رواية ابتليت بحبها الجزء الثاني2 الفصل السابع والستون67 بقلم نجمه براقه

رواية ابتليت بحبها بقلم نجمه براقه  
رواية ابتليت بحبها الجزء الثاني2 الفصل السابع والستون67 بقلم نجمه براقه
صدام
في تجمع عائلي على الفطار كانت رحمة قاعدة في الكرسي المقابل ليا، عينيها عليّا… عايزة تقول حاجة، أو بتلومني لأني لغاية دلوقتي مقعدتش معاها وفهمتها أللي عايزة تفهمه.

وعمّي على يمينها بيتكلم معانا ، ومتجاهل عن قصد نظراتها ليّا رغم ملاحظته 

وأما عنّي، فكنت بحاول جاهدًا اتجنب النظر ليها وفي نفس الوقت مستني لحظة غفلة من عمّي عشان احذرها ولو بنظرة حادة يمكن تفهم منها إنها توقف اللي بتعمله

وبعد دقايق من كلام عمي الموجه للكل، سكت لحظة وتوجّه لي بتركيز كامل وقال:

_ لسة قاعد يعني!،  هتروح الشركة النهارده..

قولت، وعيني لسه على الطبق:

_ لا، هتابع على اللاب توب… مفيش دماغ للموظفين النهارده..

قوس بوقه بتعجب وقال:

_ آه… طيب... بلاش، أروح أنا وإنت انسى الشغل… متشغلش بالك.

ساب المنديل وقام وقال موجه كلامي لبابا:

_  عايز حاجة يا زيدان؟

_ سلامتك.

وبعدين قال لمرات عمي: 

_ تؤمريني بحاجة يا مرات عمّي؟

_ تعيش يا حبيبي… ما يؤمرش عليك عدو.

مال على رحمة، باسها خدّها، وفورًا ولت وشها الناحية التانية بضجر وكره لقربه منها. بص لي كأنه بيراقب رد فعلي، وضحك ضحكة خافتة وقال:

_ مش بقولك مجنونة؟

رديت عليه بابتسامة ظاهرية، اخفي وراها توتري من اسلوبه وقال بابا:

_ قدامنا عيني عينك!

_ آه قدامكم… مش مراتي. وكلها أسبوع وهتكون مراتي رسمي.

داعب خدّها وقال:

_ ولا اية يا عروسة... عايزة حاجة؟

بعدت إيده عنها وقالت بجمود وهي بتقوم:

_ شكرًا.

قالتها ومشيت. تابع ابتعادها بعينه وبعدين بتسم وقال:

_ مجنونة.

قالت مرات عمي:

_ عيلة وبتتكسف يا ياسين 

_ آه طبعًا… بتتكسف قوي قوي.

مخفتش السخرية في نبرته وهو بيقول الجملة دي، وقتها مر في بالي شكلها وهي في حضن حسن 
مقدرتش امنع نفسي من الشعور بالقرف منها ومنه هو كمان. واتمنيت لو الجوازة دي تبوظ… حرصًا على مصلحة ومشاعر عمي أكتر من حرصي على مصلحتها ومشاعرها هي.

اتلهيت عن عمي لغاية ما مشي بالعربية، ومن بعده قامت مرات عمّي، وبقينا أنا وبابا لوحدنا عشان 
يرجع لأسلوبه اللي كسبه من أمي وقال:

_ أخوك عامل إيه؟

طالعته بنظرة سريعة أشوف الخبث في عينيه، وبعدين صرفت عيني عنه وقلت:

_ أخويا بخير.

_ هيخرج إمتى من المستشفى؟

_ لسه شوية.

_ أحسن برضه… هو لسه تعبان أكيد. بس قول إن شاء الله العساكر ما يمشوش ويسيبوه… يمكن حد من أهل الواد يفكّر يدخل عنده ويعمل فيه حاجة.

_ فيك الخير يا بابا… متشغلش بالك. حمزة بخير.

قال بهدوء استفزازي:

_ يا رب دايمًا بخير.

مردّتش عليه بكلمة وأنا شايف نظراته اللي بيتحدّاني بيها.
ورغم تقل حركته، إلا إن هدوءه وثقته وهو بيتكلم خوّفوني

وبعد لحظات، وأنا لسه عيني عليه، تليفوني رن برقم رقية.
فتحت الخط ورديت بحرص من إنه يعرف بنتكلم عن إيه:

_ أيوة؟

قالتلي وهي بتعيط:

_ حمزة خرج من البيت..

مسكت أعصابي علشان مزعقش ويفهم، وقلت:

_ طيب… أنا جاي.

قفلت، فبصّ لي بمكر وقال:

_ بيت إيه اللي خرج منه؟ مش بتقول إنه في المستشفى؟

تنهدت بزهق وقلت:

_ شكراً إنك لفت انتباهي… علشان أوطي الصوت بعد كده.

مال بظهره للخلف وقال ببرود:

_ وطيه… عليه… هجيبه… هجيبه.

قولت بحدة، متناسي بكلم مين:

_  خلي بالك يا بابا… إنت لو مسيته بسوء، هتكون بتخسرني انا كمان.

_ هتعاديني عشان ابن حرام؟

_ حمزة مش ابن حرام… هو ابنك إنت. الولد للفراش. الشرع والقانون  اللي إنت اعترفت قدامهم إنك كتبته باسمك وإنت عارف إنه مش ابنك بيقولوا كده.
فتيجي دلوقتي عايز تقتله علشان غلطت مراتك؟
أنا مش هسمحلك.

ابتسم باستفزاز… وبشكل خلّاني أستشيط غضب.
ومكانش مني غير إنّي أمشي من قدامه قبل ما أفقد أعصابي وأقول كلام أكتر من اللي قولته.

طلعت بالعربية، وفي طريقي لرقية اتصلت بعمّي أسأل عن المكان اللي قالي عليه.
فردّ عليا بعد لحظات وقال:

_ نعم؟

_ قولتلي إن عندك مكان نقعد فيه حمزة..

سكت شوية وبعدين قال:

_ اه.. هخلّص شغل وبعدين أكلمك.

