رواية بين سطور العشق الفصل العاشر10 بقلم سيليا البحيري
في – أستراليا – منزل أسماء – بعد العصر
(الجو في الخارج بارد، السماء ملبدة بالغيوم، وأمطار خفيفة تنقر على زجاج النوافذ. تدخل أسماء إلى المنزل بخطوات بطيئة، تحمل كيسًا صغيرًا من السوق، وتضعه على الطاولة بهدوء. تنزع معطفها وتعلّقه، ثم تجلس على الأريكة وتحدق في الفراغ.)
مارغريت (تدخل وهي تحمل كوب شاي ساخن):
– ها أنتِ أخيرًا… كنت قلقة، تأخرتِ اليوم أكثر من المعتاد.
أسماء (تأخذ الكوب بصمت، تنظر إلى البخار المتصاعد منه):
– اليوم… لم يكن يومًا عاديًا يا مارغريت.
مارغريت (تجلس بجانبها، بقلق):
– ماذا حدث؟
أسماء (تبتسم ابتسامة باهتة):
– في السوق… رأيته.
مارغريت (تقطب حاجبيها):
– "رأيته"؟ من تقصدين؟
أسماء (تتنفس بعمق):
– نادر… الرجل الذي كان من المفترض أن أرتدي معه فستان الزفاف قبل ثمانية وعشرين عامًا… قبل أن يتركني واقفة أمام المذبح ويتزوج تلك… جيلان.
مارغريت (بغضب مكتوم):
– أوه… هذا الوغد. وماذا قال؟ هل اعتذر على الأقل؟
أسماء (تهز رأسها ببطء، تضحك بسخرية مريرة):
– الاعتذار يا مارغريت يحتاج إلى ضمير… وهو جاء بلا ضمير، محمّلًا بأعذار تافهة. قال إنه كان "مضطرًا" وإن الظروف أجبرته، وكأنني لم أكن أنا أيضًا أعيش في نفس الظروف.
مارغريت:
– وهل صدقته؟
أسماء (تنظر لها بعينين لامعتين ببرود):
– أنا لا أصدق من طعن قلبي، حتى لو جثا على ركبتيه. اليوم تأكدت أن الجرح القديم… ما زال مغروسًا، لكنه لم يعد يؤلمني كما كان… أصبح جزءًا منّي، ذكرى لن أنساها، لكنها لن تتحكم بي.
مارغريت (بإعجاب):
– هذه هي أسماء التي أعرفها… قوية، حتى أمام أشباح الماضي.
أسماء (تنهض ببطء، تمسك الكوب):
– القوة يا مارغريت ليست أن تنسى… القوة أن تتذكر كل شيء… ولا تسمح لأحد أن يعيدك إلى نقطة الانكسار مرة أخرى.
(تتجه إلى النافذة، تنظر إلى المطر، وكأنها تغلق صفحة قديمة… ولكنها لا تمزقها.)
********************
فلاش باك
– قاعة الفرح –
أضواء النجف بتلمع، والزينة البيضا والدهبي ماليه المكان، والضحك كان من شوية مالي القاعة… لحد ما كل حاجة اتغيرت.
أسماء كانت واقفة بفستانها الأبيض، قلبها بيدق بين القلق والفرحة، وأبوها محمود بيبصلها بعينين مليانين خوف وحنان.
همس وهو ماسك إيدها:
محمود (بصوت واطي وحزين):
"يا بنتي… أنا قلتلك، الواد ده ما يتأمنش. قلبي كان حاسس… ربنا يستر."
أسماء هزت راسها كإنها بترمي القلق ورا ضهرها، وبصّت على إخواتها فارس ومراته نادية، وشريف ومراته منار، اللي كانوا بيبتسموا لها عشان يطمنوها.
وفجأة، الناس بدأت تهمس…
الباب الكبير اتفتح، ودخل نادر… بس ما دخلش لوحده.
معاه جيلان، لابسة فستان فرح لامع، ماسكة دراعه بكبرياء.
