قال لي لييه ما عايزة تردي ، قلت ليه دي سارة ، طيب ردي ليها بتكون عايزة حاجة ، قلت ليه لا م عندها أي موضوع ح تشغلها لي بس ، قفلت التلفون ودخلتو في شنطتي.
كملنا ونستنا و وصلني البيت ، أول ما فتحت تلفوني تاني عمر اتصل علي أبيت ارد عليه ، رجعت قفلتو.
فضلت اتجاهل فيه حكاية أيام ، آخر مكالمة زهجت منو و فتحت الخط و انا معبية بكل الغضب والكره ، بدأ بي كلمة واحدة أنا.....
قاطعتو بي كل كره الدنيا قلت ليه أنت شنو؟! ، ما تتكلم ! إنت فاكر الإهانة دي حتمُر كده؟! ، رجولتك وين يا عمر؟! ، لما خليتني براي في نص الليل ، عشان اركب مع بتاع ترحال ؟! ، إنت ما فكرت لحظة وحدة ممكن يحصل لي شنو؟ إنت زول ما عندك ضمير ولا عندك إحساس بالأمان؟! ، مفتكر إنو القروش الرميتها لي في وشي دي ح تحميني؟ فاكر إنو دي رجولة؟!".
ياخ أنا كرهت اليوم العرفتك فيهو! ، و لو الزمن رجع بي ما كان رضيت افتح ليك قلبي ، ولا رضيت أركب معاك في عربيتك أساساً! ، ما عايزة أعرف عنك أي حاجة! ولا تحاول تتصل عليّ تاني!.
قفلت الخط في وشو من غير ما يرد علي بكلمة واحدة وتاني حظرتو ، اتذكرت كلام نور انو ممكن يكون زول خطير ، خوفت ذيادة ولومت نفسي إني ما كان في داعي اقول ليه كدا ، كان اتجاهلو بس.
ما حاول يتصل علي تاني من بعدها ، بس كان في خوف جواي انو يظهر لي تاني ويلاحقني ، لأنو عمر م الزول البستسلم بسهولة ، بقيت امشي الجامعة متخفية ، و اتجنبت الطلعة الكتيرة ، لدرجة بقيت اخلي اصحابي يقدموا لي الطلبات خوف من انو يجيني المطعم.
لغاية ما في مرة صحبتي ، قالت لي قدمي طلب القهوة دا في الطاولة هناك و وصفتها لي ، اخدت نفس عميق ومشيت.
كان في راجل قاعد ، ملامح وشو من بعيد كانت صارمة ، مسرح شعرو بطريقة مختلفة ، و لابس ملابس رسمية ، بدلة سوداء و نظارات طبية ، و تحتو شنطة دبلوماسية ، كأنه رجل أعمال تنفيذي.
كان هادئ جدا ، و حاني راسو بقرا في جريدة ، أول ما قربت منو عيني وقعت في الخاتم الأسود رجعت لورا ، وانا بقول عمر!؟ ... مستحيل !! ، قلبي بقى يضرب بشدة ، وانا بقول الجابو شنو؟! ، و كيف متغير كدا؟!.
اتقدمت منو بحذر ، وختيت الطلب قدامو ، قلت ليه "تفضل"! ، و مثلت إني م بعرفو.
رفع راسو وعاين لي بنظرة ميتة خالية من أي مشاعر أو معرفة سابقة بينا . كأني ويتر غريبة بتقدم ليه القهوة لأول مرة في حياتو.
قال لي "في انتظارك بعد تخلصي" ، و رجع ركز في الجريدة...
رجعت وانا متوترة وحيلي ما شايلني ، بفكر ياربي اهرب منو ولا الاقيه؟! ، انا ما صدقت اتخلصت منو ، الخلاه يجي مكان شغلي شنو؟!....
