل ليه". 

كده بمنتهى البجاحة، قلت ليهو بسرعة:" أنا اتصاوبت، اغمى علي ولمن صحيت لقيت نفسي ما متت".. مع اني كنت عارف انو ما ح يفهم كلمة "اغمى علي" دي اساسا بس زي ما بقولو الغريق بتعلق بي قشة. 

ضربني بطرف الكلاش في راسي ضربة خلتني اقع على وشي وقالي: " انت عسكري؟، انت عسكري صاح؟"..
حسيت دموعي خذلتني وحركت راسي بنفي شديد وقلت ليهو:" والله العظيم ما عسكري".. قالي وهو بفتش في ملابسي وانا لسة واقع في الارض:" كيف ما عسكري؟، جسمك دة جسم عسكري". 

في اللحظة دي انا عرفت اني انتهيت، كيف اتفاهم مع زول بحكم على انتماء واحد من شكل جسمو.
قالي جنسك شنو انت؟، شايقي ولا جعلي ولا كاهلي ولا حلفاوي.
قلبي بقا بدق، ايوا، دي القبلية والعنصرية المتخذنها منهج، حاولت اتوه في السؤال اثناء ما هو بفتش وقلت ليهو:" ما شايل حاجة انا".
ضربني بالكلاش تاني وقالي اقيف. 

وقفت وهو عاين لي بنظرات غل شديدة وكأني قاتل ليهو زول وعلق الكلاش في طرف كتفو وبقا بفتش في بنطلوني.
في اللحظة دي في صوت جواي قالي "انت كدة ميت وكدة ميت يا حيدر، ماف مانع تحاول". 

بلعت ريقي وعاينت للتاني المعاهو، كان فاتح خزنة المكتب وقاعد في الكرسي بفتش فيها، رجعت عاينت للبفتشني، كانت بنيتو ضعيفة عكسي تماما، عاينت لكلاشو مرة، ولوشو مرة، مرة للكلاش، ومرة للوش، حسيت اطرافي بردت، بلعت ريقي تاني وتالت، وفي لحظة، اخدت نفس عميق، كورت يدي وضربتو بي قوة شديدة في عمود انفو لدرجة انو رجع لورا شوية وراسو لفا، طوالي سحبت الكلاش من كتفو ووجهتو على زميلو المسافة ما يقوم من الكرسي ويرفع كلاشو في وشي كنت فضيت فيهو  تلاتة طلقات. 

وقع طوالي ف وجهت السلاح بسرعة للتاني وكان واقع خاتي يدو في انفو البنزف، قربت منو وانا موجهة الكلاش على وشو وحرفيا انا والكلاش بنرجف، رفع يدو التانية في وشي بحاول يهديني وقالي :" ما دايرين نأزوكا دي دورية تفتيش ساي". 

عاينت ليهو ثواني وطوالي ضربتو طلقتين في نص صدرو، ما كنت حاسي بالامان، كنت بتنفس بقوة زي التور، عاينت ليهم الاتنين، ما مصدق، انا، انا قتل-ت؟. 

رجع الهدوء عم المكان، نزلت الكلاش الكان حرفيا ح يقع من يدي من شدة الرجفان، عاينت ليهم بنظرات أخيرة واتحركت فوقهم وفوق الفوضى وطلعت من المكتب واول ما طلعت برا العيادة علقت الكلاش حوالي وجريت بسرعة من المكان لاني عارف الباقيين ح يرجعو تاني، بقيت جاري بسرعة، على وين، ما عارف، المهم ابعد من المكان دة. 

كنت عايز اطلع من الحلة باي طريقة، بعد مدة وأثناء ما انا جاري وبتلفت لمحت لي مزيرة على بعد 20 خطوة كدة، أقرب شجرة اتدسيت وراها وبقيت بعاين للمزيرة، كنت عطشان، بس، "أينما وجد الماء، وُجدت الحياة". 

لازم امل حسابي، وقفت زي خمسة دقايق كدة، ولمن حسيت انو ماف حركة في المكان طوالي جريت على المزيرة، عاينت بي جاي وبي جاي ما لقيت كوز لكن لقيت قارورة موية فاضية، شلتها بسرعة وغطست يدي كلها جوة الزير، ماف صبر، شربت بسرعة شديدة لدرجة كنت ح اشرق، كنت بشرب وبعاين وراي وبتلفت، مليتها تاني وشربتها والمرة التالتة مليتها وقفلتها ورجعت اجري من جديد. 