_ بسرعة لو سمحت ياعمي… بابا لعبت في دماغه وناوي على الشر.

_ اعذره… ما هو الشرف غالي. وإنت جربت… لما شكّيت إن مراتك خانتك قتلت ابنك في بطنها. 

كانت كلمته زي حربة اضربت في صدري… ورجّعتني من تاني للحظة اللي الدكتور قالي فيها البيبي عضمه اتكسر في بطن أمه. 

تمالكت نفسي وقلت بضيق:

_ لما تخلص كلمني… مع السلامة.

قولتها وقفلت السكة.
هبطت عزيمتي ومقدرتش أمشي متر تاني بالعربية، ولا أحاول أدور على حمزة، ولا حتى أروح لرقية.
وفضلت واقف مكاني… ذكريات اليوم ده بتهاجمني وبتتكالب عليّا من غير رحمة 

#حسن

ماتصلش ولا بعت رسالة، وكان الوضع هادي…

يمكن مكنش يقصدني، وأنا اللي خدت الكلام على نفسي، واللي على راسه بطحة .

بدأت أهدى شوية، واقنع نفسي ان مش انا المقصود ولزيادة إطمئنان اتصلت بيه 
رد علي وقال بجدية:

_ أيوه؟

وترتني الجدية اللي في صوته ورجعت اشك بأني المقصود، ف سألت: 

_ لسه زعلان؟

_ مشغول دلوقتي يا حسن، لما أفضى هكلمك..

_ مالك يا خالي؟ انت كويس؟

_ آه آه… كويس. هكلمك تاني..

_ استنى.. 

قال بضيق: 

_ اية

_ انت زعلان مني في حاجة.. 

تنهد بعمق وبعدين قال: 

_ وازعل منك ليه، ياريت كل اللي في حياتي زيك... لا مش زعلان منك يا حسن، عندي شوية مشاكل مع الموظفين اخلصها وبعدين نقعد ونتكلم.. 

#رحمة  

وقفت قدام المرايا أمسح أثر شفايفه على خدي بعنف.
تمنّيت لو أقشر جلد وشي علشان يروح…
كانت ريحة البرفان بتاعته مالية هدومي ومخلياني في قمة غضبي

تحركت من مكاني باتجاه السرير، وفجأة وبدون قصد، إيدي خبطت الفازة اللي محطوطة على التربيزة… وقعت واتكسرت.

اتخضيت ولكن تمالكت اعصابي بسرعة وقلت

_ نقصاكي انتي كمان 

نزلت على الارض وبدأت أجمع القطع المرمية في كل مكان في الاوضة.
وبعد ما انتهيت من جمع اكبرهم ورميتهم في السلة رجعت من تاني اجمع القطع الصغيرة 

وقتها لاحظت حاجة صغيرة بلون الأسود، وفيها لمعة بسيطة… كان واضح إنها حاجة منفصلة، مش واقعة من الفازة يعني.
مسكتها بين صوابعي، وفجأة كهربا سرت في جسمي لما اكتشفت إنها كاميرا.
وفورًا، وأنا في وسط صدمتي، رميتها في السلة…
مش علشان مخلّهاش تسجل، لا… عشان محدش يعرف إني عرفتها.

ومكنتش محتاجة دليل علشان أعرف إن ياسين هو اللي حاططها… مفيش غيره ممكن يعمل كده، وهوسه وصّله إنه عايز يعرف بعمل إيه في أوضتي.

كنت هتجنن… وعقلي بدأ يصوّر لي إنه أكيد شافني وأنا بلبس عريان، وأنا خارجة من الحمّام…
ويمكن يكون حافظ ليّا مقاطع علشان يضغط عليا بيها، ومش هقدر أخلص منه طول عمري.. 

خرجت من الأوضة زي المجنونة… أدور على صدام علشان أقوله، واطلب منه يفتش عنده، ويمحي أي تسجيل ليّا قبل ما يستغله ضدي.
عقلي مكنش بيفكر في حاجة غير كده…
مفتكرتش أي حاجة تانية، ولا حتى شكلي وأنا بكلم حسن قبل ما يعملّي بلوك.

دوّرت على صدام في كل مكان… حتى أوضته دخلتها… وبرضه ملقتّلوش أثر.
مكنش موجود في البيت نهائي 

#يسرا

في الوقت اللي كنت بدوّر فيه على مشروع مناسب وبحلم بنجاح في حاجة واحدة في حياتي ، كان غياب عيسى شاغلني ومستولي على تفكيري … 

كنت فاهمة إن عدم اتصالي بيه هو الطريقة الوحيدة اللي أسيب له بيها مساحة يختار يكمل ولا يبعد من غير ما أحسسه بضغط…
ولكن غيابه من غير كلمة زرع جوايا خوف مش مفهوم… يمكن وحدة…او احتياج ليه. 
يمكن كمان حبّ لنفسي  لأني اتعودت إنه وقت ما أحتاجه ألاقيه قبل حتى ما أطلب.

مسكت تليفوني للمرة العشرين من أول اليوم، بدوّر على أي رد… حتى لو ظهور يطمني إنه بخير.
لكن مفيش.
الأفكار الوحشة تزاحمت عليا مرة واحدة:
يمكن تعب… يمكن وقع في مشكلة

اضطرّيت أركن حرصي على جنب، و أكلمه… أيا كان اللي هيقوله، هسمعه، بس أهم حاجة أطمن عليه.

اتصلت بيه، وبعد لحظات اتفتح الخط. بادرت بالكلام :

_ عيسى؟

جاني رد من الطرف التاني… لكنه مش صوت عيسى.

_الو؟"

سكت. في حاجة غلط.
بصّيت لتليفوني أتأكد من الرقم… اسمه ظهر قدامي بوضوح " عيسى "
رجعت كلمته أسأله:

_الو؟ مين؟"

_انتي اللي مين؟"

مكنش عيسى،  كنت هاعتذر وأقفل، بس صوته وقفني:

_لا، استني… لو عايزة بحيري فهو ده رقمه."

