مهاب كان سايق بهدوء بعد ما اتأكد إن حور كويسة، والقلق لسه باين على وشه. العربية وقفت قدام بيت قديم في حارة ضيقة، البيت شكله متهالك، بس نضيف رغم بساطته.
حور: (بابتسامة خجولة وهي ماسكة شنطتها) متشكرة قوي يا أستاذ مهاب إنك وصلتني، أنا فعلاً دوختك معايا.
مهاب: (بلهجة لطيفة) دوختيني إيه بس يا بنتي؟ بالعكس، أنا اللي متدايق إني كنت السبب في اللي حصل. الحمد لله إنك بخير.
(بتطلع سلم البيت البسيط وبتقف عند الباب، أمها الكبيرة في السن قاعدة على كرسي قديم، ملامحها مرهقة، واضح إنها تعبانة).
حور: ماما… شوفي مين وصلني.
الأم: (بصوت واهن) أهلاً يا ابني، تسلم إيديك. البنت غلبانة وأي حاجة صغيرة بتأثر فيها.
مهاب: (منبهر من احترام حور لأمها وحنانها) ألف سلامة عليك يا حاجة… ربنا يقومك بالسلامة.
(حور تدخل جوه وتجيب شوية مية لأمها، ثم ترجع تقف عند مهاب على الباب).
حور: بصراحة… أنا كنت ماشية بدور على شغل. الوضع عندنا مش سهل، ومصاريف العلاج عالية أوي.
(مهاب يبص لها بتأثر، عينيه فيها خليط من الذنب والشفقة).
مهاب: طب بصي يا حور… بما إن أنا السبب اللي خلّى يومك يبقى صعب… اعتبري إن ربنا بعتني ليكي النهاردة.
حور: (مستغربة) قصدك إيه؟
مهاب: تعالي تشتغلي معايا في الشركة. أنا محتاج مساعدة شخصية، حد يكون ذكي وسريع، وإنتي شكلك جدعة ومسؤولة. والمرتب… يعيّش ويكفي علاج والدتك كمان.
(حور تفتح عينيها بدهشة، قلبها يدق بسرعة).
حور: بجد؟! إنت مش بتهزر؟
مهاب: (بابتسامة دافية) شكلي بهزر؟ صدقيني أنا جاد. من بكرة تعالي المكتب… وأنا هظبط كل حاجة.
الأم: (من جوه البيت) ربنا يكرمك يا ابني، إنت متعرفش إنت أنقذت بنتي من إيه.
حور: (بعينين بتلمع) متشكرة قوي… أنا مش عارفة أقول إيه.
مهاب: (ينظر لها بابتسامة رقيقة، لأول مرة ملامحه الجادة بتلين) ماتقوليش حاجة… كفاية إنك تقبلي الشغل. وخلي بالك من نفسك… سلام دلوقتي.
(يركب عربيته ويمشي، وهو في الطريق بيبص لنفسه في المراية، ويضحك بخفة)
مهاب (في نفسه): "يا نهار أبيض… إيه اللي جرالي؟! دي بنت من حارة شعبية… بس ليها تأثير غريب…!"
*************************
بعد فترة قصيرة
مهاب دخل الفيلا، البيت فاضي، بس سامع صوت عالي طالع من أوضة والديه. وقف شوية، شد نفسه، وقرب على الباب. أصوات الجدال بتبان أكتر وأكتر
فيروز: (بحدة) أنا قلت لأ يا أحمد! حلا لسه صغيرة، إزاي نرميها في جوازة بالشكل ده؟!
أحمد: (بغضب هادي لكنه ساخر) صغيرة دلوقتي؟! طب وافتكري كويس يا فيروز… مش إنتي بنفسك وافقتي قبل ٣ شهور إن بنتك تتخطب لواحد زي وائل؟! الواد اللي سمعته أسود من الليل!
فيروز: (مرتبكة لكنها مصممة) ده كان غير… أنا كنت بخاف من رفضك… وكنت مضغوطة من جيلان.
أحمد: (ضاحك بسخرية) مضغوطة؟! لو ماكنتش أنا وقفت ورفضت، كنتي هتبعتي بنتك لحد نسونجي بيغير علاقاته أسرع من ما يغير قميصه! وإيه اللي حصل بعد كده؟ صاحبتك العزيزة جيلان طلعت فاجرة… وقذفت شرف بنتك! افتكري يا فيروز… لولا موقفي وقتها، كان زمانك عايشة وسط وحل.
فيروز: (بصوت عالي) إنت مش فاهم… أنا أمها وبخاف عليها!
أحمد: (بعصبية) بتخافي؟! ده إنتي اللي كنتي هتبيعيها! دلوقتي لما ييجي شاب زي أدهم، محترم، ابن عيلة ناس، ناجح، محبوب، وبيحب بنتك… فجأة بقيتي شايفة إنها صغيرة!
(مهاب واقف ووشه بيولع من الغضب، مسك مقبض الباب بقوة واقتحم الأوضة فجأة.)
مهاب: (بصوت عالي مرعِد) كفاية!!!
(أحمد وفيروز اتفاجئوا، بصّوا له بدهشة. فيروز حاولت تتماسك.)
فيروز: إنت بتسمعنا من إمتى يا مهاب؟
مهاب: (موجه كلامه لوالدته بحدة) من أول كلمة! وكنت هتجنن من اللي سمعته! إزاي يا ماما؟! إزاي توافقـي إن أختي الصغيرة تتخطب لواحد زي وائل؟! إنتي عارفة سمعته! إنتي كنتي هتدوسي على حياتها عشان صداقة بايخة مع جيلان الحقودة دي!
