رواية سفينة نوح الفصل الرابع عشر 14 بقلم سلمي خالد ابراهيم

      

رواية سفينة نوح

الفصل الرابع عشر 14

بقلم سلمي خالد ابراهيم

اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد 🤎🌻

( صندوق الأسود)

لعبة الزمن...

هي لعبة تقوم الرياح بضرب صفحات الماضي مرة أخرى لتعدي إحياء ذكرى تركت ندبة ظن أنها دُفنت ولكنها عادت تنزف لتصبح جرحًا، غائر، قاسي يمزق صاحبه ألمًا...!

ـــــــــــــــــــــــــــ

وقف أمام الشركة بملامح ممتعضة، ينظر للأوراق بين يديه بتنهيدة مختنقة، ثم تحرك بخطواتٍ ثابتة، لقد أنتهى من تركيب السماعة وتجربتها، قام بتحاليل كاملة لوظائف أعضائه، علت بسمة متهكمة على شفتيه هو يذهب بنفسه لتجار الأعضاء ليعطيهم تقرير عن حالة جسده الجيدة..

استمع لصوت نوح يهتف بجدية:

_ وصلت لفين يا سفيان؟

عبست ملامحه يردف بتهكم:

_ مستعجل على أجلي ليه يا أخويا.. في نص الشارع قربت.

ضم نوح شفتيه بغيظٍ يحاول منع غضبه، بينما تقدم سفيان ينظر للسيبر بملامح مدققة ولكن وجد رجل يقف على بابه يدخن أخر شيء بسيجارته، ثم ألقها أرضًا يدعسها بقدمه يرفع بصره نحو سفيان مباشرةً ثم ابتسم بتهكم يغمز له قبل أن يدلف للداخل. أرتجف جسد سفيان بتوترٍ واضح، يهمس لنوح بقلقٍ:

_ نوح في واحد غمزلي.

_ بتتشقط يا حبيبي خلي بالك على نفسك ومتديش رقمك لحد يا سوسو !!

نطق سعدي الذي يجلس جوار نوح يستمع معه، يعلق بتسلية واضحة، بينما امتعضت ملامح سفيان يغمغم بضجرٍ:

_ لما أجيلك يا حيوان هعملك عاهة مستديمة.

ضحك سعدي بقوةٍ يكمل بنبرة ماكرة:

_ سوسو بجلالة قدرها هتجيلي.. دا أنا ألحق أجهز الخمر والميسر.

تلونت ملامحه بغضبٍ جامح، يغمغم بعصبية مكبوتة:

_ خمر وميسر يابن سعد.. دا أنا هجي وهخلي خالتي تنفخك وأقولها إنك مغيرتش أغنية عايم في بحر الغدر اللي حاطتها ليها.

أرتبكت ملامح سعدي من حديثه يهمهم بتوترٍ:

_ أنت هتستعيل يا سفيان ولا إيه؟

_ أستعيل!! مش عايز خمر وميسر وفجور.. هوريك فجور شبشب أمك دلوقتي

أزدرد لعابه بصمتٍ، بينما رمقه نوح بسخطٍ وعاد ينظر للسماعة، علا صوت سفيان يخبرهم بوصوله للشركة، ليلتزموا الصمت يركزوا حواسهم معه. أنطلق سفيان لموظفة الاستقبال يهتف بنبرة جادة:

_ كنت جاي أقدم على شغل؟

أومأت الموظفة بتفهمٍ، ثم أشارت له بهدوءٍ:

_ حضرتك هتطلع الدور التاني وتاخد دور وتعمل الانترفيو.

تحرك سفيان حسب تعليماتها وصعد للطابق المنشود، ولم يلاحظ تلك الموظفة وهي ترفع سماعة هاتفها تردف بكلماتٍ مختصرة:

_ وصل يا فندم وطالع لحضرتك دلوقتي.

وصل سفيان للمكتب ينطلق للمساعدة الخاصة بصاحب هذا المكتب، يمد أوراقه لها قائلًا بهدوءٍ:

_ جاي أقدم على وظيفة.

أومأت المساعدة بهدوءٍ ثم أمسكت أوراقه تنظر بها بعناية تشير له بالجلوس، تحرك سفيان بخطواتٍ بطيئة ثابتة، يدقق النظر بالمكان بأكمله، شعار تلك الشركة منتشر في كل مكان، علا السخط محياه فلو لم يعلم الحقيقة لخُدع في مظهرهم ورسميتهم الثابتة، دقائق وكان صوت تلك المساعدة يعلا تشير له بالدلوف، وبالفعل تحرك نحو المكتب، يتخطى الباب المفتوح ثم يغلق خلفه، لفحة هواء باردة صدمت وجهه من هذا المكيف، يتأمل ملامح الغرفة بعناية حتى وجد ذلك الرجل ينهض يبتسم بعملية وهو يمد كفهه بعناية قائلًا:

_ أهلًا بيك يا سفيان معاك محفوظ الحوت صاحب الشركة.

