رواية بين سطور العشق الفصل السادس والعشرون26بقلم سيليا البحيري

رواية بين سطور العشق الفصل السادس والعشرون26بقلم سيليا البحيري

في إسبانيا  شقة لوسي وكريم في برشلونة، صباح مشمس
ضوء الشمس يدخل من شرفة تطل على البحر، صوت طيور النورس يختلط مع ضحكات رائف الصغير الذي يحبو على الأرض بين ألعابه. لوسي تجلس على الأريكة ببيجامتها وهي تراقب صغيرها بابتسامة دافئة، بينما كريم يخرج من المطبخ حاملاً كوبين قهوة.

كريم (يضع القهوة أمامها ويجلس بجانبها): صباح الخير يا أجمل زوجة في الدنيا.
لوسي (تبتسم): صباح النور يا قلبي... مش قادر أصدق إن رائف بقى عمره سنتين!
كريم (يضحك وهو ينظر للصغير): سنتين من العناد والشقاوة، وأحلى سنتين في حياتي.

(رائف يزحف ويقترب من والده، يشد قميصه وهو يضحك)
كريم (يحمله بين ذراعيه ويطير به في الهواء): أهاا.. الطيار الصغير صحا بدري النهاردة!
لوسي (تضحك بخجل): كريم، إوعى توقعه!
كريم (يقبل خد ابنه): أنا لو وقعت، هو اللي هيشيلني يا لوس.

(يجلس كريم بجانب لوسي وهو يضع رائف في حضنها، ينظر لها بعمق)
كريم: تعرفي إن كل يوم بعيشه هنا، بين البحر والشمس وإنتِ ورائف، بحس إني أكتر راجل محظوظ في العالم؟
لوسي (تبتسم بخجل وهي تلمس يده): وأنا بحس إنك غيرت حياتي كلها... كريم، وجودك جنبي خلاني أصدق إن الحب الحقيقي مش مجرد روايات.
كريم (يميل ويهمس): أنا مش بس بحبك... أنا مهووس بيك يا لوسي، إنتِ مش مراتي وبس... إنتِ حياتي كلها.

(يقترب منها ويطبع قبلة رقيقة على جبينها، بينما رائف يصفق بيديه الصغيرة كأنه يبارك المشهد)
لوسي (تضحك): شايف؟ حتى ابننا موافق على كلامك.
كريم (يمثل أنه يغار): لا لا، ماينفعش! أنا مش هخلي رائف يسرقك مني.
لوسي (تداعبه): خلاص، هو واخد حبّي كلو، إنت اكتفي بالقهوة دي.
كريم (يمثل الصدمة): إيه؟! لأ، أنا هاخد قهوتك وحبّك كلو، وإلا هزعل.

(ينحني ويقبلها قبلة طويلة بينما رائف يحاول يزحف بينهم بضحكة بريئة، فتضحك لوسي بحرارة)
*******************
فيلا كريم ولوسي، برشلونة – بعد الظهر
أشعة الشمس الذهبية تتسرب عبر الشرفة المطلة على البحر. الموج يتلاطم بهدوء، ورائحة البحر تملأ الجو. رائف الصغير غارق في النوم داخل غرفته. لوسي تجلس على كرسي مريح في الشرفة، فنجان قهوة بين يديها، شعرها منسدل على كتفيها، وعيناها تلمعان وهي تراقب الأفق البعيد.

تتنهد بعمق، ثم تبتسم لنفسها وتبدأ حديثًا داخليًا بصوت منخفض:

لوسي (تحدث نفسها):
"سبحان الله... إزاي الدنيا بتغيرنا؟
كنت زمان.. بنت مدللة، غبية، بدور ورا حاجة مش ليا.
كنت فاكرة إني بحب أدهم... كنت أجري وراه بمياعة سخيفة، وهو كان يبعد عني أكتر... كنت عمياء ومش فاهمة حاجة."

(تأخذ رشفة من قهوتها، تبتسم بمرارة خفيفة)

لوسي:
"بس دلوقتي... لما ببص ورايا... بحس بالخجل من نفسي.
أدهم كان شايفني مجرد بنت متعبة... وهو كان عنده حق."