فيروز: (بتحاول ترد بغضب) أنا… أنا كنت تحت ضغط!
مهاب: (مقاطعها بعصبية) ضغط؟! لا يا ماما… دي مش أمومة! الأمومة تحمي… مش تبيع! إنتي لو بتحبي حلا فعلاً، ماكنتيش حتى تفكري تعرضيها لواحد زي وائل.
(فيروز اتلخبطت واتكسفت من كلام ابنها. أحمد واقف متفرج، بس نظرته كلها انتصار وسخرية.)
أحمد: (موجه كلامه لفيروز بنظرة تقيلة) سمعتي؟ مش أنا بس اللي شايف… أولادك كمان شايفين الحقيقة.
مهاب: (موجهاً كلامه لأمه بانفعال شديد) حلا مش صغيرة… مش صغيرة إنها تختار شاب زي أدهم، واحد بيحبها وبيصونها… لكن فجأة بقيت صغيرة عشان مش عاجبك؟! إنتي متعرفيش هو بيحبها قد إيه… ومتخيلتش إزاي أختي سعيدة جنبه.
(فيروز تبص له مرتبكة، مش قادرة ترد. مهاب عينيه مليانة غضب ووجع.)
مهاب: (بصوت مكسور لكن حاد) أنا عمري ما هسامحك يا ماما لو حاولتي تضيّعي سعادة حلا عشان أوهامك الفارغة. إنتي كنتي هتضيعيها زمان… بس المرة دي مش هتسمحلك… لا أنا، ولا بابا، ولا حتى هي.
(صمت تقيل يسيطر. فيروز متكسفة، مش عارفة ترفع عينها. أحمد يقف، يحط إيده على كتف مهاب بفخر.)
أحمد: (بهدوء) كده يا مهاب… كده. لازم تعرف إن مش كل حاجة اسمها أمومة بتكون صح… مرات بتكون أنانية.
**********************
الجو مشحون، أحمد واقف جنب مهاب اللي لسه منفعل، فيروز قاعدة على الكرسي متوترة. سكتة لحظة، وبعدين تنفجر بعناد ودموع
فيروز: (بصوت عالي) آه يا حظي! آه يا نصيبي! ولا واحد من ولادي عرف يفرحني زي ما كنت بحلم… زياد! زياد اللي كان مفروض يلاقي بنت ناس من مقامنا، يروح يتجوز ! بنات أبوهم بائع حشيش! آه يا فضيحتي!
مهاب: (بحدة) ماما!!! كفاية إهانة! ضحى ست محترمة وبتشتغل مع جوزها وبتقف جنبه، وأبوها مش ذنبها!
فيروز: (باندفاع) وريان؟! لسه عيل عشرين سنة، بدل ما يعيش شبابه ويدور على مستقبله، راح دافن نفسه مع غزل! غزل اللي… (بتقولها باحتقار) اللي ملهاش أي قيمة، ولا شكل ولا عيلة!
مهاب: (غاضب) غزل بتدرس هندسة يا ماما! هندسة! وبتكافح عشان تبني نفسها… وبتحب ريان من قلبها. إيه تاني عايزة أكتر من كده؟!
فيروز: (رافعه إيديها للسماء) آه يا ربي! زياد جابلي ضحى، و ريان جابلي غزل… ومش بعيد إنت كمان يا مهاب تيجيلي في يوم من الأيام بواحدة من الشارع، من حارة، من عيلة شحاتة…
(مهاب يفتح عينه بدهشة، وسرح لحظة، صورة "حور" بتيجي في دماغه أوتوماتيك. قلبه يضرب جامد، لكن بسرعة يخبي انفعاله.)
مهاب: (مقهور) إنتي سامعة نفسك يا ماما؟ سامعة إيه بتقولي؟! إنتي شايفة الناس كلها أقل مننا! شايفة الغلبان رخيص، شايفة الطيب مش كفاية، المهم إيه؟ عيلة ومقام؟!
فيروز: (بإصرار) أيوه! أولادي مش أي حد! أنا ربتكم عشان تبقوا حاجة كبيرة… مش عشان تضيعوا عمركم مع ناس تحتينا!
أحمد: (بعصبية لأول مرة) تحتينا إيه يا فيروز؟! إنتي لسه عايشة في أوهام الطبقات والفلوس؟! لو ماكنش في الناس الطيبة اللي بتسميهم "تحتينا" دول، كان زمانك ما لقيتيش حد يسندك ساعة ما وقعتِ.
فيروز: (متحدية) أنا مش هسمح لحلا تعيش نفس المصير! مش عايزة أشوفها تتجوز وتندم زي إخواتها.
مهاب: (صارخ) إيه اللي ندم؟! زياد أسعد راجل مع ضحى! و ريان لو تبصي في عينه هتلاقيه طاير بغزل! إنتي الوحيدة اللي شايفة حياتنا مصيبة… إحنا عايشين، فرحانين، حابين… لكن إنتي مش عاجبك!
(فيروز تنفجر في عياط، وهي لسه معاندة.)
فيروز: (باكية بعناد) آه يا حظي… آه يا نصيبي اللي ضيّعني! كنت عايزة أشوفكم في أعلى مكان، تبقوا عرايس في قصور، مش مع ناس مالهمش أصل!
أحمد: (واقف قدامها بنظرة قاسية) خلاص يا فيروز… شوفي نفسك لوحدك بقى. إنتي بتعيشي في غرورك، ومش شايفة إن اللي ضيعك هو عنادك مش ولادك.