بقيت اراقب فيه كل دقيقة وهو قاعد في مكانو م اتحرك ، لغاية ما دوامي خلص واتمنيت انو م يخلص ، بدلت ملابسي بسرعة ، عاينت ليه نظرة أخيرة لقيتو قاعد ، فكرت استغل الفرصة واطلع من غير م يحس طلعت من الباب الخلفي وانا بتسحب ، فجأة لقيتو في وشي بي هيأتو لما اتسمرت مكاني ، قام متين وكيف م عرفت! ، قال لي اعتقد كلامي كان واضح؟! ، التخفي لزومو شنو؟! ، ليك فترة وانتي بتتخفي مني انتي مفتكراني ما عارفك ، قلت ليه ما شغلتك ابعد من طريقي! ، زحيت منو وعايزة امشي ، مسكني من يدي ، قلت ليه و الله الم فيك الناس؟!.
قال لي اصرخي! ، عشان نشوف الناس دي ، ح تجي عشان منو؟! ، راجل لابس بدلة ، ولا عشان بت طالعة من الباب الخلفي للمطعم ، يلا اصرخي!.
قلت ليه أنت عايز ترعبني يعني؟! ، اعتقد ماف حاجة بينا عشان امشي معاك ، وللمرة التانية فكني ، ابتسم ابتسامة باردة ، قال لي البعجبني فيك عنادك وقوة راسك! ، قاطعتو بحدة انا ما عايزة أعجبك و لا حاجة ، للمرة الالف ابعد عن طريقي ياخ ، دفعتو بيدي بكل قوتي و اتفكيت منو ، ردت فعلو كانت سريعة و ما اتوقعتها ، سحبني من يدي بقوة ناحيتو لدرجة اتصدمت بصدرو ، همس لي بزهج " لو م ركبتي بهدوء ، ح اخليك تندمي إنك طلعتي من باب الموظفين دا أصلا! ، أنا جيت عشان اوريكِ الحقيقة، وانتِ مجبرة تسمعيها غصباً عنك ".
م اداني فرصة اتكلم سحبني بقوة للعربية ، وقفل الباب ، كنت مصدومة في الموقف ، و جسمي كلو برجف ، بقى سايق العربية بسرعة جنونية لمسافة ، وعيونو مركزة ف الطريق ، كان بينا صمت تقيل ومخيف ، بعد مسافة وقف في مساحة فاضية ، شبه مظلمة.
استند بضهرو على المقعد ، وبقى يعاين لي بكل برود وهدوء ، حاولت ابعد من نظراتو الكانت بتخترق روحي ، قبلت منو وبقيت اعاين بشباك العربية.
قال لي يا سمر! ، نبرت صوتو اختلفت تماماً لنبرة لينة وحنينة ، وكأن الصوت طالع من زول تاني ، قال لي للدرجة دي كرهتيني؟! ، عايزة تمشي وتخليني؟ ، عايزة تحظري رقمي؟ ، وتواصلي حياتك عادي؟! ، انتِ ما زولة عادية! ، انتِ زولة لو خليتها ، ح اخسر روحي أنا زاتي؟!.
صوتي طلع مخنوق و واطي ، من كثرة الخوف ، قلت ليه عمر بطل كذب و تلاعب ، انت فاكر إني نسيت يوم ما أهنتني في الفندق قدام الناس ، و اتخليت عني بكل بساطة؟! ، و كمان جاي تلومني ، أنا مستحيل انسى ليك التصرف دا؟!.
قال لي " من يوم ما اهنتك كدا وانا قلبي ما مرتااح ، ودايما بفكر فيكِ بس صدقيني ، كان لازم أمشي بالطريقة دي يا سمر".
قلت ليه "كان لازم تمشي؟ تخليني برااي و في نص الليل؟ إنت فاكر حياتي لعبة؟ فاكر إني ممكن أتحمل كل التناقضات دي؟ ، عمر" إنت زول غامض ومخيف ، وفي الدقيقة بتتغير الف مرة ، وأنا ما عايزة أكون جزء من غموضك دا!".
