رواية ابتليت بحبها الجزء الثاني2 الفصل السادس والستون66 بقلم نجمه براقه

رواية ابتليت بحبها بقلم نجمه براقه  
رواية ابتليت بحبها الجزء الثاني2 الفصل السادس والستون66 بقلم نجمه براقه
رحمة
الخضة لجمت لساني وقيدت حركتي لثواني ف مبعدتهوش واستنيت اشوف اي عصابة داخلة علينا لغاية ما قالي هسالك عن حاجة وهمشي.. 
غلى دمي من الغيظ وبعدته عني وقلتُ وأنا بلملم الروب أُخَبِّي بيه الظاهر من جسمي:

_ والحاجة دي تخليك تدخل عليَّ وأنا بلبس النوم؟ انت مجنون؟

تراجع خطوة وصرف عينه عني وقال بحرج :

_ أكيد، وإلا مكنتش جيت...

_ وإيه هي الحاجة دي؟

قال بتردد ولسه عينه بعيد عني:

_ أمي كلمتك أو بعتتلك أي حاجة؟

ارتبت منه لان مكنش صدام في اللحظة دي هو صدام اللي أعرفه، كان واحد بيخدعني زيه زي ياسين وحسن
ف خبيت حرص منه وقلت بجهل مصطنع:

_ حاجة إيه؟ وتبعتلي أنا ليه؟.. مشوفتش حاجة 

رجع يبصلي ويدقق نظره في وشي كأنه بيدوّر في ملامحي عن صدق كلامي.
وعلى كل حال، قدرت أخفي اللي بيدور في دماغي واتظاهر بعدم الفهم بشكل مقنع، وده طمنه شوية، وتنهد وقال:

_ أصل... أصل هي سمعتك وانتي بتتكلمي مع حسن. هي مش عارفة هو مين، بس عارفة إنك على علاقة بحد غير عمي.

بدأ القلق والخوف يبان على وشي قدامه، بشكل قدر يخرجني من هدوئي المزيف، علشان يلاحظ  ويقول بشك:

_ كلمتك؟

هزّيت دماغي بالنفي وقلت:

_ لا، بس كلامك خوفني و...

بترت كلامي فجأة لما الباب خبط.
بصينا لبعض وملا التوتر تعابير وشه.. 
كنا متاكدين انه ياسين من غير ما نسمع صوت
قال بخفوت حذر من انه يسمعه:

_ هنعمل إيه؟

مكنش خوفي اقل منه رغم نيتي في المواجهة وعدم الخوف منه تاني، فدرت حواليَّ أبحث عن مكان أخبِّيه فيه، جت عيني على الدولاب.. 
ايوه هو ده ف قولت بسرعة:

_ الدولاب!

دار حولين نفسه وهو بيقول بتوتر:

_ هو فين؟

قولت بغيظ وأنا بزقه على هناك:

_ أهووو... قد الحيطة قدامك! مش شايفه؟ اجري... اجري!

_ طيب طيب...

استنيته لغاية ما دخل، واطمنت إن مفيش حاجة باينة منه، وبعدين خدت نفس وقلت وأنا برجع للباب:

_ أيوه، جاية...

فتحت الباب، لقيت ياسين قدامي وفي إيده التليفون، عينه بتجري وتدور على حاجة جوا الأوضة.
حاولت بجسمي الصغير أداري كل مساحة الأوضة عنه، وقلبي بيخبط من شدة الخوف، وقلت:

_ إيه جايبك؟

توقفت عينه عن البحث وبصلي وقال:

_ اتأخرت علشان تفتحي.

_ مكنتش هفتح لو عرفت إنك انت. إيه جايبك بعد ما ضربتني؟

منطقش بكلمة، فضل ساكت ونظراته مثبتها عليا..  نظرات غير مفهومة ولكنها مخيفة.. او يمكن لاني في وضع أي نظرة هعتبرها نظر شر ف انا كنت خايفة منه.. 
مش عارفة
بعدت عيني عنه وقلت بتوتر ملحوظ:

_ عايز إيه يا ياسين؟ جاي تكمّل ضرب؟ 

هز دماغه بنفي، وحط التليفون في جيبه وقال: 

_ كنت جاي أعتذرلك. تعالي ندخل جوا نتكلم.

صدرت إيدي قدامه وقلت بتلعثم:

_ جوا فين؟ مش شايف منظري؟ لا، مش هسمحلك. روح، وأنا هغير وأجيلك في الجنينة.

ظهرت ابتسامة على جنب شفايفه وقال:

_ أوكي... أنا رايح الشغل دلوقتي، وبعدين نتكلم...

حركت دماغي بالموافقة ومشي من قدامي من غير ما يضيف كلمة تانية... 
قفلت الباب وجريت فتحت الدولاب. خرج منه صدام وقال:

_ راح فين؟

_ هو شافك انت وداخل؟

_ لا، ليه؟ حسيتي إنه شافني؟

ترقب ردي بخوف، سكت شوية احاول فهم نظرات ياسين ليه وبعدين قلت بحيرة:

_ معرفش، بس شكله مش طبيعي... أنا مش مرتاحة.

طلع بالكامل من الدولاب وقال كأنه بيطمن نفسه:

_ لا لا.. وهو من إمتى كان شكله طبيعي معاكي؟ ثم هو مشافنيش، ولو شك للحظة إني عندك مكنش هيمشي، كان هيجيب المسدس يقتلنا أنا وانتي.

كلامه مطمنيش ولا طمنه، لكنه حاول يتماسك.. 
وقف قدامي، مسح على دراعي وقال:

_ مفيش حاجة، اطمني... اطمني.