مهاب واقف بيتنفس بصعوبة، غضبان وحزين، لكن في داخله صورة حور مش بتسيبه. كأنه بيسأل نفسه: "هو أنا كمان هبقى زي إخواتي في نظر ماما؟ مجرد واحد ضيّع مستقبله عشان حب؟"
**********************
فيروز لسه بتعيط بعناد، تمسح دموعها بسرعة وتبص لمهاب، صوتها مليان توتر وقرار
فيروز: (بلهجة حاسمة) خلاص يا مهاب… أنا مش هسيبك تضيع زي إخواتك. بكرة الصبح هكلم عيلة سمر، وعايزة الفرح يتحدد قريب… أقرب مما تتخيل.
(مهاب يتجمد مكانه، ووشه يتحول للغضب.)
مهاب: (بصوت منخفض لكنه مليان قهر) إيه؟! فرح؟! إنتي عايزة تخلصي عليّ يا ماما؟!
فيروز: (رافعه راسها) أيوه! عايزة أشوفك مستقر، مع بنت من مقامنا، من عيلة محترمة زي عيلة أكمل… مش أي واحدة تجيبها في سككك!
مهاب: (بنفاد صبر) مقام إيه؟! دي بنت مريضة… مهووسة! أنا مش قادر أتنفس وأنا خطيبها، مش طايقها لحظة! إنتي عايزة تقتليني ولا إيه؟
فيروز: (بعناد) مهووسة ولا مش مهووسة، دي من عيلة غنية، وأبوها هيسندك في شغلك ومستقبلك. كل جواز الدنيا مصالح يا مهاب، وإنت لازم تفهم ده. الحب ما بيأكلش عيش!
مهاب: (ساخر وغاضب) مصالح؟! طيب إنتي بتسمّي ده زواج ولا صفقة تجارية؟! إنتي بعتيني لسمر عشان صفقة بينك وبين أبوها، وأنا اللي هدفع التمن بباقي عمري!
أحمد: (يتدخل بحزم) فيروز… بلاش ضغط. الواد مش مبسوط، مش معقول تفرضي عليه جوازة هو مش عايزها.
فيروز: (بتبص له بتحدي) وأسيبه يضيع زي إخواته؟! أسيبه يرجعلي يوم بواحدة فقيرة، غلبانة، تاني؟ لا يا أحمد… أنا كده أنهيت حياتي!
مهاب: (بغضب شديد) هو إنتي مش واخدة بالك إنك بتتكلمي عن إخواتي كأنهم وصمة عار؟! زياد أسعد واحد مع ضحى، و ريان بيعبد الأرض اللي بتمشي عليها غزل! أنا مش عايز أبقى تعيس عشان إنتي تشوفي نفسك قدام الناس!
(فيروز تنهض واقفة، عينيها مليانة دموع وغضب.)
فيروز: (منهارة) آه يا ربي! أنا مش طالبة حاجة غير إني أطمن عليكم… عايزة أشوفكوا في القمة… مش عايزة الناس تبص علينا وتقول "شوفوا ولاد فيروز اتجوزوا مين"!
مهاب: (بصوت قاطع) الناس؟! الناس مش هتعيش معايا في البيت يا ماما. أنا اللي هشيل هم مراتي، مش إنتي… وأنا بقولك من دلوقتي: سمر مش هتكون مراتي، حتى لو الدنيا كلها وقفت ضدي!
صمت مفاجئ، فيروز مصدومة من كلماته، أحمد بيبص لها بنظرة واضحة: "شُفتي؟ مش لوحدي اللي شايف إنك غلطانة". مهاب يسيبهم ويمشي من الأوضة وهو بيغلي، صورة "حور" بتخطر في باله غصب عنه، يحس إن قلبه عايز حاجة مختلفة تمامًا عن اللي بتحاول تفرضه أمه
*********************
بعد ما خرج مهاب، الباب يتفتح بهدوء، وتدخل حلا بخطوات مترددة. عينيها محمرّة من الدموع، باين إنها سمعت كل حاجة. الكل يلتفت لها فجأة، فيروز تتجمد مكانها، وأحمد يندهش من وجودها
حلا: (بصوت مكسور لكن عالي) أنا… سمعت كل حاجة يا ماما… من أول كلمة لآخر كلمة!
(فيروز تحاول تبتسم ابتسامة مصطنعة، لكن حلا تقاطعها بسرعة، دموعها تنهمر.)
حلا: (تصارخ) إنتي إزاي كده؟! إزاي تبقي أمي… وتتكلمي عني وعن إخواتي كأننا سلعة بتتباع وتتشترى؟!
(تشير لفيروز بيد مرتعشة) إنتي عمرك ما حبيتيني زي ما أنا… دايمًا عايزاني نسخة من ذوقك… من لبسك… من حياتك! حتى وأنا صغيرة كنتِ بتجبِريني ألبس حاجات أنا مش عايزاها… وأبطل أكتب عشان ده "كلام فاضي"!
(تنهار بالبكاء وتكمل بصوت يرتجف.)
حلا: وأنا كنت بعيط يا ماما… كنت بعيط وأنا طفلة صغيرة، وإنتي ولا مرة سمعتيني… ولا مرة سألتيني: "إنتي بتحبي إيه يا حلا؟"
(فيروز مرتبكة، تحاول تقاطعها، لكن حلا تصرخ أكتر.)
حلا: (بغضب شديد) ودلوقتي! جايه تقوليلي إن أدهم مش مناسب… أدهم اللي أنا بحبه، واللي هو أول حد في حياتي حسّ بيا بجد! إنتي مش شايفاه عشان هو مش على مزاجك! زي الكتابة اللي مش على مزاجك… زي هدومي اللي مش على مزاجك… زي حياتي كلها!