صافحه سفيان بهدوءٍ استطاع الحفاظ عليه رغم إشمئزازه منه، يجلس أمامه بملامح يرتسم عليها الإنبهار الكاذب، يعلق بنبرة ذات مغزى:

_ مش معقول صاحب شركة الحوت بنفسه هو اللي بيعمل الانترفيو؟؟

ابتسم محفوظ بمجاملة، ينظر بأوراق سفيان يجيبه بهدوءٍ:

_ بحب أشرف على الشغل بنفسي.. وخاصة الموظفين الجُدد.. دا عمل خير إنك تشغل شاب كان عالة على أهله والدولة.

ضم سفيان شفتيه يمنع تلك السُبة اللاذعة، بينما علا صوت سعدي بعدد لا نهائي من السباب القاسي على تعليق محفوظ البارد، انتبهت حواس سفيان لمحفوظ وهو ينطق باستفهام:

_ حضرتك معاك ماستر في الصحة النفسية.. دا غير إنك باحث علمي وعامل أكتر من دراسة عن مواضيع مختلفة في الأمراض النفسية.. إزاي معندكش شغل؟؟

رسم الاختناق على معالمه يجيبه بحزنٍ:

_ كنت هاوي دراسة جدًا ووالدي كان بيصرف عليا لحد ما خدت الماستر بس للأسف توفى ومبقاش معايا مصاريف لحاجة وأنا كبير أخواتي.. وأي شغل في مجالي مرتبه قليل جدًا ووأنا محتاج مصاريف كبيرة.

أومأ محفوظ بتفهمٍ ليعود وينظر بتحاليل سفيان بتمعن شديد، لحظات وكان يبتسم برضٍ يردف ببسمة هادئة لا تنم على شر:

_ الملف بتاعك ممتاز يا سفيان.. وعشان اجتهادك أنا كنت محتاج سكرتير معايا للمشاوير الخارجية عشان السكرتيرة مش بتقدر تيجي ورايا.. فأنت من النهاردة السكرتير الخاص بيا.

تهلل سرير سفيان بسعادة زائف يغمغم بفرحة:

_ حقيقي مش عارف أقولك إيه يا محفوظ بيه بس هكون عند حسن ظنك.

أومأ محفوظ بهدوءٍ، ليعود ويغمغم بنبرة هادئة مريبة:

_ خلص مع إسراء برة الأوراق ومن بكرة تيجي الشغل معايا.

أومأ سفيان بموافقة ثم غادر المكتب يتمم تلك المهمة المطلوبة، بينما بقى نوح صامتًا يستمع لمحادثته بهدوءٍ، يشعر بوجودك خطبًا ما بتلك المقابلة، ولكن كل شيء يسير على ما يرام ولا يوجد خطأ.. إذًا ما سر هذا الإحساس؟؟

ــــــــــــــــــــــــــ

_ المقابلة عدت بسلام.

قالها سفيان بزفيرٍ مريح، يجلس على الأريكة براحةٍ، ليومئ سعدي بموافقة يهتف بجدية:

_ كده هتقدر تبقى معاه في كل خطوة ومنها تدخل مكتبه بسهولة وتقلب فيه كده نشوف مخبي إيه.. ولا إيه يا نوح؟؟

بقى نوح صامتًا عينيه ثابتة بنقطة واحدة، مقابلة روتنية بسيطة تسعد أي شاب عاطل عن العمل، ولكن بالحقيقة هي مبطن داخلها خطط شيطانية لا يستطيع الحصول على ثغره للدخول بوكرهم، فاق من شروده على يد سعدي التي تحرك كتفه بتعجبٍٍ، يسألها باهتمامٍ:


_ مالك يا نوح شارد كده ليه؟


زفر بإرهاقٍ واضح يعلق بنبرة هادئة:


_ المقابلة دي فيها حاجة غلط.. روتينة سهلة وكأن عارفين إن سفيان رايحلهم ومسهلين له كل حاجة.


صمت سعدي قليلًا يتذكر ما حدث مع أحمد ليخبره أنه ذهب على مرتين، فعلق سعدي بتحليلٍ:


_ هو أحمد راح على مرتين.. أول مرة كانت مقابلة روتينة والمقابلة التانية لما راح بالتحاليل عشان يحدد الوظيفة.. بس سفيان رايح جاهز أصلًا فين المشكلة؟


نفى نوح برأسه يغمغم بضيقٍ:


_ هو إيه اللي يشتغل علطول وسكرتير خاص!! فين العقد اللي هيمضي عليه!! فين المرتب اللي هيتفق عليه!! الكلام دا بيتفقوا عليه لما بيتقبل لكن محفوظ قاله يخرج للسكرتيرة يسلم ورقه ويمشي وهي هتعمل كل حاجة معنى كده إن المقابلة دي معمول حسابها وعارفين إننا هندور وراهم.


