رواية اقنعة بشرية الفصل الرابع4بقلم سبأ النيل
فجأة ومن اللا مكان سمعت أصوات بوري وزخيرة من وراي واتفاجأت بي تاتشر جاي علي وبقولو لي بأصوات عالية "اقيف قبلك".
سبحان الله، وعلى غير العادة، ما كنت حاسي بالرهبة الحسيت بيها اول مرة رغم اني كنت خايف بس كنت ثابت، التاتشر كان بقرب وانا واقف بهدوء وشايف شريط حياتي بمر قدامي، بس، في لحظة، في لحظة انتبهت انو قزاز التاتشر القدامي مافيش وكانت أطراف الشباك القدامي فيها باقي أثر قزاز وكأنو طالع من معركة وهنا فجاة، ربنا الهمني.
التاتشر بقا على بعد 25 خطوة مني وهنا لمحت عددهم، 3 انفار، 2 في المقاعد القدامية وواحد ورا، بلعت ريقي وانا بقول في نفسي "حاول يا حيدر، كدة كدة ميت، فالاحسن تموت وانت بتحاول".
شفايفي همست ب " يا الله"، وبسرعة شديدة سحبت الكلاش ووجهتو على السايق التاتشر وضربت طلقات متتالية وانا قلبي بينبض وبدعي ربنا انو على الاقل واحدة تصيبو نظرا لاني ما متمرس على السلاح وما صدقت لمن شفتو بنتفض كذا انتفاضة والتاتشر مسارو انحرف بعد ما بقا قريب شديد مني ونزل من الشارع والشارع كان عالي واطي وعشان سمعتو كانت عالية والانحراف شديد طوالي انقلب قلبة واحدة وبقى رأسا على عقب.
ما عارف جبت الشجاعة من وين وجريت على التاتشر وانا ماسك الكلاش قوي واول ما وصلت لقيتهم بحاولو يطلعو رغم الجروح الحصلت ليهم ف وجهت الكلاش اول شي على الراكب ورا وقبل ما يفتح خشمو ضربتو طلقت-ين وجريت لفيت حوالين التاتشر بالجهة التانية ووجهت الكلاش على الراكب قدام ف هو بدأ يترجى فيني اخليهو، للحظة اتراجع بس تاني اتذكرت كيف صفو زملائي وكيف غربلو النسوان الحوامل والأطفال الفي المركز بالرصاص حتى الحمار ما رحموهو واسي هو بطلب من بكل جحود ارحمو.
عاينت ليهو بإشمئزاز وقلت ليهو بغل من تحت اضراسي " ادعي ربنا هو اليرحمك"، ضربتو اكتر من 6 طلقا-ت وما كنت شايف ولا سامع لغاية ما انتبهت انو مخزن الكلاش فضى وما جاتو غير رصا-صتين بس.
انفاسي ارتفعت وانا بعاين لجثثهم، قعدت على ركبي بسرعة وبيدين بترجف سحبت السترة المليانة ذخاير كلاش الكان لابسها ولبستها بسرعة وقفلتها، طلعت طلقة وجربتها والحمدلله كانت مناسبة لنوع السلاح الكنت شايلو، زحفت للباب الورا وسحبت الكان راكب طلعتو برا وبقيت بفتش وفجأة يدي لمست كيس ورقي كان دافي، وقفت شوية وسحبتو بسرعة وقريت مكتوب عليهو بالانجليزي كلمة معناها "وجبة للجنود".
فتحت عيوني بعدم تصديق بس الوضع كان موتر شديد وغلب جوعي ف رجعت افتش تاني لقيت زي 5 اكياس كدة، بقيت بفتش في موية بس ما لقيت، فتشت جيوب ملابسهم بحثا عن تلفون بس كان معاهم لا سلكي فقط.
لقيت كمان شنطة بتاعة ضهر صغيرة فتحتها لقيت فيها ورق بتاع ممرضين كانو في واحدة من المراكز، شلت الشنطة بسرعة شديدة دخلت فيها الوجبات ولبستها في ضهري، اتوجهت قدام وفتشت ما لقيت حاجة غير قارورة فيها موية وسكين، شلت القارورة وفتحتها عايز اشرب بس ريحتها كانت قوية لدرجة بعدتها من انفي بسرعة وعرفتها فورا كان عبارة عن كحول "عرقي".
