رواية معشوقه الصقر الفصل الواحد والعشرون 21 بقلم سامية صابر
"مهما حدِث ساظِل هُنا .. ان موتِ سامُوت معكَ، ان رحلتِ سأرحل معكَ، انا حيثُ انتِ مُوجودِة، ولن يستطيع العالم التفريق بيننا، مادِام الله معنا ومادام حُبنا صادِق، ولا اهتمام لتلك العقبَّات".
_____
صرخت باعلي صوتِها وهي تترنِح ببطيء، وكأنها اُصيبت بطلقة نارية!
هيَّ فقط ابتعدت ولكِنها لم تتخيل أن يمُوت بتلِك الطريقة وببساطِة يترُكها ويرحل بسهُولِة!
قالتِ وهي تبكي بصِراخ
=لآ إنت بتكذِب لآ مُستحيَّل.
ركضت الي الأسِفل بعدما أزاحتهُ مِن طريقها، حتي وصلت للرُده الطويلة الذي يخرجُون مِنها ، كادت أن تقترِب مِن الباب لُولا وقوف أحد أمامها بظهرهُ، قالتِ ببكاء وغضب
=لُو سمحتِ عديني..
لم يسمِح لها بأن تخرُج، حاولت من الناحية الأخري لكِنهُ بَقي يعترض طريقها، وهُو مازال يُعطيها ظهرهُ، قالتِ بعصبية مُفرِطة
=عدِيني بقا بقُولِك.
التفت لها وخلع ذلك الجاكيت الطويل، وازاح "الزعبُوطِ"، وأبتسم وهُو يقُول
=بحبَّك يا ملِكة قلبَّي.
رمشِت عِدة مرات تستوعِب ما يحدُث، حتي قالتِ غير مُصدِقة
=إنت إنت عايش؟
قال بعبُوس مُصطنِع
=اومال إموت يعني؟ دي بس لعبة علشان افهمك انك ما تقدريش تعيشي مِن غيَّري.
ضربتهُ بقوة بصدره وظلت تضربه كثيراً وهي تبكي وتصرُخ قائلة
=بكرهك يا مالِك بكرهك بكرهك طلقني طلقني يا رخم بكرهك
امسك كفيها بصعوبة وعانقها بقوة مُتشبثًا بها ثُم قالِ بعشقٍ
=وحشتيني.
خارت قواها وهي تُبادِلهُ العِناق بقوة، وتبكي لكِنها لم تكتفي بضربة ببطيء ، فقد أحست ان قلبَّها توقف عن النبض لدقائق ولكِنهُ عاد للحياة مرة اُخري عِندما رآتهُ.
احست بأنها تفقد وعيَّها تدريجيًا ، حتي أرخت يديها علي أكتافُة، ووقعت بين يديهِ غير مُدِركة لِما يحدُث حولها.
_____
امسك صينية الطِعام ببطيء ووضعهُ أمامها ثُم قال بصرامة
=الأكل دا كُله يتاكل !
رمقتهُ ببرود وقالتِ
=لُو سمحتِ انا مِش عيَّلة صُغيرة علشانْ تفضل تقُول ليا فِي نصايح .
مط شفتيهِ بتفكير ثُم قال بنبرة جادِه
=بُصي يا عليا ، انتِ اتخلقتي ليا وانا اتخلقت ليكِ، من الآخر ما فيش قوة هتفرق ما بينا ، وانا هبقي مسؤل عن اي حاجة تخُصك سواء دا رضاكِ او لآ، بس ف النهاية هتسمعي كلامي وخلاص ومِش عايز ولا كلِمة زيادة!
رمقتهُ بضيق وغضب، لكِنها سعيدة بالداخِل لكِنها د لن تستلم بسهُولة، مازال يجب أن يتعلِم أشياءِ اُخري وهي ستفعلها.
قام بمليء الملعقة بالطِعام وقدمهُ لها ، امسك ملعقة اخري وقالتِ بتحدي
=انا مِش صُغيرة واقدِر ااكل نفسي.
بقٍت تتناول تحت نظراته الغاضِبة مِنها، لكِنهُ يعلم بانهُ اخطيء بحقها كثيراً ويجِب ان يتحمَّل ليفُوز بعِشقْها.
دلف الطبيب بأبتسامة بشِوُشة، وقال بهدوء
=ينفع أكِشف عليكِ علشان اطِمن؟
اومأت برأسها ليفسِح صقر لهٌ المِجال بضيقٍ، فلم يُحبذ ان يكشِف عليها ويري جُزء صغير مِن جسدِها، قال بضيَّق
=ما ينفعشِ دكتُورة تكشِف عليها؟
قال الطبيب بهدوء
=انا مِش هعملها حاجة هطمِن بس علي جرحها اذا كان بدء يلِم ولا لا، وبعدها المُمرضة هتيجِي علشانْ تغيَّر ليها علي الجِرح.