لمن قربت لحدود الحلة بقيت بمشي بحذر، لقيت لي حبل ربطت بيهو قارورة الموية مع الكلاش، وزي ما اتوقعت اول ما طلعت من الحلة لمحت عرباتهم من بعيد وكانو بتحاومو حواليها، بيضحكو، بيصورو، ويبكرو!. 

وقفت ورا شجرة بعاين ليهم شوية، كنت حاسي بغل شديد تجاههم، بعدها اتحركت على الخلا، كنت بمشي شوية، بجري شوية، وبرجع امشي، الموية تاني ما هبشتها، خايف تنتهي، مرت 4 ساعات وأنا ماشي في الخلا، كنت تعبان شديد، دموعي مرات بتخونني، وفجأة وانا ماشي، سمعت صوت تاتشر جاي من بعيد، اتلفتت حوالي بسرعة ولمحت نقطة مشوشة من بعيد وكان واضح انهم هم، كل حواسي اتأهبت، اتلفتت حوالي ولقيت مكان زي الخور الصغير كدة طوالي جريت عليهو واترميت، مليت جسمي تراب حتى شعري ووشي ورقدت على بطني ساكن، قابض على الكلاش بيدي، ضربات قلبي طارت السما. 

وشوية شوية التاتشر بقرب وصوتهم كل ما ليهو ماشي يوضح، رخيت جسمي وغمضت عيوني شديد والتاتشرات جات مارة، كانو تلاتة، مرو واحد ورا التاني وانا بس ماسك في الاية "وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون".
وبفضل الله، اصواتهم بدت تبعد شوية شوية لغاية ما اختفت، فتحت عيوني لكن ما اتحركت، كنت خايف يكون في جزو تاني جاي، بقيت راقد مكاني، اطمئنيت انو ماف زول جاي تاني، رقدت شوية، كنت تعبان، عايز ارتاح، غمضت عيوني ورقدت قريب للساعة حتى تاني قمت وواصلت مشي. 

لمن الزمن بدأ يمغرب بديت افتش في مكان آمن انوم فيهو مع انو ما ح يجيني نوم، وأنا ماشي لقيت شجر شوك ناشف لكن كان واقف ومتشابك مع بعضو وكأنو خيمة صغيرة. اتوجهت عليهو فورا، اول ما وصلت اتفاجئت بي مرة راقدة تحتو ومتغطية كُليا بالتوب، جريت عليها بي سرعة، كانت بتتحرك. 

بقيت بنادي عليها وهي صحت وزحت التوب من وشها. قلت ليها "السلام عليكم"، عاينت لي بعيون كان بينها وبين الموت شبر وقالت لي بآخر حيل "السلام عليكم؟، انت ماك دعا-مي صاح؟".. قلت ليها لالا يمه ما دعا-مي انا.
قالت لي عندك حبة موية يا ولدي؟.
طوالي طلعت الكلاش وقارورة الموية وفتحتها ومديتها ليها وسندتها عشان تقعد، سمت الله وبقت بتشرب، شربت نص القارورة بس ما اعترضت وخليتها تشرب على راحتها، بعد ما خلصت رفعت يدينها وبقت تدعي. 

قفلت القارورة وختيتها جنبي وربعت رجليني وانا بعاين ليها تحمد وتشكر في الله، بعد ما خلصت عاينت لي وقالت لي جزاك الله خير يا ولدي، قلت ليها بإرهاق "آمين يمه".. قالت لي انت جاي من وين؟. 

تكلت ضهري على الشجرة وقلت ليها كنت شغال في عيادة بعيدة من هنا، الليلة دخلو علينا دعا-مة، قت-لو الدكاترة والعيانين كلهم وانا مرقت منهم بإرادة ربنا. 

سكتت وبقت تعاين لي، مديت ليها القارورة وقلت ليها كان عطشانة لسة اشربي انا الله كريم علي.
قالت لي لكن يا ولدي.. قاطعها وقلت ليها والله العظيم تشربيها انا حلفت. 

شالتها وشربت وخلت فيها زي ربع كدة وقالت لي خلاص كفاي، شلتها شربت لي بقتين وخليت الباقي. 