أسماء وقفت متصمرة، الكلام وقف في حلقها.
جيلان قربت بخطوات هادية وابتسامة مليانة لؤم على وشها، ووقفت قدام أسماء:
جيلان (ببرود ولسانها فيه سم):
"آسفة يا عروسة… بس العريس اختار الأحسن.
عارفة… مش كل يوم الراجل يلاقي واحدة تعرف تاخد اللي هي عايزاه."
ابتسمت أكتر، وقربت تهمس:
"إنتي كنتِ مجرد… بروفة."
وش أسماء تجمد، ودمعة سخنة نزلت على خدها.
فارس وشريف اندفعوا لقدام، عروق الغضب باينة في جبينهم.
فارس (بصوت عالي):
"يا واطي!"
مد إيده وبكسه على وش نادر، وشريف مسكه من ياقة بدلته وهزه بعنف.
شريف (بغضب):
"تلعب على أختنا؟ قدام عينينا؟!"
لكن نادر، رغم الدم اللي سال من شفايفه، اكتفى بابتسامة مستفزة:
"واضح إنكم ما تعرفوش أنا مين… مفيش حد يرفضني."
فارس ضربه تاني بقوة، وجيلان صرخت وهي بتحاول تبعده.
وسط الدوشة، رجلي أسماء ضعفت، وعينيها بهتت، وأصوات الناس بقت بعيدة… لحد ما وقعت على الأرض.
محمود (مذعور):
"أسماء!!!"
جرى عليها بسرعة، وركع فارس وشريف جنبها، ووشوشهم مليان رعب.
فارس (بيهز كتفها):
"أسماء! سامعاني؟!"
شريف (بصوت متهدج):
"يلا افتحي عينيكي… ما تسيبناش."
لكنها ما ردتش، ودموع أبوها نازلة على وشها الأبيض الشاحب، وقلبه بيكاد يتقطع
*******************
End Flash Back
(تجلس أسماء على الطاولة، تحدّق في فنجان القهوة البارد أمامها، تستعيد في ذهنها اللقاء الذي لم تتوقعه اليوم… فجأة يهتز هاتفها المحمول، يظهر على الشاشة اسم شقيقها فارس).
أسماء (تتنفس بعمق قبل أن ترد):
– ألو… فارس؟
فارس (بصوت دافئ):
– أيوه يا أختي الغالية… وحشتيني قوي، إيه أخبارك؟
أسماء (بابتسامة خفيفة رغم حزنها):
– بخير الحمد لله… وإنت عامل إيه؟
فارس:
– تمام… بس والله البيت ناقص من يوم ما سافرتي، بقالنا سنين ما شفناكي.
أسماء (تهرب من تلميحاته):
– تعرف الظروف… وبعدين أنتم مش مقصرين في الاتصال.
فارس:
– الاتصال حاجة… والشوفة حاجة تانية يا أسماء. نفسي أشوفك ولو أسبوع.
(صوت مرح يتسلل إلى المكالمة، يعلو من جانب فارس)
مازن:
– عمّتييييي!
أسماء (تضحك رغماً عنها):
– مازن! يا ولد، صوتك بقى رجولي.
مازن (بحماس):
– عندي 20 سنة دلوقتي، مش ولد بقى! على فكرة أنا زعلان منك… عمري ما شفتك في مصر من يوم ما كنت صغير.
أسماء (تحاول أن تخفي ارتباكها):
– يا حبيبي، أنت عارف الظروف…
مازن (ممازحاً):
– ظروف إيه! إحنا نجيبك على حسابنا، أنا وفارس بابا نعمل حملة "رجعوا أسماء مصر".
فارس (ضاحكاً):
– حملة قوية، وهنكسبها.
أسماء (تتنهد بخفة):
– نشوف يا ولاد… يمكن الأيام تجيب اللي فيه الخير.
