رواية سفينة نوح الفصل السادس 6 بقلم سلمي خالد ابراهيم

      

رواية سفينة نوح

الفصل السادس 6 

بقلم سلمي خالد ابراهيم

صلوا على النبي 🤎🌻

 ( نادر الشرنوبي)

ظُلم..

نواجه الظالم بكل ما أُتينا من قوة فنصارعه بأي شيء حتى وإن كانت دعوة، ولكن كيف أدعو ومن ظلمني أبي!

لماذا يجعلني أبي بهذه الحالة المشينة!

لماذا يقتل أخر ذرة ود بيننا!

أنت قاسي ولا أريد منك شيء سوى أن تتركني وشأني.. أهذا كثير عليّ؟

ولكن كيف للشر أن يصبح شرًا إن تركك...!

ــــــــــــــــــــــــــــــ

هدوء عم المكان بعد حالة الإرتياع التي أصابتهم، فتح نوح عينيه، وعقله يعمل بسرعةٍ غريبة، فلا يوجد أصابة واحدة حتى السيارة التي يحتمي بها لا يوجد بها خدش، إذًا ما صوت هذا الرصاص؟؟

نظر حوله باحثًا عن الجميع بعدما تفرقوا، فلم يجد سواه يقف خلف السيارة يرفع مسدسه تأهبًا لحدوث شيء، بدأ يدقق النظر حوله فوجد سعدي وسفيان عادا بسرعةٍ يختبأن خلف سيارته، بينما دخلت فلة داخل المكتبة، بيقت ذكرى أين هي؟

_ أنا مش عارفة العيال دول بيجيبوا الصواريخ دي منين.. بقولك الزفة دي خلص ولا لسه؟

رمش نوح بأهدابه عدةً مرات يحاول استيعاب مصدر الصوت، ينظر حوله بتعجبٍ، ليعلو صوت ذكرى مجددًا تنطق بضجر:

_ أخلص ريحة الزيت والبنزين هتفطسني!

اتسعت عين نوح بصدمةٍ ينظر أسفل على الأرض، ليجد رأس ذكرى يخرج مثل الفئران من أسفل السيارة التي يحتمي خلفها، لتعود تسأله مجددًا بضيقٍ:


_ أنت يا عم بقالي ساعة بسألك أطلع ولا هيعملوا الدنيئة تاني!! 


علت بسمة ساخرة على شفتيه، ثم قال معلقًا على كلمتها:


_ الدنيئة! أطلعي يا ذكرى هانم.


رمشت بأهدابها ثم خرجت من أسفل السيارة تقف على قدميها تنفض ملابسها، شاهد سفيان ما فعلته، ليغادر السيارة الواقف خلفها يهتف ببسمة مذهولة:


_ أنتِ نزلتي تحت العربية إزاي؟؟


حركت كتفيها بالامبالاة تجيبه دون اهتمام:


_ مفيش خدت واحدة انبطح والباقي الحركات هتشوفها لما أترعب تاني.


_ تترعبي؟!


أومأت بالإيجاب مؤكدة حديثها وسؤاله، تجيبه بنبرة جادة:


_ ما وقت الرعب أنت متعرفش أنا بعمل إيه تلاقيني بخرج إبداع وبيعجب على فكرة.


ضحك سفيان على حديثها، بينما ارتفع صوت نوح بنبرة ساخرة:


_ عجبني فكرة إنك تنزلي تحت عربية فيها بنزين لما الطلقة تيجي في خزان البنزين تنفجر بيكِ وتموتي ونخلص من كتلة الإبداع اللي واقفة قدمنا دلوقتي..


صمت قليلًا بعدما لمح صدمتها ورعبها من الفكرة، ليعلق بمكرٍ:


_ تحبي نقول شابو ليكِ ولا ربنا يرحم ذكائك الخارق؟


رمقته بنظرة مغتاظة ثم حركت شفتيها بطريقة مضحكة تسخر من حديثه الخبيث، تركته تغادر إلى المكتبة بخطواتٍ مغتاظة، بينما ابتسم نوح على طريقتها يهمس بخبثٍ:


_ شكلها قضية فُل الفل.


راقب سفيان طريقة نوح وشعر بغرابة صديقه، فلم يتعامل بتلك الطريقة المشاكسة مع أحد منذ هذا الحادث، إذًا السؤال هنا من هذه الفتاة التي جعلت نوح نصار يشاكسها!!


أتى سعدي يطالهم بغرابة بعدما غادرت ذكرى، يسأل بتعجبٍ:


_ هي ذكرى مشيت متعصبة ليه؟


استدار نوح نحوه بعدما اختفت ذكرى داخل المكتبة، ينظر نحوه بتدقيق يسأله بهدوءٍ:


_أنت شوفت ذكرى إزاي بظبط؟ وعرفت منين إنها بتحفظ أي حاجة بتلمحها!