قفلتها وكنت عايز ارجعها مكانها بس اتراجعت وقلت اخليها لأسوأ الأحوال لو انقطعت من الموية، دخلتها في الشنطة ومسكت كلاشي وقمت، فكرت احاول اعدل التاتشر وامشي بيهو بس قلت كدة ح يرصدوني رغم انو ح يريحني بس ح أعرض نفسي للخطر.
طلعت السكين وشربت لساتك التاتشر الاربعة وغزيتها في طرف الشنطة وعاينت ليهم بنظرة أخيرة وجريت بسرعة شديدة ما مصدق العملتو وما مصدق قوة القلب والقت-ل، جريت بسرعة وانا بحمد الله وقررت اغير المكان الح أبيت فيهو لانو كان قريب من مكان الحادث.
جريت وجريت وجريت والليل دخل وانا لسة جاري بحاول ابعد قدر الإمكان لغاية ما تعبت خلاص وحيلي انهد وجيت واقع في منطقة فيها حشايش خضرا.
وقعت على وشي وكنت بتنفس بقوة وريحة الزرع والطين اتغلغلو في صدري، انقلبت على ضهري وشفت النجوم الكانت بتلمع في السما، ارتحت دقيقتين كدة واول ما اتذكرت انو في وجبات في الشنطة قمت زي الزول الطقتو كهربة.
مسكت الشنطة وبقيت اتلفت على شجرة أو شوك لانو ضو القمر كان ساطع ف لمحت مجموعة شوك متجمع عامل زي ضل قمري مضلم كدة ف شلت الشنطة ومشيت عليهو قعدت تحتو، طلعت الموية شربت بسرعة وطلعت كيس من اكياس الوجبات وبقيت نصين وبقيت بفتح بسرعة واتفاجئت من الليقيتو، وجبة متكاملة، حتى التحلية موجودة، بقيت باكل بسرعة وبي نهم، لي تلاتة يوم ما ماكل حاجة وعايش على الموية، كنت ما مصدق.
بقيت باكل وباكل وما حسيت بنفسي الا وانا بضحك زي المجنون وتاني بقيت ببكي لمن اتذكرت المرا الماتت وحسيت بقدر الجوع والعطش الكانت حاسة بيهو، حرفيا اللقمة كانت في خشمي ودموعي جارية.
خلصت وشربت ورقدت شوية وبعدها قمت اتيممت وصليت ودعيت، رقدت راجع تحت الشوك وختيت المخدة تحت راسي وانا ويدي تحت راسي وبقيت بعاين في النجوم، اتذكرت امي واخواتي واخواني وابوي، اولاد اختي وعيلتي الخليتهم وقررت اني اتطوع واجي هنا، ما ندمان ابدا، لكن اشتقت ليهم.
بقيت بعزي نفسي وبونس نفسي في ذكرياته وبسال نفسي هل ح اشوفهم تلني أو لا.
فجأة اتذكرت البت واخوها الهربتهم من الباك يوم هاجموا الد-عامة، ما عارف كيف نسيتهم لكن الشفت ينسي حجر، ياربي كويسين، عايشين؟، قدرو يهربو؟، ولو قدرو يهربو من الدعامة هل قدرو يهربو من الجوع والعطش؟.
اتنهدت بقوة وغمضت عيوني، فجاة اتسللت لقلبي ذكرى وبقيت بدندن بأنشودة قديمة ولقيت نفسي بدندن بالكلمات بدون ما انطقها والدندة كانت ..
"امتى يا أمة الامجاد والماضي العريقِ ..
يا نشيدا في دمي يحيى ويجري في عروقي ..
يآ نشيدا في دمي يحيى ويجري في عروقي ..
اذن الفجر الذي شق الدياجي بالشروق
وطريق النصر قد لاح فسيري في الطريق.
قبلة الأنظار يا أرض الهدى والحق كنت
ومنارا في دجى الأيام للعالم عشت.
أنت مهد النور مهد الفن والعرفان أنت
وستبقين ويبقى لك منا ما أردت.
لا تبالي إن أساء الدهر يوما لا تبالي
قد صحونا لأمانينا ،،صحونا لليالي.
لك يا أرض البطولات ويا أم الرجال
ترخص الأرواح في يوم الفدى يوم النضال.
