رواية سفينة نوح
الفصل الرابع 4
بقلم سلمي خالد ابراهيم
صلوا على الحبيب 🌻🤎
(قضية الاسيوطي 2)
"لم أعد أتمسك بشيء.. أفلت الأشياء وإن كنت أريدها."
هذا شعاري لن يتغير فإن حاولت يا صديقي الاقترب فأهلًا بك في كهفي المخيف أو لنقُل جحيمي المظلم فهذا اختيارك وهذا اختياري ولنا نتيجة تلك المعركة!
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
استدارت سريعًا تنظر نحوه بمعالم متشنجة من الغيظ، في حين فُتح الباب من خلفها لتطل السيدة داليدا بوجهٍ متعجب قائلة:
_ نوح! رجعت ليه؟
رمقها نوح بنظراتٍ باردة قبل أن يحرك بصره عنها وينظر لوالدته قائلًا بهدوء:
_ نسيت المفاتيح بتاعتي ونصيب عشان يتعكر دمي على الصبح.
اتسعت حدقتيه عندما فهمت مرمى كلماته، تضغط على أسنانها حتى كادت أن تسحقها، تخطاها نوح يدلف لغرفته بينما نظرت داليدا نحو ذكرى بوجهٍ مبتسم متجاهلة حديث نوح الأخير قائلة:
_ أنتِ اللي بعتها عم حسن؟
أومأت ذكرى ببسمة زائفة تحاول ضبطتها كي لا ينفجر غضبها بها، رفعت الحقيبة قائلة:
_ أيوة يا فندم ودي الشنطة.
استنكرت داليدا فعلتها متمتمة بضيقٍ:
_ ايه فندم دي يا بنت اسمي مدام داليدا ثم هتديني الحاجة كده من على الباب!
شعرت بالحرج منها وعادت بيدها مرة أخرى تردف باعتذرٍ:
_ أنا آسفة جدًا بس...
قاطعها صوت نوح يردد بكلماتٍ ساخرة ناظرًا لوالدته:
_ أنا ماشي يا أمي وأبقي خلي بالك عشان محدش يتكلم في ضهرك.
تركه مغادرًا المكان، لتقف ذكرى بوجهٍ يشع حُمرة تشعر ببراكين الغضب تدفق داخلها فتندلع نيران حارقة، تراجعت داليدا ما أن رأت ذكرى بتلك الحالة تتمتم بقلقٍ:
_ أنتِ كويسة يا حبيبتي؟
_ سؤال واحد بس حضرتك متأكدة إن الجلف دا ابنك؟
فهمت داليدا سر كلمات نحو لتضحك بخفه تمسك بكف ذكرى تسحبها للداخل، قائلة برفق:
_ هو كان يقصدك أنتِ.
تغيرت معالمها لسخرية واضحة متمتمة:
_ هو أنا ورايا غير اسمع كلامه اللي عايز حشه من وسطه.
أجلستها بالردهة ثم تركتها بضع دقائق وعادت تحمل قدح من القهوة قائلة ببسمة ودودة:
_ انا بعتذلك بنيابة عنه بس هو حصل ايه عشان يكلمك كده؟
نظرت لها ذكرى ببعض للتردد، فمعاملتها لها ودودة للغاية فشتان بينها وبين ذاك المدعو بنوح، أمسكت داليدا بيدها لترفع تمسك بها قدح القهوة الذي تقدمه. لها قائلة:
_ هتكسفيني؟
زفرت ذكرى بتعبٍ ثم قالت:
_ لا والله مقصدش بس حضرتك عكس ابن حضرتك خالص.
نظرت لها بفضولٍ كي تروي ما حدث، لتبدأ بسرد الأحداث حتى اختتمتها بما حد اليوم، ابتسمت لها بحبورٍ تردف ببعض للحزن:
_ يا حبيبتي.. متزعليش بس نوح يعني بقى طبعه صعب من ساعة الحادثة الأخيرة اللي حصلتله.