(تغلق عينيها لحظة، ثم تفتحها ببطء وتنظر للبحر بابتسامة صافية)

لوسي:
"بس كريم... آه يا كريم، إنت علّمتني يعني إيه الراجل يكون سند، يعني إيه الراجل يحب من غير شروط.
معاك فهمت إن الحب مش مياعة، ولا لعب، ولا دلع فارغ... الحب أمان... نظرة تخليكي تنسي الدنيا كلها."

(تنزل دمعة صغيرة من عينها لكنها تبتسم وهي تمسحها بسرعة)

لوسي:
"الله يرحمك يا ماما... وأشكرك يا بابا... كنت بكرهك زمان عشان أجبرتني أتجوز كريم، بس دلوقتي... بدعيلك كل يوم. إنت أنقذتني من نفسي، ومن غروري، ودفعتني لأجمل نصيب في حياتي."

(تضع يدها على صدرها وتغمض عينيها للحظة كأنها تحدث والدها شريف مباشرة)

لوسي:
"بابا... شكراً، من قلبي. دلوقتي بقيت فاهمة إنك ما ظلمتنيش، بالعكس... إنت أهديتني أروع هدية في حياتي: كريم... ورائف."

(في هذه اللحظة، يدخل كريم بهدوء من الباب وهو أنهى عمله مبكرًا. يقف خلفها يضع يديه على كتفيها بلطف ويطبع قبلة على رأسها)

كريم (بصوت حنون):
"مين اللي بتشكريه غيري يا حلوة؟"

(تلتفت له مبتسمة بخجل ودموع في عينيها)

لوسي:
"بشكرك إنت... وبشكر بابا كمان، لأنه خلاني ألاقيك."

(كريم يجلس بجانبها، يضمها لصدره بقوة وهو ينظر للبحر معها)

كريم (يهمس):
"صدقيني يا لوسي... أنا اللي محظوظ، مش إنتِ."
*******************
في  – مكتب أسماء – القاهرة – النهار

مكتب أنيق بديكورات هادئة، جدران مليئة برفوف كتب القانون وملفات. أسماء تجلس خلف مكتبها الخشبي الكبير، عيناها مركّزتان على أوراق قضية مهمة. ملامحها جادة لكنها هادئة، تدل على امرأة قوية أعادت بناء نفسها بعد سنوات طويلة من الألم.

فجأة، يُفتح الباب بهدوء. تدخل السكرتيرة مترددة:

السكرتيرة:
"أستاذة أسماء... في حد مصرّ يدخل يقابلك. قال إن الموضوع شخصي جدًا..."

أسماء (بصرامة):
"مين؟"

قبل أن ترد السكرتيرة، يدخل رجل خمسيني أنيق، شعره بدأ يغزوه الشيب... نادر.

تتجمد أسماء لثوانٍ، ترتفع حاجباها بدهشة لكنها تسيطر على نفسها بسرعة، تعود إلى أوراقها كأن شيئًا لم يحدث.

أسماء (ببرود قاتل):
"... اتفضلي. أقفلي الباب وراكي."

(تغلق السكرتيرة الباب بارتباك، يظل نادر واقفًا أمام المكتب ينظر إليها بندم شديد)

نادر:
"أسماء... بعد السنين دي كلها... أخيرًا واقفين وجهاً لوجه."

أسماء (ترفع عينيها نحوه ببرود):
"للأسف. تمنيت إن اللحظة دي ما تحصلش أبدًا."

نادر (يتنهد، يقترب خطوة):
"عارف إني ما استاهلش فرصة... لكن لازم تسمعيني. يوم فرحنا... أنا—"

أسماء (تقاطعه بحدة):
"تسكت. يوم فرحنا مات جوهري كله. ماتت البنت اللي كنت أنا. وقفت بفستان أبيض، في قاعة مليانة ناس... وكنت العروس الوحيدة اللي اتساب واتذل. عارف الإحساس ده يعني إيه؟"

نادر (بصوت مكسور):
"كنت مجنون... ضعيف... جيلان لعبت بعقلي. خفت، تهربت... وأنا ندمان من يومها."