اومأ صقر بنفاذ صبَّر، وبَقِي يفحصِها ثُم قال بأبتسامة
=لا عال اوي ربنا بيحبَّك جداً، الحمدُلله الجرح بيلِم وهخلي المُمرضة تيجي تغيرلك علي الجِرح.
تابع وهُو يقُول ل صقر
=وبعدها لازِم تبدء ف عِلاج سرطِان الدم لإن كدا خطِر عليها والمرضِ هينتشر فِي جسمها ويبَقي خبيث جداً، ف ياريت تلحقُوها.
قال صقر ببرود
=ان شاءِ اللهَ.
استأذن الطبيب وغادِر، لتقُول بضيَّق
=ليَّه بتكلمُه كدا ، ما ينفعش تتكلِم بأدب أكثر مِن كِدا؟
اغمضِ عينيهِ بغضب ثُم امسك مِعصمها بقوة ليجعلها تتآوه، قال وهُو يجز علي اسنانِه
=عليا الزمي حدِك انا مافيش بنت تقِدر تكلِمني بالطريقة دي ميَّن ما كانتِ، وما تنسيش اني ما أحِبش حد يشُوف اي جُزِء من جسم مراتي.
قربَّها مِنهُ بقوة وقال بصرامة وعينيهِ بعينيها
=صحيح انا مِش صعيَّدي، بس فِي حُبَّك انا صعيَّدي بحِت!
_____
دلفِت روان الي المنزِل بهدوء لتري والِدتها جالسة ويبدُو علي ملامِحها القلِق، ما ان راتها حتي ضغطت علي زر الكُرسي الذي لدِيها وإقتربت مِنها وهي تقُول
=روان انتوا فين يابنتي، بتغيبُوا بالساعات وانا ما اعِرفش ايّ حاجة!
جلسِت روان بأرهاق أعلي المقِعد، ثُم قالتِ شارِحة
=بصِراحة يا ماما وانتِ برا، فيَّه واحدِ جهَ البيت وضربَّ عليا بالسكينة، ووقتها مسكوهَ وودوه السِجن وودوا عليا المُستشفي.
ضربّت فوزية علي صِدرها بصِدمة قائلة
=يالهوي، طيب عملتُوا ايهِ ولا هيّ عامله ايهِ؟
قالتِ بتعبَّ
=كُويسة، بس إدعيلها ربنا معاها المِصايب عمَّاله تنزِل عليها زيّ المطِر.
قالتِ فوزية بضيق
=ربنا يتولاها يارب ، بس ازاي دخِل والحُراس ال برا دُول ايهِ زينة؟
قالتِ بجهِل
=واللهِ ما انا عارفة بقِا، المُهم هدخُل أريح شوية وبعدها هروُح لعليا المُستشفي واخُود ليها هِدوُم، تيجي معايا؟
صمتت فوزية لبعضِ الوقِت ثُم قالتِ
=صحيح زعلانه مِنها وما كُونتش ناوية اكلِمها، بس المِسامِح كريم، هاجي معاكِ اطمن عليها دي مهما كانتِ مرات اخوكِ ..
أبتسمت روان علي قلبَّ والِدتها الذي لا يستطيع أن يكُون اسودِ يومًا ما ، قبَّلتِها برقة وعانقتها بفرحة قائلة
=ربنا يخليكِ ليّنا يا ماما .
قالتِ وهي تربُطِ علي كِتفها براحة
=ويخليكُوا ليا يا ضنايا.
____
دِلف بمرح وهُو يُغني، ما ان راتهُ حتي اقبَّلت عليهِ بعدم تصدِيق وقالتِ وهي تُعانقهُ بفرحة
=أمجد حبيبي اخيراً رجعت ..
قبَّل كفيها بأبتسامة وقال بمرح
=رجعت وهقعُد علي قلبَّك يا سِت الكُلِ.
أبتسمت بدِمُوع وقالتِ
=اوعي تسيبني تاني يا واد.
قال وهُو يُعانِقها بحنان
=انا موجُودِ علي طُولِ، ومِش همشي، وشوية بس وهروُح اتقدِم لروانْ علي طِوُل.
