بعد 3 ساعات في المستشفى، قدام أوضة العمليات
الجو مشحون والكل قاعد متوتر. نور المستشفى الأبيض مزوّد رهبة الموقف. أصوات الأجهزة جاية من بعيد.
حلا قاعدة بين أبوها وأمها وبتعيط في صمت، وأدهم جنبها بيحاول يهديها.
مهاب واقف متجمد مكانه، إيديه بترتعش وعينه مثبتة على باب أوضة العمليات، عنيه حمرا من القلق.
مازن بيحاول يفك التوتر بس هو نفسه مش قادر يسيطر.
ندى مش قادرة تقعد، رايحة جاية بعصبية، وتميم جنبها بيحاول يهدّيها بس هو كمان مولّع من جوّه.
فيروز (بهمس وهي بتاخد حلا في حضنها):
يا بنتي ما تلوميش نفسك… ده قدر ربنا… إنتي ماعملتيش حاجة غلط.
حلا (وهي بتعيط بحرقة):
بس لو ماكنتش لوحدي… لو ماكنتش سايبتوني دقيقة… ما كانتش سيرين دخلت… ما كانتش حور اتطعنت بسببي…
أدهم (ماسك إيديها وباصص في عينيها بهدوء):
اسمعيني يا حلا… مفيش حد يلومك. اللي حصل ده غدر من واحدة مريضة… مش ذنبك والله.
(حلا بتهز راسها مش مقتنعة وتعيط أكتر. أدهم ضامم إيدها بين إيديه كأنه بيطمنها إنه هيحميها.)
مهاب (بصوت مبحوح، عينه لسه معلقة بالباب):
لو جرالها حاجة… أنا مش هاعيش… مش هاعيش لحظة من غيرها…
(الكل بيبص له مصدوم. الاعتراف طلع منه من غير ما يحس.)
أحمد (أبوه، بيتنحنح وبيحط إيده على كتفه):
اهدَى يا مهاب… إن شاء الله هتقوم بالسلامة… ربنا هيحفظها.
ندى (منفعلة، بتصرخ):
الله يخرب بيتها… الله يخرب بيت سيرين! إيه؟ ما شبعتش خبث وندالة؟! صور مفبركة وتخريب بيوت ما كفهاش؟! كمان تقتل أمها وصاحبتها؟! دي مجنونة!
تميم (غاضب):
والله لو الحكومة ما جابتش حق حور… أنا اللي هاخده بإيدي! دي مش إنسانة… دي شيطان لابس وش بني آدم.
ريان (بهدوء وهو بيبص لمهاب):
واضح إنك بتحبها من قلبك… حتى أنا حسيت من أول ما شوفتك معاها.
(مهاب ما بيردش، عنيه بتلمع بالدموع لأول مرة قدام الكل، وطأطأ راسه وضغط بإيده على صدره.)
فيروز (بصوت متأثر لجزها أحمد):
شُفت؟ ما أنا كنت قايلة لك… قلبه اختار خلاص.
أحمد (بابتسامة حزينة):
أيوه… المرة دي لازم نقف جنبه… ونساعده.
(الكل يسكت فجأة، عينيهم معلقة بباب العمليات. صوت حركة جاي من جوه. النفسات تتسارع.)
حلا (شهقت وهي ماسكة إيد أدهم):
يا رب… يا رب طمّنا عليها…
*******************
بعد دقايق من الصمت
مهاب واقف ملاصق الحيطة، ثابت مكانه، نفسه متقطع كأنه عاجز يتنفس.
زياد أول واحد قرب منه، حط إيده على كتفه.
ريان ويوسف لحقوه، الكل متأثر بس بيحاولوا يبانوا أقوياء قدامه.
زياد (بنبرة هادية وهو بيربت على كتف أخوه):
يا مهاب… أنا عارفك ما بتنكسرش بسهولة… بس اللي شايفه النهارده جديد عليا… شكلك بتحبها بجد.