أسماء (تضحك بسخرية مُرة):
"جيلان؟ آه... جيلان! مبروك عليك. لسه معاها؟"

نادر (يتنفس بعمق):
"آه... بس تعبت. شخصيتها... نار. كل يوم مشاكل. ملّيت. لما شفتك في أستراليا من 3 سنين... حسّيت إني أضعت عمري كله. إنتي كنتي الاختيار الصح... وإنتي لسه كده. أنيقة... قوية... جميلة."

أسماء (تضرب القلم على المكتب بقوة):
"توقف! إنت آخر راجل في العالم مسموح له يقول الكلمة دي ليا. جميلة؟ قوية؟ أنت السبب إني بقيت كده! كبرت قبل وقتي... تهشمت... وبنيت نفسي من الصفر. وأنا دلوقتي مش شايفة فيك غير صفحة قديمة وسخة اتحرقت خلاص."

نادر (بصوت متوسل):
"أسماء... سامحيني. مش عايز حاجة غير إني أصلّح..."

أسماء (تقطع كلامه بعينين تلمعان غضبًا):
"تصلّح؟! بعد ٣٢ سنة؟! بعد ما حرقت قلبي وفضحتني قدام الدنيا كلها؟ بعد ما هجرتني وأنا عروسة؟ بعد ما أجبرتني أهرب وأعيش غريبة؟"

(تنهض من مكانها، واقفة أمامه، رأسها مرفوع، نبرة صوتها قاسية وحاسمة)

أسماء:
"إسمع يا نادر... إنت بالنسبالي لا شيء. نقطة انتهت من حياتي. ملّيت من جيلان؟ دي مشكلتك. كرهت حياتك معاها؟ برضه مش مشكلتي. بس اعرف حاجة كويس... الرجوع لورا مش موجود في قاموسي. إنت ماضي... وأنا ما برجعش للماضي أبداً."

(تقترب خطوة منه وتقول بنبرة حديدية)

أسماء:
"اطلع برّه مكتبي. فوراً."

(يتجمد نادر مكانه، عيونه تمتلئ بالدموع، لكنه يدرك أنه خسرها للأبد. يبتسم ابتسامة باهتة، يهز رأسه مستسلمًا)

نادر (بهمس):
"كنت ملاك... وأنا اللي كسرتك. حقك عليا."

(يدير ظهره ببطء، يفتح الباب، ويخرج. تغلق أسماء عينيها لحظة، تتنفس بعمق، ثم تفتحها من جديد، تجلس خلف مكتبها وتعود لأوراقها بثبات... وكأن شيئًا لم يحدث.)
******************
على كورنيش النيل في – مطعم فاخر – الغروب

المكان هادئ، أضواء خافتة، موسيقى كلاسيكية ناعمة تملأ الجو. الطاولات مزينة بالشموع والورود البيضاء.
ادهم يجلس مقابل حلا، ينظر إليها بعشق صريح لا يخفيه. هي ترتدي فستاناً بسيطاً وأنيقاً، عيناها تحملان لمعة حزن رغم ابتسامتها الخفيفة.

النادل يضع لهما العصير وينسحب. يظل ادهم يراقبها بحب قبل أن يمد يده ويمسك يدها على الطاولة.

ادهم (بصوت حنون):
"في إيه يا روح قلبي؟ أنا حاسس إنك زعلانة... حتى قبل ما نخرج من البيت."

حلا (تتردد، ثم تنظر لعينيه بصدق):
"ادهم... أنا تعبت من كوني خطيبتك بس. 3 سنين عدّوا... وإخوتي كلهم اتجوزوا، عندهم أولاد... وأنا لسه مكانك سر. مهاب متجوز بقاله سنتين، وريان مع غزل من 3 سنين وعندهم زين... وزياد وضحى عندهم رهف... وأنا... أنا لسه."

(عينها تلمع بالدموع، تخفض رأسها بخجل)

ادهم (يضغط على يدها بقوة أكبر):
"حلا... يا ملاكي. أنا فاهم وجعك... بس لازم تفهمي حاجة. أبوك مش بيعمل كده عشان يعذبك أو يمنعك عني. هو بيخاف عليك. إنتي صغيرة، ولسه بتدرسي. الجواز مش لعبة... محتاج مسؤولية وتركيز. والدراسة كمان مسؤولية. الجمع بين الاتنين صعب، ويمكن يتعبك."