بهتت ملامح سفيان بخوفٍ، بينما أتسعت عين سعدي يهتف بقلقٍ:


_ إزاي يا نوح؟ عرفوا منين إننا عرفنا عنهم حاجة؟


أراح نوح رأسه للخلف على ظهر الأريكة يغمض عينيه بإرهاقٍ واضح يعلق بصوتٍ مختنق:


_ مش عارف ودا اللي هيجنني.. عرفوا منين إننا بندور وراهم دي نقطة؟ وليه مخدوش سفيان أول لما دخل.


قبل سفيان ظهر كفه وباطنه ثم هبط على الأرض ساجدًا يردف بحمدٍ مذعور:


_ الحمدلله.. الحمدلله يارب إني رجعت أنا لسه مكملتش نص ديني..


رفع بصره لنوح وسعدي اللذان يراقبان فعلته، ثم قال برفضٍ واضح:


_ أنا مش رايح المشرحة دي تاني.


نظر نوح ببسمة متهكمة ثم قال بسخطٍ:


_ هتروح يا حبيبي.


_ إيه!!!


فرغ فاه سعدي بصدمةٍ، بينما انتفض سفيان بذعرٍ يحرك رأسه بفزعٍ رافض ناطقًا:


_ لالالا أمشى أروح هناك تاني.. هو أنا عارف عجبهم أنهي عضو في جسمي هياخدوه.


ابتسم نوح ببرودٍ يعلق بتهكم:


_ دمك.. هياخدوا دمك عشان شربات على الأخر.


أنكمشت ملامح سفيان بغضبٍ ينظر لسعدي الذي يكبح ضحكته بصعوبة، ثم ردد بصوتٍ حانق:


_ أنت هتهزر! أنت عايزني أروح تاني برجلي هناك!


أومأ نوح بجدية يهتف مقاطعًا محاولة سفيان للمعارضة:


_ أسكت بقى.. بتحرق كتير وأنا خلقي بقى في مناخيري.. طالما مسهلين دخولك كده يبقى عايزنك تشوف حاجة وتوصلهالنا.. لكن مش هيأذوك يا سفيان لو كانوا عايزين كده كانوا عملوها من أول لما دخلت.


زفر سفيان بقلقٍ ينظر لنوح برجاءٍ متوتر:


_ ما بلاش يا نوح.. مش مستغني عن عمري..


_ يا بني آدم أفهم بقى هما مش أغبية عشان يأذوك دلوقتي ولاسيما أنهم بتأكيد عارفين إننا بنراقب ونحاول نسمع كل كلمة عشان نمسك دليل عليهم.. وعشان كده مش هيأذوك ولا هيقربولك.. بالعكس أنت المرسال بتاعهم لينا.


اقتنع بحديثه ولكن لا يزال القلق يداهمه، ولكن قطع مناقشتهم صوت طرقات هادئة على الباب، نهض سعدي ليرى من يطرق فوجدها فُلة تبتسم بحياءٍ مردفة بحرجٍ:


_ خالتي بعتتني أقولكم العشا جاهز وكمان أعملوا حسابكم هنتفرج على فيلم عشان ذكريات تعبانة وحابسه نفسها في الأوضة.


ألتقطت أذنيه اسمها بانتباه واضح، لينهض من مكانه سريعًا ليتجه نحو الشقة الأخرى، ولكن أوقفه سفيان يردد بهدوءٍ:


_ أستنى يا نوح عايز أقولك حاجة!


ألتفتى نوح نحوه ينظر له باستفهام، ليسأله سفيان بهدوءٍ:


_ أنت مرتاح مع مراتك؟؟


رفع حاجبه باستنكارٍ يعلق بسخرية غاضبة:


_ وأنت مال أمك!


حمحم سفيان بتوترٍ واضح، يعلق بنبرة مغتاظة:


_ احترم نفسك شوية يا أخي.. عامةً مقصدش حاجة كل اللي في الموضوع إن ذكريات حالتها النفسية مش مظبوطة وبدأت تتعلق بيك تعلق مرضي.


تقلصت المسافة ما بين حاجبيه، يعقدهما بضيقٍ، ليسترسل سفيان بتوضيح أكثر:


_ ذكريات فاقدة لمشاعر الأب في حياتها ومحستش بوجوده رغم احتياجها ليه وعشان كده هتلاقي تصارفتها غريبة جدًا.. وخليني ألفت أنتباهك أي تصرف مع ذكريات مش مناسب لحالتها ممكن يوصلها لمرحلة إنهيار عصبي والله أعلم ممكن تعمل إيه.


_ المفروض أتعامل إزاي مع مراتي مش فاهم؟؟


تهكم مختنق واضح بين كلماته، ينظر لسفيان الذي حدقه بتفحص قبل أن يغمغم بهدوءٍ:


_ ذكريات فاقدة ثقتها بنفسها واستقرارها.. حاسه علطول إنها مرفوضة ومش محبوبة لإن مقدم الرعاية اللي هما أسرتها مدوهاش ثقتها في نفسها بالعكس رفضوها.. ودورك ترجع الثقة دي تاني وتفهمها إنها مش مرفوضة بالعكس هي شخصية مقبولة من الكل.. وبطريقتك يا نوح وعشان أسهلها عليك.. ذكريات جواها صندوق أسود مجمع كل ذكريات السودا اللي في حياتها وقافلة عليه ومحدش يعرف جواه إيه.. حاول تفتح الصندوق دا لو فتحته يبقى خطيت نص طريق علاجها.