_طيب… هو فين؟"

_انتوا اللي فين يا ناس؟ الراجل مرمي في المستشفى… ومحدش منكم اتصل يسأل عليه."

_تعب؟ إزاي؟ ماله؟"

_الدكتور بيقول عاوز عملية في المخ… ومصحّيش لحد دلوقتي. ولا راضيين يعملوله العملية قبل ما حد من أهله يجي يمضي… انتي تقربيله إيه؟"

التليفون وقع من إيديا، وكل لحظاتنا سوا جريت قدامي… من وإحنا صغيرين لحد آخر مرة شوفته فيها وهو مضروب.. 

رغم رعشة جسمي  مسكت التليفون تاني، خدت  العنوان، وخرجت من البيت من غير تفكير.
سافرتله… 

وصلت بالليل لمستشفى شكلها يكسّر القلب… نور خافت، دهان متقشر، ريحة البنج ودم المصابين مالي المكان، وناس مرمية في الطرقات.
سألت على أوضته… قالولي على رقم الاوضة، وصلت هناك 

وشوفت عيسى نايم على السرير 
وجهاز تنفس على وشه وأسلاك متصلة بجسمه 
وممرضة تخينة محجبة واقفة جنب مريض جنبه بتتنرفز عليه 

تحركت بسرعة ناحيته وانا بنادي بأسمه لكنها لحقتني  ومنعتني بجسمها الضخم إني أقربله:

—  ممنوع يا أبلة

— أنا قريبته… هطمن عليه بس.

— ممنوع … اتفضلي برّه.

قدرتش أتنفس… قلت بصوت عالي:

— بقولك قريبته! مش هخرج! وسّعي!

فجأة صوت راجل جه من ورايا:

— في إيه هنا؟

قالت: 

— مش راضية تطلع يا دكتور.

اتلفت ليه وأنا كلّي خوف على عيسى بعد ما شوفته شبه الميت .. 
كان دكتور  في الخمسين من عمره مناخيره كبيرة متقلش كبر عن كرشه، ومغطي صلعته بشوية شعر من جنب رأسه والبرود والقسوة مطبوعين على وشه بشكل واضح قربت منه وقلت :

— هو نايم كده ليه يا دكتور؟

قال ببرود وكانه بيتكلم عن حاجة متحتاجش أهمية:

— نزيف… ومحتاج عملية. انتي تقربيله إيه؟

نرفزني بروده. 
قلت: 

— طيب ما تعملوا العملية! مستنين إيه؟ يموت؟!

دخل إيديه في جيوبه، وكأنه زهقان مني :

— مستنيين حد من أهله يمضي.

صرخت:

— يمضي إيه دلوقتي! ولو مفيش حد! هتسيبه يموت؟!

— دي مسؤولية… لو انتي قريبته اتفضلي مع الممرضة امضي.

صوتي اتهز…أنا مش قريبته وجارته مش كفاية: 

— أنا جارته… بس ممكن امضي.

قال بتقليل اول مرة اشوفه من راجل بيكلمني غير صدام: 

— جارته؟ مينفعش. لازم حد من أهله.

— أهله؟! دول على ما يجوا يكون مات!  هتسيبوه يموت؟!

قال للممرضة وهو بيتوجه للمريض التاني متجاهل كلامي وعصبيتي: 

— خرّجيها… ولما حد من أهله ييجي نعمل العملية.

جريت ناحيته وزعقت:

_ انت اية معندكمش ضمير!"

التفت بحدة وقال للممرضة:

_ طلعيها برا.

جزّيت على سناني… جمعت كل قوتي وزقيته وقع على عيسى 
كنت مستعدة أقتله من العجز اللي حسّيته.
صاح، وزعق للممرضة تطلب الأمن.
دفعت إيدها اللي مسكت دراعي وخرجت.
سيبته ورايا يهدّد ويزعق، وأنا مش عارفة أبكي… ولا أصرخ… ولا أبلغ عنهم.

خرجت من المستشفى منفعلة.
مفيش غير فكرة واحدة في دماغي:

_لازم أجيب حد من أهله… 

وسافرت من تاني… على البحيرة. 

#صدام

رجعت للفيلا أجرّ رجليّا جرّ، وكان حمل جبال على صدري مِتقل خطوتي ومخلّيني مش قادر أبص لمسافة متر قدامي.
تعبان، وكئيب، وجفوني كأنها حجارة، بصعوبة قادر أرفعهم.

جاني صوت عمي اللي مشفتهوش أثناء دخولي، بيقول:

_ كنت فين كل ده..

التفتّ ليه، لقيته جاي ناحيتي وكأنه عايز يقول حاجة مهمة. قولت بتنهيدة:

_ كنت في مشوار.. في حاجة

_  اه فيه،  كنت مستنيك علشان أقولك لقيت المكان، هو ناقص شوية ترتيب وعفش، بس أهو ينفع نخبيه فيه..

_ اوكي ابقى اشوفه فين وناخده نوديه، بس الصبح انا تعبان دلوقتي وعايز انام

_ لا، انت تيجي معايا الأول تشوفه. أنا شاكك إنه هينفع.

_ أي حاجة يا عمي.. مش هتفرق.

_ لا هتفرق.. انت نروح الصبح  وتبص عليه وتشوف الناقص وتخلي حد يجيبه..

مفهمتش سر إصراره على روحتي للمكان، ولكن تعبي والإرهاق الشديد اللي كنت فيه مخّلونيش أفكر ولا ألاحظ أسلوبه المتغير معايا.
قولت رغبة في إنهاء الكلام بأي شكل علشان أدخل أنام:

_ حاضر بكره أروح.. "

لمعت عينه وتبدّلت نظراته زي اللي أصاب هدف، وقال العنوان. 
كان عنوان بعيد وغريب، وعلى ما أظن مفيش عنوان كده… لكن بعده كان كفاية علشان أرضى بيه.
ودخلت جوه، وهو جه ورايا.