مهاب (بصوت مبحوح، بيبلع غصته):
(بهمس) مش بس بحبها يا زياد… حور بقت… حياتي. حتى لو ماعرفتهاش غير من كام يوم… في حاجة جوايا… بتصرخ إنها ليا.
ريان (يتنهد، واقف قدامه بنبرة أخ حنون):
اسمعني يا أخويا… الحب مش دايم محتاج سنين عشان يثبت… ساعات بييجي في لحظة… ويخليك ما تقدرش تعيش من غير الشخص. وأنا شايف بعيني… إنت وقعت، ومش عيب خالص.
يوسف (يبتسم رغم التوتر، بيحاول يخفف الجو):
(بيهزر بخفة) يعني يا مهاب… من أول نظرة وقعت؟! وأنا اللي طول عمري بقول عليك عقلاني وما تقعش بسرعة! شكلك طلعت أضعف مني قدام البنات.
(مهاب يرفع عينه له، يبتسم ابتسامة باهتة وسط الدموع، ويخبطه بخفة على كتفه.)
مهاب (بصوت مبحوح، بيضحك بخفة حزينة):
(بهمس) إنت آخر واحد يضحك عليا… كإنك مش أول واحد اتفضح يوم حبيت بنت جارتكم!
(الكل يضحك ضحكة خفيفة وسط التوتر، محاولة يكسروا الجو الخانق. ريان يبصلهم بفخر.)
ريان (بحزم):
يا شباب… لازم نبقى كتف في كتف دلوقتي. مهاب محتاجنا… وحور محتاجة دعانا. ولما تطلع بالسلامة… إحنا أول ناس نقف معاه عشان مايسبهاش.
زياد (بيهز راسه موافق):
صح… يمكن اللحظة دي اللي تثبت إن قلبك اختار… ومفيش حاجة تمنعك تعيش الحب ده. بس الأهم… تصمد عشانها دلوقتي.
يوسف (بيبص لمهاب بجدية):
(بصوت قوي) مهاب… لو إنت وقعت… هي هتقع. محتاجة تحس إنك واقف مستنيها. خلي بالك من نفسك عشانها… وعشانك.
(مهاب يغمض عينه، يزفر نفس تقيل كأنه بيجمع قوته، وبعدين يرفع راسه بنظرة فيها إصرار رغم الدموع.)
مهاب (بحزم هادي):
(بصوت ثابت) هابقى قوي… عشانها. والله ما هسيبها.
التلاتة إخوات مع يوسف يقربوا منه ويحطوا إيديهم على كتفه… لحظة عهد أخوي قوي.
الباب لسه مقفول، وأوضة العمليات مليانة صمت مرعب
********************
قدام أوضة العمليات
الباب اتفتح فجأة، والدكتور خرج بوش تعبان بس هادي.
الكل وقف بسرعة: مهاب، ريان، زياد، يوسف، حلا، أحمد وفيروز، ندى… العيون كلها معلقة فيه.
الدكتور (بصوت مطمّن بس رسمي):
الحمد لله… العملية نجحت. قدرنا نوقف النزيف ونسطر على الوضع.
(الكل طلع نفس طويل كإنهم كانوا محبوسين من ساعة. دموع حلا نزلت وهي ماسكة إيد ندى.)
حلا (بتعيط):
يعني هتعيش يا دكتور؟!
الدكتور (بيهز راسه بثبات):
أيوه… حياتها دلوقتي مش في خطر. بس لازم تعرفوا إنها فقدت دم كتير، وجسمها محتاج وقت يستعيد قوته. هنحطها في العناية المركزة تحت المراقبة الدقيقة… الساعات الجاية مهمة أوي.
(مهاب حط إيده على وشه، دموعه بتنور عينه، بس ضحك ضحكة خفيفة كأنه بيتنفس لأول مرة من ساعات.)
مهاب (بهمس):
الحمد لله… الحمد لله.
ريان (قرب من الدكتور):
ممكن نشوفها؟
الدكتور:
لما ينقلوها للعناية… يدخل واحد بس ولمدة قصيرة. ما ينفعش يتعبوها دلوقتي.