قطبت جبينها بتعجب تردف بحيرةٍ:
_ حادثة ايه؟
تنهدت داليدا بحزنٍ ثم قالت:
_ مش مهم يا حبيبتي.. أشربي يالا قهوتك وقوليلي اسمك ايه عشان حبيتك أوي.
بادلتها ذكرى الابتسامة بسعادة ثم قالت بنبرة سعيدة:
_ وأنا حبيت حضرتك أوي.. اسمي ذكريات وبيقولولي ذكرى.
_ اسمك يخطف القلب يا ذكرى.. قوليلي بقى باباكي ومامتك هما موافقين على إنك تشتغل في مكتبة... أنا والدي مكنش بيرضى خالص اشتغل.
ألتمع الألم بحدقتيها حتى شعرت بأن تلك الغصة ستقتلها حتمًا، ازدردت لعابها بصعوبةٍ تردف بصوتٍ محشرج:
_ أنا يتيمة أب وأم.
عضت داليدا على شفتيها السفلى تردف بأسف:
_ انا آسفة يا حبيبتي مكنتش أعرف خالص.
رفعت أناملها تزيح تلك الدمعة العالقة بأهدابها ناطقة ببسمة مكسورة:
_ مفيش حاجة يا مدام داليدا هو ينفع أمشي؟
تملكها الندم أكثر لتردف سريعًا بحزنٍ:
_ هو أنتِ زعلتي مني؟ مقصدش خالص يا حبيبتي.
حركت ذكرى رأسها بنفيٍ سريع مجيبة:
_ لا أبدًا أنا اللي مش عارفة اتخطى الموضوع.
أبتسمت لها سريعًا تمسك بكفها قائلة بحنوٍ:
_ خلاص اعتبريني مامتك.. أنا عارفة إن مفيش زي الأم بس أنا موجودة بأي وقت تحتجيني فيه.
ابتسمت لها ذكرى بحبورٍ، تومئ برأسها ثم نظرت للساعة حتى تفاجأت بمرور الوقت لتنهض قائلة:
_ معلش سامحيني لزمًا أمشي زمان عم محمد قلق عليا.
نهضت داليدا سريعًا تردف بحزنٍ زائف:
_ ملحقتش أشبع منك يا ذكرى.
منحتها بسمة صغيرة ذات معالم طفولية قائلة:
_ هجيلك تاني متقلقيش بس أبقى أكديلي إن غدنفر باشا مشي.
ضحكت داليدا على تعليقها ثم سارت نحو الباب ولكن قبل أن تغادر هتفت داليدا بودٍ وهي تضمها:
_ هتمشي من غير حضن كده.
لا تعلم سر ضمتها الدافئة ولكن شعرت بالراحة داخلها لتضمها ذكرى بحبٍ قائلة:
_ مع السلامة وبإذن الله هاجي لحضرتك تاني مع السلامة.
غادرت ذكرى البنية بينما وقفت داليدا تتأملها ببسمة طفيفة ماكرة تتذكر حديث شقيقتها
***
_ وحشتني يا داليا كل دي غيبة؟
نطقت بها داليدا تنظر عبر الهاتف بعدما فتحت مكالمة_فيديو كول_ عبر أحد التطبيقات التواصل الاجتماعي لتردف داليا ببسمة سعيدة:
_ متزعليش داليدا بس الشغل واخد وقتي.
ضحكت داليدا على حديث داليا البسيط باللغة العربية لتردد:
_ كندا غيرتك أوي يا داليا.
اومأت متفقة معها بالحديث ثم تسألت بحماس قائلة:
_ فين نوح مش بكلمه بقالي كتير.
عبست معالمها تردد بحزنٍ:
_ من وقت الحادثة وبقى واحد تاني خالص يا داليا ومش عارفة أعمل ايه!!