مردتش، وفضلت نظراته مثبتة عليا وهو في حالة من الشرود، وبعدين حرك راسه بضيق وقال:

_ لا مشافنيش.. مقابلتهوش وانا جاي

تنهد وقال:

_ خلاص، اهدي، مفيش حاجة. لو شافني مكنش هيمشي. المهم، مهما يحصل تيجي تقوليلي. أنا خايف عليكي ومش عايز الست دي تنجح في اللي بتخططله.

نسيت خوفي من ياسين بعد ما استفزتني كلمته ف دفعت إيده عني وقلت:

_ طيب، متقولش خايف عليكي دي تاني. مبقتش أصدق الكلام ده. كلكم كدابين، وانت بالذات! عامل نفسك مهتم بيا، وانت كل اللي بتعمله إنك بتكلمني في الخفا وكأننا متصاحبين!

تنهد بزهق وقال:

_ انتي بتقولي إيه؟ يعني علشان أبان جامد ومبخافش كنت استنيته يدخل علينا ويشوفني في أوضتك وانتي بلبس النوم؟ هي دي الشجاعة في نظرك؟ مجنونة انتي؟

قلت بعصبية:

_ آه، أنا مجنونة! اطلع وسيبني لجناني، لا أطلعه عليك وأصوت وأقول اتهجم عليا! ومش هكون بكدب، علشان انت اتهجمت عليا وكتمت نفسي!

مسك إيدي وقال:

_ اهدي طيب... اهدي...

زقيت إيده عني وقلت:

_ متقوليش اهدي! مش ههدا! برا!

وقف قدامي ساكت يراقب انفعالاتي.
خرجت دموعي غصب عني وقلت:

_ هصوت وألم عليك كل اللي في البيت لو ممشيتش من قدامي!

تنهد بملل وكأني حمل زيادة اتحطيت على كتافة وفجأة ضمني لحضنه وضغط على رقبتي بشكل مقدرتش افهم اذا كان احتواء لغضبي ولا غيظ وقرر يقتلني 
حاولت أبعده عني، ضغط على دماغي بقوة وقال بضجر:

_ اهدي بقى، اهدي... كانت نقصاكي انتي كمان.. كأني معنديش مصايب غيرك 

راح احتمال انه عايز يقتلني ف سندت راسي على صدره وبكيت.
مسح على شعري وقال بنبرة حانية غالب عليها الحزن:

_ يعني انتي تفتكري يا رحمة، إن كل اللي بنمر بيه ده مش كافي يخليني مشغول عنك، ومسألش عليكي، ولا أهتم إنك تكوني بخير؟
لو مكنتيش سمعتي، فحمزة قتل صاحبه، وهو دلوقتي في المستشفى ويمكن يتحبس. فانا هسيب كل ده وأجي أتكلم معاكي ليه؟

قلت ببكاء:

_ معرفش... بس انتوا كلكم بتكدبوا عليا ومخبيين عني حاجة، وحاجة كبيرة كمان...

_ ماشي، بنكدب، بس ده مش وقته. اصبري شوية، وبعدين هنقعد ونتكلم في كل حاجة.

بعدت عن حضنه وقلت ولسه دموعي بتسيل على خدي:

_ ليه مش وقته؟ هيجرى إيه لو قولتلي دلوقتي؟ ولا خايف؟

زعق بنفاذ صبر: 

_ يوووه... أنا مش ناقصك! ورايا مليون مصيبة، وأنا قاعد هنا أُحايل فيكي لما كنا هنقع في مصيبة جديدة! كفاية، أنا اتخنقت!

كانت تاني مره يتعصب عليا، وتملكني الخوف من انه يضربني قلم جديد ف بعدت عيني عنه وسكت تفادي لأي عصبية زيادة.. 
حس بالضيق، وتأنيب الضمير ف تنهد بضيق وقال وهو بيمسح على دراعي:

_ أنا آسف، متزعليش. أوعدك، أفوق من اللي أنا فيه، ونقعد مع بعض ونتكلم، ومش هسيبك غير لما نعمل اللي يريحك. بس علشان خاطري، لو في أي حاجة حصلت، تيجي تقوليلي... 

فضلت عيني في الارض ومدتش اي رد فعل هزني وقال بنرفزة: 

_ انتي سمعاني.. 

_ سامعة سامعة.. طيب لو كلمتني هقولك،  بس متزعقش.. 

نفخ بضيق وقال: 

_ ماشي.. يلا راقبيلي الطريق علشان اطلع 

#ياسين 

يومها كنت في أوضتي شايل حسن صاحب الخمس سنين وقتها على دراعي، بعد ما أصر يظبطلي الكرافته بنفسه.
مكنش عارف يعمل حاجة، ومعطلني، بس سعادتي ساعتها كانت طاغية لدرجة خلتني مش متضايق من لعبه...
كنت حاسس إن الوقت ماشي ببطء مميت، وعايز أجريه علشان تيجي اللحظة اللي هتجمعني بـ داليا، وأقولها الكلام اللي ما ادتنيش فرصة أقوله ليها من يوم ما رجعت من برّه مصر وشوفتها...
كانت عروسة... مش بس جميلة، لأ، دي كانت حالة من النقاء والرقة اسرت قلبي أول ما شوفتها

وفي نص انشغالي بـ حسن، دخل صدام.
كنت قبلها بوقت قصير مزعقله وطارده من الأوضة بسبب التوتر اللي كان ماليني.
ولما شوفته افتكرت او لاحظت لاول مرة إني زعلته، وأنبني ضميري، فابتسمت ومدّيت إيدي ليه وقلت له:

– تعال.