قالت لي انت اسمك منو؟، قلت ليها "حيدر".
قالت لي انا خالتك "سعدية".
قلت ليها جيتي هنا كيف؟.
اتنهدت بوجع وحسيت اني ذكرتها بوجعها.
قالت لي، اولادي، كلهم قت-لوهم وما طلعت منهم إلا انا، ولدي ومرتو وبناتو، حتى حسوني الصغير ما رحموهو، ديل ما بشر يا ولدي، ديل شياطين، شياطين لابسين ليهم أقنعة بشرية، عمايلهم دي ما عمايل بشر، ديل شياطين. 

بقت بتحكي لي بكل المرت بيهو، وأنا بسمعها حسيت اني فشيت شوية من غليلي في الاتنين القتلت-هم قبيل.
بقت بتبكي بحرقة شديدة، انا اتاثرت شديد، رفعت ياقة قميصي وغتيت بيها وشي، احساس الذل والعجز حار شديد. 

واصلت وقالت "انا لي يومين تحت الشجرة دي لا اكل لا شراب، دعيت ربنا بي بقة موية بس مع اني عارفة انو مستحيل، بس ربنا جابك لي، انا كدة ح اموت رويانه والاجر ليك". 

حسيت بقشعريرة سرت في جسمي، معقولة ربنا نجاني من تحت عشرات الرصاص واختارني من بين كل المات-و ديل عشان دعوات المرة دي، عشان بس اوصل قارورة موية دعت بيها؟. 

عاينت ليها وقلت ليها ما تخافي يمه، من باكر انا وانتي بنتحرك نطلع من الفاشر دي وبإذن الله وحمايتو ورعايتو الد-عامة ما ح يلاقونا وح نعمل حسابنا لغاية ما نصل. 

قالت لي لكن يا ولدي اطلع لمنو؟، راجلي واولادي وبناتي، عيلتي الكبيرة كلها حتى اخواني واخواتي واولادهم، كلهم اتقت-لو.
سكتت وما عرفت ارد ليها بشنو، قلت ليها اقعدي معانا يمه واعتبريني ولدك وأهلي اهلك، انا اهلي في شندي، جيت هنا تبع منظمة، ح اسوقك معاي انا اعتبرتك زي امي. 

قعدت تبكي تاني، كنت حاسي بمعاناتها، بعد شوية حسيت زمن المغرب دخل ف اتيممت وصليت ودعيت الله ينجينيا.
عاينت ليها لقيتها بتصلي رغم تعبها الشديد وليها كم يوم ما ماكلة ولا شاربة، الضلام بدأ ينزل، رقدت على ضهري وانا حاسي جسمي كلو مكسر، عاينت لنجوم السما، "الله في"، "يُمهل ولا يُهمل". 

نمت وصحيت بليل متأخر على صوت المرا، كنت تعبان شديد وما واعي، كانت القمرا مضوية المكان وكانت هي قاعدة ومتوجهة على القبلة، رافعة يدينها للسما وبتدعي، كنت شايفها غباش غباش من التعب، كانت بتدعي بقوة وبإلحاح وكأنها، وكأنها شايفة الله قدامها، عاينت ليها مسافها لغاية ما جفوني انسدت غصب عني ونمت. 

صحيت الفجر والواطا بدت تفتح شوية شوية، كنت منكمش على نفسي من البرد، اول ما اتحركت حسي بآلام في كل جسمي وتحديدا في يدي المجروحة، استعدلت وتكلت ضهري على الشجرة وانا ماسك يدي ومغمض عيني بألم، عاينت حوالي لقيت المرة راقدة في الارض وبتعاين لي، ابتسمت رغم الوجع وقلت ليها صباح الخير يمه، سكتت منتظرها ترد بس ما ردت. 

عاينت ليها بإستغراب وقلت ليها صباح الخير.
برضو ما ردت، للحظة انتبهت انها، ما رمشت، وشي اتغير وبقيت بعاين ليها من سكات، عيونها كانت معلقة علي بس ما بتتحرك، قلت ليها بصوت مبحوح "يمه".
وماف رد، وخزة في قلبي، عيوني رغرغو وهم معلقات فيها. 

                       الفصل الثالث من هنا

تعليقات



<>