نظرت لها بدهشة ثم صمتت قليلًا لتفكر لحل حتى قالت بحماسٍ:
_ نوح متجوزش داليدا.. هاتي عروسة يحبها وهو هيتغير...
قطبت جبينها بتعجب ثم قالت:
_ تفتكري؟؟؟!
رفعت داليا رأسها بفخرٍ قائلة بتأكيد بالغ:
_ عيب مفيش ست مش بتأثر وتغير في راجل.
***
عادت لواقعها تبتسم بمكرٍ قائلة متجهة نحو الشرفة:
_ أخيرًا شوفتك بتتعامل مع بنت يا نوح... هتأكد من حاجة وبعدها هنشوف هعدلك إزاي يا بن نصار.
********
وصلت أخيرًا للطابق الأرضي كي تغادر تلك البنية ولكن رأت نوح يمسك بالهاتف يحادث أحدهم، ابتسمت بمكرٍ ثم نظرت بالأرض تبحث عن حصى صغيرة وما ان وجدت ضالتها حتى حملتها بكفها سريعًا ثم وقفت بجاور الشجرة وقامت بقذف تلك الحصى بكامل قوتها حتى اصطدمت برأس نوح من مؤخرتها، اختبئت خلف الشجرة تضع كفها على فمها تكبح تلك الضحكة، بينما وضع نوح يده على مؤخرة رأسه بألمٍ يهتف بتأوه:
_ خليك معايا لحظة.
_ في حاجة ولا ايه؟
ينظر حوله متعجبًا مما حدث، ظل للحظات طويلة يتأمل المكان بحذرٍ يبحث عن فاعل ولكن لم يجد أحد وما كاد أن يتحرك حتى انتبه لمن يحدثه بالهاتف ينادي باسمه عدة مرات فردد بانتباه:
_ معلش كمل وأنا سامعك.
دلف سيارته سريعًا وانطلق لوجهته، بينما تأملت ذكرى مغادرته تضحك بسعادة قائلة وهي ترفع الحصى المتبقية بيدها في الهواء ثم تنتشيلها مرة أخرة:
_ ولسه يا نوح يا نصار هخليك تلف حولين نفسك بس أصبر عليا.
لم تلاحظ تلك التي تكبح ضحكتها تمنع وصولها لها حتى لا ينكشف أمر مراقبتها، تراها تغادر المكان لتيقن أن ذكرى هي الفتاة المناسبة لا غيرها.
********
وقف أمام المشفى العباسية للأمراض للعقلية يتطلع لتلك الحروف المنقوشة على الجدار المشفى ثم ابتسم ببلاهة يمسك الهاتف سريعًا يرفع لإلتقاط صورة سريعة من الكاميرا الأمامية ثم قال ببسمة عجيبة:
_ من عالم الحاقدين إلى عالم المجانين.. نهاية خدمة الغرزة علقة.
ضغط على زر النشر بصفحته، دثر الهاتف بجيب سرواله ثم انطلق للداخل يحدث الأمن الخاص بالمشفى:
_ عايز أقابل مدير المستشفى؟
حدجه بنظرة ساخرة يردد محتسيًا الشاي:
_ هو كل اللي شايف نفسه حلو يقولي عايز مدير المستشفى.. خير عايزه في ايه؟
_ عايزه في موضوع عائلي يا روح أمك.. معك الرائد سعدي اتفضلي فز قوم وريني مكتبة.
هدر بتلك الجملة في حزم وقوة جعلته ينتفض من مكانه يؤدي تحية عسكرية دون دراية يردف بتوتر:
_ آسف يا فندم اللي ما يعرفك يجهلك.
منحه نظرة عنيفة حادة ليتحرك الرجل أمامه بخطواتٍ سريعة نحو الغرفة الخاصة بمدير المشفى وما أن وصل حتى ردد سعدي بجدية:
_ أمشي أنت.