تعجب سعدي من سؤاله، ظنًا أنه لم يلقاها من قبل، ولكنه لم يرغب بإثارة شجار أخر، ليسرد ما حدث بنبرة جامدة لا تلين، استمع نوح باهتمامٍ شديد ليتفاجأ بما فعلته ذكرى، تنهد بصوتٍ مسموع يردف بهدوءٍ:


_ قبل أي حاجة لزمًا نخليها تشوف حاجة تلمحها وتقولها عشان نتأكد من دخولها القضية.


أومأ سعدي بثقةٍ، بينما أكد سفيان حديثه ليسيروا نحو المكتبة بخطواتٍ ثابتة قوية، ولكن شرد نوح بطريقة ذكرى ليهتف بهدوءٍ معجب:


_ كلك مفاجأت يا ذكرى.


صمت عقله عن الحديث، وقبل أن يدلف استمع لصوت فُلة تصرخ بحماسٍ:


_ أنا عايزة حفلة أكشن زي دي تاني!


رفعت ذكرى كفها تصفعها على مؤخرة رأسها تردد بغيظٍ:


_ هي حفلة باربي..بلاش هبل!!


عبست ملامح فُلة بضيقٍ، ثم عادت تردد بصوتٍ يملأه الشغف:


_ دا مفيش أحلى من الأكشن وضرب الناس.. تقعدي تجري من ناس مافيا والحوارات دي.


نظرت لها ذكرى بمللٍ ثم قالت بسخرية:


_ والله أنتِ متستهليش غير مافيا تجريكِ قدامها عشان تتلهي عني وعن سندوتشاتي اللي بتاكليها.


_ أنا مش فاهمة السندوتشات بتاعتك حرقاكِ في إيه لما أكلها.


نظر لها ذكرى بغيظٍ ترفع يدها تشير لها بسبابتها قائلة:


_ يا بجحة شايفة الجملة عاملة إزاي! بتقولي سندوتشاتي وبتتفطسي فيها وتكليها عايزني أقوم أطبل وأرقص إن كرشك بلع أكلي.


رفعت فُلة يدها تكتم فمها قبل أن تسترسل بالحديث مجددًا، تنظر خلف ذكرى بأعينٍ حرجة، بينما نزعت ذكرى يد فُلة عنها تصرخ بها بضجرٍ: 


_ أنتِ عبيطة هتفطسيني عـ...


_طب آسفين للمقاطعة على سندوتش الفول وطعمية اللي وجع قلبك كده ممكن تسبينا نتكلم في المفيد.


تجمد جسد ذكرى بصدمةٍ، بينما وضعت فُلة يدها على وجهها تحاول إخفاء ملامحها المحرجة منهم بعدما استمع للحوار بالكامل، ازدردت ذكرى لعابها تنهض من مكانها لترى وجههم تكبح ضحكتهم على حديثهما، لتردف بحرجٍ بعدما توردت وجنتيها:


_ أتـ.. أتفضلوا عايزني في إيه؟


سحب نوح مقعد صغير موجود بالجوار ليجلس عليه، بينما تقدم سعدي ليقف خلف الطاولة صغيرة يجلس على طرفها، بينما نظر سفيان حوله فلم يجد مكان ليجلس به لتعبس ملامحه بضيقٍ قائلًا بخفوتٍ:


_ كده ظُلم وربنا على المفتري.


تجاهل نوح حديث سفيان الذي إلتقطه سريعًا، لينظر نحو سعدي يشير له بأن يتحدث في المتفق عليه، ليحمحم سعدي لتنقية حنجرته ثم قال بهدوءٍ:


_ بصي يا ذكرى أنتِ عندك موهبة غريبة في لمح الحاجة صح؟


أومأت بأيجابٍ يحمل تعجب، ليسترسل سعدي حديثه:


_ تمام.. ودا السبب اللي خلانا نجيلك.


_ معلش مش فاهمة! حضرتك إيه علاقتك بالأستاذ نوح وأنا إيه علاقة موهبة بتاعي بيكم!


مسح نوح بنفد صبرٍ، ثم تولى هو دفة الحديث يردد سريعًا مجيبًا على اسئلتها:


_ إيه علاقتي بيه أكيد مش أخويا في الرضاعة... زملاء في قضية.. دا بنسبة للسؤال الأول، علاقته إيه بيكِ بقى دا لإن القضية اللي إحنا فيها محتاجين حد ثقة عشان يلمح حاجة معينة هتظهر في مدة صغيرة وهتختفي بعدها وطبعًا هتدربي قبلها.


شهقت فُلة بصدمةٍ مما يحدث، بينما انتفضت ذكرى بهلعٍ تنظر لهم بقلقٍ، يعمل عقلها سريعًا في تحليل ظهورهم فجأة وضرب النار،  كل شيء بدأت تعالجه سريعًا ليدرج عقلها تلك الأسئلة، 

هل ضرب النار الخارجي هذا حقيقي؟

وله علاقة بالقضية التي يتحدثون عنها؟

رجفة قوية سارت بجسدها بالكامل جعلتها تشعر ببرودة تسير بخلاياها بالكامل، تنظر نحو الخارج بخوفٍ تملك من ملامحها، ليومئ نوح ببسمة تسلية قائلًا:


_ عليكِ نور هو بظبط اللي جه في بالك.