تنهد نوح بصوتٍ مسموع، يومئ بتفهم لحديثه، فهو لن ينكر تعجبه من تصرفها الأخير بل لم يكن متوقعًا بنسبة له ولكن بالنهاية تحمل لأجلها، استدار نوح يتحرك نحو الشقة مجددًا وخلفه سفيان الذي تركه يفعل المطلوب بطريقته الخاصة.


ـــــــــــــــــــــــــــ


دلف للشقة ليجد سعدي يجلس على طاولة العشاء وإلى جواره حميدة ووالدته وفُلة، لم يجدها جالسة ليعلم أنها أعتكفت بالغرفة، نظرت له حميدة بهدوءٍ قائلة:


_ أدخل يا نوح لمراتك.. أنا حطتلها الأكل جوا كل معها وشوف مالها.


ابتسم لها بامتنانٍ شديد، هو بالفعل يريد الإنفراد بها، تقدم أولًا من غرفته ينتشل ذلك الصندوق الصغير من الدرج المكتب، ثم غادرها يطرق باب غرفة التي تجلس بها ذكرى، وما سمع صوتها يمنحه إذن الدخول حتى دلف بهدوءٍ يغلق الباب خلفه، تأمل جلستها وإلى جوارها طبق الشطائر دون أن تمسه، تضم ساقيه لصدرها، تستند برأسها على ركبتيها تخفي وجهها بها بإرهاقٍ، ينسدل شعرها حولها ليخفي معالمها أكثر، تبدلت ملامحه من متعبة لأخر شغوفة بها، تلك النبضة الغريبة المفاجئة تأتي فجأة لتحدث أتصالًا بينهما...


زحف القلق لقلبها عندما وجدت الغرفة هادئة بعد غلق الباب، لترفع رأسها بهدوءٍ تنظر نحو الباب لتجد نوح يقف أمامها يتأملها بهدوءٍ، واضعًا يده بجيب سرواله، خصلات شعره المبعثرة بعشوائية مانحة إياه جاذبية، انتفضت من مكانها تشهق بصدمةٍ وهي تحاول لملمت خصلات شعرها سريعًا، تبحث عن حجابها ولكنه بعيدًا عنها، عضت على شفتيها بحرجٍ فحتى نهوضها من الفراش صعب بسبب منامتها الضيقة التي ترتديها فلأول مرة تظهر أمامه بمعالمها دون إخفائها ككل مرة.


علت بسمة ماكرة ثغره لأفعالها يراقب انفعالاتها وحراجها الشديد منه ثم تقدم نحوها حتى أصبح جوارها مد يده نحو يدها التي تحاول لملمت شعرها المموج الذي يأخذ حجمًا كبير، أبعد يدها عنه ليعود شعرها يأخذ وضعه مجددًا، لتهتف ذكريات بحرجٍ:


_ سيبني أضفره طيب بدل ما هو هايش كده.


مد كفه الأخر يمسح على خصلاتها بنعومة، يهمس بلطفٍ:


_ بالعكس مديكِ شكل مختلف وجميل.. أنا أول مرة أحب الشعر الطويل وwave.


ألتمعت عينيها بشيءٍ من الراحة، تردف بكلماتٍ مرتجفة لاحظها:


_ بجد! الشعر الطويل حلو.


سحب يدها يساعدها على النهوض، يتجه بها أمام المرآة المعلقة على باب الخزانة، ليُقفها أمامه يتأمل ملامحها الخجولة من وقوفها هكذا لأول مرة أمامه، ليعلق وهو يمسح على رأسها بلطف أمسك بطرف شعرها يرفعه قليلًا يقبلها أسفل نظراتها المندهشة، ليعلق ببسمة حنونة:


_ الشعر الطويل تحفة عليكِ يا ذكريات.


تنهدت براحةٍ بعد حديثه، لتحاول التحرك ولكن أوقفها نوح يبتسم بمكرٍ أربكها، يهمس بخبثٍ منحنيًا جوار أذنها ولا تزال عينيه على المرآة يراقب خجلها الذي يزداد:


_ كان ليا مقابل وعايز أخده منك دلوقتي.


أرتجف جسدها بوضوحٍ أمامه، تنظر للمكر البارز في عينيه بوضح، ليغمز لها بتسلية، ثم مد كفه نحو جيب سرواله يخرج تلك العلبة القطيف الطويلة، تأملتها ذكريات بفضولٍ ليفتحها نوح بهدوءٍ أسفل نظراتها، وسرعان ما علت ملامحها صدمة، فتلك القلادة التي أشارت عليها عندما ذهبا للمكتبة، علا صوته وهو يخرج القلادة من العلبة يهمس بلطفٍ:


_ معناها عجبني ولايق علينا وقُلت لزمًا أجبهالك عشان أنتِ بداية حياة جديدة ليا.


