رواية بين سطور العشق الفصل الثاني عشر12 بقلم سيليا البحيري

رواية بين سطور العشق الفصل الثاني عشر بقلم سيليا البحيري

في  لندن – غرفة معيشة فخمة في فيلا أحمد وفيروز.

تجلس فيروز على الأريكة بجلستها المتعجرفة المعتادة، تمسك فنجان قهوة، وأحمد يجلس مقابلها يتصفح الجريدة. الشاشة الكبيرة أمامهما تعرض مكالمة فيديو مع أولادهم الأربعة.

فيروز (بابتسامة قلقة):
يا أولادي، إنتو بخير هناك؟ أنا قلبي مش مطمّن عليكم خالص.

حلا (بحماس طفولي، عيونها تلمع):
ماما! بابا! عندي خبر يجنّن! أنا بشتغل مع المخرج الشهير أدهم الراوي، وهيحوّل روايتي لمسلسل!

فيروز تتجمد للحظة، ثم تتغير ملامحها لامبالاة مشوبة بانزعاج.

فيروز (برسمية باردة):
إيه الكلام ده يا حلا؟! إنتِ المفروض تبقي مهندسة، مش قاعدة تكتبي قصص!

مهاب (يتدخل وهو يضحك بهدوء):
ماما، خلاص… اتفقنا. حلا تشتغل مع المخرج أدهم بشرط تكمّل دراستها في كلية الهندسة.

حلا (بحماس):
وأنا وافقت! هعمل الاتنين مع بعض.

أحمد (بهدوء أبوي):
طيب طول ما بتعرفوا توازنوا، مفيش مشكلة. المهم صحتكم ومستقبلكم.

زياد ينظر لريان بتوتر واضح، ريان يحاول يفتح الموضوع.

ريان (يتلعثم):
هو… في حاجة لازم تعرفوها.

فيروز (تضيق عينيها):
خير؟

زياد (يتنحنح):
إحنا… أنا و ريان… اتجوزنا.

فيروز تتجمد لثانيتين، ثم تنهض واقفة، الفنجان في يدها يرتجف.

فيروز (بصوت عالٍ):
إيه؟! من غير ما تقولوا ليا؟! وجوّزتوا مين؟!

ريان (يحاول يهدئها):
غزل… أخت ضحى.

فيروز (بغضب):
وضحى دي تبقى مين؟

زياد (بهدوء):
زوجتي.

فيروز تصرخ بخيبة أمل وغضب:
اتجوزتوا من أختين من دون علمي؟؟

أحمد (ينزل الجريدة وينظر لهم بصدمة):
هو إحنا بقينا نسمع عن جوازاتكم كده بالصدفة؟! إيه اللي بيحصل؟

ريان (بإصرار):
ده كان لازم… كان في خطر عليهم.

فيروز (بحِدّة):
حتى لو في خطر، أنا لازم أكون أول واحدة تعرف.

جو التوتر يملأ الغرفة، وحلا تحاول التخفيف بجملة مرحة لكنها لا تجد الفرصة للكلام وسط الصراخ
**********************

أحمد (ينظر لزياد و ريان بحدة):
مهاب… إنت ساكت ليه؟ هوية البنات دول إيه؟

مهاب (يتنهد):
بابا… هما أختين. ضحى مرات زياد، وغزل مرات ريان. من عيلة بسيطة جدًا… والدهم راجل قاسي القلب، كان عايز يجوز غزل لراجل كبير في السن مقابل فلوس.

فيروز (تلوّح بيدها بغضب):
يا مصيبتي! أختين من عيلة فقيرة… ووالدهم بالشكل ده؟! إنتو فاهمين إنتو جبتوا نفسكم في إيه؟! إزاي تعملوا حاجة بالشكل ده من غير ما ترجعوا ليا؟!

ريان (يحاول يشرح):
ماما، إحنا ما كانش قدامنا حل تاني. كان لازم نحميهم.

فيروز (بتهكم):
تحموهم بالجواز؟! ده أنا مش مصدقة!

أحمد (يقطب حاجبيه، صوته منخفض لكن فيه قلق واضح):
أنا مش هقولكوا غلط أو صح دلوقتي… بس واضح إنكم دخلتوا نفسكم في موقف معقد. أنا خايف عليكم أنتو الاتنين… العيلة دي وراها مشاكل شكلها كبير.

فيروز (وهي تنظر لأحمد باستياء):
مشاكل إيه يا أحمد! دول من أولها كده هيدخلونا في دوامة إحنا في غنى عنها.