حلا (بصوت مخنوق):
"بس أنا عايزة أكون معاك يا ادهم. أقدر أدرس وأنا متجوزة... غزل درست وهي متجوزة، وريان كان لسه في الكلية وقتها. ليه أنا لأ؟"

ادهم (بهدوء، مبتسم بحنان):
"غزل اتجوزت ريان عشان ظروف خاصة... هو حماها من بطش أبوها. وزياد ومهاب؟ رجالة كبار، خلصوا دراستهم وبنوا نفسهم. مهاب عنده 35 سنة، زياد 29، ريان حتى أكبر منك   سنين... إنتي مختلفة، لسه 21 ولسه في الكلية. أبوك مش غلط."

حلا (تتنهد وتغالب دموعها):
"بس أنا بحس إني مظلومة... بحس إني الوحيدة اللي لسه مستنية. كل يوم بشوفكم... بحس إني بعيدة رغم إني جنبك."

ادهم (يميل للأمام، يرفع يدها ويقبّلها بخفة):
"بعيدة؟! إنتي أقرب ليا من نفسي يا حلا. أنا عشت عمري كله مستني اللحظة اللي أبقى فيها معاك... 3 سنين خطوبة مش كتير عليكي. إنتي تستاهلي أصبر عمري كله. المهم إني معاكي... معاكي بكل لحظة، بكل ثانية."

(ينظر في عينيها مطولاً، نبرة صوته تزداد عمقاً)

ادهم:
"حلا... ما تقارنيش نفسك بحد. إنتي مختلفة. إنتي حكاية لوحدك. وإنتي مش خطيبتي وبس... إنتي عمري اللي أنا عايشه. وأقسم بالله... حتى لو فضلتِ خطيبتي عشر سنين، قلبي هيبقى ليكي وبس."

(دموع حلا تنهمر بصمت، يمد يده ويمسحها بإصبعه، فتبتسم رغم بكائها)

حلا (بهمس):
"أنا بحبك أوي يا ادهم... لدرجة بتوجعني."

ادهم (بابتسامة عاشقة):
"وأنا بهواكي أكتر من الهوا اللي داخل صدري. متخافيش... اليوم اللي نحلم بيه هييجي... ومهما اتأخر، هيفضل أجمل يوم في حياتنا."

(يصمتان لحظة، ينظران لبعضهما بحب عميق، وخلفهما أضواء القاهرة تلمع في الليل.)
*******************
بعد دقائق من صمتهما

حلا ما زالت ممسكة يد ادهم، عيناها لا تفارقان وجهه لكنها تتردد قليلاً وكأن في قلبها كلمة محبوسة.
تتنفس بعمق وتقول بخفوت:

حلا (بخوف واضح):
"ادهم... في حاجة مضايقاني كمان... أنا بخاف... بخاف إنك في يوم تلاقي بنت في سنك، تفكر إنك تعبت مني و تسيبني..."

(صوتها يرتجف وهي تخفض عينيها للطاولة، ثم تعض شفتها بتوتر.)

ادهم (ينتفض فوراً، يرفع ذقنها بإصبعه ليجبرها تنظر في عينيه، صوته عميق وحاسم):
"إيه الكلام ده يا حلا؟ إنتي اتجننتي ولا إيه؟! بصيلي كويس... إنتي شايفة الحب ده في عيني؟ ده مش حب عادي... ده إنتي حب عمري كله. أنا ما حبيتش قبل كده... ومش هحب بعد كده. إنتي الأولى... والأخيرة... والوحيدة."

(يميل أكثر نحوها، يهمس بحرارة)
"أنا مشيت نص عمري من غيرك... ولما لقيتك خلاص، قلبي قفل على اسمك وما بيفتحش لحد تاني. مفيش بنت في الدنيا كلها تقدر تاخد مكانك."

حلا (دموعها تنزل من جديد، تبتسم بخجل):
"أنت مش فاهم أنا قد إيه بخاف أخسرك يا ادهم."

ادهم (يمسح دموعها بسرعة وكأنه لا يحتمل رؤيتها حزينة):
"وعديني... وعديني يا حلا إنك ما تعمليش كده بنفسك تاني. ما تقارنيش نفسك بحد. ما تفكريش في إنك ممكن تخسريني. أنا ملكك... من أول يوم شوفتك فيه. أنا بتاعك... واللي بيشك في ده يبقى مجنون."