(تتوقف لحظة، تبص لها بصدمة وغضب مع دموعها.)
حلا: (بصوت مبحوح) إنتي أم أنانية يا ماما… بتفكري في شكلك قدام الناس أكتر من سعادتنا… حتى إخواتي! إزاي تتكلمي عن مرات زياد ومرات ريان كده؟! دول اللي وقفوا جنبي لما الكل سابني… لما إخواتي نفسهم شكّوا فيّ! ضحى وغزل كانوا أحن عليّا منك… من أمي!
فيروز مذهولة، مش قادرة ترد. أحمد ينهض بسرعة، يحضن حلا بكل قوته وهو يمسح دموعها بحنان، صوته هادي لكنه حازم
أحمد: (بحنان) كفاية يا بابا… كفاية دموع… إنتي مش لوحدك، أنا معاكي… وأنا فخور بيكي وباللي إنتي اخترتيه.
حلا تبكي في حضنه، جسمها بيرتعش، أحمد يطبطب عليها بحب أبوي حقيقي. مهاب واقف عند الباب، بيبص لمامته نظرة كلها عتاب ومرارة، كأنه بيقول: "شايفة إنتي عملتي إيه في بنتك الصغيرة؟"
فيروز تتراجع خطوة للوراء، وشها مصدوم، عينيها بتلمع بدموع لكنها مكابرة، مش قادرة تعترف إنها غلطت، لكن واضح إنها مكسورة من مواجهة حلا الصريحة
********************
حلا لسه في حضن أبوها أحمد، ودموعها مبتنشفش. فيروز واقفة مصدومة، بتحاول تسيطر على نفسها لكن واضح إنها مش عارفة ترد. مهاب واقف ساكت، عينيه كلها غضب على أمه
أحمد: (يمسح دموع حلا ويكلمها بهدوء) خلاص يا بابا… إنتي مش محتاجة تدافعي عن نفسك تاني. أنا أبوكي… وقراري هو اللي هيمشي في البيت ده.
(يبص لمهاب بنبرة فيها جدية وحسم.)
أحمد: يا مهاب… عايزك تكلم أدهم من النهارده. قوله يجهّز نفسه وييجي هو وعيلته الجمعة الجاية… بعد 3 أيام بالضبط. ييجوا رسمي… ونكتب الكتاب زي ما العُرف والتقاليد بتقول.
(حلا ترفع راسها فجأة من حضن أبوها، تبص له بدموعها ونبرة صوتها مش مصدقة.)
حلا: (بهمس) بجد يا بابا؟… إنت موافق؟
أحمد: (بابتسامة أبوية) أنا موافق يا حبيبتي… ومبسوط كمان، لأني شايف في عينيكي سعادة حقيقية أول مرة أشوفها من يوم اتولدتي.
(حلا ترمي نفسها في حضنه تاني وهي تبكي من الفرح. مهاب يبتسم ابتسامة صغيرة ويهز راسه باحترام لأبوه.)
مهاب: حاضر يا بابا… هكلمه دلوقتي وأبلغه.
(أحمد يلتفت لفيروز، اللي واقفة مشدودة، عنادها واضح لكنها متكسرة من اللي سمعته.)
أحمد: (بنبرة صارمة) فيروز… القرار ده نهائي. أنا مش هسيب بنتي تتعذب عشان مزاجك وغرورك.
(يقف قدامها بعين قوية)
وبالمرة… خليكي فاكرة: ولا زياد غلط لما اتجوز ضحى، ولا ريان غلط لما اختار غزل. اللي يختاروا ولادنا… ده حقهم، وواجبنا إحنا نقف جنبهم.
(فيروز ترد بعناد وصوت متقطع)
فيروز: (بتكتم دموعها) إنتوا كلكم ضدي… حتى بنتي الوحيدة!
(ترفع إيدها للسماء) هو أنا إيه؟ أنا مش عايزة أشوف ولادي بيتبهدلوا مع ناس أقل منهم!
(مهاب يرد بحدة وهو أول مرة يرفع صوته على أمه)
مهاب: (بغضب) كفاية يا ماما! إنتي فاهمة إيه في الحياة؟ الفلوس والطبقة مش هما اللي بيبنوا البيت… الحب والاحترام هما الأساس.
فيروز تتجمد مكانها، تحس لأول مرة إن ولادها فعلاً مش في صفها. أحمد يبص لها نظرة حادة كأنه بيقول: "انتهى النقاش."
المشهد ينتهي على صورة حلا في حضن أبوها، دموعها بتنزل بس ابتسامتها باينة، ومهاب واقف بيطلع الموبايل من جيبه عشان يتصل بأدهم فورًا
**********************
في فيلا الراوي
أدهم، قاعد على مكتبه، قدامه أوراق وسيناريو بيكتبه… لكنه شارِد تمامًا. ماسك قلم، بيكتب جملة وبعدين يتوقف، عينيه تسرح بعيد… واضح إنه بيفكر في حلا
باب الغرفة يخبط بخفة، وبعدين تفتح وتدخل لوسي. لابسة لبس بسيط وملامحها باينة هادية أكتر من الأول. تبص له بخجل بسيط
لوسي: ممكن أدخل يا أدهم؟
أدهم: (يرفع عينه من الورق ويبتسم ابتسامة صغيرة) تعالي يا لوسي… إيه المفاجأة؟
لوسي تتقدم وتقعد على الكرسي المقابل، تبص له لحظة كأنها بتحاول تجمع شجاعتها.
لوسي: أنا… كنت محتاجة أكلمك شوية.