تهللت اسارير وجهِة والِدتهُ وقالتِ بفرحة
=طيب يا الف بركة، وهتروُح إمتي ان شاء الله ؟
كاد أن يتحدِث لُولا دقات علي المنزِل، ف إتجهَ صوبُه وقام بفتحهُ ليصطِدم بها، فقال بذهُول
=رُودي!
_____
دلفت الشُرطِة الي بهُو القصِر، ليتقابل معهُم الحاج عُثِمان، الذي قال بصدِمة وقلِق
=خير يا حضِرة الظابِط فيَّه ايهِ؟
قال بوضُوح
=مطِلُوب القبض علي قرايبك صفاء وسناء.
قال عُثمان بأستغراب
=طيب ليَّه؟
أجاب الظابط بوضُوح
=حرضُوا واحِد علي قتِل واحدة، لُو سمحتِ ياحاج عاوزينهُم من غير شوشرة.
_____
كان يجلس لجانِبها أعلي الفِراش، بالشقة التي كانتِ بها، حتي أنتهي الطبيب مِن فحصها فقال مالِك بقلق جلي
=خير يا دكتُور.
قال الطبيب بإبتسامة بشوشِة
=لا ما فيش حاجة خطِر، هيّ بس حامِل ف الأول وعلشان كِدا تلاقيها تعبَّانه شوية.
قال مالِك بذهُول
=حامِل ازاي ؟ احنا بقالنا يُومين متجوزين.
قال الطبيب بوضُوح
=الحمل بييجي حسّب تأثير الهِروُمونات، يعني فيَّه بنات بتتاخر ف الحمل ودا لان هروموناتها احياناً بتاخُد وقتِ عُقبال ما يحصل حمل، بينما فيَّه بنات عندها تقابُل هِرمونات، ومُمكن يحملُوا من اول ليلة، ف الف مبروك بقا ..
أبتسم مالِك بفرحة، وأمسك كفيها يُقبلهُما وهُو يقُول بعشقِ
=مبروك علينا.
أبتسمت بأرهاق وتعبَّ وهي مازالت مصِدوُمة، خرج الطبيب مع والِد مالِك، بينما قالتِ أميرة بقلق
=مالِك انا ..
قاطِعها بهدوء وقال
=مِش عايز اي حاجة تحزننا تاني، مِش معقولة كِدا يعني احنا لسه متجوُزين، واللهِ انا حاسس ان فيَّه حد باصص فِي الجُوازة دي، بس ف النهاية لازم نكمِل شهر العسِل.
قالها وهُو يغمز لها بخُبث، أبتسمت بخجل ثُم قالتِ بقلق
=طيب ومامتِك؟
قال بوضُوح
=آمبارح كان عندي تدِريب، بعد ما رجعت لاقيت بابا وماما واقفين قُدام الشقة وبيخبطُوا، وقتها رحبت بيهُم ودخلتهُم، وماما يا ستي سألت عليكِ وقولتلها علي ال حصِل، ف اعتذرت وقالتِ انها غلطانة وأنها عايزة تعتذر منك وترجعك ليا، بس واقترح بابا الخِطة دي علشان تحسي بلهفة عليا هي اه كانت خطة وحشة بس حسيت بفرحة لمَّا شوفت الخُوف واللهفة ال ف عينك عليا، أميرة انا لمَّا حبيتك ما بصتش للمنصِب والطبقات ولا لأي حاجز وما فيش حاجز هيعُوق علاقتنا بعد كده، انا بحبَّك ولُو العالم اتفق اننا نبعد عن بعضِ، ف هنفضل سوا، وحالاً اوعديني انك تفضلي جمبي مهما كانت الظِروُف.
قام بمدِ يديهِ ينتظِر ان تمِد يديها هي الاخري، قامت بمدِ يديها إليهِ وأبتسمت قائلة
=اوعِدك
"معاً الي ما لا نهاية".
____
كانت عليا جالِس أعلي الفِراش بغُرفة المُستشفي، تبتسِم بخجل واضِح، وهي تتذكر كلاماته كانت قاسية لكِنها تحمِ معني الغيرة والحُبَّ ، هُو لا يعلم كيف يُعبّر عن حُبَّه لها، لكِنها تفهمت ما يُريد، لان من احبّ أحد بصِدق شعِر بهِ، رأت الباب يُفتِح لتدِلف فتاة طويلة القامة ببشرة حنطيه ترتدي فُستان أسود قصير الي ما قبّل الرُكبة، قالتِ مُتساءِلة
=انتِ عليا مرات صقر مِش كده ؟
قالتِ عليا بعدم فهم
=ايوة انا ، انتِ مين وعايزة ايهِ؟
قالت وهي تضُم ساعديها لصِدرها
=جيهان..