(يضع يده على قلبه):
"القلب ده يا حلا... كتب اسمك ومش بيعرف يمسحه. وعديني بقى... توقفي تفكير بالطريقة دي."

حلا (تبتسم وسط دموعها، تهز رأسها بخضوع طفولي):
"بوعدك... مش هفكر كده تاني... وهبطل أقارن نفسي بحد. إنت كفاية ليا."

ادهم (يبتسم بعشق، يميل أكثر ويقبّل يدها ببطء، ثم يهمس):
"وإنتي مش كفاية ليا بس... إنتي الدنيا كلها."

(يتبادلان نظرات طويلة، عيونهم تتكلم أكثر من أي كلام، والموسيقى من حولهم تعزف لحنًا يزيد الجو شاعرية.
ادهم يبتسم ابتسامة جانبية ثم يمزح بخفة لكسر التوتر:)

ادهم:
"بس على فكرة... الغيرة دي بتخليكي شبه الأطفال. وده على فكرة... بيجنني فيكي أكتر."

حلا (تضحك بخجل، ترفع الكوب لترشف قليلاً وتتهرب من نظراته):
"انت مستحيل!"

ادهم (يضحك وهو يواصل التحديق فيها):
"ومستحيل أكون لغيرك."

(تضحك هي بخجل، فيكملان عشاؤهما وسط أجواء مليئة بالحب، ثم يخرجان لاحقاً يتمشيان معاً على ضفة النيل، أيديهما متشابكة وكأن العالم كله اختفى إلا هما.)
*********************
– على ضفة النيل – الليل

(المياه بتلمع تحت أضواء الكورنيش، والهواء عليل. حلا وادهم يتمشيان ببطء، يدها متشابكة في يده، رأسها أحيانًا تستند على كتفه.)

حلا (بصوت رقيق، وهي تراقب الموج):
"حاسّة إني لما بمشي جنبك كده... مفيش حاجة في الدنيا تخوفني. مع إن الدنيا كبيرة... بس معاك بتحسّسني إنها صغيرة أوي."

ادهم (يبتسم وهو يضغط على يدها):
"وهو ده اللي أنا عايزه... تبقي مطمّنة. تبقي عارفة إنك مش لوحدك، ولا هتكوني لوحدك طول عمرك. أنا موجود... لآخر نفس."

حلا (تتنهد، ثم ترفـع رأسها تبصله بعيون لامعة):
"وعدني يا ادهم... مهما حصل... مهما طال الوقت... تفضل زي ما انت دلوقتي. ما تتغيّرش."

ادهم (يتوقف فجأة، يواجهها، يمسك وجهها بكلتا يديه، صوته مليان صدق):
"بوعدك... بوعدك إنك هتفضلي حبيبتي الوحيدة، ومراتي اللي بحلم بيها من سنين. وعمري ما هتغيّر عليكي، إلا إني أحبك أكتر من النهاردة."

(حلا تدمع وتبتسم في نفس اللحظة، فيسحبها ادهم في حضن قوي، يلف ذراعيه حولها بقوة كأنه خايف تضيع منه.)

حلا (تغمض عينيها وتهمس):
"وأنا كمان... بوعدك إني أفضل جنبك دايمًا. مهما طال الانتظار."

ادهم (ينحني ليهمس في أذنها):
"ومهما طال الانتظار... النهاية واحدة: إنتي وأنا."

(يسيران معًا مرة أخرى، وهي متشبثة بذراعه كطفلة صغيرة، والليل يغطيهما بسكون دافئ. صوت المياه وكأنها بتردّد وعودهما.)
***********************
في – فيلا عائلة أحمد – بعد رجوع حلا من سهرتها مع ادهم

(البيت هادئ نسبيًا، الأطفال نايمين، فيروز قاعدة في الصالون بتقرأ كتاب ومعها كوب شاي. فجأة تدخل حلا بخطوات خفيفة، لابسة فستانها البسيط اللي خرجت بيه، وشها منوّر بابتسامة ماعرفتش تخفيها.)

فيروز (ترفع عينيها من فوق الكتاب، بعفوية ساخرة):
"الله الله... مين دي اللي راجعة من عشا ملكي كأنها أميرة طالعالها جناحات؟"

حلا (تحاول تمسك ضحكتها وتتمالك نفسها):
"مامااا... بلاش تهريج بقى."