قال حسن بنبرة كلها غيظ طفولي:

– ظبطت الكرافته لخالي.

ضحكت وضربته بخفة على وشه:

– بس يا لا، هضربك... تعال يا صدام.

سكت شوية، وعينه كانت معلقة في حسن اللي بيحاول يغيظه بنظراته، فقلت وانا بمسك رقبته بمزاح:

–  اخنقك يعني 

ضحك بمرح، وبدأ يصارعني بإيده الصغيرة. انشغلت عن صدام لحظات وأنا بلاعبه، لحد ما جاني صوته، خافت ومكسور، بيقول:

– داليا مشيت...

في البداية مفهمتش الجملة، لكن اسم داليا لوحده كان كفيل يوقفني عن اي حاجة بعملها 
وقفت اللعب، وبصيت له:

– مشيت فين؟

قال بربكة واضحة ومش مفهومة:

– شوفتها بتجري مع شاكر ابن عم سليمان ويركبوا عربية

– بتجري مع شاكر ليه؟!

قولتها بعدم فهم، وبسرعة نزلت حسن من على دراعي وطلعت من الأوضة أدور على نادية مرات عمي تفهمني في إيه... داليا وقتها كانت عاملة بيني وبينها حدود تمنعني من دخول أوضتها او حتى الكلام معاها 

ناديت على مرات عمي، فظهرت كاميليا:

– إيه يا عريس؟ بتنده على مرات عمي ليه؟

– داليا فين؟

– داليا؟

ضيقت عينيها وقالت بمكر: 

– اممم بتسأل ليه؟ مش هتشوفها قبل الحفلة، مش عايزين فال وحش، اصبر شوية... مش هتطير.

وفي اللحظة دي طلعت مرات عمي، ووراها عمي نفسه، قالت:
– إيه يا حبيبي، عايز إيه؟

قالت كاميليا بنفس النغمة:
– بيسأل عن داليا، ياسين مش قادر يستنى لحد الفرح يا مرات عمي.

تجاهلتها واتقدمت خطوة من مرات عمي:
– صدام بيقول إن داليا بتجري مع شاكر... فين داليا؟

اتسعت عينين عمي فجأة، ومراته شهقت بصدمة، ندهها باسمه وهو بيجري ناحية أوضتها، والكل جري وراه.
قلبي اتقبض، حسّيت إن في حاجة غريبة بتحصل، جريت وراهم، ولما وصلنا... ملقناهاش.

عمي زعق في مراته:
– انا قولتلك متسبهاش... عاجبك كدة!

قربت منهم، وصوتي كان بيرتعش:
– في إيه يا عمي؟ داليا فين؟

قال وهو بيحاول يسيطر على أنفاسه:
– هترجع.

قالها وهو نازل يجري ينادي على الأمن اللي لسه متعيّنين جداد لحراسة الفيلا.
لحقته، وعند باب الفيلا كان الأمن بيجروا ناحية العربيات، وصوت عمي بيتهز بغضب:
– بسرعة قبل ما يبعدوا! وهاتولي الكلب اللي معاها متكتف!

وقفت مكاني مش فاهم، كل حاجة حواليّ اتشوشت...
صوتي اتخنق وأنا بسأل نفسي:
راحت فين؟ وليه؟ وليه شاكر؟

قلبي كان بيتخبط جوا صدري من شدة الوجع، دموعي بتحاول تنزل.
قربت من عمي تاني وسألته بصوت مبحوح:
– فهمني يا عمي... داليا راحت فين؟ ومال شاكر؟

ربت على كتفي، وقال بأنفاس متسارعة:
– متقلقش، هتيجي... روح كمل لبسك انت

قالها ومشي، من غير ما يجاوبني.
فضلت واقف، حاسس إن الأرض بتدور من تحتي، ودماغي مش مدية لجسمي اي اشارات بالحركة 

لحد ما جاني صوت كاميليا من ورايا، وهي بتقول:

– الله يسامحك يا داليا... ده أنا قولت ربنا هداها ونسيته، اتاريها مستنية الفرصة علشان تهرب معاه! مع ابن البواب يا داليا! يا وجع قلبي عليك يا عمي، هتواجه الناس إزاي دلوقتي؟

ربتت على كتفي وقالت: 

_ متزعلش يا ياسين، عيلة ومش فاهمة، هو شاكر اللي ضحك عليها.. بس دلوقتي يتجاب ويتربى هو وأهله 

فوقت من ذكرياتي على صوت كلكس العربية اللي جنبي والسوق بيزعق ويقولي وهو بيشاور على الطريق .
حاسب يا اعمى: 

بصيت قدامي لقيت عربية نقل كبيرة قدامي لحقت انحني متفادي الاصطدام بيها او باي عربية تانية قبل ما أخبط فيها. 
الناس حواليّ بتزعق وتسب

كملت طريقي لغاية الشركة وأنا في حالة وجوم...
مفيش دموع، مفيش انفعال، كانت مشاعري متحجرة حتى الوجع مش حاسس بيه..
وصلت الشركة.
دخلت من غير ما ألاحظ الموظفين اللي بيصبحوا عليا.
ما كنتش سامع ولا شايف حاجة.