(فيروز حطت إيدها على قلبها والدموع مالية عينيها، وبصّت لأحمد.)
فيروز (بصوت مبحوح):
شُفت يا أحمد؟ لو مش هي… كانت بنتنا راحت. البنت دي ملاك.
أحمد (بيحضنها بلطف):
ملاك… مرسول رحمة. ربنا جابها عشان تحمي حلا.
(حلا وقعت في حضن أمها، وندى واقفة دموعها نازلة بغضب.)
ندى (بغضب ودموع):
ربنا ما يسامحك يا سيرين… إيه اللي عملتيه فينا!
تميم (واقف جنبها، صوته واطي بس غاضب):
وعمرك ما هتفضلي هاربة… الشرطة هتمسكها عاجلاً ولا آجلاً.
مازن (أخو أدهم الصغير) اللي قعد معاه، حاول يهدي الجو:
المهم دلوقتي نفكر في حور… ونقف معاها.
(الدكتور أشار لهم إنه لازم يسيبهم ومشي. الكل رجع يقعد، بس الجو بقى فيه أمل.
مهاب واقف لوحده، ضهره للشباك، وهمس بصوت مسموع لإخوته.)
مهاب (بصوت متماسك رغم دموعه):
أنا هابقى أول واحد يزورها… وهخليها تحس إنها مش لوحدها.
يوسف (ابتسم وحط إيده على كتف توأمه الروحي):
أكيد مش لوحدها… طول ما إحنا حواليها.
**********************
أبواب العناية اتفتحت بهدوء، مهاب دخل بخطوات تقيلة، قلبه بيدق بسرعة. نفسه متقطع وهو بيشوفها لأول مرة بعد العملية…
حور نايمة على السرير الأبيض، وشها شاحب بس هادي زي الملاك، أنبوبة الأكسجين متوصلة، وإيدها ملفوفة بالشاش.
قرب منها بخطوات مرتعشة لحد ما وقف جنبها، مد إيده بخجل ومسك إيدها برفق جدًا كأنه خايف يوجعها
مهاب (بصوت مبحوح بالكاد بيطلع):
حور… يا رب… لو تعرفي أنا كنت عامل إزاي وإنتي جوّا… حسيت الدنيا كلها اتطفت.
(يبصلها مطوّل، دموعه نازلة من غير ما يقدر يمنعها. مسح دمعة بسرعة بس ضحك بخفة على نفسه.)
مهاب (بابتسامة حزينة):
أنا… مش فاهم إنتِ عملتِ فيا إيه. مش فاهم إزاي… من أول ما شوفتك، وقلبي مش راضي يهدى.
وعنيكي… عنيكي الخضرا اللي بتنور… أسروني يا حور. والله أسروني.
(يسكت شوية، يضغط على إيدها أكتر، يقرب وشه منها كأنه بيقول لها سر.)
مهاب (بصوت واطي جدًا):
أنا وقعت… وقعت في حبك من غير ما أخد بالي… من غير ما أسأل نفسي ليه ولا إزاي.
والنهارده، لما شوفتك بتوقفي قدام السكينة عشاني وعشان أختي… اتأكدت إنك مش بس جميلة من برّه… قلبك ملاك.
(يتنفس بعمق، ينزل راسه على إيدها ويبوسها وهو بيعيط بدموع سخنة.)
مهاب (مرتجف):
بس أوعديني… أوعديني إنك ما تسيبينيش… أنا ما اقدرش أعيش ثانية من غيرك.
صوت أجهزة المونيتور في الأوضة ثابت وهادي، كأنه بيدّيه أمل إن نبضها لسه موجود.
يرفع راسه ويبص لوشها، عينه مليانة حب صافي
مهاب (بابتسامة كلها دموع):
يمكن تسمعيني… ويمكن لأ… بس لازم تعرفي… إنك دخلتي حياتي ومفيش رجعة. بقيتي إنتي قدري.