كان الوقت متأخر والكل نايم. مفيش غيري انا وهو وقتها استوقفني سؤال طرأ في دماغي فجأة… هو كان مستنيني ليه وهو كان ممكن يتصل بيا؟
بصّيتله وقلت:

_ انت كنت قاعد في الجنينه مستنيني؟ "

حك حاجبه وقال وهو بيتجنب النظر لعيني: 

_أيوه، كنت عايز أقولك لقيت المكان. "

_ طيب وماتصلتش ليه؟ "

ترقبت لرده. 
قال بثبات:

_ اتصلت، والاتصال موصلش. فقولت أستناك… خلّينا نلحق الولد قبل ما أبوك يتجنن ويقتله.. "

كلمته بدلت حيرتي ناحيته لعككنة ف قولت: 

_ ايوة ..ماشي ياعمي  متشكر.. تصبح على خير 

_ وانت من اهل الخير... نام كويس متفكرش في حاجة،  بكرة هترتاح 

هزيت راسي ودخلت أوضتي. 
غمامة سودة بتحجب عني رؤية أي حاجة قدامي، ومع حاجتي القوية للنوم، عرفت أحدد وجهتي وهي السرير.
اِترميت عليه بالعرض، وسيبت رجليا متدلية لامسة الارض ومملكتش اني اعدل نفسي ولحظات وغرقت في نوم عميق، رامي ورايا كل حاجة.

ياسين

بعد ما شافت الكاميرا ورمتها في سلة الزبالة بجهل، مبقّتش شايف غير صورة سودة مش باين منها أي حاجة.
مبقاش عندي أي إمكانية لرؤيتها جوا الأوضة وبالتالي مكنتش هعرف اذا دخل عندها او لا..

ولكن كان في حل تاني وهو اني أقف ورا السلم وأراقب الوضع… 

مرّ الوقت وأنا واقف مكاني أترقّب ومفيش اي حاجة. 
مكنش محتاج كل الوقت ده علشان يتأكد إني طلعت أوضتي وإن المكان فاضي وكل حاجة متهيّأة لدخوله عندها.

مبقاش في سبب يخلّيني أستنى أكتر من كده… جه الوقت إني أطلع.
حرّكت رجلي، وقبل ما أحرك التانية، تراجعت فورًا لما سمعت صوت باب أوضة رحمة بيتفتح…
بس بيِتفتح بحذر، علشان ميصدرش صوت.

استنطت بتركيز شديد… وسمعت خطواتها  وبعدها صوت فتح باب اوضته هو، وبعدين قفله.
فهمت… إنها دخلت عنده.

جمرة نار اشتعلت في قلبي، خلّتني أمسك المسدس المحتفظ بيه من أول ما عرفت، وتحركت من مكاني علشان أقتلهم هما الاتنين، رامِي ورا ضهري كل الأفكار والتخطيط اللي بخططله 

ولكن… هي لحظات قليلة، ورجع الباب يتفتح، ورجعت أنا مكاني بسرعة واتداريت.

الوقت اللي عدى وهي هناك ميكفّيش إنها تسلم عليه حتى…
ف ليه دخلت؟ وإيه اللي خلاها تخرج بالسرعة دي؟
مكنتش فاهم…
لكن على أي حال، رجعت أستعيد هدوئي…
وأتابع اللي خططتله بالظبط 

#حمزة

ساعات قضيتها في الشوارع، مستني الليل يجي علشان أرجع من تاني لشلة مروان..
مكنتش بفكر، ولا جه في بالي إن المقابلة ممكن تتغير حتى لو كانوا عرفوا إني قتلت، أو إني حتى مش ابن شرعي لزيدان.. في الأساس كلهم من عينتي، حتى لو مكنوش قتلوا وحتى لو كانوا منسوبين لأبوهم الحقيقي، كلنا في الآخر هندخل النار.

ومر الوقت وعيون الناس  بتلاحقني.. واضح اني بقيت مشهور قوي..
الكل بيتكلم ويتهامسوا، منهم المشفق ومنهم القرفان مني، ولكن محدش حاول يكلمني.. 
ولما جه الليل وخلصت من نظرات وكلام الناس اللي بيخترق ودني بكلام ما زادني غير كره لحياتي وزيادة تمني للموت
تحركت من مكاني وروّحت الشقة...

وصلت المنطقة وكانت ريحة الحشيش منتشرة في محيط العمارة، ريحة مبيعرفش قيمتها غير اللي جربها واللي محتاجها حاجة الغريق لطوق نجاه، او صخرة للغرق المهم انها بتغيب العقل وتنسي الالم..

طلعت فوق وأنا متعطش لشرب سيجارة 
بدات ادور في جيوبي على فلوس أشتري بيها، محدش فيهم هيديني من غير فلوس.. لكن ملقتش حاجة؛ جيوبي كانت فاضية، ومش معايا التليفون ولا معايا الكريدت كارد...

على ما يبدو إن سوء الحظ عجبه صحبتي ومش ناوي يسيبني..
ولكن كان في بريق امل وهي مي، هي الوحيدة اللي عايزاني في المكان ده.. وبتعزم عليا من غير ما اطلب.. 
تصورت ان ده اللي هيحصل.. 
فكمّلت طريقي لفوق، وقبل دخولي شوفت الباب مفتوح.. ودي كانت أحلى حاجة حصلتلي من فترة كبيرة، مش هحتاج أخبط ولا حد هيستقبلني هدخل من غير ما اعمل اي صوا..
وده كان أقصى طموحاتي قبل ما أوصل والكل ينتبهلي بمجرد ظهوري اللي خلا ضحكتهم تسكت وكلهم يسيبوا الرقص والشرب  ويلتفتوا ليا..

بدأ الكل يبص لبعض ويسألوا إزاي جيت تاني..
مصدّرش أي رد فعل من صاحب الشقة في البداية، كان واقف بيراقب رد فعل اللي معاه ويرجع يبصلي..
صرفت عيني عنهم، متجاهل نظراتهم وكلامهم، وتحركت علشان أدخل، لكن صاحب الشقة وبدفع من الباقين كانهم بيفوقوه  تحرك وقفني وقال:

_ على فين يابا.

وقفت مكاني وانتهى هو عندي وقال وهو بيرجعني الخطوة اللي دخلتها: 

_ رجلك خدت على المكان وكأنها زريبة اللي خلّفوك..