(تحاول أن تخفي عنهم أثر لقاء اليوم بنادر، وصوتها يبقى ثابتاً وهي تنهي المكالمة بعد دقائق من المزاح الخفيف)
*********************
في مكان آخر
الجو متوتر، رائحة السيجار تعبق في المكان، والعجوز يجلس خلف مكتبه الضخم، وجهه محمر من الغضب. الباب يُفتح بعنف ويدخل والد غزل وضحى، وعلى ملامحه الغضب نفسه.
العجوز (بصوت غليظ وهو ينهض من مكانه):
– أخيراً قررت تجي! فين كانت مخك يا محمود؟! أنا قلت لك البنت دي لازم تبقى لي، وانت سبّتني أضيعها من إيدي!
الأب (يرمي معطفه على الكرسي بغضب):
– أنا؟! انت اللي كنت نايم في العسل، البنتين هربوا من بيتي بليل زي الحرامية، وانا كنت متفق معاك على مهر محترم!
العجوز (يضرب المكتب بيده):
– مهر إيه يا راجل! أنا دافعلك أضعاف اللي تسوى بنتك، وبالمقابل، كنت هأخلي جيبك مليان دهب! بس أنت فشلت، فشلت!
الأب (يقترب منه بعينين تقدحان شرراً):
– فشلت عشان اعتمدت على كلامك الفاضي وعلى إنك هتخوفها بفلوسك وسنك! البنت عنيدة ومرسومة على راسي، لكن انت استعجلت وفضحت كل حاجة!
العجوز (بتهكم):
– أنا استعجلت؟! ولا انت اللي أهملت ولادك وسبتهم يختلطوا بالشباب، لحد ما اتجوزوا وانت مش داري؟!
الأب (يرد باستهزاء):
– جواز إيه!؟ ده كله تمثيل عشان يهربوا من مصيرهم. لكن صدقني، غزل هترجع لي… وأنا هأبيعها لك لو عايز، بس المهر هيتضاعف.
العجوز (يصرخ):
– هترجع إزاي بعد ما بقت على ذمة راجل؟! أنا ما بلمش فضلات غيري يا محمود! كنت عايزها بنت، مش… (يصمت وهو يلوح بيده باشمئزاز)
الأب (يمسكه من ياقة ثوبه بعنف):
– احترم كلامك يا عجوز، انت اللي خربت الصفقة!
العجوز (يدفعه بعيداً):
– وانت اللي ضيعت حياتي! البنت كانت هتكون لعبة العمر… وانت بعتها برخص التراب!
يتبادلان نظرات حقد، كأن كلاً منهما يفكر في كيف سينتقم من الآخر، قبل أن يدير الأب ظهره بعصبية ويخرج، تاركاً العجوز يتنفس بحدة
*******************
في – موقع تصوير مسلسل “حكاية حلا” – صباحاً
الكاميرات منصوبة، الإضاءة تُضبط بعناية، وأصوات الفنيين تمزج بين حركة وصخب، بينما يقف أدهم عند زاوية الموقع يتابع كل التفاصيل.
حلا تقف أمام المرآة الكبيرة، ترتب شعرها وتبتسم بوجه يلمع بالحماس.
حلا (بحماس، وهي تمسك نص المشهد):
– مش مصدقة… أخيراً، حلم حياتي بيتحقق!
أدهم (يقترب منها بخطوات هادئة وابتسامة خفيفة):
– وده مجرد البداية يا حلا… لسه هتشوفي اسمك منور في كل مكان.
حلا (تنظر إليه بعينين يملؤهما الامتنان):
– شكراً يا أدهم… لو مش إنت، ما كنتش وصلت لهنا.
(نظراتهما تتشابك لثوانٍ، قبل أن يقطعهما صوت ضحكة خفيفة)
ليان (تقترب منهما وهي تمسك كوب قهوة، بابتسامة ماكرة):
– أوووه… إيه النظرات دي يا أستاذ أدهم؟ ولا أنا جيت في وقت مش مناسب؟
أدهم (يرفع حاجبه وهو يحاول إخفاء ارتباكه):
– ليان… إنتِ بتهيأ لك.
