رواية كالنار والنار الفصل السادس6بقلم ولاء عمر
ــ أنت بتقول إيه يا أستاذ شادي؟
ــ قدامك البنت أهي مع ميس ثريا ومش قادرة تنصب طولها. أتمنى موقف حضرتك أنتِ كمان ميكونش سلبي زيهم.
ربعت إيديها وبصت لأستاذ وجيه وبعدها قربت ووقفت قدامه وقالت:
ــ بص لي كدا يا أستاذ وجيه.
رفع رأسه من الأرض وياريته كان موطيها من الخزي قد ما كانت من الضرب اللي خده لولا المدرسين شالوه من تحت إيد أستاذ شادي.
ــ اتفوا عليك وعلى أمثالك وأنا مبقاش أنا إن ما خليتكش تتحبس وتتربى وتقول إن الله حق يا عديم النخوة والدين.
بعض المدرسين وقفوا في صف المديرة والبعض الآخر كان مُنكِر لكل اللي بيحصل وشايف إننا بنتبلى عليه خصوصاً إنه بيبان وسطهم الشهم الجدع المحترم المتربي اللي مفيش منه إتنين ودا الحمد لله يعني إن مفيش منه إتنين.
ناقصين إحنا بلوة تاني؟!
الموضوع ما اتسكتش عليه واتحول أستاذ وجيه للتحقيق وسرّع الأمر إن المديرة ليها اللي يساعدها.
المشكلة الأكبر كانت في البنت واللي حصل لها... ردة فعل مامتها وباباها كانت سلبية، الأب كان رافض يخليها تكمل تعليم لحد ما أستاذ شادي راح له وقعد معاه، ومامتها كانت دقة قديمة وتفكير قديم أو يمكن من خوفها على بنتها.
رجعت البنت المدرسة بنفس مكسورة، هي والبنات ــ ضحايا المدرس البيدوفيلي ــ اللي فضلت أدور لحد ما عرفتهم وخليتهم يرجعوا للمدرسة من تاني ودا أحسن إنجاز قدرت أوصل له.
ــ صفاء تعالي محتاجاكي.
كانت واقفة مع زميلاتها وناديت عليها فجات لي.
شاورت على صاحبتي اللي جنبي:
ــ دي ميس سلمى صاحبتي هتساعدك إنك تعدي اللي فات وتكوني أحسن.
رجعت خطوة وقالت بتوتر:
ــ أنا مش عايزة حاجة يا ميس.
ــ ممكن تقعدي معايا أنا شوية وبعدها تقرري؟
هزت رأسها فبعدت سلمى صاحبتي ووقفت أنا أتكلم معاها:
ــ ميس سلمى هنا علشان تساعدك تتخطي اللي حصل وتكوني أقوى وأحسن.
كانت ساكتة فاعتبرتها إشارة إني أكمل وكملت:
ــ أنتِ محتاجة تتخطي كل اللي فات وترجعي أقوى وأحسن، أكيد عندك حلم نفسك تحققيه.
ــ نفسي أكمل تعليمي وأبقى حاجة كبيرة في المستقبل يا ميس، نفسي أخلي أهلي فخورين بيا بدل ما هما مقتنعين إن تعليمي زي قِلته.
طبطبت عليها وأنا بقول:
ــ علشان كدا أنا طلبت من ميس سلمى تكون موجودة النهاردة وخلال الفترة الجاية في أوقات معينة هي هتكون معاكي علشان تقدري تكوني أقوى إن شاء الله.
الموضوع مكانش سهل، حتى وجودها في المدرسة مكانش سهل بل دا باباها مكانش هيخليها تيجي لولا إن المديرة راحت وطلبت إن صفاء تحضر.
كانت البنت في البداية خايفة من كل حاجة، لحد ما قررت إني أطلب من المديرة إن يتواجد في المدرسة أخصائي نفسي وهي بالفعل سعت لكدا ودا اللي حصل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إيه اللي يخلي واحد زي مستر وجيه يعمل حاجة زي كدا؟ ليه المجتمع بقى مريب وبقت تظهر فيه الحاجات دي ؟! الحمد لله الموضوع خلص وهو اتجازى على اللي عمله وعدا عليه شهور بس برضوا مش عارف استوعبه!
كنا في آخر الترم في آخر السنة، وقفت المديرة وهي بتقول:
ــ صباح الخير بالأمس المحكمة أصدرت حكم على مستر وجيه بالحبس ست سنوات، مع دفع غرامة وتم فصله نهائيًا.
طلعت السِواك وبدأت احركه ببرود وأنا يغلبني شعور النصر.
مشكلة مجتمعنا غريبة، إحنا بندي الثقة لناس غريبة مريبة.