عارف يا أدهم… زمان كنت بعمل تصرفات غريبة معاك… يمكن كنت فاكرة إني بحبك. (تبتسم ابتسامة باهتة) بس الحقيقة إني كنت تايهة… مليش حد يسمعني.
أدهم: (بنبرة هادية) لوسي… أنا عمري ما زعلت منك. كنت شايفك زي أختي الصغيرة… اللي محتاجة حد يحتويها.
(لوسي عينيها تلمع بالدموع، لكنها تضحك بخفة.)
لوسي: دلوقتي فهمت… كريم ورّاني يعني إيه الواحد يلاقي حد يحبه بجد، ويخاف عليه، ويهتم بكل تفاصيله… (بصوت منخفض) كريم بيحبني بجنون يا أدهم… وصدقني، أنا عمري ما اتخيلت ألاقي حد كده.
أدهم: (يبتسم بإعجاب) باين عليه ولد كويس… بيبان من عيونك لما بتتكلمي عنه.
(لوسي تضحك بخجل، تنزل عينيها للأرض.)
لوسي: أيوة… هو كويس جدًا، حتى لو ساعات بيبقى زي العيل الصغير.
(تنظر له فجأة بجدية) أدهم… أنا عايزة منك تسامحني بصدق. على أي كلمة أو نظرة أو محاولة كنت بعملها عشان ألفت انتباهك. أنا دلوقتي… بقيت شايفة نفسي غبية.
أدهم: (بهدوء أبوي) أنا مسامحك يا لوسي… على كل حاجة. إنتي ليا مش مجرد بنت عمي… إنتي زي أختي. وأتمنى لك من قلبي السعادة مع كريم.
(لوسي تنهض وتقترب منه، تمد إيدها بخجل.)
لوسي: (بابتسامة رقيقة) شكراً يا أدهم… الكلام ده غالي عليا قوي.
أدهم يصافحها بابتسامة دافئة، وبعدين يشير لها برأسه كأنه بيأكد
أدهم: وخلي بالك منه… اللي زي كريم مش بيتكرر بسهولة.
لوسي تضحك بمرح وتخرج من الغرفة. أدهم يفضل وحده، يبتسم ابتسامة صافية وهو بيفكر: قد إيه الدنيا بتغير الناس… ويمكن الحب الحقيقي هو اللي بيخلق مننا نسخة أحسن
********************
في مطعم فاخر في وسط المدينة، أضواء ناعمة، موسيقى هادئة
ريان و غزل قاعدين على طاولة قريبة من الزجاج، قدامهم أطباق أنيقة وشموع صغيرة. ريان لابس قميص بسيط لكنه شيك، وغزل لابسة فستان محتشم بسيط جدًا، ملامحها متعبة شوية من يوم طويل في الكلية
ريان: (يبص لها بابتسامة دافئة) شكلك تعبانة يا غزل… طول اليوم محاضرات ومشاريع.
غزل: (تضحك بخفة وهي تحرك شعرها) هو ده الطبيعي… كلية الهندسة مش بترحم. بس… (تغمز بعينيها) في الآخر بستاهل.
ريان: (يميل شوية عليها وهو بيضحك) وأنا؟ أهو كلية التجارة بتطلع روحي برضه، بس ولا مرة اشتكيت قدامك.
غزل: (بمزاح) عشان إنت بتحب تعمل فيها البطل.
ريان: (يمسك كأس المية ويرفعه كأنه بيخطب) بطلك الشخصي… اللي مستعد يحارب العالم عشانك.
(غزل تضحك وتغمض عينيها من الإحراج، لكن ابتسامتها تبين قد إيه قلبها بيرقص.)
غزل: (بهدوء) ريان… ليه اتجوزتني بجد؟ ساعات بسأل نفسي السؤال ده.
(ريان يتجمد لحظة، يسيب الكاس، ويبص لها بعمق، صوته بقى جدي.)
ريان: (بهمس) عشان بحبك.
(غزل تندهش، عينيها تترعش.)
غزل: (بخجل شديد) إيه؟
ريان: (يميل أكتر ويخفض صوته) بحبك من زمان… من وإحنا في الثانوية. كنت بشوفك طالعة من باب المدرسة، وقلبي بيخبط كأني طفل صغير. ما كنتش قادر أصرّحلك، لحد ما حصل اللي حصل مع أبوك… وقتها كان لازم أتجوزك بسرعة عشان أحميك.
(يتنهد ويكمل وهو بيبص في عينيها مباشرة.)
ريان: بس مش هو ده السبب الوحيد… أنا ما كنتش هتجوزك لو ماكنتش بحبك. صدقيني يا غزل… كل يوم بشوفك فيه بحس إني خدْت القرار الصح.
(غزل تحمر خدودها بقوة، تحاول تتهرب ببصرها وتنظر لطبقها، لكن صوتها يطلع متقطع من الخجل.)
غزل: (بصوت منخفض) أنا… مش عارفة أقول إيه.
ريان: (يمد يده فوق الطاولة ويلمس يدها بخفة) ماتقوليش حاجة… كفاية نظرتك دلوقتي.
(غزل ترتجف يدها في يده، وبصوت مليان شجن.)
غزل: بس… ريان… والدتك. هي مش بتحبني ولا بتحب ضحى. ساعات بتحسسني إني دخيلة على عيلتكم.
(ريان يشد إيدها أكتر، عينه تلمع بالصدق.)
ريان: (بحزم) ما تهتميش بكلام ماما. هي كده بطبعها… مغرورة، متعجرفة… بس قلبها من جوا طيب، حتى لو بتتصرف عكس كده. أنا اللي اخترتك، مش هي. واللي بيني وبينك أهم من أي كلام ييجي من برة.