ليان (بمزاح وهي تلمس كتفه):
– بتهيأ لي؟ أنا ممثلة، وبعرف أقرأ العيون كويس… وعيونك بتقول كتير!
حلا (تضحك بخجل وهي تنظر بعيداً):
– يا ليان بلاش إحراج بقى.
ليان (بمرح):
– إحراج إيه، ده أنا فرحانة… بس لو عايز نصيحتي يا أدهم، خليك جاهز… البطل بيقع أسرع من الجمهور!
(أدهم يبتسم ويهز رأسه، بينما حلا تحاول إخفاء ابتسامتها وهي تمسك نص المشهد، وقلبها يخفق أكثر مع كل كلمة)
*******************
بعد فترة قصيرة في استوديو التصوير – ، الأضواء خافتة بعد انتهاء العمل.
(حلا) كانت تجمع أوراق النص بهدوء، تحاول ترتيبها داخل ملفها، لكن يديها كانت ترتجف قليلاً من التعب والرهبة وهي تدرك أن أدهم لا يزال في الغرفة.
أدهم (واقف بجانب الكاميرا، ينظر إليها بصمت):
– تعبتِ اليوم، صح؟
حلا (تبتسم بخجل دون أن ترفع نظرها):
– عادي… بحب الشغل ده.
أدهم (يخطو نحوها ببطء، نبرته منخفضة):
– حلا… في حاجة لازم أقولها لك.
حلا (ترفع رأسها بارتباك):
– إيه هي؟
أدهم (يتنفس بعمق، ينظر في عينيها مباشرة):
– أنا… بحبك.
حلا (عينها تتسع، تشهق بخفة):
– أستاذ أدهم… أنا…
أدهم (مقاطعاً بلطف، يبتسم ابتسامة هادئة):
– ما تقوليش حاجة دلوقتي. بس كان لازم تعرفي…
حلا (تخفض نظرها، تحاول إخفاء احمرار وجهها، تضم الملف إلى صدرها):
– أنا… مش عارفة أرد.
أدهم (بهدوء):
– مش مهم دلوقتي… المهم إنك تعرفي إني مش شايفك بس كاتبة موهوبة… أنا شايفك أكتر من كده بكتير.
(لحظة صمت ثقيلة، حلا تنسحب بخطوات سريعة وهي تحاول السيطرة على دقات قلبها، وأدهم يراقبها بابتسامة خفيفة)
********************
في الجامعة
الشمس الساطعة كانت راميه ظلها على أرض الساحة الواسعة، والطلبة رايحين جايين بين القاعات.
ريان ماشي جنب غزل، خطواته واثقة، وهي ماسكة شنطتها الصغيرة بإيدها، عينيها في الأرض أكتر من قدامها.
أصوات الهمس بدأت تنتشر حواليهم:
طالبة 1 (بصوت واطي):
– سمعتي إنهم اتجوزوا فجأة؟
طالب 2:
– الكل عارف السبب… حكاية قديمة بينهم.
طالبة 3 (بابتسامة فيها سخرية):
– أكيد ما اتجوزوش إلا بعد ما… (تغمز)
وش غزل احمرّ، وحست بالحرارة طالعالها، فسرّعت خطواتها كأنها بتهرب من نظراتهم.
لكن ريان لاحظ ارتباكها، فمسك إيدها قدام الكل بكل ثقة.
ريان (بصوت عالي مسموع):
– لو في حد عنده كلمة زيادة عن مراتي… يقولها لي في وشي بدل ما يهمس زي الجبان.
ناس وقفوا، والساحة سكتت لحظة، قبل ما يظهر صوت صافي وهي جاية بخطوات كلها غرور:
صافي (بابتسامة مائلة):
– محدش بيألف حاجة يا ريان… إحنا بس مستغربين إزاي… فجأة بقيت بتحميها أوي كده.