مفيش غير لقطات سريعة بتمر في دماغي زي فلاش باك

صدام وهو صغير بيقولي داليا هربت
وصدام نفسه لما كبر... وهو حاضن رحمة في أوضتها. 
اهتمامه بيها...كلامها معاه عن موت أمها...الخاتم اللي كان في جيبه...
خضته لما عرف إننا هنتجوز بعد أسبوع...منظره وهو حاضنها وهي بلبس النوم...صوته مرة تانية وهو بيبلغني إن داليا هربت...وشكله وهو بيتفرج عليا كل السنين دي وأنا بتعذب بالخيانة...

والنهاية؟
سيناريوهات انتقام... وطرق موت بشعة،
فضلت سنين أتخيلها علشان أنفّذها في داليا وشاكر.

وفجأة، رنّ التليفون قطع شريط ذكرياتي
انتقلت بعيني عليه... ظهر الاسم قدامي
«صدام يتصل بك...»

فتحت وقلت بنبرة باردة:
ـ ها.

مكنش صوته مظبوط، كان بيتأكد إني لسه ماعرفتش.

ـ صباح الخير يا عمي.

ـ صباح النور.

ـ إيه الأخبار؟

ـ اخبار اية...

_ عن المحامي... كلمك

_ اااه المحامي... المحامي كلمني وطمني...  حمزة عامل إيه؟

ـ رايحله المستشفى اهو... المحامي قالك إيه؟

ـ قال القضية خلصانة، الولد قتل دفاعًا عن شرفه وعن نفسه، ودي مفيهاش حبس. كل الأدلة لصالحنا.

قال براحة:

ـ الحمد لله... كنت خايف يحبسوه، وهو مش هيستحمل.

ـ لا لا، مش هيتحبس... ده دفاع عن النفس والشرف، وانت سيد العارفين.

ـ عندك حق، متشكر قوي يا عمي.

ـ متشكر على إيه يا أهبل! انتوا ولادي... يلا روح اطمن عليه وطمني.

شكرني مرة تانية وقفل، بعد ما اتأكد إني ما عرفتش بخيانته ليا.

#كاميليا 

مشلتش عيني عن السكين اللي محططوة على الحوض وسط اكوام المواعين لحظة واحدة، ويدي بتمتد ليها.. عايزة امسكها واكتم بيها صوت عز اللي واقف ورايا ومش مبطل يفكرني إني أنا السبب في اللي أنا وولادي فيه... كان صوته زي صاروخ بيخترق راسي ويدمر كل خلية فيه وهو بيقول:

_ عنيدة يا كاميليا، طول عمرك مش بتسمعي لحد غير نفسك، وكأن مفيش حد غيرك على وش الأرض. عيشتي حياتك تخططي وتتكتكي عشان تاخدي كل حاجة... فلوس، أملاك، زوج وعشيق، وأولاد. شوفي بسبب عنادك وطمعك وصلتي لفين؟ شوفي خسرتي إيه... خسرتي الفلوس، وخسرتي جوزك، ونفسك، وأولادك، حتى حبيبك.. قتـ...

ما بقيتش أطيقه؛  مخي حسيته كأنه هتنفجر من كلامه.
تجرأت وباندفاع مسكت السكينة ضغط عليها بقبضتي واستدرت ليه علشان أغرزها في قلبه، أكم صوته، أخلص منه ومن كلامه. ولكن... كان ورايا فاضي.
عز مكنش موجود ولا ليه اثر...
كأنه اتبخر او انا كنت موهومة.
 بصيت حوليا أدوره عليه في المكان ملقتهوش

وقتها خدت بالي من السكينة اللي في إيدي... فزعت لما استوعبت اللي كنت هعمله. كنت هقتل عز... أقتله بيدي وانا اللي عيشت عمري كله محبتش ولا ضحيت عشان حد زي ما ضحيت علشان.. كان شكلي يخوف،  انا نفسي خوفت مني وأكيد هو كمان خاف ومشي.
رميت السكينة على الأرض وخرجت من المطبخ أنادي:

_ عز حبيبي...انت فين ياروحي.. أنا آسفة... أنا مش عارفة عملت كده إزاي... تعالى متخافش... عز!!

فتحت باب الأوضة، دورت بعيني عنه، ملقتهوش؛ الأوضة كانت فاضية. رجعت تاني وأنا لسة بنادي، وبحاول أقاوم الجنون اللي كان هيصبّني بسبب اختفائه بالشكل ده... وفجأة الجرس ضرب. عقلي قال إنه هو. تحركت بسرعة، فتحت الباب وقلت بلهفة قبل ما أشوفه:

_ عز...

ولتاني مرة ميكنش موجود  كانت جنى هي اللي بتخبط... 
مبحبهاش، بس أكيد ان وجودها انقذني من اني اتجنن في اللحظة دي
خدت نفس وقلت وانا بحاول استعيد نفسي:

_ في إيه؟

مدتلي إيدها بورقة وقالت بخوف:

_ رحمة... رحمة ما عرفتش تقرأ خطك... قالتلي اديكي رقمها تكلميها.

قلت:

_ عرفتني؟

ردت متلعثمة:

_ لا لا... معرفتكش... مقولتش إنك انتي... قولت راجل.

_ آه... تعالي...

انقبضت ملامح وشها، بس مقدرتش تعترض ومشت ناحيتي بحذر كأنها خايفة تلمسني، وقالت:

_ حاضر...

بعد ما دخلت، قفلت الباب وقلت وأنا في حالة توهّة:

_ تاكلي...

ردت بخوف:
_ هه...

_ في أكل كتير في المطبخ... كلي ونضفي البيت وبعدين امشي... وانا هنام شوية.. متمشيش غير لما تصحيني وتقوليلي ماشية.. ماشي؟...