زياد (بهدوء، لكن فيه حزم):
ماما… أنا و ريان عارفين إحنا بنعمل إيه. إحنا مش هنسيبهم.

فيروز (بحِدّة):
وإنتو عارفين أنا مش هسيب الموضوع يعدي بالساهل.

يخيّم الصمت للحظة، نظرات القلق على وجه أحمد، والغضب على وجه فيروز، بينما الإخوة يحاولون امتصاص الصدمة
*********************

فيروز (تتنفس بسرعة من شدة العصبية):
خلاص، ما فيش داعي للكلام أكتر من كده… أنا راجعة مصر.

حلا (مصدومة):
ماما! ليه كل ده؟ إحنا بخير والله.

فيروز (بحدة وهي تشير بيدها):
خير إيه يا حبيبتي؟! أخواتك اتجوزوا من ورايا، من بنات عيلة فقيرة، ووالدهم شكله بلطجي… وإنتِ شغّالة مع مخرج شاب مش عاجبني من الأساس! إزاي أكون قاعدة في لندن سايبة كل ده يحصل؟!

أحمد (ينظر لها بجدية):
فيروز، إهدي شوية…

فيروز (تقاطعه):
إهدي إيه؟ أنا مش هعرف أهدى إلا لما أكون جنبهم. أنت راجع معايا مصر، ولا ناوي تفضل قاعد هنا مستني الأخبار من التليفون؟

أحمد (يتنهد):
واضح إن مفيش فايدة من النقاش… حاضر، هنرجع. بس لازم ندخل الموضوع بهدوء.

فيروز (ترفع حاجبها):
هدوء؟! أول ما أوصل، أنا هعرف كل حاجة من أولها لآخرها… ومش هسيب حد يلعب بعقول أولادي.

على الشاشة، الإخوة الأربعة يتبادلون نظرات متوترة، وكل واحد منهم يفكر بطريقته في المواجهة اللي جاية
*********************
في  – منزل ندى، غرفة المعيشة
إضاءة دافئة، ديكور بسيط لكنه أنيق، أصوات ضحك خفيف تأتي من الداخل.
ندى جالسة على الأريكة بجانب والدها زاهر، بينما والدتها مريم تحضر أكواب الشاي وتراقبهما بابتسامة.

ندى (تتعلق بذراع والدها مازحة):
بابا، أنت أحلى أب في العالم… ما فيش زيك.

زاهر (بمرح):
وأنتِ أجمل بنت في الكون… بس أوعي أمك تسمع، هتزعل.

مريم (تدخل بالشاي وترفع حاجبها بخفة):
أها… أنا قاعدة قدامكم يا جماعة، مش في القطب الشمالي!

ندى (تضحك وتغمز):
غيرة، صح يا ماما؟

مريم (تضع الصينية وتجلس):
طبعًا… غيرة على جوزي من بنته، مش معقول كده.

زاهر (يمثل الجدّية):
والله يا مريم، ندى واخدة عقلي… حتى لو بتحاولي تبعديني عنها، خلاص فات الأوان.

ندى (تمسك يد والدتها بحنان):
يلا يا ماما، ما تغاريش… أنا بحبكم أنتم الاثنين أكتر من أي حد في الدنيا.

مريم (تبتسم وتربت على كتفها):
وأحنا كمان يا حبيبتي… ربنا يخليكي لينا.

مريم (تشرب رشفة شاي وتنظر لندى بنظرة متفحصة):
طيب يا آنسة ندى… إحنا إمتى نفرح بيكي بقى؟

ندى (تتسع عيناها قليلًا وتحاول تخفي ارتباكها):
هوووه… إيه الكلام ده يا ماما فجأة؟

زاهر (يمزح):
هو سؤال طبيعي جدًا… البنت الحلوة دي أكيد في طابور شباب واقف على الباب.

ندى (تحاول التهرب وتضحك بخفة):
لا يا بابا، ولا طابور ولا حاجة… كلهم واقفين في طابور العيش مش هنا.

لكن في داخلها، يمر في عقلها وجه شاب عريض الابتسامة، شعره أسود، نظراته واثقة… تميم.
تتذكر لقائهما الأول في مطعم مزدحم حين اصطدم بها بالخطأ، والثاني قبل أيام في مقهى حيث ابتسم لها وكأنه يعرفها منذ زمن.

مريم (تراقب شرودها):
ندى… إيه؟ بتفكري في مين؟

ندى (تفزع قليلًا):
هاه؟ لا لا، ولا حد… بس كنت بفكر إني محتاجة أروح أجيب شوكولاتة من المطبخ.