غادر الرجل براحةٍ، بينما نظر سعدي بفخرٍ لنفسه قائلًا:
_ الحمش حمش من يومه.. بينا نشوف ست منال دي.
دلف دون طرق على الباب يخرج الكارنيه الخاص به قائلًا بجدية:
_ معك الرائد سعدي سعد اتفضل حضرتك معايا.
انتفض من مكانه بفزعٍ يردف بخوف:
_ اتفضل فين بس يا باشا انا عملت ايه؟
أعاد سعدي الكارنيه بمحفظته ثم قال:
_ مالك اتخضيت كده.. اجمد يا..
نظر نحو مكتبه للعلامة الموضوع عليها اسمه ثم عاد وقال:
_ اجمد كده يا عزت أنا بقولك تعالى معايا عشان توريني اوضة مريضة عندكم جت تقريبًا من ستة وعشرين أو خمسة وعشرين سنة اسمها منال السيد.. تعرفها.
ازدرد لعابه بصعوبة من نظرات سعدي الحادة ثم ليجيب سريعًا:
_ لو منعرفهاش نعرفها عشانك يا باشا.
ضغط على زر الجرس وليأتي أحد الممرضين له فأردف بحزم زائف:
_ دوري في الملفات اللي عندك من ستة وعشرين سنة على مريضة باسم منال السيد يلا.
_ ويديني نسخة منه.
أشار عزت بتنفيذ الأمر ثم انطلق الرجل يبحث عن الملف بينما تحرك سعدي معه إلى مكتبه ليرى ملفها أيضًا وبعد وقتٍ استغرقوه بالبحث وجدوا ملفها أخيرًا.
امسك سعدي نسخته من الملف وجلس جانبًا بعدما أخبر المدير برغبته في مقابلتها وذهب كي يخبر الطبيب المتابع لحالتها ولكن أثناء قرأته وجد ما جعلت عيناه تجحظ بشدة منال السيد عذراء!
انتفض يمسك هاتفه سريعًا يتصل بنوح كي يخبره وما أن أجاب حتى قال سريعًا:
_ ألحق يا نوح منال السيد دي طلعت عذراء.
_ نعم.. أمال محمد الأسيوطي اتحبس إزاي؟
صمت سعدي عن الإجابة يشعر بدهشة من تلك القضية التي حُكم بها دون وجود أدالة كفاية، ليهتف سعدي بحيرة:
_ مفيش حل غير أني أدخل للدكتور المتابع حالة منال وأفهم منه ليه قالت كده.
_ تمام ولو في جديد بلغني وأنا هروح أكتوبر أشوف مرات محمد دي اختفت ازاي؟
أغلق سعدي معه ونظر بالملف مرة أخرى ليحاول فهم ماهية هذه للقضية العجيبة، ولكم قاطعه صوت عزت يردف بتوتر:
_ الدكتور أحمد اللي بيتابع حالتها موجود وحضرتك تقدر تكلمه.
اومأ سعدي وانطلق بصمتٍ نحو مكتبه إلى أن دلف ليمد أحمد يده قائلًا:
_ أهلًا يا سيادة الرائد اتفضل.
جلس سعدي بهدوء يردد بسؤالٍ واحد:
_ عايز أفهم منال دي حالتها إيه وينفع اقابلها؟
زفر أحمد بصوتٍ مسموع مجيبًا:
_ منال حالة عجيبة ومتأخرة صعب تقابلها النهاردة... هما لقيوها مرمية قدام المستشفى ولما صحيت كانت حالتها وحشة ومعتقدة إن حد اغتصابها وهي عذراء..
أزدادت حيرة سعدي أكثر ليردف بحيرة:
_ وايه اللي وصلها للحالة دي؟
أجابه بهدوءٍ:
_ منال زي ما قولتلك حالة عجيبة جدًا كل يوم بندخل بنلاقي على جسمها أثار لمقاومة اغتصاب وعلامات كأن حد بيغتصبها ولما بنكشف عليها بنلاقيها لسه عذراء.. حطناها تحت مراقبة برضو نفس الوضع مش بيتغير.