_ حاضر 

 سيبتها ونمت على الكنبة في الصالة، وأنا لأول مرة من أيام أحس بشوية راحة... وجود حد معايا فرق، حتى لو كانت عيلة، مع إن عز طول الوقت معايا مش بيسبني تقريبًا،  بس مستخبي فين مكنتش عارفة ولكن سيبته لغاية ما يظهر لوحده 

#رحمة

ماكنتش عارفة إيه سر ثقتي في صدام وسمعي لكلامه وأنا معرفهوش كويس، ولا أعرف هيحصلي إيه بعدين بسبب ثقتي دي. 
لكن الأكيد إني هديت وصدقت إهتمامه بي وبأني اكون بخير.. 
وقررت اسمع كلامه وممشيش ورا كلام كاميليا، واستناه يفهمني.
وبعد تلات ساعات من خروج صدام من عندي، دخلت جنى من غير ما تخبط وبعد ما تاكدت اني لوحدي قفلت وراها الباب.
اعتدلت في قعدتي بدون اهتمام  بالكلام اللي هتقوله.

وقفت قدامي وقالت:

_ ادتلها الورقة وقلتلها تتكلمك.

_ وقالتلك إية

_ قالتلي انضف البيت.

ما ضفتش كلمة تاني، لكن حيرني عدم إتصالها لغاية دلوقتي... وبدأت أقتنع بكلام صدام إنها بتنصبلي فخ.
إيه اللي تعرفه زيادة عن أمي غيرها ميعرفهوش، وزي ما انا عارفة ان العيلة كلها ما شافتهاش من وقت ما مشيت؟ 

#يسرا

بعد ساعات من اللف في الشوارع بحث عن شغل من غير فايدة، رجعت البيت.
طلعت التليفون من الشنطة، واترميت على الكنبة بتعب، 
كان جسمي كله واجعني من المشي وخاصة رجليا اللي كان فيها صليل مميت.. 
تناسيت التعب وفتحت كل تطبيقات المراسلة أشوف لو في أي رسالة من عيسى...
لكن مفيش. آخر ظهور ليه كان من وقت آخر مرة كلّمته فيها..

الامر بقا مُقلق ميتسكتش عليه ف بعتله وقولت: 

_ إيه الغيبة دي كلها يا عيسى؟ لسه تعبان؟
بعتها، لكن مظهرش إنه استلمها... 

كان عندي إحتمال ان غيبته دي محاولة للبعد عني بعد اخر محادثة بينا ف مبعتش تاني 
وسيبت التليفون على الترابيزة، وحاولت أنام.
اتقلبت يمين وشمال، غيرت مكاني، لكن التفكير مكنش سايبني...
من ناحية بفكر في عيسى وغيابه، ومن ناحية تانية في حياتي أنا، وفي اللي المفروض أعمله...
أدور على شغل تاني؟ ولا أبدأ من جديد بطريقتي؟

قمت من مكاني، خدت دوش، ودخلت المطبخ عملت قهوة.
وقعدت أفكر كتير..
فكرت كتير قوي.. واخيراً وصلت لفكرة وهي اني  أفتح مشروع  على قدي بعد ما أبيع شوية مجوهراتي.

مضيعتش وقت عملت بحث طويل، شفت مشاريع كتير، دورت عن عيوبها ومميزاتها ومكاسبها.
مكنتش عايزة أضيع الفلوس اللي بقيالي في حاجة مش مضمونة، وأرجع أندم.

وبعد ساعتين من البحث، لقيت أفكار كتير، بس كلها تعتبر مجازفة وأنا ماليش خبرة...
على طول افتكرت عيسى زي ما بفتكره في كل مرة احتاج حاجة فيها 
بعتله تاني، ناسية كل الكلام اللي حصل بينا، وناسية إنه ممكن يكون مختفي بمزاجه،  مش فاكرة غير اني محتاجة رايه وكمان محتاجاها يشتغل معايا ويسيب شغل الامن اللي هو فيه 

بعتله أكتر من فكرة، وكتبت:

_ بص على المشاريع دي، وقولي لو فيهم حاجة تنفع نشتغل فيها ولا لأ.
انا محتارة ومش عارفة أختار إيه، أصلي هحط الفلوس اللي حيلتي فيه، ومش عايزة أخسرهم... حتى لو مكسبتش غير مكسب بسيط.. رد عليا اول ما تشوفهم 

#حمزة

بعد أربع أيام  قضيتهم في المستشفى، جه نفس الظابط اللي حقق معايا قبل كدة وقالي:

- هسيب المستشفى..

جه في دماغي سؤال واحد وهو هسيبها وأروح فين،  السجن ولا البيت ولكن مسألتش، فقال:

- القضية اتقفلت وهتروح البيت..

محستش بأي فرح ولا فرق معايا حتى لو دخلوني السجن، واكتفيت بتحريك رأسي بحركة خفيفة رداً على كلامه، وصرفت عيني عنه لغاية ما مشي وسمعت صوته بيطلب من العساكر يمشوا هما كمان..

وبعد دقيقة دخلت عليا رقية ومعاها ياسر وبسنت..
كانت مبسوطة قوي، والدنيا مش سايعة فرحتها قعدت جنبي، مسكت إيدي، وقالت بسعادة:

- الظابط قال إنك مش هتتحبس، يعني جبت حقنا منه من غير حبس يوم واحدة.

قال ياسر:

- ولا حتى ثانية واحدة، هيتحبس في كلب زيه..