ريان قرب منها لحد ما اضطرت ترفع راسها تبص في عينيه:
ريان (بهدوء بس حاد):
– عشان إنتي ما تعرفيش قيمة كلمة "شرف"، فاكرة الكل شبهك. جوازنا شرعي ونضيف، وأي كلمة تانية منك عن غزل… اعتبريها مواجهة معايا أنا شخصياً.
صافي اتلخبطت لحظة، وحاولت تخبي ده بابتسامة باردة، قبل ما ترجع ورا بخطوات هادية.
غزل كانت بتبص، قلبها بيدق بين الخوف والفخر، وريان كمل ماشي معاها، وحط إيده على كتفها بثبات:
ريان (بصوت واطي لها):
– ما تسمحيش لكلامهم يجي جنبك… طول ما إنتِ معايا، إنتِ في أمان.
غزل اكتفت بابتسامة خجولة، لكن عينيها كانوا منورين بالامتنان
********************
في كافيه جنب النيل
زياد و ضحى قاعدين على ترابيزة جنب الشباك، ضوء الغروب الدافي داخل، وصوت موسيقى كلاسيك خفيف مالي الجو. قدامهم فنجانين قهوة، وبقايا حتة كيك ضحى ما كلتش منها كتير.
ضحى (بصوت واطي وهي بتبص في فنجانها):
– يا زياد… عايزة أسألك حاجة، بس عايزاك تجاوبني بصدق.
زياد (مبتسم وهو بيقلب القهوة بالملعقة):
– أوووه… بدأنا امتحانات؟! اتفضلي، اسألي.
ضحى (بعيون مترددة):
– إنت اتجوزتني أنا ليه؟ أقصد… كان ممكن تسيب الموضوع لحد تاني من العيلة. إنت ماكنتش مجبر.
زياد (رافع حواجبه بمزاح):
– وندمتي؟
ضحى (هزت راسها بمرارة):
– لأ، مش كده… بس إنت من عيلة غنية أوي، وأنا… من حارة بالكاد تعرف النور. كل اللي شايفاه إني كنت حمل، وجوازي منك كان بس عشان تحميني من أبويا.
زياد (وقف مزاحه، ومال لقدام، صوته بقى جاد):
– ضحى… اسمعيني كويس.
ضحى (بتحاول تبتسم ومش قادرة):
– أنا بس واقعية… عارفة إني مش مناسبة لعالمك.
زياد (بحزم وهو بيحط الملعقة على جنب):
– بس كده! ما أسمعش الجملة دي تاني. إنتِ مش أقل من أي حد، ويفضّل إنك تبقي فخورة إنك من بيئة بسيطة. أنا ما اتجوزتكش شفقة، ولا بس عشان أحميكي… أنا اتجوزتك عشان إنتِ… اللي كنت عايزها تبقى جنبي.
ضحى (بعينين متسعة):
– عايزني… أنا؟
زياد (بابتسامة هادية وعنيه جد):
– أيوه. عشان إنت قوية، وأجمل مما بتتصوري، وقيمتك مش في اللي معاكي… قيمتك في قلبك وعقلك.
ضحى (بهمس، كأنها مش مصدقة):
– بس إنت ما قلتش الكلام ده قبل كده.
زياد (بمزاح لطيف):
– عشان الحاجات المهمة بخليها للأماكن اللي بتعمل قهوة حلوة زي دي.
ضحكت ضحى بخفة، وقلبها بيدق بسرعة، ولأول مرة من زمان حست إن في حد شايفها مختلفة… وإنها تستاهل
*********************
في حديقة ما
سيرين قاعدة على الكرسي، ماسكة موبايلها، تكتب وتمسح، وبعدين تعيد الكتابة، وابتسامة ماكرة مرسومة على وشها.
سيرين (بصوت واطي وهي بتكلم نفسها):
– يا حلا… يا حلا… مسكينة إنتِ، فاكرة الدنيا هتضحكلك؟ مش عارفة إني مش هسيبك تتهني حتى يوم واحد.