وضع العلبة جانبًا ثم عاد يقف خلفها يهتف ببسمة ماكرة:


_ والمقابل يا ستي إني أنا اللي هلبسك السلسلة.


توردت وجنتيها بخجلٍ، ولكن ابتلعت لعابها بصعوبةٍ تتذكر أمر الندبة التي يمكن أن يراها، لا تريد أن تراها وتهاجمها تلك الذكرى مجددًا، علقت بتوترٍ ممزوج برجاءٍ وهي تستدير نحوه:


_ هاتها أنا هلبسها..


_ كده هخليهم 3 مرات.


قالها ببسمة باردة، لتنفخ ذكريات بضيقٍ، تستدير مجددًا تنظر بالمرآة بحنقٍ، كاد نوح أن يزيح شعرها من الجهة اليمنى ولكن تفاجأ بذكريات تهتف بخوفٍ:


_لا أنا هرفعه.


تعجب من طريقتها وشعر بوجود خطبًا ما، جاهلًا كونه على وشك فتح بداية الصندوق الأسود خاصتها، أزاحة ذكريات شعرها للجهة اليمنى تخفي تلك الندبة البارزة بكفها لتمرر القلادة سريعًا حتى لا يراها، ابتسم لرؤيتها تزين عنقها، ليغلق القفل بهدوءٍ، يهمس لها بلطفٍ:


_ خلصت يا ذكريات.


زفرت براحةٍ ثم أومأت بموافقة خجولة تترك شعرها ليعود لوضعه ثم رفعت كفها تلامس القلادة بحبورٍ شديد، تضخمت مشاعرها له، فلطالما حُرمت مما تريده، دائمًا ما يعلم نادر برغبتها في شيء ليبدأ بتحطيمه بشدة وتبنى ذكريات سوداء مخيفة داخلها..


راقب أنفعالاتها وابتسامتها الواضحة، عينيها اللتان تلتمعان بفرحةٍ ظاهرة، ولكن لماذا لم ترغب بإزاحة شعرها من الجهة اليمنية وتخفي رقبتها بكفها، تأمل أندماجها مع القلادة، ليرفع كفه يزيح شعرها سريعًا ولكن تبدلت نظرته من فضول لصدمة من ظهور الندبة بوضوح وبروزها بتلك الطريقة المؤلمة يعلم جيدًا أن تلائم الجرح هذا لم يعالج بشكلٍ طبي بل تعرض لإهمال، شهقت ذكريات بصدمة وهي ترى عينيه المعلقة على ندبتها، حاولت رفع يدها لإخفائها ولكن ثبت نوح يدها سريعًا، وبكفه الأخر رفعه يمرر إبهامه عليها يشعر بقسوة ما مرت به، أزاح يده عنها ثم رفع حدقتيه بها بتدقيقٍ، يتأمل رجفة شفتيها، عينيها اللتان تلتمعان بالدموع، ثم انتفضت جسدها الذي يتراجع لزاوية تبتعد عنه بذعرٍ، تنكمش على نفسها، عينيها تبحث عن طريقة للفرار من أمامه، تقدم بخطواتٍ بطيئة نحوها يقف أمامها محاصرًا إياها في الزاوية يفطن رغبتها بالفرار من أمامه، فهمس قائلًا بصوتٍ حاني:


_ أحكي يا ذكريات مين عمل كده..


أصبح الهجوم قوي من صندوقها الأسود لعقلها الواعي، ليعود هذا المشهد مجددًا أمامها، مقص انتشله نادر، ودفعه لوالدتها بقوةٍ، خصلات شعرها الطويلة، ثم سقوط تلك الخصلات الجميلة على الأرض حولها، ومعها قطرات دماء لوثت المقص وشعرها بسبب عنفه..


وضعت ذكرى يدها على وجهها تبكي بقوةٍ قائلة بصوتٍ مرتجف يُفهم بصعوبة:


_ لالالا أبعد عني كفاية متقصش شعري تاني يا نادر.. آآآه رقبتي.


كأن تلك الندبة البارزة عادت وفُتحت مجددًا تضع يدها عليها بألمٍ واضح، بينما أمسك نوح ذراعيها بقوةٍ ينظر لعينيها الباكيتين قائلًا بقوةٍ يتخللها حنوٍ:


_ ذكريات مفيش نادر ولا أي حد معاكِ.. محدش هيقرب من شعرك تاني هيفضل زي ما هو طويل وبتحبيه.


نظرت له بأعينٍ ضعيفة، تهمس بنبرة تكاد تكون مسموعة:


_ بجد! مش هتخلي حد يقرب من شعري؟


حرك رأسه بنفي يجببها بحنانٍ يحتويها:


_ طول ما نوح عايش حبيبة نوح هتفضل في أمان.