حركت رأسها برفضٍ قاطع، تتراجع للخلف بتوترٍ، تحرك فكيها اللذان تجمدا بعدما ضربتهما برودة الخوف:


_ لاء مش هقدر طبعًا..أنت عارف بتقول إيه؟؟


نهض سعدي ينظر لها بتعجبٍ، يعلق باستنكار:


_ مش هتقدري ليه؟ الموضوع مش عايز أكتر من يوم واحد لحد ما نخلص القضية دي.


نفت ذكرى بحركة عنيفة مستخدمة رأسها، يتمالكها الخوف، تنظر لهم بأعينٍ مدمعة قبل أن تقول:


_ لاء برضو.. إذا كان جيتوا عندي بس وحصل ضرب نار وبهدلة فلما أدخل معاكم هيحصل إيه!!


_ دا كله لعب معانا.


نهض نوح واضعًا يده في جيب سرواله، ينظر لها بثقةٍ قوية، بينما حدقت به ذكرى باستنكارٍ معلقة:


_ لعب؟؟ أنت بتهزر صح! هو كان بومب عيد زي ما فكرت حضرتك دا ضرب نار!


أومأ نوح ببسمة باردة يجيبها ببساطة:


_ عارف إنه ضرب نار بس زي ما قُلت هما عايزين يلعبوا معانا فعملوا كده مش أكتر لكن محدش اتأذى لسه شوية على الموضوع دا.


استدارت ذكرى تواليهم ظهرها تنظر نحو فُلة الصامتة بطريقة عجيبة، ثم تقدمت منها تربت على كفها قائلة بحنوٍ:


_ متخفيش مش هخاطر بحياتي وأسيبك.


راقب فعتلها وأناملها التي تلامس كف قريبتها بحركاتٍ دائرية، وما زاد تعجبه، تجمد جسد فُلة بتلك الطريقة وكأنها تشاهد حادث مأسوي أمامها، ابتسم سفيان بإدراكٍ لما حدث وخاصة بعد جملة ذكرى للأخيرة، في حين ردد نوح بهدوءٍ عجيب:


_ ومين قالك لما تدخلي معانا هتخاطري بحياتك أو هنسمح إن حياتك هتبقى في خطر من الأساس؟


نظرت له ذكرى باستنكارٍ واضح، تشير بعينيه في تهكم صريح نحو الباب قائلة برفض صريح قاطع:


_ وحفلة الصواريخ اللي برة دي إيه؟ دا أنا مع أول قلم هعترف عليكم نفر نفر.. بقولك إيه أنا أصلًا محدش يعرف إني عندي القدرة دي ولولا موقف القسم وفُلة كانت هتتحبس مكنش صاحبك عرف حاجة من الأساس، فرجاءً خد صحابك وأمشوا أنا مش مستغنية عن عمري.


نظر لها بصمتٍ يحدث بـ بؤبؤة عينيها بقوةٍ وكأنها يحاول فك تلك الشفرة الغريبة بهما، في حين توترت ذكرى من نظرات القوية، تشعر وكأنه يريد اقتحام حصنها فقطعت هذا الأتصال البصري وهي تلف ذراعها حول فُلة محاول السيطرة على حالتها، استدار نوح ليغادر المكان قائلًا بهدوءٍ ماكر استشعرته ذكرى:


_ هنتقابل تاني يا ذكرى. 


نهض كلًا من سعدي وسفيان خلف نوح بتعجبٍ من عدم استمراره في الاقناع، فليس نوح الشخص العادي الذي يستسلم بسهولة في عمله، أغلق نوح باب الزجاجي خلفه بهدوءٍ، فهتف سعدي بحيرة:


_ أنت ليه مشيت ومحاولتش تقنعها؟؟


رفع نوح بصره ينظر للمكان حوله، يجيبه بنبرة ساكنة:


_ عشان عقلها لسه مش مستوعب اللي قولناه، أديها وقتها تفكر وبعدها هنرجع تاني والمرة الجاية أنا معايا السبب اللي هيخليها توافق.


كاد سعدي أن يتحرك للجهة الأخرى نحو سفيان ولكن مد نوح كفه يضعه على صدره مانعًا حركته، تعجب سعدي من حركة نوح ونظر نحو سفيان الذي دُهش منه وما كاد أن ينطق حتى وجد سهمًا ملفوف بشريطة حمراء ينطلق بين وجهي نوح وسعدي الذي تجمد جسده بقوةٍ من صدمة، فلو تحرك لكان السهم اخترق رأسه، أزاح نوح يده عنه، ثم مدها نحو السهم ليمسكه نازعًا إياه بعيد عن الباب، تأمل السهم قليلًا ثم أمسك بتلك الشريطة الحمراء ليقرأ عليها رسالة صغيرة..