دخلت صاحبتها المقرّبة رنا، شايلة كباية قهوة وقعدت قصادها.
رنا (بفضول):
– إيه بقى الضحكة الشريرة دي؟ باين إنك بتطبخي مصيبة.
سيرين (بخبث):
– عندي فكرة صغيرة… أو بالأصح قنبلة، أول ما تنفجر، حياتها كلها هتبوظ.
رنا (بتضحك):
– إنتِ عمرك ما بتتغيري! بس حلا عملتلك إيه عشان الكره ده كله؟
سيرين (بصوت جاد وعنيها كلها مكر):
– ما عملتش حاجة مباشرة… بس وجودها لوحده بيستفزني. الكل شايفها ملاك بريء، وأنا هوريهم الوش التاني… حتى لو اضطرّيت أختَرعه.
رنا (مقرّبة منها وفضولها زاد):
– طب والخطة إيه؟
سيرين (بهدوء لئيم وهي بترشف قهوتها):
– هضربها في أضعف نقطة… ثقة الناس فيها. أول ما الشك يدخل قلوبهم… كل حاجة هتتهد.
رنا (بضحكة متواطئة):
– يا ساتر، إنتِ خطر على البشرية.
سيرين (مبتسمة وهي سرحانة في الفراغ):
– على اللي يستحق بس… وحلا؟ آه، هي تستحق وبجدارة
[سيرين ورنا قاعدين على الكنبة، سيرين بتهمس بجدية، ورنا بتبص حواليها بتوتر]
سيرين (بصوت واطي): اسمعي يا رنا… لو الخطة مشت زي ما أنا مرتبة بالظبط… حلا حياتها كلها هتتقلب فوق تحت.
رنا (مترددة، بتحرك إيدها بتوتر): سيرين… أنا مش متطمنة… مش عايزة أدخل في حاجة تأذي حد.
سيرين (رافعه حاجبها بابتسامة ماكرة): أنا ما قلتش أذيها… أنا بس هفكرها إنها مش الملاك اللي فاكرة نفسها.
[خطوات ندى بتقرب من بعيد، شنطتها على كتفها، وعينيها مركزين عليهم بحدة]
ندى (بصوت ثابت وهي بتقرب): صباح الخير… إيه الكآبة اللي ماليه الجو دي؟
[رنا بتنتفض شوية وبتعدل قعدتها، وسيرين بتضحك ابتسامة مصطنعة]
سيرين: لا ولا حاجة… كنا بس بنتكلم عن… عن الواجبات.
ندى (بترفع حواجبها وتضحك بسخرية): واجبات؟ إنتِ يا سيرين عمرك ما كنتي بتهتمي بالواجبات… إيه الحكاية بجد؟
سيرين (بتحاول تغيّر الموضوع): إنتِ دايمًا شكاكة يا ندى.
ندى (بتقرب أكتر وبتوطي صوتها): لما أتعامل مع حد زيك… آه، ببقى شكاكة جدًا.
[رنا توترها بيزيد وبتشيح بنظرها بعيد، وده بيخلي شك ندى يكبر]
ندى: بصي يا سيرين… إنتِ عارفة إني ما بخافش من حد… وأي حاجة تفكري تعمليها ضد حلا… هتلاقي نفسك بتواجهي مشكلة كبيرة معايا قبل أي حد تاني.
سيرين (بتتظاهر بالبرود): مين قال إني بفكر أعمل حاجة؟
ندى (بابتسامة باردة): إحساسي… وإحساسي عمره ما بيغلط. فخلي بالك قبل ما تعملي حاجة تندمي عليها.
[ندى تمشي بخطوات واثقة، وسيرين بتبص وراها بعين مليانة غضب، ورنا تهمس بقلق]
رنا: قلتلك… ندى مش سهلة.
سيرين (بإصرار): ومهما كانت مش سهلة… الخطة هتمشي.