أضاف بابتسامة: 

_حمد الله على سلامتك يا صاحبي.

قالت بسنت:

- حمد الله على سلامتك يا حمزة.. وعفارم عليك،  كان يستاهلها 

كانوا بيضحكوا عليا وكأني بطل خارج من حرب منتصر، محدش فيهم ذكر قدامي إن قتلي ليه جه بالغلط وكان ممكن هو اللي يقتلني أو يغتصب مراتي قدامي، ولا إن دراعي اتكسر للمرة التالتة على إيديه، ولا إنه زلني..
مردتش عليهم ولا حتى بنظرة، ونزلت عن السرير علشان أمشي.

قالت رقية:

- رايح فين .

مجوبتهاش ومشيت وقف ياسر في طريقي وقال:

- انت تعبان، خليك، يكون الدكتور طمنا..

قلت :

- مش هستنا..

كملت طريقي ومشيت من الأوضة، وكلهم لحقوني 
حاول ياسر ورقية يعينوني على المشي، زقيت إيديهم عني وتابعت طريقي..

وفي نهاية الرواق لقيت صدام جاي، تفاجأ بي، أسرع في خطوته وقال:

- رايحين فين؟!

قالت رقية بحزن:

- مرضيش يقعد ومش بيرد علينا..

قالي:

- رايح فين يا حمزة؟!

- مروح..

- هتروح البيت..

هزيت دماغي بالإيجاب، ف قالت رقية بصوت باين عليه الخوف:

- ما بلاش البيت، تعاله نروح مكان تاني..

الكل آيد رأيها وقال صدام:

- وده رأيي، إيه رأيك تروح شقة العيلة القديمة.. يكون الشقة بتاعتكم اترتبت، أو جبنا غيرها.

مقالش أروح الفيلا، كان باين إنه مش عايز يقول، واضح إنه عارف نية أبوه وقاصد يخبيني منه.

سكت، وروحت معاه أنا والباقين على هناك، كلهم بيحاولوا يعينوني على المشي، ولكن أنا مكنتش طايق أي إيد تلمسني، وبذات رقية اللي وجودها في حياتي بقى أتقل من وجود أمي نفسها..

وصلنا هناك، وبمجرد فتح الباب دخلت أول أوضة عيني شافتها وسيبتهم، محدش فيهم حاول يلحقني، بس سمعتهم وهما بيودعوا رقية..

فضلت واقف في نص الأوضة لغاية ما جت رقية عندي وقالت برفق ومن غير ما تلمسني:

_ ايه يا حبيبي، هتنام شوية..

هزيت دماغي بالموافقة ف قالت:

_ دقيقة واحدة انضفلك السرير..

بدأت تنفض الغبار عن السرير وبعدين جت عندي وقالت وايدها مترددة تلمسني:

_ تعاله..

وقفت مكاني عيني عليها وبيمر في بالي اللحظة اللي شافتني فيها مع واحده تانية، ونسيانها اللي انا مش عارف اذا كان ظاهري ولا شفقتها عليا خلتها تسامح..

لمعت دموعي وقلت بصوت مبحوح:

_ امشى وسيبيني، انا مش هنفعك تاني..

سقطت دموعها من عينيها وقالت:

_ محدش غيرك ينفعني.. ومش هسيبك، هفضل معاك لاخر يوم في عمري، بس انت ترجع زي الاول..

_ رجعي حياتي زي الاول واشطبي منها اللي حصل قدام عينك وانا ارجع

_ هترجع وهننسا كل اللي فات، انا معاك لغاية ما تعدي المحنة دي...
تعال نام ومتفكرش في حاجة 

مسكت ايدي، اسرعت بابعدها عني وقلت:

_ معايا ازاي... بقولك مش هنفعك، ولا انتي عاملة مخدتيش بالك اني خونتك، وبعدين اتمسح بيا الارض قدامك...

_ حبيبي انت حميتنـي وحيمت نفسـ ...

قاطعتها بانفعال:

_ بلا حبيبي بلا زفت، هتضحكي عليا ولا على نفسك، كلكم بتستعبطوا وبتتعاملوا معايا كاني بطل قتلت حازم دفاع عن نفسي وشرف مراتي، متحاوليش تضحكي عليّ، انا مش عبيط هصدق اني كنت جامد وقدرت عليه ... 
انتي بذات شوفتيه وهو بيضربني بيزلني وبيزعق ويقولي يا ابن ال ****، وانا مش قادر اعمل حاجة...لا ادافع عن نفسي ولا استرك وانت عريانة قدامه

انسابت دموعها بغزارة وقالت ببكا:

_ انت بتلوم نفسك على غلطته هو ليه...

زعقت بانفعال:

_ دي هتكمل...اطلعي برا... ولا اطلع انا ومتشوفيش خلقتي تاني

_ حاضر حاضر..

قالتها ومشيت وهي بتعيط.. 
ايدي اتمدت وراها علشان اوقفها واعتذرلها واطلب منها متاخدش على اي كلام اقوله.. بس تراجعت وهي مشافتنيش
كنت مقسوم نصين.. 
مش عايزها معايا وفي نفس الوقت كنت في امس الحاجة انها تكون جنبي... 

#صدام

بعد ما اطمنت على حمزة، كان لازم أروحلها وأعرف بتفكر وناوية على إيه.