_ وليه محدش بلغ إنها عذراء في قضية الأسيوطي؟
حرك أحمد رأسه بنفيٍ يجيبه:
_ موضوع القضية دا أنا معرفهوش لإن مسكت حالة منال من خمس سنين، لكن قبل كده كان في دكتور زميل اسمه "جمال زينهم" هو اللي متابع حالتها وأكيد يعرف تفاصيل القضية بتاعتك.. لحظة هكتبلك عنوانه ورقم تلفونه.
أومأ سعدي برأسه ولكن تتضارب الأفكار داخله ما الذي يحدث بتلك المشفى، وما هذا السر العجيب خلف قضية منال؟ ، استفاق من زوبعة أفكار على تلك الورقة الممدودة له ليتناوله عنه يردف بجدية:
_ لو حصل جديد اتمنى تبلغني.
_ أكيد يا سيادة الرائد.
غادر سعدي المشفى يمسك بهاتفه يتصل بنوحٍ يردف بجدية ممزوجة بحيرة اعترت كلماته:
_ أيوة يا نوح.. خلاص هجيلك على الشقة هناك ابعت اللوكيشن.
أغلق سعدي سريعًا يشعر بالدهشة من كلمات نوح السريعة والقلقة ثم انتظر حتى أتى له موقع الشقة وانتقل من مكانه نحو نوح ليعلم سر طلب نوح له.
********
دلف بخطواتٍ حذرة إلى المنزل المكون من طابقين وحديقة قاحلة بعدما أُهملت، ليستمع إلى صوت نوح من خلف يردف:
_ أخيرًا وصلت... أبقى شحم السلحفاة بتاعتك يمكن تشد حيلها.
استدار سعدي ينظر نحوه بغيظٍ من سخريته عليه، ليردف من بين اسنانه:
_ ياريت تبطل تريقة عليا خلينا نخلص من أم دي قضية اللي جمعتني بيك.
كُشفت أنيابه ببسمةٍ مظلمة، يشعر عروق يده التي تنبض بقوة لتدفعه بضربه أمامه، هتف نوح بكلماتٍ ذات صوت هادئ مخيف مظلم:
_ عشان نبقى على نور.. لسانك دا تقصره معايا أنا بذات ومش هقولك هعمل ايه.. بس أسأل في المبنى نوح نصار بيعمل ايه لو حد طول لسانه بيحصله ايه...
ثم اقترب منه يضيف بأعينٍ ذئب شرس:
_ وأم القضية دي ميشرفنيش أدخلها مع اللي زيك... فريحها عشان أنا زعلي وحش يا سعدي.
تراجع نوح للخلف خطوة واحدة، بينما شعر سعدي بالاختناق من طريقة نوح المهينة، أغمض عينيه يحاول الوصول لأقصى ثباته الأنفعالي وإلا سينشب شجار بينهما بتلك المنطقة النائية، انكمشت ملامحه بضيقٍ بعدما استمع لحديث نوح:
_ هات اللي عندك.
رمقه بنظرة مختنقة ثم قال بنفورٍ:
_ الدكتور بيقول إن حالة منال غريبة كل يوم بيلقوا علامات اغتصاب على جسمها بس لما بيكشوا عليها بتكون عذراء ومش هينفع نتكلم معها دلوقتي... وخدت رقم الدكتور اللي كان متابع قضيتها لإن التاني جديد ميعرفش عنها حاجة.
صمت نوح يفكر بما سرده عليه سعدي يشعر بوجود خطبًا ما، ليردد بجدية متنافية عما فعله:
_ البيت دا متصمم بطريقة غريبة كل أوضة ليها طابع عن دول مختلفة والعلم بتاعها.