(غزل تبص له بعينين ممتلئة بالدموع، لكن فيها لمعة فرح. تبتسم ابتسامة صغيرة وهي ترد بصوت مكسوف.)
غزل: (بخجل شديد) يمكن… يمكن أنا كمان ابتديت… أحس بحاجة ناحيتك.
(ريان عينه تتسع بالفرحة، يضحك ضحكة قصيرة من شدة سعادته.)
ريان: (بمرح وهو يقبض على يدها أكتر) "يمكن"؟! لأ يا غزل… أنا مش هرضى بـ "يمكن". أنا عايز "أكيد".
غزل تضحك بخجل وهي تخفي وجهها بيدها التانية، لكن واضح من ابتسامتها إنها وقعت بجد في حبه
***********************
في مكان تاني زياد و ضحى قاعدين على ترابيزة خشب قديمة. قدامهم كوبايتين شاي سخن وبطاطس مقلية. واضح عليهم التعب، لكن الجو بينهما مليان دفء. زياد لابس تيشيرت أسود وبنطلون جينز متسخ شوية من التصوير، وضحى لابسة طرحة بسيطة وملابس عملية، شعرها باين إنها مرهقة لكن عينيها فيها قوة.)
زياد: (يترمي على الكرسي وهو يتنهد بصوت عالي) يا ساتر يا رب! النهاردة العريس كان فاكر نفسه براد بيت… واقف قدام الكاميرا بيقوللي: "من الزاوية دي أحلى"… (يقلده بطريقة مضحكة وهو ينفخ صدره).
(ضحى تضحك بصوت عالي وتحاول تمسك نفسها.)
ضحى: (بمزاح) وانت طبعًا ما قصرتش… خليت العروسة تبصله بنص عين من كتر ما أنت بتضحك عليه.
زياد: (يمسك بطاطساية ويرفعها كأنه ماسك مايك) يا جماهيرنا العريضة… أحب أبشركم إننا طلعنا من الفرح على قيد الحياة… بالرغم من غزو الكورسات الراقصة وعم العروسة اللي ماكانش سايبني في حالي!
(ضحى تهز راسها وهي تضحك، لكن ملامحها بعدها تتحول لجدية.)
ضحى: (بتنهيدة) بس يا زياد… بجد أنا تعبت. ساعات بحس إني مش قادرة أكمّل. الديكور، الترتيبات، الجري في كل مكان… وبعدين الناس ساعات ما تقدرش تعبنا.
(زياد يمد إيده ويمسك إيدها بهدوء، عينيه كلها جدية لأول مرة في الليلة.)
زياد: (بحنان) ضحى… إنتِ عمود حياتي. لو إنتِ وقعتِ، أنا كمان هقع. فاهمة؟ إنتِ سندي.
(ضحى تبص له بدهشة، وصوتها يطلع أهدى.)
ضحى: بس إنت اللي المفروض تتسند عليّ… مش العكس.
زياد: (يبتسم بخفة وهو يضغط على إيدها) إحنا الاتنين بنتسند على بعض… ما فيش حد فينا أقوى من التاني.
(ضحى تسكت لحظة، عينيها تمتلئ بدموع صغيرة لكنها تبتسم ابتسامة قوية.)
ضحى: (بحزم) طيب… بس اوعى في يوم تيجي تقوللي إنك زهقت مني. أنا مش هسمح لحد يكسرني… حتى لو كان إنت.
زياد: (ينفجر ضاحكًا) يا نهار أبيض! هو أنا مجنون عشان أزهق من أكتر واحدة بتخليني أضحك وأعيش؟ إنتِ مش مراتي بس يا ضحى… إنتِ فريق حياتي كله.
(ضحى تضحك وتخفي وجهها من الخجل، لكنه يرفع وجهها بإيده ويقول بابتسامة عريضة.)
زياد: على فكرة… لو الزمن رجع بيا ألف مرة… هتجوزك كل مرة.
(ضحى تبتسم ابتسامة قوية وتضربه بخفة على كتفه.)
ضحى: بس خلاص كفاية كلام رومانسي… خلينا نخلص الشاي ونروح قبل ما ننام هنا.
زياد: (يضحك وهو يشرب آخر رشفة من كوباية الشاي) ماشي يا ريس… بس إنتِ عارفة إن حتى في أحلامي مش هلاقي قهوة أحلى من وجودك جنبي.
ضحى تضحك بخجل وهي تبص بعيد، الكاميرا تبتعد عنهم، الجو كله دافئ وبسيط، بس مليان حب حقيقي
**********************
على كورنيش النيل، المساء
النيل هادي، بس صوت المياه متداخل مع هدير السيارات البعيدة. ندى قاعدة على سور الكورنيش، لابسة جاكيت خفيف، وشعرها متناثر من الهوا. إيدها ماسكة دفتر صغير وقلم، وعينيها مليانة قلق وحيرة
ندى: (تتمتم لنفسها)
سيرين… إزاي قدرتي تعملي كده؟
تفبركي صور لحلا… وبعدها لما أمك واجهتك… قتلتِيها… ورنا كمان؟!
(تتنهد بحدة) يعني إحنا كنا أصحاب؟! ولا أنا كنت مجرد لعبة عندك زي الباقيين؟
(ندى تقلب ورق الدفتر، كاتبة فيه أسماء وأماكن.)
ندى: (بحزم)
لا… مش هسيبك.
أنتِ فاكرة إنك أذكى من الكل… لكن دايمًا في غلطة.
ولازم ألاقيها.
(صوت خطوات يقرب. شريف – زميل ندى في الجامعة، يظهر فجأة. شايل سندوتش وكوباية عصير.)