زاهر (ضاحكًا):
شوكولاتة إيه اللي فجأة جات في دماغك؟! ده شكل في حاجة تانية في الموضوع.

ندى (تحاول الهروب وهي تنهض):
مفيش يا بابا… خلينا ناكل الحلو بدل ما نضيع وقتنا في الكلام ده.

تدخل المطبخ بسرعة، وابتسامة صغيرة ترتسم على وجهها وهي تحاول إنكار ما شعرت به عند تذكر تميم.

************************
في  – كورنيش النيل، ليل هادئ
الأنوار تنعكس على سطح المياه، وصوت الموج الخفيف يمتزج بأصوات المارة. تميم يجلس على السور، ساقاه تتأرجحان، وبجواره أدهم الذي ينظر إلى النيل بصمت.

أدهم (يلتفت إليه بنظرة ماكرة):
إيه الحكاية يا تميم… طول الطريق ساكت وسارح؟ مين اللي خطفت عقلك بالشكل ده؟

تميم (يرمش سريعًا ويحاول التماسك):
أنا؟ لا يا عم، مفيش… الجو حلو بس، وأنت عارف أنا بعشق المناظر الليلية.

أدهم (بنبرة ساخرة):
آه طبعًا… وخصوصًا لو المنظر ده عبارة عن عيون بنت معينة.

تميم (يضحك ضحكة قصيرة ويحرك يده بلا مبالاة):
إنت شكلك فاضي للدرجة دي علشان تألف قصص، ولا إيه؟

أدهم:
مش قصص… إحساسي بيقول إني أصبت الهدف.

تميم (ينظر له بخبث):
وإحساسي أنا بيقول إني لازم أسألك… هو إحنا هنحضر فرحك إمتى بقى على حلا؟

أدهم يفتح فمه بدهشة، يتجمد لثوانٍ وكأنه تلقى لكمة غير متوقعة.

أدهم (متصنعًا الهدوء):
إنت بتقول إيه؟

تميم (يضحك بانتصار):
أنا بسأل سؤال بريء… ولا أنت بتتلبك كده ليه؟

أدهم (يهز رأسه بابتسامة صغيرة فيها استسلام):
إنت خطير يا تميم… تعرف تقلب الترابيزة في ثانية.

تميم (بمرح):
اتعلمت من أستاذ كبير… مش كنت بتقول إنك أذكى واحد فينا؟

أدهم يشيح بوجهه نحو النيل، يخفي ابتسامة لا إرادية وهو يفكر في حلا، بينما تميم يتظاهر بالانشغال بالمياه، لكنه في الحقيقة يسترجع صورة ندى في عقله.
********************
في منزل سيرين، – غرفة سيرين، منتصف الليل
الإنارة خافتة، شاشة اللابتوب تضيء وجهها، وابتسامة انتصار تتسلل لشفتيها. هاتفها بجانبها مفتوح على تطبيق إنستقرام، وحساب جديد تمامًا يحمل اسمًا غامضًا وصورة غير حقيقية.

سيرين (تتمتم وهي تكتب):
"الخطوة الأولى… زرع الفتنة."

تضغط على لوحة المفاتيح بسرعة، تحمل صورة قديمة معدلة لحلا مع شاب مجهول الملامح – صورة مزيفة ركبتها ببرنامج تعديل الصور – وتكتب تحتها تعليقًا مستفزًا.

سيرين (تضحك بصوت منخفض):
ههه… لو شافوا إخواتها الصورة دي، الدم هيفور في عروقهم… خصوصًا مهاب الغيور عليها.

تتنقل بين الحسابات، تتابع بعض معارف العائلة، وتبدأ بإرسال الرسائل الخاصة.

سيرين (تقرأ ما تكتبه بصوت خافت وهي تبتسم):
"شايفة أختك الصغيرة مين بتقابل؟ نصيحة… خلي عينك عليها قبل ما يفوت الأوان."

تضغط "إرسال" وترجع للخلف في كرسيها، عيناها تلمعان بنشوة الشر.

سيرين (تتنهد برضا):
أهه… أول شرارة اشتعلت… ولسه! اللعبة الحقيقية لسه هتبدأ.

تتناول كوب القهوة البارد على مكتبها، وتشرب جرعة وهي تحدق في الشاشة، وكأنها ترى في مخيلتها لحظة انفجار الخلاف بين حلا وإخوتها.
*******************

في – فيلا عيلة أدهم – بالليل –
الصالون الفخم منور بإضاءة دافية، فارس قاعد على كرسيه الجلدي، نادية بترشف قهوتها بهدوء، مازن ماسك موبايله، وشريف بيتكلم مع فارس عن الشغل.
لوسيندا قاعدة على الكنبة اللي قدامهم، بتمسح على ضوافرها المتلمعة، وكل شوية تبص لأدهم بنظرة "مائعة" وهو داخل من الباب الرئيسي.