تقدّم الولد اللي بيكرهني، وقال وهو بيبصلي بحقارة:

_ أنا نظرتي فيك مخيّبتش.. أنا مش قولتلكم ان الواد ده مش تمام؟! أهو طلع مش معروف مين أبوه، وكمان قتال قتلة! لا.. وجاي عادي وكأنها تكية بروح أمّه.. 

مردتش وفضلت عيني تدور في المكان عن البنت حتى لما زقني من تاني علشان يخرجني موقفتش بحث عنها لغاية ما شوفتها  عند البار بتشرب وتشاهد اللي بيحصل وعلى وشها ابتسامة ساخرة قبل ما تتحرك من مكانها وتزرع فيا الامل في اني هقعد وهشرب سيجارة حشيش 

وصلت عندي مخترقة جمعهم وقفت قدامي  وقالت: 

_ بس انت وهو، روحوا انا هتكلم معاه. 

قال الولد بعصبية وهو بيتحرك ناحيتي علشان يخرجني: 

_ لا ده يخرج ودلوقتي حالا.. 

مسكت ايده طالعت عينيه بنظرات حادة لجمت لسان الكل وبعدين زقتها وقالت: 

_ وانا بقول هتكلم معاه،  امشي.. 

بصلها بغضب ورجع بص لباقي الشلة بحرج وبعدين انصرف والكل تبعه وقعدوا في الصالة عينيهم علينا... 
تقدمت مني خطوة ابتسمت وقالت: 

_ سوري ميزو،  دول عيال جزم مبيفهموش.. 

نهت المسافة بيني وبينها وقالت بخفوت: 

_  بس انت جاي لية تاني.. 

_ عايز حشيش.. 

قولتها بدون اي تعبير ف ضحكت ضحكة خافتة وبعدين رجعت البيت وجت بعد ثواني معاها سيجارة  مدتلي ايدها بيها وقالت: 

_ مش معايا غير دي... 

جيت اخدها مني بعدت ايدها عني  وقالت: 

_ تؤ تؤ،  هديهالك بس اعرف حاجة الاول

فضلت عيني عليها بحاول افهم اخرها اية،  مسحت على صدري وهمست: 

_ قولي...معرفتش مين باباك الحقيقي..  

مردتش وقفت قدامها احاول اتماسك ومظهرش دموعي، فجاة انفجرت ضاحكة ورجعت بصت لصحابها وقالت: 

_ هموت.. مش ممكن 

قال واحد منهم

_ بتتعبي نفسك ليه.. 

_ اصلي زهقانة موت، ف بتسلى... تعالوا تعالوا،  ميزوا هيقولنا مين ابوه،  هو وعدني 

كانت رجلية مقيدة مش عارف اتحرك ومستسلم لسخريتها وسخريت صحابها اللي انضموا ليها.. 
ومن بين الكل اتكلم صاحب الشقة وقال

_ خلاص يا شباب.. 

بصلي وبعض الشفقة بانت في نظراته ليا وقال: 

_ امشي من هنا متجيش تاني 

قالها وقفل الباب في وشي.. 
مشيت من هناك تايه ومشاعري وردات فعلي متجمدة وكان جسم من غير روح.. 

ومشيت من غير وجهة 
وفي النهاية لقيت نفسي قدّام البيت.. معرفش إيه جابني، ولا ازاي والبيت في الاساس مش بيتي 

يمكن علشان مكنش في حل غير إني أرجع.. أو يمكن تعبت ومحتاج أنام، يمكن محتاج لإيد رقية تمسح على راسي وانام.. معرفش..

رنّيت الجرس، وبسرعة الباب اتفتح.. استقبلتني رقية بلهفة، حضنتني وقالت:

_ قلقتني عليك.. كنت فين كل ده؟

وقفت في حالة استسلام لغاية ما بعدت عني وبصّتلي والحزن مالي عينيها، وقالت:

_ حمدالله على سلامتك.. فرحانة إنك رجعت.

سيبتها ودخلت الأوضة، ونمت على السرير..
، بس كنت مستنيها تلحقني وتقعد جنبي.. تمسح على راسي، وتفرض نفسها عليا ولو بالغصب..
مع كل كرهي لوجودها في حياتي.
شعور متناقض.. لكنه هو ده بالظبط اللي كنت حاسس بيه..

وبالفعل جت وقفت عند الباب وبتصلي بحزن وشفقة ويمكن خوف بسبب اني بنسحب منها بالشكل ده.. 

درتّ لها ضهري بضجر حقيقي.. كنت كاره تعاطفها معايا، وكاره وجودها، وكارهها هي نفسها.. لدرجة إن إحساسي إني محتاجلها راح، ومبقتش فاكر غير شكلي وضعفي وأنا بتضرب قدّامها.. وحقيقتي اللي مش قادر أشيل من دماغي إن دعواتها هي وأبوها كانت السبب في إني أكتشفها..

سمعت صوت خطوات رجليها بتقرب، لحد ما انتهت عندي وقعدت جنبي..
كنت خايف إيدها تلمسني، وكأنها عقرب هتلدغني..
حسيت بيها بتحاول تلمس كتفي، ميلت أبعد نفسي عنها، فتراجعت.. وسكتت شوية، وبعدين قالت بصوت مخنوق:

_ طيب أعمل إيه علشان تصدّق إنك لحقتني.. ومن غيرك كان ممكن يعمل فيا اللي كان عايزه ويمكن كان موتني؟... 

حاولت بكل ما فيا إني مظهرّش أي رد فعل، ولا أسمح لأنفاسي وصوتي اللي اتخنق بين حنجرتي انها تلاحظهم ف تزيد شفقتها او تحاول تقربلي..
واستمرت هي في الكلام وقالت:

_ أنا عارفة إنك مجروح.. واللي بتمر بيه مش سهل أي بني آدم يتحمله.. بس أنا مش هسيبك، وهفضل جنبك لغاية ما تعدّي المحنة دي..." انا بحبك يا حمزة.. وهفضل معاك حتى لو انت مش عايز "

مردتش عليها ف ربتت على كتفي وقالت:

_ هجبلك العشا هنا..