هدأت لوعتها، ليرتخي جسدها بضعفٍ واضح، لا تزال رجفة تصيبها، شعر بها نوح ليمد يده يحملها برفقٍ فمدت ذراعيها بضعفٍ تتمسك به، لتلفها حول رقبته تضم نفسها داخله، ابتسم نوح لحركتها ثم اتجه بها نحو الفراش يضعها بحنوٍ، وما كاد أن يبتعد حتى تشبثت به أكثر دون أن تفلته تزيد من لف ذراعيه على رقبته، ليعلم وبوضوح رسالتها في عدم رغبتها بذهابه، انحنى نحوها يجلس جوارها، لترفع ذكريات جسدها لتضع رأسها بتلقائية على صدره تغمض عينيها براحةٍ يديها تمسك بقميصه كأن تلك الطريقة هي الأقوى لمنعه في المغادرة، قبّل رأسها بتلقائية كما أعتاد يرفع إبهامه لوجنتيها يلامسها برقةٍ، فاترخت ملامحها بعد تلك الحركة تنكمش داخله كطفلة ثم همست ببسمة متعبة :


_ متسبنيش.


سمعها بوضوح لتزحف بسمة صغيرة لشفتيه، دقائق وكان يستمع لصوت أنفاسها المنتظمة، تنهد بضيقٍ مردفًا بتمسك:


_ أول ذكرى في صندوقك الأسود.. وقريب هنخلص منه كله.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


سيل أسود بعقلها يزيد من ألمها وشحوب ملامحها، لم تصنع ذكريات جيدة جميعها بمشاكل أسرية مريضة، أبٌ مهووس بطرد وقتل شقيقتها، أم ضائعة ضعيفة تبكي طيلة الوقت، حتى هي لم تجد من تصنع معه ذكريات، ابتسمت بشحوبٍ تتذكر سفيان ذلك اللطيف الذي ساعدها على الفور، يدافع عنها أمام والدها حتى طاله شره، يحاول حمايتها دون مقابل، هبطت تلك الدمعة من عينيها، ترفع كفها مرتجفة تزيحها سريعًا، تشعر بدقات قلبها تزداد كلما تذكرته ولكن عادت ملامحها يتشكل عليها الضعف لتهتف بهمسٍ شاحب:


_ يارتني ما شوفتك يا سفيان.. يارتني.


أغمضت عينيها تحاول السيطرة على نوبة البكاء التي هاجمتها، كيف تكونت تلك المشاعر داخلها نحوه، لماذا أتى لعقلها مجددًا؟


لم تستطع منع دموعها من النزول، يصدر عنها أنين بكاءًا مختنق، تفر هاربة من الإجابة ولكن الحقيقة واضحة، فلأول مرة تجد من يدافع عنها من بطشة أبيها، من يحاول الدفاع عنها وتلقي عنها الظُلم، ولكن ربما يفعلها شفقة..!


توقفت عينيها عن البكاء تحدق بصدمة عندما أدرك عقلها معنى الكلمة، تشعر بغصةٍ تقبض على قلبها ترهقها، حركت رأسها برفضٍ تهمس بضعفٍ:


_ لا يا سفيان.. أكيد مش شفقة أكيد.. بس ممكن عشان واجب مهنته!! يارب يارب أنزعه من عقلي وقلبي اللي أتعلق بيه.


رجاءًا واضح بعينيها لله وحده، تعود لتغمض عينيها بتعبٍ واضح، لم تحصل على لحظة السكينة لتستمع لصوته ينبس ببرودٍ:


_ أنا راجع مصر.. لو معملتيش قلق أنا هرجع أخليكِ تعملي العلاج الطبيعي وتمشي.


نظرت له بنفورٍ واضح، تبغض وجوده بشدة، ولكن بالنهاية والدها، لقد أحكم القدر قبضته عليها ليصبح دون عن البشر جميعًا نادر الشرنوبي والدها.


_ شايف القطة كلت لسانك! ولا العرض معجبكيش؟؟ عادي خليكِ كده أنـ...


قاطعته بنبرة جامدة خالية من المشاعر:


_ موافقة.


تأمل جمودها الزائف الذي تظهره، يرى لمعة الألم القابعة داخل بؤبؤة عينيها، ليتناهد بصوتٍ مسموع يغمغم بخشونة:


_ مش هطول.. هخلص شغل وراجع علطول.


أومأت بهدوءٍ صامت، ليغادر نادر الغرفة بعدما ألقى نظرة خاطفة عليها، بينما بقيت هند تتأمل الباب ثم قالت بنبرة متألمة:


_ أنا مش هفضل معاك يا بابا.. لزمًا أهرب منك ومن ظلمك ليا.


عادت تنظر نحو النافذة تتأمل مغيب الشمس بصمتٍ، ولكن عقلها يبحث عن ألف طريقة لتفر من بطشته دون راجعة.


ـــــــــــــــــــــــــ


صباحًا...