أدهم (يقعد بثبات، ويبص عليهم كلهم):
ممكن آخد من وقتكم دقيقة… عندي موضوع مهم لازم تعرفوه.

الكل بيرفع راسه، حتى مازن يحط الموبايل جنبه ويميل يسمع.

فارس (ينزل الجرنال):
خير يا ابني… شكلك جاد.

أدهم (يبص عليهم واحد واحد):
أنا… قررت أتقدّم لواحدة.

إيد لوسيندا تقع على الترابيزة الصغيرة قدامها، عينيها توسع من الصدمة، ونادية تبصله بدهشة.

نادية:
واحدة؟! مين دي؟ إحنا نعرفها؟

أدهم (يهز راسه بهدوء):
لأ… ما تعرفوهاش. بس أنا متأكد إنها الأنسب ليا.

مازن يبتسم بمكر، يلمح ارتباك لوسيندا ويقول بنبرة هزار خفيفة:
واضح إن أخونا الكبير مخبّي علينا كتير.

شريف (مستغرب):
وليه ما نعرفهاش؟ المفروض العيلة أول ناس تعرف.

أدهم:
هتعرفوها قريب… أول خطوة إني أقولكم إني جاد.

لوسيندا تبلع ريقها بالعافية، عينيها رايحة جاية بين أدهم وأبوها، قلبها تقيل جواها، تقوم مرة واحدة وهي بتحاول تمسك نفسها.

لوسيندا (بابتسامة متصنعة):
عن إذنكم… حاسة إني تعبانة شوية… هطلع أوضتي.

تمشي بسرعة قبل ما حد يلاحظ دموعها اللي بتلمع، بس مازن يلمح حزنها ويبتسم بشماتة.

فارس (يبص لأدهم):
طيب، لما تكون جاهز، إحنا معاك… بس لازم نعرف كل حاجة عن البنت دي.

أدهم (بثقة):
أكيد يا بابا… قريب جدًا.

لوسيندا  طالعة السلم، إيدها ماسكة الدرابزين كإنها بتكتم دموعها، لحد ما تختفي في الممر فوق.

لوسيندا تدفع باب غرفتها بعنف، ترمي حقيبتها على السرير وتجلس على الأرض مستندة إلى السرير. دموعها تتساقط بصمت أولًا، ثم تتحول لبكاء مكتوم، تختنق أنفاسها من شدته. تضع رأسها بين يديها، كل ما يتردد في عقلها صورة أدهم وهو يقول: "قررت أتقدم لفتاة".

بعد عدة دقائق، تهدأ قليلًا، تمسح دموعها بكفها وتتنفس بعمق، تحاول استعادة كبريائها المعتاد. تتجه نحو المنضدة الصغيرة، تمسك هاتفها وتتردد… ثم تضغط على اسم "كريم".

كريم (من الطرف الآخر، صوته دافئ ومتحمس):
لوسيندا! دي معجزة! أنتِ بتتصلّي بيّ من نفسك؟ الدنيا حلوة النهاردة.

لوسيندا (تحاول التحكم بنبرتها، لكن صوتها مبحوح):
كريم… أنا… كنت محتاجة أسمع صوتك.

يصمت كريم لحظة، يلتقط نبرة الحزن.

كريم:
في إيه يا لوسيندا؟ صوتك مش طبيعي… إنتِ بتعيطي؟

لوسيندا (تتنهد):
يمكن… مش عايزة أتكلم عن السبب. بس… حاسة إني وحيدة قوي.

كريم (يحاول إدخال المرح):
وحيدة؟! ده أنا مستعد أركب أسرع طيارة وأجيلك… حتى لو كان لازم أجيب معايا صندوق شوكولاتة وحزمة مناديل.

ابتسامة صغيرة ترتسم على وجهها رغم دموعها.

لوسيندا:
أنت غريب…

كريم:
غريب ولا لطيف؟ خلي بالك… أنا أكتر واحد يعرف يضحكك لما تكوني زعلانة. تفتكري أيام المدرسة؟ كنتِ بتزعلي مني، وبعد خمس دقايق كنتِ تضحكي غصب عنك.

لوسيندا (بصوت منخفض):
أنا ما كنتش بضحك… كنت بس… مش عارفة أعمل إيه معاك.