نظر سعدي حوله بالردهة ليجد الردهة ذات طابع أوربي تعجب قليلًا منها وانطلق نحو غرفة على ما يبدو أنها الصالون ولكن كانت تمتلك طابع مغريبي، تأملها بدهشة فطريقة محمد تتنافى مع فكره بأن يصنع منزل بتلك الطريقة العجيبة!
عاد سعدي له مجددًا ليسترسل نوح:
_ محتاجين نرجع لمحمد لإن مراته محدش يعرف عنها حاجة اختفت فجأة بكرة أنا هرجع لمحمد وأنت ابعت رقم وعنوان دا لسفيان يتعامل مع الدكتور دا خلينا نشوفه أخرة القضية دي ايه!
اومأ سعدي بصمتٍ ورفع هاتفه يرسل تلك البيانات له سفيان ثم تحرك من المنزل دون أن يتفوه بكلمة أصبح يختنق من الاختلاط بذلك الـ نوح.
**********
( هناك من يبحث خلف الأسيوطي!)
ابتسامة خبيثة علت ثغره بعدما استمع لما قاله، ينظر نحو الحائط المعلق عليه صور عديدة لأُناسٍ عِدة ليقع بصره على "محمد الأسيوطي" نهض يمسك بسكين ذات بريق حاد يقترب من الصورة بخطواتٍ بطيئة ثم وضع السكين على الصورة بالتحديد عند رقبة محمد ثم أمسك بسكين أخرى ووضعها على صورة تلك المرأة " منال السيد" بموضع رقبتها.
استدار لمساعده يردف بخبثٍ:
_ حسنًا أرسل لهم مكافأة البحث بالغد.
أومأ الأخرى ليتحرك مغادرًا لينفذ ما أُمر به، بينما وقف يتأمله وهو يتحرك يردد بنبرة ذات مكر ثعلبي:
_ لقد اشتقت للعب معاكم أيها الضباط المصريين.
*********
صباحًا...
وقف سفيان أمام بنية الخاصة بالمدعو جمال الطبيب السابق لمنال السيد، زفر سفيان بتهكم متذكرًا طريقة نوح الفظة تمنى لو يعود كما كان ولكن صبرًا.
صعد بهدوءٍ عبر الدرجات للطابق الأول كما أخبره جمال بليلة البارحة بعدما أستأذنه بأخذ موعد معه، وما أن وصل للطابق المنشود حتى وجد الشقة رقم2 بابها مفتوح.
قطب جبينه بتعجبٍ وتقدم نحو الباب يهتف بحذرٍ:
_ دكتور جمال.. دكتور جمال سامعني.
حرك الباب يدفعه قليلًا وما لبث أن يتحرك خطوة واحدة حتى وجد جمال يجلس على مقعد أمامه رأسه منحنية بشدة اتجاه صدره، والدماء تغرق جسده، جحظت عيني سفيان وأسرع نحوه ليرى ما به ولكن أزدادت صدمته عندما وجده مذبوح بقوةٍ.
تراجع للخلف سريعًا ثم أمسك هاتفه ليتصل على نوح وما أن أجاب حتى قال:
_ ألحق يا نوح جمال اتقتل!
علت السخرية كلماته يتمتم بكلماتٍ كالصخر الصلب قذفت برأس سفيان:
_ ومحمد لقوه غرقان في دمه في السجن!
صمت سفيان يحاول استيعاب ما قاله، ثم أتى برأسه منال هي الطرف الأخير بتلك القضية، ليردد سريعًا:
_ منال يا نوح ألحق منال هي الطرف الأخير في القضية!
اختتم جملته بدلف سعدي بوجهٍ مكفهر إلى نوح يردف بما عجز عليه الثلاثة:
_ منال السيد لقوه مدبوحة في اوضتها وسايحة في دمها!
خيم الصمت المكان سوى من صوت أنفاسه نوح المنفعلة واختناق كلًا من سفيان وسعدي مما يحدث!