_ مش عايز آكل.. ولا عايز اشوفك..

قولتها بجفا، ولكن رعشة صوتي فضحتني..
مردّتش، وبعد لحظات سمعت خطواتها بتبعد..
وقتها سمحت لدموعي تسيل، فنزلت بغزارة مصحوبة بصوت أنفاسي المكتومة
مكنتش فاكر إنها هترجع بسرعة ف استسلمت للبكاء وكل اللحظات المرة اللي عشتها بتمر قدامي  وتضغط على قلبي زي صخرة مش قادر ابعدها عني
وهي دقيقة ورجعت.. وشافتني، وسمعت صوت بكايا المكتوم..
وسمعت صوت الصينية بيتحط على التربيزة قبل ما تقعد جنبي، تحيطني بإيديها وتميل عليّا..وتقولي ببكاء 

_ حمزة... 

مقدرتش أقاوم أكتر من كده..
استدرت ليها بكل ضعفي، دسّيت راسي في حضنها وبكيت كتير وبحرقة.. تعويض عن كل يوم منعت نفسي أبكي فيه وقولت

_  زيدان اتأخر قوي.. انا قولتله مش همنعه يقتلني

ضغطت عليّا بإيديها، وقالت ببكاء:

_ متقولش كده أبوس إيدك.. محدش هيقدر يقربلك، وانت هتعيش وهتنسى.. وهنرجع زي الأول وأحسن..

فاكرة إنها بتهدّيني؟
مكنتش تعرف إنها بكلامها بتحرّمني من شعور الراحة اللي هحسه لو متّ.. توقف عن البكاء حررت نفسي من بين إيديها، وقلت بقهرة :

_ زي الأول؟! مصدّقة نفسك ولا بتضحكي عليّا؟
مفيش حاجة هترجع زي الأول.. ولا حياتي هتتصلّح..
زيدان مش بيضرّني.. ده بيعمل فيّا جميلة.. ولو حصلت معجزة وبقيت شهيد بعد ما اتقتل.. هشفعله..مش الشهيد بيشفع برضو؟

حرّكت راسها بنفي، وبكاها زاد.. خوفها وحزنها عليا فكرني من تاني بكرهها ليا ودعا ابوها عليا في الفيلا
تابعت بقسوة:

_ وهشفعلك إنتي كمان.. ومش بس إنتي.. وأبوكي معاكي..
مع إنكم كنتوا بتدعوا عليّا إن ربنا يجبلكم حقكم...

ضحكت بمرارة ساخر من حظي..

_ ده أنا كنت بتريق وأقول لا.. ربنا مش هيستجبلهم ياض، انت معندكش أخوات بنات.. وأمك ست كبيرة وهاااانم محترمة مش هتغلط.. 
بس طلع بيستجيب أهو.. ومني أنا نفسي..
مطلعش الشرف لست بس زي ما كنا انا وصحابي فكرين

علّيت ضحكاتي بشكل هستيري، وكأني فقدت عقلي..
خافت عليّا أكتر من خوفها عليّا وأنا بعيط..
كانت بتحاول تخلّيني أوقف ضحك وهي بتعيط وتطلب مني أهدى..
ولما موقفتش ، خرجت من الأوضة تجري، وسمعت صوتها وهي بتزعق وتقول:

_ فين الزفت...

ودي آخر حاجة سمعتها قبل ما أغيب عن الوعي..
ولما صحيت، لقيتها هي وأبوها وبسنت وياسر.. كلهم جنبي، وابوها بيقرالي قرآن.. 

يسرا 

رجعت المستشفى تاني يوم الصبح ومعايا أخته وجوزها.
سألت على مكان الدكتور اللي بيعالجه، وقبل ما يرد سمعت صوت الدكتور نفسه من ورايا بيقول:

_ انتي تاني..

التفتّ ليه، وبسرعة تحركت ناحيته ناسية اللي حصل بيني وبينه من ساعات.
قدّمت له أخت عيسى وقلت:

" اهي اخته، تقدر دلوقتي تعمل العملية "

حد من نظرته وزعق :

" خدي بالك، انا مقدّر قلقك عليه… بس زقّك لي امبارح ده أنا ممكن أعملّك محضر عشانه… وأرميكي في السجن "

تدخل جوز أخته قبل ما ارد وقال:

_ وحدوا الله يا اخوانا، عيسى ماله يا دكتور..

قال من بين سنانه وهو وعينه مثبتة عليا:

_ عنده نزيف في المخ، ولازم عملية.

شهقت أخته بصدمة، ضربت على صدرها وقالت:

_ يا حبيبي يا خويا… طيب ومستنين إيه يا دكتور؟ ما تعملهاله..

ما شالش عينه من عليّا وقال:

_ دلوقتي نقدر نعملهاله، بس بشرط…

دوا بصوت واحد: 

_ اية 

شاور عليا وقال

_الست دي تعتذر.

تقدمت منه باندفاع وقلت بعصبية:

_ تعتذر مين؟ ده أنا ممكن أبلّغ عنكم وأوديكم في ستين داهية! انت فاكر القانون هيدافع عنك وانت سايبه يموت لغاية ما أعتذر؟… طيب إيه رأيك إن لو هيموت، مش هيتعالج على إيد دكتور زيك ولا مستشفى قذرة زي دي! وهنودية احسن مستشفى 

حاولت أخته تسكتني، لكن بعدت إيدها عني وقلت له:

" انا عاوزه اسعاف انقله من هنا.. "

أشارلي على الباب وقال :

" اتفضلي خديه وامشي ياختي.
ده كان هيتعالج على نفقة الدولة… أقل مستشفى هتقبله هتكلفكم الشيء الفلاني. يا عاش يا مات… وإحنا منجبش إسعاف. روحي شوفي إسعاف في حتة تانية. "

قالها ومشي، ووقفت أنا بين الاتنين، بيلمّوني إني عملت كده ومقدرتش أمسك نفسي لحد ما يعملوله العملية.
لكن كان همي أكبر منهم ومن الدكتور… وهو: هنجيب منين فلوس للمستشفيات الخاصة؟

مفكرتش كتير.
وبدأت أدور على أقرب مستشفى نوديه فيها، ولما لقيت، كلمتهم وطلبت يجيبوا لنا إسعاف.
وجت الإسعاف وخدناه وروحنا على هناك.