كريم (بنبرة مزاح):
يعني كنتِ بتحبيني من ورايا؟ عرفت!

لوسيندا (تتنهد وتغلق عينيها):
كريم… أنا فعلًا مش في مزاج أتحمل هزارك دلوقتي.

كريم (بنبرة أهدأ، أكثر جدية):
طيب خلاص، مش هزار… اسمعيني، أياً كان اللي مزعلك، أنتِ قوية أكتر من أي حد. وإنتِ مش لوحدك… طالما أنا موجود.

تسكت لوسيندا للحظة، تشعر بارتباك من صدقه، لكنها لا تكشف السبب الحقيقي لحزنها.

لوسيندا:
أنا… بشكرك. يمكن ما أقدرش أقولك كل حاجة دلوقتي… بس أنت كنت الشخص الوحيد اللي خطر في بالي أكلمه.

كريم (بهدوء وحنان):
وده أكبر شرف ليا.

يصمتان قليلًا، ثم كريم يعود للمرح حتى يغير الجو:

كريم:
طيب، إيه رأيك بكرة آخدك مشوار ونكسر الروتين؟ نروح نتعشى في أي مكان بتحبيه… أو حتى أطبخ لك بنفسي.

لوسيندا (تضحك بخفة رغم دموعها):
أنت تطبخ؟ كارثة.

كريم (يمثل الإهانة):
إيه الكلام ده! أنا شيف عالمي بس ما حدش مقدر مواهبي.

ينتهي الاتصال بعد أن أصبح صوتها أكثر هدوءًا، لكنها ما زالت تحمل في قلبها ثقل اسم "أدهم". تضع الهاتف جانبًا، وتستلقي على السرير، تحدق في السقف بعينين دامعتين، بين صراع قلبها وكبريائها.

*******************
  في فيلا النجار 

الجو هادئ نسبيًا، التلفاز في الصالة يعمل على قناة إخبارية بينما مهاب يجلس على الأريكة يتصفح هاتفه بسرعة. وجهه متجهم من بداية اليوم بسبب ضغط العمل، لكن ما إن لمح الإشعار حتى توقف إصبعه فجأة، وعيناه تتسعان.

على شاشة هاتفه: صورة غير لائقة لحلا مع رجل، أُرسلت من حساب مجهول. الصورة التُقطت بزاوية توحي بسوء النية، وكتب المرسل تعليقًا مستفزًا.

مهاب (يتمتم بين أسنانه):
إيه القرف ده؟!

وجهه يتبدل فجأة، الدم يغلي في عروقه، أصابعه تنقبض على الهاتف بقوة حتى يكاد يحطمه. ينهض من مكانه فجأة كالإعصار، يخلع ساعة يده ويرميها على الطاولة، خطواته ثقيلة وسريعة، وصوته بدأ يعلو دون أن يشعر.

مهاب (بصوت مرتفع وهو يمشي في الممر):
هي فاكرة نفسها بتعمل إيه؟!

زياد، الذي كان يمر في الممر، يلحظ انفعاله.

زياد (مستغرب):
إيه يا مهاب؟ إيه اللي حصل؟

مهاب (بعصبية، ودون النظر إليه):
بعدها هتعرف.

ريان يخرج من غرفته، يراقب مهاب وهو يتجه بعزم نحو جناح حلا، نبرة صوته تزداد حدة كأنه يتحدث مع نفسه:

مهاب:
أنا اللي مربّيها؟! ولا إيه الحكاية؟!

يصل إلى باب غرفة حلا، يرفع يده بعنف ليفتح الباب، لكن يتوقف لثانية واحدة، يتنفس بحدة، ثم يفتح الباب فجأة بقوة.

حلا كانت جالسة على الأرض، ترتب أوراق روايتها بجانب اللابتوب، ترتدي بيجاما مريحة وشعرها مرفوع بطريقة عشوائية، عيناها تتسعان وهي ترى مهاب يقف على الباب، ملامحه مشدودة، عينيه مشتعلة بالغضب، كتفيه مشدودتان وكأنه على وشك الانفجار.

حلا (بصوت مرتعب):
مهاب… في إيه؟

لا يرد، يظل واقفًا يحدق بها بصمت، أنفاسه سريعة، يده ما زالت تمسك بالهاتف بقوة حتى بياض مفاصله ظهر. الجو في الغرفة أصبح ثقيلًا، والهدوء القاتل يوحي بأن العاصفة لم تبدأ بعد.

الكاميرا (تخيليًا) تتوقف على وجه حلا المصدوم ووجه مهاب المشتعل بالغضب.....

تعليقات



<>