فيروز (تضحك وهي تقفل الكتاب وتحطّه على الطاولة):
"ما أنا عارفة... أكيد أدهم هو السبب. شكلك مش قادرة تخبي يا حبيبتي."

حلا (تجلس جنبها وتتكئ على كتفها):
"هو دايمًا السبب... مفيش مرة بيخليني أرجع زعلانة."

فيروز (تلمس شعرها بحنان):
"وأنا مطمّنة كده. بس يا بنتي... قوليلنا بقى، إيه اللي مخليكي فرحانة بالشكل ده؟"

حلا (بخجل، عينيها بتلمع):
"قال لي... إني حبه الوحيد. وإنه هيستنانا مهما طال الوقت. ومش عايزني أقارن نفسي بحد."

فيروز (تبتسم ابتسامة دافئة):
"وأنا مصدقاه. ادهم من أول يوم وهو باين عليه إنه راجل بيحب بجد. مش زي رجالة الأيام دي."

حلا (بهمس):
"ماما... ساعات بحس إني مش مصدّقة إن هو ليا. يعني... ازاي حد زي ادهم يحبني كده؟"

فيروز (تشدها في حضنها وتربت على ظهرها):
"علشان إنتي تستاهلي. وبعدين، هو اللي لازم يسأل نفسه: إزاي ربنا رزقه بواحدة زيك. مش العكس."

(حلا تضحك وتدمع في نفس الوقت، تضم والدتها بشدة كأنها محتاجة تطمئن أكتر.)

فيروز (بصوت حنون):
"إطمني يا حبيبتي. اللي مكتوبلك هتلاقيه، وادهم واضح إنه ماشي في طريق واحد... طريقك إنتي."

(حلا تبتسم براحة، وتضع رأسها على كتف والدتها، كأنها عادت طفلة صغيرة بين أحضانها.)
*******************
في – شركة العائلة، مكتب واسع يجمع مهاب وزياد و ريان

(الثلاثة قاعدين حوالين طاولة مستديرة كبيرة. مهاب فاتح اللابتوب قدامه وبيتكلم عن أرقام وإحصائيات، زياد ماسك تليفونه وبيبص على صورة بنته رهف، و ريان مركز مع ورق عقود. الجو جدّي... لحد ما زياد يكسر الجدية كعادته.)

زياد (يبتسم بمكر وهو يوريهم الصورة):
"بصوا... رهف دي لو كبرت وبقت شبه مامتها ضحى، أنا هضطر أشتري لها بندقية علشان أبعد الولاد عنها."

ريان (ضاحك):
"يا عم هي لسه خمس شهور! إنت هتجنن؟"

مهاب (بجدية مصطنعة):
"هو أصلًا لو طلعت شبه ضحى فعلاً، يبقى انت اللي لازم تتحاسب... ليه؟ علشان تبقى نسخة تانية من ضحى تفضل تزعق فيك وانت عايش مرتين الرعب."

(ريان يضحك بصوت عالي، وزياد يرمي ورقة صغيرة على مهاب.)

زياد:
"أيوة طبعًا! وكإنك إنت عايش في الجنة مع حور. دي لو رفعت حواجبها بس، انت بتترعب."

مهاب (يرد بسرعة، وهو يحاول يخفي ابتسامة):
"يا ابني أنا ما بخافش من حد... بس برتاح لما أسمع كلام مراتي. دي حكمة مش خوف."

ريان (بمزاح):
"حكمة؟ دي خضوع رسمي!"

(الجو كله يضحك، وبعدين ريان يحط القلم ويرتكز لقدام.)

ريان:
"بس جدّ، الحمد لله يا شباب... كل واحد فينا لقى نصيبه. أنا مع غزل، وإنت مع ضحى، ومهاب مع حور... ناقص بس الصغيرة حلا."

زياد (بصوت فيه تهريج):
"حلا؟ ما تقلقش، أدهم واخدها ورايح. الراجل متعلق بيها أكتر من تعلقنا احنا بنفسنا."

مهاب (يبتسم باطمئنان):
"فعلاً... أدهم بيحبها بجد. ومن يوم ما دخل البيت وهو عامل حسابها. أنا ارتحت لما لقيته في حياتها."