واكتشفت إن حالهم نفس حال المستشفى الأولى… مفيش ضمير.
بعد ما كشفوا له وعملوا الأشعة وقال الدكتور إنه لازم يتعمله عملية، طلبوا 50 الف قبل أي حاجة ورفضوا يتنازلوا او حتى يبداوا في العملية قبل ما الفلوس تيجي 

رجعت أخت عيسى وجوزها يحوطوني ويلوموني من تاني.
كان صوتهم مزعج، مقدرتش أستحمله. فبعدت عنهم، وروحت لدكتور في مكتبه وقلت:

_ لو سمحت يا دكتور ابدأ بالعملية، وأنا هروح أجبلك الفلوس.

تنهّد بزهق وقال:

_ يا مدام… أنا مجرد دكتور بشتغل هنا. الكلام ده تقوليه للمدير أو الاستقبال… أو تاخدي المريض لأي مستشفى حكومي. 
عموماً الحالة مستقرة حالياً. ممكن يستنى لحد ما تجيبي الفلوس.

قالها بهدؤ، كأنه بيتكلم على كلب في آخر أيامه، ورجع يتصفح اللابتوب ونسي اني لسة واقفة
كورة ايدي بغيظ وتمنيت أضربه في وشه… لكن تمالكت اعصابي علشان عيسى.
وخرجت من عنده، لقيتهم مستنيني وبيهاجموني بالكلام 
قاطعتهم بنرفزة وقلت:

_ محدش يكلمني…

قالت أخته:

_ أمال نكلم مين؟ مش انتي اللي اتحمقتي قوي وخليتينا نجيبه مستشفى غالية زي دي؟ هنجيب خمسين ألف منين إحنا؟

قال جوزها:

_ أنا بقول نرجّعه المستشفى التانية… وست يسرا ترجع بيتها …

رمقته بحدة وقلت:

_ ترجع بيتها؟!
وعايز ترجّعه لدكتور الحيوان ده؟!
ارتاحوا انتو… أنا هتصرف، وهيعمل العملية والليلة… راجعة القاهرة.

تحركت من مكاني، لحقتني أخته وقالت:

_ هتعملي إيه في القاهرة والواد اللي بيموت ده؟

قلت وأنا مكمّلة طريقي بخطوات سريعة:

_ هجيب فلوس.

التفتّ ليها وقلت بتحذير وأنا ماشية للخلف:

_ وإياكم حد ينقله من هنا.

طلعت من المستشفى جري، ورجعت الشقة علشان أبيع المجوهرات.
كان صعب عليّا أبيعهم… وأصرفهم كلهم على مستشفى اللي يمكن تحتاج أكتر من تمنهم.
لكن كان أصعب… إن عيسى يموت.
وبذات لو كان بسببي.

#صدام

صحيت تاني يوم على إيد بتهزني وصوت عمي الخافت، وكأنه بيصحيني علشان نطلع في مأمورية سرية، وهو بيقول:

_ اصحى يابني، اتأخرنا..

فتحت عيني وقومت من مكاني بصتله بهلع وقلت:

_ حصل إيه..

رد بنفس النبرة:

_ اهدا اهدا مفيش حاجة، بس انت نسيت، مش قولتلك هتروح تشوف الشقة..قوم هنروح سوا

تنفست باريحية رجعت ريحت راسي على المخدة  وقولت :

_ يا عمي، شقة إيه، أنا قلت حد حصله حاجة حرام عليك..

_ هيحصل..

بصتله وقلت باستفهام:

_  إيه ده اللي يحصل؟

_ أبوك هيقتل حمزة، قوم، وانا هسبقك علشان ميشكش في حاجة

شيلت الغطا عني وقولت وانا بقوم: 

_ حاضر، خمس دقايق هاخد دش والحقك

_ ماشي بس متتاخرش..

بعد خروجه دخلت الحمام، استحميت  وخرجت، مشيت بخطوات سريعة ناحية الباب.

وهناك وقفني صوت رحمة وهي بتناديني، استنيتها وانا على عجلة وقلت:

_ في إيه...

قالت وهي بتبص للبدلة لانها مش متعودة أننا نخرج بدري كده: 

_ انت خارج... 

مستنتش الرد وقالت: 

_كنت عاوزه أقولك حاجة مهمة

 سألت باهتمام شديد:

_ كلمتك؟!

_ لا لا، لقيت كاميرا في أوضتي..

_ كاميرا؟!!... كاميرا إيه؟

_ أيوه كاميرا، اسبقني في مكانا وانا هاجي وراك

قولت بزهق:

_ كاميرا إيه ، مين ده اللي هيحط كاميرا في أوضتك،... رحمة، أنا مستعجل ومش فاضي لجنانك.. لما أرجع هنتكلم

مسكت في وقالت:

_ استنى، مستعجل رايح فين.. بقولك لقيت كاميرا واكيد ياسـ...

قاطعتها بحنق وقولت:

_ ارحميني، عمي مستنيني برا وبيستعجلني، روحي، لما أرجع هنتكلم.. أوعي بقى

تمسكت بدراعي أكتر وقالت:

_ رايحين فين الصبح بدري كده، ده انتوا مبتخرجوش قبل الساعة تسعة، وبعدين هو كان ماشي يتسحب ليه، أنا شفته ماشي زي اللي عامل عملة

فلت إيدي منها وقولت:

_ هتخليني أضربك... روحي دلوقتي هيصحوا، امشي

سيبتها ومشيت.

طلعت من البوابة وانا متخيل إنه مستنيني في الشارع، بس ملقتهوش.
كان غريب، وتصرفاته تثير الشك، وخاصة اختفاؤه هو وعربيته بعد استعجاله لي، ومع ذلك مخدتش حذري، وسألت الأمن عليه، قالولي: بيقولك سبقك على الشغل متتاخرش..