" أعجبتك اللعبة؟ "


أرتفع صوت سعدي بدهشةٍ، يردد بشكٍ:


_ أنت كنت عارف؟؟


أومأ نوح بهدوءٍ، يعطي لسعدي تلك الشريطة، ليقرأ ما كُتب عليها بالفصحى، ثم قطب جبينه بدهشة ثم قال بملامح منكمشة بتعجبٍ:


_ لعبة! يعني أنت عارف إن كان هيحصل ضرب نار؟


_ لاء، بس ضرب النار اللي حصل مش هتلاقيه غير صوت ومفيش حاجة أتأذت، فاللي حصل هو رسالة كده إننا متراقبين وكل حركتنا مدروسة منهم.


غمغم بتلك الكلمات بتفسيرٍ صريح وواضح، بينما توتر سعدي عند هذه النقطة ليردف بقلقٍ:


_ طب كده ممكن يأذوا أمي؟


حرك نوح كتفيه بالامبالاة يمسك بجهاز التحكم الخاص بـ السيارة ضاغطًا على الزر القفل، ثم تقدم من السيارة يمسك بالباب يفتحه بهدوءٍ يجيبه قبل أن ينزلق جسده داخلها:


_ كل الاحتمالات واردة يا سعدي.. وعشان كده هنرجع المقر تاني ونتفق من جديد عشان نأمن العيلة.


زفر سعدي باختناقٍ من فكرة أذي والدته، فهي أقرب شخصًا له في هذه الحياة، لن يتحمل أذيتها، دلف للسيارة بهدوءٍ، ومعه سفيان، ليهتف سفيان بعبوسٍ:


_ وديني العيادة عشان معادي جه.


أومأ نوح لينطلق بالسيارة نحو وجهته، ولكن عقله ينسج آلاف التحاليل الخاصة بما حدث وما سيحدث.


***************


مدت كفها بطرقات خفيفة على الباب، ثم دفعته برفقٍ لتدلف ببسمة متسعة تبحث بعينيها عنهما، تشعر بالألفة مع هاتان الفتاتان، ولكن ليس جديد على حميدة أن تحب أحد سريعًا، وقع بصرها على ذكرى وهي تنحني بظهره قليلًا نحو فُلة تنظر لها ببسمة حنونة محاولة السيطرة على نوبة ذعرها، حمحمت حميدة بصوتٍ واضح ثم علا صوتها سريعًا:


_ أخص عليكم أبقى بقالي ساعة واقفة ومحدش يحس بيا.


انتفضت ذكرى من مكانها تنظر نحو الباب، تتأمل حميدة ثم سرعان ما علا محياه بسمة سعيدة تتقدم نحوها قائلة:


_ خالتي حميدة.. عاملة إيه؟


استقبلتها حميدة واضعة الأكياس من يدها، تضمها بحنوٍ شديد قائلة بحبٍ:


_ الحمدلله يا قلب خالتك.. البت فُلة دي مالها؟


زفرت ذكرى بحزنٍ وهي ترى وجه فُلة الحزين، لتهتف بعبارة مختنقة:


_ افتكرت باباها ومامتها.


تأثرت حميدة بعد تلك العبارة وهي تتأمل فُلة، ولكن لم تدع للحزن وقت حتى سمكرت بابه سريعًا، تردف وهي تمد يده تدفع يد ذكرى بحركة عفوية:


_ طب روحي بسرعة فضي الأكل دا..  أنا عاملة شوية غدا يستهالوا بوقكم، وأنا هنعنشهالك.


ضحكت ذكرى بخفوتٍ تومئ بطاعة، ثم تحركت نحو الحقائب، بينما أنطلقت حميدة نحو فُلة، تمسك يدها لتسحبها من مكانها، تساعدها على النهوض قائلة ببسمة مرحة تحمل حنو:


_ وأنا اللي قولت هتقولي خالتي حميدة جت وتجري عليا.. بس مش مشكلة تعالي بقى في حضني لحسن وحشتني.


ضمتها حميدة بقوةٍ وكأنها تحاول اقتحم حصونها الباردة بدفء هذا العناق، ثم بدأت تهدهدها بكلماتٍ حنونة قائلة:


_ أنتِ مش لوحدك يا هبلة وأنا معاكِ وبحبك وكأنك بنتي اللي مجبتهاش والبت العسلية ذكرى موجودة كمان أهوه وبتحطلنا الأكل.


أدمعت عين فُلة باستجابة لحديثها تهتف بصوتٍ مبحوح:


_ عايزين ياخدوها مني.