شريف: (بابتسامة)
إيه يا ندى؟ قاعدة هنا لوحدك تكتبي رواية جديدة ولا إيه؟
(ندى تقفل الدفتر بسرعة وتحاول تبتسم.)
ندى: لأ… مش رواية. موضوع كده… معقد شوية.
(شريف يقعد جنبها، يبص في وشها باهتمام.)
شريف: ندى… أنا عارفك. لما تبقي سايبة المحاضرات وقاعدة في الهوا البارد كده، يبقى في حاجة كبيرة في دماغك.
(ندى تسكت شوية، وبعدين تبص له بجدية.)
ندى: (بصوت واطي) شريف… تعرف يعني إيه لما تكتشف إن صاحبتك المقربة… طلعت مجرمة؟
(شريف يتجمد، صوته يطلع متردد.)
شريف: مجرمة؟ قصدك إيه؟
ندى: (بحزم) قصد إني عرفت إن سيرين… قتلت أمها… وصاحبتنا رنا.
(شريف يصدم وينزل السندوتش من إيده.)
شريف: إيه! إنتِ بتقولي إيه؟ ده كلام خطير!
ندى: (تهز راسها)
عارفة… وأنا مش قادرة أستوعب لحد دلوقتي. بس عندي أدلة… وكلام ناس قريبين من سيرين.
هي دلوقتي هاربة… بس مش هتفضل كده على طول.
(ندى ترفع عينيها للنيل، وصوتها يطلع مفعم بالإصرار.)
ندى: أنا اللي هلاقيها… أنا اللي هكشفها. عشان حلا… وعشان كريمة… وعشان رنا.
(شريف يمد إيده على كتفها بخوف.)
شريف: بس يا ندى، ده موضوع خطير جدًا. إنتِ بنت لوحدك، وممكن تأذيكي…
ندى: (بحدة) مش مهم.
أنا يمكن الوحيدة اللي عارفة طريقتها… أسرارها… وأماكنها المفضلة.
لو سكتنا دلوقتي… ممكن تقتل تاني.
(ندى تمسك الدفتر وتفتحه، تبص على اسم "سيرين" مكتوب بحروف كبيرة.)
ندى: (تتمتم) اللعبة خلصت يا سيرين… دلوقتي دورك تتكشفي.
************************
(ندى لسه قاعدة مع شريف، والدنيا بدأت تظلم أكتر. فجأة نسمع صوت خطوات وراهم. ندى ترفع عينيها وتتفاجأ بظهور تميم، لابس جاكيت شيك ووشه باين عليه انفعال مكتوم.)
تميم: (بصوت جاد، والغيرة متخبية ورا كلماته)
مساء الخير… ندى.
(ندى تتوتر، تقوم بسرعة شبه واقفة.)
ندى: (مرتبكة)
تميم! إيه المفاجأة دي؟ إنت إزاي هنا؟
تميم: (يبصلها بتركيز، وبعدين يحوّل عينه بسرعة على شريف)
كنت ماشي قريب… وشوفتك. قلت أسلم.
(شريف يحاول يخفف التوتر، يقوم واقف بابتسامة بسيطة.)
شريف: (يمد إيده لتميم)
أهلا، أنا شريف… زميل ندى في الجامعة.
(تميم يبص لإيده الممدودة، يتردد لحظة وبعدين يسلم بسرعة ببرود.)
تميم: تميم.
(ندى تحس بالجو المتشنج، تضحك ضحكة قصيرة متوترة.)
ندى: (بحرج)
كنا بنتكلم بس شوية… عن الكلية.
تميم: (يبتسم ابتسامة صغيرة باين فيها غيرة)
عن الكلية… في الوقت ده؟ وعلى الكورنيش؟ شكله كلام مهم جدًا.
(ندى تبلع ريقها، تبص في الأرض. شريف يلاحظ الغيرة، يبتسم ابتسامة هادية عشان ما يزودش الموقف سوء.)
شريف: (بلطف)
أنا أصلًا كنت ماشي… بس شفت ندى قاعدة لوحدها قلت أسلم.
(يبص لندى) خلاص يا ندى، هسيبك. أشوفك بكرة في المحاضرة.
(ندى بسرعة تلحق كلامه.)
ندى: (بتوتر)
شريف… لا، مش لازم تمشي كده فجأة.
شريف: (بهدوء وطيبة)
عادي يا ندى. (يبص لتميم بابتسامة) واضح إن في حد أهم جه خلاص.
(شريف يمشي بهدوء، سايب الجو مليان توتر. ندى تبص لتميم بعيونها الغاضبة.)
ندى: (بحدة مكتومة)
إيه يا تميم، إيه نظراتك دي؟ ليه عملت كده؟
تميم: (يقرب منها، صوته منخفض لكن نبرته قوية)
ليه؟ عشان مش قادر أشوفك مع حد غيري… حتى لو مجرد زميل.
(ندى تتفاجأ، قلبها يدق بسرعة، تبص له مش مصدقة.)
ندى: (بصوت مهزوز)
تميم… إحنا barely نعرف بعض… إزاي تقول كده؟
تميم: (ينزل عينيه شوية وبعدين يرفعها عليها)
أنا معرفش إزاي، بس من أول مرة شفتك… في حاجة شدتني ليكي.
وكل مرة أقابلِك، الإحساس ده بيزيد.
(ندى تحاول تسيطر على توترها، تمسك الدفتر بإيدها جامد.)
ندى: (بصوت واطي مرتبك)
تميم… الموضوع مش بالسهولة دي.
تميم: (يقاطعها)
أنا عارف… وعارف إن عندك حاجات كبيرة شاغلاك.