يسكت وهو باصص لها، يمد إيده يمسح على شعرها برفق، كأنه عايز يحميها من أي وجع تاني
*******************
مهاب خرج من أوضة العناية بخطوات بطيئة، وشه متغيّر خالص، عينه حمرا من العياط، بس بيبتسم ابتسامة حزينة كأنه سايب حتة من قلبه جوّا مع حور.
قعد على الكرسي في الطرقة، دفن وشه بين إيده.
حلا قعدت جنبه بهدوء، دموعها لسه نازلة، مدت إيدها الصغيرة ولمست كتفه
حلا (بهمس مرتعش):
خويا… سامحني. أنا السبب… أنا السبب في اللي حصل.
لو ماكنتش أنا العروسة النهارده… لو ماكنتش موجودة… هي ماكنتش اتجرحت علشاني.
(شفتها بترتعش من كتر العياط، بصّت له بخوف يستنى يلومها.)
مهاب (يرفع راسه ببطء، صوته حنون لكنه تعبان):
لأ يا حلا… ما تعيديش الكلام ده تاني. إنتي مش السبب.
اللي حصل… مكتوب من ربنا.
حور اختارت تدافع عنك عشان هي بنت أصيلة… وقلبها كبير.
ومش هاسمحلك تشيلي الذنب ده.
(يمسح دموعها بإيده الكبيرة زي ما كان بيعمل وهي صغيرة.)
مهاب (بابتسامة حزينة وبصوت حنون):
إنتي أختي الصغيرة… نور البيت.
ولو أنا في مكانها… كنت عملت نفس اللي عملته علشانك.
فبلاش تلومي نفسك.
حلا (تشهق بخوف):
بس… كنت هموت أفقدها بسببي!
وهي حتى ما تعرفنيش كويس…
مهاب (بيبتسم رغم دموعه):
وإنتي فاكرة إن الحب محتاج وقت؟
حور دخلت قلوبنا كلنا في يوم واحد.
والنهارده أثبتت إن قلبها ملاك.
وإنتي يا حلا… ما عملتيش أي ذنب غير إنك إنتي.
(يضغط على إيدها بحنية.)
مهاب:
وعديني ما تكرريش كلمة "أنا السبب"…
عشان أنا الوحيد اللي لازم أشيل همها دلوقتي.
حلا انفجرت في العياط ورمت راسها على كتفه، وهو حضنها بذراعه وشدها على صدره، يربّت عليها بهدوء زي ما بيطبطب على طفلة صغيرة.
يوسف و ريان و زياد واقفين بعيد بيراقبوا المشهد، عينهم كلها مليانة دموع، متأثرين بحنية أخوهم الكبير وحبه
*******************
فيلا عيلة أدهم / الصالون الكبير بالليل
الجو تقيل، الكل قاعد تعبان من الصدمة اللي حصلت.
فارس قاعد ساكت على الكنبة، وشه متجهم وعقله مشغول في ولاده أدهم و مازن اللي ما رجعوش معاهم وقاعدين في المستشفى.
شريف ماشي رايح جاي بعصبية، ولوسي قاعدة جنب نادية اللي بتمسح دموعها في صمت.
أسماء قاعدة هادية بتحاول تمسك نفسها بس متأثرة جامد.
نادية (بصوت متهدج):
يا رب… يا رب استر على البنت دي… قلبي مش مرتاح.
المسكينة… أنا ما اعرفهاش، ما شفتهاش قبل النهارده… بس من أول ما سمعت اللي حصل، حسيت إنها حتة من قلبي.
(بتحط إيدها على صدرها وهي بتشهق وبتغالب دموعها.)
فارس (يحاول يطمنها):
اهدّي يا نادية… مهاب وإخواته معاها… وأدهم ومازن ما سابوش المستشفى.
أكيد الدكاترة بيعملوا كل اللي يقدروا عليه.
نادية (بعيون مليانة دموع):
بس يا فارس… دي كانت ممكن تبقى مكان بنتنا!
دي كأنها… كأنها ضحّت بنفسها علشان حلا.