قطبت حميدة ما بين حاحبيها حتى تقلصت المسافة بينهما، تسأل بحيرة:


_ هما مين اللي ياخدوها؟ وياخدوها ليه؟؟ 


ابتعدت فُلة عنها قليلًا تنظر لها بألمٍ يقطر من عينيها، تحاول التماسك ولكن هيهات وقد لمس ما فعله جرحًا لم يبرأ بعد، سالت دموعها واحدة تلو الأخرى تجيب بصوتٍ مختنق:


_ ابن حضرتك سعدي هو وصاحبه نوح وواحد تاني عايزين ياخدوا ذكرى في القضية معاهم.. دول لما جم هنا حصل ضرب نار ما بالك لو دخلت معاهم هيحصلها إيه؟؟ أنا مش عايزة أخسر ذكرى يا خالتي مش هقدر على بعدها هي كمان.. أنا إتيتّمت مرتين و خايفة من التالتة.


عادت حميدة تضمها بحنوٍ شديد، ولكن تشعر بغرابة الموقف وخاصة ابنها الذي طلب من ذكرى مثل هذا الطلب!، ربتت عليها بحنوٍ حتى سيطرت على بكائها وقبل أن تهتف بكلمة كانت ذكرى تأتي بحماسٍ طفولي:


_ ألحقي يا فُلة خالتي عاملة مكرونة بشاميل وبانية.


انتفضت فُلة سريعًا تقترب من الطبق الكبير الذي احضرته ذكرى تبتسم بسعادة وهي تصفق كأنها لم تكن تبكي، هذا الطعام له سحر خاص معها لينسيها حزنها، تأملت حميدة ملامح كلاتهما ببسمة دافئة، ثم تقدمت نحوهما قائلة بعبوس:


_ جرى إيه يا بت منك ليها افترستوا الطبق ما تسيبوا منابي!!!

مدت فُلة يدها تلتهم قطعة حميدة سريعًا، تنظر لها ببراءة وهي تنفض يدها، تحرك كتفيها ترسل لها جملة صغيرة

" خلاص مفيش.. خلص بح"

ضحكت حميدة بصوتٍ عالي، تابعتها ذكرى بالضحك حتى أرتفع رنين الهاتف الخاص بها، نظرت له لتجد رقم غريب، عبست ملامحها ثم أمسكت به ترد على المتصل تشعل السماعة الخارجية ليصبح الصوت واضح ييتمع كلًا من حميدة وفُلة لهذه المكالمة، ولكن تجمد جسدها عندما سمعت صوتها المبحوح ينطق:

_ وحشتني..

ارتجف شفتيها تنظر للهاتف بألمٍ، بينما توقفت فُلة عن مضغ الطعام وهي تنظر نحو ذكرى بقلقٍ، تعجبت حميدة مما يحدث ومن تلك المتصلة التي قلبت الوضع رأسًا على عقب في كلمة صغيرة، ملأت الدموع عينيها، تحاول كبحها كي لا تسيل، بينما أسترسلت جميلة بصوتٍ متألمة تزداد بحّته أثر البكاء:

_ مش عايزة تردي على أمك يا ذكرى!!

خدشت جرحها فعاد ينزف بقوةٍ، يدفع دموعها الصارخة بألمٍ تزامنًا مع صراخ قلبها، لتحرك فكيها بعتابٍ مهذب:

_ ماما اللي سبتني أتعذب ومدفعتش عني! ماما اللي رمتني في الشارع من غير ما تسأل فيا!

حركت جميلة رأسها برفضٍ، تتحدث برجفة تقطع كلماتها:

_ لالالا والله عمري ما رميتك.. دا غصب عني يا ذكرى والله يا بنتي عمري ما أفرط فيكي أنتِ حتة مني إزاي أسيبـ... آآآه!!

تبدلت ملامحه ذكرى لأخرى خائفة مرتعدة، تستمع لصوت صفعة قوية تلطم وجه والدتها، ثم صراخ والدها القاسي:

_ هو أنا مش قُلت معندكيش غير بنت واحدة! كلامي مش بيتسمع ليه؟ وأنتِ..

أمسك الهاتف يكمل حديثه اللاذع لذكرى، يهدر بكلماتٍ جافة مخيفة لا تحمل معنى الإنسانية وليست الأبوى:

_ أنتِ إيه يا بت البجاحة وقلة الكرامة دي.. هتجيبي كرامة منين وأنتِ متربتيش من أهلك! أخر مرة بحذرك يا ذكريات لو قربتي مننا تاني هدمرك.. مش كفاية استحملت عشر سنين فشلك وهبلك وأنتِ صغيرة وجبتيلي الفضيحة..

لم تعد تتحمل حديثه القاسي، تشعر بأفعى تلدغ قلبها لتدس به سُم مخيف داخله يدفعها لكرهه، صرخت به بقهرٍ يتلطخ وجهها بحُمرة البكاء ودموعها الملتهبة من شدة الألم:

_ فضيحة إيه حرام عليك كل دا عشان مبعرفش أكتب ولا أمسك القلم.. دا أنت لو جايبني من شقة دعارة مش هتعمل فيا كده.. كنت طفلة.. طفلة عندها مشكلة وعايزة تتعالج ومتعالجتش ليه تعمل فيا كده! أذتني ودمرتني وفي الأخر بتهددني إنك تدمرني تاني! 