لكن اللي متأكد منه… إني مش هسمح لنفسي أسيبك تبعدي كده.
***********************
(ندى لسه واقفة قدامه، عينيها مرتبكة من كلامه. لكنها تاخد نفس عميق وتقرر تغيّر الموضوع، تدرك إن عندها قضية أهم لازم تتكلم فيها.)
ندى: (بهدوء لكنها متوترة)
تميم… في موضوع أهم بكتير من اللي بتقوله.
أنا محتاجة مساعدتك.
(تميم يقرب خطوة، عينه لسه معلقة بيها.)
تميم: (بقلق)
مساعدتي؟ في إيه يا ندى؟
ندى: (بصوت واطي، بتبص حواليها كأنها خايفة حد يسمع)
عارفتي إن في واحدة… كانت صاحبتنا؟ اسمها سيرين.
هي اللي عملت فضيحة الصور المفبركة لحلا.
(تميم يتجمد في مكانه، ينفتح عينه بصدمة.)
تميم: (بانفعال)
إيه؟! تقصدي إن البنت اللي دمرت سمعة حلا… صاحبتكم؟!
ندى: (تهز راسها بحزن)
كانت… زمان. بس لما أمها اكتشفت اللي عملته، سيرين قتلتها. وبعدها قتلت واحدة تانية صاحبتنا… رنا.
ومن ساعتها هربت.
(تميم يفتح بُقه بذهول، يمسك راسه بيده كأنه مش قادر يستوعب.)
تميم:
يا نهار أبيض… يعني القصة دي مش مجرد إشاعات ولا حاجة صغيرة… دي جريمة قتل!
ندى: (بصوت مكسور)
أيوة… وأنا الوحيدة اللي عرفت التفاصيل دي مؤخرًا.
واللي مخوفني… إن سيرين ممكن تظهر تاني وتعمل مصيبة أكبر.
(تميم يثبت عينه عليها، جديته واضحة، نبرة رجولية حاسمة.)
تميم:
ليه ما قولتيش لادهم؟ هو لازم يعرف… دي حلا، خطيبته، وصديقتك.
ندى: (تتنهد)
لسه… مش عارفة أقول لمين ولا إزاي.
بس أنا متأكدة إن سيرين مستخبية هنا في القاهرة.
وعشان كده محتاجة خطة… نلاقيها قبل ما تعمل كارثة جديدة.
(تميم يقف لحظة يفكر، وبعدين صوته ييجي مليان تصميم.)
تميم:
تمام… اسمعيني بقى.
أول خطوة، لازم نعرف هي بتتعامل مع مين… أي أثر ليها.
ممكن تكون لجأت لحد من صحابها القدامى، أو حد يساعدها بفلوس.
أنا عندي أصحاب كتير في مجالات مختلفة… ممكن أطلب منهم يخلوا عينيهم مفتوحة.
ندى: (تنظر له بامتنان، عينيها تلمع شوية)
إنت… هتساعدني فعلًا؟
تميم: (ينظر لها بثبات)
طبعًا. مش عشانك بس… عشان دي حلا.
أنا مش هسمح إن واحدة زي دي تدمر حياة أي حد تاني.
(ندى تسكت لحظة، قلبها يدق بسرعة من كلامه الحاسم. تميم يلاحظ ارتباكها لكنه ما يبينش غير الجد.)
ندى: (بصوت هادي)
شكرًا يا تميم… بجد.
تميم: (بابتسامة خفيفة)
الشكر بعدين… خلينا نلاقي سيرين الأول.
**********************
في فندق فاخر
(الغرفة مضاءة بنور أصفر باهت، دخان سجاير مالي الجو، ستارة مقطوعة نصين.
سيرين قاعدة على الكرسي، لابسة فستان أسود قصير، شعرها مبعثر لكن عينيها مليانة خبث. قدامها شنطة جلد مفتوحة، جواها رزم فلوس ملفوفة. حواليها بقع دم متناثرة على الأرض، وجثة راجل في الأربعينات ممدد جنب السرير، عينه مفتوحة وبلا حياة.)
سيرين: (بصوت واطي، وهي تعدّ الفلوس ببطء)
نص مليون جنيه… (تضحك بسخرية)
سهل… أسهل من ما كنت متخيلة.
(تاخد سيجارة، تولعها، تبص للجثة ببرود كأنها بتشوف حاجة عادية.)
سيرين:
أنت كنت فاكرني لعبة يا عم؟
(ترمي ورقة من الفلوس على وش الجثة)
اللعبة خلصت…
(تقوم، تفتح شنطة صغيرة، جواها صور مطبوعة لحلا. صورة حلا في الكلية، صورة تانية وهي مع ندى، وصورة من الكواليس بتاعة الفيلم مع أدهم. عين سيرين تتحول لنظرة مهووسة، تغرس أظافرها في الورق كأنها عايزة تخترق الصورة.)
سيرين: (بهمس)
حلا…
إنتي السبب في كل حاجة.
من يوم ما دخلتي حياتي وأنا بخسر…
ماما… رنا… كرامتي… حتى نفسي.
(تضحك بهستيريا، دمعة نازلة من عينها لكنها تمسحها بعنف.)
سيرين:
بعد 3 أيام… الجمعة…
هيكون آخر يوم ليكي في الدنيا.
وهخلي أدهم يشوفك وإنتي بتموتي قدامه… زي ما أنا شُفت أمي وهي بتتساقط على الأرض قدامي.
(تطلع من درج الكومودينو مسدس لامع، تمسحه بقطعة قماش وتبوسه كأنه أغلى حاجة عندها.)
سيرين: (بابتسامة مجنونة)
استني يا حلا… استني.