للغد المشرق يندى بالأماني والعطور
أمتي سيري إلى المجد وجدي في المسير
حققي بالعمل البناء أحلام الدهور
وأصعدي بالعلم والأخلاق للنصر الكبير
إصعدي يا أرض أجدادي وأمي وأبي
إصعدي يا قلعة يحرسها كل أبيّ.
إصعدي يا مشرق النور لأغلى مأرب
إصعدي للقمم الشماء فوق الشهب."
بقيت بدندن ودندن وبدندن لغاية ما نمت بدون ما احس.
صحيت فجر تلني يوم، اتيممت وصليت الفجر واكلت لي شوية اكل وشوية بقات موية وشلت شنطتي ولبست الجكت والكلاش واتحركت طوالي.
واصلت رحلتي بالطريقة دي لمدة 12 يوم، كنت بتربص للدعا-مة وكانو بلاتيني كتير وبتدسدس منهم، كأنو بفتشو علي، اتدسيت في أعمق الإمكان وكنت متكل على الله، بجازف في الأكل وفي الموية، وللاسف، بعد 13 يوم الليلة كانت آخر بقة موية وما فضل معاي غير نص كيس وجبة، رفعت الجركانة فوق وشربت اخر تلاتة بقات وبقيت بنقط فيها في لساني، نزلت الباغة واتنهدت وانا بعاين ليها وقلت الحمدلله.
شلت حاجاتي وقمت واصلت الطريق، الشارع بقى جاف وصحراوي والشمس بتعلق لدرجة اني مرات بمشي والشنطة فوق راسي والكلاش كان تقيل وعلّم على كتفي وجسمي بدأ يضعف والسيرة اللابسها تقلت حركتي وبعد تردد شديد طلعتها وشلت مخزنين ذخيرة بس ختيتهم في جيوب بنطلوني وحفرت حفرة دفنت فيها السترة واتحركت طوالي، الاكل خلص، والموية خلصت، الدعا-مة اختفوا شديد واخر تلاتة يوم ما لمحت ولا واحد فيهم بالغلط.
اضطريت ألجأ للعرقي الشلتو، كل ما اعطش باخد منو بقة بقتين بس، قضى معاي يومين وخلص هو كمان.
"وها انا ذا، تائه في أحضان وطني، في بقعة لا أعرف مكمنها، أفر من الموت إلى الموت، أسير تحت أجنحة الخطر، تشوي الشمس جلدي شيا، تورمت قدامي من طول الطريق، تزقزق معدتني ويحتك حلقي بغبار الجفاف، ها أنا ذا، لا أعلم أن كنت سأنجو، وإذا نجوت، لا أعلم إن كنت سابقى على قيد الحياة وانا على قيد الحياة ام لا".
اليوم 17:
كنت ماشي في شارع صحراوي، جاري رجليني جر، اليوم التاني بدون موية، اليوم الرابع بدون اكل، حاسي بإنو جسمي بقى تقيل على روحي، حاسي انو تقيل لدرجة انو روحي عايزة تتخلص منو، الحمل تقل، والنفس ما عادت تُطيق، ماشب بالصبر بس، لكن، خلاص، بقيت ما قادر، خطواتي تقلت، بقيت ما سامع حاجة، لا خطواتي، ولا حتى الهوا البمر جنبي، جعان، عطشان، هلكان، وما حسيت بنفسي الا وانا بقع بوشي على الرملة وراسي اتغرس في الرمل، النفس تقل، ما قدرت اعمل حركة غير إني نطقت بآخر حيل عندي وقلت "اشهد ان لا اله الا الله وأشهد أن محمد عبده ورسوله"، وبعدها غمضت وعيوني واستسلمت..
.
.
.
= "يا ولدي، يا شاب، انت كويس؟"
- "دكتور حيدر سامعني؟، يا دكتور".
قلبي نبض بقوة لمن حسيت بموية اترشت في وشي، بديت اسمع الاصوات الكنت فاكر اني بحلم بيها أوضح واوضح، فتحت عيوني، كنت شايف غباش غباش، كان في راجل وبت قاعدين فوق راسي ومضللني بي جسمهم من أشعة الشمس، ما كنت شايف وشوشهم كويس، ابتديت شوية شوية واوعى وسمعت صوت البت من جديد وهي بتقول "دكتور حيدر انت كويس؟".