لم تأثر كلماتها به، بل كان رده بارد الذي جعل ملامح حميدة تذهل:

_ متعلقيش فشلك على شماعتي.. وبعد كده لما تحبي تتكلمي مع نادر الشرنوبي تبقي عاملة إنجاز..أنا مش عارف إزاي اشتغلتي وأنتِ مش عارفة تمسكِ قلم.

عجزت عن الرد، معه حق هي لم تصنع إنجاز إلى اليوم، فاشلة بكل ما تحمله معاني الكلمة، حتى إمساك القلم من أصعاب المهام بنسبة لها و التي يقوم بها طفل صغير ببساطة، تدخلت فُلة سريعًا قبل أن يغلق الخط:

_ بكرة هتعمل إنجاز وهتجري وراها عشان تكلمها.

جمود غلف ملامحه يرد بجفاء:

_ عمري ما هجري وراها لو هموت.

أغلق المكالمة بوجههم جميعًا، حاولت ذكرى الإنسحاب بعيدًا ولكن شدتها حميدة سريعًا لها، أدركت سر يُتمها الحقيقي، فأي أب يفعل كل هذا بإبنته، هتفت بقوةٍ وكأن الصفعة لها وليست لذكرى:

_ رايحة فين يا بت! أوعي تهربي فاهمة.. أنتِ هتقفي قدامه وتوريه إنجازك وتخليه يندم إنه مش طايل ضفرك فاهمة..

_ مش هتفرق معاه..هو معاه حق أنا فاشلة ومش عارفة أعمل حاجة!!

كلماتٌ ضائعة همست بها تسكن داخل أحضانها، ولكن دفعتها حميدة تمسك بعضدتها قائلة بإصرار:

_ أنتِ هتعملي الإنجاز عشان نفسك.. أنتِ لزمًا تنجحي عشان تثبتي لنفسك إنك مش فاشلة.. شيلي الكلمة دي من قاموس حياتك يا ذكرى وأنا في ضهرك يا بت هفضل وراكِ لحد ما تقفي على رجلك وكلك ثقة.

شهقة بكاء قوية خرجت منها وهي تتشبث بحميدة كطفلة صغيرة ضاعت من والديها، لم تستطع ربط لجام دموعها بل أصبحت ترمح على وجهها دون توقف، قبلت حميدة رأسها تربت على ظهرها من حين لأخر حتى تهدأ بينما وقفت فُلة أمامها بعدها تأملت شكلها تردد بقوةٍ:

_ ذكرى أدخلي مع سعدي باشا القضية.

انتفضت ذكرى من أحضان حميدة تنظر بأعينٍ حمراء كالدم نحو فُلة، تهز رأسها بضعفٍ رافض، أسرعت تمسك بكفها تحتضنه بين يديها تردف بتشجيع:

_ لا يا ذكرى أدخلي فيه.. مش يمكن ربنا بعتلك الموضوع دا عشان تثبتي لنفسك وللكل إنك مش فاشلة بالعكس أحسن منهم!

لمست وتر هام لديها، استطعت السيطرة على تركيزها لترى عينيها تائهتان تحدقها بضياع، فعادت تسترسل بحنوٍ:

_ متخفيش من حاجة وأنا هبقى معاكِ خطوة بخطوة ومش هسيبك كمان هندخل الموضوع سوا يا ذكرى.. عمري ما هسيبك تقعي.. أختي هتقف على حيلها تاني ومش هخلي حد يأذيها.

ابتسمت حميدة برضٍ عنهما، لتردف باستجابة لحديث فُلة:

_ أدخلي في القضية دي يا ذكرى.. وأنا هشوف الموضوع دا مع سعدي بس اتأكدي إن ظابط اللي يطلب مساعدتك في قضية معقدة يبقى أنتِ مميزة ومميزة أوي كمان.

ربما كلماتهما كانت بمثابة ذلك البلسم الحنون الذي يربت على جرحها و يضمده بحنوٍ، تومئ برأسها بجدية واضحها، ثم نظرت نحو حميدة ببسمة ضعيفة تهتف ببحّة تحتل كلماتها:

_ معلش هتعبك تبلغي سعدي باشا إني موافقة أكون معاهم بشرط فُلة تكون معايا.

*******************

مد يده بسرعةٍ مخيفة يقبض على ذراعها بشراسة، يغرز أظافره بلحم ذراعها بقوةٍ دون أن يهتم بصراخها، يهدر بصوتٍ جهوري مخيف:

_ هو أنا مش قُلت البت دي ماتت! بترجعي تنبشي في الماضي ليه يا جميلة!