قال لي "أنا ما طلبت منكِ تكوني جزء من غموضي، أنا طلبت منكِ تعرفي الحقيقة بس... تعرفي ليه أنا بعمل كدا ، لما إتصلت عليكِ المرة الأخيرة ، كنت عايز أقول ليكِ حاجة مهمة. كلمة 'أنا...' اللي إنتي قاطعتيها دي ، كان ممكن تغير طريقة تفكيركِ كلها ، بس غضبكِ منعني ، إنتي عندكِ حق الغضب ، و دا طبيعي... بس ما بيغير الواقع".
اتنهد بعمق و قال لي بنبرة مختلفة تماماً عن برودو القسوة الشفتيها دي ما كانت قلة احترام ليكِ ، كانت اختبار.
اتجمدت من ردو ، مسحت دموعي بسرعة و أنا بسألو ، كيف اختبار؟!.
قال لي "أنا زول ما بثق في الناس يا سمر ، العالم البعيش فيهو... ما فيه مكان للضعفاء والمخدوعين. لما خليتكِ تركبي ترحال في نص الليل، كنت بشوف هل إنتي حـ تجري ورا القروش ولا حـ تجري ورا كرامتك؟ ، وكنت بشوف هل حترجعي لي غضبانة ولا حتختفي للأبد؟.
. بس يا سمر " إنتي الوحيدة الجدعت لي القروش في وشي ، و الوحيدة الرجعت لي بقوة بعد ما أهنتها و دي هي القوة اللي أنا محتاجها ، أنا ما عايز زولة بتنكسر بقروش ، عايز زولة بتكسر أي زول عشان كرامتها!.
أنا آسف إني كنت سبب في زعلك ، و اوعدك انو الإهانة دي م ح تتكرر... بس لازم تعرفي إنو القسوة دي هي طريقتي في الحب.
ميل وشو علي أكتر وبقي يعاين لعيوني مباشر ، قال لي أنا "بحبك" يا سمر! ، اتجمدت و ما قدرت أرد بكلمة ، وأنا بحاول أصدق العيون الباردة دي بتحمل لي حب بالحدة و القوة دي؟!.
قاطعني من شرودي وهو بقول لي عارفك م مصدقاني بس دي الحقيقة ، و لازم تعرفي إنو حبي ليك ، حب مُتطرف ، حب بخاف يضيع ، حب بخليك محتاجة للحماية مني ومن كل العالم.
كنت مزهولة وأنا بسمع ف كلامو ، طلع خاتمو الأسود من بنصرو ، و مسك يدي الكانت بترتجف من الخوف و ختاه لي بهدوء ، للحظة حسيت بقشعريرة سرت ف جسمي ، قال لي الخاتم دا ما مجرد قطعة ، الخاتم دا كان معاي في كل خطوة في حياتي ، و هو شاهد على كل قرار مصيري أخدتو ، لما أديكِ ليهو، دا معناه إنكِ حتكوني جزء مني ومن كل قراراتي المصيرية الجاية.
قال لي سمر أنا بوعدك إني ح أعوضك عن كل شيء ، وكل شعور مؤلم كان بسببي أو من غيري ، و العوض دا ح يكون زواج!.
لما قال كدا ما صدقت السمعتو ، أحاسيس كتيرة انتابتني! ، في لحظات كل أولوياتي اتغيرت ، و كل الألم و الخوف و الإهانة اتحولو لقصة حب تستاهل التضحية.
تابع كلامو بجدية رجعت جزء من برودو الأول " بس أنا ما ح أقول ليك شغلي شنو؟ ، و لا عايزك تسأليني تاني ، عشان نكون في السليم ، بكلمك في الوقت المناسب.
كنت لسه معلقة في "زواج"! الكلمة دي طغت على كل شيء! ، ما قدرت أركز في أي كلام تاني ، نسيت نصايح نور وتحذيراتها ، نسيت صالح نفسه و وعودي ليه ، اتناسيت اي شيء تماما ، و اكتفيت بإنو عمر هو الح يسحبني من عالم البساطة ، ويحقق لي أحلامي الرسمتها، رغم شروطو البدت تتوالى ، بس إحساسي كان زي الغريق المسك في خيط ، لكن الخيط كان من ذهب.......