وصلت هناك، كان مدخل العمارة فاضي، ورجالتها مش موجودين، بس عربيتها كانت تحت.
طلعت لشقتها في الدور التالت.. 
خبطت على الباب واستنيت... خمس دقايق كاملين مرّوا من غير ما تفتح، ولولا الأصوات اللي كنت سامعها جوه كنت قلت مش موجودة... 
دماغي بدات تخيلي حاجات كتيره... 
بتعمل مصيبة جوة،  او هو معاها.. او عرفت ان انا اللي بخبط ومستخبية

رجعت أخبط تاني وبشكل أعنف، وقلت:
_ افتحي، أنا عارف إنك جوه!

في اللحظة دي الباب اتفتح، وشوفت قدامي شبح شكله بعيد كل البعد عن أمي اللي أعرفها.
عيون مجوفة، وهالات سودا محيطة بيها كأنها مبتنامش...
عجزت، وشكلها بقى مخيف اكتر من اخر مرة شوفتها فيها،
 وأكتر حاجة زعلتني إنّي لثواني أشفقت عليها وتعجبت على سرعت الزمن اللي دار بيها حولها لست عجوزة في حين ان انا وحمزة وعمي لسة واقفين في نفس الدايرة السودة اللي حطتنا فيها مش عارفين نخرج منها .
لكن بسرعة استحضرت في دماغي كل اللي عملته، ومحت أي شفقة تجاهها.
والمرة دي مفرحتش بجيتي، وقالت بوجوم:
_ جاي ليه؟

رديت بجفا وكره في عيني مش قادر ولا عايز أخفيه:
_ وفرتي عليا كلام كتير كان ممكن أقوله، إيه معنى الرسالة اللي بعتيها لرحمة دي؟
إيه اللي تعرفيه عن أمها ومش عايزاها تقولنا إنك كلمتيها علشان ما نمنعهاش من إنها تعرفه؟

_ امشي، متجيش هنا تاني.

قالتها وهمت لقفل الباب، وقفتها بإيدي ورجعت فتحته وقلت بتحذير:
_ همشي، بس أنا بحذرك، لو كدبتي أو قولتي أي حاجة تدين حد غيرك، هقول كل اللي أعرفه.

_ وإيه اللي انت تعرفه؟ تعرف إنك قولت لعمك إن داليا هربت بسببي وانك عيشت شايفه تعبان وفضلت ساكت؟
ولا إنك كنت متفق معايا إننا هناخد كل فلوس عيلتك؟

_ أيوه، هقول كل ده، وهقول كمان إنك قتلتيها، 
ولو نفدتي من تهمة إنك وقعتي بابا، وتهمة الزنا وغيره وغيره، مش هتنفدي من دي. 

قالت باندهاش مصطنع:

_ قتلت داليا؟!!
وعلى كده شوفتني وأنا بقتل داليا وبرضو سكت وخبيت عن عمك ياسين وعمك نبيل؟
مش بقولك غبي؟!
فلنفترض إنّي قتلتها، فـ انت شاركتني في كل حاجة، كل اللي هيسري عليّ هيسري عليك،
على الأقل أنا غريبة وممكن أهرب، بس انت ابنهم...
هتهرب زيي برضو بس هتخسرهم كلهم؟

أذهلتني بجبروتها اللي ما بيتكسرش، برغم كل اللي هي فيه، وبرغم مظهرها اللي يقلع القلب من مكانه لسة قوية ومتجبرة

قولت بغضب:
_ انتي إيه؟ شيطانة؟! مفيش حاجة بتهدّك؟
شوفتي شكلك في المرايا؟ طيب ملاحظة إنك خسرتي كل حاجة؟
ولا انتي مش عايزة تنهي قصتك غير بموتك؟

سكتت شوية تستوعب كلمتي وبعدين قالت: 

_ عايز تقتلني يا صدام؟

_ مش أنا، بس مش هقف في وش أي حد يحاول يعملها...
واديني حذّرتك علشان انتي للأسف أمي، غير كده كنت...

ترقبت لتكملتي، وعينيها بتحتشد فيها الدموع وهي شايفة ابنها اللي عاش طول عمره زي عبد ليها بيتقلب عليها.. 
لكن مقدرتش أنطقها، وغلبتني دموعي قدامها،
برغم كل حاجة عملتها، بس هي لسه نقطة ضعفي اللي مش عارف أخلص منها.

قالت باختناق:

_ كنت قتلتني؟ كمل، وقفت ليه؟

وأضافت بصوت مكسور:

_ عيشت عمري كله أربيك وأعمل منك راجل يكونلي سند أتحمي فيه من الكل...
أول مرة أعرف إني كنت بربي تعبان، أول ما يكبر هيبلعني أنا...

مسحت دموعها حدت من نظرتها وقالت بتحدي: 

_ مش هوقف يا صدام، واقتلني لو تقدر،
علشان مش كاميليا اللي تسيب حقها،
ولو ختامها موتها على إيد ابنها!

قالتها وقفلت الباب في وشي.
عجزت إيدي إنها تخبط عليها من تاني...
كنت عايز أقول إنّي قولت كده من وجعي منها، واني مقدرش آأزيها.. بس نفس الوجع منعني أرجع أكلمها...
ومشيت من هناك.

رجعت الفيلا، قعدت جنب حمام السباحة، غرقان في أفكاري وحزني من الاتنين...
أمي اللي عاشت عمرها كله تموتنا بالبطيء،
وبابا اللي عايز يقتل حمزة علشان ذنب مش ذنبه،
وحمزة وحالته اللي شاكك إنها ممكن تتصلح،
ورحمة وقرب فرحها هي وعمي...
مليون حاجة كنت بقاوم علشان عقلي ما يوقفش من كتر التفكير فيها.