حاولت دفعه عنها لعلها تستطيع تخفيف قبضته عنها، ولكن هيهات وقوة جسده تضاهي جسدها بمراحل، رفعت قبضتها الضعيفة تضرب صدره قائلة:

_ أنت إيه يا بني آدم أنت! مفيش في قلبك رحمة أبدًا! بترمي بنتك وهي عمرها عشر سنين وحرمني منها عشان سبب تافه ملهوش لزمة وكمان مش عايزني أكلمها.. أنا مشوفتش في جحود قلبك!!!

دفعها بعيدًا لتسقط على الأرض تتأوه بقوةٍ وصوت واضح، تحاول وضع يدها على تلك الجروح الصغيرة ولكنها عميقة، لتوقف الدماء التي تنساب منها، كادت هند أن تلحق بها بجسدٍ ينتفض رعبًا ولكن صراخ نادر عليها جعلها ترتعد بذعرٍ تتراجع للخلف لعلها تنقذ نفسها من بطشة غضبه، نظر نادر بسخرية نحو جميلة التي تذرف الدموع ثم قال بنبرة جامدة:

_ لو شوفتك بتكلميها تاني يا جميلة هتزعلي مني جامد ومش هتحبيني .

رفعت عينيها تحدقه بسخطٍ ثم رددت بتهكمٍ:

_ دا على أساس بحبك دلوقتي؟؟ أنت فاكر بعد اللي عملته هحبك يا نادر؟؟ أنت حرمتني من بنتي.. عارف يعني إيه تحرم أم من بنتها... وأنت هتعرف منين وأنت ربنا نزع من قلبك نعمة الأبوة أساسًا!

رفع كفه يريد صفعها ولكنه قبض على يده يهدر بعصبية مفرطة، تنفر عروق وجهه بشكلٍ يثير الرعب:

_ أخرســـــــــي بقى.. كلمة كمان وهنسى إنك في يوم مراتي!

أشاحت بوجهها بعيدًا عنه، بينما تراجع هو خطواتين يعيد ثباته الذي تبعثر منذ لحظات، عاد يسترسل بتهديدٍ صريح:

_ لو عرفت إنك كلمتيها تاني هندمك على اليوم دا يا جميلة وهتقولي ياريتني كنت اتبريت منها.

أرتجف قلبها برعبٍ، ولكن طفح الكيل منه وتمردت مشاعرها على حالة الرعب التي تملكتها، لتهتف بتحدٍ صريح:

_ هكلمها وهرجعها لحضني يا نادر.. وأبقى بِل الندم وأشرب مياته!

كشف أنيابه ببسمة تنم على شرٍ مخيف، يحدقها بنظرة أذابت هذا التحدي بل وزرعت داخلها رعبًا لن تنساه، ردد بكلماتٍ مخيفة:

_ قولتلك هتندمي يا جميلة..!

تحرك نحو باب الشقة يمسك بمقبضه يحركه بخفةٍ، ثم قال بصوتٍ جامد:

_ أنسى بقى الحضن وفكري إزاي هتعرفي مكان قبر بنتك!

أغلق باب الشقة بالمفتاح يغادر الشقة عازمًا على الإنتهاء من أمر ذكرى، بينما صرخت جميلة بقوةٍ تركض نحو باب الشقة تضرب الباب بقوةٍ قائلة برجاءٍ من وسط دموعها تحاول مقاومة  غيبوبتها التي تعلم جيدًا أنها لن تفيق منها:

_ أنا آسفة يا نادر خلاص والله مش هكلمها بس سيبها عايشة عشان خاطري.. يا نادر.. نـــــــــــــــادر رد عليا.

سقطت على الأرض بعدما جف حلقها واختفت الرؤية من أمامها، لم تعد تتحمل جحوده ليختار عقلها الهروب بظلامٍ دامس ينغمس به، انتفضت هند بخوفٍ ما أن رأت جسد والدتها يهوى على الأرض، تركض نحوها بتعثر، تناديها بنبرة مرتجفة ودموعها لم تنتهِ:

_ ماما فوقي عشان خاطري أنا مليش غيرك... يا ماما!!

لم تستجب لها جميلة بل إزداد شحوب وجهها أكثر، لتركض هند نحو غرفتها تمسك بالهاتف سريعًا، تتصل بأي شخص ولكن بمن؟ وقد أفنى والدها جميع علاقاتها فلا تعلم أحد سوى ذكرى.. حتى هي ضمرها بعيدًا!

نظرت حولها بضياعٍ فلن تلحق الإسعاف الوصول لهنا وربما يصل الأمر للشرطة إن رأوا ذراعها، ماذا تفعل؟ لمحة تلك الورقة المدون عليها رقم سفيان لتسرع بإمساكها تضغط على الأرقام المطلوبة تنتظر بلهفةٍ أن يجيب، فاستمعت لاستجابته يهتف برسمية:

_ ألو دكتور سفيان معاك!

_ دكتور سفيان أنا هند الشرنوبي.. ألحقني أرجوك ماما وقعت مني ومش بترد خالص!!