ريان (يضحك):
"اللي مضحكني إن أدهم بقى واحد مننا... بيقعد معانا ويهزر كأنه مش خطيب حلا، كأنه أخ لينا."

زياد (بمرح وهو يغمز):
"يعني بالعربي... هو دخل العيلة رسمي. بس أوعى يوم يزعل حلا، ساعتها إحنا التلاتة هننزل عليه زي النمور!"

(مهاب يضحك ضحكة صغيرة، لكن عينيه جديّة وفيها جدعنة.)

مهاب:
"مش هيحصل. أنا عارفه كويس... أدهم بيشوف حلا مش بس كحبيبة، بيشوفها كحياة كاملة."

(ريان يبتسم وهو يفتكر غزل، وزياد يلمح دمعة فرح في عينيه وهو يفكر في ضحى ورهف. لحظة صمت حلوة بينهم، بعدها زياد كالعادة يكسّر الجو.)

زياد (بصوت مرح):
"بس برضه... لو في يوم اتخانقوا، أنا مع حلا. معلش يا أدهم، دمنا أزرق واحد."

(الجميع ينفجر ضاحكًا، والجو يتحول لمزيج بين العمل والونس.)
********************

(مهاب، زياد، ريان قاعدين بيكملوا كلامهم وهزارهم عن أدهم وحلا... فجأة الباب يتفتح ويدخل يوسف ابن خالتهم بثقة وأناقة، لابس بدلة شيك، وماسك موبايله بيتكلم فيه بإنجليزية سريعة، بعدين يقفل الخط ويبتسم لهم.)

يوسف (بصوت عالي وهو فاتح إيده):
"يا رجالة! يعني لازم أعمل غارة عشان ألاقيكم مجتمعين من غيري؟!"

ريان (واقف يسلّم عليه):
"هو انت فاضي أصلًا يا مستر بيزنس مان؟ السوق العالمي مشغلك ولا إيه؟"

يوسف (يقعد ويعدل كرسيه باستهتار مرح):
"سيبك من السوق... السوق بيدور عليّ مش العكس. أنا جيت أهو... أهو أنا الراحة اللي ناقصة في حياتكم الكئيبة دي."

زياد (ساخر):
"راحة إيه يا عم؟! هو انت اللي حياتك كلها مؤتمرات وطيارات... إحنا على الأقل عندنا ستاتنا وولادنا. إنت لسه لوحدك!"

يوسف (يضحك بصوت عالي):
"الله يبارك فيكم... إنتوا كلكم سبقتوني في الجواز والعيال. أنا بصراحة شايفكم عجزتوا بدري."

مهاب (بهدوء وبسمة):
"العجز الحقيقي لما الواحد يفضل يدور على الحب ومش يلاقيه."

(يوسف يسكت لحظة، يبتسم ابتسامة صغيرة وفيها جدية، وبعدين يرجع يتهرّج علشان يخفّف الجو.)

يوسف:
"يا عم سيبك، الحب هييجي... يمكن لسه الطيارة اللي شايلة قلبي متأخرة في المطار."

ريان (يمزح):
"أوعى تكون الطيارة دي مليانة مضيفات، لأنك كل شوية أسمع إنك بتغيّر واحدة!"

يوسف (يرفع حاجبه بمكر):
"هو أنا قلت إني عايز حب، ما قلتش إني مش عايز تجارب!"

(الجميع يضحك، حتى مهاب اللي بيحاول يفضل جاد، بس زياد كالعادة يستغل الفرصة.)

زياد (بمرح):
"يعني باختصار... إنت لسه بتلعب يا يوسف، وإحنا دخلنا دوري الكبار."

يوسف (يمثل إنه متأثر):
"إنتو خنتوا العزّاب يا جماعة... سيبتوني لوحدي في الملعب!"

مهاب (بهدوء فيه حنية):
"ما تقلقش، دورك جاي... يمكن تلاقي اللي تغيّر حياتك فجأة."

(يوسف يبتسم ابتسامة فيها شيء من الأمل، لكنه يخفيها بسرعة ويصفق بإيده.)