في الفترة الأخيرة حاولنا بقدر الإمكان إن القضية متكونش قضية رأي عام خوفًا على البنت، السوشيال ميديا كفيلة تخليها تريند ممكن يدمر مستقبلها.
خلصت اليوم وروحت السنتر .
وأنا خارج فجأة إفتكرت والدي، من سنين لما مكنتش عايزة أدخل تربية وأطلع مدرس ورافض الفكرة بكل الطرق لولا إنه أصر عليا إني أدخلها، ودخلت وأنا مش متقبلتها ولا لاقي نفسي فيها وكنت مقتنع إنه مكان مش شبهي، لحد ما بدأت أنزل تدريب ميداني في المدارس واكتشفت إن ربنا مُنعِم عليا بملَكة الشرح وإن الطلاب بيحبوني، وإني بعرف أشرح كويس .
افتكرت ساعتها إن الكلية دي ربنا عالم إنها هي وبس اللي هتليق بيا وأنا أليق بيها، ربنا وضعني في المكان دا لرسالة وهدف وهو إنه ينفع بيا غيري .
اترحمت عليه وقعدت أدعي له واتكلم معاه في خيالي
" مش لو كنت موجود دلوقتي كان زماني بشكرك؟! مش كان زماني مروح وملهوف علشان أقعد معاك! دا أنا مليش صحاب ابنك زعلان يا حبيبي ومن كتر ما شاف وحش من الناس مبقاش عايز يصاحب، ابنك مفيش حد بيدور عليه ويفتكره غير فارس اللي غصب عنه ملهي في حياته."
ــ أنا نازل يا كريمة.
ــ يا ابني أنت يدوبك رجعت كلت ونمت نازل بالليل دلوقتي تعمل إيه ؟
ــ متخافيش مش هتخطف.
ــ لِمض والله، ربنا يستر طريقك يا حبيبي ويكفيك شره.
كنت محتاج أقعد لوحدي، محتاج أبعِد، محتاج الدوشة بتاعة الشارع تعلى عن دوشة دماغي.
شوفت واحد من الشلة اللي في سنة من السنين دمرتني ومن كتر الزعل طلعت زعلي وخرجته في شرب السجاير.
ــ إزيك يا شادي، عامل إيه ؟
ــ الحمدلله يا تامر غريبة يعني أومال فين باقي الشلة؟ وفين منير اللي كان معاك في الرايحة والجاية؟
ــ مهو مباقش في شلة وكل واحد راح لحاله، ومفيش حد بقى طايق سيرة التاني.
فضلت ساكت وهو مكمل:
ــ سابونا وطلعوني أنا ومنير الوحشين الناقصين.
ــ وبعدين؟
ــ منير هو كمان سابني وكل واحد مبقاش طايق سيرة التاني .
خدت نفس عميق، غمضت عيني لثانية وبعدين فتحتها واتكلمت:
ــ تخيل بقى لما أنا كنت في موقفكم معاكم وحصل سوء تفاهم، سوء تفاهم بس كلهم بقيتوا عليا وطلعتوني و.حش! تخيل
ــ وأنا أتخيل ليه يا تامر يعني ما أنت ومنير والشلة حطيتوني في نفس الموقف لمجرد سوء تفاهم، وزعلت ولا حد عبرني، طلعتوني و.حش وقليل الأصل وناكر للجميل وبخو.ن العيش والملح.. واتسابت لحد ما الزعل كل فيا وكلني، ولا هو صعب عليكم الموقف بس مش صعب تتسبببوا لغيركم فيه؟ حلو تخلوا كل دا في شادي وصعب تشوفوه فيكم؟ بس عامةً أنا شمتان فيكم وفرحان إن شوفت حقي بعد أما ربنا رجعهولي و إياكش تولعوا كلكم في بعض.
ــ أنت قلبك إسود قوي يا شادي وأنا كنت واخد عنك صورة إنك هتسامح.
ــ قلبي أسود ووحش وأناني وكل اللي قولتوه دا فعلاً فيا.
قومت من غير سلام وروحت رانن على فارس.
ــ عايز أشوفك حالاً.
كان في البيت فروحت له زي ما طلب.
ــ وبس يا سيدي أنا حالياً مرتاح وفي برد كدا مراوح على قلبي.
ــ قلبك إسود يا شادي.
ــ ما أهو أصل إن يوصل بيا وقتها إني أدمن السجاير واحرق فيها وفي دمي بسببهم وأزعل وتصعب عليا نفسي دا مكانش قليل.
ــ أنت ناقص ترقص أنت شمتان لقدر الله!
ــ دا أنا شمتان وشمتان شمتان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صحت بالليل مخضوضة وبترعش والحلم بيتعاد من تاني وياريته كان حلم دا كان كابوس.