إزاي قلبها كده؟ إزاي شجاعة بالشكل ده؟
(لوسي تمسك إيد عمتها نادية بخجل، وتتكلم لأول مرة.)
لوسي:
تيتا… يمكن عشان كده الناس الطيبين… بيبانوا فجأة زي الملايكة.
يمكن ربنا بعتهالنا للّحظة دي.
(نادية تبص لها بعين مليانة دموع وتبتسم رغم الحزن.)
شريف (بتنهيدة تقيلة وهو يحاول يخفف الجو):
سبحان الله… بنت غريبة عنهم، ما تعرفهمش غير من يومها… وتعمل كده؟
والله في ناس قلوبهم من دهب.
أسماء (بصوت حزين بس قوي):
يمكن عشان هي داقت الوجع في حياتها… عارفة يعني إيه الألم.
الناس اللي اتكسرت… ساعات هم اللي بيبقوا أقوى لما ييجوا يحموا غيرهم.
(الكل بصّ لها متأثر، فاهمين إن كلامها طالع من جرحها هي.)
نادية (بهمس وهي بصّة في الأرض):
أتمنى… يا رب تقوم بالسلامة… يمكن… يمكن تكون هي الخير اللي يدخل حياتنا.
سكتوا كلهم لحظة، كل واحد غرقان في أفكاره.
فارس حط إيده على إيد نادية يواسيها، وشريف قعد أخيراً وحاول يغيّر الكلام… بس الجو فضِل مليان حزن وقلق
********************
مركز الشرطة / أوضة التحقيق – نص الليل
الأوضة مضلمة شوية، نور أصفر مسلّط على وش سيرين.
شعرها منكوش، إيديها متكلبشة بالكلابشات، عينيها حمرا من كتر الصريخ والعياط.
قاعدة على الكرسي بتتهز بعصبية، تضحك فجأة وتعيط فجأة كأنها فقدت عقلها خالص.
الظابط قاعد قدامها، بيراقبها ببرود وباحتقار شديد.
سيرين (بتضحك بجنون):
هههههه… مسكتوني؟ فاكر نفسك بطل؟!
أنا أقوى منكوا… أقوى من الكل!
حلا… حلا لازم تموت… لو ما ماتتش النهارده… هتموت بكرة… أو بعد سنة… بس هتموت!!!
(بتصرخ فجأة وبتخبط راسها في الترابيزة وهي متكلبشة فيها.)
الظابط (بصوت بارد وحازم):
كفاية تمثيل يا بنت… وقت لعبك خلص.
دم أمك في رقبتك… ودم صحبتك رنا… والصور المفبركة على أقرب الناس ليكي… كله بقى مكشوف.
سيرين (بتترعش وبعدين تضحك بهستيريا):
أمي؟! ههههه… أمي كانت أضعف من إني أتحمّلها… كانت حمل تقيل!
ورنا؟ رنا خانتني… كان لازم تختفي… كلهم يستاهلوا!
حتى حلا… من وإحنا عيال وهي بتاخد مني كل حاجة! حب الناس… اهتمامهم… كل حاجة!
(بتخبط الكرسي برجليها بعصبية لدرجة إنها هتقع.)
الظابط (باحتقار وهو بيخبط الترابيزة بإيده):
بتتكلمي عن أمك كإنها ماكنتش إنسانة… عن صحبتك كإنها لعبة… وعن حلا كإنها عدوة!
إنتي ماعندكيش قلب… عندك شيطان جواكي!
سيرين (بابتسامة مجنونة وعيونها بتقدح شر):
شيطان؟! ههههههه… أيوه! يمكن أكون شيطان… بس على الأقل ما بخليش حد يسيطر عليا…
كنت دايمًا الأضعف… ودلوقتي أنا الأقوى!
الظابط (يقوم من على الكرسي ويقرب منها بصوت بارد قاتل):
لأ… الحقيقة إنك أضعف من أي واحد فيهم… حتى البنت اللي حاولتِ تقتليها…
دي عندها قلب أنضف من الدنيا كلها.