يوسف:
"طيب، خلينا في الشغل بقى... ولا أنتو قاعدين تعملوا جلسة 'أمهات' تحكوا عن عيالكم بس؟"

ريان (ساخر):
"إحنا بنحكي عنك كمان... وإنت دخلت في النص بنفسك."

(الجميع يضحك، والجو يرجع يمزج بين العمل والهزار، وأربع شباب ناجحين قاعدين مع بعض، كل واحد عنده حياته بس برابطهم الدم والحب الأخوي.)
********************
– فيلا العائلة / غرفة المعيشة الواسعة
(ضحى قاعدة على الكنبة ماسكة رهف الصغيرة اللي بتضحك وتلعب بإيدها الصغيرة، وغزل قاعدة قدامها وبتحاول تهدّي زين اللي بيتدلّع شوية. حلا قاعدة على الأرض قدامهم بتضحك معاهم. حور جالسة بجانب ضحى، تنظر للأطفال بابتسامة حزينة خفيفة وهي ساكتة.)

غزل (بتضحك وهي تهز زين):
"يا بنتي، ابنك مش عايز يقعد دقيقة من غير ما أشيله! لدرجة إني بقى عندي عضلات من وراه."

ضحى (تضحك):
"الحمد لله، أنا بنتي عاقلة... رهف ملاك زيي تمام."

حلا (تضحك وهي تغمز لضحى):
"ملاك زيك؟! رهف طالعة من زياد، يعني شكلها هتطلع مهرّجة زيه."

(الجميع يضحك، حتى رهف تضحك بصوتها الطفولي وكأنها فهمت.)

حور (بابتسامة رقيقة وهي تمد إيدها تلاعب رهف):
"سبحان الله... العيال دول بيجيبوا معاهم نور البيت."

(حلا تلاحظ نظرة الحزن في عيون حور فتغيّر الجو بسرعة.)

حلا (بحماس):
"إنتي عارفة يا حور؟ أنا متأكدة إن أول طفل ليكي هيكون أجمل طفل في العيلة كلها. لأن مهاب شكله وسيم، وإنتي... إنتي ما شاء الله عروسة! يعني التركيبة خطيرة."

ضحى (تضحك وهي تحتضن رهف):
"هو إيه اللي أجمل؟ أنا بنتي أجمل واحدة، محدش يزايد عليا!"

غزل (تتدخل وهي ترفع زين بفخر):
"وإنتي ناسية زين ولا إيه؟ ده لو وقف مع رهف هيخليها سكرتيرته بس."

(الجميع يضحك، وحلا تصفق بمرح.)

حور (تضحك بخجل وهي تحاول إخفاء دموعها):
"ربنا يخليهملكم يا بنات... بجد عيالكم زي القمر."

حلا (تمسك إيدها بحنان):
"وحياتك يا حور، إنتي هتعيشي نفس اللحظة قريب. مفيش استعجال، ربنا بيدّي كل حاجة في وقتها."

ضحى (بمرح وهي تمازحها):
"وبعدين إنتي مش عارفة مهاب عامل إزاي معاكي؟ ده عاشق ولهان! هو أصلا مش فاضي يتمنى طفل دلوقتي، هو مستمتع بالعسل اللي عنده."

(حور تخجل بشدة ووجها يحمر، والكل يضحك عليها.)

غزل (بابتسامة ماكرة):
"بصراحة يا حور... كل مرة أشوف نظرات مهاب ليكي أقول إنك إنتي الطفل المدلّع بتاعه."

حور (بتضحك بخجل وتغطي وجهها):
"يا بنات بلاش تكسفوني..."

حلا (تضحك وهي تسند رأسها على كتف غزل):
"لازم نكسفك عشان تبتسمي... كفاية بقى حزن. إنتي أختنا وبنحبك، وأي طفل ييجي منك هيبقى زي ما قلنا: أجمل واحد في العيلة."

(ضحك جماعي، وزين يبدأ يبكي فجأة بصوت عالي، فضحى تهزر بسرعة.)

ضحى:
"ها هو رافض الفكرة! زين مش عايز منافسة أصلا."

(الجميع ينفجر بالضحك، وغزل تحاول تهدي ابنها وهي تضحك هي كمان، وحور في النهاية تبتسم من قلبها وتشعر بالدفء وسط البنات.)

تعليقات



<>