تشابك الحزن بملامحها بشدةٍ، تأمل ملامحها بنظرةٍ خاصة، تارة تزحف بسمة وتارة أخرى تندثر بعدما يرى تشنج ملامحها بضيقٍ، رفع كفه بحركته المعتادة، يلامس إبهامه بوجنتيها بحركاتٍ ناعمة لتعود وتنفرج ملامحها وتعود لينة مرة أخرى، تناهد بإرهاقٍ من التفكير بما حدث معها، يشعر بأن حياتها لم تكن عادية سيقابل الكثير معها ولكن الصبـــــــــــر..!


استمع لصوت حميدة بالخارج تنادي فُلة لتعد الأطباق لتضعها بالردهة، ليعلم بموعد اقتراب الفطور، ابتسم بمكرٍ وهو يتأمل رأسها الموضوعة على ذراعه ويدها التي لا تزال تلتف حول رقبته، ليدنو نحوها قليلًا يلثم وجنتها بقُبلة حنونة بطيئة، إبتعد يرى ملامحها التي تبتسم تعلن عن راحتها، لتتسع ابتسامته الماكرة أكثر، ليعود يقترب من أذنها يهمس باسمها تارة ويقبل وجنتها تارة:


_ ذكريات.. حبيبة نوح.. قومي.


فتحت عينيها بنعاسٍ ولا تزال بسمتها تزيد ثغرها، ولكن سرعان ما اتسعت حدقتيها بصدمةٍ تنظر لذراعها الموضوع على كتفه بل وتلتف على عنقه، واقترابها منه، انتفضت تدفعه بقوةٍ، لتتسع عينيه بصدمةٍ من ردة فعلها العنيفة ولكن تمالك نفسه قبل أن يسقط من الفراش، بينما شعرت هي بالحرج بعدما رأته يريد لثم وجنتها مجددًا تردف بارتباكٍ ممزوج بحرجٍ:


_ أنا.. أنت.. أنا مكنتش في وعي!!


ضحك بصوتٍ عالي بعد جملتها المرتبكة، يرى وجهها الذي تلون بخجلٍ شديد تحاول أن تختفي من أمامه ولكن لا مفر، ليسيطر على ضحكته ولكن أطلق مكره في غمزة خبيثة :


_ ما أنا عارف.. بس إيه رأيك في الحلم حلو مش كده؟؟


أشتعلت وجنتها خجلًا من حديثه الماكرة، تصرخ باسمه في صياح معترض:


_ نــــوح!!!


_ حياة نوح الجديدة.


عادت مشاعرها تتجدد مجددًا بعد حديثه الحنون الشغوف، نظراته المليئة بالحب، زفرت بشكلٍ مطول ثم قالت وهي تفرد ذراعها اليمنى نحو الباب قائلا:


_ ربنا يهديك يا نوح.. روح عشان ألبس هدومي وأساعدهم في الفطار قبل ما تنزل شغلك.


أومأ ببراءة زائفة، لينهض ببطءٍ باتجاهها، بينما تعجبت هي من استدارته نحوها بدلًا من جهة الباب لتعلق بعدم فهم:


_ ما كنت نزلت الناحية التانية ليـه تلف النـ...آآ..!


شهقت بصدمةٍ وهي ترى نفسها مقيدة بين ذراعيه، تخلل ذلك الدفيء مجددًا داخلها، تشعر بكفه على خصلات شعرها تمسح عليها بلُطفٍ، يهمس لها بحبورٍ:


_ محتاج أبدأ يومي كويس بالحضن دا... وأنتِ كمان محتاجة لدا.


أومأت بموافقةٍ تريح رأسها على صدره، وذراعيه يلتفان حوله، يسترسل مجددًا ولكن بجدية:


_ أعملي حسابك إن من النهاردة هاجي أبت في أوضتي وأنتِ معايا.


انتفضت من بين أحضانه تحاول الابتعاد ولكن قيد حركتها سريعًا يهمس بهدوءٍ:


_ أهدي يا ذكريات.. وافتكري إني جوزك ومكانك جنبي.


صمت يتذكر بسخطٍ حاله، ليعود يكمل بتهكم مغتاظ:


_ مش كل واحد ينام في شقة وكأن عليا ذنب وبخلص.


كبحت ضحكتها وهي ترى الغيظ يحلق بحدقتيه، فلم تتوقع برغبته في بقائه معها، داعبتها الراحة وهي ترى قبوله بها، لم ينبذها كما فعل نادر الشرنوبي. أومأت بموافقةٍ خجولة، ليبتعد عنها قليلًا يردد براحةٍ:


_ تمام كده.. هغير هدومك وأنا هروح أعرفهم إني هبات في الشقة هنا.


غادر نوح الغرفة بهدوءٍ، بينما تأملت ذكرى مغادرته لتزفر بقلقٍ هاتفه بتوتر:


_ هتكمل معايا بعد ما تعرف بقيت قصتي ولا هترميني مع أول محطة لما تعرف الحقيقة كاملة.