بحاول أتنفس بس بتنفس بصعوبة.
قعدت وأنا المشهد بيتعاد في دماغي، النطع ابن مرات بابا وهو ماسك سيجارة القرف وحاططها في بوقه ومستغل إن كلهم برا وبيحاول يقرب مني ولما ضربته لسعني بالسيجارة، فضل ضاغط عليها على إيدي لحد ما سابت اثر قاعد معلم في إيدي لحد دلوقتي.
لولا إن فارس جه في الوقت المناسب وضربه وهو من ساعتها مبيقربش بس أنا مرجعتش من وقتها أنا.. أنا بمجرد ما اشم ريحة الدخان أو أشوفه يتعاد في دماغي نفس المشهد.
موقفي واللي عيشته كان من ضمن الأساسيات اللي خلتني أسعى إن البنت اللي اتعرضت لكدا تتعالج ومتعييش اللي عيشته، حتى لو أنا كنت حاولت اتعالج وأتعافى من اللي فات بس لسة الأثر موجود.
خدت الشال وطلعت السطح.
ــ أنت لسة صاحي يا فارس؟ غريبة؟!
ــ ما غريب إلا الشيطان مش جاي لي نوم بس مش أكتر.
ــ ودا ليه؟
ــ أنا بحب يا ثريا.
ــ ويا ترى مين؟
ــ كانت زميلتي في الشغل قبل ما أسافر وسافرت وأهو رجعت.
ــ طيب حلو إيه اللي يخليك مكتئب يا عم الحبيب ؟
ــ خايف تكون اتخطبت ولا اتجوزت، مش عايز أدور واتصدم بس أنا كنت بدعي دائماً.
شديت الشال عليا وأنا بقول:
ــ وكنت بتدعي بإيه بقى؟
ــ إن هي متتخطبش ولا حد يروح عليها واللي يروح متوافقش لحد ما أنا أنزل وأروح لأهلها ويوافقوا عليا .
ــ هار اسوح يا فارس دا زي اللي يارب يا اخدها يا تأخدها؟
ــ بالظبط.
ضحكت على تفكيرة وأنا بقول:
ــ إيه يا عم شكل بحورك غويطة وفي حاجات كتير بتخبيها يا عم فارس ربنا يرزقني أنا كمان وأمشي من وش فضة وأروح دهب، هو أي مكان بعيد عنها بمثابة الدهب والله.
ــ ما تتلمي يا بت وتراعي إن دي أمي!
ــ لا مؤاخدة يا عم الناس.
قال بقرف:
ــ انتِ بقيتي بيئة كدا من إمتى؟
ــ قال يعني في حد بيشتغل مدرس ويقعد على دا الحال وهادي ؟!!
بعد فترة الحمد لله الحمد لله إن أمور فارس إتيسرت وخطب اللي قلبه رايدها والأمور تمام.
بعد كام شهر نزل تاني علشان الخطوبة.
ــ الفستان شكله حلو؟
ــ زي العسل يا ثريا حلي عن سمايا الشباب مستنييني .
لويت شفتي :
ــ بتبيع أختك علشان مستعجل ؟ إخوات آخر زمن!
روحت معاه السيشن وقعدت بعيد حبة علشان كنت مصدعة.
ــ إيه رأيك لو خطبت؟
بصيت للي واقف جنبي وقولت:
ــ افندم؟ ما تخطب!.. أستاذ شادي!!
ــ أيوا أنا يا ثريا.
ــ أقسم بالله أنا مصدعة ومالك بقيت بتستخف في دمك كدا؟
ــ تعرفي تتكلمي بذوق؟
قومت من مكاني وبصيت ليه باستنكار:
ــ ليه شايفني قليلة الذوق؟
ــ شايفك زي العسل.
ــ ما تحترم نفسك مش كفاية إنك صاحب أخويا وواقف تعاكسني؟ بني آدم غريب.
مشيت من جنبه وأنا متعصبة، وأحم... يعني نبضات قلبي بتدق بسرعة من كتر الكسوف.
ما انكرش إني من أول مرة شوفته وأنا أعجبت بيه الصراحة بس يعني هو لازم الإنسان يضغط على مشاعره ويكبتها علشان مينفعش حد يعرف.
جات واحدة كبيرة وسلمت عليا:
ــ إزيك يا حبيبتي أنتِ ثريا؟
ــ الحمدلله آه أنا حضرتك تعرفيني؟
ــ إلا أعرفك دا شادي ممبطلش كلام عنك.
جه هو من وراها وهو بيضغط على إيدها وبيقول بصوت واطي لكنه وصل لي:
ــ أنتِ بتقولي إيه بجد يا كريمة إيه دا!! مش كدا !