وبعد وقت وأنا قاعد لوحدي، فوقت من شرودي على صوت عمي وهو بيهز ركبتي:
_ انت نمت؟

_ هه... آسف، كنت سرحان شوية.

ذم شفايفه وهز دماغه وقال:
_ سرحان؟! كان الله بعونك، اللي انت فيه مش سهل...
إلا حمزة، راح فين؟ روحتله المستشفى ملقتوش.

_ خرج...

أضفت بتخوف:
_ بس تصدق؟ لو اتحبس كنت اطمنت عليه أكتر من خروجه، بابا ناويله يا عمي.

_ عايز يقتله؟

_آه، هو قالي كده بنفسه... عايز أشوفله مكان بعيد ميوصلوش."

فكر شوية، وبعدين بصلي بصة غريبة مقدرتش أفهمها، لكنها مريحتنيش وارتبت منها، وبعدين قال:
_ عندي المكان ده.

_ حلو قوي، وياريت يكون في حراسة، أنا مش ضامن ممكن يعمل إيه،
وحمزة في وضع ما يسمحلوش يدافع عن نفسه.

قال بتعجب: 
_ أنا مش فاهم دماغ زيدان، هيحاسبه على إيه؟
الغلطان هو اللي يتحاسب،
وهو لو كان حاسبها من أول ما عرف كان زمانه ارتاح... ربنا يهدي

قام وقال:
_ يلا.. هشوف المكان  وبعدين آخدك تشوفه.

_ ويعني أنا هعدل عليك؟ أي مكان آمن يقعد فيه.

_ أصله مكركب، على العموم هكلمك، داخل أشوف المجنونة دي، مش عارف هتعمل إيه.

_ مالها؟ عملت حاجة؟

ولى ليا بكل جسمه وقال بنبرة شك: 

_ انت شوفت بنفسك لما قالتلي نتجوز، بعدها على طول بتقولي إني مخبي سر وهتعرفه،
أنا مش عارف بتقول كده من دماغها ولا حد قالها.

ازدردت لعابي وقلت وأنا بحاول أخفي ربكتي:

_ ما يمكن لاحظت بسبب شكك الزيادة فيها.

_ بس مش لدرجة تقولي هعرف مين ختمتك على قفاك دي ولا كأنها عرفت كل حاجة!

_ معرفش، يمكن سمعت كلمة هنا ولا هنا.

ضحك وقال:
_ ولا هناك! مش مشكلة، كده كده حتى لو عرفت... مش هسيبها.

غمزلي وقال:
_ نعيش شبابنا اللي ما عشنهوش، وهجيلك تديني شوية نصايح لليلة الدخلة،انت اتجوزت مرتين وفاهم.

وترني كلامه، وكنت عايز أتكلم وأعترض على نيته دي،
لكن احنا ملحقناش نتعاتب علشان أشد معاه بالسرعة دي،
فابتسمت بتظاهر وقلت:
_ وهي دي محتاجة نصايح؟ ربنا يسعدك يا عمي.

_ ويسعدك... يلا هدخل 

_ اتفضل.

#حسن

مش أول مرة ميتصلش بيّ، بس دي أول مرة أكون قلقان إنه مكلمنيش ومعرفنيش آخر أخبار شكه في رحمة ومراقبته ليها...
فاتصلت بيه وأنا خايف إن أمري يتفضح ويشك في سؤالي عن الموضوع ده.

وبعد اتصالين عدوا من غير رد، رد في الاتصال التالت وقال:

_ أيوه.

_ إيه يا خالي، فينك النهارده؟

_ في الدنيا.

_ مال صوتك؟

_ ماله صوتي؟ ده أكتر حاجة سليمة فيَّ.

_ ليه بس؟

قال وهو بيشد على حروفه بقهر:

_ علشان طلعت مغفل، وضهري عرضة لسكاكين اللي بثق فيهم...

قلبي انتفض بقوة، زي صاعقة كهربا لمست جسمي.
رديت بربكة:

_ سكاكين إيه؟ مالك بس؟ فهمني في إيه؟

_ مفيش... اقفل.

قال كده وقفل السكة في وشي.. 
كنت شبه متأكد إني أنا المقصود بكلامه ده.
قمت من مكاني، ألف حوالين نفسي ومش لاقي مخرج...

أسافر قبل ما يجيني ونتواجه؟ ولا أكلم رحمة وأفهم منها؟ ولا آخدها ونهرب؟
أعمل إيه؟ أعمل إيه؟

مبقتش عارف، وفي نفس الوقت خايف أكون فهمت غلط.
فقررت أسيب البيت وأختفي شوية... وبعدها هيبان يقصدني ولا يقصد حد تاني.

---

رقية

بعد ساعات من السهر والخوف من ظهور شبح حازم، نمت وأنا قاعدة في الصالة بعد ما حمزة قفل على نفسه من جوه، علشان مدخلش عنده ولا أكلمه...
وكأني أنا السبب في اللي بيمر بيه.

وجه تاني يوم، وصحيت على صوت قفل باب البيت.
قمت من نومي مفزوعة وناديت: 

_ مين؟!! 

محدش رد.. 

ف قومت من مكاني ابلع ريقي بصعوبة، وقولت بصوت مهزوز وخايف: 

_ مين بيخبط.. 

محدش رد.. بصيت على الاوضة علشان اشوف حمزة لقيت الباب مفتوح..
تحركت من مكاني فوراً ودخلت هناك اتاكد من شكوكي.. وبالفعل، طلع مش موجود.. وهو اللي فتح الباب وخرج... 
تعليقات



<>