انتفض سفيان من مقعده يردد بسرعةٍ:

_ أبعتي لوكيشن البيت بسرعة.

*****************

ألقت بجسدها على مقعد خشبي بتعبٍ تمالك منها، تنظر لفُلة التي تتقدم بخطواتٍ صغيرة نحوها بعدما ودعت حميدة بحرارة، جلست جوارها ثم مدت يدها تمسك بكفها بحنوٍ تردف بنبرة مشجعة:

_ متشليش هم يا ذكرى كل حاجة هتتحل.. العبد في التفكير والرب بالتدبير.

أومأت ذكرى بصمتٍ دون تعليق، بينما زفرت فُلة بيأسٍ من عدم استجابتها للحديث، حاولت التفكير بأمرٍ يشغل تفكيرها ولكن صوت الهاتف الخاص بالمكتبة شتت تفكيرها، زفرت بحنقٍ ثم نهضت نحو تجيب على المتصل بهدوءٍ وعملية، تدون ما يريده بصفحة بيضاء صغيرة وما أن أنهت الاتصال حتى قالت بشيءٍ من التعجب الذي رُسم على معالمها:

_ مدام داليدا طلباكِ مخصوص يا ذكرى وبتقول عايزة كام كتاب.

انتفضت ذكرى سريعًا تنظر نحوها بتوترٍ، هل مدام داليدا بالفعل طلبتها أم أنها حُجة لكي تأتي ويقنعها نوح! لالا لو كان نوح لأتى بنفسه هو مغرور بشدة ولن يدخل والدته بالأمر، دائرة سوداء كريهة أنغمس بها عقلها حتى ألتهمها صداع مؤلم، ولكن انتشلها من هذا الضمور يد فُلة التي تحركها بقلقٍ قائلة:

_ ذكرى لو مش قادرة تروحي هروح أنا!

زحفت بسمة شاحبة لمحياه تجيبها بحبورٍ:

_ متخفيش يا فلة هاتي الشنطة وأنا هروح لو حصل حاجة هكلمك.

أومأت فُلة على مضض وخاصة أن تلك العميلة طلبتها بالاسم، وقفت ذكرى تهندم حجابها ثم أخذت الحقيبة بعدما وضعت فُلة الكُتب المطلوبة، وغادرت المكتبة بخطواتٍ شاردة تحاول البحث عن ضالتها ولكنها لا تجدها فيزداد  ضباب الأمر وتنعدم الرؤية.

لا تعلم كيف ركبت الأتوبيس وهبطت للوجهة المطلوبة ولكن في النهاية حمدت ربها على وصلها، نظرت للبنية ببسمة ضعيفة متهكمة فأخر مرة كانت هنا كانت بسمتها مشرقة كضياء الشمس، ولكن الآن لم يصل نورها لمصباح متهالك مر عليه سنوات حتى أندثر نوره وأصبح طيف صغير، زحفت بسمة صغيرة ترفع كفها تلوح بخجلٍ لـ داليدا بعدما وقفت بالشرفة تلوح لها بسعادة لقدومها.

_ ذكرى نادر الشرنوبي!

تجمد جسدها بقوة، ترتجف خلاياها بقوةٍ بعد سماع صوته يردد اسمها ثلاثي وكأنها متهمة وسيُحكم عليها، ما الذي أتى به إلى هنا! ألم يقلل من شأنها وتبرى منها وكأنها وباء سيمرضه، استدارت بجسدها ببطءٍ نحوه، تنظر نحو ملامحه الجامدة، ثم سخطت من حالها وتفكيرها العقيم، تظن أنها سترى لهفة أب ترك ابنتها أكثر من خمسة عشر عامًا ولكن الحقيقة لم ترَ سوى جمود مخيف يقتل آمالها بقسوةٍ...

" حقًا لقد قتلني أبي! "

تقدم نادر نحو ذكرى بخطواتٍ بطيئة ثم رفع كفه يهبط به بقوةٍ على وجنتها حتى سقطت على أثارها أرضًا بل وتناثرت الكُتب حولها بعشوائية، وضعت  يدها على وجنتها بألمٍ تغمض عينيها محاولة كبح دموعها قبل أن تظهر وتغرق وجهها بل العالم بأكمله، بينما عاد نادر ينحني نحوها يمسكها من حجابها بقوةٍ حتى ظهرت خصلات شعرها تتمرد على وجهها، ليهمس بفحيحٍ مخيف:

_ أنا مش اتبريت منك وقُلت بنتي ماتت.. وطردتك برة حياتي كلها بس للأسف جميلة مُصرة تدخلك فيها تاني وتضغطي عليا..

صمت قليلًا يرى جمود ملامحها الذي رسمته براعة، ليسترسل بجفاءٍ قاحل ليقتل جمودها زيظهر ضعفها الحقيقي:

_ يبقى أموتك بجد عشان تصدق إنك برة حياتها!

             الفصل السابع من هنا

لقراءة باقي الفصول اضغط هنا

تعليقات



<>