وهي اللي فضحت حقيقتك… إنك مجرد قاتلة جبانة، الحقد عماكي.
(سيرين تنفجر بالصريخ، بتشد في الكلابشات بعنف لحد ما إيديها تنزل دم.)
سيرين (بصوت مبحوح ومجنون):
لأااااا!!! ماخلصتش! سامعني؟! أنا لسه ماخلصتش!!!
هارجع… هارجع! وحلا هتدفع التمن… كلكوا هتدفعوا التمن!!!
الظابط يلمح للحرس اللي واقفين عند الباب، يومي براسه.
يمسكوا بيها ويشدوها برة وهي بتضحك بجنون وتصرخ: "حلاااا! حلاااا!"… وصدى صريخها بيرن في المكان
************************
بعد دقايق
سيرين بتتساق من أوضة التحقيق، إيديها متكلبشة، عينيها لسه بتقدح جنون، بتضحك وتتمتم بكلام مش مفهوم.
فجأة أبواب القسم بتتفتح ويدخل فايز أبوها – راجل في آخر الخمسينات، وشه منهك ومليان حزن – وبجنبه ابنُه الكبير ماهر، شاب في التلاتينات، طويل وملامحه مولعة غضب زي بركان.
العسكري المسؤول يوقفهم ويشاور على سيرين.
فايز (بصوت مبحوح وهو بيخطو خطوة قدام):
… يا رب… سيرين؟!
(عينيه بتتملي دموع وهو شايف بنته الوحيدة بالشكل ده.)
سيرين (رافعه راسها، بتضحك بسخرية):
بابا… جيت تشوف بطلتك؟ شوفت أنا بقيت إيه؟ شوفت قوتي؟!
ماهر (ينفجر غضب، بيتقدم عليها بعنف):
قوة؟! بتسمي اللي عملتيه قوة يا مجرمة؟!
قتلتي أمي… أمنا اللي ربتنا!
بُص على وش أبوكي… قتلتيه وهو عايش!
والله لو مش مكبلة… كنت خنقتك بإيدي دلوقتي!!
(بيحاول ينقض عليها، بس العسكري يمسكه بقوة.
فايز يمد إيده على صدر ابنه، صوته بيرتعش لكنه حازم.)
فايز:
كفاية يا ماهر! ما تنزلش لمستواها… هي خلاص انتهت… ما بقتش بنتي!
(يلف ناحيتها، نظرته كلها خذلان وانكسار، وصوته بيطلع متحشرج:)
فايز:
كنت نور عيني… كنت أغلى ما عندي…
النهارده كسرت ضهري… قتلتي أمك، وضيعتي شرف العيلة…
من النهارده… أنا ماعنديش بنت اسمها سيرين.
سيرين (بتضحك بجنون وبعدين تصرخ):
حلا! حلا لازم تموت!! حلا لازم تموووت!!
(جسمها بيتهز وهي بتحاول تفلت من العساكر، صرختها بتخترق القلوب.)
ماهر (بحنق وهو بيصرخ):
اخرسي!! لو لمستي شعرة من راسها… والله ما هسيبك تعيشي!
فايز (بيبصلها آخر بصّة، كأنها طعنة في قلبه، بيهمس):
ربنا ينتقم منك… ومن جنانك.
العساكر يسحبوها برة وهي لسه بتصرخ "حلااا… لازم تموت!!" وصوتها بيرن في المكان.
فايز ينهار على الكرسي، يدفن وشه في إيديه، وماهر واقف جنبه عاجز، عينيه مغرّقة دموع بس قلبه بيغلي من الغضب
***********************
"مضت السنين كطيفٍ عابر… ثلاث سنوات فقط، لكنها كانت كفيلة تقلب الدنيا رأس على عقب. وجوه اتغيرت، قلوب ما بقتش زي ما كانت، وأقدار اتشابكت بخيوط خفية رسمت واقع جديد… واقع محدش كان متوقعه. وما كانش في بال حد إن اللي جاي هيكون أصعب… وأجمل… وأخطر بكتير."