قولت محدث نفسي بعدم فهم:

_ شغل إيه..

متعبتش نفسي بالتفكير ورجعت خدت عربيتي ومشيت.
اتصلت بيه في السكة بس قفل علي،  كملت طريقي على العنوان اللي ادهوني، وصلت هناك.

المكان كان عبارة عن صحراء واسعة، فيها مبنى قديم غير مكتمل، الرمال حواليه بتلمع في الشمس الصباحية، والهدوء غريب ومقلق،

نزلت من العربية مشيت شوية في المكان ، دورت عن اي بيت  قريب يصلح للسكن، لكن ملقتش، وعيني مش شايفة أي بيوت على مستوى نظري.

أصبح الأمر مقلق أكتر من الأول وغير مفهوم.
وقلبي مكنش مطمن وكأن في حاجة هتحصل
تحركت من مكاني باتجاه العربية علشان أمشي من هناك  وفي نفس الوقت  رفعت التليفون واتصلت على عمي تاني، ومع أول رنين جاني صوت رنة تليفونه من ورايا، وصوته هو بيقولي:

_ أنا هنا يا صدام..

انتفض قلبي بقوة التفت ليه...
وقتها وقفت شوية مش فاهم في ايه ولا ليه عمي ماسك مسدس وبيتأكد من خزنته 
كان بيقرب مني بهدوء مخيف... وكانه واحد تاني، حركاته ونظراته ليا كانوا بيقولوا ان في حاجة مش طبيعية وانه جايبني هنا لسبب تاني غير الشقة 

وقتها افتكرت كلام رحمة عن الكاميرا، وحرصه الغير صريح إن محدش يعرف إني رايح معاه.
فهمت هو جايبني هنا ليه..  
مكنتش خايف من اني اموت... كنت مجروح ان هو تحديدا عايز يقتلني من غير ما حتى يسالني عن سبب دخولي عندها 

ابتلعت لعابي بعد ما حلقي جف وقلت:

_ ناصبلي فخ يا عمي.

رجع الخزنة للمسدس وقال باستهزاء وبصوت يملاه الحزن وهو بيصوبه علي:

_ انصبلك فخ؟!!.. عيب عليك يا صدام... مين فينا اللي ناصب فخ لتاني.... 

تابع وهو بيحوم حوليا ومسدسه مبعدش عن راسي: 

_بس قولي...إيه رأيك فيها.... أحلى من يسرا، ولا أعقل وأنضج من فيروز...

استدرت ليه مديت إيدي عشان أوضحله، فقال:

_ لا لا لا، أنا عايز أعرف حاجة واحدة علشان أرتاح...

تابع بهوان وبصوت مكسور:

_ إيه اللي في رحمة مش عند ستاتك الاتنين علشان تختار تخوني معاها...

_ انت فاهم غلط.. أنا كنت...

شد أجزاء المسدس صوبه في وشي وزعق بغضب:

_ خونتني معاها ليه؟... شكلي وانا مجروح عجبك ف قررت تفتح جرح جديد اعيش بيه بقيت عمري 

# رحمة

رجعت تاني الأوضة وأنا متعصبة من صدام؛ لأنه مسمعنيش
قعدت على السرير وأنا بلعن التلاتة،  ياسين وهو، وحسن… وببص للسلة اللي فيها الكاميرا؛ علشان يرجع نفس السؤال يلحّ عليا:

يا ترى شاف إيه؟… شافني عريانة؟ طيب شافني وأنا نايمة؟ طيب شافني وأنا بكلم حسن؟.. شاف ايه 

وفجأة… تجمّد الدم في عروقي، والأرض دارت بيا.
لما افتكرت لحظة دخول صدام عندي… وحضنه ليا.
وبعدين شكل ياسين وهو خارج يتسحّب… وخروج صدام وراه الصبح بدري على غير العادة.

قُمت من مكاني مفزوعة ألفّ حوالين نفسي زي المجنونة:

_أعمل إيه؟… أعمل إيه! الحقهم؟ ولا أقول لتيتا؟ ولا أعمل إيه؟!... حسن… أيوا حسن.

 فمسكت التليفون ورنيت عليه.
إداني مشغول.
وقتها افتكرت إنه عملي بلوك.

قلت بانفعال وأنا برمي التليفون على السرير:

_ الله يلعنك… يا زبالة ياغبي

طلعت من الأوضة أجري، وبعدين وقفت لما استوعبت إني كده بكشف نفسي... 
كان لازم اهدا.. 

خدت نفس وتمالكت اعصابي 

بصّيت حولي أدور على تيتا، ولما ملقتهاش دخلت أوضتها عشان آخد منها التليفون بأي حِجّة.
ولما فتحت لقيتها بتصلّي.

خدت نفس عميق … وحمدت ربنا.
دورت على تليفونها لحد ما شوفته على السرير.
خدته، وطلعت فورًا لخارج الڤيلا.

وصلت عند الباب الخلفي وأنا بتصل عليه.
خلصت أول رنّة من غير رد، ف رنيت تاني وأنا بزعق وبقول:

_ ردّ… ربنا ياخدك!

فتح الخط.
فقُلت بسرعة: 

_ أنا رحمة يا حسن… الحقني، مصيبة! "

قال بفزع:

_ خالي عرف حاجة؟

_ مش عنك! خالك حاطط كاميرا في أوضة النوم… وشاف صدام عندي! وأكيد فهم غلط… ودلوقتي خدّه ومِشي!

سكت… كأن سهم نزل عليه آخرسه.
فقولت بعصبية:

_ سكت ليه؟! الراجل هيروح في شُربة ميّة!

استمر في سكوته.
 من اول ما عرفته وهو جبان ولكن المرة دي كانت الناهية اللي قضت على اخر امل عندي انه يتغيّر ويسترجل... 
قولت باستحقار

_ واطي وجبان… انا مش عارفة ازاي جه يوم وحبيت واحد زيك.. 
بس! والمصحف يا حسن، لو ما اتصرّفت وشوفت صدام فين… لاتّصل بخالك وأقوله إني بخونه معاك إنت… مش هو
تعليقات



<>