ــــــــــــــــــــــــــــ


وقف يتأملها بحبٍ شديد، يضع يده على الزجاج وكأنه يمرر يده على ملامحها التي يحفظها ظهرا عن قلب، أدمعت عينيه يرى حركاتها المحترفة في الصد لكمات ذلك الوحش البشري المليئ بالعضلات أمامه، ولكن امتعضت ملامحه يسمع صوته الكريه من خلفه:


_ لقد وفيت بوعدي لك وأحضرتك إلى فتاتك.


استدار يرمقه بنظرة حاقدة تحمل غلًا ثم عاد ينظر لملامحها الجامدة، تمالكته غصة حزينة هو الشاهد الوحيد على تاريخها المريع بتلك المنظمة، عذابها منذ طفولتها بعدما أُلقي هنا وهي بين ذراعيه يحاول حمايتها، أدمعت عينيه يتذكر كم الجرائم التي شارك بها ليحميها من الجرائم أخرى ستنفذ عليها ولكن بالأخير فشل بحمايتها من العذاب الذي شوّه روحها، استرسل ذلك الخبيث بنبرة ماكرة:


_ ما رأيك بعرض أخر..


لم تفترق نظراته عنها، ليسترسل الأخر بهدوءٍ فحيح:


_ أريدك فك شفرات أول ملف بجهاز الحاسوب الذي معك.


استدار يحدقه بغضبٍ يردف بنبرة مختنقة إنجليزية:


_ لن أفعل شيء مجددًا.. يكفي مشاركتي في جريمتك وإخفاء جميع الأدلة الموجودة بحاسوب الأسيوطي وتضليل نوح ورفاقه.


رفع حاجبه يتأمل إنفعاله بعدم رضا، يتقدم يقف أمام الزجاج يشير لأحد حراسه بأن يمسكها بقوةٍ، وبالفعل تقدم يشل حركتها لتتلقى لكمة عنيفة على وجهها يسيل خيط أحمر من شفتيها، تجعدت ملامحها بألمٍ واضح، فانتفض بخوفٍ يلتصق بالزجاج الفاصل بينهما، يسب ذلك الرجل بمواجهتها بعنفٍ.


حاولت النهوض لاستكمال تمارينها الإجباري ولكن ذلك اللعين الممسك بذارعها يقيد حركتها، بينما عاد الأخر يلكمها بقوةٍ أكبر لتطيح بها أرضًا تأن بألمٍ واضح هامسة بضعفٍ:


_ اللعـ** عليك أيها الصهيوني.

صرخ بموافقته سريعًا تتساقط دموعه عليها، ليشير لهم بأن يتركوها وشأنها، ثم قال بنبرة ثعبانية خبيثة:

_ أحسنت يا عزيزي..

مد بنانه ليلتقط دمعته المتساقطة، ثم قال بتعاطف زائف:

_لا تبكي.. قريبًا سأنهي حياتك لينتهي عذابك يا عزيزي!!!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

_ نوح مكتب محفوظ فاضي والسكرتيرة قالتلي استنى جوا وأنا جواه فعلًا.

نطق سفيان بتوترٍ واضح، ليغمض نوح عينيه يهتف بضيقٍ:

_ في لاب توب قدامك ولا أي حاجة؟؟

أجابه سريعًا وهو يتقدم نحو المكتب يجلس على المقعد بمواجهة الحاسوب:

_ أيوة في جهاز ومفتوح كمان على صفحة فيها فيديو واحد هفتحه.

ابتسم نوح بسخرية وقد فطن ما محتوى، دقائق واستمع لصوت سفيان المرتجف:

_ دي فيديو مجمع ست فيديوهات لعملية أخد الأعضاء من الجثث اللي في القضية.. ليلى وجمال وأحمد وحسن وآآآ...

صمت يرى صراخهم ومقاومتهم لما يفعلوه معهم، ثم بلحظة أنقطع الفيديو ودلف محفوظ يعلو ثغره بسمة شيطانية مخيفة، يهتف بخبث:

_أتمنى الفيلم القصير دا يكون عجبك.

رفع سفيان بصره بتوترٍ ينهض من مكانه يتراجع للخلف، يسأل بصوتٍ متوتر:

_ أنت عرفت منين؟؟

مط شفتيه بعبوسٍ، ثم عاد يبتسم يشير على نفسه قائلًا:

_ كده تشك في قدرات ملك الحوت؟؟ عامة يا سيدي عشان متزعلش وإكرامًا لتعبك ومجيتك هنا هقولك نصيحة توصلها لنوح.. أو هو كده كده معانا وسامع كل حاجة..

صك نوح على أسنانه بعنفٍ، يشعر بالاختناق من عدم تواصله لتفسير وصولهم لتلك المعلومات، بينما استرسل محفوظ بمكرٍ:

_ أبقى اختار الناس اللي حواليك كويس عشان متكررش غلطة ياسر تاني.. هيبقى شكلك وحش أوي في الداخلية لما تتخان من أقرب حد ليك لتاني مرة!!!

               الفصل الخامس عشر من هنا 

لقراءة باقي الفصول اضغط هنا

تعليقات



<>