الفصل السادس 6
بقلم وفاء الدرع
– كفاح امرأة ✨
في يوم هادي… كانت عائشة قاعدة في بيتها بعد ما الثلاث بنات خرجوا… الجو ساكن، صوت المروحة يدور ببطء، وريحة القهوة مالية المكان.
فجأة… الباب خبط.
قامت تمشي ببطء بسبب التعب اللي بقى يظهر عليها من حين لآخر… فتحت الباب.
لقت شاب وبنت واقفين، شايلين كاميرا ودفتر.
الشاب قال بابتسامة:
«السلام عليكم يا حاجّة عائشة، إحنا من مجلة كبيرة ومشهورة… وجايين نعمل معاكي حديث عن سنين كفاحك».
عائشة اتلخبطت، بصة يمين وشمال:
«أنا؟ ليه؟ أنا ست على قدّي!»
البنت ردت بحماس:
«قصتك وصلت للناس… الناس كلها بتتكلم عنك. عن الأم اللي ربّت لوحدها… وطلّعت دكاترة ومهندسين ومدرسين… من غير ما تمد إيدها لحد».
سكتت لحظة… دمعتها نزلت غصب عنها، وقالت:
«هو ربنا اللي ستر… أنا بس حاولت». وربنا عني عليهم
دخلوا، وقعدوا يحكوا معاها ساعة كاملة.
الصحفي يسأل، والبنت تكتب، وعائشة تحكي عن أيام كانت بتنام وهي جعانة عشان البنات ياكلوا…
عن ليالي اشتغلت فيها لحد الفجر…
عن خوفها من بكرة، وعن دعاءها اللي ما انقطعش:
«يا رب ما تكسرليش كلمة… يا رب قوّيني عليهم».
كانت تحكي بدموع وفرح وفخر… وبناتها حواليها مستغربين إن أمهم مش مجرد أم… دي قصة.
قصه كفاح امراه في زمن اكثريه الأهل بلا قلب ولا رحمه
تخلوا عنها في اقرب الاحتياج اليهم
لكن كان عوض ربنا كبير قوي ما خزلنيش وقدرت اقف على رجلي واعمل ليهم مستقبل واعلمهم وجهزت الثلاثه وزوجتهم
عمري ما هسيب الشغل غير لما اجوز البنتين ويكون كده اديت رسالتي كامله
قامت البنت الصحفيه بستها وحضانتها وقالت لها انت لازم تكوني فخر لاي شخص في الدنيا
---
بعد أيام… نزل المقال.
عنوانه كان:
🌸 كفاح امراه… أم صنعت جيلًا بيدين مجروحتين وقلب من ذهب 🌸
الدنيا اتقلبت.
التليفونات ما بطلتش رنّ… الناس تهنّي… صفحات فيسبوك تشارك المقال…
وإدارة المحافظة اتصلت بيها:
«يا حاجّة عائشة… حضرتك اتكرمتي كأم مثالية السنة دي».
وقفت عائشة على المسرح… وقدّامها ناس كتير…
لبست طرحة جديدة من شغل إيديها…
ومسكوا إيدها وهي بتستلم الدرع.
لحظتها… حسّت إن كل دمعة بكتها، كل ألم، كل جوع، كل خوف…كل وجع اتبدّل بنور.
رجعت البيت، بناتها حواليها، وكل واحدة فيها عيونها بتلمع فخر.
منى قالت وهي ماسكة الدرع:
«يا ماما… إحنا مهما عملنا مش هنرد جميلك».
عائشة ردت بثقة وحنان:
«أنا عملت اللي لازم أعمله… والباقي من ربنا.
أنا زرعت… وانتوا الحصاد».
---
منى … اتقدم لها واحد من أصحاب أخو جوز ساره، شاب محترم وهادئ.
اتجوزت في فرح بسيط… بس كان مليان حب ودعوات.
عائشة وقفت تبكي وهي تقول: دعاء لساجده
«يا رب سدّد خطاها… ووسع رزقها… وارزقها ابن الحلال اللي يصونها».
---
ساجدة… آخر العنقود… أجملهم وأهدى واحدة.
كانت شبه عائشة في هدوئها وحكمتها.
… كانت دايمًا سند لأمها. وتهون عليها تعب السنين
بعد سنتين… اتقدم لها دكتور في الجامعة اللي اتخرجت منها.
شاب محترم، صاحب دين وأدب وأخلاق، والكل شهد إنه أحسن زوج.
اتجوزت… وبقت آخر بنات عائشة تتزوج.
وفي ليلة فرحها… رجعت عائشة البيت لوحدها، دخلت أوضتها، قعدت على السرير…
وبكت.
بس المرة دي مش بكاء وجع…
ده بكاء فرح.
كانت تقول:
«الحمد لله يا رب… ما كسرتليش كلمة… ما خذلتنيش يوم.
سترتني… ورفعت راسي… ورزقتني ببنات يشرفوني».
---
مرت سنين… البنات كلهم ، اتجوزوا، وفتحوا بيوت، وكل واحدة منهم كانت نسخة من أمها…
قوية… محترمة… واقفة على رجلها.
الأحفاد بقوا يجروا في بيت عائشة، وهي تضحك وهي شايفاهم وتقول:
«ربنا ما يحرمنيش منكم… أنتم عوض ربنا».
بقت المنطقة كلها تحكي عنها.
الناس كانت تقول:
«دي ست من ذهب… قصة اتكتبت بمية نار وصبر».
«ربّت بكرامة… ما مدتش إيدها… وربنا رفعها».
وبيتها… بقى مقصد للناس اللي عايزة تتعلم معنى الصمود.
---
لكن…
في يوم… ومع كل الفرح ده… ومع كل الراحة اللي أخيرًا بدأت تعيشها…
ظهر شيء غريب…
شيء محدش توقعه…
❓ يا ترى إيه اللي حصل لعائشة فجأة؟
مرض خطير؟
سر قديم هيرجع؟
ولا خبر هيقلب حياة العيلة كلها؟
